مشاهدة النسخة كاملة : %%نساء صنعن امه %%
ابو ضاري
04-02-2010, 09:18
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
إن الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام من أهم ما ينبغي أن تنصرف الاهتمامات إليه، ومن أعظم ما ينبغي التركيز عليه، وذلك أن المجتمع
الإسلامي يقوم على الأسر، ويتكون منها، والأسر تقوم على المرأة، ويتخرج أفرادها على يديها، ويتلقون مبادئهم عنها، فهي محور ارتكازه،
وعمود بنائه، وأساس أركانه، وبدونها لا يكون أبداً، بل لا يتصور في ذهن أن يقوم مجتمع بدون المرأة، المرأة التي بنيت بناء صالحاً، وأعدت
لتقوم بدور بناء المجتمع، وتخريج أفراده ليقوم كل منهم بما يجب عليه حتى يكون مجتمعاً صالحاً
الفقرة الاولى
نساء مبشرات بالجنة
لقد علمنا بالمبشرين بالجنة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هل هناك مبشرات بالجنة ؟
هل ساوت المرأة الرجل في هذا الجانب ؟
هل نافسته ؟
هل سبقته ؟
نعم لقد نافست المرأة الرجل في دخولها الجنة.
فهذه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(أمرت أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه و لا نصب ).
*الراوي: عبدالله بن جعفر و عائشة و أبو هريرة و عبدالله بن أبي أوفى - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع -
الصفحة أو الرقم: 1368
وهذه فاطمة رضي الله عنها يقول لها النبي صلى الله عليه وسلم :
( أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة )
*الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6285
وهذه أم سليم ـ رضي الله عنها ـ قال عنها صلى الله عليه وسلم:
( دخلتُ الجنة فسمعت خشفةً بين يدي فإذا هي العميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك )
*الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2456 .
فرضي الله عنها سبقت النساء والرجال إلى الجنة اللهم ارض عنها وعن كل صحابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
*قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني
أصرع ، وإني أتكشف ، فادع الله لي ، قال : ( إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ) . فقالت : أصبر ، فقالت : إني
أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف ، فدعا لها .
*الراوي: عطاء بن أبي رباح - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5652
بشرت بالجنة لصبرها على قدر الله، ومع بشارتها بالجنة فهي لا تريد أن يرى أحد شيئاً من جسدها، ولو حصل ذلك فهي معذورة لكنها تكرهه
فلا إلـه إلا الله ما أتقاهن لله !!
رسالة الى كل فتاة, القابضات على الجمر
للدكتور محمد العريفي
ذكر ابن عبد البر فى كتابه الاستيعاب"ان فاطمة بنت رسول الله كانت دائمة التستر و العفاف فلما حضرها الموت فكرت فى حالها و قد وضعت جثتها على النعش و القى عليها الكساء فالتفتت الى اسماء بنت عميس و قالت يا أسماء انى قد استقبحت ما يصنع بالنساء انه ليطرح على جسد المراة الثوب فيصف حجم أعضائها لكل من رأى
فقالت أسماء : يا بنت رسول الله..انا اريك شيئا رأيته بأرض الحبشة
قالت :فماذا رأيت؟؟
فقالت أسماء :اريكيه الأن..
فدعت أسماء بجريدة نخل رطبة ثم حنتها..حتى صارت مقوسة كالقبة..ثم طرحت عليه ثوبا
فقالت :يجعل فوق جسدك وانت على النعش مثل هذا الجريد فلا يرى الناس الا هذه القبة..فلا يرون تفاصيل جسدك
فقالت فاطمة :والله ما أحسن هذا و أجمله تعرف بها المرأة من الرجل
فلما توفيت فاطمة جعل لها مثل هذاهذا حرص فاطمة على الستر وهى جثة هامدة ..فكيف لما كانت حية؟؟!!...سبحان الله!!قال الشيخ محمد العريفى : سألت عددا من الشباب..من يتتبعون الفتيات فى الأسواق و عند بوابات المدارس.."كيف تنظرون الى الفتاة التى تستجيب لكم؟؟"
فقالوا لى جميعا : والله اننا نحتقرها و نلعب بها و نحتقرها..فاذا شبعنا منها ركلناها بأرجلنا
بل قال لى أحدهم:والله يا شيخ انى اذا ذهبت الى السوق و رأيت فتاة عفيفة قد جمعت على نفسها ثيابها..فانها والله تكبر فى عينى..ولا أجرؤ على الاقتراب منها..بل لو رأيت أحدا يقترب منها لتشاجرت معه ..ودافعت عنها
خدعوها بقولهم حسناء و الغوانى يغرهن الثناء
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
هذه رسالة..الى تلك المؤمنة العفيفة حبيبة الرحمن التى كلما ازداد الفساد حولها رفعت بصرها الى السماء وقالت :اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبى على دينك
هذه رسالة الى المرأة الصالحة التقية التى قدمت محبة الله واوامره على تقليد فلانة و علانة فأصبحت بطاعتها لله غريبة بين النساء العاصيات بسبب صلاحها وفسادهن
هذه رسالة الى القابضات على الجمر اللاتى عناهن النبى صلى الله عليه وسلم بقوله:"يأتى على الناس زمان يكون فيها القابض على دينه كالقابض على الجمر"
أروع قصة حب في الاسلام ...
هي قصة حب زينب بنت محمد وأبو العاص بن ربيع. زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وابن خالتها وزوجها. فأبو العاص هو ابن أخت السيدة خديجة، وهو رجل من أشراف قريش، وكان النبي يحبه.
ذهب أبو العاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وقال له: أريد أن أتزوج زينب ابنتك الكبرى. فيقول له النبي: لا أفعل حتى أستأذنها. ويدخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب ويقول لها: ابن خالتك جاءني وقد ذكر اسمك فهل ترضينه زوجاً لك؟
فاحمرّ وجهها وابتسمت.
فخرج النبي. وتزوجت زينب أبا العاص بن الربيع، لكي تبدأ قصة حب قوية. وأنجبت منه "علي" و "أمامة". ثم بدأت مشكلة كبيرة حيث بعث النبي . وأصبح نبياً بينما كان أبو العاص مسافراً وحين عاد وجد زوجته أسلمت. فدخل عليها من سفره، فقالت له: عندي لك خبر عظيم. فقام وتركها. فاندهشت زينب وتبعته وهي تقول: لقد بعث أبي نبياً وأنا أسلمت. فقال: هلا أخبرتني أولاً؟
وتطل في الأفق مشكلة خطيرة بينهما. مشكلة عقيدة. قالت له: ما كنت لأُكذِّب أبي. وما كان أبي كذاباً. إنّه الصادق الأمين. ولست وحدي. لقد أسلمت أمي وأسلم إخوتي، وأسلم ابن عمي (علي بن أبي طالب)، وأسلم ابن عمتك (عثمان بن عفان). وأسلم صديقك (أبو بكر الصديق).
فقال: أما أنا لا أحب الناس أن يقولوا خذّل قومه.وكفر بآبائه إرضاءً لزوجته. وما أباك بمتهم. ثم قال لها: فهلا عذرت وقدّرت؟ فقالت: ومن يعذر إنْ لم أعذر أنا؟ ولكن أنا زوجتك أعينك على الحق حتى تقدر عليه.ووفت بكلمتها له 20 سنة. وظل أبو العاص على كفره. ثم جاءت الهجرة، فذهبت زينب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله..أتأذن لي أنْ أبقى مع زوجي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبق مع زوجك وأولادك.
قارن ذلك بزوجات هذه الأيام اللاتي يرفضن السفر مع أزواجهن في أماكن عملهم، ويفضلن البقاء مع أمهاتهن. وظلت بمكة إلى أنْ حدثت غزوة بدر، وقرّر أبو العاص أن يخرج للحرب في صفوف جيش قريش. زوجها يحارب أباها. وكانت زينب تخاف هذه اللحظة. فتبكي وتقول: اللهم إنّي أخشى من يوم تشرق شمسه فييتم ولدي أو أفقد أبي. ويخرج أبو العاص بن الربيع ويشارك في غزوة بدر، وتنتهي المعركة فيُؤْسَر أبو العاص بن الربيع، وتذهب أخباره لمكة، فتسأل زينب: وماذا فعل أبي؟ فقيل لها: انتصر المسلمون. فتسجد شكراً لله. ثم سألت: وماذا فعل زوجي؟ فقالوا: أسره حموه. فقالت: أرسل في فداء زوجي. ولم يكن لديها شيئاً ثميناً تفتدي به زوجها، فخلعت عقد أمها الذي كانت تُزيِّن به صدرها، وأرسلت العقد مع شقيق أبي العاص بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان النبي جالساً يتلقى الفدية ويطلق الأسرى، وحين رأى عقد السيدة خديجة سأل: هذا فداء من؟
قالوا: هذا فداء أبو العاص بن الربيع. فبكى النبي وقال: هذا عقد خديجة. ثم نهض وقال: أيها الناس..إنّ هذا الرجل ما ذممناه صهراً فهلا فككت أسره؟ وهلا قبلتم أنْ تردوا إليها عقدها؟ فقالوا نعم يا رسول الله. فأعطاه النبي العقد، ثم قال له:
قل لزينب لا تفرطي في عقد خديجة. ثم قال له: يا أبا العاص هل لك أن أساررك؟ ثم تنحى به جانباً وقال له: يا أبا العاص إنّ الله أمرني أنْ أُفرِّقَ بين مسلمة وكافر، فهلا رددت إلى ابنتي؟
فقال: نعم.
وخرجت زينب تستقبل أبا العاص على أبواب مكة ، فقال لها حين رآها: إنّي راحل. فقالت: إلى أين؟ قال: لست أنا الذي سيرتحل، ولكن أنت سترحلين إلى أبيك. فقالت: لم؟ قال: للتفريق بيني وبينك. فارجعي إلى أبيك. فقالت: فهل لك أن ترافقني وتُسْلِم؟ فقال: لا.
فأخذت ولدها وابنتها وذهبت إلى المدينة. وبدأ الخطاب يتقدمون لخطبتها على مدى 6 سنوات، وكانت ترفض على أمل أنْ يعود إليها زوجها. وبعد 6 سنوات كان أبو العاص قد خرج بقافلة من مكة إلى الشام، وأثناء سيره يلتقي مجموعة من الصحابة. فسأل على بيت زينب وطرق بابها قبيل آذان الفجر، فسألته حين رأته: أجئت مسلماً؟ قال: بل جئت هارباً. فقالت: فهل لك إلى أنْ تُسلم؟ فقال: لا. قالت: فلا تخف. مرحباً بابن الخالة. مرحباً بأبي علي وأمامة.
وبعد أن أمّ النبي المسلمين في صلاة الفجر، إذا بصوت يأتي من آخر المسجد: قد أجرت أبو العاص بن الربيع. فقال النبي: هل سمعتم ما سمعت؟
قالوا: نعم يا رسول الله
قالت زينب: يا رسول الله إنّ أبا العاص إن بعُد فابن الخالة وإنْ قرب فأبو الولد وقد أجرته يا رسول الله. فوقف النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: يا أيها الناس إنّ هذا الرجل ما ذممته صهراً. وإنّ هذا الرجل حدثني فصدقني ووعدني فوفّى لي. فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله وأن تتركوه يعود إلى بلده، فهذا أحب إلي. وإنُ أبيتم فالأمر إليكم والحق لكم ولا ألومكم عليه.
فقال الناس: بل نعطه ماله يا رسول الله. فقال النبي: قد أجرنا من أجرت يا زينب. ثم ذهب إليها عند بيتها وقال لها: يا زينب أكرمي مثواه فإنّه ابن خالتك وإنّه أبو العيال، ولكن لا يقربنك، فإنّه لا يحل لك.
فقالت نعم يا رسول الله.
فدخلت وقالت لأبي العاص بن الربيع: يا أبا العاص أهان عليك فراقنا. هل لك إلى أنْ تُسْلم وتبقى معنا. قال: لا. وأخذ ماله وعاد إلى مكة. وعند وصوله إلى مكة وقف وقال: أيها الناس هذه أموالكم هل بقى لكم شيء؟ فقالوا: جزاك الله خيراً وفيت أحسن الوفاء. قال: فإنّي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ثم دخل المدينة فجراً وتوجه إلى النبي وقال: يا رسول الله أجرتني بالأمس واليوم جئت أقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
وقال أبو العاص بن الربيع:
يا رسول الله هل تأذن لي أنْ أراجع زينب؟ فأخذه النبي وقال: تعال معي. ووقف على بيت زينب وطرق الباب وقال: يا زينب إنّ ابن خالتك جاء لي اليوم يستأذنني أنْ يراجعك فهل تقبلين؟ فأحمرّ وجهها وابتسمت.
والغريب أنّ بعد سنه من هذه الواقعة ماتت زينب. فبكاها بكاء شديداً حتى رأى الناس رسول الله يمسح عليه ويهون عليه، فيقول له: والله يا رسول الله ما عدت أطيق الدنيا بغير زينب. ومات بعد سنه من موت زينب.
(مقال كتبه الأستاذ عمرو خالد لمجلة أسرتي في عدد سبتمبر 2004،)
هكذا فلتكن الامهات
عندما عُزيت هند بنت عتبة عن زوجها يزيد بن أبي سفيان وقيل لها : إنا لنرجو أن يكون في معاوية خلف منه، فقالت: أو مثل معاوية يكون خلفاً من أحد؟ فوالله لو جمعت العرب من أقطارها ثم رمي به فيها لخرج من أي أعراضها شاء
فرض الإسلام على المرأة العلم، وهذا الفرض يتناول أركان الإيمان، ومعرفة التوحيد معرفة صحيحة سليمة من أي بدعة أو خرافة أو تعلّق بغير الله سبحانه من حيث السؤال والرغبة والطلب، وأداء الفرائض الشرعيّة والواجبات الدينية، ويتناول أيضاً معرفة ما تحتاج إليه للقيام بواجباتها نحو زوجها وأسرتها، ويتناول أيضاً ما يصلح قلبها من الآفات والأمراض ( الحسد، الغيبة، ... )، وما يصلح قالبها وبدنها من طمع الأشرار وشياطين الإنس والجان، فعليها أن تعرف أحكام الزينة وستر العورة، وشروط الحجاب الشرعي وأحكام الخلوة والاختلاط والنظر وفقاً للثابت في كتاب الله وسنة رسول الله .
وشعرت النساء في القرون المفضلة بحاجتهن إلى العلم؛ فجئن إلى رسول الله وطلبن منه مجلساً خاصًّا بهن، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال : جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت : يا رسول الله ! ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلّمنا ممّا علّمك الله، فقال : " اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا "، فاجتمعن، فأتاهنّ فعلّمهنّ ممّا علّمه الله .
وكان في برهة من الزمن لا تجهّز العروس إلاّ ومعها بعض الكتب الشرعية النافعة، فمثلاً؛ ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن البِكر كان في جهازها عند زفافها نسخة من كتاب ( مختصر المزني ) .
ولم يقتصر دور المرأة على تعلّم العلم وطلبه، بل تعدّاه إلى المشاركة في تعليمه ورواية كتبه وتدريسها، وقد وُجِدَ في التاريخ الإسلامي نوابغ من النساء في كافة الفنون والعلوم، وتراجمهنّ حافلة في الكتب، فوُجِدَ منهنّ الفقيهات والمفسّرات والأديبات والشاعرات والعالمات في سائر علوم الدين واللغة، وها هي أسماء بعضهنّ - على سبيل المثال لا الحصر - بدءاً من عصر الصحابيات :
عصر الصحابيات
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : فهي كبيرة محدّثات عصرها، ونابغته في الذكاء والفصاحة، وكانت عاملاً كبيراً ذا تأثير عميق في نشر سنة رسول الله ، وقد روت - كما ذكر ابن حزم في " أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد " - 2210 أحاديث، وقال الحاكم النيسابوري : فحُمِلَ عنها رُبع الشريعة، وكانت أم المؤمنين من كبار المفتين في عصرها، وكان كبار أصحاب النبي يسألونها عن الفرائض ويرجعون إليها لحلّ ما أشكِلَ عليهم؛ حتى ألّف الزركشي كتاب " الإجابة لِما استدركته عائشة على الصحابة " .
أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها : عدّ لها ابن حزم 387 حديثاً .
أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها : عدّ لها 76 حديثاً .
أم المؤمنين حبيبة رضي الله عنها : عدّ لها 65 حديثاً .
أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها : عدّ لها 60 حديثاً .
أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها : عدّ لها 81 حديثاً .
أسماء بنت عميسرضي الله عنها : عدّ لها 60 حديثاً .
أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : عدّ لها 58 حديثاً .
أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها : عدّ لها 46 حديثاً .
وغيرهنّ الكثير ممّن روين عشرات وآحاد أحاديث الشريعة عن رسول الله .
عصر التابعيات
عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، كانت عالمة ثقة فقيهة حجّة كثيرة العلم، حدّثت عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما وعن غيرهما، وهي تربية عائشة وتلميذتها، توفّيت قريباً من سنة مئة هجرية .
حفصة بنت سيرين، امرأة جليلة من التابعيات، اشتهرت بالعبادة والفقه وقراءة القرآن والحديث، روت عن أم عطيّة رضي الله عنها وعن مولاها أنس بن مالك وغيرهما، توفّيت بعد المئة .
أم الدرداء الصغرى هُجَيمة الأوصابية، كانت فقيهة كبيرة، وعالمة عاملة واسعة الاطلاع كثيرة الرواية، روت عن زوجها أبي الدرداء وسلمان الفارسي وعائشة وأبي هريرة رضي الله عنهم، وعن طائفة، توفّيت بعد سنة إحدى وثمانين .
--------------------------------
مصدر البحث : "عناية النساء بالحديث النبوي " لفضيلة الشيخ مشهور سلمان حفظه الله
]يا لؤلؤا قد صان عفتها الخمار بين السفور وبينك حجب الفخَار
يا لؤلؤا زاد العفــــــاف بريقها وهدى الكتاب يظلها ظل المحار
أنت كمثل البدر يبرق نــــوره رغم السحائب دونه مثل الستار
أنت كمثل النجم في لمعانه رغم الظلام يلفه لف الســــــــــــوار
من كان مثلك لا يعاب حياؤها وهل الشموس تعاب في وضح النهار
يرمون بالقول القبيح حياءك ويرون في إيمانك جهلاً وعـــــــار
http://www.a6har.net/files//uploads/...7cf26e69a7.mp3 (http://www.a6har.net/files//uploads/files/a6har.net-7cf26e69a7.mp3)
رائع ماكتبت يا ابوضاري
وكذلك اضافات اختي شام
جزاكما الله كل خير
وجعله في موازين الاعمال
ابو ضاري
05-02-2010, 08:57
قاتلة السبعة
(أم حكيم)
كانت يوم أحد حربًا على الإسلام والمسلمين، وكانت يوم اليرموك حربًا على الكفر والكافرين.. أسلمت يوم فتح مكة ولم يسلم زوجها "عِكرمة بن أبى جهل" وخرج من مكة، وذهب إلى اليمن بعد أن أهدر النبي ( دمه، فجعلت تغدو إلى النبي ( وتطلب منه الأمان لزوجها، فرقَّ النبي ( لحالها، وأذن لها أن تدركه تبشره بالعفو، فخرجت فى أثره وأدركته عند ساحل من سواحل تهامة وقد هَمَّ بركوب البحر، فدمعت عيناها وأخذت تقول له: يا ابن العم جئتك من أوصل الناس وخير الناس، لا تهلك نفسك وقد استأمنت لك رسول اللَّه ( فأمَّنكَ. فقال : أنت فعلتِ ذلك؟ قالت: نعم، فقد كلمته فأمَّـنَك. فرجع معها "عكرمة"، وأتيا النبي (، فلما انتهيا إلى باب المسجد أسرعت الخُطا ودخلت، واستأذنت النبي ( فأذن، فتقدم "عكرمة" فبايع النبي ( على الإسلام وعلى الجهاد.
إنها أم حكيم بنت الحارث -رضى اللَّه عنها-، ذات الوفاء النادر للزوج، والمعرفة الصحيحة بملكاته. فأحبتْ له الخير، وسعتْ بينه وبين رسول اللَّه ( تستأمن له، فأمّنه رسول اللَّه (.
وبذلك كانت سببًا فى إسلام زوجها، فحسن إسلامه، وجاهد فى اللَّه حتى رزقه اللَّه الشهادة فى موقعة أجنادين .
تزوجت السيدة أم حكيم -رضى اللَّه عنها- بعد ذلك الصحابى الجليل خالد بن سعيد بن العاص -رضى اللَّه عنه- وقبل أن يدخل بها نادى منادى الجهاد أن استعدوا لقتال الروم ولكن فراسة خالد حدثته أنه مقتول غدًا -وفراسة المؤمن لا تخطئ، فإنه يرى بنور اللَّه- فعرض على امرأته أن يدخل بها فقالت: لو تأخرت حتى يهزم اللَّه هذه الجموع. فقال: إن نفسى تحدثنى أنى أقتل. قالت: فدونك. فأعرس بها عند القنطرة التي عُرفت بعد ذلك بقنطرة أم حكيم، ثم أصبح فأولموا عليهما. فما فرغوا من الطعام حتى وافتهم الروم، ووقع القتال فاستشهد خالد أمام عينيها، فشدَّت أم حكيم عليها ثيابها وخرجت إلى القتال؛ انتصارًا للدين وانتقامًا لمقتل زوجيها عكرمة وخالد وقتلى المسلمين، واستطاعت أن تقتل بعمود الخيمة التي بنى بها خالد فيها سبعة من الروم، ثم واصلت كفاحها، فسطَّر التاريخ حياتها بأحرف من نور، فرضى اللَّه عنها وأرضاها.
رائع ماكتبت يا ابوضاري
وكذلك اضافات اختي شام
جزاكما الله كل خير
وجعله في موازين الاعمال
بارك الله بك يابعد ملي
حضورك اسعدنا و ياليت اضافة حول نساء صنعن أمه من عندك
وتسلمي ياغالية
لك الود
صاحب الفكرة المشتركة والقلم الذهبي ابوضاري
جزاك الباري كل خير
وأسعدك في الدارين..
طبت وطاب قلمك وفكرك دائماً
المرأة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
لقد كان للمرأة دور بارز وخطير في مسيرة الدعوة الإلهية وحركة الأنبياء والمرسلين (عليهم الصلاة والسلام)، فقد ساهمت المرأة في الكفاح الفكري والسياسي، وتحمّلت التعذيب والقتل والهجرة وصنوف المعاناة كلّها والإرهاب الفكري والسياسي والجبروت، وأعلنت رأيها بحريّة، وانضمّت الى الدعوة الإلهية رغم ما أصابها من خسارة السلطة والجاه والمال، ولحوق المطاردة والقتل والتشريد والإرهاب بها، فها هي مريم اُمّ المسيح التي عظّمها القرآن كما عظّمها نبيّ الإسلام محمّد (صلى الله عليه وسلم).
فقد أثنى القرآن في آيات عديدة على هذه المرأة النموذج وهو يقدِّمها مثلاً أعلى للرّجال، كما يقدِّمها مثلاً أعلى للنّساء ليقتدى بسلوكها واستقامة فكرها وشخصيّتها.
والذي يدرس تأريخ المرأة في الدعوة الإلهية، يجدها جهة للخطاب كما هو الرّجل، من غير أن يفرِّق الخطاب الإلهي بينهما بسبب الذكورة والأُنوثة.
وبدراسة عيّنات تأريخية من حياة النساء في مسار الدعوة الالهية، نستطيع أن نفهم الموقع الرائد والفعّال الذي شغلته المرأة في حياة الأنبياء ودعواتهم، فتتجلّى قيمة المرأة في المجتمع الإسلامي، ومشاركتها الفكرية والسياسية، وحقوقها الإنسانية والقانونية.
نقرأ هذه المشاركة المتقدِّمة والواسعة عندما نقرأ قصّة كفاح أبي الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) ضدّ قومه في بابل، في أرض العراق، ومصارعته النمرود، ذلك الصراع الذي انتهى بنجاة إبراهيم (عليه السلام) من النار بمعجزة الهية تفوق تصوّرات العقل المادي، ممّا دعاه الى الهجرة الى بلاد الشام، فكانت سارة زوجته والمؤمنة بدعوته رفيقة جهاده، وصاحبته في هجرته الى الشام، ثمّ الى مصر، ليعودا مرّة أخرى الى الشام فيستقرا هناك.
وليبدأ فصل من أعظم فصول تاريخ الإنسان على يد النبيّ إبراهيم (عليه السلام) تسانده زوجه سارة، وتقف الى جنبه في جهاده ومعاناته وهجرته.
ويتحدّث القرآن عن قصّة الهجرة والحياة الأسرية هذه، كما يتحدّث عن دور هاجر الزوجة الثانية لإبراهيم (عليه السلام) ومشاركتها في كتابة الفصل المضيء من تاريخ الإنسان في أرض الحجاز، في مكّة المكرّمة، حيث جاء بها من مصر.
لقد كانت قصّة هذه المرأة من أشهر قصص التاريخ، وأكثرها غرابة، وأعظمها كفاحاً وصبراً، فتألّقت في سماء التأريخ من خلال احتضان ابنها النبيّ اسماعيل، في واد غير ذي زرع عند البيت المحرّم، ليكون أباً لاعظم نبيّ في تأريخ البشرية، وهو محمّد (صلى الله عليه وسلم)، ويسجِّل القرآن تلك الحوادث بقوله : {ربِّ إنِّي أسكنتُ مِن ذريّتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرّم} .. ابراهيم 37.
ويتحدّث القرآن عن اُمّ موسى (عليه السلام) وتلقّيها للتلقين والتوجيه الإلهي الذي اُلقي في نفسها، لتحفظ موسى (عليه السلام) من ظلم فرعون، وتكريمها العظيم بإعادته (عليه السلام) لها؛ لتكون اُمّ النبيّ المنقذ، الذي حطّم بمساعدة الهية أعظم طاغوت في تأريخ البشرية.
يعرضها القرآن محوراً أساسياً في صنع هذه الحوادث، ثمّ يتحدّث عن زوجة فرعون (آسيا) وعن مريم اُم المسيح عيسى (عليها السلام) ويعرضهما نموذجاً ومثلاً أعلى لأجيال البشرية، بقوله : {وضربَ اللهُ مثلاً للّذينَ آمنوا امرأةَ فرعون إذ قالت ربِّ ابن لي عندكَ بيتاً في الجنّةِ ونجِّني من فرعونَ وعمله ونجِّني من القوم الظالمين * ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربِّها وكتبه وكانت من القانتين} التحريم11 ـ 12.
لنقرأ هاتين الآيتين، ولنتأمّل بمحتواهما الفكري الرائع الذي تحدّث عن شخصية المرأة بإجلال واحترام، ليس بوسع أيّة حضارة ماديّة أن تمنحهما لها . فقد قدّم القرآن المرأة الصالحة مثلاً عمليّاً للرِّجال والنِّساء، وطالبهم بالاقتداء بها . جاء ذلك في قوله : {وضرب الله مثلاً للّذين آمنوا} انّ عبارتي {ضرب الله مثلاً} و{للّذين آمنوا} كما هي واضحة، تبرزان لنا مفهوماً حضارياً إيمانياً فريداً في عالم الفكر والحضارة الخاص بالمرأة الصالحة؛ فقد جعلها مثلاً أعلى، وقدوة للرّجال، كما هي قدوة النساء في العقيدة والموقف الاجتماعي والسياسي.
فعرض نموذجين لسموّ شخصيّة المرأة المؤمنة ومكانتها في الفكر الإسلامي. عرض امرأة فرعون، ملكة مصر، وسيِّدة التاج والبلاط والسلطة والسياسة والدولة الكبرى في ذلك العالم،التي تحدّت السلطة،ومريم ابنة عمران التي تحدّت كبرياء بني اسرائيل وتآمرهم،وحربهم الدعائيّة ضدّها.
وكما كان للمرأة دورها في حياة ابراهيم وموسى وعيسى، نجد دورها واضحاً وعظيماً في حياة النبيّ محمّد (صلى الله عليه وسلم) ودعوته؛ فلقد جسّدت هذا الدّور العقيدي الفريد خديجة بنت خويلد القرشيّة (رضي الله عنها) التي كانت سيِّدة مجتمع مرموقة في مكّة المكرّمة، وثريّة صاحبة مال وثروة وتجارة ورأي
لقد كانت أوّل من حدّثها النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ـ بعد عليّ (عليه السلام) ـ بدعوته، فآمنت به وصدّقته، وبذلت أموالها الطائلة لنصرة دعوته، ولاقت معه صنوف الأذى والاضطهاد على امتداد عشر سنوات من حياتها المقدّسة، ودخلت معه الشِّعب، وتحمّلت معاناة الحصار الذي دام ثلاث سنوات، فكانت من أعظم الشخصيات في تاريخ الإسلام؛ لذا سمّى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) العام الذي توفِّيت فيه عام الحزن.
ويُعظِّم المسلمون هذه الشخصية تعظيماً فريداً، ويقتدون بسلوكها ومواقفها الكريمة تلك . وفي حوار له مع زوجه عائشة حول شخصيّة خديجة ردّ عليها قائلاً : (ما أبدلني الله خيراً منها، كانت اُمّ العيال، وربّة البيت، آمنت بي حين كذّبني النّاس، وواستني بمالها حين حرمني الناس، ورُزِقتُ منها الولد، وحُرِمتُ من غيرها). ويتحدّث عنها مرّة أخرى فيقول: (إنِّي لاحبُّ حبيبها).
وكما تحدّث عن موقعها في نفسه، وحركة دعوته، ومسار رسالته، تحدّث عن ابنته فاطمة الزّهراء (عليها السلام)، فقال: (فاطمة بضعة منِّي، يؤذيني ما آذاها). وسُئل مرّة : (يا رسول الله أيّ أهلك أحبّ إليك ؟ قال : فاطمة بنت محمّد...).
من هذه النصوص نفهم مقام المرأة وشخصيّتها في حياة النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ودعوته، والموقف النبويّ هذا يمثِّل في المفهوم الإسلامي أرقى تقييم لمكانة المرأة الإنسانية، واحترام شخصيّتها .
ولعلّنا نكتشف من خلال البيان القرآنيّ والتاريخي الموجز هذا أنّ المرأة في مفهوم القرآن والرسالة الإلهية هي حاضنة عظماء الأنبياء (عليهم السلام)، والمكلّفة بحفظهم، والعناية بهم، والوقوف الى جنبهم، تجسّد ذلك جليّاً في حياة ابراهيم وموسى واسماعيل وعيسى ومحمّد (صلى الله عليه وسلم )، أعاظم الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) ، وقادة الفكر والإصلاح والحضارة الإلهية على هذه الأرض.
ولقد سجّل القرآن دور المرأة في حياة النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ودعوته ومشاركتها له في الهجرة والجهاد مقروناً بدور الرّجل عند حديثه عن الهجرة والبيعة والدعوة والولاء، واستحقاق الاجر والمقام الكريم وعلاقة الرّجل بالمرأة... الخ في مئات الآيات من بيانه وحديثه في هذه الموضوعات.
مثل قوله تعالى : {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.. التوبة 71 ، {ربِّ اغفر لي ولوالديّ ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تُزِد الظّالمين إلاّ تبارا} .. نوح 28 ، {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم} .. الحديد 12.
في هذه الآيات يرفع القرآن المرأة الى أكرم مقام يمكن أن يحتلّه انسان في الدنيا والآخرة، وهو يتعامل معها كما يتعامل مع صنوها الرّجل على حدٍّ سواء، فهي والرّجل في مفهوم الرسالة الإسلامية (أولياء) يوالي بعضهم بعضاً، ولاءً عقائديّاً، يقومون بإصلاح المجتمع، ومحاربة الفساد والجريمة والانحطاط، ويحملون رسالة الخير والسلام والأعمار في الأرض.
وفي الآية الثانية يتوجّه النبيّ نوح (عليه الصلاة والسلام) إلى ربِّه بالدعاء للمؤمنات، كما يتوجّه اليه سبحانه بالدعاء للمؤمنين، ومن محتوى هذه المناجاة تشعّ مبادئ التكريم والحبّ والاحترام للمرأة، ذلك لأنّ الدّعاء لشخص يحمل هذه المعاني كلّها.
ويتألّق مقام المرأة مضيئاً، ويشرق مقدّساً على صفحات القرآن من خلال تصويره للمؤمنين والمؤمنات في هالة من نور، يوم لقاء الربّ وساعة استحقاق الجزاء الذي يُقيّم فيه الإنسان من خلال عمله وسعيه في الحياة .
وهكذا نفهم أنّ القرآن قد منح المرأة الصالحة الحبّ والولاء، ودعا لها بالمغفرة والعفو والرّحمة ، وأحاطها بهالة من نور، وهي المرأة التي مثالها آسية زوجة فرعون، ومريم اُمّ المسيح، وخديجة زوج الرّسول محمّد (صلى الله عليه وسلم ) وفاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وسلم) .
وندرك عظمة المرأة في الرسالة الإسلامية وفي حياة النبيّ (صلى الله عليه وسلم) بالشكل الذي يتسامى بشخصيّتها، ويمجِّدها باحترام وتقدير، حين نعرف أنّ أوّل من استشهد في الإسلام هي (سميّة) اُمّ الصحابيّ الجليل عمّار بن ياسر، قتلها أبو جهل أصد قادة الشرك والرجعيّة .
فقد دفعت حياتها ثمناً لمبادئ الرسالة الإسلامية حين بدأت المواجهة بين الإرهاب والطاغوت، وبين محمّد (صلى الله عليه وسلم) والمستضعفين والعبيد الذين وجدوا في رسالة الإسلام المنقذ لحقوق الإنسان، والمحرِّر من الجهل واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان .
كما سارع العديد من النساء المستضعفات لتصديق النبيّ (صلى الله عليه وسلم ) في بدء دعوته، وتحمّلن الأذى والتعذيب والاضطهاد، فهاجرن الى الحبشة والى المدينة المنوّرة، ونصرن الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم ) بكلّ ما اُوتين من قوّة .
إنّ المرأة المسلمة لمّا تكتشف مكانتها الحقيقية في الإسلام بعد، وانّ الرّجل المسلم لمّا يعرف مكانة المرأة في الإسلام على حقيقتها أيضاً،لذا اختلّ ميزان التعامل والعلاقة،الذي لا يستقر إلاّ بالعودة الى مبادئ القرآن ليعرف كلّ منهم حقّه ومكانته ومسؤوليّته تجاه الآخر وعلاقته به.
وإنّ المرأة اللاّهثة وراء سراب الحضارة المادية الذي يخفي وراءه مستنقع السقوط والاضطهاد للمرأة، لو عرفت ما لها في الإسلام من قيمة وحقّ وتقدير لما نادت إلاّ بالإسلام، ولعرفت أنّ المنقذ لكرامة المرأة وحقّها هو مبادئ القرآن.
ابو ضاري
06-02-2010, 08:08
راكبة البحر
أم حرام بنت ملحان
قالت: بينما رسول اللَّه ( يزورنا إذ وضع رأسه؛ لينام ساعة القيلولة، فاستيقظ فجأة وهو يبتسم، فقالت: لم تضحك يا رسول الله؟ قال: " ناس من أمتى يركبون البحر الأخضر فى سبيل الله، مثلهم مثل الملوك على الأِسّرة " فقالت: يا رسول الله، ادعُ اللَّه أن يجعلنى منهم . قال: "اللهم اجعلها منهم".ثم عاد فضحك فقالت له مثل ذلك، فقال لها مثل ذلك، فقالت: ادع الله أن يجعلنى منهم. قال: "أنت من الأولين ولست من الآخرين" [البخاري].
وقالت: سمعت رسول اللَّه ( يقول: "أول جيش من أمتى يغزون البحر قد أوْجبوا".
قالت: يا رسول اللَّه أنا فيهم؟
قال: "أنت فيهم". ثم قال النبي (: "أول جيش من أمتى يغزون مدينة قيصر مغفور لهم".
فقالت: أنا فيهم يا رسول الله؟
قال: "لا" [البخاري].
وكانت تلك نبوءة تنبأ بها رسول اللَّه (.
إنها أم حرام بنت ملحان الخزرجية الأنصارية، أخت الرُّمَيْصَاء أم سليم -رضى اللَّه عنهما-.
تزوجها عمرو بن قيس -رضى الله عنه- فأنجبت له قيسًا وعبدالله، وظلت مع عمرو بن قيس حتى كانت غزوة أحد، فاستشهد عمرو وولده قيس، فتزوجها عبادة بن الصامت -رضى الله عنه- فعاشت فى كنفه مطيعة راضية.
وكان لأم حرام شغف بالجهاد فى سبيل اللَّه، وباعٌ طويل فيه؛ فقد خرجت مع زوجها عبادةَ إلى الشام فى جيش كان قائده معاوية ابن أبى سفيان -رضى اللَّه عنه- فلما جاز معاوية بجيشه البحرَ، كانت أم حرام تركب دابة لها، فجالت بها الدابة، فصرعتها وقتلتها، وذلك فى غزوة "قبرص"، وهكذا تحققت نبوءة النبي ( لها.
توفيت أم حرام فى خلافة عثمان بن عفان -رضى الله عنه- سنة 28 هجرية، ودفنت فى مكان مَقْتَلِها (بجزيرة قبرص)، وكان الناس كلما مَرّوا بقبرها يقولون: هذا قبر المرأة الصالحة.
وروت السيدة أم حرام -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث رسول الله (.
ابو ضاري
06-02-2010, 08:10
امرأة من أهل الجنة
(أم زمر)
قال ابن عباس لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقال عطاء: بلي. قال ابن عباس: هذه المرأة السوداء، أتت النبي ( فقالت: إنى أُصْرَع وإنى أتكشَّف فادع اللَّه لي. فقال النبي (: "إن شئتِ صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت اللَّه أن يعافيك" فقالت: أصْبِر، وقالت: إنى أتكشَّف، فادع اللَّه لى ألا أتكشَّف، فدعا لها النبي( [متفق عليه]، فحقق الله رجاءها، فكانت نوبة الصرع لا تنتابها إلا وهى نائمة متمكنة، فلا تتكشَّف.
إنها الصحابية الجليلة سُعَيْرَة الأسدية، من الحبشة، عرفت بأم زُفَر -رضى الله عنها-. كانت ترعى حق اللَّه فى نفسها، وتحرص على تعاليم دينها، ومع أنها كانت مريضة بالصرع فإنها لم تيأس أبدًا من رحمة اللَّه -سبحانه-، فهى تصبر على ما أصابها وتعلم أن ذلك من عزم الأمور، وأنه ما من شيء يُبْتَلى به المؤمن الصابر إلا كان فى ميزان حسناته يوم القيامة، وفى ابتلاء اللَّه للإنسان حكمة عظيمة يريد اللَّه بها تنقيته من الذنوب.
لذا آثرت الآخرة على الدنيا؛ لأن ما عند اللَّه خير وأبقي، حين خُـيِّرت بين الدعاء لها بالشفاء وبين الجنة؛ فاختارت الجنة، ولكنها طلبت من رسول الله ( ألا تتكشف؛ لأنها ربيت فى مدرسة العفة والطهارة؛ مدرسة الرسول (، وراعت حق اللَّه -تبارك وتعالي- حين قال:( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)[النور: 31].
وكان رسول الله ( يثنى عليها، فرضى الله عنها وأرضاها.
الفوائد من حادثة حليمة ورضاعتها للنبى صلى الله عليه وسلم
1- قدر الله لا يأتى إلا بالخير
(( يأتى من كره حليمة فى البداية من أخذ النبى صلى الله عليه وسلم ))
http://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gifhttp://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gifhttp://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gif
2- ما من عبد يبتلى ويسترجع إلا كتب الله له الأجر وكلما تذكر هذه المصيبة واسترجع مرة أخرى كتب له الأجر من جديد
http://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gifhttp://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gifhttp://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gif
3- قول حليمة ( أنها نَسمة مباركة )
من الأشياء التى تجلب البركة
البركة : ركعتين يكفيك مدخل ومخرج السوء
* وجود اللبن فى البيت وكذلك التمر والعسل الأبيض
* الغناء يمحق البركة من البيت
http://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gifhttp://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gifhttp://www.muslma1.net/vb/images/icons/icon19.gif
4- على قدر الأستطاعة تكونى فى مكان متسع وذلك خاصة لأطفالنا وتركهم فى مكان واسع بعيدًا عن البيت
( من إرسال النبى صلى الله عليه وسلم للبادية )
من أخبار النساء في حفظ القرآن الكريم
النساء شقائق الرجال، وكل ما ورد في الشرع من خطاب للرجال فالنساء يدخلن فيه بلا خلاف، ومن ثم فالفضائل التي سيقت لحفظ القرآن الكريم ليست قاصرة على الرجال وحدهم بل هي لكل من عمل بها واشتغل بحفظ كتاب الله تعالى من الرجال والنساء.
قال تبارك وتعالى {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} وفي آية الأحزاب التي ذكر الله فيها طائفة من صفات عباده الصالحين قال عز وجل {إن المسلمين والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات}.
ووصفهم بالولاية لبعضهم بعضاً والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر …}.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من صلاة العيد انصرف إلى النساء فعلمهن ووعظهن، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال خرجت مع النبي صلى اللهم عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة. {رواه البخاري (975) ومسلم}
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قالت النساء للنبي صلى اللهم عليه وسلم غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار فقالت امرأة واثنتين فقال واثنتين. {رواه البخاري (102) ومسلم(2634)}
ولقد كان لنساء المسلمات اعتناء بالعلم الشرعي وتحصيله، فهاهي أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن كن مرجعاً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مسائل وقضايا كثيرة من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وأخباره وأقواله.
ولقد أسهمت وضعية المرأة وطبيعة دورها الاجتماعي في المجتمع المسلم وارتباطها بالمنزل وانشغالها برعاية شؤونه وتربية أولادها، في أن تكون شخصيات كثيرة من النساء في الظل، فاللاتي ترجم لهن في تاريخ الإسلام لا يقارن بالرجال، وهذا لا يعني أنه لم يوجد من النساء من تستحق الحديث عنها وتسطير تاريخها؛ إذ الدائرة التي تتحرك من خلالها أكثر محدودية من الرجال.
ومن ثم فما سنجده من نماذج من أخبار النساء فلن يقارن بأخبار الرجال لهذا الاعتبار الذي أشرنا إليه.
والآن مع طائفة من أخبار النساء اللاتي سطر لنا التاريخ شيئاً من اعتنائهن بالقرآن الكريم
حفصة بنت سيرين أم الهذيل الفقيهة الأنصارية:
قال عنها الذهبي: روت عن أم عطية وأم الرائح ومولاها أنس بن مالك وأبي العالية، روى عنها أخوها محمد وقتادة وأيوب وخالد الحذاء وابن عون وهشام بن حسان. روي عن إياس بن معاوية قال ما أدركت أحدا أفضله عليها، وقال: قرأت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة وعاشت سبعين سنة فذكروا له الحسن وابن سيرين فقال: أما أنا فما أفضل عليها أحدا توفيت بعد المائة.
أم الدرداء :
قال عنها الذهبي: السيدة العالمة الفقيهة هجيمة وقيل جهيمة الأوصابية الحميرية الدمشقية، وهي أم الدرداء الصغرى روت علما جما عن زوجها أبي الدرداء وعن سلمان الفارسي وكعب بن عاصم الأشعري وعائشة وأبي هريرة وطائفة وعرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء، وطال عمرها واشتهرت بالعلم والعمل والزهد.
فاطمة بنت علي بن مظفر بن الحسن بن زعبل بن عجلان البغدادية ثم النيسابورية:
قال عنها الذهبي: ولدت في سنة خمس وثلاثين وأربع مئة، وسمعت من أبي الحسين عبدالغافر الفارسي فكانت آخر من حدث عنه، قال أبو سعد السمعاني امرأة صالحة عالمة تعلم الجواري القرآن سمعت من عبدالغافر جميع صحيح مسلم وغريب الحديث للخطابي وغير ذلك، توفيت في أوائل المحرم سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة.
زبيدة:
ذكر ابن خلكان أنه كان لها مائة جارية كلهن يحفظن القرآن العظيم، غير من قرأ منه ما قدر له و غير من لم يقرأ، و كان يسمع لهن في القصر دوي كدوي النحل، و كان ورد كل واحدة عشر القرآن.
الشيخة الصالحة العابدة الناسكة:
هي أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية بظاهر القاهرة، قال عنها الحافظ ابن كثير: كانت من العالمات الفاضلات، تأمر بالمعروف، و تنهى عن المنكر، وتقوم على الأحمدية في مواخاتهم النساء و المردان، و تنكر أحوالهم وأحوال أهل البدع وغيرهم، و تفعل من ذلك ما لا يقدر عليه الرجال، وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية، فاستفادت منه ذلك و غيره، و قد سمعت الشيخ تقي الدين يثني عليها، و يصفها بالفضيلة و العلم، و يذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيراً من المغنى أو أكثره، و أنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها، وحسن سؤالاتها وسرعة فهمها، وهي التي ختمت نساء كثيراً القرآن، منهم أم زوجتي عائشة بنت صديق، زوجة الشيخ جمال الدين المزي، وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي أم الرحيم زينب رحمهن الله وأكرمهن برحمته وجنته آمين.
عائشة زوجة الشيخ المزي:
قال عنها الحافظ ابن كثير: وفي أول شهر جمادى الأولى توفيت الشيخة العابدة الصالحة العالمة قارئة القرآن أم فاطمة عائشة بنت إبراهيم بن صديق، زوجة شيخنا الحافظ جمال الدين المزي، عشية يوم الثلاثاء، مستهل هذا الشهر، و صلي عليها بالجامع صبيحة يوم الأربعاء، و دفنت غربي قبر الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمهم الله، كانت عديمة النظير في نساء زمانها، لكثرة عبادتها و تلاوتها و إقرائها القرآن العظيم بفصاحة وبلاغة و أداء صحيح، يعجز كثير من الرجال عن تجويده، وختمت نساء كثيرا، و قرأ عليها من النساء خلق، و انتفعن بها وبصلاحها ودينها وزهدها في الدنيا، وتقللها منها، مع طول العمر بلغت ثمانين سنة أنفقتها في طاعة الله صلاة و تلاوة، وكان الشيخ محسنا إليها مطيعا، لا يكاد يخالفها لحبه لها طبعا و شرعا، فرحمها الله وقدس روحها، ونور مضجعها بالرحمة آمين.
أم الخير بنت أحمد بن عيسى :
وتعرف بابنة ابن مكينة، وهي ابنة القاضي الفاضل الشهاب أحمد بن عيسى بن محمد . ولدت قبل عام 810هـ بالمليسا، وحفظت القرآن ، وتلت به لنافع على أبيها ، ودامت حافظة له ، ولقيها البقاعي في صفر سنة 849هـ بقرية العبلا من وادي لية ، وقرأ عليها هناك شيئاً ، وذكر أنها كاتبة قارئة فاضلة ، أجاز لها جماعة .
هذه بعض النماذج من اعتناء نساء المسلمات بكتاب الله تبارك وتعالى وحفظه وتعلميه وتحفيظه، ووقت هذه الحلقة يضيق عن استيفاء النماذج من الحافظات المعتنيات بكتاب الله تبارك وتعالى، فلنكمل ذلك في الحلقة القادمة بإذن الله عز وجل.
لازلنا نواصل الحديث عن النماذج من النساء اللاتي كانت لهن عناية بحفظ القرآن الكريم، ومنهن:
خديجة بنت أحمد الفاسية :
الشيخة الصالحة المقرئة ، من أهل فاس، كانت حافظة لكتاب الله وما يلزم لأدائه من قراءة وتجويد ، عارفة خارج الحروف ، قارئة بكثير من القراءات، كقراءة ورش وقالون ومكي . عارفة بوجوه قراءة هذه الروايات وأحكامها ، ملازمة لتعليم كتاب الله ، كثيرة العبادة والتلاوة، مشتغلة بما يعنيها ، متباعدة عن الفضول .
خديجة بنت حسين الصدفي :
نشأت نشأة صالحة ، فكانت امرأة فاضلة زاهدة .حفظت القرآن الكريم ، وكثيراً من الحديث . وكانت تكتب وتطالع . وهي زوجة عبد الله بن موسى بن برطلة ، صاحب الصلاة ، بمرسية . توفيت بعد 590هـ وقد نيفت على الثمانين .
خديجة بنت هارون الدوكالية :
ولدت سنة 640 بالمغرب . وقرأت القرآن الكريم بالروايات السبع . وحفظت الشاطبية . وحجت خمس عشرة حجة . وتوفيت ليلة الاثنين ، خامس المحرم سنة 695هـ .
أسماء بنت إبراهيم بن عرصة :
ولدت سنة 646هـ . وهي خالة القاضي نور الدين بن الصائغ . كانت تلقن النسوة القرآن ، وتعلمهن العلم . وكانت تجهد نفسها فيما يقربها إلى الله . ماتت ليلة 9 جمادى الأولى سنة 708هـ .
أسماء بنت موسى الضجاعي :
يمانية من أهل زبيد .كانت صالحة عابدة ، قارئة القرآن ، تقرأ التفسير وكتب الحديث ، وتسمع النساء وتعظهن وتؤدبهن . وكان لقولها وقع في القلوب . وربما كتبت الشفاعات إلى السلطان والقاضي والأمير ، فتقبل شفاعتها ولا ترد . توفيت في زبيد سنة 904هـ .
ميمونة بنت يزيد القارىء :
هي ميمونة بنت أبي جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي المدني القارىء . روت القراءة عن أبيها . وروى القراءة عنها أحمد ابنها ، وثابت . وأبوها علم مشهور في القراءات ، فهو أحد القراء العشرة من التابعين ، كبير القدر ، وقد عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، وعلى عبد الله بن عباس ، وأبي هريرة ، وروى عنهم رضي الله عنهم .
فاطمة بنت محمد بن يوسف الديروطي :
عالمة فاضلة ، حفظت القرآن العظيم ، والعقيدة ، والأربعين النووية ، والشاطبيتين ، ونونية السخاوي ، ومختصر أبي شجاع ، وتدربت على والدها في القراءات إفراداً ثم جمعاً ، وقدم بها القاهرة، فقرأت على الشهاب السكندري ، والزين جعفر ، وبرعت في القراءات مع استحضار الشاطبية وفهم جيد ، بحيث تبدي مباحث وفوائد حسنة . وانتفع بها جماعة من الرجال والنساء .
أم العز بنت محمد الداني :
روت عن أبيها وأبي الطيب بن برنجال ، وعن زوجها أبي الحسن بن الزبير ، وأبي عبد الله بن نوح . وكانت تحسن القراءات السبع . وسمعت بقراءتها مرتين صحيح البخاري من أبيها . وتوفيت سنة 610هـ .
زينب بنت أحمد الرفاعي :
عابدة ، زاهدة ، ورعة . حفظت القرآن الكريم ، وتفقهت بالدين . وسمعت الحديث من خالها أبي البدر الأنصاري ، ومن جدها الشيخ أبي بكر الأنصاري الواسطي . وأخذ عنها أولادها .
بنت المحاملي العالمة الفقيهة المفتية أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل:
قال عنها الذهبي: تفقهت بأبيها وروت عنه وعن إسماعيل الوراق وعبد الغافر الحمصي وحفظت القرآن والفقه للشافعي وأتقنت الفرائض ومسائل الدور والعربية وغير ذلك واسمها ستيتة قال البرقاني كانت تفتي مع أبي علي بن أبي هريرة، وقال غيره كانت من أحفظ الناس للفقه، وروى عنها الحسن بن محمد الخلال، ماتت سنة سبع وسبعين وثلاث مئة، وهي والدة القاضي محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي.
السيدة الشريفة فاطمة الزهراء ابنة السيد محمد بن أحمد الإدريسي:
تحفظ القرآن الكريم بقراءاته، وتحفظ كثيراً من كتب الفقه والحديث، ولها فوق ذلك صلة وثيقة بالعلوم العصرية، ولم تبارح دار أبيها قط، وتخرجت على أبيها وجدها.
هذه بعض النماذج والوقت يضيق عن استيفائها، وحتى نعرف قدر اعتناء المرأة المسلمة بالقرآن نورد نماذج مما قاله طائفة من القدماء والمحدثين عن اعتناء بعض نساء الأمة بالقرآن.
قال ابن بطوطة في رحلته عن أهل مدينة هنور: وأهل مدينة هنور شافعية المذهب لهم صلاح ودين وجهاد في البحر وقوة وبذلك عرفوا ……ونساء هذه المدينة وجميع هذه البلاد الساحلية لا يلبسن المخيط وإنما يلبسن ثيابا غير مخيطة تحتزم إحداهن بأحد طرفي الثوب وتجعل باقيه على رأسها وصدرها ولهن جمال وعفاف وتجعل إحداهن خرص ذهب في أنفها ومن خصائصهن أنهن جميعا يحفظن القرآن الكريم (ابن بطوطة)
وقال عبدالواحد المراكشي: إنه كان بالربض الشرقي في قرطبة سبعون ومائة امرأة كلهن يكتبن المصاحف بالخط الكوفي.
وقال الأستاذ عبدالله عفيفي:"وأكثر ما عرف به الممتازات من نساء المغرب الأقصى حفظ القرآن الكريم بقراءاته جميعاً ورواية الحديث ودرس الفقه والأصول وما إلى هذه من علوم الدين، ويذكر أهل ذلك الإقليم ثمانين امرأة من نساء المغرب جمعن إلى النفاذ في ذلك كله حفظ مدونة الإمام مالك بن أنس - رضي الله عنه - وهي أكبر المطولات الجامعة في الحديث والفقه"
ونذكر هنا بما قلناه في الحلقة الماضية من أخباراً كثيرة للنساء لم تحفظ ولم ينقلها لنا التاريخ، ومما يؤيد ذلك ما أوردناه من أخبار بعض النسوة، فهذه فاطمة بنت علي بن مظفر كانت تعلم الجواري القرآن الكريم.
وزبيدة كان لها مائة جارية كلهن يحفظن القرآن الكريم.
وأم زينب فاطمة بنت عباس ختمَّت نساءً كثيراً القرآن الكريم.
وعائشة زوجة الحافظ المزي ختمَّت نساءً كثيراً وقرأ عليها من النساء خلق…وغيرهن كثير.
فأين تراجم وأخبار اللاتي حفظن القرآن، وختمنه على هؤلاء النسوة وتعلمن على أيديهن؟ كل ذلك يؤكد ما قلناه أن ما بأيدينا مما حفظه لنا التاريخ لا يمثل إلا النزر اليسير من الواقع.
ومما يجدر التنبيه عليه هاهنا أن نساء المسلمات كن يعتنين بحفظ القرآن وتعلمه، وبمسائل العلم الشرعي مع مراعاة الضوابط الشرعية التي تحكم علاقة الرجل بالمرأة، فلم يكن هناك سفور أو اختلاط، أو خلوة أو سفر للمرأة دون محرم.
فما أجدر نساء المسلمين اليوم بالاعتناء بكتاب الله تعالى وحفظ ما يتيسر منه، فهي تجد من وقت الفراغ ما يكفيها للاعتناء بكتاب الله وحفظه، وقد هيأت الوسائل الحديثة فرصاً أكثر ولكن أين العاملون والمشمرون؟
من كتاب
قارئات حافظات لمحمد خير يوسف.....
توفي رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif ولم يترك لنا شيئا
إلا وقد بينه لنا ووضحه وهدانا لأفضل شيء في كل شيء
قال الله تعالى:
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)
ومما لا شك فيه أن كل امرأة تحب أن تكون جميلة دائما
وتتمتع ببشرة وجسد جميل خالي من العيوب و المشاكل الصحية.
وقد وجدت أن الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم عليه، قد بين لنا ذلك بكل دقة متناهية
وهذه كلمات من ذهب سطرها النبي عليه أفضل الصلاة والسلام صاحب الرسالة المعظم
-النقطة الاولى :
الرشاقة
إذا أردنا الرشاقة علينا اتباع نظام رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif الغذائي
وهو أحسن نظام غذائي في العالم:
"نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع"
يعني أن لا تأكلي إلا إذا شعرتي بالجوع ..
لا تأكلي لتسلية أوقاتك وملئ بطنك
أو لأن هناك من يشجعك على الأكل لا تأكلي إلا
إذا شعرتي فعلا بالرغبة في الأكل وإذا أكلتي لا تأكلين حتى تملأين معدتك تماما.
وقد قيل " إذا أكلت كثيرا نمت كثيرا فندمت كثيرا".
لماذا ؟؟
لأن النوم الكثير بدوره يأكل من ساعات اليوم التي تحتاجينها لتعملين في بيتك وتسعين على أولادك وزوجك وبيتك...
منزلك بحاجة لابداعاتك... زوجك بحاجة لإبداعاتك ولوقوفك بجانبه... أولادك بحاجة إلى أم تكن معهم على مدار اليوم
تهتم بهم، ترعاهم، تشد من أزرهم، تأمرهم بالخير وتنهاهم عن الشر والأذى.. أتعلمين أن كل عمل تقومين به لبيتك
وأسرتك وزوجك فهو أجر محتسب لك...لكنك تشقين وأنت ترين أمهات ضيعن الأمانة، استغنون عن كل الخير الذي يمكن أن يأتي لبيوتهن، فنقلن كل ابداعاتهن
إلى خارج بيوتهن.... فاستفاد منهن كل شيء عدا أولادهن....
- لكن الزمن كفيل بأن يبين للمرأة مدى الخسارة التي منيت بها حينما تكتشف أن أولادها كبروا بتعب غيرها، أو مع
مرور الزمن، وقد أثر في أخلاقهم كل من: الخادمة، والتلفاز، والمدرسة،والشارع وأصدقاء من ثقافات شتى،بينما هي تمر يومياً
وكأنها نسمات عابرة، ولم يكن لها كثير من نصيب لا في التربيـةولا في الأجر ولا في المحبة ولافي الحنان والعطف والرعاية....
http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s27.gif: (كل امرئ بما كسب رهين)
وقال أخرى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره)
أي لا تقدمي الأعذار فغداً نقف مكشوفي الحيلة والباطن أمام الذي لا تخفى عليه خافية، فيحاسبنا على كل تقصير أو
تضييع.... إذن لا تقدمي الأعذار فأنت أدرى الناس بما فعلت وما قدمت، والله تعالى يقول:
(يوم لا ينفع نفس ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خير)
نعود لحديثنا عن الرشاقة.... لكن كان هذا بريك ضروري للأمهات والفتيات اللواتي لا يريدون ضياع أعمارهن سدى
قال رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif
الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والتسليم"ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه"بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه" "ثلث
لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه"
وقد رأيت منذ فترة موضوع لأخت وعن تجربة ناجحة استطاعت أن تنقص وزنها بهذه الطريقة
وتقول أن هذه الطريقة
ميزتها أن الوزن
الذي نزل لا يعود مرةأخرى أبدا لأن معتدك تكون قد تعودت على كمية الأكل هذه ولهذا لا يعود
وزنك مرة أخرى.
النقطة الثانية:
نضارة البشرة وتأخير الشيخوخة :
قال رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif
- "من تصبح بسبع تمرات عجوه لم يصبه سم ولا سحر"
فكل السموم التي نتناولها في غذائنا كفيل بالقضاء على ضررها التمر بمعجزة عرفها الرسول http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif قبل
ألف وربعمائة سنةفقد أثبت العلم الحديث أن التمر مفيد جدا للبشرة والقولون ويؤخر الشيخوخة
وقال رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif
" ياعائشة بيت ليس فيه تمر جياع أهله يا عائشة بيت ليس فيه تمر جياع أهله"
قالها مرتين أو ثلاثاً وهذا لأن التمر فيه
معظم العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم والمخ والبشرة.
فهو غذاء يمدك بكثير مما تحتاجينه لبشرتك وجسمك وعقلك أيضا لأن المخ يتغذى على السكريات والسكريات التي في
التمر سريعة الهضم وليس لها أضرار جانبية مثل بقية السكريات التي نتناولها وكوب من الحليب مع 100 جرام من التمر
يساوي وجبة غذائية كاملة فيها كل العناصر الغذائية التي تحتاجينها .
النقطة الثالثة :
نضارة الجسم والشعر :
قال رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif عن زيت الزيتون:
"كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة"
وقد أثبت العلم الحديث الفوائد اللا نهائية لزيت الزيتون سواء للشعر أو للبشرة يوقف التساقط -يغزر الشعر- يقضي على
الفطريات-يساعد على التئام الجروح والقروح بسرعة- يعطي نضارة وطراوة للبشرة وينعمها -و يبيض البشرة.
"وكان الرسول http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif يدهن غبّا ويكتحل وترا"يعني
يدهن يوما بعد يوم ويكتحل ثلاث مرات.
وقد أثبت العلم الحديث أيضا أن الإدهان كل يوم يؤدي إلى انسداد مسام البشرة ويؤذيها.
سبحان الله!
النقطة الرابعة:-
جمال العين وإطالة الرموش:
قال رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif
:"خير أكحالكم الإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر" قبل نومك وأثناء نهارك لا تنسين الإثمد
فإنه خير أكحالنا التي نكتحل بها كما قال رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif لقد جاء
لي حساسيةفي عيني
لم أكن أستطيع الإكتحال بأي شيء غير الإثمد هو الوحيد الذي أضعه ولا يسبب لي أي حساسية.
سبحان الله!
إن رسول الله http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى فكل ما يقوله لنا يجب
علينا تصديقه واتباعه حتى تنالنا بركته http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif
هذه الوصفات النبوية التي ذكرتها ما هي إلا نقطة من بحر علم النبي http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif
بينها لنا وأوضحها منذ قرون
وسهل لنا عناء البحث ومشقة التجريبة آمنا به رسولا نبيا بشيرا ونذيرا .
فإذا أحببتي أن تحصلي على شيئين في وقت واحد :
أن تكوني جميلة وأن تؤجري على هذا الجمال اتبعي هديه http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif
تأخذي أجر اتباعك له واقتدائك بسنته وسمته http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif وتحصلي على الجمال الذي ابتغيتيه بأقل التكاليف
وأسهل الطرق ولن أقول أخف الأضرار ولكن بدون أي أضرار جانبية أو مضاعفات أو حساسية بقي أمر تأبى يدي إلا
وأن تكتبه وهو حديث الرسول http://www.shamsmasr.com/vb/images/smilies/s42.gif عندما قال (( اشتقت لأحبابي ، قالوا: أو لسنا أحبابك ؟ قال : لا ،
أنتم أصحابي ، أحبابي أناس يأتون في آخر الزمان القابض منهم على دينه كالقابض على الجمر، أجره سبعين،
قالوا : منا أم منهم ؟ قال : بل منكم ، لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون )
ابو ضاري
07-02-2010, 10:34
صاحبة القرآن
(زبيدة زوجة الرشيد)
أنصتْ.. استمعْ جيدًا.. تُرَى ما هذا الصوت الغريب القادم من قصر أمير المؤمنين هارون الرشيد، إنه صوتٌ يشبه دَوِىَّ النحل، تعالَ نقترب من القصر، ها قد اتضح الصوت: إنهن جوارى زبيدة زوجة الخليفة يحفظْنَ ويرتلْنَ القرآن الكريم.
كانت زبيدة تتمنى بينها وبين نفسها أن تتزوج من ذلك الشاب اليافع، وها قد تحقق حلمها الذي كانت تحلم به، فقد عاد ابن عمها هارون الرشيد مع أبيه الخليفة "المهدى" من ميدان المعركة بعد أن حققا النصر على الروم، وستكون الفرحة فرحتين، فرحة النصر، وفرحة الزواج من هارون، نصبت الزينات وأقيمت الولائم التي لم يشهدها أحد من قبل فى بلاد العرب وازينت زبيدة بالحلى والجواهر، والمسك والعنبر والروائح الطيبة تنتشر فى مكان العرس، والناس مسرورون بهذا الزواج المبارك.
وتزوجت زبيدة من هارون الرشيد، فملأ الحب قلبيهما، واستطاعت بذكائها ولباقتها أن تزيد من حبه لها حتى أصبح لايطيق فراقها ولا يملُّ صحبتها، ولا يرفض لها طلبًا.
ومرت الأيام، وأنجبت زبيدة من هارون الرشيد ابنها "محمدًا" الأمين وقد أحبته كثيرًا، وكانت شديدة العطف عليه والرفق به لدرجة أنها بعثت ذات يوم جاريتها إلى الكسائى مؤدبه ومعلمه، وكان شديدًا عليه، تقول له : "ترفق بالأمين فهو ثمرة فؤادى وقرة عيني".
وتولى هارون الرشيد الخلافة، فازداد الخير فى البلاد، واتسع ملكه، لدرجة جعلته يقول للغمامة حين تمر فوقه : "اذهبي فأمطري أَنَّى شئت، فإن خراجك سوف يأتى إلىَّ".
ورأت "زبيدة" زوجة خليفة المسلمين أن تساهم فى الخير، وفى إعمار بلاد الإسلام، فحين حجت إلى بيت الله الحرام سنة 186هـ ، وأدركت ما يتحمله أهل مكة من المشاق والصعوبات فى الحصول على ماء الشرب، دعت خازن أموالها، وأمرته أن يجمع المهندسين والعمال من أنحاء البلاد، وقالت له : اعمل ولو تكلَّفتْ ضَرْبةُ الفأس دينارًا. وحُفر البئر ليشرب منه أهل مكة والحجاج وعرف بعد ذلك ببئر زبيدة.
ولم تكتفِ زبيدة بذلك، بل بَنَتْ العديد من المساجد والمبانى المفيدة للمسلمين، وأقامتْ الكثير من الآبار والمنازل على طريق بغداد، حتى يستريح المسافرون، وأرادت زبيدة أن تولى ابنها الأمين الخلافة بعد أبيه، لكن هارون الرشيد كان يرى أن المأمون وهو ابنه من زوجة أخرى أحق بالخلافة لذكائه وحلمه، رغم أنه أصغر من الأمين؛ فدخلت زبيدة على الرشيد تعاتبه وتؤاخذه، فقال لها الرشيد : ويحك، إنما هي أمة محمد (، ورعاية من استرعانى طوقًا بعنقى، وقد عرفت ما بين ابنى، وابنك يا زبيدة، ابنك ليس أهلا للخلافة؛ فقد زينه فى عينيك ما يزين الولد فى عين الأبوين، فاتَّقى الله ؛ فوالله إن ابنك لأحب إلىّ، إلا أنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان أهلا لها، ونحن مسئولون عن هذا الخلق ؛ فما أغنانا أنا نلقى الله بوِزْرِهِمْ، وننقلبَ إليه بإثمهم ؛ فدعينى حتى أنظر فى أمرى. وعلى الرغم من ذلك فقد عهد بولاية العهد لابنه "محمد الأمين"، ثم للمأمون من بعده.
وحين دخل المأمون بغداد بعد مقتل الأمين، وكان صراع قد شب بينهما حول منصب الخلافة استقبلتْهُ، وقالت له: أهنيكَ بخلافة قد هنأتُ نفسى بها عنكَ، قبل أن أراكَ، ولئن كنتُ قد فقدتُ ابنًا خليفةً؛ لقد عُوِّضْتُ ابنًا خليفة لم ألِدْه، وما خسر من اعتاض مثلك، ولا ثكلت أم ملأت يدها منك، وأنا أسأل الله أجرًا على ما أخذ، وإمتاعًا بما عوض . فقال المأمون: ما تلد النساء مثل هذه. وماذا أبقت فى هذا الكلام لبلغاء الرجال.
وتُوُفِّيت السيدة زبيدة فى بغداد سنة 216هـ بعد حياة حافلة بالخير والبر، فرحمة الله عليها.
من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام لأبنته السيدة فاطمة الزهراء
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة طحنت بيديها إلا كتب الله لها بكل حبة
حسنة ومحا عنها بكل حبة سيئة.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة عرقت عند خبزها، إلا جعل الله بينها
وبين جهنم سبعة خنادق من الرحمة.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة غسلت قدرها، إلا وغسلها الله من
الذنوب والخطايا.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة نسجت ثوباً، إلا كتب الله لها بكل خيط
واحد مائة حسنة، ومحا عنها مائة سيئة.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة غزلت لتشتري لأولادها أو عيالها، إلا
كتب الله لها ثواب من أطعم ألف جائع وأكسى ألف عريان.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة دهنت رؤوس أولادها، وسرحت
شعورهم، وغسلت ثيابهم وقتلت قملهم إلا كتب الله لها بكل
شعرة حسنة، ومحا عنها بكل شعرة سيئة، وزينها في أعين
الناس أجمعين.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة منعت حاجة جارتها إلا منعها الله
الشرب من حوضي يوم القيامة.
يا 'فاطمة'! خمسة من الماعون لا يحل منعهن: الماء، والنار،
والخمير، والإبرة، ولكل واحد منهن آفة، فمن منع الماء بلي
بعلة الإستسقاء، ومن منع الخمير بلي بالغاشية، ومن منع
الرحى بلي بصدع الرأس، ومن منع الإبرة بلي بالمغص.
يا 'فاطمة'! أفضل من ذلك كله رضا الله ورضا الزوج زوجته.
يا 'فاطمة'! والذي بعثنـي بالحق بشيراً ونذيراً لو متِ، وزوجك
غير راضٍ عنكِ ما صليت عليكِ.
يا 'فاطمة'! أما علمت أن رضا الزوج من رضا الله، وسخط
الزوج من سخط الله؟
يا 'فاطمة'! طوبى لإمرأة رضي عنها زوجها، ولو ساعة من
النهار.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة رضي عنها زوجها يوماً وليلة، إلا كان
لها عند الله أفضل من عبادة سنة واحدة صيامها وقيامها.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة رضي عنها زوجها ساعة من النهار،
إلا كتب الله لها بكل شعرة في جسمها حسنة، ومحا عنها بكل
شعرة سيئة.
يا 'فاطمة'! إن أفضل عبادة المرأة في شدة الظلمة أن تلتزم
بيتها.
يا 'فاطمة'! إمرأة بلا زوج كدار بلا باب، إمرأة بلا زوج كشجرة
بلا ثمرة.
يا 'فاطمة'! جلسة بين يدي الزوج أفضل من عبادة سنة،
وأفضل من طواف.
إذا حملت المرأة تستغفر لها الملائكة في السماء والحيتان في
البحر، وكتب الله لها في كل يوم ألف حسنة، ومحا عنه ألف
سيئة.
فإذا أخذها الطلق كتب الله لها ثواب المجاهدين وثواب الشهداء
والصالحين، وغسلت من ذنوبها كيوم ولدتها أمها، وكتب الله
لها ثواب سبعين حجة.
فإن أرضعت ولدها كتب لها بكل قطرة من لبنها حسنة، وكفر
عنها سيئة، واستغفرت لها الحور العين في جنات النعيم.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة عبست في وجه زوجها، إلا غضب الله
عليها وزبانية العذاب.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة قالت لزوجها أُفاً لك، إلا لعنها الله من
فوق العرش والملائكة والناس أجمعين.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة خففت عن زوجها من كآبته درهماً
واحداً، إلا كتب الله لها بكل درهم واحد قصر في الجنة.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة صلت فرضها ودعت لنفسها ولم تدع
لزوجها، إلا رد الله عليها صلاتها، حتى تدعو لزوجها.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة غضب عليها زوجها ولم تسترض منه
حتى يرضى إلا كانت في سخط الله وغضبه حتى يرضى عنها
زوجها.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة لبست ثيابها وخرجت من بيتها بغير
إذن زوجها إلا لعنها كل رطب ويابس حتى ترجع إلى بيتها.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة نظرت إلى زوجها ولم تضحك له، إلا
غضب عليها في كل شيء.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة كشفت وجهها بغير إذن زوجها، إلا
أكبها الله على وجهها في النار.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة أدخلت إلى بيتها ما يكره زوجها، إلا
أدخل الله في قبرها سبعين حية وسبعين عقربة، يلدغونها إلى
يوم القيامة.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة صامت صيام التطوع ولم تستشر
زوجها، إلا رد الله صيامها.
يا 'فاطمة'! ما من إمرأة تصدقت من مال زوجها، إلا كتب الله
عليها ذنوب سبعين سارقاً.
فقالت له 'فاطمة' الزهراء :
يا أبتاه متى تدرك النساء فضل المجاهدين في سبيل الله تعالى؟
فقال لها: ألا أدلك على شيء تدركين به المجاهدين، وأنت في
بيتك؟ فقالت: نعم يا أبتاه.
فقال: تصلين في كل يوم ركعتين تقرئين في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة، و'قل هو الله أحد' ثلاث مرات، فمن فعل ذلك كتب
الله له ولها ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى....
' اللهم صل على محمد وآل محمد' كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم
ابو ضاري
08-02-2010, 09:36
صابرة..ومهرها الإسلام
(أم سليم بنت ملحان)
بشرها النبي ( بالجنة، فقال: " دخلتُ الجنة، فسمعتُ خشفة (حركة) بين يدي، فإذا أنا بالغميصاء بنت ملحان" [متفق عليه].
تُري.. ماذا عملت تلك السيدة لتكون من أهل الجنة؟ وماذا عن حياتها؟
إنها آمنتْ باللَّه، وآثرتْ الإسلام حين أشرقتْ شمسه على العالم، وتعلمتْ فى مدرسة النبوة كيف تعيش المرأة حياتها، تصبر على ما يصيبها من حوادث الزمان؛ كى تنال مقعد الصابرين فى الجنة، وتفوز بمنزلة المؤمنين فى الآخرة.
فقد فقدت "الرميصاء" ابنها الوحيد، وفلذة كبدها، وثمرة حياتها؛ حيث شاء اللَّه له يمرض ويموت ، فلم تبكِ ولم تَنُحْ، بل صبرتْ واحتسبتْ الأجر عند اللَّه، وأرادت ألا تصدم زوجها بخبر موت ابنه، وقررت أن تسوق إليه الخبر فى لطف وأناة، حتى لايكون وقْع الخبر سيئًا.
عاد أبو طلحة، وقد كان غائبًا عن هذه الزوجة الحليمة العاقلة، فما إن سمعت صوت زوجها - حتى استقبلته بحفاوة وبوجه بشوش، وقدمت له إفطاره -وكان صائمًا- ثم تزينت له زينة العروس لزوجها ليلة العرس.
أقبل أبو طلحة يسألها عن الولد، وقد تركه مريضًا قبل أن يخرج، فتجيب فى ذكاء ولباقة: هو أسكن من ذى قبل.
ثم تتحيَّن الزوجة الصابرة الفرصة، فتبادره فى ذكاء وفطنة بكلمات يحوطها حنان وحكمة قائلة له: يا أبا طلحة...أرأيت لو أن قومًا أعاروا أهل بيت عارية، فطلبوا عاريتهم، أيمنعونهم؟! قال: ليس لهم ذلك، إن العارية مؤداة إلى أهلها. فلما انتزعت منه هذا الجواب، قالت: إن اللَّه أعارنا ابننا، ثم أخذه مِنَّا، فاحتسِبْه عند اللَّه.. قال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون. ووجد فى نفسه مما فعلت زوجته.
فلما لاح الفجر، ذهب أبو طلحة إلى النبي ( يخبره بما كان من زوجه أم سليم، فيقول النبي (:"بارك اللَّه لكما فى ليلتكما" [البخاري].
يقول أحد الصحابة: إنه وُلد لأم سليم وزوجها من تلك الليلة عبد اللَّه بن أبى طلحة فكان لعبد الله عشرة من الولد، كلهم قد حفظ القرآن الكريم، وكان منهم إسحق بن عبد الله الفقيه التابعى الجليل.
كانت أم سليم مؤمنة مجاهدة تشارك المسلمين فى جهادهم لرفع راية الجهاد والحق، فكانت مع أم المؤمنين السيدة عائشة - رضى اللَّه عنهما - يوم أُحد، فكانتا تحملان الماء وتسقيان العطشي. وفى يوم حنين جاء أبو طلحة يُضحك رسول اللَّه ( من أم سليم، فقال: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر؟فقالت: يا رسول الله إن دنا منى مشرك؛ بقرت به بطنه [ابن سعد].
ولم تكتف الرميصاء بالمشاركة فى ميدان الجهاد، بل اشتهرت مع ذلك بحبها الشديد للعلم والفقه، فعن أم سلمة -رضى الله عنها- قالت: جاءت أم سليم إلى رسول اللَّه (، فقالت: إن اللَّه لا يستحيى من الحق، فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت؟ فقال (: "إذا رأت الماء" (فغطَّتْ أم سلمة وجهها حياءً) وقالت: أو تحتلم المرأة؟
قال: "نعم. تَرِبَتْ يمينُكِ فبِمَ يُشْبِهُـهَا ولدُها؟" [البخاري].
وقد اختلفوا فى اسمها، فقيل، سهلة، وقيل: رُميلة. وقيل: رُميتة، وقيل: أنيفة، وتعرف بأم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد ابن حرام من الخزرج من بنى النجار، تربطها بالنبى ( صلة قرابة، ذلك أن بنى النجار هم أخوال أبيه، وهى أخت حرام بن ملحان، أحد القراء السبعة، وأخت أم حرام زوجة عبادة بن الصامت .
تزوجت "مالك بن النضر" فولدت له أنس بن مالك.
وذات يوم جاءت أم سليم إلى زوجها مالك بن النضر -وكانت قد أسلمت، وهو لا يزال على شِْركه - فقالت له: جئتُ اليوم بما تكره؟ فقال: لا تزالين تجيئين بما أكره من عند هذا الأعرابى (يقصد رسول اللَّه (). قالت: كان أعرابيّا اصطفاه الله واختاره، وجعله نبيّا. قال: ما الذي جئتِ به؟ قالت: حُرِّمت الخمر. قال: هذا فراق بينى وبينك، فمَات مشركًا. وتقدم "أبو طلحة" إلى أم سليم ليخطبها، وذلك قبل أن يسلم، فقالت له: أما إنى فيك لراغبة، وما مثلك يُرد، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم؛ فذلك مهري، لا أسألك غيره. فأسلم أبو طلحة وتزوجها. وفى رواية أنها قالت: يا أبا طلحة ألستَ تعلم أن إلهكَ الذي تعبده خشبة نبتتْ من الأرض نَجَرَها حبشى بن فلان؟ قال: بلي. قالت: أفلا تستحيى أن تعبدها؟ لئن أسلمت لم أُرِدْ منك من الصداق غير الإسلام.فأسلم. قالت: يا أنس! زوِّج أبا طلحة. فكان ابنها وليَّها فى عقدها. قال ثابت: فما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم: الإسلام. وكان النبي ( يزور أم سليم -رضى الله عنها- ويتفقد حالها، فسُئل عن ذلك، فقال: "إنى أرحمها. قُتل أخوها معي" [الطبراني]. وأخوها هو "حرام بن ملحان" قتل فى بئر معونة شهيدًا فى سبيل الله. تلك هي أم سليم، عاشت حياتها تناصر الإسلام، وتشارك المسلمين فى أعمالهم، وظلت تكافح حتى أتاها اليقين، فماتت، ودُفنتْ بالمدينة المنورة.رحمها الله تعالى ورضى الله عنها.
نساء في طريق الهجرة ...
هجره المرسلين ليست كهجره البشر ، ذلك أنها هجرة هدفها التمكين لدين الله تعالى بإرساء قواعده في الأرض لإعلاء شعائره إلى السماء ، وهي هجرة لا يقدم عليها الرسول إلا بإذن ربه ،
وكم فات هذا المعنى كثيراً من الباحثين فخلطوا حتى آذوا النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم هاجر خوفاً أو فراراً من الأعداء ، يقولون هذا وموسوعات السيرة النبوية بين أيديهم تقص عليهم حث الصديق رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر فيبين له الرسول صلى الله عليه وسلم أنه في انتظار أمر ربه . حتى أذن سبحانه فكانت الهجرة من أجل دين الله : فلم تكن لدنيا .. أو مال ...
واستوى - لهذا الأمر - رجال ونساء ، وما أكثر ما كان من حديث للرجال في الهجرة ربما كان سبباً في خفاء أمر نسوة كن على طريق الهجرة من قبل الهجرة ومن بعدها ، أديّن أدواراً غاية في الروعة والفداء والإيمان ، نسوة صَدقن أيضاً ما عاهدن الله عليه ، فلمعن في سماء الإسلام نجوماً باهرات لم يكن مثلهن في التاريخ ، ومن تلك النسوة
1- (التمهيد للهجرة) نسيبة بنت كعب المازنية ، وأم منيع أسماء بنت عمرو السلمية :
بُعث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ، وأخذ يدعو قومه ، فأسلم منهم قليل ، وبسطت قريش أيديها وألسنتها بالسوء ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل عله يجد من بينها ناصراً ، فلم يجد منها جميعاً أذناً صاغية ولا قلباً واعياً حي لقي في موسم الحج نفراً من الخزرج فعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن فصدقوه وآمنوا به ، وقالوا : إنا تركنا قومنا ، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم ، وعسى أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم وندعوهم إلى أمرك ، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله إليه ، فلا رجل أعز منك ، ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بايعوه .
فلما عاد إلى المدينة المنورة أذاعوا بها الإسلام فأجاب داعيتهم خلق كثير ، حتى إذا كان موسم الحج من قابل ذلك العام ، خرج من المدينة ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبايعوه ويؤتوه عهدهم وذمامهم أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأهليهم ، فتوافدوا جميعاً إلى العقبة الثانية التي كانت النواة الأولى في لبنة الدولة الإسلامية ، وما يهمنا من أمر هذه البيعة هو ما كان من أمر المرأتين وهما :
نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو من بني النجار : وتكنى أم عمارة الأنصارية ، وهي زوج زيد بن عاصم الصحابي الجليل ، وكانت بطلة مجاهدة من أبطال الإسلام ، ويحفظ لها التاريخ وقفتها يوم أحد ، وهي تقاتل دون النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال : [ ما التفت يمينا وشمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني ] وقد جرحت ثلاثة عشر جرحاً ، والدم ينزف منها ، فنادى المصطفى صلى الله عليه وسلم ابنها عمارة قائلاً : [ أمك أمك أعصب جرحها ، بارك الله عليكم من أهل بيت ، مقام أمك خير من مقام فلان وفلان ] فلما سمعت أمه قالت : ادع الله أن نرافقك في الجنة، فقال : [ اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة ] فقالت : ما أبالي ما أصابني من الدنيا .
ويحدث التاريخ عن موقفها في حروب الردة ومقاتلة مسيلمة الكذاب الذي قتل ابنها حبيب وقطعه قطعاً ، وشاركت في الحرب كأحد الأبطال الميامين حتى قطعت يدها ، فهذه المرأة وما اتصفت به من صفات تفوق الخيال كانت أولى المبايعات للنبي صلى الله عليه وسلم وامرأة بمثل هذه القوة والشجاعة لابد أن يكون لها في قومها رأي ومكانة ، ولابد أن يكون لها تأثير على نساء قومها ، الذين عرفوا فيما بعد الأنصار .
ب. أم منيع : أسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي بن سواد بن سلمة ، وتعرف بأم منيع الأنصارية ، وهي أم معاذ بن جبل ، أحد الأئمة المعدودين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت حين تنفس صبح الإسلام بالمدينة المنورة ، قبل بيعة العقبة الثانية ، وجاءت مع وفد البيعة وكانت من أتم القوم عقلاً ، وأحكمهم رأياً ، ومن المشاركات في الجهاد في غزوة خيبر .
كلتا المرأتين كانت مثالاً في قومها للرأي والحكمة والعقل والشجاعة ، ولا بد أن يكون لذلك تأثير على من سواهما من نساء يثرب ، فقامتا مع الرجال بتعبئة الجو العام اليثربي وتهيئته للإسلام حتى كانت الهجرة فكان المجتمع اليثربي مستعداً لتكوين وتشييد وإقامة الدولة الإسلامية التي تكونت نواتها الأولى ببيعة العقبة .
2- ( طليعة الهجرة ) ليلى بنت أبي حثمة العدوية :
هي ليلى بنت أبي حثمة بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن كعب بن لؤي القرشية العدوية ، زوج عامر بن ربيعة العنبري .
قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم كان زوجها مهيأ نفسياً لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان بدينه ، وذلك لأن زيد بن عمرو بن نفيل قال لعامر زوجها ، أنا أنتظر نبياً من ولد إسماعيل ، ثم من بنى عبد المطلب ، ولا أراني أدركه ، وأنا أومن به وأصدقه وأشهد أنه نبي ، فإن طالت بك مدة - يا عامر - ورأيته فأقرئه مني السلام.
وهكذا كانت ليلى مهيأة لقبول الدين الجديد ، لأنه زوجها كان يردد كثيراً قول زيد بن عمرو بن نفيل فلما سرى في مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله الواحد الأحد أقبل عامر وليلى وأسلما ، وكانا في طليعة المهاجرين إلى الحبشة لما اشتد أذى قريش ، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : [ أخرجوا إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق ] تقول ليلى : كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا ، فلما تهيأنا للخروج إلى أرض الحبشة ، جاءني عُمر وأنا على بعيري نريد أن نتوجه ، فقال : أين يا أم عبد الله ؟ - وهي أم عبد الله بن عامر ، وبه كانت تكنى – فقلت آذيتمونيا في ديننا ، فنذهب في أرض الله حيث لا نؤذى في عبادة الله ، فقال : صحبكم الله ، ثم ذهب فجاءني زوجي عامر بن ربيعة ، فأخبرته بما رأيت من رقة عمر ، فقال : ترجين أن يسلم ؟ فقلت نعم .. وهاجرت وهي وزوجها إلى الحبشة ، ولما علم المهاجرون بإسلام عمر عادوا أملاً في أن يكون فيه المنعة والحماية ، فلما اشتد أذى الكفار ، هاجرت ليلى وزوجها عامر مرة أخرى عائدة إلى الحبشة ، وعندما أذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى يثرب وقال : [ من أرد أن يخرج فليخرج إليها ] كانت ليلى بنت أبي حثمة ، هي أول امرأة هاجرت إلى المدينة ، فقد كان أول المهاجرين - أبو سلمة- ثم تبعه ، عامر بن ربيعة ، وزوجه ليلى وتعد أول ظعينة تهاجر إلى المدينة ، ويظن الكثير أن أول مهاجرة كانت أم سلمة ولكنها كانت ليلى وليست أم سلمة كما سيتضح من عرضنا لأم سلمة فيها بعد .
ولم تكن هجرة ليلى بنت أبي حثمة ، إلى يثرب -المدينة- مجرد انتقال من مكان إلى مكان ولكن كان لها دور إيجابي هي وباقي المهاجرات والمهاجرين في توطيد دعائم الدين الإسلامي في قلوب اليثربيات واليثربيين ، وليس أدل على ذلك مما رأيناه من خروج الأنصار والمهاجرين ونسائهم للقاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد علمهم بهجرته المباركة .
3. (بداية الهجرة) رقيقة بنت صيفي :
هي رقيقة بنت صيفى وقيل بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، عمها عبد المطلب بن هاشم وكان أسن منه ، وتتصل رقيقة برسول الله صلى الله عليه وسلم في هاشم بن عبد مناف فهو جدها وجد أبيه ، ولما أدركها الإسلام كانت قد تطاول عليها القدم ، وجاوزت حد الهرم ، والتاريخ الإسلامي يحفظ لها وقفة مع الإسلام ، كثيراً ما يغفلها المؤرخون ، فلقد كانت ترقب ما يدور على الساحة من حولها وترى أن عدد المسلمين في ازدياد ، وكذلك عذاب المشركين يحمي وطيسه كلما أسلم مشرك ، وقد اجتمع كبار المشركين ليلاً ومعهم إبليس اللعين في صورة شيخ نجدي وانتهى أمرهم إلى أن يقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم في داره ، بيد فتية ، من كل قبيلة فتى ليتوزع دمه صلى الله عليه وسلم في القبائل ، تلك المرأة المسنة - رقيقة - هي التي استشفت خبر قريس يوم ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم فذهبت العجوز تجر أثقالها حتى أنهت إلى النبي صلى الله عليه وسلم الخبر وحذرته من المبيت في داره وحدثته بحديث القوم الذي لا يعلمه إلا الله ثم هي ومن تآمروا عليه ، ذهبت العجوز التي أنافت على المائة ، لتنقل الخبر ولم تأمن على نقله ابنها مخرمة بن نوفل وهو من لحمة النبي صلى الله عليه وسلم وذوي صحبته ، ذلك لأن الشك فيها وهي العجوز المسنة مستبعد ، وما أطيب امرأة ، وأجل منزلتها أن ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما سبق به جبريل إليه على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام .
ولعل هناك من يقول : وأي عظمة تجدها امرأة سمعت خبراً فألقته كما سمعته ؟
ذلك قول من لم يستبطن الأمر ، ويتبين دخيلته ، فإن فئة قليلة العدد خطيرة الغرض ، من هامات القوم ، وأشداء فتيانهم ، بيتوا أمرهم واحتجزوا خبرهم عن بقيتهم ، والممالئين لهم ، وتعاهدوا وتعاقدوا ألا يذيعوه حتى يمضوه ، فئة ذلك شأنها وتلك غايتها ليس بالهين اليسير كشف أمرها والوقوف على ذوات نفوسها ، واستنقاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كيدها وشر عائلتها .
وتكون –رقيقة- مشاركة في أعظم حوادث الإسلام خطراً ، وأبقاها أثراً ، وأدومها على مر الدهور ذكراً ، وأقومها ببناء الإسلام ، وبنقلها خبر قريش يكون البدء الفعلي للهجرة .
امرأة مهضومة السيرة
اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها وأرضاها! إنها واحدة من اللواتي لا نعرف عنهن إلا أيسر اليسير من الفضل رغم أنها واحدة من أبرز اللواتي أضأن تاريخ الإسلام بما قدمن له من بذل لقد كانت - رضي الله عنها وأرضاها - نعم البنت ونعم الزوجة ونعم الأم، وقبل كل ذلك نعم المرأة المؤمنة!
وليس في ذلك غرابة، فهي بنت الصديق، الذي لو وُضع إيمانه في كفه وإيمان الأمة في كفة لرجحت كفته!
لقد تزوجت من الزبير حواري رسول الله صلي الله عليه وسلم، وحملت منه بعبد الله وهو أول مولود للمهاجرين في المدينة فعنها رضي الله عنها أنها حملت بعبد الله بن الزبير قالت فخرجت وأنا متم (أي قد أتممت مدة الحمل) فأتيت المدينة فنزلت بقباء
(مكان معروف بالمدينة) فولدته بقباء ثم أتيت به النبي صلي الله عليه وسلم، فوضعته في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل في جوفه ريق رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم حنكه (وضع في فيه التمرة ودلك حنكه بها) بتمرة ثم دعا له وبرّك عليه
(أي قال: اللهم بارك فيه.) .
وكان أول مولود في الإسلام (أي بالمدينة من المهاجرين). [رواه البخاري ومسلم]
وعبد الله بن الزبير هذا الذي برّك عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم كان مولوداً هو الذي وقف للطاغية الحجاج بن يوسف الثقفي وهو شيخ فاني محتميا بالكعبة حتى أستشهد في مشهد مأسوي فظيع!
كانت أسماء فيه حاضرة برأيها وشخصها، لقد تأزمت العلاقة بين حفيد أبي بكر رضي الله عنهما وأرضاهما وبين الحجاج ومن كان يمثله وتصاعدت الأمور حتى تلاقي الفريقان، عبد الله بفئته القليلة، والحجاج بجيشه، وكان عبد الله عائذاً بالبيت الحرام الذي للأسف لم يراعى له حرمة.
ولأن النتيجة كانت واضحة قبل بداية المعركة فقد استشار عبد الله أمه أسماء في موقفه هل يتنازل عنه أم يذبح عليه، فأشارت عليه بما لا تشر به أم غير أسماء على ولدها، وهو أن يصمد عليه وإن كان في ذلك ذبحه فعظّمت له أمر الحق في نفسه، ومهونة عليه الباطل بجنده، لقد ساقت أسماء ابنها إلي الشهادة في موقف يصعب علي غيرها فعله. وانتهي الموقف كما كان متوقعاً وذبح عبد الله بن الزبير علي أعتاب بيت الله الحرام، وليت الذين فعلوا ذلك اكتفوا به.بل أمر الحجاج بصلبه! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
وإليكم خبر الحدث وموقف ذات النطاقين - أم الشهيد –
فيه: عن أبي نوفل رأيت عبد الله بن الزبير علي عتبة المدينة (يقصد مدخل مدينة مكة) مصلوبا قال: فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا والله إن كنت ما علمت صواماً قواماً وصولاً للرحم أما والله أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير ثم نفذ (مضي) عبد الله بن عمر، فبلغ الحجاج موقف عبد الله بن عمر وقوله فأرسل إليه فأنزل عن جزعه
(أي جذع النخلة المصلوب عليه) فألقي في قبور اليهود ثم أرسل إلي أمه أسماء بنت أبي بكر فأبت أن تأتيه فأعاد عليها الرسول: لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك ( جمع قرن وهي الضفائر) قال فأبت وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني
قال: أروني سبتي (أي نعلي) فأخذ نعليه ثم انطلق يتونف (يسرع متبخترا) حتى دخل عليها فقال: كيف رأيتني بعدو الله قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك ،
بلغني أنك تقول له يا ابن ذات النطاقين(ما يشد به الوسط) أنا والله ذات النطاقين أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلي الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب،
وأما الآخر فنطاق المرأة لا تستغني عنه أما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذاباً ومبراً فأما الكذاب (تعني بالكذاب المختار بن أبي عبيد الثقفي فإنه تنبأ وتبعه ناس حتى أهلكه الله تعالي) فرأيناه وأما المبر (المهلك، كثير القتل) فلا أخالك إلا إياه قال: فقام عنها ولم يراجعها.[رواه مسلم].
إن موقف السيدة أسماء هذا لا يحتاج إلى تعليق علي قدر ما يحتاج إلي تأمل طويل، وعميق يصوغ نفس الواحد منا من جديد! ما هذا الصبر؟! ما هذه الشجاعة؟! وما هذه العزة؟!
وما رباطة الجأش هذه؟! وما هذه الطاقة النفسية الإيمانية التي مكنتها من هز هذا الطاغية وبعثرته؟! ما كل هذا؟! إننا – في حقيقة الأمر – لسنا أمام امرأة عادية،
بل إننا أمام جبل أشم، وكما كانت نِعْم المؤمنة ونِعْم الأم – رضي الله عنها وأرضاها نعم الزوجة فعنها قالت: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء، غير ناصخ ( الجمل الذي يسقى عليه الماء) وغير فرسه.
فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه (أخيط دلوه المصنوع من الجلد) وأعجن ولم أكن أحسن الخبز. فكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق.
وكنت أنقل النوى من أرض الزبير – التي أقطعه رسول الله صلي الله عليه وسلم – علي رأسي وهذه مني علي ثلثي فرسخ ( حوالي ثلاثة أميال)! [رواه البخاري ومسلم].
وعنها قالت:....فجئت يوما والنوى علي رأسي فلقيت رسول الله صلي الله عليه وسلم، ومعه نفر من الأنصار ، فدعاني ثم قال: إخ إخ (كلمة تقال للبعير لمن أراد أن ينيخه) ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس.
فعرف رسول الله صلي الله عليه وسلم أني استحييت فمضى.
فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك،
فقال:
والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إلي أبي بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني. [رواه البخاري ومسلم].
وكانت - رضي الله عنها وأرضاها – وقافة علي شرع الله حريصة علي تحكيمه حتى مع أقرب وأخص الناس إليها فعنها قالت: قلت يا رسول الله مالي مال إلا ما أدخل علي الزبير أفأتصدق؟ قال: تصدقي ولا توعي فيوعى عليك. ( والمعني لا تمسكي الوعاء وتبخلي بالنفقة مما فيه فيمسك الله عنكي فضله).[رواه البخاري ومسلم].
وأريد من القارئ ألا يفوته علّة سؤالها عن شرعية التصدق من مال زوجها، فقد سألت عن شرعية ذلك لتتصدق به ولم تسأل عن شرعية أخذ بعض ماله لنفسها مثلا أو لغير ذلك من الأسباب! قريب من هذا الموقف موقفها مع أمها! فعنها قالت: قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت علي وهي راغبة [ أي راغبة في أن أبرها وأعطيها وهي علي شركها ] أفأصل أمي؟! قال: نعم. صلي أمك [رواه البخاري ومسلم] .
رحم الله ذات النطاقين ورضي الله عنها وعن أبيها وزوجها وابنها وذريتها إلي يوم الدين
حارسة القرآن ....
تعالوا نستل سيف الحق مع أولئك الصادقين... نقارع معهم أهل الردة في حرب ضروس رفعت راية الإسلام خفاقة بعد أن عادت أشواك الوثنية لتبتلع ضعاف النفوس من أعراب الجزيرة.
تعالوا نشد من أزر البواسل المسلمة التي تهافتت على حديقة الموت تريد مسيلمة الكذاب وأتباعه.. تحاصره بأفئدة تواقة للشهادة.. يتقدمهم حفظة كتاب الله بقلوبهم المفعمة يرجون لقاء ربهم الباري ونبيهم الهادي.. صدروهم مشرعة لا يرهبها الوغى ولا يخيفها المنون... يحلمون بالقضاء على شوكة الكفر التي ظهرت بعد وفاة نبي الأمة عليه الصلاة والسلام لتحصد هذه المعركة عدداً كبيراً منهم... فتعود بعدها شمس الإسلام مشرقة في أنحاء الجزيرة العربية تضيء القلوب المعتمة بنور الحق بعد أن غطاها ثوب الوثنية ردحاً من الزمن.
حتى إذا انقشعت الغمة... وهدأ نقع المعارك... اعتلى الخوف القلوب المؤمنة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مقدمتهم الفاروق عمر الذي نظر إلى استشهاد حفظة القرآن الكريم بتساؤل وجل : أيموت الحفظة والقرآن في معظمه محفوظ في صدروهم ؟
ليعظم السؤال في نفسه حرصاً على مصير الدين والقرآن هو الدستور الأول للإسلام.
فيتحرك بوجله الذي يحمله بين أضلعه على دين الله... تسوقه قدماه إلى أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحثه على جمع القرآن الكريم.. و ما إن انشرح صدر الخليفة للفكرة حتى أوكل أمر هذه المهمة لزيد بن ثابت وجمعاً من الصحابة الكرام...
وما إن انتهى العمل المهيب ورفعت الأقلام وجفت الصحف وحفظ القرآن في كتاب واحد ، رأى الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته وضع المصحف عند سيدة من سيدات الدنيا والآخرة
فمن هي هذه السيدة ؟
إنها حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية القرشية.. ولدت قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام بخمس سنين.. كانت زوجة لخنيس بن حذافة السهمي.. هاجرت معه إلى المدينة ، وشهد زوجها بدراً ثم استشهد متأثراً بجراحه.. وهي لم تتجاوز بعد الثامنة عشر ربيعاً، فحزن عمر بن الخطاب لمصابها وأراد أن يزوجها ممن يرضى الله ورسوله عنه.. فعرضها على عثمان وكانت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج عثمان قد توفيت حديثاً فسكت عثمان ولم يجب عمر.. فعرضها عمر على أبي بكر الصديق فسكت أبو بكر كما سكت عثمان من قبله.. الأمر الذي أغضب عمر فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو له ما جرى ولم يكن يدري أن الله عز وجل اختار لحفصة من هو خير من عثمان وأبي بكر لتصبح زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأماً للمؤمنين.
عاشت حفصة بنت عمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حياة طبيعية كانت خلالها الزوجة التي تحب وتكره.. تغار وتشتكي.. تغضب وتسأل وتجادل.. وقد اختارت من بين أمهات المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق لتكون صديقتها وموضع سرها حتى أن السيدة عائشة وصفتها بأنها بنت أبيها كدليل على فضلها.
وقد تركت لنا كتب السيرة عن حياتها وقصصها مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الشيء الكثير.. لكنها كانت في كل خطاها ممسكة بزمام أهوائها.. قد تخطئ في بعض أمرها ، وهذا حال المؤمن لكنها تكون خير التوابين.. فلم توكل نفسها للحظة تنال بها غضب الله بل كانت كما قال عنها جبريل عليه السلام للنبي عليه الصلاة والسلام : إنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة.
روت حفصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة قيل إنها بلغت ستون حديثاً.
هذا الصوامة القوامة حفصة بنت عمر أم المؤمنين التي عاشت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة السبع سنوات تزداد إشراقاً مع الأيام حين اختيرت من أجلاء الصحابة لتكون حارسة القرآن الكريم.
فأي شرف يعطيه الإسلام للمرأة المسلمة حين تكون حارسة للقرآن الكريم في عصر تكاثرت فيه النجوم الزاخرة في سماء الأمة الإسلامية.
هذا هو إسلامنا دين العظمة... دين الحقوق .. الدين الذي أعطى للمرأة مكانتها فكانت حاضنة الإسلام الأولى هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.. وها هي حارسة القرآن الأولى حفصة بنت عمر فجزاها الله عن الإسلام والمسلمين كل الخير.
بلقيس ملكة سبأ
الحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله خير خلق الله وأحبهم إلى عباد الله.. وأصحابه الذين حباه، ومن سار على نهجه وهداه. وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد فإن هذا البحث يتناول جوانب من حياة بلقيس ملكة سبأ، التي كانت تعد سيدة نساء عصرها، وحكيمة حكماء زمانها في القرآن الكريم.
وتستمد قصة الملكة بلقيس أهميتها من ذكر قصتها في الكتاب الحكيم مع النبي سليمان – عليه السلام - في سورة النمل، مما أكسبها شهرة لم تكن للكثير من الملوك من قبلها أومن بعدها، وضمنت بأن يبقى ذكرها خالداً عبر العصور، وعلى مر الدهور؛ وذلك لأن القرآن باقٍ وخالدٌ إلى آخر الزمان كما قال الحق – جل وعلا -: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.
وقد قُسّم هذا البحث إلى أقسام ثلاثة:
الأول- نسب بلقيس وحكمها: ويتناول هذا القسم نبذة عن حياة الملكة بلقيس وعن حكمها لمملكة سبأ. والمعلومات في هذا الجزء من البحث وردت في المصادر ملخصة ومتشابهة إلى حدٍ ما.
والثاني- قصة بلقيس في القرآن: ويتناول هذا القسم قصة الملكة بلقيس مع النبي سليمان – عليه السلام - في سورة النمل.
والثالث- قراءةٌ في شخصية الملكة بلقيس: وهذا القسم ينظر عن كثب في شخصية الملكة بلقيس بعيداً عن التلفيق والتنميق، أوالافتراء والتزويق.
وفي النهاية فإن هذا البحث لا يعد سوى قطرةٍ في بحرٍ غير مسبور الأغوار، ورحلة ا لمسافر متعب من كثرة الأسفار، وزهرة في بستان مليء بالأزهار .هذا والله أعلم بالسرائر.
نسبهــــا:
تنسب الملكة بلقيس إلى الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر [1]، وهناك اختلاف كبير بين المراجع التاريخية في تحديد اسم ونسب هذه الملكة الحِمْيَرية اليمانية، كما أنه لا يوجد تأريخ لسنة ولادتها ووفاتها.
حُكمهـــــا:
كانت بلقيس سليلة حسبٍ ونسب، فأبوها كان ملكاً، وقد ورثت الملك بولاية منه؛ لأنه على ما يبدولم يرزق بأبناء بنين. لكن أشراف وعلية قومها استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء والاستياء، فكيف تتولى زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم امرأة [2]، أليس منهم رجلٌ رشيد؟ وكان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء خارج حدود مملكتها، فقد أثار الطمع في قلوب الطامحين الاستيلاء على مملكة سبأ، ومنهم الملك عمروبن أبرهة الملقب بذي الأذعار. فحشر ذوالأذعار جنده وتوجه ناحية مملكة سبأ للاستيلاء عليها وعلى ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس علمت بما في نفس ذي الأذعار فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار. وعادت بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي الأذعار، فدخلت عليه ذات يوم في قصره وظلت تسقيه الخمر وهوظانٌ أنها تسامره وعندما بلغ الخمر منه مبلغه، استلت سكيناً وذبحته بها [3]. إلا أن رواياتٍ أخرى تشير إلى أن بلقيس أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها بغية الانتقام منه، وعندما دخلت عليه فعلت فعلتها التي في الرواية الأولى [4]. وهذه الحادثة هي دليلٌ جليّ وواضح على رباطة جأشها وقوة نفسها، وفطنة عقلها وحسن تدبيرها للأمور، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي الأذعار وفساده.
وازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيمّا ازدهار، واستقرت البلاد أيمّا استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء والحضارة والعمران والمدنية. كما حاربت بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة. ومما أذاع صيتها وحببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه الزمن وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله [5]. وبلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقراً لحكمها.
قصة بلقيس في القرآن
ورد ذكر الملكة بلقيس في القرآن الكريم، فهي صاحبة الصرح المُمَرد من قوارير وذات القصة المشهورة مع النبي سليمان بن داود - عليه السلام - في سورة النمل.
وقد كان قوم بلقيس يعبدون الأجرام السماوية والشمس على وجه الخصوص، وكانوا يتقربون إليها بالقرابين، ويسجدون لها من دون الله، وهذا ما لفت انتباه الهدهد الذي كان قد بعثه سليمان - عليه السلام- ليبحث عن موردٍ للماء. وبعد الوعيد الذي كان قد توعده سليمان إياه لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت بعذرٍ مقبول عاد الهدهد وعذره معه “أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين” [6]، فقد وجد الهدهد أن أهل سبأ على الرغم مما آتاهم الله من النعم إلا أنهم” يسجدون للشمس من دون الله “ [7].
فما كان من سليمان –عليه السلام- المعروف بكمال عقله وسعة حكمته إلا أن يتحرّى صدق كلام الهدهد، فقال: سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين [8]، وأرسل إلى بلقيس ملكة سبأ بكتابٍ يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله ورسوله والإنابة والإذعان، وأن يأتوه مسلمين خاضعين لحكمه وسلطانه، ونصه إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين [9].
كانت بلقيس حينها جالسة على سرير مملكتها المزخرف بأنواع من الجواهر واللآلئ والذهب مما يسلب الألباب ويذهب بالمنطق والأسباب [10]. ولما عُرف عن بلقيس من رجاحة وركازة العقل فإنها جمعت وزراءها وعلية قومها، وشاورتهم في أمر هذا الكتاب. في ذلك الوقت كانت مملكة سبأ تشهد من القوة ما يجعل الممالك الأخرى تخشاها، وتحسب لها ألف حساب. فكان رأي وزرائها “ نحن أولوا قوةٍ وأولوا بأس شديدٍ “ [11] في إشارةٍ منهم إلى اللجوء للحرب والقوة. إلا أن بلقيس صاحبة العلم والحكمة والبصيرة النافذة ارتأت رأياً مخالفاً لرأيهم، فهي تعلم بخبرتها وتجاربها في الحياة أن “ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون” [12]. وبصرت بما لم يبصروا ورأت أن ترسل إلى سليمان بهديةٍ مع علية قومها وقلائهم، عله يلين أويغير رأيه، منتظرةٌ بما يرجع المرسلون. ولكن سليمان –عليه السلام- رد عليهم برد قوي منكر صنيعهم ومتوعد إياهم بالوعيد الشديد قائلاً: “أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتكم، بل أنتم بهديتكم تفرحون” [13].
عندها أيقنت بلقيس بقوة سليمان وعظمة سلطانه، وأنه لا ريب نبي من عند الله –عز وجل-، فجمعت حرسها وجنودها واتجهت إلى الشام حيث سليمان –عليه السلام-.
وكان عرش بلقيس وهي في طريقها إلى سليمان –عليه السلام- مستقراً عنده، فقد أمر جنوده بأن يجلبوا له عرشها، فأتاه به رجلٌ عنده علم الكتاب قبل أن يرتد إليه طرفه. ومن ثم غّير لها معالم عرشها، ليعلم أهي بالذكاء والفطنة بما يليق بمقامها وملكها [14].
ومشت بلقيس على الصرح الممرد من قوارير والذي كان ممتداً على عرشها، إلا أنها حسبته لجةً فكشفت عن ساقيها وكانت مخطئة بذلك عندها عرفت أنها وقومها كانوا ظالمين لأنفسهم بعبادتهم لغير الله –تعالى- وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
وتقول المراجع التاريخية أن سليمان –عليه السلام- تزوج من بلقيس، وأنه كان يزورها في سبأ بين الحين والآخر. وأقامت معه سبع سنين وأشهراً، وتوفيت فدفنها في تدمر [15].وتعلل المراجع سبب وفاة بلقيس أنها بسبب وفاة ابنها رَحْـبَم بن سليمان [16].
وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وعليه كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان. وفتح التابوت فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك التابوت مكانه وبنى عليه الصخر .
قراءةٌ في شخصية الملكة بلقيس
• ذكر بلقيس في القرآن الكريم
إن بلقيس لم تكن امرأة عادية، أوملكة حكمت في زمن من الأزمان ومر ذكرها مرور الكرام شأن كثير من الملوك والأمراء. ودليل ذلك ورود ذكرها في القرآن. فقد خلد القرآن الكريم بلقيس، وتعرض لها دون أن يمسّها بسوء ، ويكفيها شرفاً أن ورد ذكرها في كتابٍ منزلٍ من لدن حكيم عليم، وهوكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولم ولن يعتريه أي تحريف أوتبديل على مر الزمان، لأن رب العزة –جل وعلا- تكفل بحفظه وصونه “إنا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون [18]. فذِكر بلقيس في آخر الكتب السماوية وأعظمها وأخلدها هوتقدير للمرأة في كل زمان ومكان، هذه المرأة التي استضعفتها الشعوب والأجناس البشرية وحرمتها من حقوقها، وأنصفها الإسلام وكرمها أعظم تكريم. وهذا في مجمله وتفصيله يصب في منبع واحد، ألا وهو أن الملكة بلقيس كان لها شأنٌ عظيم جعل قصتها مع النبي سليمان –عليه السلام- تذكر في القرآن الكريم .
• رجاحة عقل بلقيس، وبليغ حكمتها، وحسن مشاورتها
إن الملكة بلقيس ما كان لها هذا الشأن العظيم لولا اتصافها برجاحة العقل وسعة الحكمة وغزارة الفهم. فحسن التفكير وحزم التدبير أسعفاها في كثيرٍ من المواقف الصعيبة والمحن الشديدة التي تعرضت لها هي ومملكتها؛ ومنها قصتها مع الملك ذي الأذعار الذي كان يضمر الشر لها ولمملكتها، ولكن دهاءها وحنكتها خلصاها من براثن ذي الأذعار وخلص قومها من فساده وطغيانه وجبروته.
كما أنها عرفت بحسن المشاورة إلى جانب البراعة في المناورة، فهي لم تكن كبقية الملوك متسلطة في أحكامها، متزمتة لآرائها، لا تقبل النقاش أوالمجادلة، بل كانت كما أجرى الله على لسانها “ قالت أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون} [19]، وذلك على الرغم من أنه كان بمقدورها أن تكتفي برأيها وهي الملكة العظيمة صاحبة الملك المهيب . فهي ببصيرتها النيّرة كانت ترى أبعد من مصلحة الفرد، فهّمها كان فيما يحقق مصلحة الجماعة.
أسمــاء بنت عميـس
(رضي الله عنهـا)
نسبهــــــــا:-
هي أسمـــاء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن معاوية ابن زيد بن مالك بن بشر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن خلف بن أقبل الخثعمية.وأمهـا:- هند بنت عوف بن زهير بن الحارث الكنانية وهي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت لبابة أم الفضل زوجة العباس وأخوات ميمونة لأم هن عشر أخوات وست لاب
حيـاتهـــا:-
كانت حياتها رضي الله عنها مليئة بالأحداث والمواقف، وقد اختلفت الروايات وقيل أن أسماء بنت عميس كانت قبل الإسلام تحت حمزة بن عبد المطلب ابن عم رسول الله r أنجبت له ابنة " أمة الله" ثم من بعده كانت تحت شداد بن الهادي الليثي وأنجبت له عبدالله وعبد الرحمن ولكن قيل بعد ذلك أن المرأة التي كانت تحت حمزة وشداد هي سلمى بنت عميس وليس أسماء أختها.
تزوجت أسماء بنت عميس جعفر بن أبي طالب وأسلمت معه في وقت مبكر مع بداية الدعوة إلى دين الرشاد والهدى، حتى أنه كان إسلامها قبل دخول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم بمــــكة.
كان زوج أسماء بنت عميس ابن عم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جعفر بن أبي طالب- رضي الله عنه-، أحد السابقين إلى الإسلام ، وأحد المدافعين عن الحق، الواقفين في وجه الظلم والكفر، ,أحد المؤازرين لرسول الله – صلى الله عليه وسلم-، وكان رضي الله عنه مقرّبا من الرسول- صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام يوده ويقربّه وكان شبيها به- صلى الله عليه وسلم- فقد كان عليه الصلاة والسلام يقول لجعفر:- " أشبهت خلق وخلقي. فكان ذلك يسر أسماء ويسعدها ذلك عندما ترى زوجها شبيها بأحسن الخلق وأفضلهم، فكان يحرّك فيها مشاعر الشوق عندها لرؤية النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم-
وكانت بالفعل نعم الزوجة الصالحة، المخلصة، الوفيّة، والمحبّة لزوجها، وحين أجمع رجال قريش على مقاطعة كل من دخل في دين الإسلام، أو آزر مسلما. فلما أذن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بالهجرة إلى الحبشة، كانت أسماء بصحبة زوجها من جملة المسلمين المهاجرين، متحملين أذى قريش وطغيانهم، كل ذلك في سبيل الله تعالى وتنفيذا لأوامر نبيهم عليه الصلاة والسلام، فخرجوا تاركين مكة فرارً بدينهم، شادين الرحال في سبيل الله، وكانت هذه الهجرة قد أقبلت بعد زواجهما بفترة حديثة، فانطلقا إليها، فقد كانت الهجرة قد وثقّت بينهما أكثر من السابق، وقد ملأ عليهما الإسلام كل ذاتيهما وكل ذرة في كيانهما، فقد كان نعم المؤمنين المجاهدين، الصابرين، الصادقين لا‘نهما كانا يعلمان أن ما عند الله تعالى خيرا وأبقى!!!
وصل المسلمون إلى الحبشة وكانت أسماء وزوجها في مقدمتهم وقد أقاموا في منزل متواضع صغير، تحيطه مرارة الغربة والقسوة ولكنه كان غنياً بالحب والمودة والاحترام الذي يملأ الزوجين. حقا لقد ملأ جعفر حياة أسماء بحلوها ومرها فساهمت مع زوجها أعباء نشر الحق والدعوة الإسلامية. أنجبت لجعفر وفي بلاد الحبشة أبناءه الثلاثة: عبدالله، و محمداً، وعوفاً، وكان ولدها عبالله أكثر شبهاً بأبيه حمزة الذي كان شبيها بالرسول عليه الصلاة والسلام فكان ذلك يدقدق مشاعرها ويبهجها لرؤية النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم-.
ظلت أسماء بنت عميس- رضي الله عنها في ديار الغربة قرابة خمسة عشر عاماً. كانت مدة طويلة، أدت إلى حدوث كثير من الأحداث والمتغيرات في مختلف النواحي والصعد، وكان عليه الصلاة والسلام ، دائم السؤال عن المسلمين هناك، فكان يوفد موفدين ورسل ومن بينهم " عمرو بن أمية الضمري" رضي الله عنه ليزودهم عليه الصلاة والسلام بأحدث المستجدات، ويستطلع أخبارهم ويعلمهم بما جد من تنزيل و أحكام في دين الله، وفي خلال تلك الفترة وأثناء استقرار المسلمين في الحبشة، جاء وفد من قريش إلى ملك الحبشة ( النجاشي) يطالبونه بالمسلمين وإرجاعهم إلى مكة وكان من ضمن وفد قريش عمرو بن العاص، فقالوا:-" قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم". فما كان من النجاشي أن أرسل بطلب وفد المسلمين يسألهم بشأن هذا الأمر، فتقدم جعفر بن أبي طالب، زوج أسماء – رضي الله عنها- فقال:-" أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ..فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع الأوثان، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام..." فنشوّق النجاشي لسماع المزيد فسأله عن ما جاء به النبي- عليه الصلاة والسلام- من عند الله. فأسمعه من سورة مريم، فبكى النجاشي حتى أخضلّت لحيته، وبكت معه أساقفته، فقال النجاشي:-" إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا ، فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكيدهم أحد". فكان ذلك سببا في إسلام النجاشي، وكان النجاشي سببا في إسلام وفد قريش والذي كان من بينهم عمرو بن العاص.
كانت هذه حصيلة هجرة المسلمين إلى الحبشة، والذين صابروا وجاهدوا والذي لمسه النجاشي من سلوك المهاجرين، وكانت أسماء من بينهم، إحدى الداعيات بالقول والعمل والسلوك، وكان ذلك أول إختبار تجتازه.
عادت أسماء من الحبشة متوجهة إلى هجرة ثانية، كانت إلى المدينة المنورة، فتوجهت زائرة حفصة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم، فدخل عليهما عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قائلاً:- " لقد سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم". فغضبت- رضي الله عنها وقالت:-" أي لعمري لقد صدقت؟! كنتم مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم، يطعم جائعكم، ويعلّم جاهلكم، وكنّا البعداء الطرداء. أما والله لأتين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلأذكرن ذلك له، ولا أنقص ولا أزيد في ذلك". فذكرت ذلك له، فقال:-" لكم الهجرة مرتين،هاجرتم إلى النجاشي! وهاجرتم إلّي". فسرّت بذلك وأثلج صدرها، ولم يكن ذلك نوعا من تطييب الخاطر وإراحة النفس لأسماء فقط، بل كان توضيحاً للحقيقة وقطعاً لدابر الفتنة، فهم تركوا مكة فارين بدينهم إلى الحبشة، فكانت " هجرة" وهم أنفسهم انتقلوا من الحبشة إلى المدينة فهذه " هجرة".
وبدأ الاختبار الجدّي الآخر لأسماء. بعد أن عادت من الحبشة وحلّت في المدينة، فرح الرسول – عليه الصلاة والسلام_ بعودتهما وقد صاحب ذلك فتح خيبرفقال:-" لا أدري بأيهما أفرح؟ بفتح خيبر؟ أو بقدوم جعفر؟". فمضت أسماء إلى بيت النبوة، تزور زوجاته وبناته، ومضى جعفر مع الرسول- عليه الصلاة والسلام- يشهد معه كل المشاهد حتى جاء يوم الاختبار الفعلي لأسماء، يوم استشهاد زوجها جعفر في موقعة مؤتة، فقد بلغ الرسول- عليه الصلاة والسلام- خبر استشهاده، فحزن حزناً شديداً عليه، فقد كانت له معزّة خاصة ومكانة عالية عند الرسول- عليه الصلاة والسلام- وكان مؤازرا، مدافعاً له، وكان خير الناس للمساكين، حنون، عطوف عليهم، وفوق هذا كله فهو شبيه الرسول- عليه الصلاة والسلام- لذلك كان حزنه عليه كبيراً، حين ذهب عليه الصلاة والسلام إلى أسماء لكي يخبرها باستشهاد زوجها وقد روت الجليلة العفيفة أسماء عن نبأ وفاته. " أصبحت في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه، فأتاني رسول الله- صلى الله عليه وسلم_ ولقد هنأت( أي دبغت أربعين إهاباً من آدم) وعجنت عجيني، وأخذت بني فغسلت وجوههم ودهنتهم, فدخل عليّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال:- " يا أسماء: أين بنو جعفر؟". فجاءت بهم، فقبلهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وبكى فأحست أسماء بحدوث شيء لزوجها، فسألت النبي- عليه الصلاة والسلام- فقال لها:- " قتل جعفر اليوم" فقامت تصيح وتنحب، حتى اجتمع عليها الناس يهدئونها من روعها. فقال عليه الصلاة والسلام:-" يا أسماء لا تقولي هجراً ولا تضربي صدراً". وكان عليه الصلاة والسلام عندما يرى أسماء ويرى فيها الحزن البالغ وثورة البكاء العارمة، كان يطمئنها قائلاً: " يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب قد مر مع جبريل ومكائيل" فرد عليه السلام ثم قال صلوات الله عليه:" فعوضّه الله عن يديه جناحين يطير بهما حيث شاء.
وتمر الأيام والشهور وأسماء- رضي الله عنها- صابرة، مخلصة لذكرى زوجها، فكيف لا وقد كان الزوج والحبيب والرفيق، فظلت منكبة على تربية أولادها، تعلمهم، مبادئ الحق والتقوى، داعية إلى الله ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً. حتى تقدّم لها أبو بكر الصديق طالباً الزواج منها، فكان ذلك هدية من الله لأسماء الطاهرة العفيفة عن صبرها. فقبلت الزواج منه وانتقلت معه إلى بيت الزوجية، وكانت نعم الزوجة المخلصة، وكان هو مثال للزوج الصالح الذي تستمد منه نور الإيمان، وبقيت عنده إلى أيام خلافته، وأنجبت له ابنه " محمداً". وعندما أحس أبوبكرالصديق بدنو أجله، أوصى أسماء بتغسيله- رضي الله عنهما- وأوصاها إن كانت صائمة في ذلك اليوم أن تفطر، وهذا يدل على منتهى الحب والثقة التي كان يوليها لزوجته أسماء- رضي الله عنهما. وعندما حانت ساعة الموت، حزنت أسماء وهي تعجز عن النظر إليه، الذي كان يشع بالنور، فدمعت عيناها، وخشع قلبها فصبرت واحتسبت لله تعالى. فعندما قامت بتنفيذ الوصية الأولى بغسله، وقد أضناها الحزن العميق، نسيت الوصية الثانية، فقد كانت صائمة، فعندما غابت الشمس وحان موعد إفطارها، أخذت تسأل فهل تنفذ الوصية أم لا، فكان موقفا صعبا، أن وفاؤها لزوجها أبى عليها أن ترد عزيمة زوجها الراحل، رضي الله عنه، فدعت بماء وشربت..
أخذت أسماء على عاتقها الدعوة إلى الله وتربية أبنائها من جعفر وابنها محمد من أبي بكر ، تدعو الله أن يوفقهم، ويصلح الله بينهم. وبعد فترة وجيزة كان علي-كرم الله وجهه- ينتظر انتهاء عدتها، ليتقدم إليها، فهو رفيق رسول الله – صلى الله عليه وسلم-وصهره لابنته الراحلة فاطمة الزهراء، وشقيق جعفر الطيار زوجها السابق، فكان وفاء لأخيه الحبيب جعفر، ولصديقه أبو بكر الصديق- رضي الله عنهما.
تزوج علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- بأسماء بنت عميس، وعاشت معه، فكانت له صورة للمرأة المسلمة، والزوجة المؤمنة، وقد أنجبت له يحيى و عوناً، فكانت مثالاً لكل فتاة، ولكل زوجة وأم في كل زمان ومكان. كان علي- كرم الله وجهه- معجباً بها و بذكائها ورجاحة عقلها، فقد اختلف ولديها" محمد بن جعفر و محمد بن أبي بكر" فيما بينهما، وكل منهما يتفاخر بأبيه فقال كل منهما:-" أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك". وجعل علي- كرم الله وجهه- هذه المسألة لأسماء، فكان ذلك دلالة على أنه كان يريد منها أن تستخرج من فؤادها من الحب والوفاء، واختباراً لذكائها. فلم وقفت أسماء بين ولديها، قالت بكل ثقة ومن غير تردد:-" ما رأيت شاباً خيراً من جعفر ولا كهلا خيراً من أبي بكر". فسكت الولدان، وتصالحا فقال علي مداعباً:-" فما أبقيت لنا؟".
وهكذا كانت أسماء نموذجاً حياً لأخلاق القرآن والإسلام وأخذت تكبر في عين علي كرّم الله وجهه- حتى أصبح يردد في كل مكان " كذبتكم من النساء الخارقة، فما ثبتت منهن امرأة إلا أسماء بنت عميس".
وفاتها:
ظلت رضي الله عنها على مستوى المسؤولية التي وضعت لأجلها، زوجة لخليفة المسلمين، وكانت على قدر هذه المسؤولية لما كانت تمر عليها من الأحداث الجسام، حتى جاء على مسمعها مقتل ولدها محمد بن أبي بكر، فتلوت من الحزن والألم عليه، فعكفت في مصلاها، وحبست دمعها وحزنها، حتى شخب ثديها ( سال منها) دماً ونزفت، وتمر الأيام، والأحداث، حتى فجعت بمقتل زوجها الخليفة علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- فلم تعد قادرة على احتمال المصائب والأوجاع، حتى وقعت صريعة المرض، تتلوى من شدة الألم على فراق أزواجها الصحابة الطاهرين، وولدها محمد بن أبي بكر، وفاضت روحها إلى السماوات العلى، فرضي الله عنها.
ابو ضاري
09-02-2010, 09:44
سيدة نساء قريش
( خديجة بنت خويلد )
كان رسول اللَّه ( لا يخرج من البيت حتى يذكرها فيحسن الثناء عليها.
هى أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها- كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها وسيرتها، وكان أهل مكة يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة، فاختارت النبي ( ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعانى إليك دون أهل مكة ما بلغنى من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من غلامها ميسرة -الذى رافق النبي ( في رحلته إلى الشام -ما أكد لها صدق حدسها ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق الذهاب والعودة عن الغمامة التي كانت تظلل النبي ( حين يشتد الحر، وعن خُلق النبي ( وسلوكياته في التجارة، وأخبرها بأنه كان لا يعرض شيئًا عُنْوة على أحد، وأنه كان أمينًا في معاملاته، فأحبه تجَّار الشام وفضَّلوه على غيره. كل هذه الأخبار عن النبي ( جعلت السيدة خديجة - رضى اللَّه عنها - ترغب في الزواج من النبي(، فعرضت نفسها عليه، وبعثت إليه من يخبره برغبتها في الزواج منه، لما رأت فيه من جميل الخصال وسديد الأفعال.
وفكر رسول اللَّه ( في الأمر، فوجد التي تدعوه إلى الزواج امرأة ذات شرف وكفاءة، من أوسط قريش نسبًا، وأطهرهم قلبًا ويدًا، فلم يتردد.
وتزوج محمد الأمين ( (وعمره خمسة وعشرون عامًا) خديجة الطاهرة (وعمرها أربعون عامًا)، فولدت له أولاده كلهم - عدا إبراهيم - وهم: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة الزهراء، والقاسم، وعبد الله.
وكانت -رضى الله عنها- مثالا للوفاء والطاعة، تسعى إلى مرضاة زوجها، ولما رأت حبه ( لخادمها زيد بن حارثة وهبته له.
وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه ( كانت أول من آمن به. فقد جاءها الرسول ( يرتجف، ويقص عليها ما رأى في غار حراء، ويقول: "زمِّلونى زمِّلوني" أى غطُّوني. فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع، ثم أخبرها - رضى اللَّه عنها - بما رأى في الغار وبما سمع، حتى قال: "لقد خشيتُ على نفسي". فأجابته بلا تردد وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به من خوف وهلع، قائلة: "كلا واللَّه، ما يخزيك اللَّه أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُكْسِبُ المعدوم، وتَقْرِى الضَّيف، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري]. ثم سارعت إلى التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها الحكيم تثبيتًا لفؤاد النبي ( وتسرية عنه.
إنها لحكيمة لبيبة عاقلة، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر، وأن اللَّه لا يجزى عن الخير إلا الخير، ولا يجزى عن الإحسان إلا الإحسان، وأنه يزيد المهتدين هدي، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم، فقالت: أبشر يابن عم واثبت، فوالذى نفسى بيده، إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة.
ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه، فتوجهت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب -فقد تنصر في الجاهلية وترك عبادة الأصنام- فقصت عليه الخبر، فقال ورقة: قدوس قدُّوس، والذى نفس ورقة بيده، لئن كنت صدقْتينى يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتى موسى، وإنه لنبى هذه الأمة، فقولى له: فليثبت.
فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة عينها رسول اللَّه (، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه.
وكانت -رضى الله عنها- تهيئ للنبى ( الزاد والشراب ليقضى شهر رمضان في غار حراء، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه.
ولما دخل النبي ( والمسلمون شِعْبِ أبى طالب، وحاصرهم كفار قريش دخلت معهم السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وذاقت مرارة الجوع والحرمان، وهى صاحبة الثراء والنعيم.
فرضى اللَّه عن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، كانت نعم العون لرسول اللَّه ( منذ أول يوم في رحلة الدعوة الشاقة، آمنت به وصدقته، فكان إيمانها أول البشرى بصدق الدعوة وانتصار الدين. وثبتت إلى جواره وواسته بمالها، وحبها، وحكمتها، وكانت حصنًا له ولدعوته ولأصحابه الأولين، بإيمانها العميق، وعقلها الراجح، وحبها الفياض، وجاهها العريض، فوقفت بجانبه حتى اشتد ساعده، وازداد المسلمون، وانطلقت الدعوة إلى ما قدر اللَّه لها من نصر وظهور، وما هيأ لها من ذيوع وانتشار.. فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل على رسول اللَّه ( يقول: يا رسول اللَّه! هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنى وبشرها ببيت في الجنة من قصب (من لؤلؤ مجوَّف) لا صَخَب فيه ولانَصَب (لا ضجيج فيه ولا تعب) [متفق عليه]. ولا عجب إذا ما تفانى رسول اللَّه ( في حبها، إلى درجة يقول معها: "إنى لأحب حبيبها" [الدولابي].
وكان رسول الله ( ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صواحب خديجة" [الدولابى - عنه ابن حجر في الإصابة].
لقد كانت مثاًلا للزوجة الصالحة، وللأم الحانية، وللمسلمة الصادقة، وصدق رسول الله ( إذ يقول: "كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد" [متفق عليه]. وتُوفيت -رضى اللَّه عنها- في رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة، في نفس العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب: عام الحزن كما سماه رسول اللَّه (، حيث فقد فيه المعين والسند، إلا رب العالمين. ودفنت بالحجون، ونزل رسول اللَّه ( في حفرتها التي دفنت فيها، وكان موتها قبل أن تشرع صلاة الجنائز
ابو ضاري
10-02-2010, 09:14
الملكة المؤمنة
( آسيا بنت مزاحم )
نشأتْ ملكة فى القصور، واعتادتْ حياة الملوك، ورأَتْ بطش القوة، وجبروت السلطان، وطاعة الأتباع والرعية، غير أن الإيمان أضاء فؤادها، ونوَّر بصيرتها، فسئمتْ حياة الضلال، واستظلتْ بظلال الإيمان، ودعتْ ربها أن ينقذها من هذه الحياة، فاستجاب ربها دعاءها، وجعلها مثلا للذين آمنوا، فقال : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[التحريم: 11].
وقال رسول اللَّه (: "أفضل نساء أهل الجنة :خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم، وآسية" [أحمد].
إنها آسية بنت مزاحم -امرأة فرعون- التى كانت نموذجًا خلّده القرآن للمؤمنة الصادقة مع ربها، فهى عندما عرفت طريق الحق اتبعتْه دون خوف من الباطل، وظلم أهله، فلقد آمنت باللَّه إيمانًا لا يتزعزع ولايلين، ولم تفلح تهديدات فرعون ولا وعيده فى ثنيها عن إيمانها، أو إبعادها عن طريق الحق والهدي. لقد تاجرتْ مع اللَّه، فربحَتْ تجارتها، باعتْ الجاه والقصور والخدم، بثمن غال، ببيتٍ فى الجنة، وزواج الرسول ( فى الآخرة ونعم أجر المؤمنين.
وقد جاء ذكر السيدة آسية - رضى اللَّه عنها - فى قصة موسى - عليه السلام - حينما أوحى اللَّه إلى أُمِّه أن تُلْقيه فى صندوق، ثم تلقى بهذا الصندوق فى البحر، وفيه موسى، ويلْقِى به الموج نحو الشاطئ الذى يطلّ عليه قصر فرعون ؛ فأخذته الجواري، ودخلن به القصر، فلما رأت امرأة فرعون ذلك الطفل فى الصندوق؛ ألقى الله فى قلبها حبه، فأحبته حبَّا شديدًا.
وجاء فرعون ليقتله - كما كان يفعل مع سائر الأطفال الذين كانوا يولدون من بنى إسرائيل - فإذا بها تطلب منها أن يبقيه حيا؛ ليكون فيه العوض عن حرمانها من الولد. وهكذا مكن اللَّه لموسى أن يعيش فى بيت فرعون، قال تعالي: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِ ولا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ. وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص 7-9] .
وكانت السيدة آسية ذات فطرة سليمة، وعقل واعٍ، وقلب رحيم، فاستنكرت الجنون الذى يسيطر على عقل زوجها، ولم تصدق ما يدعيه من أنه إله وابن آلهة.
وحينما شَبَّ موسى وكبر، ورحل إلى "مدين"، فرارًا من بطش فرعون وجنوده ثم عاد إلى مصر مرة أخرى - بعد أن أرسله اللَّه - كانت امرأة فرعون من أول المؤمنين بدعوته . ولم يخْفَ على فرعون إيمان زوجته باللَّه، فجن جنونه، فكيف تؤمن زوجته التى تشاركه حياته، وتكفر به، فقام بتعذيبها حيث عَزَّ عليه أن تخرج زوجته على عقيدته، وتتبع عدوه، فأمر بإنزال أشد أنواع العذاب عليها؛ حتى تعود إلى ما كانت عليه، لكنها بقيت مؤمنة بالله، واستعذبت الآلام فى سبيل اللَّه .
وقد أمر فرعون جنوده أن يطرحوها على الأرض، ويربطوها بين أربعة أوتاد، وأخذت السياط تنهال على جسدها، وهى صابرة محتسبة على ما تجد من أليم العذاب، ثم أمر بوضع رحًى على صدرها، وأن تُلقى عليها صخرة عظيمة، لكنها دعتْ ربها أن ينجيها من فرعون وعمله .
فاستجاب اللَّه دعاءها، وارتفعت روحها إلى بارئها، تظلِّلُها الملائكة بأجنحتها؛ لتسكن فى الجنة، فقد آمنت بربها، وتحملت من أجل إيمانها كل أنواع العذاب، فاستحقت أن تكون من نساء الجنة الخالدات.
وصدق رسول اللَّه ( حين قال: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" [البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجة].
ابو ضاري
17-02-2010, 01:00
سليلة الأنبياء
(صفية بنت حيي)
نصر اللَّه المسلمين على اليهود في خيبر نصرًا كبيرًا، وكانت هي من بين السبايا، قال لها رسول اللَّه (: "لم يزل أبوك من أشدّ اليهود لى عداوة حتى قتله اللَّه تعالي.. يا صفية، إن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقى بقومك". فقالت: يا رسول اللَّه، إن اللَّه يقول في كتابه:(وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الزمر: 7 ]. وأنا قد هويتُ الإسلام وصدَّقْتُ بك قبل أن تدعونى حيث صِرْت إلى رَحْلِكْ، ومالى في اليهودية أرَبٌ، ومالى فيها والد ولا أخ، وخيّرتنى الكفر والإسلام، فاللَّه ورسوله أحبّ إلى من العتق وأن أرجع إلى قومي. [ابن سعد].
فلما همت صفية أن تركب البعير ثنى لها النبي( ركبته لتركب، فأجَلَّتْ رسولَ اللَّه ( أن تضع قدمها على فخذه ؛ فوضعت ركبتها على فخذه فركبت، ثم ركب النبي( فألقى عليها الحجاب، ثم سارا مع المسلمين حتى إذا كانا على بُعد ستة أميال من خيبر نُزُلاً مع الجيش منزلاً للراحة، فأراد النبي ( أن يُعرس بها فأبت صفية، فغضب النبي ( منها في نفسه، فلما كانا بالصهباء على بعد ستة عشر ميلا من خيبر طاوعته، فقال لها: "ما حملك على إبائك حين أردت المنزل الأول؟" قالت: يا رسول اللَّه خشيت عليك قرب اليهود. فأكرمها النبي ( على موقفها ذاك وخوفها عليه من اليهود. [ابن سعد].
تقول السيدة صفية -رضى اللَّه عنها-: دخل على رسول اللَّه ( وقد بلغنى عن عائشة وحفصة قولهما: نحن أكرم على رسول اللَّه ( منها، نحن أزواجه وبنات عمه، فذكرت له ذلك، فقال : "ألا قُلتِ: وكيف تكونان خيرًا مني؛ وزوجى مُحمد، وأبى هارون وعمى موسى" [الترمذي].
وتقول: جئت إلى رسول اللَّه ( أزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت معه ساعة، ثم قمت أنصرف، فقام النبي ( معى يودعني، حتى إذا بلغت باب المسجد، عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار، فسلما على رسول اللَّه فقال لهما النبي (: "على رِسلكما إنما هي صفية بنت حُـيَـي". فقالا: سبحان اللَّه يا رسول اللَّه! وكبر عليهما، فقال (: "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإنى خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا" [متفق عليه].
ولما كان رسول اللَّه ( في مرضه الذي تُوفى فيه، قالت السيدة صفية - رضى الله عنها -: واللَّه يا نبى اللَّه ! لوددت أن الذي بكَ بي. فغمزها أزواجه، فأبصرهن رسول اللَّه ( فقال: "مضمضن". قُلن: من أى شئ؟ قال: "من تغامزكن بها، واللَّه إنها لصادقة" [ابن سعد].
وكانت -رضى اللَّه عنها- سخية كريمة ؛ فقد أهدت إلى السيدة فاطمة الزهراء وبعض أمهات المؤمنين حلقات من ذهب، وتصدقت بثمن دارها قبل وفاتها.
ويروى أن جارية عندها أتت عمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنه- فقالت له: إن صفية تحب السبت وتصِل اليهود، فبعث إليها فسألها عن ذلك، فقالت: أما السبت فإنى لم أحبه فقد أبدلنى اللَّه خيرًا منه وهو الجمعة، وأما اليهود فإن لى فيهم رحمًا لذلك أصلها. ثم قالت للجارية: ما حملكِ على هذا؟ قالت الجارية: الشيطان. فقالت لها السيدة صفية: اذهبى فأنت حرة.[ابن عبد البر]
هذه هي أم المؤمنين السيدة: صفية بنت حُيى بن أخطب من ذرية نبى اللَّه هارون. كانت أمها: برة بنت سَمَوأل من بنى قريظة، تزوجت النبي ( وهى في السابعة عشر من عمرها؛ إلا أنها رغم صغر سنها؛ تزوجت قبل ذلك مرتين؛ الأولى من سلام بن مشكم القرظى فارس قومها وشاعرهم، والثانية من كنانة بن الربيع صاحب حصن القوص؛ أقوى حصن من حصون خيبر.
وتحكى صفية أنها لما تزوجت النبي( رأى بوجهها أثر خُضرة قريبًا من عينها، فقال لها النبي(: "ما هذا؟".
قالت: يا رسول اللَّه. رأيت في المنام كأن قمرًا أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لزوجى كنانة فضرب وجهى ولطمنى لطمًا شديدًا، وقال: أتحبين أن تكونى تحت هذا الملك الذي يأتى من المدينة (يقصد رسول اللَّه (). [ابن سعد].
وقد وقفت السيدة صفية بجانب الحق حين تعرض أمير المؤمنين عثمان بن عفان للحصار في منزله ؛ فوضعت خشبًا من منزلها إلى منزل عثمان تنقل عليه الماء والطعام له.
توفيت - رضى الله عنها - في رمضان سنة 50 من الهجرة - في خلافة معاوية بن أبى سفيان- ودفنت بالبقيع بجوار أمهات المؤمنين، رضوان اللَّه عليهن أجمعين.
ابو ضاري
22-02-2010, 00:16
صاحبة سر رسول الله
( حفصة بنت عمر )
لما فرغ زيد بن ثابت -رضى اللَّه عنه- من جمع القرآن بأمر من أبى بكر- رضى اللَّه عنه-، كانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبى بكر، حتى توفاه اللَّه، ثم عند عمر حتى توفاه اللَّه، ثم عند حفصة بنت عمر -رضى اللَّه عنها - ثم أخذها عثمان -رضى اللَّه عنه- فنسخها، ثم ردها إليها فكانت في حوزتها إلى أن ماتت.
وُلدت السيدة حفصة قبل بعثة النبي ( بخمس سنين، في بيت شريف كريم، فأبوها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- وأمها السيدة زينب بنت مظعون بن حبيب.
أسلمتْ حفصة مبكرًا هي وزوجها خُنيس بن حذافة السهمى القرشي، وهاجرت معه إلى الحبشة فرارًا بدينهما، ثم إلى المدينة بعد أن بدأت الدعوة في الانتشار، وشهد زوجها بدرًا، ومات في غزوة أحد بعد جرح أصابه، وترك حفصة شابة لم تتجاوز عامها الحادى والعشرين . وبعد أن انقضت عدتها ذكرها عمر عند عثمان بن عفان، ثم أبى بكر، فلم يردا عليه بالقبول، فجاء عمر إلى النبي ( يشكو إليه إعراض أبى بكر وعثمان عن ابنته حفصة، فقال(: "يتزوج حفصةَ من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمانُ من هي خيرٌ من حفصة" . ثم خطبها الرسول ( من عمر، فتزوجها فلقى أبوبكر عمر بن الخطاب، فقال له: لا تجد (لا تغضب) على في نفسك ؛ فإن رسول اللَّه( كان قد ذكر حفصة، فلم أكن لأفشى سرَّ رسول اللَّه(، ولو تركها لتزوجتها. [ابن سعد].
وبنى بها النبي ( في شعبان من السنة الثالثة للهجرة، وكان زواج النبي ( من حفصة ؛ إكرامًا لها ولأبيها وحُبّا فيهما، وذات يوم قالت امرأة عمر له: عجبًا يا بن الخطاب ! ما تريد إلا أن تجادل وابنتك تجادل رسول اللَّه ( حتى يظل يومه غضبان، فذهب عمر ابن الخطاب من فوره إلى حفصة غضبان يقول لها: يا بنيتى إنى أحذرك عقوبة اللَّه وغضب رسوله. كانت السيدة حفصة -رضى اللَّه عنها- عابدة خاشعة، تقوم الليل، وتصوم النهار، لذا كرمها اللَّه تعالى بفضله وجعلها من نساء النبي ( في الجنة.
وشهدت حفصة-رضى اللَّه عنها- انتصارات الإسلام واتساع دولته، وروت 60 حديثًا عن رسول الله (.
توفيت حين بويع الحسن بن على -رضى اللَّه عنهما- وذلك في جمادى الأولى سنة 41 للهجرة، وقيل توفيت سنة 45هـ.
سُمِّيت بأم المساكين لرحمتها بهم وِرّقتها عليهم ؛ فكانت تطعمهم وتكسوهم، وتقضى حوائجهم، وتقوم على أمرهم.
تزوجها النبي ( في السنة الثالثة للهجرة، بعد زواجه من السيدة حفصة - رضى اللَّه عنها - بوقت قصير، وذلك بعد أن استشهد زوجها عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب - ابن عم رسول اللَّه - إثر جرح أصابه يوم بدر، وتركها بلا عائل؛ فرحم النبي ( وحدتها، وتقدم إليها يخطبها، فجعلت أمرها إليه؛ فتزوجها (.
ذكر المفسرون في قوله تعالي: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) [الأحزاب: 50]. أنها من بين الواهبات أنفسهن للنبى (، ورسول اللَّه ( لم يتزوج واحدة من أولئك اللائى وهبن أنفسهن، فإن صح الخبر، تكون أم المساكين -رضى اللَّه عنها- قد أعلنت عن رغبتها في أن تكون زوجة له، فاستجاب الرسول ( لرغبتها وتزوجها.
إنها السيدة زينب بنت خزيمة -رضى الله عنها- التي أكرمها اللَّه عز وجل بالزواج من رسوله (، وجعلها في كنفه وإلى جواره، وكفى بها كرامة.
وكانت السيدة زينب -رضى اللَّه عنها- أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث -رضى اللَّه عنها- من أمها، وقد تزوج النبي ( السيدة ميمونة سنة سبع من الهجرة لما اعتمر عمرة القضاء، وذلك بعد وفاة أختها السيدة زينب -رضى الله عنها، وهى في الثلاثين من عمرها.
عاشت السيدة زينب في بيت النبي ( نحو ثلاثة أشهر، ثم ماتت، ولحقت بالسيدة خديجة بنت خويلد لتكون ثانى زوجات النبي ( موتًا في حياته - ولم يمت في حياته ( غيرهما - فقام النبي ( على أمر جنازتها، وصلى عليها، ودفنها في البقيع، فكانت أول زوجة من زوجاته ( تدفن في هذا المكان المبارك.
ليلى بنت عبدالعزيز
22-02-2010, 23:55
متابعه
جزاكم الله خير اخ ابوضاري واختنا شام
ابو ضاري
24-02-2010, 16:04
صاحبة الأمنية
(ميمونة بنت الحارث)
كانت آخر من تزوج الرسول (، وعرفت بالعبادة واشتهرت بالزهد، قالت عنها أم المؤمنين السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها-: "إنها كانت من أتقانا للَّه وأوصلنا للرحم" [الحاكم وابن سعد].
جاهدت في سبيل اللَّه واشتركت في معركة تبوك تنقل إلى المجاهدين الماء والزاد، وتسعف الجرحى، وتداوى المرضي، وتضمد جراحهم، وقد أصابها يومئذٍ سهم من سهام الكفار، لكن عناية اللَّه حفظتها.
إنها أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية، إحدى الأخوات الأربع اللائى سماهن نبى اللَّه ( الأخوات المؤمنات، وهن: أم الفضل زوج العباس عم النبي (، وأسماء بنت عُمَيْس زوج جعفر بن أبى طالب، وسَـلْمَى بنت عُميس زوج حمزة بن عبد المطلب عم النبي (، وميمونة بنت الحارث زوج النبي (. وكانت أمهن هند بنت عوف أكرم عجوز في الأرض أصهارًا، فقد تزوج النبي ( ابنتيها: زينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث.
وقد تزوجت السيدة ميمونة -رضى الله عنها- مرتين قبل زواجها بالنبى (، فقد تزوجها مسعود بن عمرو بن عمر الثقفي، فلما توفى تزوجها أبو رهم بن عبد العزى بن أبى قيس، ولما توفى كانت زوجًا لرسول الله (.
وكانت السيدة ميمونة -رضى الله عنها- تعرف باسم "بَرَّة" فسماها النبي ( ميمونة، لأنه تزوجها في يوم مبارك -يوم عمرة القضـاء-، وكان عـمرها حينــئـذ ستّـا وعشرين سنـة. [الحاكم وابن سعد].
وكانت -رضى الله عنها- مؤمنة تحب الله ورسوله، وتتمنى أن تنال شرف الزواج برسول الله (، وتكون أمَّا للمؤمنين.
وفى السنة السابعة للهجرة -وبعد صلح الحديبية- كانت عمرة القضاء، فقد جاء النبي ومعه المسلمون لأداء العمرة في العام السابق فمنعهم المشركون، فوقَّعوا صلحًا، على أن يعودوا لأداء العمرة في العام المقبل، وأن تكون مدة العمرة ثلاثة أيام، ولما جاءوا لأداء العمرة -فى السنة السابعة من الهجرة المباركة- أخذت ميمونة تحدث شقيقتها أم الفضل -رضى الله عنها- عن أمنيتها في أن تكون زوجًا للنبى وأمَّا للمؤمنين، فاستبشرت أم الفضل خيرًا وحدّثت زوجها العباس عم النبي ( بذلك ،فذكرها العباسُ للنبى (، فوافق على زواجه منها، فكان ذلك إعزازًا وتقديرًا وشرفًا لها، وتعويضًا لها عن فقد عائلها، فأصدقها النبي ( أربعمائة درهم، وكان قد بعث ابن عمه جعفرًا -زوج أختها أسماء- يخطبها، فلما جاءها الخاطب بالبشرى - وكانت على بعير- قالت: البعير وماعليه لرسول اللَّه، وجعلت العباس وليها في أمر الزواج.
وفى رواية أن ميمونة هي التي وهبت نفسها لرسول اللَّه ( فأنزل اللَّه تعالي: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)[الأحزاب: 50].
ولما قاربت مدة العمرة التي اتفقوا عليها -الأيام الثلاثة- طلب النبي ( من مشركى مكة أن يمهلوه وقتًا حتى يتم الزواج بميمونة، فقال لهم: "ما عليكم لو تركتمونى فأعرست بين أظهركم، وصنعنا لكم طعامًا فحضرتموه" [ابن سعد وابن عبد البر]. فرفضوا، ومع إيمان الرسول ( بنصر اللَّه إلا أنه أبى إلا أن يفى بوعده معهم، وخرج ( حتى اقترب من مكان يسمى سَرف يبعد عن مكة بعشرة أميال، فأتمّ زواجه من ميمونة، وكان ذلك في شهر ذى القعدة سنة سبع من الهجرة.
عاشت ميمونة -بعد ذلك- مع النبي ( تحيا بين جنبات القرآن، وروت -رضى اللَّه عنها- ثلاثة عشر حديثًا.
ولما حانت منيتها في عام الحرة سنة ثلاث وستين، وكانت بمكة، وليس عندها أحد من بنى أخيها، قالت: أخرجونى من مكة، فإنى لا أموت بها، إن رسول اللَّه ( أَخْبَرَنى أنى لا أموت بمكة فحملوها حتى أتوا بها (سرف) - عند الشجرة التي بنى بها رسول اللَّه فتوفيت هناك، وعمرها حينئذ 81 سنة، وحضر جنازتها ابن عباس -رضى اللَّه عنهما- وغيره من الصحابة.
ابو ضاري
27-02-2010, 17:42
زوجة الفراسة والحياء
( زوجة موسى )
يقول ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة ؛ صاحب يوسف حين قال لامرأته: (أَكْرِمِى مَثْوَاهُ) [يوسف:21]، وصاحبة موسى حين قالت: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) [القصص: 26]، وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب.
ولكن ما الذى أخرج موسى من مصر إلى أرض مدين فى جنوب فلسطين؛ ليتزوج من ابنة الرجل الصالح، ويرعى له الغنم عشر سنين ؟!
كان موسى يعيش فى مصر، وبينما هو يسير فى طريقه رأى رجلين يقتتلان؛ أحدهما من قومه "بنى إسرائيل"، والآخر من آل فرعون. وكان المصرى يريد أن يسخِّر الإسرائيلى فى أداء بعض الأعمال، واستغاث الإسرائيلى بموسى، فما كان منه إلا أن دفع المصرى بيده فمات على الفور، قال تعالي: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِين)[القصص: 15].
وفى اليوم التالى تشاجر اليهودى مع رجل آخر فاستغاث بموسى -عليه السلام- مرة ثانية فقال له موسى: إنك لَغَوِى مُبين؛ فخاف الرجل وباح بالسِّرِّ عندما قال: أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسًا بالأمس، فعلم فرعون وجنوده بخبر قتل موسى للرجل، فجاء رجل من أقصى المدينة يحذر موسى، فأسرع بالخروج من مصر، وهو يستغفر ربه قائلاً: (رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [القصص :16].
وخرج موسى من مصر، وظل ينتقل حتى وصل إلى أرض مَدْين فى جنوب فلسطين، وجلس موسى -عليه السلام- بالقرب من بئر، ولكنه رأى منظرًا لم يعجبه؛ حيث وجد الرعاة يسقون ماشيتهم من تلك البئر، وعلى مقربة منهم تقف امرأتان تمنعان غنمهما عن ورود الماء؛ استحياءً من مزاحمة الرجال، فأثر هذا المنظر فى نفس موسى؛ إذ كان الأولى أن تسقى المرأتان أغنامهما أولاً، وأن يفسح لهما الرجال ويعينوهما، فذهب موسى إليهما وسألهما عن أمرهما، فأخبرتاه بأنهما لا تستطيعان السقى إلا بعد أن ينتهى الرجال من سقى ماشيتهم، وأبوهما شيخ كبير لا يستطيع القيام بهذا الأمر، فتقدم ليسقى لهما كما ينبغى أن يفعل الرجال ذوو الشهامة، فزاحم الرجال وسقى لهما، ثم اتجه نحو شجرة فاستظل بظلها، وأخذ يناجى ربه: (رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) [القصص: 24].
وعادت الفتاتان إلى أبيهما، فتعجب من عودتهما سريعًا. وكان من عادتهما أن تمكثا وقتًا طويلا حتى تسقيا الأغنام، فسألهما عن السبب فى ذلك، فأخبرتاه بقصة الرجل القوى الذى سقى لهما، وأدى لهما معروفًا دون أن يعرفهما، أو يطلب أجرًا مقابل خدمته، وإنما فعل ذلك مروءة منه وفضلا.
وهنا يطلب الأب من إحدى ابنتيه أن تذهب لتدعوه، فجاءت إليه إحدى الفتاتين تمشى على استحياء، لتبلغه دعوة أبيها: (إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) [القصص: 25]. واستجاب موسى للدعوة، فلما وصل إلى الشيخ وقصّ عليه قصته، طمأنه الشيخ بقوله: (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[القصص: 25].
وعندئذ سارعت إحدى الفتاتين -بما لها من فراسة وفطرة سليمة، فأشارت على أبيها بما تراه صالحًا لهم ولموسى -عليه السلام-: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأَمِين)[القصص: 26]. فهى وأختها تعانيان من رعى الغنم، وتريد أن تكون امرأة مستورة، لا تحتكّ بالرجال الغرباء فى المرعى والمسقي، فالمرأة العفيفة الروح لا تستريح لمزاحمة الرجال. وموسى فتى لديه من القوة والأمانة ما يؤهله للقيام بهذه المهمة، والفتاة تعرض رأيها بكل وضوح، ولا تخشى شيئًا، فهى بريئة النفس، لطيفة الحسّ.
ويقتنع الشيخ الكبير لما ساقته ابنته من مبررات بأن موسى جدير بالعمل عنده ومصاهرته، فقال له: (إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِى حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[القصص :27-28].
ولـمَّا وَفَّى موسى الأجل وعمل فى خدمة صِهْرِه عشر سنين، أراد أن يرحل إلى مصر، فوافق الشيخ ودعا له بالخير، فخرج ومعه امرأته وما أعطاه الشيخ من الأغنام، فسار موسى من مدين إلى مصر.
وهكذا كانت زوجة موسى - رضى اللَّه عنها - نموذجًا للمؤمنة، ذات الفراسة والحياء، وكانت قدوة فى الاهتمام باختيار الزوج الأمين العفيف.
ابو ضاري
07-03-2010, 09:13
ثانية النورين
(أم كلثوم بنت النبي()
"يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة" [ابن سعد].
فمَـنْ تكـون أفضل من حفـصة أم المؤمنين؟
جاء عثمان بن عفان - رضى اللَّه عنه - إلى بيت النبي ( ليلتمس المواساة في زوجته رقية - رضى اللَّه عنها - بعد وفاتها، وجاء عمر بن الخطاب - رضى اللَّه عنه - يشكو للنبى ( أبا بكر، وعثمان حين عرض عليهما ابنته حفصة، بعد أن مات زوجها خُنيس بن حذافة السهمى -رضى اللَّه عنه- فقال له النبي (: "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة". وقد صدقت بشراه ( حيث تزوج هو من حفصة، وتزوج عثمان من أم كلثوم بنت النبي(.
ودخلت أم عياش -خادمة النبي ( إلى السيدة أم كلثوم تدعوها للقاء النبي ( لأخذ رأيها في أمر الزواج من عثمان ؛ فلما أطرقت صامتة حياءً من النبي (، عرف أنها ترى ما يراه ؛ فقال النبي ( لعثمان: "أزوجك أم كلثوم أُخت رقية، ولوكُنّ عشرًا لزوجتكهن" [ابن سعد]. فنال عثمان بن عفان بذلك الشرف لقب ذى النورين ؛ لزواجه من ابنتى رسول اللَّه (، فكلتاهما نور بحق، وظلت أم كلثوم في بيت عثمان زوجة له لمدة ست سنوات لا يفارقها طيف أختها رقية.
ولدت السيدة أم كلثوم قبل بعثة النبي (، وشهدت ازدهار الإسلام وانتصاره على الكفر والشرك، وجاهدت مع باقى أسرتها، فشاركت أباها ( وأمها خديجة جهادهما، وعانت معهما وطأة الحصار الذي فرضه الكفار والمشركون على المسلمين في شِعْب أبى طالب، ثم هاجرت إلى المدينة المنورة مع أختها فاطمة بعد أن أرسل النبي ( إليهن زيد بن حارثة ليصحبهن.
وشهدت فرحة انتصار المسلمين في بدر، وقد تشابهت ظروف أم كلثوم وأختها رقية -رضى اللَّه عنهما- حيث نشأتا سويّا في بيت النبوة، وخُطبا لشقيقين هما عتبة وعتيبة من أبناء أبى لهب وزوجته أم جميل، ولكن اللَّه أنقذهما وأكرمهما، فلم يبنيا بهما، وحرم ولدا أبى لهب من شرف زواجهما.
وفى السنة التاسعة من الهجرة، توفيت أم كلثوم دون أن تنجب؛ فأرخى النبي ( رأسها الشريف بجانب ما بقى من رفات أختها رقية في قبر واحد، مودعًا إياها بدموعه.
قدمت مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية في سنة 7 من الهجرة. وذكر أن اسمها مارية بنت شمعون القطبية، بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسولr وبين المشركين في مكة، بدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام ، وكتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتبا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، واهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فاختار من أصحابه من لهم معرفة و خبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس، المقوقس ملك مصر و النجاشي ملك الحبشة. تلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوا رداً جميلا، ما عدا كسرى .ملك فارس، الذي مزق الكتاب.
لما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته. فأخذ حاطب كتاب الرسول r إلى مصر وبعد ان دخل على المقوقس الذي رحب به. واخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له " يا هذا، إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه".
واُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: " إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء و الأخبار بالنجوى وسأنظر"
أخذ المقوقس كتاب النبي r وختم عليه، وكتب إلى النبي r :
" بسم الله الرحمن الرحيم
لمحمد بن عبدالله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد
فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي،
وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما
مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك".
وكانت الهدية جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين. وفي طريق عودت حاطب إلى المدينة، عرض على ماريه وأختها الإسلام ورغبهما فيه، فأكرمهما الله بالإسلام.
وفي المدينة، أختار الرسول r مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعره الكبير حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه. كانت ماريه رضي الله عنها بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة رضي الله عنها، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الله e بها. وقالت عائشة رضي الله عنها:" ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة-أو دعجة- فأعجب بها رسول الله e وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا" .
ولادة مارية لإبراهيم
وبعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمره وفقد أولاده ما عدا فاطمـة الزهراء رضوان الله عليها. ولدت مـارية في "شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة"، طفلاً جميلاً يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد سماه إبراهيم، " تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام" وبهذه الولادة أصبحت مـارية حرة .
وعاش إبراهيم ابن الرسول e سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الله r ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، " وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة"، وحزنت مارية حزناً شديداً على موت إبراهيم.
مكانة مارية في القرآن الكريم:
لمـارية رضي الله عنها شأن كبير في الآيات المباركة وفي أحداث السيرة النبوية. "أنزل الله عز وجل صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم". وقد توفي الرسول عنها r وهو راض عن مـارية، التي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر، وعدت من أهله، وكانت مـارية شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول صلى الله علية وسلم، كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها.
وفاة مارية
عاشت مـارية ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في السنة السادسة عشر من محرم. دعا عمر الناس وجمعهم للصلاة عليها . فاجتمع عدد كبير من الصحابة من الهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مـارية القبطية، وصلى عليها سيدنا عمر رضي الله عنه في البقيع، ودفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي، وإلى جانب ابنها إبراهيم. اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الشهيدة الحية السيدة
ام ورقة بنت نوفل
ام ورقة بنت عبد الله بنت الحارثبتبنت عويمربن نوفل الانصارية
واليكم قصتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا رسول اللَّه ائذن لى فى الغزو معك، أُمَرِّضُ مرضاكم؛ لعل اللَّه أن يرزقنى شهادة. فقال لها (: "قرى فى بيتك، فإن الله تعالى يرزقك الشهادة" [أبو داود]
وتلك نبوءة نبَّأ بها رسولَ اللَه ( العليمُ الخبير، فعُرفت بعد ذلك رضى اللَّه عنها بالشهيدة.
أسلمت وحسن إسلامها، وكانت تحافظ على الصلاة، ودروس العلم، وحفظ القرآن الكريم، وتحرص على جمع آياته، وكان يقصدها فى زياراته لبيوت الأنصار، ويطمئن على صحتها وحالها. ورغم ما يُروى عن ثراء بيتها إلا أنها كانت تفيض حبَّا للناس وتواضعًاوما إن أمرها النبي ( بأن تظل فى بيتها -حين سألته الخروج للجهاد- حتى بادرت بالطاعة وحسن الاستماع لكلامه.
وقد اشتهرت أم ورقة بالعبادة والزهد وتلاوة القرآن، وكانت قد استأذنت النبي ( أن تتخذ فى دارها مؤذنًا، فأذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها وتصلى بهم، فكانت تؤمّ المؤمنات المهاجرات [أبو داود]، وكان ( حين يريد أن يزورها يقول لأصحابه -رضى اللَّه عنهم-: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة" [ابن عبد البر فى الاستيعاب]
كانت مرجعًا أمينًا، عاد إليه الخليفة أبو بكر الصديق عند جمعه القرآن الكريم من البيوت وصدور الحفظة
ولما كان رسول اللَّه ( لا ينطق عن الهوى، فكان لابد من وقوع ما أُخبر به، ففى خلافة الفاروق عمر -رضى الله عنه- كان لدى أم ورقة جارية وغلام يقومان بخدمتها، فأحسنت إليهما، غير أنه لم يكن منهما سوى الغدر والخيانة؛ فقاما فى الليل فقتلاها ثم هَرَبَا. فلما أصبح عمر قال: واللَّه ما سمعت قراءة خالتى أم ورقة البارحة، فدخل الدار فلم ير شيئًا، فدخل البيت (مكان الصلاة)، فإذا هي ملفوفة فى جانب البيت فأرسل فى طلب العبدين الهاربين، فَصُلِبَا فى المدينة على ما ارتكباه من الإثم، فكانا أول مصلوبين فى المدينة. فكان عمر بن الخطاب يقول: صدق رسول اللَّه ( حين قال: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة" [ابن عبد البر]
جزاكم الله كل خير ، جهد مبارك بأذن الله
راقيه الجزائريه
22-03-2010, 15:59
جزاكم الله خيرا اخ ابوضاري
واختي الغاليه شام
ابو ضاري
27-03-2010, 23:04
الزوجة الوفية
( زوجة أيوب )
زوجة صابرة أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة.
إنها زوجة نبى اللَّه أيوب - عليه السلام - الذى ضُرب به المثل فى الصبر الجميل، وقُوَّة الإرادة، واللجوء إلى اللَّه، والارتكان إلى جنابه.
وكان أيوب - عليه السلام - مؤمنًا قانتًا ساجدًا عابدًا لله، بسط اللَّه له فى رزقه، ومدّ له فى ماله، فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران، وأرض عريضة، وحقول خصيبة ،وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته، ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب -عليه السلام- بماله، بل كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين .
وأراد اللَّه أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل به البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه ؛ حيث احترق الزرع وماتت الأنعام، ولم يبق لأيوب شيء يلوذ به ويحتمى فيه غير إعانة الله له، فصبر واحتسب، ولسان حاله يقول فى إيمان ويقين : عارية اللَّه قد استردها، ووديعة كانت عندنا فأخذها، نَعِمْنَا بها دهرًا، فالحمد لله على ما أنعم، وَسَلَبنا إياها اليوم، فله الحمد معطيا وسالبًا، راضيا وساخطًا، نافعًا وضارا، هو مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء . ثم يخرُّ أيوب ساجدًا لله رب العالمين .
ونزل الابتلاء الثاني، فمات أولاده، فحمد اللَّه -أيضًا- وخَرّ ساجدًا لله، ثم نزل الابتلاء الثالث بأيوب -فاعتلت صحته، وذهبت عافيته، وأنهكه المرض، لكنه على الرغم من ذلك ما ازداد إلا إيمانًا، وكلما ازداد عليه المرض؛ ازداد شكره لله.
وتمر الأعوام على أيوب - عليه السلام - وهو لا يزال مريضًا، فقد هزل جسمه، ووهن عظمه، وأصبح ضامر الجسم، شاحب اللون، لا يقِرُّ على فراشه من الألم. وازداد ألمه حينما بَعُدَ عنه الصديق، وفَرَّ منه الحبيب، ولم يقف بجواره إلا زوجته العطوف تلك المرأة الرحيمة الصالحة التى لم تفارق زوجها، أو تطلب طلاقها، بل كانت نعم الزوجة الصابرة المعينة لزوجها، فأظهرت له من الحنان ما وسع قلبها، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تشتكِ من هموم آلامه، ولا من مخاوف فراقه وموته. وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة؛ لتطعمه وتقوم على أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .
ومع أن الشيطان كان يوسوس لها دائمًا بقوله : لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب، ولم يرتكب ذنبًا أو خطيئة؟ فكانت تدفع عنها وساوس الشيطان وتطلب من الله أن يعينها، وظلت فى خدمة زوجها أيام المرض سبع سنين، حتى طلبت منه أن يدعو اللَّه بالشفاء، فقال لها: كم مكثت فى الرخاء؟ فقالت: ثمانين . فسألها: كم لبثتُ فى البلاء؟ فأجابت: سبع سنين .
قال: أستحى أن أطلب من اللَّه رفع بلائي، وما قضيتُ منِه مدة رخائي. ثم أقسم أيوب - حينما شعر بوسوسة الشيطان لها - أن يضربها مائة سوط، إذا شفاه اللَّه، ثم دعا أيوب ربه أن يكفيه بأس الشيطان، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) [ص : 41].
فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله، فتفجر له نبع ماء، فشرب منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه، وذهب عنه المرض، قال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ. وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب)[ص:41-43] .
ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ حزمة بها مائة عود من القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛ ليبرّ قسمه، جزاء له ولزوجه على صبرهما على ابتلاء اللَّه (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص: 44]
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir