محمدالمهوس
22-01-2010, 06:57
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي حرم الظلم على نفسه ، وجعله بين عباده محرما ، ناصر المظلوم ، لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء .
أحمده حمدا يليق بكريم وجهه ، وبعظيم سلطانه ، أنزل القرآن ، وبين الحلال من الحرام ، وجعله : لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد أيها الناس :
اتقوا الله تعالى ، فتقوى الله وصية ربكم لكم ولمن كان قبلكم : وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ
عباد الله :
الأب في لحظاته الأخيرة ، ليودع هذه الحياة ، تتعاقب عليه سكرات الموت ، في حال إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة ، وابنته عند رأسه ، بلغت من العمر فوق الأربعين ، ينظر إليها بطرف عينه ، فلانة ! فتجيبه : نعم ! فيقول : أحليني يا ابنتي ! فتنزل دمعتها على خدها ، وتتردد الحسرة في صدرها ؛ وتقول بصوت خافت : لا أحلك أبدا ، حرمتني الزواج حرمك الله الجنة .
كيف أحلك ، وأنت السبب في حسرتي وندامتي ، كيف أحلك ، وأنت السبب في شقائي وتعاستي ! حرمتني حقي في الحياة ، لم أضع طفلا على صدري ، لم استأنس ببكاء صبي في حضني ، ليس لي زوج ألاعبه ويلاعبني ، أحبه ويحبني ، فاذهب واللقاء يوم القيامة ، بين يدي عدل لا يظلم ، وحكم لا يهضم ، لن أترحم عليك ، ولن أرضى عنك حتى نلتقي بين يدي الحاكم العليم .
نعم عباد الله : إنها قصة فتاة أمثالها في المجتمع كثير ، فكم من فتاة تتمنى موت والدها ، وكم من فتاة تتمنى أن لو نشأة يتيمة لا ولي لها ، وكم من فتاة تدعي الليل والنهار على أهلها ، والسبب منعها من الزواج ! لأن الزواج ـ أيها الأخوة ـ ضرورة ، وخاصة للمرأة ، فالله تعالى فطر المرأة لتكون أماً ، فطرها لتكون زوجة ، ولن يتحقق لها ذلك إلا بالزواج ، وجود المرأة مع زوج لها ، لا يعوضه شيء في الدنيا ، والله ، لا تعوضه وظيفة ، ولا تعوضه أرصدة ، ولا تعوضه شهادات ولا غير ذلك
تقول إحداهن ، وقد بلغت من العلم والشهادة والمنصب مبلغا كبيرا ، دكتورات في الطب ، ولكنها لم تتزوج ! فتقول : خذوا شهاداتي ، خذوا مالي ، وأعطوني زوجا ، عيادتي ؛ زنزانتي ومدفني ، معطفي لباس حدادي ، سماعتي في عنقي ، حبل مشنقتي ، خذوا كل ذلك وأسمعوني كلمة : ماما :
لقد كنت أرجوا أن يقال طبيبة
فقد قيل فما نالني من مقالها
فقل للتي كانت ترى في قدوة
هي اليوم بين الناس يرثى لحالها
وكل مناها بعض طفل تضمه
فهل ممكن أن تشتريه بمالها
فلا شيء يعوض المرأة عن زوجها ، الفتاة قد يحبها والدها ، ولكن حبه لها ليس كحب زوجها ، وقد يرحمها أخوها ويعطف عليها ، ولكن ليس كعطف ورحمة زوجها .
أيها الأخوة :
فمن الظلم ـ والله ـ أن تمنع الفتاة من الزواج ، أو يؤخر زواجها دون مبرر شرعي ، يقول تعالى : وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ يقول ابن عباس رضي الله عنه : رغبهم الله في التزويج ، وأمر به الأحرار والعبيد ، ووعدهم عليه الغنى . فتأخير زواج الفتاة دون مبرر شرعي ظلم ، بل هو العضل المحرم الذي حذر الله تعالى منه ، فقال تعالى : فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وقال تعالى : وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ العضل عادة جاهلية وما زالت عند كثير من الناس ، وصدق صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه ، الذي رواه الإمام مسلم ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : (( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن )) وذكر من الأربع : (( الفخر بالأحساب ، والطعن بالأنساب )) الفخر بالأحساب : الافتخار بمفاخر الآباء ، والطعن بالأنساب : إدخال العيب في أنساب الناس من باب التحقير والإهانة ، وهذه من أبرز أسباب عضل النساء في وقتنا الحاضر . بعضهم لو جلست ابنته عانسا حتى الموت ، ولا يزوجها لهذا السبب الجاهلي .
أيها الأخوة المؤمنون :
لقد أدرك العقلاء أهمية تزويج بناتهم ، فعرض الشيخ الكبير إحدى ابنتيه على موسى ـ عليه السلام ـ كما في قوله تعالى : قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ وعرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصة على أبي بكر ثم على عثمان ـ رضي الله عنهم ـ وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، فاتقوا الله عباد الله ، وارجعوا إلى الدين الحق والإسلام الصحيح ، وانبذوا عادات الجاهلية ، واحذروا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة ، وللمظلوم دعوة مستجابة وكما قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ـ أي زوجوه ـ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) . اسأل الله لي ولكم علما نافعا وعملا خالصا وسلامة دائمة إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أيها المسلمون :
إن ظاهرة تأخير الزواج ، ظاهرة سيئة ، بل ومخالفة لما جاء به الدين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح : (( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )) . ففي هذا الحديث ، يحث صلى الله عليه وسلم على المبادرة بالزواج ، ويحذر من تأخيره ، ويشير فيه صلى الله عليه وسلم بأنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، فمن استطاع الباءة وحرم من الزواج فإنه على خطر عظيم ، ومعرض لعدم غض البصر ولعدم إحصان الفرج ، نسأل الله السلامة والعافية ، بل قد يحدث الفساد الكبير الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق : (( إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) . وقد صدق صلى الله عليه وسلم ، تأملوا ـ أيها الأخوة ـ مجتمعنا في الماضي ، حيث كان الناس يتزوجون ويزوجون في سن مبكرة ، تجدون العفاف والصلاح والتقى والالتزام والتكاثر ، وعدم الشذوذ ، وقلة المسافرين ، أما الآن ، فهاهي الثمار المرة بين أيديكم ، امتلأت البيوت من العوانس ، واكتظت السجون ، وكثر القصاص ، وتنوعت الأمراض النفسية ، وعق الوالدين وخاصة الآباء ، وقطعت الأرحام ، وأي شيء أعظم من : حرمك الله الجنة كما حرمتني الزواج .
فاتقوا الله عباد الله ، وبادروا بتزويج فتياتكم ، واحذروا الأسباب الواهية ، فلا يمنعكم نسب ولا حسب ولا وظيفة ولا منصب ولا مهنة إلا ما كان مخالفا لشرع الله تعالى ، واحذروا الفتنة والفساد الكبير .
اسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يرزقنا جميعا الفقه في الدين ، والتمسك بالكتاب المبين ، والأقتداء بسيد الأولين والآخرين . إنه سميع مجيب .
اللهم إنا نسألك أن تغفر ذنوبنا ، وأن تستر عيوبنا ، وأن تصلح قلوبنا ، وأن تزكي نفوسنا ، وأن تعف فروجنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك رفع الظلم عن المظلومين ، وتنفيس كرب المكروبين ، وإزالة هم المهمومين من المسلمين . اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى برحمتك يا أرحم الراحمين .
عباد الله :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الحمد لله الذي حرم الظلم على نفسه ، وجعله بين عباده محرما ، ناصر المظلوم ، لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء .
أحمده حمدا يليق بكريم وجهه ، وبعظيم سلطانه ، أنزل القرآن ، وبين الحلال من الحرام ، وجعله : لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد أيها الناس :
اتقوا الله تعالى ، فتقوى الله وصية ربكم لكم ولمن كان قبلكم : وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ
عباد الله :
الأب في لحظاته الأخيرة ، ليودع هذه الحياة ، تتعاقب عليه سكرات الموت ، في حال إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة ، وابنته عند رأسه ، بلغت من العمر فوق الأربعين ، ينظر إليها بطرف عينه ، فلانة ! فتجيبه : نعم ! فيقول : أحليني يا ابنتي ! فتنزل دمعتها على خدها ، وتتردد الحسرة في صدرها ؛ وتقول بصوت خافت : لا أحلك أبدا ، حرمتني الزواج حرمك الله الجنة .
كيف أحلك ، وأنت السبب في حسرتي وندامتي ، كيف أحلك ، وأنت السبب في شقائي وتعاستي ! حرمتني حقي في الحياة ، لم أضع طفلا على صدري ، لم استأنس ببكاء صبي في حضني ، ليس لي زوج ألاعبه ويلاعبني ، أحبه ويحبني ، فاذهب واللقاء يوم القيامة ، بين يدي عدل لا يظلم ، وحكم لا يهضم ، لن أترحم عليك ، ولن أرضى عنك حتى نلتقي بين يدي الحاكم العليم .
نعم عباد الله : إنها قصة فتاة أمثالها في المجتمع كثير ، فكم من فتاة تتمنى موت والدها ، وكم من فتاة تتمنى أن لو نشأة يتيمة لا ولي لها ، وكم من فتاة تدعي الليل والنهار على أهلها ، والسبب منعها من الزواج ! لأن الزواج ـ أيها الأخوة ـ ضرورة ، وخاصة للمرأة ، فالله تعالى فطر المرأة لتكون أماً ، فطرها لتكون زوجة ، ولن يتحقق لها ذلك إلا بالزواج ، وجود المرأة مع زوج لها ، لا يعوضه شيء في الدنيا ، والله ، لا تعوضه وظيفة ، ولا تعوضه أرصدة ، ولا تعوضه شهادات ولا غير ذلك
تقول إحداهن ، وقد بلغت من العلم والشهادة والمنصب مبلغا كبيرا ، دكتورات في الطب ، ولكنها لم تتزوج ! فتقول : خذوا شهاداتي ، خذوا مالي ، وأعطوني زوجا ، عيادتي ؛ زنزانتي ومدفني ، معطفي لباس حدادي ، سماعتي في عنقي ، حبل مشنقتي ، خذوا كل ذلك وأسمعوني كلمة : ماما :
لقد كنت أرجوا أن يقال طبيبة
فقد قيل فما نالني من مقالها
فقل للتي كانت ترى في قدوة
هي اليوم بين الناس يرثى لحالها
وكل مناها بعض طفل تضمه
فهل ممكن أن تشتريه بمالها
فلا شيء يعوض المرأة عن زوجها ، الفتاة قد يحبها والدها ، ولكن حبه لها ليس كحب زوجها ، وقد يرحمها أخوها ويعطف عليها ، ولكن ليس كعطف ورحمة زوجها .
أيها الأخوة :
فمن الظلم ـ والله ـ أن تمنع الفتاة من الزواج ، أو يؤخر زواجها دون مبرر شرعي ، يقول تعالى : وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ يقول ابن عباس رضي الله عنه : رغبهم الله في التزويج ، وأمر به الأحرار والعبيد ، ووعدهم عليه الغنى . فتأخير زواج الفتاة دون مبرر شرعي ظلم ، بل هو العضل المحرم الذي حذر الله تعالى منه ، فقال تعالى : فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وقال تعالى : وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ العضل عادة جاهلية وما زالت عند كثير من الناس ، وصدق صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه ، الذي رواه الإمام مسلم ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : (( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن )) وذكر من الأربع : (( الفخر بالأحساب ، والطعن بالأنساب )) الفخر بالأحساب : الافتخار بمفاخر الآباء ، والطعن بالأنساب : إدخال العيب في أنساب الناس من باب التحقير والإهانة ، وهذه من أبرز أسباب عضل النساء في وقتنا الحاضر . بعضهم لو جلست ابنته عانسا حتى الموت ، ولا يزوجها لهذا السبب الجاهلي .
أيها الأخوة المؤمنون :
لقد أدرك العقلاء أهمية تزويج بناتهم ، فعرض الشيخ الكبير إحدى ابنتيه على موسى ـ عليه السلام ـ كما في قوله تعالى : قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ وعرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصة على أبي بكر ثم على عثمان ـ رضي الله عنهم ـ وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، فاتقوا الله عباد الله ، وارجعوا إلى الدين الحق والإسلام الصحيح ، وانبذوا عادات الجاهلية ، واحذروا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة ، وللمظلوم دعوة مستجابة وكما قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ـ أي زوجوه ـ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) . اسأل الله لي ولكم علما نافعا وعملا خالصا وسلامة دائمة إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أيها المسلمون :
إن ظاهرة تأخير الزواج ، ظاهرة سيئة ، بل ومخالفة لما جاء به الدين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح : (( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )) . ففي هذا الحديث ، يحث صلى الله عليه وسلم على المبادرة بالزواج ، ويحذر من تأخيره ، ويشير فيه صلى الله عليه وسلم بأنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، فمن استطاع الباءة وحرم من الزواج فإنه على خطر عظيم ، ومعرض لعدم غض البصر ولعدم إحصان الفرج ، نسأل الله السلامة والعافية ، بل قد يحدث الفساد الكبير الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق : (( إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) . وقد صدق صلى الله عليه وسلم ، تأملوا ـ أيها الأخوة ـ مجتمعنا في الماضي ، حيث كان الناس يتزوجون ويزوجون في سن مبكرة ، تجدون العفاف والصلاح والتقى والالتزام والتكاثر ، وعدم الشذوذ ، وقلة المسافرين ، أما الآن ، فهاهي الثمار المرة بين أيديكم ، امتلأت البيوت من العوانس ، واكتظت السجون ، وكثر القصاص ، وتنوعت الأمراض النفسية ، وعق الوالدين وخاصة الآباء ، وقطعت الأرحام ، وأي شيء أعظم من : حرمك الله الجنة كما حرمتني الزواج .
فاتقوا الله عباد الله ، وبادروا بتزويج فتياتكم ، واحذروا الأسباب الواهية ، فلا يمنعكم نسب ولا حسب ولا وظيفة ولا منصب ولا مهنة إلا ما كان مخالفا لشرع الله تعالى ، واحذروا الفتنة والفساد الكبير .
اسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يرزقنا جميعا الفقه في الدين ، والتمسك بالكتاب المبين ، والأقتداء بسيد الأولين والآخرين . إنه سميع مجيب .
اللهم إنا نسألك أن تغفر ذنوبنا ، وأن تستر عيوبنا ، وأن تصلح قلوبنا ، وأن تزكي نفوسنا ، وأن تعف فروجنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك رفع الظلم عن المظلومين ، وتنفيس كرب المكروبين ، وإزالة هم المهمومين من المسلمين . اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى برحمتك يا أرحم الراحمين .
عباد الله :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .