مشاهدة النسخة كاملة : حبيته لما عرفته ...
http://1aim.net/fourm/imgcache/6179.imgcache.gif
حبيته لما عرفته
تعالوا نتعرف لكي نحبه أكثر
لكي نقتدي به أكثر
إنه النبي والهادي رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم ..
حبيته لما عرفته مواقف من حياته ومن سيرته
بالاشتراك مع مشرفنا القدير
( ابوضاري)
قال تعالى
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
[الأحزاب : 56]
نعود معاً الى ذلك الزمن الجميل ...عندما كان الحب حبا....
عندما كان يعني الحب الوفاء و الإخلاص ...عندما كان الحب هو أسمى المشاعر الطاهرة....
عندما كان الحب طاهرا.....لم تدنسه الاعتقادات الغربية الفاسدة....و لا الأفكار الشاذة...
التي حولت أطهر و أسمى المعاني الإنسانية الى دعوة الى الزنى و العياذ بالله ...
اليوم سنعود بالزمن ....و إلى أي زمن....زمن الحب الطاهر....عندما تزوج أشرف الخلق و الأنبياء صلى الله عليه وسلم
من رمز العفة و الوفاء سكن سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم
خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
فاليوم رسالة الى كل مسلمة .....
انها قصة الحب الطاهر ....
نهر الرحمة و ينبوع الحنان
امنت به حين كفر به الناس
و صدقته حين كذبه الناس
وواسته بمالها إذا حرمه الناس
فكانت في الجاهلية و ما تحملها من عبودية و تخلف تحمل خديجة رضي الله عنها لقب الطاهرة
فهي الطاهرة قبل الإسلام و بعده ....أول صدّيقة في عالم المؤمنات
و أول زوجة من الزوجات العفيفات الطاهرات إنها أول من صلى على ظهر الأرض
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
أول من استمع الى القرءان غضا طريا من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبذلت قلبها كله و مالها كله و حبها كله و عقلها كله
لأشرف خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم
فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم عنها:
خير نسائها خديجة بنت خويلد وخير نسائها مريم بنت عمران
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3877
خلاصة الدرجة: صحيح
و الراجح من قول العلماء أن خير نسائها أي خير نساء زمانها
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – خط أربعة خطوط ثم قال : أتدرون لم خططت هذه الخطوط ؟ قالوا : لا قال : أفضل نساء الجنة أربع : مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية ابنة مزاحم .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 590
خلاصة الدرجة: صحيح
فشهد لها نبي الله صلى الله عليه وسلم و هو لا ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى
أنها خير نساء زمانها و أفضل نساء الجنة
خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
و قال المصطفى صلى الله عليه وسلم أيضا عنها ....
حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية إمرأة فرعون .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 37
خلاصة الدرجة: صحيح
و تخيل أن ترى رؤيا أن عمر بن الخطاب يسلم عليك
أو أن أبا بكر يسلم عليك
أو أن المصطفى صلى الله عليه وسلم يسلم عليك
فما بالك أن يسلم عليك من بيده ملكوت السماوات و الأرض
فلقد بعث الله الملك ملك السماوات و الأرض مع أمين وحي السماء جبريل عليه السلام
بعث الله لخديجة بنت خويلد السلام .....
أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتت ، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب .
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3820
خلاصة الدرجة: [صحيح]
فقالت خديجة الطاهرة بلسان بليغ يعرف عظمة خالقه:
جاء جبريل إلى النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وعنده خديجة وقال : إن الله يقرئ خديجة السلام فقالت : إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 116
خلاصة الدرجة: حسن
و بشرها جبريل ببيت في الجنة من قصب أي لؤلؤة مجوفة لا صخب فيه و لا نصب .....
اللهم ابن لنا قصورا في الفردوس الأعلى أجمعين ....
http://1aim.net/fourm/imgcache/7391.imgcache.jpg
و كانت عائشة رضي الله عنها تعرف مكانة خديجة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فقالت :
ما غرت على أحد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما بي أن أكون أدركتها وما ذاك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وإن كان ليذبح الشاة فيتتبع بها صدايق خديجة فيهديها لهن
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3875
خلاصة الدرجة: صحيح
و قالت:
ما حسدت أحدا ما حسدت خديجة وما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما ماتت وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3876
خلاصة الدرجة: صحيح
فلقد كان لخديجة مكانة عظيمة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت عائشة رضي الله عنها:
كان إذا ذبح الشاة يقول : أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4722
خلاصة الدرجة: صحيح
فمن هي خديجة؟!!
نشأت خديجة رضي الله عنها في مكة في بيت شرف و مكانه
في بيت غنى و ثراء
و أول زواجها كان من عتيق بن عابد المخزومي و توفي عنها ثم تزوجت بعده أبي هالة بن زرارة و أنجبت منه ولدا اسمه هند بن أبي هالة .....
فأعرضت عن الزواج ....
و تقدم لخطبتها كثير من شرفاء قريش لحسبها و أخلاقها و مالها حيث أنها لقبت بالطاهرة ...
و سمعت الطاهرة العفيفة عن أخلاق الصادق الأمين فعرفت بأخلاقه من غلام يدعى ميسرة ....
فرغبت بالزواج منه و كانت في الأربعين من عمرها رضي الله عنها و كان بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الخامسة و العشرين من عمره الشريف ....
و هي التي خطبت رسول الله صلى الله عليه وسلم
و كان أبوها يرغب عن زواجها ( أي يرفض) من النبي محمد صلى الله عليه وسلم
و كان يقول : أأزوج خديجة يتيم بن أبي طالب؟
و من الأقوال أن أبو خديجة هو الذي زوجها و روايات أخرى تقول أنه عمها
و لنا هنا وقفة....
مع المستشرقين...
أصحاب الفكر الساقط...
الذي أنهكهم التحلل الأخلاقي ....
ما الذي يدفع شاب في مقتبل عمره عرف بالصدق و الأمانة و أشرف الأخلاق و الوسامة و النسب العريق الذي إن أراد أجمل فتاة من قريش لتزوجها أن يتزوج من امرأه أكبر منه ؟!!!!
و يزعمون ما يزعمون هؤلاء المستشرقون .....
تزوجها و هي في الأربعين و هو صلى الله عليه وسلم في الخامسة و العشرين في ذروة شبابه
و لم يتزوج بعدها إلا أن توفيت ....
و كان عمره حين تزوج زوجته الثانية سودة 53 سنة أي تقدم به العمر
و العلماء يقولون أن الشيخوخة تبدأ من سن الخمسين
فأي شبهة يلقونها على أطهر خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم و هو الطاهر الذي فاضت طهارته على العالمين أجمعين
و ما نقول دفاعا فإنه كلاما لا يستحق دفاعا أو حتى النظر ليه
إنما نقول حبا لحبيب قلوبنا صلى الله عليه وسلم
اللهم صل و سلم و زد و بارك على حبيب قلوبنا صلى الله عليه وسلم
http://1aim.net/fourm/imgcache/7393.imgcache.jpg
و في بيت جميل زين الحب جدرانه
كان الحبيب صلى الله عليه وسلم و الطاهرة العفيفة خديجة رضي الله عنها رموز الوفاء
و أكمل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم السعاده ....
و أنجبا
القاسم الذي يكنى به النبي صلى الله عليه وسلم
ثم زينب
ثم رقية
ثم أم كلثوم
ثم فاطمة
و امتلأ البيت بالمودة و الحنان
و عواطف الأبوة الحانية و مشاعر الأمومة الجياشة ....
وضم البيت هند ابن خديجة و علي بن أبي طالب و زيد ابن حارثة و أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم
و بدأت بشائر النبوة.....
و أول ما كانت كانت الرؤيا الصادقة ...
عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء ، فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارىء . قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، قلت ما أنا بقارىء ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارىء ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني فقال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم } . فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال : زملوني زملوني . فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي . فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، ابن عم خديجة ، وكان امرءا تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا بن عم ، اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة : يا بن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، فقاله له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله به على موسى ، يا ليتني فيها جذع ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أومخرجي هم . قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي .
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3
خلاصة الدرجة: [أورده في صحيحه] وقال : يونس ومعمر (بوادره)
تأملوا وفاءها ...
عندما رجف قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم
طمأنته بكلمات عذبه و قالت:
كلا والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و بعث الحبيب صلى الله عليه وسلم ...
و ما لبث أن عودي المصطفى صلى الله عليه وسلم
و قاطعت بنو قريش بني هاشم
و دخلت خديجة الحصار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
ووقفت بجانبه و ازرته بنفس راضية و أحبها حبا شديدا و قدرها تقديرا شديدا فهي الزوجة الوفية رضي الله عنها و أرضاها
حتى انتهى الحصار الظالم
و لم تلبث خديجة رضي الله عنها الا قليلا ثم توفيت
و حزن عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم حزنا كثيرا
و نزل بها الى قبرها في رمضان
ففارقه جسدها
و لم يفارقه حبها
و عندما غارت منها عائشة
قال صلى الله عليه وسلم : إني قد رزقت حبها ....
عن عائشة قالت : ( ما غرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة وإني لم أدركها . قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة فيقول : أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة قالت فأغضبته يوماً فقلت : خديجة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إني قد رُزقت حبها ] رواه مسلم
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
http://1aim.net/fourm/imgcache/6339.imgcache.jpg
في الثامنة من عمره صلى الله عليه وسلم
أوصى به جده عبد المطلب لعمه أبي طالب و هو أخو عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم من الأب و الأم
حن له و رق له رقة شديدة و رعاه كأنه من صلبه و لازمه في كل مكان و ما فارقه الا نادرا
كان لا ينام الا و رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواره في نفس فراشه....
كان لا يأكل الا إذا حضر أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم و جلس على الطعام معه....
و ظل يطوقه بالعناية و الرعاية و الحب الشديد حتى بعث أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
كان عمه حائط صد منيع طالما تحطمت عليه سيوف و رماح أهل الشرك بعدما جهر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد و الرسالة....
فصادق و عادى من أجل الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
و مكث الحبيب صلى الله عليه وسلم في بيت أبو طالب و كان له بصيرة نافذة تسبق سنه
طفلا و ليس كأي طفل....
شابا و ليس كأي شاب...
رجلا و ليس كأي رجل...
بل نبيا و ليس كأي نبي...
صلى الله عليه وسلم
لبنة تمام الأنبياء و مسك ختامهم
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
http://1aim.net/fourm/imgcache/6344.imgcache
كان عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب كثير العيال و قليل المال
فقرر المصطفى صلى الله عليه وسلم في سن الثالثة عشر من عمره أن يحمل مع عمه المسئوليه و أن يسافر معه الى بلاد الشام للتجارة....
و كانت من الرحلات العظيمة الطويلة التي يقوم بها أهل مكة حتى أن الملك الحق ذكرها
قال الله الذي لا اله الا هو الملك الحق في كتابه:
http://1aim.net/fourm/imgcache/6341.imgcache.gif
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)
و في صيف شديد الحرارة قرر النبي صلى الله عليه وسلم في سن الثالثة عشر أن يسافر في التجارة....
و إنها لرسالة:
كم من اللحظات و الأوقات تضيع من شباب اليوم
من مسلسلات فاجرة
و أفلام داعرة
و نوم ثقيل
و إن سئل عن السبب
((( مش لاقيين حاجة نعملها !!!!!!! )))
و نسينا أن الوقت هو الحياة
و الحياة إما جنة أو نار
و لو احترق كل منا في عمل صغير ليثبت كل منا مكانته و اقتدينا بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم لتغير الواقع....
فلا تحقر نفسك
و لا تحقر جهدك
لا تحقرن من المعروف شيئا
و احترق من أجل دينك لعل الله يهدي بك رجلا واحدا
قال المصطفى حبيب قلوبنا صلى الله عليه وسلم:
انفذ على رسلك ؛ حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام ، و أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمرالنعم
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1511
خلاصة الدرجة: صحيح
و مما كان يقوله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
و تأمل حال السلف....
ما ندمت على شيء كندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي و لم يزد فيه عملي
أو كما قال رضي الله عنه
و أقسم الملك الحق في كتابه ليبين لنا أهمية الوقت
فقال الملك الحق : " و الضحى و الليل إذا سجى...."
"و العصر...."
"و الفجر و ليال عشر ..."
لنتذكر....
قال الله الذي لا اله الا هو:
﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [الفرقان:61-62]
فعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم
كيف يكون الشاب المسلم
حتى أنه قبل بعثته
لقب من برلمان الشرك بأكمله بالصادق الأمين صلى الله عليه وسلم
فلم يكن يملك سيفا و لا مالا
و لكن...
كان يملك خلقا يشهد به أهل مكة أجمعين
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
عزم المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يسافر إلى الشام على ظهور الإبل على رمال ملتهبة انعكست عليها أشعة الشمس فكادت أشعة الشمس المنعكسة أن تخطف الأبصار ليعاون عمه أبو طالب في تحمل المسئولية....
و في الطريق الى الشام....
حدث لهم ما لم يحدث من قبل
كانوا دائما يمروا على صومعة راهب من الرهبان فما عكر صفوهم و ما دخل اليهم و ما كلمهم و ما سألوه و سألهم قبل ذلك
و لكن....
إذا به يخرج من صومعته و يرحب بهم و يبحث عنهم و يتحرك بينهم كأنه يبحث عن شيء
و مصر على دعوتهم على طعامه...
انه بحيرى الراهب...
الذي قرأ الكتب السماوية و يعلم أن هذا الزمان هو زمان خروج المصطفى صلى الله عليه وسلم ....
و يعرف أوصافه و سمته و هديه فالكتب بين يديه تتحدث بإجلال عن أشرف و أطهر خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم
بل و يعرف خاتم النبوة بين كتفي النبي محمد صلى الله عليه وسلم
فكل الكتب السماوية تبشر به
فأخذ يبحث حتى وصل الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم
و البراءة في عينيه اذ هو تقريبا في الثالثة عشر من عمره صلى الله عليه وسلم
و قال الراهب:
هذا رسول الله
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و في صحيح الترمذي و صححه شيخنا الألباني:
خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت قال فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ من قريش ما علمك فقال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به فكان هو في رعية الإبل فقال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه فقال انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه قال فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه فالتفت فإذا بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال ما جاء بكم قالوا جئنا إن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس وإنا قد أخبرنا خبره بطريقك هذا قال أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا قال فبايعوه وأقاموا معه قال أنشدكم بالله أيكم وليه قالوا أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت
الراوي: أبو موسى المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3620
خلاصة الدرجة: صحيح لكن ذكر بلال فيه منكر كما قيل
و أنكر بعض أهل العلم بعث أبو بكر و بلال لأن أبا بكر كان في العاشرة من عمره و بلال لم يولد بعد حيث أن بلال أعتقه أبو بكر رضي الله عنهما
إلا أن باقي الحديث صححه الأباني
و تؤكد الرواية معرفة أهل الكتاب للمصطفى صلى الله عليه وسلم
و قد ورد في التوراة:
لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت أخبرني عن صفة الرسول صلى الله عليه وسلم في التوراة قال فقال أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتحوا بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا
الراوي: عطاء بن يسار المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 185
خلاصة الدرجة: صحيح
و يحاول اليهود و النصارى طمث الحقائق
و لكن...
ما تولى الله حفظه لا يضيعه أحد
و عاد النبي صلى الله عليه وسلم من الرحلة ليستأنف حياة الرجولة
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
ما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم شابا خاملا تتعثر به الحياة فيعيش على عراقة نسبه
بل....
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حياة للحياة
فما كان الا بشر يوحى اليه صلى الله عليه وسلم
قال الله الذي لا اله الا هو:
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
[الكهف:110]
فكان صلى الله عليه وسلم يعمل بيده ليشق لنفسه طريقا بين الصخور صلى الله عليه وسلم
فرعى الأغنام صلى الله عليه وسلم
المهنة التي عمل بها الأنبياء
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم . فقال أصحابه : وأنت ؟ فقال : نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2262
خلاصة الدرجة: [صحيح]
ليعلمه الله الحلم و الصبر و شغف العيش و الخشونة و الفقر
و ليعلمنا الله أن خير مال الانسان ما يقدمه من يده
فالعمل للتوحيد ثم كسب العيش
فمن من الناس من يحملون هم الطين (البشر) و من الناس من يحملون هم الدين....
اللهم اجعلنا ممن يحملون هم الدين و أحينا على التوحيد و توفنا عليه و ارزقنا الثبات على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الى يوم أن نلقاك يا أرحم الراحمين و اجعلنا من القابضين على دينك كالقابضين على الجمر و اجعل عملنا كله صالحا لوجهك خالصا فأنت ولي ذلك و القادر عليه يا أرحم الراحمين ....
و صل اللهم و سلم و زد و بارك على أطهر و أشرف خلقك حبيب قلوبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم
لم تكن طفولة النبي صلى الله عليه وسلم كأي طفولة
انها طفولة أشرف و أطهر خلق الله الى يوم أن يرث الله الأرض و ما عليها
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
ولد حبيبنا صلى الله عليه وسلم يتيما
ليكون يتمه صلى الله عليه وسلم تشريفا لكل يتيم
توفي والده عبد الله و هو في بطن أمه
و تربى بعيدا عن أمه في بني سعد
و توفيت أمه و هو طفلا صغيرا صلى الله عليه و سلم
ثم توفي جده
و ما كان ذلك الا لحكمة الهيه
حتى لا يشبن النبي صلى الله عليه وسلم يقول أبي و أمي
بل يقول ربي ربي
فتولى الله الملك الحق رعاية نبينا صلى الله عليه وسلم
قال الله الذي لا اله الا هو:
وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
أول من أرضعه صلى الله عليه وسلم كانت أمه امنة
و شاركتها في حضانته صلى الله عليه وسلم أم أيمن و اسمها بركة بنت ثعلبة ابن عبد ثم أرضعته امرأة تسمى ثويبة و كانت أمة عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم أبو جهل
والدليل على ذلك حديث نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم مع زوجته أم حبيبة
قالت : قلت : يارسول الله ، انكح أختي ابنة أبي سفيان ، قال : ( وتحبين ذلك ) . فقلت : نعم ، لست لك بمخلية ، وأحب من مشاركني في الخير أختي ، فقال : ( إن ذلك لا يحل لي ) . فقلت : يارسول الله ، فوالله إنا نتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة ؟ قال : ( ابنة أم سلمة ) . فقلت : نعم ، فقال : ( فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي ، إنها ابنة أخي من الرضاعة ، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة ، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن ) . وقال شعيب ، عن الزهري : قال عروة : ثويبة
أعتقها أبو لهب .
الراوي: أم حبيبة بنت أبي سفيان المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5372
خلاصة الدرجة: [صحيح]
و بعد فترة من الزمن.....
نزل مجموعة من نساء البادية من ديار بني سعد مكة ليرضعن أولاد الأشراف من القريشيين
فقد كان أهل قريش يربونهم في البادية حتى يتعلمون الخشونة بعيدا عن تدليل الأباء و الأمهات و من أجل أن تقوم البادية ألسنتهم فكانوا أفصح من يتكلم العربية
و لكن....
لم يكن في بيت امنة ما يغري تلك النساء أن تأخذ احداهن أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
فقد كان يتيما فقيرا صلى الله عليه وسلم
و لكن الله قدر السعد للسعدية حليمة من بني سعد
و ياله من سعد!
و صارت أمه في الرضاع!
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
خرجت حليمة و زوجها و ابنها من بيتها و بلدها في سنة جدباء لا خضرة و لا ماء و جف ثديها فلا طعام حتى لابنها الرضيع حتى انهما كانا لا يناما من صراخ ابنهما من الجوع
و ناقتها عجوز و لا يوجد بها قطرة لبن
و كانوا يرجون الغيث و الفرج!
فذهبا الى مكة.....
و ما كان مرضعة الا عرض عليها نبينا و حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم الا رفضته
و تبقى هو و تبقت هي ....
و قالت لزوجها:
و الله إني لأكره أن أرجع بين صواحبي و لم أخذ رضيعا و الله لأذهبن الى ذلك اليتيم و أخذنه
فقال زوجها:
لا عليك أن تفعلي عسى الله أن يجعل فيه بركة
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
كان نسمة مباركة منذ نعومة أظافره صلى الله عليه وسلم
قالت فذهبت اليه فأخذته و ما حملها أن تأخذه الا أن لم تجد غيره
فما وضعته في حجرها الا أن أقبل ثدييها بما شاء من اللبن
فشرب حتى ارتوى صلى الله عليه وسلم
و شرب ابنها الصغير أخو النبي صلى الله عليه وسلم في الرضاعة حتى ارتوى
و ناما....
وذهب زوجها الى ناقتهما العجوز فإذا هى حافل باللبن!!!
فحلباها فشربا حتى ارتويا و شبعا
فلما أصبحا قال زوجها:
و الله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة
فقالت:
و الله اني لأرجو ذلك !
فخرجت حليمة و ركبت ****ها فحملت أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم معها فوالله قطعت من الركب مايقدر عليها شيئا من حمورهم
لقد كان أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم نسمة مباركة منذ ولد....
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و كانت بلاد بني سعد جدباء قحطاء لا خضرة و لا ماء
و كان غنم حليمة السعدية ترجع اليها شباعا مليئة باللبن
فتحلب و تشرب و ترتوي.....
حتى كان يقول الناس لرعيانهم
اسرحوا حيث تسرح غنم حليمة!
فترجع غنمهم جياعا و يأتي غنمها شباعا
سبحان الله العلي العظيم!
و عندما كان عمره سنتين أخذته حليمة الى امه تطلب منها أن يبقى معها حتى يبلغ صلى الله عليه وسلم
و كان صلى الله عليه وسلم يشب شبابا مستقلا مميزا
و عاد مرة أخرى الى ديار بني سعد ....
الى أمه حليمة ....
اعتاد المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يخرج هو و أخوه ليرعا الغنم
حتى مر يوم عجيب.....
عاد ابن حليمة السعدية يصرخ و يقول ان محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل!!!
و حدثنا بهذه الحادثة رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحديث في ذلك ثابت صحيح أخرجه مسلم وغيره ولفظ مسلم
(عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئيره- فقالوا إن محمداً قد قتل. فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: أرى أثر المخيط في صدره".
والظئير المرضعة وهي هنا حليمة كما هو معلوم.
طهره الملك الحق منذ طفولته ليحمل الرسالة صلى الله عليه وسلم و ليبلغ الأمانة....
حتى أن شيطان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا قالت فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع فقال ما لك يا عائشة أغرت فقلت وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقد جاءك شيطانك قالت يا رسول الله أو معي شيطان قال نعم قلت ومع كل إنسان قال نعم قلت ومعك يا رسول الله قال نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم
صحيح مسلم
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و عاد الى امنة بعد أن خافت عليه حليمة من هذا الأمر
و في يوم من الأيام أخذته امنة معها الى يثرب
بالقرب من الموطن الذي توفي فيه أبوه صلى الله عليه وسلم
و قضى وقتا في يثرب كأنه يقول لهذا المكان انتظر لأضع لك اسما جميلا كجمال التوحيد
ثم رجعوا في مكان يسمى الأبواء بين مكة و المدينة....
و رأت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه و هي تتألم
و لا يملك الا أن ينظر لها نظرات باكية....
و ماتت امنة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليذوق اليتم في طفولته مرتين صلى الله عليه وسلم
و عاد بيت أمنة وحده
و امتدت اليه يدي جده الحانيتين
جده عبد المطلب
كان يفيض حبا و حنانا
كان سيد قرنه و ساقي الحجيج
و ها هو جده يموت أيضا
ليذوق النبي صلى الله عليه وسلم الحزن ثلاثا في طفولته
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و هكذا لم يشب النبي صلى الله عليه وسلم ليقول أبي و أمي
بل ليقول ربي ربي
اللهم صل وسلم و زد و بارك على الرحمة المهداة أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
بأبي و أمي و روحي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ابو ضاري
26-11-2009, 00:43
اشكر الاخت شام على هذا الجهد المبارك ونسال الله ان يجعلها في ميزان اعمالها
شق الصدر
وهكذا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني سعد، حتى إذا كان بعده بأشهر على قول ابن إسحاق، وفي السنة الرابعة من مولده على قول المحققين وقع حادث شق صدره، روى مسلم عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طَسْت من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمَه ـ أي جمعه وضم بعضه إلى بعض ـ ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ـ يعنى ظئره ـ فقالوا: إن محمدًا قد قتل، فاستقبلوه وهو مُنْتَقِعُ اللون ـ أي متغير اللون ـ قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) إلى أمه الحنون
وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه، فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنين.
ورأت آمنة ـ وفاء لذكرى زوجها الراحل ـ أن تزور قبره بيثرب، فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ نحو خمسمائة كيلو متر ومعها ولدها اليتيم ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب، فمكثت شهرًا ثم قفلت، وبينما هي راجعة إذ لحقها المرض في أوائل الطريق، ثم اشتد حتى ماتت بالأبْوَاء بين مكة والمدينة.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) إلى جده العطوف
وعاد به عبد المطلب إلى مكة، وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتيم الذي أصيب بمصاب جديد نَكَأ الجروح القديمة، فَرَقَّ عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده، فكان لا يدعه لوحدته المفروضة، بل يؤثره على أولاده، قال ابن هشام: كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالًا له، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأي ذلك منهم: دعوا ابني هذا، فوالله إن له لشأنًا، ثم يجلس معه على فراشه، ويمسح ظهره بيده، ويسره ما يراه يصنع.
ولثمانى سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره صلى الله عليه وسلم توفي جده عبد المطلب بمكة، ورأي قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) إلى عمه الشفيق
ونهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه، وضمه إلى ولده وقدمه عليهم واختصه بفضل احترام وتقدير، وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه، ويبسط عليه حمايته، ويصادق ويخاصم من أجله، وستأتي نبذ من ذلك في مواضعها.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) يستسقى الغمام بوجهه
أخرج ابن عساكر عن جَلْهُمَة بن عُرْفُطَة قال: قدمت مكة وهم في قحط، فقالت قريش: يا أبا طالب، أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهَلُمَّ فاستسق، فخرج أبو طالب ومعه غلام، كأنه شمس دُجُنَّة، تجلت عنه سحابة قَتْمَاء، حوله أُغَيْلمة، فأخذه أبو طالب، فألصق ظهره بالكعبة،ولاذ بأضبعه الغلام، وما في السماء قَزَعَة، فأقبل السحاب من هاهنا وهاهنا وأغدق واغْدَوْدَق، وانفجر الوادي، وأخصب النادي والبادي، وإلى هذا أشار أبو طالب حين قال:
وأبيضَ يُستسقى الغَمَام بوجهه ** ثِمالُ اليتامى عِصْمَةٌ للأرامل
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) بَحِيرَى الراهب
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتى عشرة سنة ـ قيل: وشهرين وعشرة أيام ـ ارتحل به أبو طالب تاجرًا إلى الشام، حتى وصل إلى بُصْرَى ـ وهي معدودة من الشام، وقَصَبَة لحُورَان، وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان. وكان في هذا البلد راهب عرف بَبحِيرَى، واسمه ـ فيما يقال: جرجيس، فلما نزل الركب خرج إليهم، وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك، فجعل يتخلّلهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين. فقال له [أبو طالب و] أشياخ قريش: [و] ما علمك [بذلك]؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبى، وإنى أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، [وإنا نجده في كتبنا]، ثم أكرمهم بالضيافة، وسأل أبا طالب أن يرده، ولا يقدم به إلى الشام؛ خوفًا عليه من الروم واليهود، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) حرب الفِجَار
وفي السنة العشرين من عمره صلى الله عليه وسلم وقعت في سوق عُكاظ حرب بين قريش ـ ومعهم كنانة ـ وبين قَيْس عَيْلان، تعرف بحرب الفِجَار وسببها: أن أحد بني كنانة، واسمه البَرَّاض، اغتال ثلاثة رجال من قيس عيلان، ووصل الخبر إلى عكاظ فثار الطرفان، وكان قائد قريش وكنانة كلها حرب بن أمية؛ لمكانته فيهم سنا وشرفًا، وكان الظفر في أول النهار لقيس على كنانة، حتى إذا كان في وسط النهار كادت الدائرة تدور على قيس. ثم تداعى بعض قريش إلى الصلح على أن يحصوا قتلى الفريقين، فمن وجد قتلاه أكثر أخذ دية الزائد. فاصطلحوا على ذلك، ووضعوا الحرب، وهدموا ما كان بينهم من العداوة والشر. وسميت بحرب الفجار؛ لانتهاك حرمة الشهر الحرام فيها، وقد حضر هذه الحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ينبل على عمومته؛ أي يجهز لهم النبل للرمي.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) حلف الفضول
وعلى أثر هذه الحرب وقع حلف الفضول في ذى القعدة في شهر حرام تداعت إليه قبائل من قريش: بنو هاشم، وبنو المطلب،وأسد بن عبد العزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة، فاجتمعوا في دار عبد الله بن جُدْعان التيمى؛ لسنِّه وشرفه، فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها وغيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته، وشهد هذا الحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة: (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لى به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت).
وهذا الحلف روحه تنافي الحمية الجاهلية التي كانت العصبية تثيرها، ويقال في سبب هذا الحلف: إن رجلًا من زُبَيْد قدم مكة ببضاعة، واشتراها منه العاص بن وائل السهمى، وحبس عنه حقه، فاستعدى عليه الأحلاف عبد الدار ومخزومًا، وجُمَحًا وسَهْمًا وعَدِيّا فلم يكترثوا له، فعلا جبل أبي قُبَيْس، ونادى بأشعار يصف فيها ظلامته رافعًا صوته، فمشى في ذلك الزبير بن عبد المطلب، وقال: ما لهذا مترك؟ حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في حلف الفضول، فعقدوا الحلف ثم قاموا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه حق الزبيدي.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) حياة الكدح
ولم يكن له صلى الله عليه وسلم عمل معين في أول شبابه، إلا أن الروايات توالت أنه كان يرعى غنمًا، رعاها في بني سعد، وفي مكة لأهلها على قراريط، ويبدو أنه انتقل إلى عمل التجارة حين شب،فقد ورد أنه كان يتجر مع السائب بن أبي السائب المخزومي فكان خير شريك له، لا يدارى ولا يمارى، وجاءه يوم الفتح فرحب به، وقال: مرحبًا بأخي وشريكي.
وفي الخامسة والعشرين من سنه خرج تاجرًا إلى الشام في مال خديجة رضي الله عنها قال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وكانت قريش قومًا تجارًا، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرًا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) زواجه بخديجة
ولما رجع إلى مكة، ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا، وأخبرها غلامها ميسرة بما رأي فيه صلى الله عليه وسلم من خلال عذبة، وشمائل كريمة، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين، وجدت ضالتها المنشودة ـ وكان السادات والرؤساء يحرصون على زواجها فتأبي عليهم ذلك ـ فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منبه، وهذه ذهبت إليه صلى الله عليه وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة، فرضى بذلك، وكلم أعمامه، فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه، وعلى إثر ذلك تم الزواج، وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر، وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين، وأصدقها عشرين بَكْرة. وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة، وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسبًا وثروة وعقلًا، وهي أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
وكل أولاده صلى الله عليه وسلم منها سوى إبراهيم،ولدت له: أولًا القاسم ـ وبه كان يكنى ـ ثم زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبد الله. وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر، ومات بنوه كلهم في صغرهم، أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن،إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليه وسلم سوى فاطمة رضي الله عنها، فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) بناء الكعبة وقضية التحكيم
ولخمس وثلاثين سنة من مولده صلى الله عليه وسلم قامت قريش ببناء الكعبة؛ وذلك لأن الكعبة كانت رَضْمًا فوق القامة، ارتفاعها تسعة أذرع من عهد إسماعيل عليه السلام، ولم يكن لها سقف، فسرق نفر من اللصوص كنزها الذي كان في جوفها، وكانت مع ذلك قد تعرضت ـ باعتبارها أثرًا قديما ـ للعوادى التي أدهت بنيانها، وصدعت جدرانها، وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم بخمس سنين جرف مكة سيل عرم انحدر إلى البيت الحرام، فأوشكت الكعبة منه على الانهيار، فاضطرت قريش إلى تجديد بنائها حرصًا على مكانتها، واتفقوا على ألا يدخلوا في بنائها إلا طيبًا، فلا يدخلون فيها مهر بغى ولا بيع ربًا ولا مظلمة أحد من الناس، وكانوا يهابون هدمها، فابتدأ بها الوليد بن المغيرة المخزومى، فأخذ المعول وقال: اللّهم لا نريد إلا الخير، ثم هدم ناحية الركنين، ولما لم يصبه شيء تبعه الناس في الهدم في اليوم الثاني، ولم يزالوا في الهدم حتى وصلوا إلى قواعد إبراهيم، ثم أرادوا الأخذ في البناء فجزأوا الكعبة، وخصصوا لكل قبيلة جزءًا منها. فجمعت كل قبيلة حجارة على حدة، وأخذوا يبنونها، وتولى البناء بناء رومي اسمه: باقوم. ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واستمر النزاع أربع ليال أو خمسًا، واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم، إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومى عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه، وشاء الله أن يكون ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه هتفوا: هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد، فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر طلب رداء فوضع الحجر وسطه وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعًا بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه، وهذا حل حصيف رضى به القوم.
وقصرت بقريش النفقة الطيبة فأخرجوا من الجهة الشمالية نحوا من ستة أذرع، وهي التي تسمى بالحجر والحطيم، ورفعوا بابها من الأرض؛ لئلا يدخلها إلا من أرادوا، ولما بلغ البناء خمسة عشر ذراعًا سقفوه على ستة أعمدة.
وصارت الكعبة بعد انتهائها ذات شكل مربع تقريبًا، يبلغ ارتفاعه 15 مترًا، وطول ضلعه الذي فيه الحجر الأسود والمقابل له 10 أمتار، والحجر موضوع على ارتفاع 1.50متر من أرضية المطاف. والضلع الذي فيه الباب والمقابل له 12مترًا، وبابها على ارتفاع مترين من الأرض، ويحيط بها من الخارج قصبة من البناء أسفلها، متوسط ارتفاعها 0.25مترًا ومتوسط عرضها 0.30 مترًا وتسمى بالشاذروان، وهي من أصل البيت لكن قريشًا تركتها.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=8#TOP) السيرة الإجمالية قبل النبوة
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات، وكان طرازًا رفيعًا من الفكر الصائب، والنظر السديد، ونال حظًا وافرًا من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف، وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستكناه الحق، وطالع بعقله الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشئون الناس وأحوال الجماعات، فعاف ما سواها من خرافة، ونأي عنها، ثم عاشر الناس على بصيرة من أمره وأمرهم، فما وجد حسنًا شارك فيه وإلا عاد إلى عزلته العتيدة، فكان لا يشرب الخمر، ولا يأكل مما ذبح على النصب، ولا يحضر للأوثان عيدًا ولا احتفالًا، بل كان من أول نشأته نافرا من هذه المعبودات الباطلة، حتى لم يكن شيء أبغض إليه منها، وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى.
ولا شك أن القدر حاطه بالحفظ، فعندما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متع الدنيا، وعندما يرضى باتباع بعض التقاليد غير المحمودة ـ تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه وبينها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبينه، ثم ما هممت به حتى أكرمنى برسالته، قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي الغنم بأعلى مكة: لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب، فقال: أفعل، فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفًا، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: عرس فلان بفلانة، فجلست أسمع، فضرب الله على أذنـى فنمت، فما أيقظني إلا حر الشمس. فعدت إلى صاحبي فسألني، فأخبرته، ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك، ودخلت بمكة فأصابني مثل أول ليلة... ثم ما هممت بسوء).
وروى البخاري عن جابر بن عبد الله قال: لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان الحجارة، فقال عباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على رقبتك يقيقك من الحجارة، فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق، فقال: (إزاري، إزاري) فشد عليه إزاره. وفي رواية: فما رؤيت له عورة بعد ذلك.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز في قومه بخلال عذبة وأخلاق فاضلة، وشمائل كريمة، فكان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقًا، وأعزهم جوارًا، وأعظمهم حلمًا، وأصدقهم حديثًا، وألينهم عَرِيكة، وأعفهم نفسًا وأكرمهم خيرًا، وأبرهم عملًا، وأوفاهم عهدًا، وآمنهم أمانة حتى سماه قومه: [الأمين] لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية، وكان كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها يحمل الكل، ويكسب المعدوم، ويقرى الضيف، ويعين على نوائب الحق
ابو ضاري
26-11-2009, 23:23
في ظلال النبوة والرسالة
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP) في غار حراء
لما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم الأربعين، وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه، حبب إليه الخلاء، فكان يأخذ السَّوِيق والماء، ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة ـ وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع، وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد ـ فيقيم فيه شهر رمضان، ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية، ولكن ليس بين يديه طريق واضح، ولا منهج محدد، ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه.
وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفًا من تدبير الله له، وليكون انقطاعه عن شواغل الأرض وضَجَّة الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة نقطة تحول لاستعداده لما ينتظره من الأمر العظيم، فيستعد لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ... دبر الله له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات، ينطلق في هذه العزلة شهرًا من الزمان، مع روح الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP) جبريل ينزل بالوحي
ولما تكامل له أربعون سنة ـ وهي رأس الكمال، وقيل: ولها تبعث الرسل ـ بدأت طلائع النبوة تلوح وتلمع، فمن ذلك أن حجرًا بمكة كان يسلم عليه، ومنها أنه كان يرى الرؤيا الصادقة؛ فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، حتى مضت على ذلك ستة أشهر ـ ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة ـ فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته صلى الله عليه وسلم بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض، فأكرمه بالنبوة، وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن.
وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلًا، وقد وافق 10 أغسطس سنة 610 م، وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، و12 يومًا، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر وعشرين يومًا.
ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي الله عنها تروى لنا قصة هذه الوقعة التي كانت نقطة بداية النبوة، وأخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر والضلال حتى غيرت مجرى الحياة، وعدلت خط التاريخ، قالت عائشة رضي الله عنها.
أول ما بديء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فَلَق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيَتَحَنَّث فيه ـ وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ: قال: (ما أنا بقارئ)، قال: (فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلنى، فقال: اقرأ، قلت: مـا أنـا بقـارئ، قـال: فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلـغ منـى الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثـم أرسلـني فـقـال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} (javascript:openquran(95,1,3))[العلق:1: 3])، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: (زَمِّلُونى زملونى)، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: (ما لي؟) فأخبرها الخبر، (لقد خشيت على نفسي)، فقالت خديجة: كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة ـ وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبرانى، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي ـ فقالت له خديجة: يابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأي، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى، يا ليتني فيها جَذَعا، ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أو مخرجيّ هم؟) قال:نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودِىَ، وإن يدركنى يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا، ثم لم يَنْشَبْ ورقة أن توفي، وفَتَر الوحى.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP) فَتْرَة الوحى
أما مدة فترة الوحى فاختلفوا فيها على عدة أقوال. والصحيح أنها كانت أيامًا، وقد روى ابن سعد عن ابن عباس ما يفيد ذلك. وأما ما اشتهر من أنها دامت ثلاث سنوات أو سنتين ونصفًا فليس بصحيح.
وقد ظهر لى شىء غريب بعد إدارة النظر في الروايات وفي أقوال أهل العلم. ولم أر من تعرض له منهم، وهو أن هذه الأقوال والروايات تفيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجاور بحراء شهرًا واحدًا، وهو شهر رمضان من كل سنة، وذلك من ثلاث سنوات قبل النبوة،وأن سنة النبوة كانت هي آخر تلك السنوات الثلاث، وأنه كان يتم جواره بتمام شهر رمضان، فكان ينزل بعده من حراء صباحًا ـ أي لأول يوم من شهر شوال ـ ويعود إلى البيت.
وقد ورد التنصيص في رواية الصحيحين على أن الوحى الذي نزل عليه صلى الله عليه وسلم بعد الفترة إنما نزل وهو صلى الله عليه وسلم راجع إلى بيته بعد إتمام جواره بتمام الشهر.
أقول: فهذا يفيد أن الوحى الذي نزل عليه صلى الله عليه وسلم بعد الفترة إنما نزل في أول يوم من شهر شوال بعد نهاية شهر رمضان الذي تشرف فيه بالنبوة والوحى؛ لأنه كان آخر مجاورة له بحراء، وإذا ثبت أن أول نزول الوحى كان في ليلة الاثنين الحادية عشرة من شهر رمضان فإن هذا يعنى أن فترة الوحى كانت لعشرة أيام فقط. وأن الوحى نزل بعدها صبيحة يوم الخميس لأول شوال من السنة الأولى من النبوة. ولعل هذا هو السر في تخصيص العشر الأواخر من رمضان بالمجاورة والاعتكاف، وفي تخصيص أول شهر شوال بالعيد السعيد، والله أعلم.
وقد بقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام الفترة كئيبًا محزونًا تعتريه الحيرة والدهشة، فقد روى البخاري في كتاب التعبير ما نصه:
وفتر الوحي فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنًا عدا منه مرارًا كى يتردى من رءوس شواهق الجبال، فكلما أوْفي بذِرْوَة جبل لكى يلقى نفسه منه تَبدَّى له جبريل فقال: يا محمد، إنك رسول الله حقًا، فيسكن لذلك جأشه، وتَقَرّ نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحى غدا لمثل ذلك، فإذا أوفي بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP) جبريل ينزل بالوحي مرة ثانية
قال ابن حجر: وكان ذلك [أي انقطاع الوحي أيامًا]؛ ليذهب ما كان صلى الله عليه وسلم وجده من الروع، وليحصل له التشوف إلى العود، فلما حصل له ذلك وأخذ يرتقب مجىء الوحى أكرمه الله بالوحي مرة ثانية. قال: صلى الله عليه وسلم:
(جاورت بحراء شهرًا فلما قضيت جوارى هبطت [فلما استبطنت الوادي] فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، ونظرت أمامي فلم أر شيئا، ونظرت خلفي فلم أرشيئًا، فرفعت رأسى فرأيت شيئًا، [فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فَجُئِثْتُ منه رعبًا حتى هويت إلى الأرض] فأتيت خديجة فقلت: [زملوني، زملوني]، دثرونى، وصبوا على ماء باردًا)، قال: (فدثرونى وصبوا على ماء باردًا، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (javascript:openquran(73,1,5)) [المدثر: 1: 5]) وذلك قبل أن تفرض الصلاة، ثم حمى الوحى بعد وتتابع.
وهذه الآيات هي مبدأ رسالته صلى الله عليه وسلم وهي متأخرة عن النبوة بمقدار فترة الوحى. وتشتمل على نوعين من التكليف مع بيان ما يترتب عليه:
النوع الأول: تكليفه صلى الله عليه وسلم بالبلاغ والتحذير، وذلك في قوله تعالى: {قُمْ فَأَنذِرْ} (javascript:openquran(73,2,2)) فإن معناه: حذر الناس من عذاب الله إن لم يرجعوا عما هم فيه من الغى والضلال وعبادة غير الله المتعال، والإشراك به في الذات والصفات والحقوق و الأفعال.
النوع الثاني: تكليفه صلى الله عليه وسلم بتطبيق أوامر الله سبحانه وتعالى على ذاته، والالتزام بها في نفسه؛ ليحرز بذلك مرضاة الله، ويصير أسوة حسنة لمن آمن بالله وذلك في بقية الآيات. فقوله: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (javascript:openquran(73,3,3)) معناه: خصه بالتعظيم، ولا تشرك به في ذلك أحدًا. وقوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (javascript:openquran(73,4,4)) المقصود الظاهر منه: تطهير الثياب والجسد، إذ ليس لمن يكبر الله ويقف بين يديه أن يكون نجسًا مستقذرًا. وإذا كان هذا التطهر مطلوبًا فإن التطهر من أدران الشرك وأرجاس الأعمال والأخـلاق أولـى بالطـلب، وقولــه: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (javascript:openquran(73,5,5)) معناه: ابتعد عن أسباب سخط الله وعذابه، وذلك بالتزام طاعته وترك معصيته. وقوله: {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} (javascript:openquran(73,6,6)) أي: لا تحسن إحسانًا تريد أجره من الناس أو تريد له جزاء أفضل في هذه الدنيا.
أما الآية الأخيرة ففيها تنبيه على ما يلحقه من أذى قومه حين يفارقهم في الدين ويقوم بدعوتهم إلى الله وحده وبتحذيرهم من عذابه وبطشه، فقال: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (javascript:openquran(73,7,7))، ثم إن مطلع الآيات تضمنت النداء العلوى ـ في صوت الكبير المتعال ـ بانتداب النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر الجلل، وانتزاعه من النوم والتدثر والدفء إلى الجهاد والكفاح والمشقة: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ} (javascript:openquran(73,1,1))، كأنه قيل: إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، أما أنت الذي تحمل هذا العبء الكبير فما لك والنوم؟ وما لك والراحة؟ وما لك والفراش الدافئ؟ والعيش الهادئ؟ والمتاع المريح! قم للأمر العظيم الذي ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ لك، قم للجهد والنصب، والكد والتعب، قم فقد مضى وقت النوم والراحة، وما عاد منذ اليوم إلا السهر المتواصل، والجهاد الطويل الشاق، قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد.
إنها كلمة عظيمة رهيبة تنزعه صلى الله عليه وسلم من دفء الفراش في البيت الهادئ والحضن الدافئ، لتدفع به في الخضم، بين الزعازع والأنواء، وبين الشد والجذب في ضمائر الناس وفي واقع الحياة سواء.
وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظل قائمًا بعدها أكثر من عشرين عامًا؛ لم يسترح ولم يسكن، ولم يعـش لنفسه ولا لأهله. قام وظل قائمًا على دعوة الله، يحمل على عاتقه العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض، عبء البشرية كلها، عبء العقيدة كلها، وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى، عاش في المعركة الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عامًا؛ لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد منذ أن سمع النداء العلوى الجليل، وتلقى منه التكليف الرهيب... جزاه الله عنا وعن البشرية كلها خير الجزاء.
وليست الأوراق الآتية إلا صورة مصغرة بسيطة من هذا الجهاد الطويل الشاق الذي قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال هذا الأمد.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP) أقسام الوحى
وقبل الدخول في موضوع هذا الجهاد أرى من الأحسن أن أستطرد إلى بيان أقسام الوحى ومراتبه. قال ابن القيم، وهو يذكر تلك المراتب:
إحداها: الرؤيا الصادقة، وكانت مبدأ وحيه صلى الله عليه وسلم.
الثانية: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روعى أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته).
الثالثة: إنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل له الملك رجلًا فيخاطبه حتى يَعِىَ عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحيانًا.
الرابعة: أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس، وكان أشده عليه، فيلتبس به الملك، حتى أن جبينه ليتَفَصَّد عرقًا في اليوم الشديد البرد، وحتى أن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها، ولقد جاء الوحى مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت ترضها.
الخامسة: إنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها، فيوحى إليه ما شاء الله أن يوحيه، وهذا وقع له مرتين كما ذكر الله ذلك في سورة النجم.
السادسة: ما أوحاه الله إليه، وهو فوق السموات ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها.
السابعة: كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك كما كلم الله موسى بن عمران، وهذه المرتبة هي ثابتة لموسى قطعًا بنص القرآن. وثبوتها لنبينا صلى الله عليه وسلم هو في حديث الإسراء.
وقـد زاد بعضهم مرتبة ثامنة؛ وهي تكليم الله له كفاحًا من غير حجاب، وهي مسألة خلاف بين السلف والخلف. انتهي مع تلخيص يسير في بيان المرتبة الأولى والثامنة.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP) المرحلة الأولى: من جهاد الدعوة إلي الله
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP)
ثلاث سنوات من الدعوة السرية
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول ما تقدم من آيات سورة المدثر، بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ وحيث إن قومه كانوا جفاة لا دين لهم إلا عبادة الأصنام والأوثان، ولا حجة لهم إلا أنهم ألفوا آباءهم على ذلك، ولا أخلاق لهم إلا الأخذ بالعزة والأنفة، ولا سبيل لهم في حل المشاكل إلا السيف، وكانوا مع ذلك متصدرين للزعامة الدينية في جزيرة العرب، ومحتلين مركزها الرئيس، ضامنين حفظ كيانها، فقد كان من الحكمة تلقاء ذلك أن تكون الدعوة في بدء أمرها سرية؛ لئلا يفاجئ أهل مكة بما يهيجهم.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP)
الرعيل الأول
وكان من الطبيعى أن يعرض الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلام أولًا على ألصق الناس به من أهل بيته، وأصدقائه، فدعاهم إلى الإسلام، ودعا إليه كل من توسم فيه الخير ممن يعرفهم ويعرفونه، يعرفهم بحب الحق والخير، ويعرفونه بتحرى الصدق والصلاح، فأجابه من هؤلاء ـ الذين لم تخالجهم ريبة قط في عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وجلالة نفسه وصدق خبره ـ جَمْعٌ عُرِفوا في التاريخ الإسلامى بالسابقين الأولين، وفي مقدمتهم زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ومولاه زيد بن حارثة بن شراحيل ال***ي وابن عمه علي بن أبي طالب ـ وكان صبيًا يعيش في كفالة الرسول صلى الله عليه وسلم ـ وصديقه الحميم أبو بكر الصديق. أسلم هؤلاء في أول يوم الدعوة.
ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام، وكان رجلًا مألفًا محببًا سهلًا ذا خلق ومعروف،وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه؛ لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعوته عثمان بن عفان الأموى، والزبير بن العوام الأسدى، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص الزهريان، وطلحة بن عبيد الله التيمي. فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس هم الرعيل الأول وطليعة الإسلام.
ثم تلا هؤلاء أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح من بني الحارث بن فهر، وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومى، وامرأته أم سلمة، والأرقم بن أبي الأرقم المخزومى، وعثمان بن مظعون الجُمَحِىّ وأخواه قدامة وعبد الله، وعبيدة بن الحارث ابن المطلب بن عبد مناف، وسعيد بن زيد العدوى، وامرأته فاطمة بنت الخطاب العدوية أخت عمر بن الخطاب، وخباب بن الأرت التميمى، وجعفر بن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عُمَيْس، وخالد بن سعيد بن العاص الأموى، وامرأته أمينة بنت خلف، ثم أخوه عمرو بن سعيد بن العاص، وحاطب بن الحارث الجمحي، وامرأته فاطمة بنت المُجَلِّل وأخوه الخطاب بن الحارث، وامرأته فُكَيْهَة بنت يسار، وأخوه معمر ابن الحارث، والمطلب بن أزهر الزهري، وامرأته رملة بنت أبي عوف، ونعيم بن عبد الله بن النحام العدوي، وهؤلاء كلهم قرشيون من بطون وأفخاذ شتى من قريش.
ومن السابقين الأولين إلى الإسلام من غير قريش: عبد الله بن مسعود الهذلي، ومسعود بن ربيعة القاري، وعبد الله بن جحش الأسدي وأخوه أبو أحمد بن جحش، وبلال بن رباح الحبشي، صُهَيْب بن سِنان الرومي، وعمار بن ياسر العنسي، وأبوه ياسر، وأمه سمية، وعامر بن فُهيرة.
وممن سبق إلى الإسلام من النساء غير من تقدم ذكرهن: أم أيمن بركة الحبشية، وأم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلالية زوج العباس بن عبد المطلب، وأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
هؤلاء معروفون بالسابقين الأولين، ويظهر بعد التتبع والاستقراء أن عدد الموصوفين بالسبق إلى الإسلام وصل إلى مائة وثلاثين رجلًا وامرأة، ولكن لا يعرف بالضبط أنهم كلهم أسلموا قبل الجهر بالدعوة أو تأخر إسلام بعضهم إلى الجهر بها.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=9#TOP)
الصلاة
ومن أوائل ما نزل من الأحكام الأمر بالصلاة، قال ابن حجر: كان صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء يصلى قطعًا وكذلك أصحابه، ولكن اختلف هل فرض شىء قبل الصلوات الخمس من الصلوات أم لا؟ فقيل: إن الفرض كانت صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. انتهي. وروى الحارث بن أبي أسامة من طريق ابن لَهِيعَة موصولًا عن زيد ابن حارثة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول ما أوحى إليه أتاه جبريل، فعلمه الوضوء، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه، وقد رواه ابن ماجه بمعناه، وروى نحوه عن البراء بن عازب وابن عباس، وفي حديث ابن عباس: وكان ذلك من أول الفريضة.
وقد ذكر ابن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا إذا حضرت الصلاة ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، وقد رأي أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم وعليّا يصليان مرة، فكلمهما في ذلك، ولما عرف جلية الأمر أمرهما بالثبات.
تلك هي العبادة التي أمر بها المؤمنون، ولا تعرف لهم عبادات وأوامر ونواه أخرى غير ما يتعلق بالصلاة، وإنما كان الوحى يبين لهم جوانب شتى من التوحيد، ويرغبهم في تزكية النفوس، ويحثهم على مكارم الأخلاق، ويصف لهم الجنة والنار كأنهما رأي عين، ويعظهم بمواعظ بليغة تشرح الصدور وتغذى الأرواح، وتحدو بهم إلى جو آخر غير الذي كان فيه المجتمع البشرى آنذاك.
وهكذا مرت ثلاثة أعوام، والدعوة لم تزل مقصورة على الأفراد، ولم يجهر بها النبي صلى الله عليه وسلم في المجامع والنوادى،إلا أنها عرفت لدى قريش، وفشا ذكر الإسلام بمكة، وتحدث به الناس، وقد تنكر له بعضهم أحيانًا، واعتدوا على بعض المؤمنين، إلا أنهم لم يهتموا به كثيرًا حيث لم يتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لدينهم، ولم يتكلم في آلهتهم.
في الوقت الذي كان يشعر نبينا صلى الله عليه وسلم بالغربة الحقيقية
وسط كفر قريش
حبب الله لقلب المصطفى صلى الله عليه وسلم
الخلوة
كان يبتعد على قمة جبل النور في غار حراء
يبتعد عن مكة و أصنامها
و صخبها
يقضي النهار متأملا
و يقضي الليل في التبتل و التذلل و التضرع
و عمره الشريف المبارك صلى الله عليه وسلم يتصاعد نحو الأربعين
نحو اللحظة الكريمة الفاصلة
يتزود بالطعام و الشراب
ليبتعد بعيدا بعيدا
ليقضي شهرا كاملا من كل عام
في هذا الغار البعيد
ألا و هو شهر رمضان
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و كما ذكرنا في السابق
من علامات و إرهاصات نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم لا يرى رؤية الا و جاءت مثل فلق البحر
كما روت أمنا عائشة رضي الله عنها
أول ما ابتدي به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به أن لا يرى شيئا إلا جاءت كفلق الصبح فمكث على ذلك ما شاء الله أن يمكث وحبب إليه الخلوة فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3632
خلاصة الدرجة: حسن صحيح
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
ما هو فلق الصبح وما المراد به؟
قال الطيبي للفلق شأن عظيم ولذلك جاء وصفا لله تعالى في قوله { فَالِقُ الإِصْبَاحِ .... } [ الأنعام/96]
وأمر بالإستعاذة برب الفلق ... لأنه ينبئ عن انشقاق ظلمة عالم الشهادة وطلوع تباشير الصبح بظهور سلطان الشمس وإشراقها في الإفاق ... كما أن الرؤية الصالحة مبشرات تنبئ عن وقود أنوار عالم الغيب وآثار مطالع الهدايات ... فشبه الرؤيا التي هي جزء يسير من أجزاء النبوة شبهها بفلق الصبح ...
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و حببت الخلوة الى قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم
و الخلوة يكون معها فراغ القلب لتقطع ما عهد به الانسان من
عادات البشر و مخالطتهم
فحبب الملك الحق الى قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم الخلوة
ليصفو فكره و قلبه لأنه على وشك أن يستقبل أطهر الكلام و أقوى
رابط ربط بين السماء و الأرض
و هناك فرق بين الخلوة و العزلة
فمخالطة الناس و الصبر على أذاهم هو هدي النبي صلى الله عليه
وسلم
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3273
خلاصة الدرجة: صحيح
و لكن...
اجعل لقلبك ساعة
لتحاسب بها نفسك
و تجدد إيمانك بعبادة التبتل و التفكر و التضرع و التذلل
و أن تدعو مولاك و ربك في الخفاء
فتُلهم كلمات الدعاء
و يستجيب لك المجيب
و يرى انكسار قلبك و تذللك
فيرفع مقامك
و يمتلأ قلبك حبا و يقينا بالملك الحي القيوم
قلبك قلبك
اجعل له ساعة
و لا أقصد ساعة ساعة بل وقتا بينك و بين ربك
بعيدا عن فتن الدنيا
و صخب الحياة
و الانشغال بالبشر
و قال عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه
اطلب قلبك في ثلاث مواطن ... في مجالس الذكر ... وعند سماع القرآن وفي أوقات الخلوة ... فإن لم تجد قلبك في هذه المواطن فسل الله أي يمُن عليك بقلبٍ فإنه لا قلب لك ...
اللهم ارزقنا قلوبا سليمة تحيى بحبك حتى نلقاك بها
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و لنتخيل
جبلا صعوده قد يأخذ أكثر من ساعة
لتصل الى غار لا يكاد يسع إلا لفردين فقط
فيتحنث فيه صلى الله عليه وسلم
و التحنث هو التعبد في الليالي ذوات العدد
و كانت عبادته صلى الله عليه وسلم النظر و التفكر و التبتل و التضرع
و كان يرجع الى أهله ليتزود لذلك
ثم يعود إلى قمة الجبل صلى الله عليه وسلم
و أياما بعد أيام
يتعبد المصطفى صلى الله عليه وسلم
و في ليلة من تلك الليالي المباركة
يقول بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم خرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل ...
أي لا زال في الطريق إلى الغار ...
خرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل ...
لم ينزل جبريل بعد عليه السلام ...
خرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله ...
أول كلمة تحمل معنى الرسالة ...
أنت رسول الله وأنا جبريل ...
قال فرفعت رأسي إلى السماء فأنظر فإذا جبريل في صورة رجل صافٍ قدميه في أفق السماء ...
وهو يقول مرة أخرى يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل ...
قال فوقفت انظر إليه لا أتقدم ولا أتأخر ...... وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء ...
يعني في الجهة الذي ينظر إليها عليه الصلاة والسلام يرى جبريل صافٍ قدميه فيصرف وجهه مرة أخرى في مكان آخر فيرى جبريل عليه السلام
قال فجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء ... فما أنظر في ناحية منها إلا رأيت جبريل كذلك ...
فمازلت واقفا صلى الله عليه وسلم ... فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي ... حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي رضي الله عنها ...
يعني كأن النبي تأخر لا يستطيع التحرك للأمام أي يصعد الجبل ولا يستطيع أن ينزل ... وقف ... فأرسلت خديجة رضوان الله عليها من يبحث عن رسول الله أو من يطلبه ... عليه الصلاة والسلام .. فبلغوا مكة ورجعوا إليها ... وأنا واقف مكاني لا أتقدم ولا أتأخر ...
فأرسلت خديجة رضي الله عنها في طلبي ...
قال فبلغوا مكة أي هؤلاء الرجال الذين كانوا يسألون عن رسول الله فبلغوا مكة ورجعوا إليها وأنا واقف مكاني ذلك ... ثم انصرف عنا ... اي جبريل ... وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخدها ... اتكأ إليها رضوان الله عليها ...
فقالت يا أبا القاسم ... أين كنت ... فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي ... قال عليه الصلاة والسلام فحدثتها بالذي رأيت ...
فقالت أبشر يا بن العم ... واثبت ... فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ...
ثم قامت فجمعت عليها ثيابها ... ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل ... فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فقال ورقة بن نوفل ... قدوس قدوس ... قدوس قدوس ... والذي نفس ورقة بيده لإن كنت صدقتني يا خديجة ...
لقد جاءه الناموس الأكبر ... الذي كان يأتي موسى عليه السلام وإنه لنبي هذه الأمة وقولي له فليثبت ... فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة ... فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف صنع كما كان يصنع
يعنى إذا قضى مدة في الغار ... وانصرف من الغار عاد إلى مكة فصنع ما كان يصنع ..
ما الذي كان يصنعه يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالكعبة ... يعنى لا يرجع إلى بيت خديجة إلا إذا دخل ابتداءً ببيت الله الحرام ... فطاف بالكعبة قال فلقيه ورقة ابن نوفل ... وهو يطوف بالكعبة فقال يا بن أخي أخبرني ... بما رأيت وسمعت ...
فأخبره فقال له ورقه .. والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبن .. يعني سوف يكذبك قومك ... و لتؤذين .. يعني سوف تؤذى من قومك .. ولتخرجن ... أي سيخرجك قومك ... ولتُقاتلن يعني سيقاتلك قومك ...
ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرا يعلمه ثم أدنى ورقة بن نوفل رأسه من رأس النبي صلى الله عليه وسلم فقبله من وسط رأسه ..
يعني قبَّل نوفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من وسط رأسه ... فقبَّل ورقة ياخوخ النبي صلى الله عليه وسلم أي وسط رأس رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله ...
الحديث رواه بن اسحاق وهذا إسناد صحيح فابن اسحاق لم يدلس ووهب تابعي ثقة وسند هذه الرواية صحيح ...
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
إذا رءا رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في هذه المرة قبل أن ينزل إليه جبريل في هذه الليلة الكريمة المباركة ليكلفه تكليفا مباشرا من الله سبحانه وتعالى ولينزل عليه بوحي الله جل وعلا ...
ففي ليلة كريمة من الليالي التي كان يخلو فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء في شهر رمضان ...
جاءه الحق ليلة خشع فيها الكون كله ... رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك ... على قمة جبل النور يُقَلب وجهه في السماء يتوجه بقلبه إلى الله يبحث عن الحق ويريد الحقيقة ... وفي ليلة خشع فيها الكون كله ..
خشعت فيها صخور الجبل الصماء بل وخشعت فيها حبات الرمال في الصحراء ...
بل وخشعت فيها نجوم السماء ... ولم لا ... فجبريل أمين السماء يتنزل على قمة جبل النور يحمل هذا النور وحي الله سبحانه وتعالى ليبلغ به من اصطفاه الله ...
وجعله لبنة التمام ومسك الختام في صرح الأنبياء والمرسلين ليربط رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه اللحظة الأرض بالسماء بأعظم رباط وأشرف صلة إنها صلة وحي الله سبحانه وتعالى ...
ينزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضم جبريل رسول الله ضمة شديدة وهو يقول له اقرأ ... فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ... ما أنا بقارئ ...
قال رسول الله فأخذني ... أي جبريل ... فغطنى ... والغط هو الضم والعصر فغطنى وعصرني أي ضمني وعصرني ... فالغبط في اللغة هو حبس النَفَس ... يعني ضم جبريل رسول الله حتى كادت أنفاس النبي أن تُحبس ... فأخذني فغطنى ... فأخذني وغطني حتى بلغ مني الجَهد ...
شقَّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم أرسلني ... يعني ضمه ثم تركته ... وقال له اقرأ ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ...قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما انا بقارئ ... ما أنا بقارئ ... قال رسول الله فأخذني فغطني ثالثة ... ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق ...
أي أنت لا تقرأه بقوتك ... ولا بمعرفتك ولا بحولك ولا بقولك ...
وإنما بحول الله وقول الله وتقدير الله وإعانة الله لك ...
اقرأ ...
فهو يعلمك ... يعلمك أن تقرأ كما خلقك وكما نزع عنك علق الدم وغمس الشيطان في الصغر وكما علَّم أمتك حتى صارت تكتب بالقلم بعد أن كانت أمة أمية فالذي سيعلمك القراءة وسيجعلك تقرأ
هو الله ...
قال من بيده ملكوت السماوات و الأرض
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [ العلق/1] { خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } [ العلق/2] { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } [ العلق/3] { الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } [ العلق/4] { عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [ العلق/5] ...
هذه الآيات فقط على الراجح من أقوال جمهور المفسرين ... وجمهور أهل السِيَر والتحقيق والتاريخ هذه الآيات فقط هي التي نزلت من سورة العلق على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون بقية السورة التي نزلت في مناسبةٍ أخرى ...
فأمة النبي هي أمة العلم ... هي أمة التعلم ... ولقد رفع الله شأن العلم وأهل العلم ... بل ولقد شهد الله لذاته بالوحدانية ... ثم شهد له من بعده ملائكته ... ثم شهد له من بعد الملائكة أولو العلم { شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ آل عمران/18] ... قال ابن القيم ... إن أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ...
ثم ثنَّى بملائكته ثم ثلَّث بأهل العلم وهذه هي العدالة في أعلى درجاتها فإن الله جل وعلا لا يستشهد بمجروح ... هذه تزكية كبيرة من الله لأهل العلم ... الله استشهد بهم على وحدانيته وهذه عدالة ... تعديل من الله لأهل العلم ... فإن الله تبارك وتعالى لا يستشهد بمجروح ... سبحانه وتعالى ...
ويقول الله تعالى { ..... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ المجادلة/11] ...
وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم ...
قال الله تعالى { ....ُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } [ طه/114] ... سنظل نستغل أي مناسبة لنذكر الأمة بالحرص على طلب العلم ...
من العلماء الربانيين المتحققين بالعلم الشرعي الذين يقولون قال الرب العلي قال الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة رضوان الله عليهم جميعا ...
هذا هو العلم هذا هوالسبيل هذا هو الطريق القرآن والسنة بفهم سلف الأمة ... بفهم أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [ العلق/1] { خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } [ العلق/2] { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } [ العلق/3] { الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } [ العلق/4] { عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [ العلق/5] ...
اختلف أهل العلم في جواب الرسول صلى الله عليه وسلم "ما أنا بقارئ " ... هل ال ما هنا استفهامية أم ... نافية ... اختلف العلماء ...فريق قال ما أنا بقارئ ... قال الما هنا نافية ... فريق أول قال ما أنا بقارئ نافية ... وليس استفهامية ... هذه هو قول الفريق الأول ... فلو كانت استفهامية لا يصح دخول هكذا قال الفريق الأول وانتصروا إلى أن ما نافية وليست استفهامية ...
ومعناها ما أنا بقارئ أي لا أحسن القراءة ... لا أعرف القراءة ... فهو ينفي أن يكون قارئا ... هذا هو القول الأول ... القول الثاني لأهل العلم قالوا لا ... بل ما هنا استفهامية ... واستدلوا برواية عبيد بن عمير عند ابن اسحاق عندما قالوا اقرأ رد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ماذا أقرأ ... وفي دلائل البيهقي ... في رواية مرسلة ... قال عليه الصلاة والسلام حينما قال له جبريل اقرأ قال ...كيف اقرأ ... إذاً الفريق الثاني قال أن ما هنا استفهامية ... الله تعالى أعلم بالصواب ...
و رجع النبي صلى الله عليه سلم و قلبه يرتجف
فزملته رضوان الله عليها خديجة والجميل أنها لا تصرخ في وجهه ولم تكثر في الإلحاح عليه ... ماذا جرى ... ماذا حدث ما الذي دهاك ... لماذا ترتجف .... كلا كلا ... فهي العاقلة التي علمت العقلاء ... والوفية التي جعلها الله دوما رمزا للوفاء ... زملوني زملوني فوضعت عليه الأغطية بعد الأغطية وتلو الأغطية وتركته ... حتى ذهب عنه الروع ... الفزغ ...
فلما استيقظ ... قام من نومه ... هو الذي جلس ليقص بنفسه ما رءا ...
و انه من جمال الزوجة و أدبها أن تسر زوجها و تهدئ من روعه
بالحب و الحنان كما فعلت خديجة رضوان الله عليها
زملوني ... فزملته وتركته حتى ذهب عنه الروع وجلس بأبي وأمي وروحي ... وأخبرها الخبر بما نزل به جبريل وقرأ عليه الآيات ... ثم قال لها عليه الصلاة والسلام لقد خشيت على نفسي يا خديجة ... أني خائف ... يقول لها بأبي وأمي وروحي لقد خشيت على نفسي يا خديجة ... ولقد اختلف أهل العلم في المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم لقد خشيت على نفسي اختلفوا على اثنى عشر قولا ... يعني ذُكر في لفظ لقد خشيت على نفسي ... ذُكر فيها اثنى عشر قولا لأهل العلم ...
منها لقد خشيت على نفسي أي خشيت الموت من شدة الرعب ...
ومنها العجز عن أعباء الدعوة .. عن حمل أعباء وتكاليف الرسالة ...
ومنها العجز عن النظر إلى المَلك أي جبريل من شدة الخوف والرعب ..
ومنها عدم الصبر على أذى القوم ...
ومنها خشيته أن يقتلوه ...
ومنها خشيته من مفارقة الأوطان ...
ومنها خشيته بتعييرهم له إلى غير ذلك من الأقوال ...
فماذا قالت خديجة ... رمز الوفاء ... رضي الله عنها ...سكن سيد الأنبياء ...
قالت كلا والله لا يخزيك الله أبدا ... إنك لتصل الرحم ... تذكره بمناقبه ... تذكره بمآثره وأخلاقه ... إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف ... وتعينه على نوائب الحق ...
فانطلقت به خديجة رضي الله عنها حتى أتت ورقة بن نوفل ... وهو بن عم خديجة ... وكان امرأً قد تنصر في الجاهلية . .. وكان يكتب كتابا عبراني ... أو العبراني ... أي بالعبرية ...
فيكتب بالإنجيل بالعبرانية ما شاء أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي ... فقالت له خديخة يابن عم اسمع من ابن أخيك ... فقال له ورقة ... يا بن أخي ماذا ترى ... فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رءا ...
فقال له ورقة بن نوفل هذا الناموس الذي نزل على موسى ... والناموس هو صاحب السر كما قال البخاري وغيره ...
وفرق أهل العلم بين الناموس وبين الجاسوس ... لأن من أهل العلم من قال أن الناموس والجاسوس بمعنى واحد وهو صاحب السر ... لكن الراجح أن الناموس هو صاحب سر الخير والجاسوس هو صاحب سر الشر ... فقال ورقة هذا الناموس ... الذي نزَّل الله على موسى أو نزل على موسى ...
يا ليتني فيها جذعى ... أي ليتني كنت شابا صغيرا قويا لأنصر الدعوة ولأنصر هذا النبي المرسل ... يا ليتني كنت فيها جذعى ... يا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أومخرجي هم ... قال نعم ... لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي ...
قال الملك الحق:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ...... } [ الفرقان/31]
وكل من سلك طريق الأنبياء لا بد أن يُعادي ... لا بد أن يعادى ... لابد أن نعلم هذه الحقيقة حتى لا يصطدم أحد منا مع أول منعطفات المحن والفتن والابتلاء على طريق الدعوة فيتخلى عن السير في هذا الطريق المنير ...
لأن بعض الإخوة يظن أن هذا الطريق ممهد بالورود والزهر والرياحين ... فإذا ما تعرض لمحنة خلى ... لا بد أن تعي طبيعة الطريق ....
قال لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي فما من نبي ولا رسول إلا وقد عاداه قومه ... كما قال ربنا { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ...... } [ الفرقان/31] ...
والعلماء ورثة الأنبياء وما من عالم على وجه الأرض إلا وله أعداء من المجرمين من الكافرين ومن المنافقين ومن المسلمين الظالمين الجاحدين الحاسدين الحاقدين ...
لا بد أن يكون له أعداء ... { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ...... } [ الفرقان/31]
فلابد أن تعي طبيعة الطريق حتى لا تصطدم مع أول منعطف من منعطفات المحن والفتن والابتلاءات على طريق الدعوة بل ربما تعادي من بيتك ... ربما تعادى من والديك إن سرت على طريق السُنة ... ربما تعادى من زوجتك وربما تُعادي الزوجة من زوجها إذا التزمت الطريق ...
قد تريد الزوجة أن تذهب إلى المعاصي ... إلى السينما إلى المسارح إلى المصائف .. ويرفض الزوج ... وقد يرغب الزوج أن يذهب إلى المصائف إلى السينما إلى المسارح وترفض الزوجة ... وقد يرغب الزوج على تربية الأولاد على الكتاب والسنة وتأبى الزوجة ... وقد ترغب الزوجة على تربية الأولاد على الكتاب والسنة ويأبى الزوج وهكذا ...
فلابد أن تعي طبيعة الطريق حتى لا تنحرف ... نسأل الله أن يثبتنا على هذا الطريق حتى أن نلقاه ...
قال أومخرجي هم ... قال نعم ... لم يأتي رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشد أن توفي ورقة وفتر الوحي أي انقطع الوحي لفترة من الفترات
وتصوروا حال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فتر الوحي .. أصبح النبي في حيرة شديدة ماذا بعد هذا النبأ ... ماذا بعد اقرأ باسم ربك الذي خلقك ... ما هي الرسالة ... ما هي المهمة ... وماذا اقرأ بعد ذلك ... وماذا اصنع ...
تصوروا الحالة التي كان يحياها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه اللحظات حتى نزل عليه جبريل مرة أخرى بآيات جليلة من آيات الله سبحانه وتعالى يكلفه تكليفا حاسما واضحا ... ما هي هذه الآيات ... وما هو هذا الموقف الجليل ...
نتعرف على الآيات في موقفها في الأسبوع المقبل بإذن الله إن قدَّر لنا الله البقاء واللقاء ... وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...
ابو ضاري
28-11-2009, 01:45
اللهم صلى وسلم على نبينا محمد
منهج القدوة!
علم الله الذي لا اله الا هو و هو مشرع البشرية أجمعين أن لازم يبقى في قدوة فبعث محمد صلى الله عليه و سلم
اللهم صل و سلم و بارك على أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
بعث الله قدوة للناس أجمعين و مثلا للعالمين
قال تعالى و قوله الحق
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب/21]
فصنعه الله على عينه و أعلى قدره ورفع شأنه و اصطفاه على الخلق أجمعين
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
فزكاه في عقله قال تعالى (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)
وزكاه في بصره قال تعالى ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى )
وزكاه في صدره قال تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)
وزكاه في قلبه قال تعالى (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)
وزكاه في علمه قال تعالى ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى)
وزكاه في صدقه قال تعالى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى)
وزكاه في طهره قال تعالى (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَك)
وزكاه في ذكره قال تعالى ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك)
وزكاه في حلمه قال تعالى (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
ثم زكاه رب البرية أجمعين فقد قال تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ "
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
الصورة الحية الكاملة العمليه للمنهج التربوي الاسلامي
دخلنا على عائشة فقلنا : يا أم المؤمنين ! ما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 234
خلاصة الدرجة: صحيح لغيره
كان صلى الله عليه وسلم قرءانا يمشي على الأرض
اية من ايات الله في هذا الكون
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الا كان أول منفذ له و ما نهى عن أمر الاا كان أول من انتهى عنه و ما أمر بحد الا كان أول الواقفين عليه
علمهم التوحيد
فكان أعرف الناس بربه
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه ، فقيل له : غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، قال : ( أفلا أكون عبدا شكورا ) .
الراوي: المغيرة بن شعبة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4836
خلاصة الدرجة: [صحيح]
أمرهم بالجود فكان أجود الناس
أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين . فأعطاه إياه . فأتى قومه فقال : أي قوم ! أسلموا . فوالله ! أن محمدا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر . فقال أنس : إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا . فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2312
خلاصة الدرجة: صحيح
كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في الدعوة من أن أمره الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ)
و لم يذق طعم النوم حتى أنزل الله في كتابه http://1aim.net/fourm/imgcache/4785.imgcache.gif الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا (http://www.qurancomplex.org/Quran/Display/display.asp?section=3&l=arb&nType=1&nSora=5&nAya=3)http://1aim.net/fourm/imgcache/4786.imgcache.gif أية 3 سورة المائدة
قدوة في الصبر و الثبات
تعالوا نسمع الحديث ده بقلوبنا فوالله لن يزيدك الا حبا و شوقا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال : لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال ، لتأمره بما شئت فيهم ، فناداني ملك الجبال ، فسلم علي ، ثم قال : يا محمد ، فقال : ذلك فيما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئا .
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3231
خلاصة الدرجة: [صحيح]
انتم متخيلين اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتقم لنفسه سبحان الله دعا لهم بالهداية و لم يدع عليهم أن يطبق الجبلين عليهم
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
كان رحمة للعباد من رب العباد
قال الله الذي لا اله الا هو:
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }
كان يبدأ أصحابه السلام و يجلس حتى ينتهي به المجلس و يجيب دعوة الحر و العبد و يقضي حاجة الضعيف و المسكين و يذهب السوق و يحمل حاجته بنفسه صلى الله عليه وسلم
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فكلمه فجعل ترعد فرائصه فقال له هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد
الراوي: أبو مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 2693 خلاصة الدرجة صحيح
أمرهم بالزهد عن الدنيا لا للفقر و لا لعجز
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قال فجلست فإذا عليه إزار وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع وقرظ في ناحية في الغرفة وإذا إهاب معلق فابتدرت عيناي فقال ما يبكيك يا ابن الخطاب فقلت يا نبي الله ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وذلك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت نبي الله وصفوته وهذه خزانتك قال يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا قلت بلى
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3367
خلاصة الدرجة: حسن
أمرهم بالجهاد فكان في صدر الصفوف و ينظم الجيوش و اذا تراجعوا ثبت النبي صلى الله عليه وسلم
قال له رجل : يا أبا عمارة وليتم يوم حنين ؟ قال : لا والله ما ولى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن ولى سرعان الناس ، فلقيتهم هوازن بالنبل ، والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء ، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب ) .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2844
خلاصة الدرجة: [صحيح]
كان نعم القدوة!
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
أحبته القلوب و أحبه الصحابة فاتخذوه خير قدوة صلى الله عليه وسلم
و احنا كمان لازم نعرفه صلى الله عليه وسلم عشان نحبه و نمشي على طريقه الطريق الصح باذن الله
اللهم اجمع قلوبنا على حبك و حب نبيك صلى الله عليه وسلم و نصرة دينك فأنت ولي ذلك و القادر عليه
سهو الليل
01-12-2009, 12:52
بساطة الرسول صلى الله عليه وسلم
- لم يتصرف الرسول (ص) كما لو كان اعظم او احسن من الآخرين، على الرغم من مكانته كقائد. لم يشعر الناس ابدا انهم ضعفاء او غير مرغوب فيهم او محرجين. كان يتحاور مع صحابته للعيش على نحو طبيعى و بتواضع ، و ان يطلقوا العبيد كلما استطاعوا وان يعطوا الصدقة خاصة للفقراء واليتامى والمساكين بدون التفكير فى اى مقابل.
- كان صلى الله عليه وسلم يأكل القليل و البسيط من الطعام و كان يفضل الا يملأ معدته. قد تمر أيام على بيت رسول الله لا تشعل فيها النار لطهو الطعام، وكان ينام على فراش متواضع على الارض
ولم يكن لديه أى وسيلة من وسائل الراحة او البهرجة داخل بيته البسيط.
- حاولت حفصة، زوجته ، فى يوم من الايام ان تجعله يرتاح في نومه أكثر خلال الليل عن طريق طى الحصيرة التي ينام عليها، بدون أخباره صلى الله عليه وسلم . نام فى هذة الليلة بسلام و لكنه استغرق فى النوم ولم يؤدي صلاة الفجر في وقتها. غضب الرسول من هذا التصرف لدرجة انه قرر ان لا ينام بهذه الطريقة مجددا.
- الحياة البسيطة و الرضا كانا من اهم التعاليم في حياة الرسول:
" عندما ترى شخص يملك من المال و الحسن أكثر منك، فانظر لمن لديه الأقل"، وبهذا سوف تشكر الله على عطاياه بدلا من ان تشعر بالحرمان.
- اعتاد الناس سؤال زوجته عائشة - ابنة أول و أوفى صحابته أبو بكر- كيف كان يعيش صلى الله عليه وسلم في المنزل؟ فكانت تجيبهم رضي الله عنها : "مثل اى رجل عادى ،كان يكنس المنزل، و يخيط ملابسه الخاصة ، و يصلح خفه ،و يسقى الجمال، و يحلب المعزاة،و يساعد الخدم فى عملهم ،و ياكل طعامه معهم، و كان يذهب الى السوق ليجلب لنا ما نحتاج."
- لم يكن لدى الرسول (ص) ثياب كثيرة، و كان يغسلها بنفسه . كان محب للمنزل و محب للسلام ، كان يقول:"عندما تدخل إلى منزل سل الله ان يباركه ." كان يحيي الآخرون بعبارة :" السلام عليكم." لان السلام هو اعظم شئ فى هذا الوجود.
- كانت الأخلاق الحميدة بالنسبة إليه ثوابت يجب الالتزام بها، و كان يحيى الناس بلطف، و يظهر الاحترام لمن هم اكبر سنا، وكما قال (ص) ما معناه :"أقربكم إلى مكانة أحسنكم خلقا."
- كل كلامه و تصرفاته والتي نجدها ضمن سنته المطهرة تدل على عظمتة و نبله، و عطفه ،و إنسانيته، و روح دعابته، و على سمو الاحساس الذى كان لديه تجاه الحيوانات و الأشخاص و خاصة تجاه أسرته.
- قبل كل شئ ، كان رجل يطبق كل ما يعظ به. حياته الخاصة و العامة كانتا مثالا رائعا لصحابته لكي يحتذوا بها.
سهو الليل
01-12-2009, 12:54
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
خيتي شام
واخي ابو ضاري
جزاكم ربي الف الف خير وخير
الله يبارك فيك أخي سهو الليل
للاضافة القيمة والمتابعة الجميلة
حفظك الباري ورعاك
حدث بناء الكعبة الشريفة ووضع الحجر الأسود
و الكعبة هي أول بيت وضعه الله للناس لعبادته عز و جل
قال الملك الحق:
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)
سورة آل عمران
وبكة هي مكة وسميت مكة ببكة لشدة ازدحام الحجيج والمعتمرين فيها فالبك في اللغة هو الزحام الشديد ... فسميت مكة ببكة لشدة الزحام فيها والبك في اللغة أيضا هو كسر العنق ... فما قصد مكة جبار بسوء إلا بك أي كسر الله عنقه... وأنتم تعلمون ماذا فعل الله بأصحاب الفيل قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم
فأول مسجد وضع للناس هو المسجد الحرام ..
ثم المسجد الأقصى
ففي الحديث:
قلت : يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال : ( المسجد الحرام ) . قال : قلت : ثم أي ؟ قال : ( المسجد الأقصى ) . قلت : كم كان بينهما ؟ قال : ( أربعون سنة ، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله ، فإن الفضل فيه ) .
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3366
خلاصة الدرجة: [صحيح]
قد يلتبث الأمر لبعض المؤرخين أوالمحققين أو طلبة العلم لأن بين إبراهيم عليه الصلاة والسلام وبين سليمان ما يزيد على ألف سنة ... والحديث يقول أن المدة الزمنية بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى هي أربعون سنة ...
"قلت كم بينهما قال أربعون سنة"
والإشكال يزول إذا علمنا أن المراد بهذه المدة الزمنية هي أن المسجد الحرام اختلف اهل العلم في أول من بناه
فمن أهل العلم من قال أن أول من بناه الملائكة ... ومن أهل العلم من قال أن أول من بناه آدم ...
فإذا اعتبرنا البناء لبشر فأول من بناه من البشر هو آدم عليه السلام ثم تحرك آدم على الراجح إلى هذه الديار المقدسة
فبنى المسجد الأقصى والآخر ليكون بيت الله في العبادة ثم جاء بعد ذلك إبراهيم فرفع قواعد البيت وجاء سليمان فأكمل بنيان المسجد الأقصى
فأصل البناء بينهما أربعون سنة على عهد آدم عليه السلام
وهذا ما رجحه الإمام الحافظ بن حجر وغيره كالإمام الجوزي
فالذي أكمل البنيان لبيت الله الحرام إبراهيم عليه السلام
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ..... } [ البقرة/127]
وكذلك نبي الله سليمان أكمل وأتم بناء المسجد الأقصى ... أما أساس البنيان فبينه وبين أساس بنيان بيت الله الحرام أربعون سنة كما قال الصادق الذي لا ينظق عن الهوى
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
[ البقرة/127]
{ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [ البقرة/128]
و مع عظم عمل إبراهيم و إسماعيل عليهم و على رسولنا السلام
يدعوان الله عز و جل بقبول العمل
اللهم ارزقنا الإخلاص و القبول في القول و العمل
فلا نعجب و لا نغتر بعمل و قد دعا إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام ملك السماوات و الأرض بالقبول و هما يبنيان أطهر مكان على وجه الأرض
سبحان الملك العظيم
هنتكلم الأن على أعظم موقف
موقف كله يقين بالله
توكل على الله
ثقة بوعد الملك الجليل العظيم
يوم أن ترك إبراهيم عليه السلام زوجته هاجر و ابنه اسماعيل
في صحراء نائية
لا زرع و لا ماء
و قالت: آلله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا
انها حلاوة اليقين و الثقة برب العالمين
درس يعلمنا من توكل ووثق بالملك
فلن يضيعه رب السماوات و الأرض
فالتوكل على الله حال نبينا صلى الله عليه وسلم
و الأخذ بالأسباب سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
فمن كان على حال المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا يترك سنته
فحارب النبي صلى الله عليه وسلم و هو يلبس الدرع لا من خوف بل من التوكل
و كان صلى الله عليه وسلم يدخر القوت
و أخذ بالأسباب يوم الهجرة
و يقول ابن القيم:
التوكل هو جماع الإيمان
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
أترككم مع الحديث الشريف:
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعها عند البيت ، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفى إبراهيم منطلقا ، فتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إيراهيم ، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي ، الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يتلفت إليها ، فقالت له :
آلله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا
، ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه ، استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ، ورفع يديه فقال :
{ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع - حتى بلغ - يشكرون }
. وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى ، أو قال يتلبط ، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا ، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى إذا جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ، ففعلت ذلك سبع مرات
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( فذلك سعي الناس بينهما ) .
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا ، فقالت صه - تريد نفسها - ثم تسمعت ، فسمعت أيضا ، فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه ، أو قال : بجناحه ، حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف . قال ابن عباس :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يرحم الله أم إسماعيل ، لو كانت تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينا معينا ) .
قال : فشربت وأرضعت ولدها ، قال لها الملك :
لا تخافوا الضيعة ، فإن ها هنا بيت الله ، يبني هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله
. وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول ، فتأخذ عن يمينه وشماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ، أو أهل بيت من جرهم ، مقبلين من طريق كداء ، فنزلوا في أسفل مكة ، فرأوا طائرا عائفا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا ، قال : وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا :
أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ فقالت : نعم ، ولكن لا حق لكم في الماء ، قالوا : نعم .
قال ابن عباس :
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس ) .
فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم ، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم ، وشب الغلام وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شب ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم ، وماتت أم إسماعيل ،
فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته ، فلم يجد إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ،
فقالت :
نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة ، فشكت إليه
، قال :
فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، وقولي له يغير عتبة بابه
فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا
فقال : هل جاءكم من أحد ؟ قالت : نعم
جاءنا شيخ كذا وكذا ، فسألنا عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ، فأخبرته أنا في جهد وشدة
قال : فهل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول : غير عتبة بابك ، قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك ، الحقي بأهلك ، فطلقها ، وتزوج منهم أخرى
فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده ، فدخل على امرأته فسألها عنه
قالت : خرج يبتغي لنا ، قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم ، قالت : نحن بخير وسعة ، وأثنت على الله . فقال : ما طعامكم ؟ قالت : اللحم . قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : اللهم بارك في اللحم والماء .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم دعا لهم فيه ) .
قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه .
قال :
فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبة بابه ، فلم جاء إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير ، قال : فأوصاك بشيء ، قالت : نعم ، هو يقرأ عليك السلام ، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك ، قال : ذاك أبي وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك
ثم لبث عنهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك ، وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم ، فلما رآه قام إليه ، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد
ثم قال : إن الله أمرني بأمر
قال : فاصنع ما أمر ربك
قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك
قال : فإن الله أمرني أن أبني بيتا ها هنا بيتا
وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها
قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء ، جاء بهذا الحجر ، فوضعه له فقام عليه ، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ، وهما يقولان :
{ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم }
قال : فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان :
{ ربنا تقبل منا إنك السميع العليم } .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3364
خلاصة الدرجة: [صحيح]
http://1aim.net/fourm/imgcache/8263.imgcache.jpg
قال الملك الحق:
... { رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }
[ إبراهيم/37]
فلا يحرك بدنك الى بيت الله الا فؤادك
اللهم ارزقنا أجمعين حجة الى المسجد الحرام يا أكرم الأكرمين
و ضرب إسماعيل مثلا عظيما للبر
الطاعة
... قال اصنع ما أمرك ربك ...
أين نحن من اصنع ما أمرك ربك
بنوك الربا- التبرج - الغيبة- البدع
أين أمة الإسلام من اصنع ما أمرك ربك
رب السماوات و الأرض
من بيده قلوبنا و عقولنا و أرزاقنا
أين أنا؟
و أين أنت؟
و أين نحن؟
اللهم أحينا على حبك و طاعتك و توفنا على كلمة التوحيد لا اله الا الله
قال الله الذي لا اله الا هو:
http://1aim.net/fourm/imgcache/8264.imgcache.gifيَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ http://1aim.net/fourm/imgcache/8265.imgcache.gif[الصافات:102]
افعل ما تؤمر
اللهم اجعلنا ممن يقولون و يسمعون القول فيتبعون أحسنه
فجعل إبراهيم يبني وإسماعيل يأتي بالحجارة ...
اسماعيل يأتي بالحجارة من الصحراء
... ينقل حجارة من صحراء مترامية ...
وإبراهيم يبني ...
حتى رفع إبراهيم البناء وارتفع البناء ...
وعجز إبراهيم عن أن يكمل البناء فوق ذلك ...
وقف بعد ذلك ... فجاء له إسماعيل بحجر ...
ليقف عليه إبراهيم ليتم البناء ...
فلما ارتق إبراهيم هذا الحجر غاصت قدماه فيه ...
وهذا كما قال الإمام البخاري وغيره من أهل العلم أن هذا هو المقام الذي كان ملاصقا للكعبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه
وفي عهد عمر طاف عمر بالبيت فوجد المقام أي الحجر الذي ارتقى إبراهيم عليه السلام عليه ليكمل البناء وجد هذا المقام يعوق حركة الطائفين فأخره عمر بن الخطاب إلى موضعه الذي هو في الأن
http://1aim.net/fourm/imgcache/8267.imgcache.jpg
أأتمَّ إبراهيم البناء ...
ثم قال لاسماعيل ...
يا بني اذهب فالتمس لي حجراً لأضعه في الموضع الذي فيه الحجر الأسود اذهب فالتمس لي حجراً لأضعه ها هنا
و الحديث صححه ورواه البيهقي في الدلائل من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسند صحيح ذهب اسماعيل يطوف بالجبال فنزل جبريل بالحجر الأسود من السماء ...
فجاء حجرا غريبا ليس من جنس حجارة البيت فقال لأبيه يا أبت من جاءك بهذا الحجر ... فقال إبراهيم لإسماعيل جاء به من لا يتكل على بناء وبنائك ... جاء به جبريل من السماء ...
فلما فرغ إبراهيم من بناء البيت أمره الله عز وجل أن يؤذن في الناس بالحج ...
فقال إبراهيم يا رب وما يبلغ صوتي ...
أذن لمن ومن يسمع صوتي ...
هل هناك أحد؟ هل يبلغ صوتي؟
... فقال الله عز وجل آذِّن وعلينا البلاغ ...
قال إبراهيم فماذا أقول
قال قل يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا ...
فسمعه منبين السماء والأرض ...
ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون
ويقولون لبيك اللهم لبيك ... والحديث رواوالحاكم والبيهقي عن ابن عباس بأسانيد قوية ... كما قال الحافظ بن حجر في فتح الباري في كتاب الحج المرة الثانية التي بني فيها البيت كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ...
فلما بلغ النبي الخامسة والثلاثين من عمره كانت الكعبة في هيئة تحتاج إلى ترميم وإصلاح ...
فقد كانت الكعبة في هذه الوقت مبنية بالردم ... وما هي الردم ... الحجارة التي تضع فوق بعضها بدون طين يمسكها ... اسمه الردم ..
حجر فوق حجر بدون طين أو في لغتنا بدون مونة ... فالبناء غير مستقر وغير ثابت ... فكانت مبنية بالردم ليس فيها مدر ... مدر يعني طين ...
وكان قدر ما يقتحمها العناق ... انثى الماعز يعني ارتفاعها قليل ليست مرتفعة ... وكانت غير مسقوفة ... وإنما توضع عليها الثياب ثم تسدل عليها سدلا ... ثياب الكعبة أو كسوة الكعبة ... وكان الركن الأسود موضعا على سورهما ظاهراً باديا ... الحجر
وكانت الكعبة في هذا الوقت ... هذا التوقيت ... على هيئة ... أو ذات ركنين ...
على شكل حرف الدي باللغة الإنجليزية حرف الـ D ... هذا هو الشكل الذي كان موجود عليه الكعبة في هذا الوقت ...
فأقبلت سفينة من أرض الروم حتى إذا كانت السفينة قريبة من جدة انكسرت ...
قامت ريح فانكسرت السفينة ... فخرجت قريش ... فأخذت خشب هذه السفينة ووجدوا عندها رومياًً
وفي رواية اشترى أهل مكة من الرومي الخشب ... وأخذوه ... وكان هذا الرومي الذي في السفينة يعمل نجاراً ... فقدموا بالخشب وبالرومي ...
فقالت قريش نبني بهذا الخشب بيت ربنا ... فلما أن أرادوا هدمه ... عندما جاءوا بالنجار والخشب وحاولوا أن يهدموا البيت ... والبيت مبني فقط من ردم أو حجارة موضوعة فوق بعضها البعض ... يريدون هدمها ليعدوا هدمها على قواعد إبراهيم ... المعروفة الطاهرة البادية له ...
فلما أرادوا أن يهدموا البيت فإذا هم بحية ... ثعبان ضخم جدا على سور البيت ... فجعلت كلما دنا أي اقترب أحدا من البيت ليهدمه أو يأخذ من حجارته شيئا سعت إليه فاتحةً فاهها ... فاجتمعت قريش عند الحرم ...
وعجوا - تضرعوا إلى الله بالدعاء ... وقالوا ربنا لم نُرعى أو لم نزغ ؟؟
أو في رواية أخرى من بن اسحاق لم نزغ
أردنا تشريف بيتك وترتيبه ... فإن كنت ترضى بذلك وإلا فافعل ما بدالك ...
فإذا هم بهذا الدعاء بطائر عظيم أعظم من النسر فغرس هذا الطائر مخالبه في قفة الحيَّة ثم انطلق يجرها حتى انطلق بها نحو أجياد بعيد عن مكة فهدمتها قريش
وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي تحملها قريش على رقابها فرفعوا بناء الكعبة في السماء عشرين ذراعا
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشاركهم في ذلك البناء وفي حمل الحجارة
فكان النبي ممن ينقلون الحجارة من الوادي عندما ناداهم منادٍ لا يعرفه ولا يستطيع النبي أن يراه وكان سببا النداء أنه عندما كان يحمل الحجارة من أجياد وعليه نمرة (كساء) مخطط باللون الأسود والأبيض ...
وعليه نمرة إذا ضاقت عليه النمرة كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا ضاقت عليه النمره ذهب ليضع النمرة على عاتقه تحت الحجارة ...
فبدت عورته من صغر النمرة فنودي
يا محمد خمل عورتك أي غطِّي عورتك فلم يُرَ عريانا بعد ذلك ...
وفرحت قريش فرحا شديدا ببنائها لبيت ربها عز وجل
ودقت مكة كلها طبول الحرب وأوعدت وكادت أن تعصف في مكة كلها بفتنة تأكل الأخضر واليابس
فتصوروا رجال مكة وقبائل مكة التي عششت العصبية في عقولهم وقلوبهم قبل المبعث النبوي المبارك بل ولقد كان أحده يذبح أخاه من أجل ناقة ...
فتصوروا ماذا يفعلون من أجل بيت يذبحون لأجله آلاف النياق ...
كادت أن تعصف فتنة بمكة وأن تفسد على مكة كلها فرحتهم العارمة ببناء البيت حينما اختلفت قبائل مكة أي قبيلة ستحصل وتنال شرف وضع الحجر الأسود في موضعه من بيت الله الحرام
... اختلفت قريش ...
وكان الله سبحانه وتعالى رحيما بأصحاب هذه العقول ...
عندما قذف في قلب أحدهم أو في قلب بعضهم أن يحكموا أول رجل يدخل عليهم ...
قال أحدهم والحديث رواه أحمد والحاكم والبيهقي بالدلائل ... وصحح إسناده الإمام الذهبي في السيرة ... ورواه أبي نعيم كذلك في الدلائل ... وسند الحديث صحيح ...
فقال ... فبنينا حتى بلغنا الحجر ... وما يرى الحجر منا أحد فإذا هو وسط حجارتنا يكاد يترايا منه وجه الرجل من صفائه وتلألئه ... الحجر ليس من جنس الحجارة ... يكاد يترايا ... يعني يكاد الرجل يرى فيه وجهه ... فقال ؟؟ ( بطن ) من قريش يعني قبيلة من القبائل
نحن نضع ...
نحن أصحاب هذا الشرف ونحن من نستحقه ...
وقال آخرون بل نحن نضعه ...
حتى كاد أن يكون بينهم قتال بالسيوف فقالوا اجعلوا بينكما حكما
قالوا أول رجلٍ يطلع من الفج أي من هذا الطريق الواسع ...
وبعد لحظات تعلقت الأبصار بل والقلوب وصمتت الأنفاس بل وخشعت ذرات البيت وحبات الرمال ...
والكل ينتظر من هذا الذي سيدخل عليهم يا ترى من هذا الفج الواسع والطريق العميق
وهتف الجميع على قلب ولسان رجل واحد
أتاكم الأمين ....أتاكم الأمين
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
انتزعها النبي صلى الله عليه وسلم من القلوب قبل الألسنة...
فلقد خلع البرلمان المكي بالإجماع على النبي صلى الله عليه وسلم لقب الصادق الأمين ...
أتاكم الأمين أتاكم الأمين...
فمحمد صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي وروحي هو من هو في قومه من العقل ومن الحكمة ومن الرجولة ومن النسب ومن الحسب ومن الأمانة ومن العفة ومن الطهر ومن الشرف ومن الصدق ... أي قلوبهم متعلقة به ... وتزداد الفرحة وتكتمل السعادة آتاكم الأمين آتاكم الأمين صلى الله عليه وسلم ...
فأخبروه ...
فقال لهم ... من علَّم الدنيا كلها حلاوة الحكمة وحقيقتها ...
قال تعالى
{ يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } [ البقرة/269]
اللهم ارزقنا الحكمة ...
فأخبروه ...
فقال الأمين عليه الصلاة والسلام ...
أحضروا ثوبا كبيرا رداء ضخما ...
فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده أي وضع الحجر بيده في ثوب في رداء ضخم كبير ... ثم دعا النبي بطون قريش ... كل بطن ... :كل قبيلة لها رأس ... دعا بطونهم وطلب منهم أن يحملوا جميعا الحجر فينال شرف نقل الحجر ... فوضعه هو بيده الكريمة ...
وحملوا جميعا الرداء ونقله مرة أخرى بيده الكريمة فوضعه في موضعه من بيت الله وبذلك أوقف النبي سيلا من الدماء كاد أن ينفجر وأوقف النبي فرقة بين أهل مكة ... كاد وباؤها أن يعم ...
ساقه الله إليهم فلما لمحوه أشارت القلوب قبل الألسنة آتاكم الأمين وكان الأمين صلى الله عليه وسلم رحمةً عليهم قبل مبعثه وبعد مبعثه ...
وتمكَّن حب النبي من القلوب ... تعلقت به قلوب السادة ... قلوب الرجاء والنساء والأطفال ... بل لقد تعلقت به جدران البيت ... ورمال الصحراء وشجر البوادي ...
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
ونترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسأل الله عز وجل أن يحيينا على طاعته وأن يرزقنا شفاعته وأن يحشرنا تحت لوائه ... وأن يجمعنا به في جنات النعيم ...و صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...
ابو ضاري
02-12-2009, 18:07
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد
ابو ضاري
03-12-2009, 17:46
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP) المرحلـة الثانية: الدعــوة جهــارًا
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
أول أمـر بإظهار الدعـوة
لما تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتتحمل عبء تبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها نزل الوحى يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالنة الدعوة، ومجابهة الباطل بالحسنى.
وأول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (javascript:openquran(25,214,214)) [الشعراء:214]، وقد ورد في سياق ذكرت فيه أولًا قصة موسى عليه السلام، من بداية نبوته إلى هجرته مع بني إسرائيل، وقصة نجاتهم من فرعون وقومه، وإغراق آل فرعون معه، وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام، خلال دعوة فرعون وقومه إلى الله.
وكأن هذا التفصيل جىء به مع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بجهر الدعوة إلى الله؛ ليكون أمامه وأمام أصحابه مثال لما سيلقونه من التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ البداية.
ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة ـ عدا ما ذكر من أمر فرعون وقومه ـ ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب عاقبة أمرهم وما سيلقونه من مؤاخذة الله إن استمروا عليه، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم وليس للمكذبين.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
الدعـوة في الأقربين
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بني هاشم بعد نزول هذه الآية، فجاءوا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا نحو خمسة وأربعين رجلًا. فلما أراد أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بادره أبو لهب وقال: هؤلاء عمومتك وبنو عمك فتكلم، ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأنا أحق من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشر مما جئت به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم في ذلك المجلس.
ثم دعاهم ثانية وقال: (الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له). ثم قال: (إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إنى رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا).
فقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقًا لحديثك. وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم، غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به. فوالله، لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسى لا تطاوعنى على فراق دين عبد المطلب.
فقال أبو لهب: هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب: والله لنمنعه ما بقينا.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
على جبل الصفا
وبعد تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته وهو يبلغ عن ربه، صعد النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا، فعلا أعلاها حجرًا، ثم هتف: (يا صباحاه)
وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم.
ثم جعل ينادى بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل: (يا بني فهر، يا بني عدى، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب).
فلما سمعوا قالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فأسرع الناس إليه، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش.
فلما اجتمعوا قال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادى بسَفْح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصَدِّقِىَّ؟).
قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا، ما جربنا عليك إلا صدقًا.
قال: (إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، إنما مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العَدُوّ فانطلق يَرْبَأ أهله)( أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو) (خشى أن يسبقوه فجعل ينادى: يا صباحاه)
ثم دعاهم إلى الحق، وأنذرهم من عذاب الله، فخص وعم فقال:
(يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا.
يا بني كعب بن لؤى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا.
يا بني مرة بن كعب، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا معشر بني قصى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا.
يا معشر بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا.
يا بني عبد شمس، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا معشر بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا، سلونى من مالى ماشئتم، لا أملك لكم من الله شيئًا.
يا عباس بن عبد المطلب، لا أغنى عنك من الله شيئًا.
يا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله، لا أغنى عنك من الله شيئًا.
يا فاطمة بنت محمد رسول الله، سلينى ما شئت من مالى، أنقذى نفسك من النار، فإنى لا أملك لك ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنك من الله شيئًا.
غير أن لكم رحمًا سأبُلُّها بِبلاَلها) أي أصلها حسب حقها.
ولما تم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا، ولا يذكر عنهم أي ردة فعل، سوى أن أبا لهب واجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء، وقال: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (javascript:openquran(110,1,1)) [سورة المسد:1].
كانت هذه الصيحـة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم، وأن عصبة القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتى من عند الله.
ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (javascript:openquran(14,94,94)) [الحجر:94]، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعوة إلى الإسلام في مجامع المشركين ونواديهم، يتلو عليهم كتاب الله، ويقول لهم ما قالته الرسل لأقوامهم: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} (javascript:openquran(6,59,59)) [الأعراف:59]،وبدء يعبد الله تعالى أمام أعينهم، فكان يصلى بفناء الكعبة نهارًا جهارًا وعلى رءوس الأشهاد.
وقد نالت دعوته مزيدًا من القبول، ودخل الناس في دين الله واحدًا بعد واحد. وحصل بينهم وبين من لم يسلم من أهل بيتهم تباغض وتباعد وعناد واشمأزت قريش من كل ذلك، وساءهم ما كانوا يبصرون.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة
وخلال هذه الأيام أهم قريشًا أمر آخر،وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه إلا أيام أو أشهر معدودة حتى قرب موسم الحج، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم، فرأت أنه لابد من كلمة يقولونها للعرب، في شأن محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب، فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون في تلك الكلمة، فقال لهم الوليد: أجمعوا فيه رأيـًا واحدًا،ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضًا، ويرد قولكم بعضه بعضًا، قالوا: فأنت فقل، وأقم لنا رأيًا نقول به. قال: بل أنتم فقولوا أسمع. قالوا: نقول: كاهن. قال: لا والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزَمْزَمَة الكاهن ولا سجعه. قالوا: فنقول: مجنون، قال: ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، ما هو بخَنْقِه ولا تَخَالُجِه ولا وسوسته. قالوا: فنقول: شاعر. قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رَجَزَه وهَزَجَه وقَرِيضَه ومَقْبُوضه ومَبْسُوطه، فما هو بالشعر، قالوا: فنقول: ساحر. قال: ما هو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنَفْثِهِم ولا عقْدِهِم. قالوا: فما نقول؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، [وإن عليه لطلاوة] وإن أصله لعَذَق، وإن فَرْعَه لجَنَاة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: ساحر. جاء بقول هو سحر، يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك.
وتفيد بعض الروايات أن الوليد لما رد عليهم كل ما عرضوا له، قالوا: أرنا رأيك الذي لا غضاضة فيه، فقال لهم: أمهلونى حتى أفكر في ذلك، فظل الوليد يفكر ويفكر حتى أبدى لهم رأيه الذي ذكر آنفًا.
وفي الوليد أنزل الله تعالى ست عشرة آية من سورة المدثر{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَفَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِسَأُصْلِيهِ سَقَرَ} (javascript:openquran(73,11,26)) [من 11 إلى 26] وفي خلالها صور كيفية تفكيره، فقال: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} (javascript:openquran(73,18,25)) [المدثر:18: 25]
وبعد أن اتفق المجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه، فجلسوا بسبل الناس حين قدموا للموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره.
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يتبع الناس في منازلهم وفي عُكَاظ ومَجَنَّة وذى المَجَاز، يدعوهم إلى الله، وأبو لهب وراءه يقول: لا تطيعوه فإنه صابئ كذاب.
وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
أساليب شتى لمجابهة الدعوة
ولما فرغت قريش من الحج فكرت في أساليب تقضى بها على هذه الدعوة في مهدها. وتتلخص هذه الأساليب فيما يلي:
1ـ السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب والتضحيك:
قصدوا بها تخذيل المسلمين، وتوهين قواهم المعنوية، فرموا النبي صلى الله عليه وسلم بتهم هازلة، وشتائم سفيهة، فكانوا ينادونه بالمجنون {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (javascript:openquran(14,6,6)) [الحجر:6]، ويصمونه بالسحر والكذب {وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (javascript:openquran(37,4,4)) [ص:4]،وكانوا يشيعونه ويستقبلونه بنظرات ملتهمة ناقمة، وعواطف منفعلة هائجة {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (javascript:openquran(67,51,51)) [القلم:51]،وكان إذا جلس وحوله المستضعفون من أصحابه استهزأوا بهم وقالوا: هؤلاء جلساؤه {مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا} (javascript:openquran(5,53,53)) [الأنعام: 53]، قال تعالى: {أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} (javascript:openquran(5,53,53)) [الأنعام:53]،وكانوا كما قص الله علينا {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} (javascript:openquran(82,29,33)) [المطففين: 29: 33].
وقد أكثروا من السخرية والاستهزاء وزادوا من الطعن والتضحيك شيئًا فشيئًا حتى أثر ذلك في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (javascript:openquran(14,97,97)) [الحجر:97]، ثم ثبته الله وأمره بما يذهب بهذا الضيق فقال: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (javascript:openquran(14,98,99))[الحجر:98، 99]، وقد أخبره من قبل أنه يكفيه هؤلاء المستهزئين حيث قال: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ} (javascript:openquran(14,95,96)) [الحجر: 95، 96]، وأخبره أن فعلهم هذا سوف ينقلب وبالًا عليهم فقال: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ} (javascript:openquran(5,10,10)) [الأنعام:10].
2ـ إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات الكاذبة:
وقد أكثروا من ذلك وتفننوا فيه بحيث لا يبقى لعامة الناس مجال للتدبر في دعوته والتفكير فيها، فكانوا يقولون عن القرآن: {أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ} (javascript:openquran(20,5,5)) [الأنبياء:5] يراها محمد بالليل ويتلوها بالنهار، ويقولون: {بَلِ افْتَرَاهُ} (javascript:openquran(20,5,5)) من عند نفسه ويقولون: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} (javascript:openquran(15,103,103)) وقالوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} (javascript:openquran(24,4,4)) [الفرقان: 4] أي اشترك هو وزملاؤه في اختلاقه. {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (javascript:openquran(24,5,5)) [الفرقان:5]
وأحيانا قالوا: إن له جنًا أو شيطانًا يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان. قال تعالى ردًا عليهم: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} (javascript:openquran(25,221,222)) [الشعراء:221، 222]، أي إنها تنزل على الكذاب الفاجر المتلطخ بالذنوب، وما جرّبتم علىّ كذبًا، وما وجدتم في فسقًا، فكيف تجعلون القرآن من تنزيل الشيطان؟
وأحيانًا قالوا عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنه مصاب بنوع من الجنون، فهو يتخيل المعانى، ثم يصوغها في كلمات بديعة رائعة كما يصوغ الشعراء، فهو شاعر وكلامه شعر. قال تعالى ردًا عليهم: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (javascript:openquran(25,224,226)) [الشعراء:225: 226] فهذه ثلاث خصائص يتصف بها الشعراء ليست واحدة منها في النبي صلى الله عليه وسلم، فالذين اتبعوه هداة مهتدون، متقون صالحون في دينهم وخلقهم وأعمالهم وتصرفاتهم، وليست عليهم مسحة من الغواية في أي شأن من شئونهم، ثم النبي صلى الله عليه وسلم لا يهيم في كل واد كما يهيم الشعراء، بل هو يدعو إلى رب واحد، ودين واحد، وصراط واحد، وهو لا يقول إلا ما يفعل، ولا يفعل إلا ما يقول، فأين هو من الشعر والشعراء؟ وأين الشعر والشعراء منه.
هكذا كان يرد عليهم بجواب مقنع حول كل شبهة كانوا يثيرونها ضد النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن والإسلام.
ومعظم شبهتهم كانت تدور حول التوحيد، ثم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بعث الأموات ونشرهم وحشرهم يوم القيامة، وقد رد القرآن على كل شبهة من شبهاتهم حول التوحيد، بل زاد عليها زيادات أوضح بها هذه القضية من كل ناحية، وبين عجز آلهتهم عجزًا لا مزيد عليه، ولعل هذا كان مثار غضبهم واستنكارهم الذي أدى إلى ما أدى إليه.
أما شبهاتهم في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم مع اعترافهم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته وغاية صلاحه وتقواه، كانوا يعتقدون أن منصب النبوة والرسالة أجل وأعظم من أن يعطى لبشر، فالبشر لا يكون رسولًا، والرسول لا يكون بشرًا حسب عقيدتهم. فلما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبوته، ودعا إلى الإيمان به تحيروا وقالوا: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} (javascript:openquran(24,7,7)) [الفرقان: 7]، وقالوا: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم بشر،و {مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ} (javascript:openquran(5,91,91)) [الأنعام: 19]، فقال تعالى ردًا عليهم:{قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ} (javascript:openquran(5,91,91))، وكانوا يعرفون ويعترفون بأن موسى بشر. ورد عليهم أيضًا بأن كل قوم قالوا لرسلهم إنكارًا على رسالتهم: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} (javascript:openquran(13,10,10)) [إبراهيم:10]، فـ {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} (javascript:openquran(13,11,11)) [إبراهيم: 11]. فالأنبياء والرسل لا يكونون إلا بشرًا، ولا منافاة بين البشرية والرسالة.
وحيث إنهم كانوا يعترفون بأن إبراهيم و إسماعيل وموسى ـ عليهم السلام ـ كانوا رسلًا وكانوا بشرًا، فإنهم لم يجدوا مجالًا للإصرار على شبهتهم هذه،فقالوا:ألم يجد الله لحمل رسالته إلا هذا اليتيم المسكين،ما كـان اللـه ليترك كـبار أهـل مكـة والطائف ويتخذ هذا المسكين رسولًا{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (javascript:openquran(42,31,31)) [الزخرف:31]، قال تعالى ردًا عليهم:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} (javascript:openquran(42,32,32)) [الزخرف:32]، يعنى أن الوحى والرسالة رحمة من الله و{اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (javascript:openquran(5,124,124)) [الأنعام:124].
وانتقلوا بعد ذلك إلى شبهة أخرى، قالوا: إن رسل ملوك الدنيا يمشون في موكب من الخدم والحشم، ويتمتعون بالأبهة والجلال، ويوفر لهم كل أسباب الحياة، فما بال محمد يدفع في الأسواق للقمة عيش وهو يدعى أنه رسول الله؟ {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا} (javascript:openquran(24,7,8)) [الفرقان:7: 8]، ورد على شبهتهم هذه بأن محمدًا رسول، يعنى أن مهمته هو إبلاغ رسالة الله إلى كل صغير وكبير، وضعيف وقوى، وشريف ووضيع، وحر وعبد، فلو لبث في الأبهة والجلال والخدم والحشم والحرس والمواكبين مثل رسل الملوك، لم يكن يصل إليه ضعفاء الناس وصغارهم حتى يستفيدوا به، وهم جمهور البشر، وإذن فاتت مصلحة الرسالة، ولم تعد لها فائدة تذكر.
أما إنكارهم البعث بعد الموت فلم يكن عندهم في ذلك إلا التعجب والاستغراب والاستبعاد العقلي، فكانوا يقولون: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ} (javascript:openquran(36,16,17))[الصافات:16، 17]،وكانوا يقولون: {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} (javascript:openquran(49,3,3)) [ق: 3] وكانوا يقولون على سبيل الاستغراب: {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ} (javascript:openquran(33,7,8)) [سبأ: 7، 8].
وقال قائلهم:
أَموْتٌ ثم بَعْثٌ ثم حَشْرٌ ** حدِيثُ خُرَافة يا أم عمرو
وقد رد عليهم بتبصيرهم ما يجرى في الدنيا، فالـظالم يموت دون أن يلقى جزاء ظلمه، والمظلوم يموت دون أن يأخذ حقه من ظالمه، والمحسن الصالح يموت قبل أن يلقى جزاء إحسانه وصلاحه، والفاجر المسىء يموت قبل أن يعاقب على سوء عمله، فإن لم يكن بعث ولا حياة ولا جزاء بعد الموت لاستوى الفريقان، بل لكان الظالم والفاجر أسعد من المظلوم والصالح، وهذا غير معقول إطلاقا. ولا يتصور من الله أن يبني نظام خلقه على مثل هذا الفساد. قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (javascript:openquran(67,35,36)) [القلم:35، 36]، وقال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (javascript:openquran(67,35,35)) [ص: 28]، وقال: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} (javascript:openquran(44,21,21)) [الجاثية:21].
وأما الاستبعاد العقلى فقال تعالى ردًا عليه: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا} (javascript:openquran(78,27,27)) [النازعات:27]، وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (javascript:openquran(45,33,33)) [الأحقاف: 33]، وقال: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ} (javascript:openquran(55,62,62)) [الواقعة:62]، وبين ما هو معروف عقلًا وعرفًا، وهو أن الإعادة {أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (javascript:openquran(29,27,27))[الروم: 27]،وقال: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} (javascript:openquran(20,104,104)) [الأنبياء:104]، وقال: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} (javascript:openquran(49,15,15)) [ق: 15].
وهكذا رد على كل ما أثاروا من الشبهات ردًا مفحمًا يقنع كل ذى عقل ولب، ولكنهم كانوا مشاغبين مستكبرين يريدون عُلوا في الأرض وفرض رأيهم على الخلق، فبقوا في طغيانهم يعمهون.
3 ـ الحيلولة بين الناس وبين سماعهم القرآن، ومعارضته بأساطير الأولين:
كان المشركون بجنب إثارة هذه الشبهات يحولون بين الناس وبين سماعهم القرآن ودعوة الإسلام بكل طريق يمكن، فكانوا يطردون الناس ويثيرون الشغب والضوضاء ويتغنون ويلعبون، إذا رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ للدعوة، أو إذا رأوه يصلى ويتلو القرآن. قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (javascript:openquran(40,26,26)) [فصلت:26] حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتمكن من تلاوة القرآن عليهم في مجامعهم ونواديهم إلا في أواخر السنة الخامسة من النبوة، وذلك أيضًا عن طريق المفاجأة، دون أن يشعروا بقصده قبل بداية التلاوة.
وكان النضر بن الحارث، أحد شياطين قريش قد قدم الحيرة، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم واسفنديار، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا للتذكير بالله والتحذير من نقمته خلفه النضر ويقول: أنا و الله يا معشر قريش أحسن حديثًا منه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسفنديار، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثًا مني.
وفي رواية عن ابن عباس أن النضر كان قد اشترى قَيْنَةً، فكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته، فيقول: أطعميه واسقيه وغنيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد، وفيه نزل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (javascript:openquran(30,6,6)) [لقمان: 6].
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
الاضطهادات
أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيئًا فشيئًا لإحباط الدعوة بعد ظهورها في بداية السنة الرابعة من النبوة، ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب لا يتجاوزونها إلى طريق الاضطهاد والتعذيب، ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعًا في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، فقرروا القيام بتعذيب المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وانقض كل سيد على من اختار من عبيده طريق الإيمان.
وكان من الطبيعي أن يهرول الأذناب والأوباش خلف ساداتهم وكبرائهم، ويتحركوا حسب مرضاتهم وأهوائهم، فجروا على المسلمين ـ ولاسيما الضعفاء منهم ـ ويلات تقشعر منها الجلود، وأخذوهم بنقمات تتفطر لسماعها القلوب.
كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال، والجاه، وإن كان ضعيفًا ضربه وأغرى به.
وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من ورق النخيل ثم يدخنه من تحته.
ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه منعته الطعام والشراب، وأخرجته من بيته، وكان من أنعم الناس عيشًا، فتَخَشَّفَ جلده تخشف الحية.
وكان صهيب بن سنان الرومي يُعذَّب حتى يفقد وعيه ولا يدرى ما يقول.
وكان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يضع في عنقه حبلًا، ثم يسلمه إلى الصبيان، يطوفون به في جبال مكة، ويجرونه حتى كان الحبل يؤثر في عنقه، وهو يقول: أحَدٌ أحَدٌ، وكان أمية يـشده شـدًا ثم يضربه بالعصا، و يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس، كما كان يكرهه على الجوع. وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في الرمضاء في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا واللـه لا تـزال هكـذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى، فيقول وهو في ذلك: أحد،أحد، ويقـول: لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها. ومر به أبو بكر يوما وهم يصنعون ذلك به فاشتراه بغلام أسود، وقيل: بسبع أواق أو بخمس من الفضة، وأعتقه.
وكان عمار بن ياسر رضي الله عنه مولى لبني مخزوم، أسلم هو وأبوه وأمه، فكان المشركون ـ وعلى رأسهم أبو جهل ـ يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء فيعذبونهم بحرها. ومر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون فقال: (صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة)، فمات ياسر في العذاب، وطعن أبو جهل سمية ـ أم عمار ـ في قبلها بحربة فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام، وهي سمية بنت خياط مولاة أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكانت عجوزًا كبيرة ضعيفة. وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة، وبوضع الصخر الأحمر على صدره أخرى، وبغطه في الماء حتى كان يفقد وعيه. وقالوا له: لا نتركك حتى تسب محمدًا، أو تقول في اللات والعزى خيرًا، فوافقهم على ذلك مكرهًا، وجاء باكيًا معتذرًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} (javascript:openquran(15,106,106))الآية [ النحل: 106 ].
وكان أبو فُكَيْهَةَ ـ واسمة أفلح ـ مولى لبني عبد الدار، وكان من الأزد. فكانوا يخرجونه في نصف النهار في حر شديد، وفي رجليه قيد من حديد، فيجردونه من الثياب، ويبطحونه في الرمضاء، ثم يضعون على ظهره صخرة حتى لا يتحرك، فكان يبقى كذلك حتى لا يعقل، فلم يزل يعذب كذلك حتى هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وكانوا مرة قد ربطوا رجله بحبل، ثم جروه وألقوه في الرمضاء وخنقوه حتى ظنوا أنه قد مات، فمر به أبو بكر فاشتراه وأعتقه لله.
وكان خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سِباع الخزاعية، وكان حدادًا، فلما أسلم عذبته مولاته بالنار، كانت تأتى بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره أو رأسه، ليكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يزيده ذلك إلا إيمانًا وتسليمًا، وكان المشركون أيضًا يعذبونه فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، وقد ألقوه على النار، ثم سحبوه عليها، فما أطفأها إلا وَدَكَ ظهره.
وكانت زِنِّيرَةُ أمَةً رومية قد أسلمت فعذبت في الله، وأصيبت في بصرها حتى عميت، فقيل لها: أصابتك اللات والعزى، فقالت: لا والله ما أصابتني، وهذا من الله، وإن شاء كشفه، فأصبحت من الغد وقد رد الله بصرها، فقالت قريش: هذا بعض سحر محمد.
وأسلمت أم عُبَيْس، جارية لبني زهرة، فكان يعذبها المشركون، وبخاصة مولاها الأسود بن عبد يغوث، وكان من أشد أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المستهزئين به.
وأسلمت جارية عمر بن مؤمل من بني عدى، فكان عمر بن الخطاب يعذبها ـ وهو يومئذ على الشرك ـ فكان يضربها حتى يفتر، ثم يدعها ويقول: والله ما أدعك إلا سآمة، فتقول: كذلك يفعل بك ربك.
وممـن أسلمـن وعـذبن مـن الجـوارى: النهدية وابنتها، وكانتا لامـرأة من بني عبد الدار.
وممن عذب من العبيد: عامر بن فُهَيْرَة، كان يعذب حتى يفقد وعيه ولا يدرى ما يقول.
واشترى أبوبكر رضي الله عنه هؤلاء الإماء والعبيد رضي الله عنهم وعنهن أجمعين، فأعتقهم جميعًا. وقد عاتبه في ذلك أبوه أبو قحافة وقال: أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أعتقت رجالًا جلدًا لمنعوك. قال: إني أريد وجه الله. فأنزل الله قرآنًا مدح فيه أبا بكر، وذم أعداءه. قال تعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (javascript:openquran(91,14,16)) [الليل:14: 16] وهو أمية بن خلف، ومن كان على شاكلته {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى} (javascript:openquran(91,17,21)) [الليـل:17: 21] وهـو أبـو بـكـر الصديـق رضي الله عنه.
وأوذى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أيضًا. فقد أخذه نوفل بن خويلد العدوى، وأخذ معه طلحة بن عبيد الله فشدهما في حبل واحد، ليمنعهما عن الصلاة وعن الدين فلم يجيباه، فلم يروعاه إلا وهما مطلقان يصليان؛ ولذلك سميا بالقرينين، وقيل: إنما فعل ذلك عثمان بن عبيد الله أخو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
والحاصل أنهم لم يعلموا بأحد دخل في الإسلام إلا وتصدوا له بالأذى والنكال، وكان ذلك سهلًا ميسورًا بالنسبة لضعفاء المسلمين، ولا سيما العبيد والإماء منهم، فلم يكن من يغضب لهم ويحميهم، بل كانت السادة والرؤساء هم أنفسهم يقومون بالتعذيب ويغرون الأوباش، ولكن بالنسبة لمن أسلم من الكبار والأشراف كان ذلك صعبًا جدًا؛ إذ كانوا في عز ومنعة من قومهم، ولذلك قلما كان يجتريء عليهم إلا أشراف قومهم، مع شيء كبير من الحيطة والحذر.
ابو ضاري
03-12-2009, 17:48
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)المرحلـة الثانية: الدعــوة جهــارًا
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
أول أمـر بإظهار الدعـوة
لما تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتتحمل عبء تبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها نزل الوحى يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالنة الدعوة، ومجابهة الباطل بالحسنى.
وأول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (http://javascript<b></b>:openquran(25,214,214)) [الشعراء:214]، وقد ورد في سياق ذكرت فيه أولًا قصة موسى عليه السلام، من بداية نبوته إلى هجرته مع بني إسرائيل، وقصة نجاتهم من فرعون وقومه، وإغراق آل فرعون معه، وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام، خلال دعوة فرعون وقومه إلى الله.
وكأن هذا التفصيل جىء به مع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بجهر الدعوة إلى الله؛ ليكون أمامه وأمام أصحابه مثال لما سيلقونه من التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ البداية.
ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة ـ عدا ما ذكر من أمر فرعون وقومه ـ ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب عاقبة أمرهم وما سيلقونه من مؤاخذة الله إن استمروا عليه، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم وليس للمكذبين.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
الدعـوة في الأقربين
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بني هاشم بعد نزول هذه الآية، فجاءوا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا نحو خمسة وأربعين رجلًا. فلما أراد أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بادره أبو لهب وقال: هؤلاء عمومتك وبنو عمك فتكلم، ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأنا أحق من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشر مما جئت به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم في ذلك المجلس.
ثم دعاهم ثانية وقال: (الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له). ثم قال: (إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إنى رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا).
فقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقًا لحديثك. وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم، غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به. فوالله، لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسى لا تطاوعنى على فراق دين عبد المطلب.
فقال أبو لهب: هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب: والله لنمنعه ما بقينا.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
على جبل الصفا
وبعد تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته وهو يبلغ عن ربه، صعد النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا، فعلا أعلاها حجرًا، ثم هتف: (يا صباحاه)
وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم.
ثم جعل ينادى بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل: (يا بني فهر، يا بني عدى، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب).
فلما سمعوا قالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فأسرع الناس إليه، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش.
فلما اجتمعوا قال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادى بسَفْح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصَدِّقِىَّ؟).
قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا، ما جربنا عليك إلا صدقًا.
قال: (إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، إنما مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العَدُوّ فانطلق يَرْبَأ أهله)( أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو) (خشى أن يسبقوه فجعل ينادى: يا صباحاه)
ثم دعاهم إلى الحق، وأنذرهم من عذاب الله، فخص وعم فقال:
(يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا.
يا بني كعب بن لؤى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا.
يا بني مرة بن كعب، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا معشر بني قصى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا.
يا معشر بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا.
يا بني عبد شمس، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا معشر بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا، سلونى من مالى ماشئتم، لا أملك لكم من الله شيئًا.
يا عباس بن عبد المطلب، لا أغنى عنك من الله شيئًا.
يا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله، لا أغنى عنك من الله شيئًا.
يا فاطمة بنت محمد رسول الله، سلينى ما شئت من مالى، أنقذى نفسك من النار، فإنى لا أملك لك ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنك من الله شيئًا.
غير أن لكم رحمًا سأبُلُّها بِبلاَلها) أي أصلها حسب حقها.
ولما تم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا، ولا يذكر عنهم أي ردة فعل، سوى أن أبا لهب واجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء، وقال: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (http://javascript<b></b>:openquran(110,1,1)) [سورة المسد:1].
كانت هذه الصيحـة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم، وأن عصبة القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتى من عند الله.
ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (http://javascript<b></b>:openquran(14,94,94)) [الحجر:94]، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعوة إلى الإسلام في مجامع المشركين ونواديهم، يتلو عليهم كتاب الله، ويقول لهم ما قالته الرسل لأقوامهم: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} (http://javascript<b></b>:openquran(6,59,59)) [الأعراف:59]،وبدء يعبد الله تعالى أمام أعينهم، فكان يصلى بفناء الكعبة نهارًا جهارًا وعلى رءوس الأشهاد.
وقد نالت دعوته مزيدًا من القبول، ودخل الناس في دين الله واحدًا بعد واحد. وحصل بينهم وبين من لم يسلم من أهل بيتهم تباغض وتباعد وعناد واشمأزت قريش من كل ذلك، وساءهم ما كانوا يبصرون.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة
وخلال هذه الأيام أهم قريشًا أمر آخر،وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه إلا أيام أو أشهر معدودة حتى قرب موسم الحج، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم، فرأت أنه لابد من كلمة يقولونها للعرب، في شأن محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب، فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون في تلك الكلمة، فقال لهم الوليد: أجمعوا فيه رأيـًا واحدًا،ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضًا، ويرد قولكم بعضه بعضًا، قالوا: فأنت فقل، وأقم لنا رأيًا نقول به. قال: بل أنتم فقولوا أسمع. قالوا: نقول: كاهن. قال: لا والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزَمْزَمَة الكاهن ولا سجعه. قالوا: فنقول: مجنون، قال: ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، ما هو بخَنْقِه ولا تَخَالُجِه ولا وسوسته. قالوا: فنقول: شاعر. قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رَجَزَه وهَزَجَه وقَرِيضَه ومَقْبُوضه ومَبْسُوطه، فما هو بالشعر، قالوا: فنقول: ساحر. قال: ما هو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنَفْثِهِم ولا عقْدِهِم. قالوا: فما نقول؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، [وإن عليه لطلاوة] وإن أصله لعَذَق، وإن فَرْعَه لجَنَاة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: ساحر. جاء بقول هو سحر، يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك.
وتفيد بعض الروايات أن الوليد لما رد عليهم كل ما عرضوا له، قالوا: أرنا رأيك الذي لا غضاضة فيه، فقال لهم: أمهلونى حتى أفكر في ذلك، فظل الوليد يفكر ويفكر حتى أبدى لهم رأيه الذي ذكر آنفًا.
وفي الوليد أنزل الله تعالى ست عشرة آية من سورة المدثر{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَفَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِسَأُصْلِيهِ سَقَرَ} (http://javascript<b></b>:openquran(73,11,26)) [من 11 إلى 26] وفي خلالها صور كيفية تفكيره، فقال: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} (http://javascript<b></b>:openquran(73,18,25)) [المدثر:18: 25]
وبعد أن اتفق المجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه، فجلسوا بسبل الناس حين قدموا للموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره.
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يتبع الناس في منازلهم وفي عُكَاظ ومَجَنَّة وذى المَجَاز، يدعوهم إلى الله، وأبو لهب وراءه يقول: لا تطيعوه فإنه صابئ كذاب.
وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
أساليب شتى لمجابهة الدعوة
ولما فرغت قريش من الحج فكرت في أساليب تقضى بها على هذه الدعوة في مهدها. وتتلخص هذه الأساليب فيما يلي:
1ـ السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب والتضحيك:
قصدوا بها تخذيل المسلمين، وتوهين قواهم المعنوية، فرموا النبي صلى الله عليه وسلم بتهم هازلة، وشتائم سفيهة، فكانوا ينادونه بالمجنون {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (http://javascript<b></b>:openquran(14,6,6)) [الحجر:6]، ويصمونه بالسحر والكذب {وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (http://javascript<b></b>:openquran(37,4,4)) [ص:4]،وكانوا يشيعونه ويستقبلونه بنظرات ملتهمة ناقمة، وعواطف منفعلة هائجة {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (http://javascript<b></b>:openquran(67,51,51)) [القلم:51]،وكان إذا جلس وحوله المستضعفون من أصحابه استهزأوا بهم وقالوا: هؤلاء جلساؤه {مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا} (http://javascript<b></b>:openquran(5,53,53)) [الأنعام: 53]، قال تعالى: {أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} (http://javascript<b></b>:openquran(5,53,53)) [الأنعام:53]،وكانوا كما قص الله علينا {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} (http://javascript<b></b>:openquran(82,29,33)) [المطففين: 29: 33].
وقد أكثروا من السخرية والاستهزاء وزادوا من الطعن والتضحيك شيئًا فشيئًا حتى أثر ذلك في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(14,97,97)) [الحجر:97]، ثم ثبته الله وأمره بما يذهب بهذا الضيق فقال: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (http://javascript<b></b>:openquran(14,98,99))[الحجر:98، 99]، وقد أخبره من قبل أنه يكفيه هؤلاء المستهزئين حيث قال: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(14,95,96)) [الحجر: 95، 96]، وأخبره أن فعلهم هذا سوف ينقلب وبالًا عليهم فقال: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(5,10,10)) [الأنعام:10].
2ـ إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات الكاذبة:
وقد أكثروا من ذلك وتفننوا فيه بحيث لا يبقى لعامة الناس مجال للتدبر في دعوته والتفكير فيها، فكانوا يقولون عن القرآن: {أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ} (http://javascript<b></b>:openquran(20,5,5)) [الأنبياء:5] يراها محمد بالليل ويتلوها بالنهار، ويقولون: {بَلِ افْتَرَاهُ} (http://javascript<b></b>:openquran(20,5,5)) من عند نفسه ويقولون: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} (http://javascript<b></b>:openquran(15,103,103)) وقالوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(24,4,4)) [الفرقان: 4] أي اشترك هو وزملاؤه في اختلاقه. {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (http://javascript<b></b>:openquran(24,5,5)) [الفرقان:5]
وأحيانا قالوا: إن له جنًا أو شيطانًا يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان. قال تعالى ردًا عليهم: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} (http://javascript<b></b>:openquran(25,221,222)) [الشعراء:221، 222]، أي إنها تنزل على الكذاب الفاجر المتلطخ بالذنوب، وما جرّبتم علىّ كذبًا، وما وجدتم في فسقًا، فكيف تجعلون القرآن من تنزيل الشيطان؟
وأحيانًا قالوا عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنه مصاب بنوع من الجنون، فهو يتخيل المعانى، ثم يصوغها في كلمات بديعة رائعة كما يصوغ الشعراء، فهو شاعر وكلامه شعر. قال تعالى ردًا عليهم: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(25,224,226)) [الشعراء:225: 226] فهذه ثلاث خصائص يتصف بها الشعراء ليست واحدة منها في النبي صلى الله عليه وسلم، فالذين اتبعوه هداة مهتدون، متقون صالحون في دينهم وخلقهم وأعمالهم وتصرفاتهم، وليست عليهم مسحة من الغواية في أي شأن من شئونهم، ثم النبي صلى الله عليه وسلم لا يهيم في كل واد كما يهيم الشعراء، بل هو يدعو إلى رب واحد، ودين واحد، وصراط واحد، وهو لا يقول إلا ما يفعل، ولا يفعل إلا ما يقول، فأين هو من الشعر والشعراء؟ وأين الشعر والشعراء منه.
هكذا كان يرد عليهم بجواب مقنع حول كل شبهة كانوا يثيرونها ضد النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن والإسلام.
ومعظم شبهتهم كانت تدور حول التوحيد، ثم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بعث الأموات ونشرهم وحشرهم يوم القيامة، وقد رد القرآن على كل شبهة من شبهاتهم حول التوحيد، بل زاد عليها زيادات أوضح بها هذه القضية من كل ناحية، وبين عجز آلهتهم عجزًا لا مزيد عليه، ولعل هذا كان مثار غضبهم واستنكارهم الذي أدى إلى ما أدى إليه.
أما شبهاتهم في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم مع اعترافهم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته وغاية صلاحه وتقواه، كانوا يعتقدون أن منصب النبوة والرسالة أجل وأعظم من أن يعطى لبشر، فالبشر لا يكون رسولًا، والرسول لا يكون بشرًا حسب عقيدتهم. فلما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبوته، ودعا إلى الإيمان به تحيروا وقالوا: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} (http://javascript<b></b>:openquran(24,7,7)) [الفرقان: 7]، وقالوا: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم بشر،و {مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ} (http://javascript<b></b>:openquran(5,91,91)) [الأنعام: 19]، فقال تعالى ردًا عليهم:{قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ} (http://javascript<b></b>:openquran(5,91,91))، وكانوا يعرفون ويعترفون بأن موسى بشر. ورد عليهم أيضًا بأن كل قوم قالوا لرسلهم إنكارًا على رسالتهم: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} (http://javascript<b></b>:openquran(13,10,10)) [إبراهيم:10]، فـ {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} (http://javascript<b></b>:openquran(13,11,11)) [إبراهيم: 11]. فالأنبياء والرسل لا يكونون إلا بشرًا، ولا منافاة بين البشرية والرسالة.
وحيث إنهم كانوا يعترفون بأن إبراهيم و إسماعيل وموسى ـ عليهم السلام ـ كانوا رسلًا وكانوا بشرًا، فإنهم لم يجدوا مجالًا للإصرار على شبهتهم هذه،فقالوا:ألم يجد الله لحمل رسالته إلا هذا اليتيم المسكين،ما كـان اللـه ليترك كـبار أهـل مكـة والطائف ويتخذ هذا المسكين رسولًا{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (http://javascript<b></b>:openquran(42,31,31)) [الزخرف:31]، قال تعالى ردًا عليهم:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} (http://javascript<b></b>:openquran(42,32,32)) [الزخرف:32]، يعنى أن الوحى والرسالة رحمة من الله و{اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (http://javascript<b></b>:openquran(5,124,124)) [الأنعام:124].
وانتقلوا بعد ذلك إلى شبهة أخرى، قالوا: إن رسل ملوك الدنيا يمشون في موكب من الخدم والحشم، ويتمتعون بالأبهة والجلال، ويوفر لهم كل أسباب الحياة، فما بال محمد يدفع في الأسواق للقمة عيش وهو يدعى أنه رسول الله؟ {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا} (http://javascript<b></b>:openquran(24,7,8)) [الفرقان:7: 8]، ورد على شبهتهم هذه بأن محمدًا رسول، يعنى أن مهمته هو إبلاغ رسالة الله إلى كل صغير وكبير، وضعيف وقوى، وشريف ووضيع، وحر وعبد، فلو لبث في الأبهة والجلال والخدم والحشم والحرس والمواكبين مثل رسل الملوك، لم يكن يصل إليه ضعفاء الناس وصغارهم حتى يستفيدوا به، وهم جمهور البشر، وإذن فاتت مصلحة الرسالة، ولم تعد لها فائدة تذكر.
أما إنكارهم البعث بعد الموت فلم يكن عندهم في ذلك إلا التعجب والاستغراب والاستبعاد العقلي، فكانوا يقولون: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(36,16,17))[الصافات:16، 17]،وكانوا يقولون: {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} (http://javascript<b></b>:openquran(49,3,3)) [ق: 3] وكانوا يقولون على سبيل الاستغراب: {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ} (http://javascript<b></b>:openquran(33,7,8)) [سبأ: 7، 8].
وقال قائلهم:
أَموْتٌ ثم بَعْثٌ ثم حَشْرٌ ** حدِيثُ خُرَافة يا أم عمرو
وقد رد عليهم بتبصيرهم ما يجرى في الدنيا، فالـظالم يموت دون أن يلقى جزاء ظلمه، والمظلوم يموت دون أن يأخذ حقه من ظالمه، والمحسن الصالح يموت قبل أن يلقى جزاء إحسانه وصلاحه، والفاجر المسىء يموت قبل أن يعاقب على سوء عمله، فإن لم يكن بعث ولا حياة ولا جزاء بعد الموت لاستوى الفريقان، بل لكان الظالم والفاجر أسعد من المظلوم والصالح، وهذا غير معقول إطلاقا. ولا يتصور من الله أن يبني نظام خلقه على مثل هذا الفساد. قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(67,35,36)) [القلم:35، 36]، وقال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(67,35,35)) [ص: 28]، وقال: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(44,21,21)) [الجاثية:21].
وأما الاستبعاد العقلى فقال تعالى ردًا عليه: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا} (http://javascript<b></b>:openquran(78,27,27)) [النازعات:27]، وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (http://javascript<b></b>:openquran(45,33,33)) [الأحقاف: 33]، وقال: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(55,62,62)) [الواقعة:62]، وبين ما هو معروف عقلًا وعرفًا، وهو أن الإعادة {أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (http://javascript<b></b>:openquran(29,27,27))[الروم: 27]،وقال: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} (http://javascript<b></b>:openquran(20,104,104)) [الأنبياء:104]، وقال: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} (http://javascript<b></b>:openquran(49,15,15)) [ق: 15].
وهكذا رد على كل ما أثاروا من الشبهات ردًا مفحمًا يقنع كل ذى عقل ولب، ولكنهم كانوا مشاغبين مستكبرين يريدون عُلوا في الأرض وفرض رأيهم على الخلق، فبقوا في طغيانهم يعمهون.
3 ـ الحيلولة بين الناس وبين سماعهم القرآن، ومعارضته بأساطير الأولين:
كان المشركون بجنب إثارة هذه الشبهات يحولون بين الناس وبين سماعهم القرآن ودعوة الإسلام بكل طريق يمكن، فكانوا يطردون الناس ويثيرون الشغب والضوضاء ويتغنون ويلعبون، إذا رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ للدعوة، أو إذا رأوه يصلى ويتلو القرآن. قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (http://javascript<b></b>:openquran(40,26,26)) [فصلت:26] حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتمكن من تلاوة القرآن عليهم في مجامعهم ونواديهم إلا في أواخر السنة الخامسة من النبوة، وذلك أيضًا عن طريق المفاجأة، دون أن يشعروا بقصده قبل بداية التلاوة.
وكان النضر بن الحارث، أحد شياطين قريش قد قدم الحيرة، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم واسفنديار، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا للتذكير بالله والتحذير من نقمته خلفه النضر ويقول: أنا و الله يا معشر قريش أحسن حديثًا منه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسفنديار، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثًا مني.
وفي رواية عن ابن عباس أن النضر كان قد اشترى قَيْنَةً، فكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته، فيقول: أطعميه واسقيه وغنيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد، وفيه نزل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (http://javascript<b></b>:openquran(30,6,6)) [لقمان: 6].
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
الاضطهادات
أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيئًا فشيئًا لإحباط الدعوة بعد ظهورها في بداية السنة الرابعة من النبوة، ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب لا يتجاوزونها إلى طريق الاضطهاد والتعذيب، ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعًا في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، فقرروا القيام بتعذيب المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وانقض كل سيد على من اختار من عبيده طريق الإيمان.
وكان من الطبيعي أن يهرول الأذناب والأوباش خلف ساداتهم وكبرائهم، ويتحركوا حسب مرضاتهم وأهوائهم، فجروا على المسلمين ـ ولاسيما الضعفاء منهم ـ ويلات تقشعر منها الجلود، وأخذوهم بنقمات تتفطر لسماعها القلوب.
كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال، والجاه، وإن كان ضعيفًا ضربه وأغرى به.
وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من ورق النخيل ثم يدخنه من تحته.
ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه منعته الطعام والشراب، وأخرجته من بيته، وكان من أنعم الناس عيشًا، فتَخَشَّفَ جلده تخشف الحية.
وكان صهيب بن سنان الرومي يُعذَّب حتى يفقد وعيه ولا يدرى ما يقول.
وكان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يضع في عنقه حبلًا، ثم يسلمه إلى الصبيان، يطوفون به في جبال مكة، ويجرونه حتى كان الحبل يؤثر في عنقه، وهو يقول: أحَدٌ أحَدٌ، وكان أمية يـشده شـدًا ثم يضربه بالعصا، و يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس، كما كان يكرهه على الجوع. وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في الرمضاء في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا واللـه لا تـزال هكـذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى، فيقول وهو في ذلك: أحد،أحد، ويقـول: لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها. ومر به أبو بكر يوما وهم يصنعون ذلك به فاشتراه بغلام أسود، وقيل: بسبع أواق أو بخمس من الفضة، وأعتقه.
وكان عمار بن ياسر رضي الله عنه مولى لبني مخزوم، أسلم هو وأبوه وأمه، فكان المشركون ـ وعلى رأسهم أبو جهل ـ يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء فيعذبونهم بحرها. ومر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون فقال: (صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة)، فمات ياسر في العذاب، وطعن أبو جهل سمية ـ أم عمار ـ في قبلها بحربة فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام، وهي سمية بنت خياط مولاة أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكانت عجوزًا كبيرة ضعيفة. وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة، وبوضع الصخر الأحمر على صدره أخرى، وبغطه في الماء حتى كان يفقد وعيه. وقالوا له: لا نتركك حتى تسب محمدًا، أو تقول في اللات والعزى خيرًا، فوافقهم على ذلك مكرهًا، وجاء باكيًا معتذرًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} (http://javascript<b></b>:openquran(15,106,106))الآية [ النحل: 106 ].
وكان أبو فُكَيْهَةَ ـ واسمة أفلح ـ مولى لبني عبد الدار، وكان من الأزد. فكانوا يخرجونه في نصف النهار في حر شديد، وفي رجليه قيد من حديد، فيجردونه من الثياب، ويبطحونه في الرمضاء، ثم يضعون على ظهره صخرة حتى لا يتحرك، فكان يبقى كذلك حتى لا يعقل، فلم يزل يعذب كذلك حتى هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وكانوا مرة قد ربطوا رجله بحبل، ثم جروه وألقوه في الرمضاء وخنقوه حتى ظنوا أنه قد مات، فمر به أبو بكر فاشتراه وأعتقه لله.
وكان خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سِباع الخزاعية، وكان حدادًا، فلما أسلم عذبته مولاته بالنار، كانت تأتى بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره أو رأسه، ليكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يزيده ذلك إلا إيمانًا وتسليمًا، وكان المشركون أيضًا يعذبونه فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، وقد ألقوه على النار، ثم سحبوه عليها، فما أطفأها إلا وَدَكَ ظهره.
وكانت زِنِّيرَةُ أمَةً رومية قد أسلمت فعذبت في الله، وأصيبت في بصرها حتى عميت، فقيل لها: أصابتك اللات والعزى، فقالت: لا والله ما أصابتني، وهذا من الله، وإن شاء كشفه، فأصبحت من الغد وقد رد الله بصرها، فقالت قريش: هذا بعض سحر محمد.
وأسلمت أم عُبَيْس، جارية لبني زهرة، فكان يعذبها المشركون، وبخاصة مولاها الأسود بن عبد يغوث، وكان من أشد أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المستهزئين به.
وأسلمت جارية عمر بن مؤمل من بني عدى، فكان عمر بن الخطاب يعذبها ـ وهو يومئذ على الشرك ـ فكان يضربها حتى يفتر، ثم يدعها ويقول: والله ما أدعك إلا سآمة، فتقول: كذلك يفعل بك ربك.
وممـن أسلمـن وعـذبن مـن الجـوارى: النهدية وابنتها، وكانتا لامـرأة من بني عبد الدار.
وممن عذب من العبيد: عامر بن فُهَيْرَة، كان يعذب حتى يفقد وعيه ولا يدرى ما يقول.
واشترى أبوبكر رضي الله عنه هؤلاء الإماء والعبيد رضي الله عنهم وعنهن أجمعين، فأعتقهم جميعًا. وقد عاتبه في ذلك أبوه أبو قحافة وقال: أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أعتقت رجالًا جلدًا لمنعوك. قال: إني أريد وجه الله. فأنزل الله قرآنًا مدح فيه أبا بكر، وذم أعداءه. قال تعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (http://javascript<b></b>:openquran(91,14,16)) [الليل:14: 16] وهو أمية بن خلف، ومن كان على شاكلته {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى} (http://javascript<b></b>:openquran(91,17,21)) [الليـل:17: 21] وهـو أبـو بـكـر الصديـق رضي الله عنه.
وأوذى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أيضًا. فقد أخذه نوفل بن خويلد العدوى، وأخذ معه طلحة بن عبيد الله فشدهما في حبل واحد، ليمنعهما عن الصلاة وعن الدين فلم يجيباه، فلم يروعاه إلا وهما مطلقان يصليان؛ ولذلك سميا بالقرينين، وقيل: إنما فعل ذلك عثمان بن عبيد الله أخو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
والحاصل أنهم لم يعلموا بأحد دخل في الإسلام إلا وتصدوا له بالأذى والنكال، وكان ذلك سهلًا ميسورًا بالنسبة لضعفاء المسلمين، ولا سيما العبيد والإماء منهم، فلم يكن من يغضب لهم ويحميهم، بل كانت السادة والرؤساء هم أنفسهم يقومون بالتعذيب ويغرون الأوباش، ولكن بالنسبة لمن أسلم من الكبار والأشراف كان ذلك صعبًا جدًا؛ إذ كانوا في عز ومنعة من قومهم، ولذلك قلما كان يجتريء عليهم إلا أشراف قومهم، مع شيء كبير من الحيطة والحذر.
اعرف الطريق!
أوقات كتير أيها الأخ الملتزم و الأخت الملتزمة
بتحس انك تعبت
و بتحسي انك تعبتي؟!
تعبت كتيييييير من كثرة الصعوبات اللي بتقابلها في طريق التزامك
تعبت من كثرة القيود اللي حواليك و الحياة اللي انت نفسك تعيشها صح و مع ذلك مش عارف لكثرة الضياع في المجتمع اللي حوالينا؟!!
لحيتك بتعملك مشاكل؟! نقابك بتتعرضي للأذى بسببه
النهاردة هنتكلم على أول تطبيق عملي للسيرة
تفتكر اذا النبي صلى الله عليه وسلم كان مكانك كان عمل ايه؟!!
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
لقب أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم قبل النبوة بالصادق الأمين
و لكن....
عندما كلف بأشرف رسالة و دعوة على وجه الأرض ألا و هي التوحيد
اتهمه الكفار و المشركين بالكذب
و السحر
و الجنون!
و هو الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
عودي من أهله
في بلده
وسط عشيرته
و مع ذلك ثبت النبي صلى الله عليه و سلم
و أخرج العالم كله من الظلام الى النور
ذكرنا في الحلقة الماضية احدى صور تعرضه للأذى عندما أخبر السيده عائشة بأشد المواقف التي تعرض لها و مع ذلك دعا لهم أن يدخلهم الله الاسلام و أن ينقذهم من النار بالتوحيد
طيب احنا!
المسلمين!
لما بنؤذى من أجل الدعوة بنعمل ايه؟!
بنثبت؟!
بنندم؟!!
موقفنا ايه؟!!
عشان كده السيرة النبوية العطرة هي أكبر عوامل ثباتنا باذن الرحمن
أذكركم و أذكر نفسي بموقف الصادق الأمين صلى الله عليه و سلم و أبو بكر رضي الله عنه
القصة اللي سمعناها كتير منذبدأت عقولنا تتفتح
قصة الغار!
أن أبا بكر الصديق حدثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار . فقلت : يا رسول الله ! لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال " يا أبا بكر ! ما ظنك باثنين الله ثالثهما " .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2381
خلاصة الدرجة: صحيح
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
ما ظنك باثنين الله ثاثهما
ما حال قلب ينطق بأسمى معاني التوحيد في أصعب أوقات الابتلاء!!!
و انت كمان بلحيتك و مبادءك و انتي بنقابك و حجابك
ما ظنك بالله في اللحظة اللي بتتاذي فيها عشان الملك الحقّ!
افتكر حبيبك و شفيعك و نبيك و معلمك و قدوتك أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
الطريق مش سهل!
الطريق الى الله ليس ممهدا بالورود و الزهور
لأ الطريق مليان امتحانات بتختبرك و بتثبتك على الطريق الصح
طريق الجنة باذن الرحمن
و لكن.....
من وسط الايذاء الذي عاش فيه أشرف الخلق محمد صلى الله عليه و سلم
نجح في تأسيس أقوى أمة على وجه الأرض
قال الله الذي لا اله الا هو عنهم:
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ 110 - (آل عمران)
شهد الله عز و جل لهم بالخيرة و رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم
قال المصطفى
خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء أقوام : تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2652
خلاصة الدرجة: [صحيح]
من وسط قمة الكفر و الشرك و تعدد الأديان و الألهة و فوق ذلك محاربة النبي صلى الله عليه و سلم تمكن المصطفى صلى الله عليه وسلم من أن يقف لهذا الدين محاربا مناضلا
و أخرج خير الناس بمنهجه صلى الله عليه و سلم ليصبحوا قادة العالم
قال الله الذي لا اله الا هو:
وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
التوبة:100
اللهم اجعلنا ممن تبعهم باحسان فأنت ولي ذلك و القادر عليه
[/URL]
ليغيظ بهم الكفار!
يعني الناس اللي قلوبها مليانة غيظ بالصحابة تنطبق عليهم ليغيظ بهم الكفار!
فظهر من يسب و العياذ بالله الصحابة
بل و من بالعياذ بالله يكفرهم
و نسوا ما قاله الله تعالى عنهم في محكم كتابه و شهادة أشرف الخلق عنهم صلى الله عليه وسلم
قال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18]
طيب نقرأ الحديث ده و هنعرف قدر الصحابة الذي علمهم و رباهم خير الناس محمد صلى الله عليه وسلم
ورد في صحيح مسلم: أن أبا سفيان مر يوماً على بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الفقراء -كـ[URL="http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000224&spid=451"]صهيب (http://akhawat.1aim.net/) و عمار (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000053&spid=451) رضوان الله عليهم جميعاً -وكان يجلس معهم في ذلك الوقت أبو بكر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000001&spid=451) رضوان الله عليه- فلما رأى الصحابة رضوان الله عليهم أبا سفيان (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000291&spid=451) قالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها؛ فغضب أبو بكر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000001&spid=451) رضي الله عنه، والتفت إلى الصحابة وقال: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ وغضب وترك المجلس وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقص عليه ما قال الصحابة وما قاله. فقال الرسول لـأبي بكر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000001&spid=451) رضي الله عنه؛ (يا أبا بكر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000001&spid=451) ! لعلك أغضبتهم؟ -يعني: بلالاً (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000219&spid=451) وعماراً (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000053&spid=451) وصهيباً (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000224&spid=451)- فوالله! لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك عز وجل)، فانطلق يجري إليهم وقال: إخوتاه! أوغضبتم مني؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي!
لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك عز وجل!!!
و يأتي الأن و من يسبهم و يكفرهم و العياذ بالله ! سبحان الله !
انظر الى أدب من رباهم أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فما بالكم بخلقه صلى الله عليه وسلم
قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي!
و الله انها لمدرسة النبي محمد صلى الله عليه و سلم
بل ان الله عاتب أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فيهم!
نزل عليه صلى الله عليه و سلم قول الله جل وعلا حينما أراد أن يفرغ نفسه لدعوة السادة من أهل الشرك، وأن يخصهم بمجلس بعيداً عن صهيب (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000224&spid=451) و عمار (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000053&spid=451) و بلال (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000219&spid=451) ، فنزل قول الله جل وعلا: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [الكهف:28]، عوتب في هؤلاء بهذه الكلمات الشديدة (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)! هذه الكلمة تقال لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29]، فالله جل وعلا غني عن كل خلقه، فعوتب الحبيب صلى الله عليه وسلم مع أنه أراد بذلك دعوة هؤلاء السادة
لماذا اكتسب الصحابة هذا القدر و المكانة الشريفة؟!
نظر الله الى قلوب الناس أجمعين فاصطفى محمد صلى الله عليه وسلم لأن يحمل الرسالة و اصطفى أصحابه رضوان الله عليهم ليحملوها من بعده
نالوا تلك المكانه لأنهم عاشوا على
تحملو الأذى في سبيل الله و الاسلام و حملوا الراية
تخيل كام شهيد في الاسلام حتى تصلك الرسالة؟!!
كام قطرة دم سالت لله في الاسلام حتى تسلم؟!!!
كم من الأذى تحملوه لله و للاسلام؟!!
طيب احنا؟ و لادنا و أحفادنا هندفع و نبذل لله أد ايه حتى تحمل الأجيال القادمة الرسالة!!!!
حاسس انك تعبت؟ حاسة انك تعبتي؟!
يبقى انت على الطريق الصح
لازم نتعب للاسلام
الجنة مش ببلاش!!
هنفضل عاملين حب النبي صلى الله عليه وسلم شعارات لامتى
و أصبح هناك مسلمين يحتفلوا بمولده صلى الله عليه وسلم و نسوا ان حب الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنته
ابو ضاري
04-12-2009, 18:05
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
وإنك لعلى خلق عظيم ..
من منكم يقرأ أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- ثم لا يهتز كيانه وتسيل دموعه، ويذوب قلبه شوقاً؟ من منكم يملك عواطفه أمام نبله وكرمه وشهامته وتواضعه؟
من ذا الذي يطالع سيرته الجميلة وصفاته الجليلة وأخلاقه النبيلة، ثم لا ينفجر باكياً ويقول: أشهد أنك رسول الله؟.
فليتنا نُفّعل هذا السيرة وهذا الحب وهذه الأخلاق العظيمة في تصرفاتنا وأخلاقياتنا وتعاملاتنا فنتعامل مع غيرنا كما عامل رسولنا أعداءه حينما قال: «إن الله أمرني أن أصل من قطعني، وأن أعطي من حرمني، وأن أعفو عمن ظلمني».
ليتنا نعامل المسلمين كما عامل رسولنا -صلى الله عليه وسلم- المنافقين، فقد صح عنه أنه كان يعفو عنهم ويستغفر لهم ويَكِلُ سرائرهم إلى الله.
ليتنا نعامل أبناءنا كما عامل رسولنا -صلى الله عليه وسلم- الخدم والعمال،
فقد كان له غلام يهودي يخدمه، فمرض الغلام فعاده صلى الله عليه وسلم، وجلس عند رأسه، وسأل عن حاله ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم الغلام فقال رسول الله وهو مستبشر مسرور: «الحمد لله الذي أنقذه بي من النار»
وقام رجل من اليهود يتقاضى الرسول صلى الله عليه وسلم ديْناً في المسجد أمام الناس، ورفع اليهودي صوته على الرسول وألحَّ بصخب وغضب والرسول يتبسّم ويترفَّق به، فلما طال الموقف صرخ اليهودي قائلاً: «أشهد أنك رسول الله؛ لأننا نقرأ في التوراة عنك أنك كلما أُغضبت ازددت حلماً».
ليتنا نعامل بني جلدتنا حتى لو أساءوا إلينا فلقد آذاه قومه، طردوه، شتموه، أخرجوه، حاربوه، ما تركوا فعلاً قبيحاً إلا واجهوه به فلما انتصر وفتح مكة قام فيهم خطيباً وأعلن العفو العام على رؤوس الأشهاد والتاريخ يكتب والدهر يشهد: «عفا الله عنكم اذهبوا فأنتم الطلقاء» وطرده أهل الطائف ورموه بالحجارة وأدموا عقِبيه بأبي هو وأمي، فأخذ يمسح الدم ويقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
يوقفه الأعرابي في الطريق فيقف معه طويلاً ولا ينصرف حتى ينصرف الأعرابي.
تسأله العجوز فيقف معها مجيباً مترفّقاً بارًّا حنونًا،تأخذ الجارية بيده صلى الله عليه وسلم فينطلق معها حتى توقفه على مشهدٍ أثَّر في نفسها.
يحافظ على كرامة الإنسان واحترام الإنسان وحقوق الإنسان فلا يسب ولا يشتم ولا يلعن ولا يجرّح ولا يشهّر وإذا أراد أن ينبّه على خطأ قال: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا؟ ويقول: «ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش البذيء»
ويقول: «إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجالسَ يوم القيامة أحسنكم أخلاقا».
كان يخصف نعله
يخيط ثوبه
يكنس بيته
يحلب شاته
يؤْثِر أصحابه بالطعام
يكره التّزلّف والمديح والتّملّق
يحنو على المسكين
يقف مع المظلوم
يزور الأرملة
يعود المريض
يشيّع الجنازة
يمسح رأس اليتيم
يشفق على المرأة
يقري الضيف
يُطعم الجائع
يمازح الأطفال
يرحم الحيوان
قال له أصحابه: ألا تقتل الشرير الفاجر رأس المنافقين عبد الله بن أُبي بن سلول»؟ فيقول: «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه».
بأبي أنت وأمي يا رسول الله
إنني أقرأُ سير العظماء والفاتحين والمجددين والمصلحين والعباقرة فإذا قرأتُ سيرته صلى الله عليه وسلم فكأنني لا أعرف أحداً غيره، ولا أعترف بأحد سواه، يصغرون في عيني، يتلاشون من فؤادي، ينتهون من ذاكرتي، يغيبون عن مخيّلتي:
تعاودني ذكراك في كل لحظة *** ويُورق فكري فيك حين أفكّرُ
وأصرخ والآهات يأكلها الأسى *** زمانك بستان وروضك أخضرُ
أحبك لا تفسيرَ عندي لصبوتي *** أفسّر ماذا؟ والـهوى لا يُفسّرُ
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لن تغيب عنّا، أنت في قلوبنا، أنت في أرواحنا، أنت في ضمائرنا، أنت في أسماعنا وأبصارنا، أنت في كل قطرة من دمائنا، أنت في كل ذرة من أجسامنا، أنت تعيش في جوانحنا بسنَّتك وهديك ومُثُلك العليا وأخلاقك السامية، فديناك بالأنفس، فديناك بالأبناء والأهل جميعاً، أرواحنا لروحك الفداء، أعراضنا لعرضك الوقاء:
أتسأل عن أعمارنا؟ أنت عمرنا *** وأنت لنا التأريخ أنت المحرِرُ
تذوب رموز الناس مهما تعاظموا *** وفي كل يوم أنت في القلب تكبرُ.
صلى الله وسلم عليك كلما ذكرك الذاكرون، وصلى الله وسلم عليك كلما غفل عن ذكرك الغافلون.
الدكتور:عائض القرني
قضايا فصل فيها النبي
منذ بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى سبيل الله وهو يواجه الكثير من أسئلة المؤمنين الذين يسعون لنيل رضاء الله. هذه التساؤلات، على الرغم من بساطة بعضها، مثلت قضايا مهمة في حياة المسلمين، بعضها تعلق بعباداته وبعضها تعلق بالحياة والممارسات اليومية للمسلمين في حياتهم العادية حتى في علاقات بعضهم ببعض، والبعض الآخر يتعلق مباشرة بعلاقة العبد بربه، وفي هذه الحلقات سوف ننظر في عدد من القضايا التي فصل فيها الرسول، صلى الله عليه وسلم، في حياته الكريمة.
الغيبة في اللغة: من الغيب وهو كل ما غاب عنك، وسميت الغيبة بذلك لغياب المذكور حين ذكره الآخرون، وقال ابن منظور الغيبة من الاغتياب.. أن يتكلم خلف إنسان مستور بسوء.
والغيبة فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “ذكرك أخاك بما يكره” مما يتصف به من العيوب الخِلْقِية أو الخُلُقِية فهذه هي الغيبة أن تذكر أخاك بما يكره في غيبته، ولهذا قيل لها غيبة، وأما إذا ذكرته بما يكره في مقابلته فإنه يسمى سبا وشتما، وهذا إذا كان المذكور متصفا بما قلت فيه. أما إذا كان غير متصف فإنه يكون بهتانا أي كذبا.
ولهذا سئل الرسول صلى الله عليه وسلم أرأيت إن كان في أخي ما أقول قال “إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته”.
وقال صلى الله عليه وسلم: “أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم”، قال: “ذكرك أخاك بما يكره” قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: “إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ماتقول فقد بهته” ذكره مسلم.
وللإمام أحمد ومالك أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الغيبة؟ فقال: أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع. فقال: يارسول الله وإن كان حقا؟ فقال: “إذا قلت باطلا فذلك البهتان”.
وفي حديث الترمذي أيضا أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: “الغم والفرح”. وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ان العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق” وفي رواية له “يهوى بها في نار جهنم”.
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من آفات اللسان عموما، فعن سهل بن سعد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من يضمن لي مابين لحييه ومابين رجليه أضمن له الجنة” قال ابن حجر: الضمان بمعنى الوفاء بترك المعصية. فالمعنى: من أدى الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه او الصمت عما لا يعنيه.
وقال الداودي: المراد بما بين اللحيين الفم، قال: فيتناول الأقوال والأكل والشرب وسائر ما يتأتى بالفم من الفعل. وقال ابن بطال: إن الحديث يدل على أن أعظم البلاء على المرء في الدنيا لسانه وفرجه، فمن وقى شرهما وقي أعظم الشر.
وفي حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت: بلى يانبي الله، فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا، فقلت: يانبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم”.
وقال صلى الله عليه وسلم: “إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا”. وقال الغزالي مبينا معنى الحديث: إن نطق اللسان يؤثر في أعضاء الإنسان بالتوفيق والخذلان، فاللسان أشد الأعضاء جماحا وطغيانا، وأكثرها فسادا أو عدوانا.
وذكر النبي أن الغيبة إنما تقع فيما يكرهه الإنسان ويؤذيه فقال: “بما يكره” وقال الحسن: الخيبة ثلاثة أوجه كلها في كتاب الله: الغيبة والإفك والبهتان. فأما الغيبة فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه، وأما الإفك فأن تقول فيه ما بلغك عنه،وأما البهتان فأن تقول فيه ماليس فيه.
وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الغيبة والبهتان حرام وذلك في قوله: “فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”.
قال ابن المنذر: قد حرم النبي الغيبة مودعا بذلك أمته، وقرن تحريمها إلى تحريم الدماء والأموال ثم زاد تحريم ذلك تأكيداً بإعلامه أن تحريم ذلك كحرمة البلد الحرام والشهر الحرام.
وأشار القرآن الكريم إلى تحريم الغيبة والبهتان في مواضع كثيرة منها قوله تعالى: “ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم”. قال ابن عباس: حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرم الميتة، وقال القاضي أبو يعلي عن تمثيل الغيبة بأكل الميت. وهذا تأكيد لتحريم الغيبة، لأن أكل لحم المسلم محظور ولأن النفوس تعافه من طريق الطبع فينبغي ان تكون الغيبة بمنزلته في الكراهة.
وقال تعالى: “ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان” (الحجرات 11)
في السيرة النبوية
سبقت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هجرتان إلى الحبشة، حيث كان الرسول يرى ما يصيب أصحابه من البلاء، فيفكر في تخفيف محنتهم.
ففي المرة الأولى قال لهم: “لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه”. فخرج في تلك المرة الأولى عدد من أصحابه وزوجاتهم وكان على رأسهم عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه الهجرة في رجب من السنة الخامسة للبعثة، وكان عددهم أحد عشر رجلاً وأربع نسوة. كما رواه الطبري وغيره.
أقول: هذه الهجرة كانت شبيهة باللجوء السياسي، لذلك عندما أرسلت قريش إلى النجاشي تطلب منه تسليم أصحاب محمد باعتبارهم فارين من مكة، رفض أن يسلمهم إلى أعدائهم وقال: “لا بد أن أسمع منهم سبب هجرتهم إلينا”.
والهجرة الثانية كانت بعد دخول الرسول صلى الله عليه وسلم وقومه الشعب، حيث أمر جميع المسلمين بأن يهاجروا إلى الحبشة، فهاجر نحو ثلاثة وثمانين رجلا وثماني عشرة امرأة، وكان على رأسهم جعفر بن أبي طالب، وكانت هذه الهجرة في السنة السابعة من البعثة أو في السنة الثامنة كما ورد في السيرة الحلبية.
أقول: وكم فرح الرسول بوفادة النجاشي لأصحابه المهاجرين، ويروي البيهقي في الدلائل أن وفد النجاشي عندما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد كان النبي يخدهم بنفسه، فقال أصحابه: نحن نكفيك، فقال: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وإني أحب أن أكافئهم.
وبعد هذا توالت المحن على رسول الله، فمن محاصرته في الشعب إلى وفاة أبي طالب ووفاة خديجة، وإلى سوء معاملة أهل الطائف له، حيث وصل إلى مرحلة اليأس، لولا أن الله خفف عنه برحلة الإسراء والمعراج.
وكأن الله كان مقدرا أن يهاجر الرسول بنفسه وبدينه إلى المدينة، فكانت مقدمة الهجرة أن التقى الرسول برجال من الأنصار في موسم الحج فبايعوه بيعة العقبة الأولى، فبعث إلى المدينة مصعب بن عمير يعلمهم القرآن، وبايعوه في السنة المقبلة بيعة العقبة الثانية وكان معهم مصعب عندما حضروا البيعة.
وبعد هذه التهيئة أذن الرسول لأصحابه بالهجرة إلى المدينة نهائياً، بعد أن اطمأن إلى أنها دار الأمن والأمان، فهاجروا قبل الرسول ولم يبق في مكة إلا من حبس عند قريش، وإلا علي بن أبي طالب الذي نام في فراش الرسول، ليوحي إلى قريش بأن الرسول عليه الصلاة والسلام نائم، ولكي يقضي ما على رسول الله من التزامات، وكان أبوبكر قد تأخر في الهجرة أيضاً لأنه كان رفيقه في رحلة الهجرة.
كانت قريش تراقب بيت الرسول خشية أن يخرج من بين أيديهم، وكانوا قد أعدوا من كل قبيلة فارسا جالسا بسلاحه على باب داره عليه الصلاة والسلام، فأرادوا أن يقتلوه بتلك السيوف قتلة واحدة، وظنهم أن دمه ينتشر في تلك القبائل فلا يعرف من الذي قتله.
لكنه خرج عندما أذن الله له بالخروج ليلا ووضع على رؤوسهم حثيات من التراب وهو يقول “وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون”.
نعم خرج في الثاني من ربيع الأول الموافق 20 سبتمبر/ايلول سنة 622 من الميلاد وهم يغطون في نوم عميق، فلم يوقظهم إلا حر شمس النهار، وعندئذ جن جنونهم فصاروا يضربون يمنة ويسرة بحثا عنه، فساروا وراءه فلم يجدوه رغم أنهم وصلوا إلى الغار الذي كان هو وأبوبكر مختفيين فيه، فكان العنكبوت والحمام قد أحكما الخطة لإخفاء رسول الله عن عيون الأعداء.
ثم استمرا في هذه الرحلة الشاقة حتى وصلا إلى قباء ثم إلى المدينة في 12 من ربيع الأول، وكانت المدينة بأكملها في استقبال الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كانت البنات يرددن:
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة
مرحبا يا خير داع
وهكذا استقر الرسول في المدينة، وفيها أقام دولة الإسلام، كما شاء الله وشاء رسوله، ولم يستطع المشركون أن ينالوا من محمد وصحبه.
أقول: إن الهجرة تعني أن الدين مقدس، والعقيدة فوق كل اعتبار كما يقول الدكتور محمد سعيد البوطي، فلا قيمة للأرض ولا للوطن ولا للمال إذا كانت العقيدة وشعائر الدين مهددة.
اتجه نظر الرسول صلى الله عليه وسلم حين وصل المدينة الى العمل على إقامة شعائر دينه الجديد فبنى مسجده الذي دفن فيه. وكان المسلمون يجتمعون في المسجد للصلاة لا ينادي بها أحد فيهم، فتكلموا يوماً في ذلك، فقال بعضهم:
اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا قرناً (بوقاً) مثل قرن اليهود، فقال عمر: أو لا تتبعون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فنادي بالصلاة. وإذا جاء وقت الصلاة يقول بلال: الصلاة جامعة. وكان من المنادين عبدالله بن زيد بن ثعلبة الأنصاري. فبينما هو بين اليقظان والنائم، يرى شخصاً يلقنه الأذان، فحضر الى الرسول وقص عليه ما رأى، فقال له: انها لرؤيا حق، لقن ذلك بلالاً فإنه أندى صوتاً. ولما أذن بلال، حسر عمر بحر ردائه فقال: والله لقد رأيت يا رسول الله.
وقد سمي هذا الدين “الإسلام” لما فيه من الانقياد والخضوع المطلق لإرادة الله تعالى. والذين يدينون به يسمون المسلمين أي الذين يخضعون لأمر الله ورسوله. وأمر الرسول بإقامة الصلاة خمس مرات في اليوم، كما أمر بصوم شهر رمضان، وحمى حقوق الملكية، وجعل للمرأة مركزاً محترماً لم يكن لها في الجاهلية.
وكان من أظهر آثار الإسلام انه آخى بين المسلمين على اختلاف قبائلهم ومراتبهم، وأحل الوحدة الدينية محل الوحدة القومية، فأصبحوا متساوين جميعاً. لا فرق بين السيد والعبد، وغدوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً. وقد من الله على المسلمين بقوله: “وإن يريدوا ان يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين”.
وقد ساعد الرسول على توحيد كلمة العرب تلك المساواة التي جاء بها الإسلام وتلاشت أمامها هذه الفوارق الجنسية التي مزقت شمل العرب. وليس أدل على تلك الديمقراطية من قوله تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”. وقوله عليه الصلاة والسلام: “ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى”.
نشأة النظم الاسلامية
بدأ النبي صلى الله عليه وسلم في تنظيم الحياة الاجتماعية منذ أول عهده بالمدينة وهذه النظم كانت نتيجة الوحي القرآني ووقائع السيرة النبوية، فنظريات الفقهاء في الأحوال الشخصية وتنظيم الأسرة، والتنظيمات السياسية، والعسكرية، والمعاهدات الدولية، وكل ما يتعلق بالأمور المالية والاقتصادية، ليست إلا امتداداً لبعض الوقائع التي حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان له فيها قول، أو تنبيه، أو إرشاد، أو تقرير.
فعصر النبي صلى الله عليه وسلم كان منطلق خير لكل ما عرف في الإسلام من نظم وقوانين.
إن كل ما نلمسه في حياتنا العامة والخاصة من مواضيع نتوهم انها جديدة على الحياة الانسانية المعاصرة، له أصل بشكل أو بآخر في القرآن الكريم أو في السنة الشريفة.
لقد وضعت في المدينة أسس المجتمع الجديد من توحيد الله، الى المجاهرة بالحق، الى العمل الصالح، الى المكارم الأخلاقية، الى البناء العلمي في كل شؤون الحياة.
أصبحت المدينة بفضل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ناصره في موطن الإسلام، المقر الصالح للدعوة الاسلامية ومركز التحول والتغيير في تنظيم المجتمع السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والتربوي، والعلمي.
كانت الهجرة تجسيداً لهذه التنظيمات بمعناها الشامل الواسع الذي زادته ممارسة الوقائع تفصيلاً وتوضيحاً. وبذلك تمكن المسملون الأولون من تحويل المرحلة النظرية الى مرحلة علمية تطبيقية. من هنا نعلم ان الحياة الجديدة والتنظيم الجديد، بكل ما ورد فيه من تشريع لم يكن إلا امتداداً لما بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم وجماعته في مكة المكرمة.
ومما يبدو ان جو المدينة المنورة كان أكثر ملاءمة للتشريع. وأكثر مناسبة لإظهار الحركة السياسية، والاجتماعية، والعسكرية والتنظيمية بشكل جديد. فلقد قام في يثرب مجتمع جديد من حيث الشكل والمضمون، مبني على قواعد أساسية مستمدة من العناية الإلهية، تحت قيادة رئيس واحد، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المدينة المنورة بدأ عهد جديد يرسم للانسان منهجاً جديداً سليماً في الحياة، ينير له الطريق من غبار الجهل وأدران الجاهلية، بدأ منهج في التغيير نحو الأفضل والأكمل والأسلم. قال تعالى: “يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً”.
وقد ترتب على قيام الحكومة النبوية في المدينة المنورة آثار بعيدة المدى في جميع الحقول والميادين.
فقد قضى الإسلام على الوثنية والشرك بالله، ودعا الى عبادة إله واحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، هو رب العالمين، فأنكر العصبية القبلية ورفض مبدأ الشعوب المختارة، وبنى أركانه على أعمال انسانية نبيلة تشعر الانسان بعاطفة صادقة مخلصة.
فرض بأمر من الله جل وعلا الصلاة في تدبر وخشوع، وإيتاء الزكاة لرعاية التكافل الاجتماعي والحج الى بيت الله الحرام لمن استطاع اليه سبيلاً، والصوم بمعناه الروحي والاجتماعي. وإقامة الصلاة دعت الى بناء المساجد، فكان “مسجد قباء” بناه الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه الى المدينة، وفي المدينة بنى مسجداً جديداً آخر.
ولم يعرف الأذان إلا بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة حيث وجد المسلمون متنفساً لأداء الشعائر الدينية، وكان قد أمر بلالاً صاحب الصوت الندي الجميل ليؤذن بالناس للصلاة.
عن أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: “كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: (يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سأَلت فاسأَل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)، وفي رواية: (احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وأعلم أن ما اخطأَك لم يكن ليصيبك، وما اصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسرِ يسرا).
وصية جامعة
أروع وأحكم ما يقال في إصلاح العقيدة، فهو يضع الزمام في يدك أنت، ويرشدك إلى أن المفتاح إلى حفظ الله هو أن تحفظ الله، فالجزاء من جنس العمل، وكل ما يرد عليك من خارج نفسك إنما سببه ومنشؤه من داخل نفسك، لا تتهم غيرك فيما يحدث لك، ولا تحاسب إلا نفسك عما يصيبك، لا تتهم الأقدار، ولا تبحث لنفسك عن أعذار، لتريحها من المسؤولية عما يجري لك، لأنك المسؤول عن كل ما يجري، فالزمام إليك، وإن أردت دفعا لشرور تأتيك من الخارج فابدأ من نفسك، واحفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، احفظ الله تجده أمامك، وصية جامعة ترشد المؤمن إلى أن يراعي حقوق الله تعالى، ويلتزم بأوامره، ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه، ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما خلقت له، لأن القانون الرباني الخالد مجازاة كل أحد من جنس ما يعمل، واقرأ إن شئت قوله تعالى: “وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم”، ونظيره قوله عز وجل: “فاذكروني أذكركم”، إذا ذكرت الله ذكرك الله وأثابك، ورحمك، ونظر إليك، وهو الجليل الباقي، وكذلك إذا حفظت الله حفظك، والعكس بالعكس.
احفظ الله بأن تحفظ حدوده، وأن تحفظ أوامره، وأن تحفظ نواهيه، فلا يتصور أن تطلب حفظ الله لك، وأنت تجاوز حدود ربك، ولا تعطي أوامره حقها، ولا تجتنب نواهيه، احفظ الله في كل أمر أمرك به بأن تفعله، واحفظ الله في كل نهي نهاك عنه بأن تنتهي عنه، واحفظ حدود الله فلا تتعداها، يجلب لك كل ذلك حفظ ربك.
أنواع الحفظ
إذا حفظ العبد توحيده، وراعى حقوق ربه، فعندئذ يحفظه الله في دينه، وفي دنياه، ولذلك فحفظ الله للعبد يقع على أنواع:
الأول: حفظ الله سبحانه وتعالى لعبده في دنياه، فيحفظه في بدنه، فتكون الطاعة والعبادة سببا للصحة والعافية والحفظ من الله تعالى، ويكون التفريط في الطاعات والعبادات سببا للوهن في الروح والجسد، فالصلاة تجلب للبدن القوة والنشاط، والصيام يجلب لك الصحة، يقول سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم: “اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا”، فجعل الغزو سببا لمنحة من منح الله وهي الغنيمة، وجعل الصيام سببا للصحة، وجعل السفر لمن ضاقت به سبل المعيشة سببا للغنى، ويحفظ الله العبد الذي يحفظه في ماله وفي أهله، ويوكّل له من الملائكة من يتولون حفظه ورعايته، كما قال تعالى: له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله”، أي بأمر الله، وهو نفس ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم كل صباح ومساء: “اللهم إني أسألك العفو والعافية، في ديني ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي”.
الثاني: حفظ الله للعبد في دينه من الشهوات والشبهات، فيحميه من مضلات الفتن، وأمواج الشهوات، فمن حفظ الله ووفى فرائضه كان ذلك قوة لقلبه، وإعانة على طاعة ربه، ولا يجد الشيطان إلى قلبه سبيلا لأنه صار في حفظ الله، فلا تؤثر فيه وساوس الشيطان، وتتباعد عنه الشبهات، ولا يجد الشيطان طريقا إلى جره إلى الشهوات، بعد أن انضبط القلب على الطاعات والعبادات فكان حفظه لله عز وجل سببا لحفظ الله لدينه من الشبهات والشهوات، واستحضر إن شئت حفظ الله تعالى لدين يوسف عليه السلام، على الرغم من الفتنة العظيمة التي أحاطت به وكادت له: “كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين”.
الثالث: حفظ الله العبد في فتنة الممات: وتستمر هذه الرعاية للعبد الذي يحفظ ربه حتى يلقاه مؤمنا موحدا حين يجيئه ملك الموت وأوشك أن يغادر الدنيا تأتيه البشارة ببركة استقامته في حياته: “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائِكَةُ ألَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بالجنة الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ”، فيحبون لقاء الله ويحب الله لقاءهم، فعن عبادة بن الصامت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه”، وقالت عائشة رضي الله عنها أو بعض أزواجه: “إنا لنكره الموت”، قال: “ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه، كره لقاء الله وكره الله لقاءه”.
وأعظم هذه الأمور حفظ الله تعالى دين العبد، بأن يسلّمه من الزيغ والضلال، والانحراف، لأن الإنسان كلما حرص على حفظ توحيده، وسلامة عقيدته من البدع والخرافات والضلالات، حفظ الله عليه عقيدته وتوحيده، وكلما التزم الهداية زاده الله هدى، قال تعالى: “وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ”، وكلما ضل الإنسان، والعياذ بالله، فإنه يزداد ضلالاً، ولهذا قال الله تعالى عن المنافقين: “فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ”، وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله: “كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ”.
قانون رباني
“احفظ الله يحفظك” قانون رباني يسري على الحافظ والمضيع، فمن حافظ على سلامة توحيده من الشبهات والانحرافات، وقام بحقوق الله عليه، فإن الله يحفظه بحفظ جميع مصالحه في الدنيا والآخرة، ومن أراد أن يتولى الله حفظه في أموره كلها فليراعِ حقوق الله عليه، وأعظمها حق توحيده، وإفراده بالعبادة، والعمل بشريعته، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.
من حفظ الله في صباه وقوته حفظه الله في حال كبره، وضعف قوته، ومتعه بسمعه وبصره وقوته وعقله، ولقد ذكر ابن كثير أن أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري الشافعي، قد جاوز المائة سنة وهو يتمتع بقوته وعقله، فوثب يوماً وثبة شديدة، فعوتب في ذلك فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.
ويحفظ الله العبد بصلاحه بعد موته، في ذريته، بدليل قوله تعالى: “وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً”، قال ابن عباس: “حفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر لهما صلاحاً”، وكان سعيد بن المسيب يقول لولده: “لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفظ فيك”، ثم يتلو قوله تعالى: “وكان أبوهما صالحا”، فعرف أن كثرة صلاته وزيادتها تحفظاته في ابنه، وتحفظان له ابنه.
والعكس بالعكس فمن ضيع حدود الله واتبع الشبهات أو غرق في الشهوات، ولم يحفظ الله، لم يحفظه الله، وكان عرضة لعقاب الله وسخطه، ودخل عليه الضرر والأذى، وربما أصابه ذلك ممن كان يرجو نفعه من أهله وماله، كما نقل عن الفضيل بن عياض أنه قال: “إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودابتي”.
فاحفظ الله، يحفظك، واملأ قلبك بالرجاء فيه، واقطع رجاك ممن عداه، فالأمر أمره، والخلق خلقه، والقدر قدره، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا قابض لما بسط، ولا باسط لما قبض، ولا إله إلا هو، الحافظ لعباده الصالحين، وهو “خير حافظاً وهو أرحم الراحمين”.
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين
اللهم حبب الينا الايمان بعد الفسوق يارب
و اهدينا للسير على خطاه ...
الدعــوة جهــارًا
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
أول أمـر بإظهار الدعـوة
لما تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتتحمل عبء تبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها نزل الوحى يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالنة الدعوة، ومجابهة الباطل بالحسنى.
وأول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (http://**********:openquran(25,214,214)/) [الشعراء:214]، وقد ورد في سياق ذكرت فيه أولًا قصة موسى عليه السلام، من بداية نبوته إلى هجرته مع بني إسرائيل، وقصة نجاتهم من فرعون وقومه، وإغراق آل فرعون معه، وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام، خلال دعوة فرعون وقومه إلى الله.
وكأن هذا التفصيل جىء به مع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بجهر الدعوة إلى الله؛ ليكون أمامه وأمام أصحابه مثال لما سيلقونه من التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ البداية.
***************
ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة ـ عدا ما ذكر من أمر فرعون وقومه ـ ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب عاقبة أمرهم وما سيلقونه من مؤاخذة الله إن استمروا عليه، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم وليس للمكذبين.
**********
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
الدعـوة في الأقربين
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بني هاشم بعد نزول هذه الآية، فجاءوا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا نحو خمسة وأربعين رجلًا. فلما أراد أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بادره أبو لهب وقال: هؤلاء عمومتك وبنو عمك فتكلم، ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأنا أحق من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشر مما جئت به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم في ذلك المجلس.
ثم دعاهم ثانية وقال: (الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له). ثم قال: (إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إنى رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا).
فقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقًا لحديثك. وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم، غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به. فوالله، لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسى لا تطاوعنى على فراق دين عبد المطلب.
فقال أبو لهب: هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب: والله لنمنعه ما بقينا.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=10#TOP)
على جبل الصفا
وبعد تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته وهو يبلغ عن ربه، صعد النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا، فعلا أعلاها حجرًا، ثم هتف: (يا صباحاه)
وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم.
ثم جعل ينادى بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل: (يا بني فهر، يا بني عدى، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب).
فلما سمعوا قالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فأسرع الناس إليه، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش.
فلما اجتمعوا قال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادى بسَفْح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصَدِّقِىَّ؟).
قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا، ما جربنا عليك إلا صدقًا.
قال: (إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، إنما مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العَدُوّ فانطلق يَرْبَأ أهله)( أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو) (خشى أن يسبقوه فجعل ينادى: يا صباحاه)
ثم دعاهم إلى الحق، وأنذرهم من عذاب الله، فخص وعم فقال:
(يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا.
يا بني كعب بن لؤى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا.
يا بني مرة بن كعب، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا معشر بني قصى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا.
يا معشر بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا.
يا بني عبد شمس، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار.
يا معشر بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا، سلونى من مالى ماشئتم، لا أملك لكم من الله شيئًا.
يا عباس بن عبد المطلب، لا أغنى عنك من الله شيئًا.
يا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله، لا أغنى عنك من الله شيئًا.
يا فاطمة بنت محمد رسول الله، سلينى ما شئت من مالى، أنقذى نفسك من النار، فإنى لا أملك لك ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنك من الله شيئًا.
غير أن لكم رحمًا سأبُلُّها بِبلاَلها) أي أصلها حسب حقها.
ولما تم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا، ولا يذكر عنهم أي ردة فعل، سوى أن أبا لهب واجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء، وقال: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (http://**********:openquran(110,1,1)/) [سورة المسد:1].
********
كانت هذه الصيحـة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم، وأن عصبة القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتى من عند الله.
ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (http://**********:openquran(14,94,94)/) [الحجر:94]، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعوة إلى الإسلام في مجامع المشركين ونواديهم، يتلو عليهم كتاب الله، ويقول لهم ما قالته الرسل لأقوامهم: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} (http://**********:openquran(6,59,59)/) [الأعراف:59]،وبدء يعبد الله تعالى أمام أعينهم، فكان يصلى بفناء الكعبة نهارًا جهارًا وعلى رءوس الأشهاد.
وقد نالت دعوته مزيدًا من القبول، ودخل الناس في دين الله واحدًا بعد واحد. وحصل بينهم وبين من لم يسلم من أهل بيتهم تباغض وتباعد وعناد واشمأزت قريش من كل ذلك، وساءهم ما كانوا يبصرون.
سهو الليل
08-12-2009, 14:53
أعظم إنسان عرفته البشرية
ذلكم رسول الله؛ صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، صاحب الغرّة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المؤيّد بجبريل، خير الخلق في طفولته، وأطهر المطهرين في شبابه، وأنجب البشرية في كهولته، وأزهد الناس في حياته، وأعدل القضاة في قضائه، وأشجع قائد في جهاده؛ اختصه الله بكل خلق نبيل؛ وطهره من كل دنس وحفظه من كل زلل، وأدبه فأحسن تأديبه وجعله على خلق عظيم؛ فلا يدانيه أحد في كماله وعظمته وصدقه وأمانته وزهده وعفته.
اعترف كل من عرفه حق المعرفة بعلو نفسه وصفاء طبعه وطهارة قلبه ونبل خلقه ورجاحة عقله وتفوق ذكائه وحضور بديهته وثبات عزيمته ولين جانبه.
بل اعترف بذلك المنصفون من غير المسلمين؛ ومن هؤلاء:
يقول المستشرق الأمريكي (واشنجتون إيرفنج): «كان محمد خاتم النبيين وأعظم الرسل الذين بعثهم الله تعالى ليدعوا الناس إلى عبادة الله».
ويقول : البروفيسور يوشيودي كوزان ـ مدير مرصد طوكيو: (أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة وافية، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود).
ويقول عالم اللاهوت السويسري د.هانز كونج : (ـ بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم).
ويقول توماس كارليل: (قرأت حياة رسول الإسلام جيدًا مرات ومرات، فلم أجد فيها إلا الخُلُق كما ينبغي أن يكون، وكم ذا تمنيت أن يكون الإسلام هو سبيل العالم).
ويقول المستشرق الفرنسي أميل ردمنغم: "... كان محمد صلى الله عليه وسلم أنموذجًا للحياة الإنسانية بسيرته وصدق إيمانه ورسوخ عقيدته القويمة، بل مثالاً كاملاً للأمانة والاستقامة وإن تضحياته في سبيل بث رسالته الإلهية خير دليل على سمو ذاته ونبل مقصده وعظمة شخصيته وقدسية نبوته".
ويقول المستشرق الإسباني (جان ليك): (أيّ رجل أدرك من العظمة الإنسانية مثلما أدرك محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأيُّ إنسان بلغ من مراتب الكمال مثل ما بلغ، لقد هدم الرسول المعتقدات الباطلة التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق".
أما (وليام موير) المؤرخ الإنجليزي فيقول في كتابه (حياة محمد): "لقد امتاز محمد عليه السلام بوضوح كلامه، ويسر دينه، وقد أتم من الأعمال ما يدهش العقول، ولم يعهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس وأحيى الأخلاق ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل نبي الإسلام محمد".
هذه مقتطفات من مواقف فلاسفة ومستشرقين أوروبيين وغربيين في حق المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم النبي الخاتم، أردنا منها إثبات أن أبناء الحضارة الغربية يقرون بدور الإسلام في بنائها وتشييد صروحها، وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته الحميدة وفضله المتصل إلى يوم القيامة على البشرية في جميع أقطار المعمور، ذلك أن التعصب الأوروبي المسيحي لم يكن خطًا صاعدًا باستمرار، وإنما وجد هناك منصفون أكدوا الحقيقة بلا لف أو دوران، ولكن الثقافة الغربية السائدة والمتشبعة بقيم التعصب والعناد والتمركز الحضاري حول الذات سعت إلى حجب هذه الحقائق وإخفاء هذه الأصوات حتى لا يتمكن الشخص الأوروبي العادي من الإطلاع على ما أتبثه أبناء جلدته من الكبار في حق الإسلام ونبيه ورسالته العالمية الخالدة، وذلك كله بهدف تحقيق غرضين، الأول إبعاد الأوروبيين المسيحيين عن الإسلام الذي دلل على قدرته على التغلغل في النفوس وملامسة صوت الفطرة في الإنسان، فهو يخيف الغرب المتوجس من تراجع عدد معتنقي المسيحية في العالم ,برغم ما ينفقه من الأموال والوقت لتنصير الشعوب، والغرض الثاني ضمان استمرار الصراع بين الغرب والإسلام والقطيعة بينهما لمصلحة الصهيونية والماسونية التي تعتبر نفسها المتضرر الأول والرئيس من أي تقارب أو حوار بين الإسلام والغرب.
وفي هذه الورقات اليسيرات نكشف جانباً من جوانب عظمته, وأخلاقه الكريمة وخصاله الشريفة لعل الله يهدي بها أقواماً علم منهم الإنصاف إلى الحق، ولعله يرعوي أقوام آخرون ممن تابع عن جهل وتعصب أعمى تلك الحملة الظالمة والتشويه الكاذب لسيرة أعظم إنسان عرفته البشرية.
أخلاق أعظم إنسان:
كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقاً وأكرمهم وأتقاهم، وقد شهد له بذلك ربه جل وعلا وكفى بها فضلا؛ قال تعالى مادحاً وواصفاً خُلق نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم:((وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [القلم 4].
يقول خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه:" كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا" - رواه البخاري ومسلم.
وتقول زوجه صفية بنت حيي رضي الله عنها: "ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم " - رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
وقالت عائشة لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: (كان خلقه القرآن) صحيح مسلم.
فهذه الكلمة العظيمة من عائشة رضي الله عنها ترشدنا إلى أن أخلاقه صلى الله عليه وسلم هي اتباع القرآن، وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهي، وهي التخلق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها والبعد عن كل خلق ذمه القرآن.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن أمراً ونهياً سجيةً له وخلقاً.... فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خُلقٍ جميل.ا.هـ
وقد جاءت صفاته وخصاله الكريمة صلى الله عليه وسلم في كتب أهل الكتاب نفسها قبل تحريفها ؛ فعن عطاء رضي الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا - رواه البخاري.
أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله :
كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) رواه الترمذي.
وكان من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطّف إليهم ويتودّد إليهم، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يرقّق اسم عائشة ـ رضي الله عنها ـ كأن يقول لها: (يا عائش )، ويقول لها: (يا حميراء) ويُكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها: (يا ابنة الصديق) وما ذلك إلا تودداً وتقرباً وتلطفاً إليها واحتراماً وتقديراً لأهلها.
و كان صلى الله عليه وسلم يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم، وكانت عائشة تغتسل معه صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد، فيقول لها: (دعي لي)، وتقول له: دع لي. رواه مسلم
وكان يُسَرِّبُ إلى عائشة بناتِ الأنصار يلعبن معها. وكان إذا هويت شيئاً لا محذورَ فيه تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإِناء أخذه، فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عَرقاً - وهو العَظْمُ الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حَجْرِها، ويقرأ القرآن ورأسه في حَجرِها، وربما كانت حائضاً، وكان يأمرها وهي حائض فَتَتَّزِرُ ثم يُباشرها، وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن خُلُقه مع أهله أنه يمكِّنها من اللعب.
(عن الأسود قال :سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قال : كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة) رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم - رواه أحمد.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس : اقدموا فتقدموا، ثم قال لي : تعالي حتى أسابقك فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: تقدموا فتقدموا، ثم قال لي : تعالي أسابقك فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول هذا بتلك" رواه أحمد.
بل إنه صلى الله عليه وسلم وضع ركبته لتضع عليها زوجه صفية رضي الله عنها رجلها حتى تركب على بعيرها. رواه البخاري.
ومن دلائل شدة احترامه وحبه ووفائه لزوجته خديجة رضي الله عنها، إن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها (صديقاتها)، وذلك بعد مماتها وقد أقرت عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تغير من هذا المسلك منه - رواه البخاري.
عدل النبي صلى الله عليه وسلم:
كان عدله صلى الله عليه وسلم وإقامته شرع الله تعالى مع القريب والبعيد والعدو والصديق والمؤمن والكافر مضرب المثل ؛ كيف لا وهو رسوله صلى الله عليه وسلم، والمبلغ عن ربه ومولاه؟!!
فكان صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه ويتحمل ما قد يقع من بعضهن من غيرة كما كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ غيورة.
فعن أم سلمة ـ رضي الله عنها أنها ـ أتت بطعامٍ في صحفةٍ لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاءت عائشة... ومعها فِهرٌ ففلقت به الصحفة، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة وهو يقول: (كلوا، غارت أُمكم ـ مرتين ـ ) ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أُم سلمة وأعطى صحفة أُم سلمة عائشة. رواه النسائي وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم في قصة المرأة المخزومية التي سرقت: (والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد, لقطعت يدها).
أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال والصبيان:
عن أنس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم - رواه البخاري ومسلم.
و كان صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي فيسرع في الصلاة مخافة أن تفتتن أمه.
وكان صلى الله عليه وسلم يحمل ابنة ابنته وهو يصلي بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها وجاء الحسن والحسين وهما ابنا بنته وهو يخطب الناس فجعلا يمشيان ويعثران فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما حتى ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله ورسوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:28) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.
و كان صلى الله عليه وسلم إذا مر بالصبيان سلم عليهم وهم صغار وكان يحمل ابنته أمامه وكان يحمل ابنة ابنته أمامة بنت زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس وكان ينزل من الخطبة ليحمل الحسن والحسين ويضعهما بين يديه.
أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع الخدم والضعفاء والمساكين:
عن أنس رضي الله عنه قال" خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا" - رواه البخاري ومسلم.
و عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمًا له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله. رواه البخاري ومسلم.
و عن عائشة رضي الله عنها قالت "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم".
وعن ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته. رواه النسائي والحاكم.
رحمة النبي صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107)
وقال تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ..) (آل عمران:159)
وعندما قيل له ادع على المشركين قال صلى الله عليه وسلم:"إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة" - رواه مسلم.
و كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً، فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، و من ولي من أمر أمتي شيئاً، فرفق بهم، فارفق به)
وقال صلى الله عليه وسلم في فضل الرحمة: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه الترمذي وصححه الألباني .
وقال صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة الذين أخبر عنهم بقوله: (أهل الجنة ثلاثة - وذكر منهم- : ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ) رواه مسلم.
عفو النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت له والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟ قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله – فذهبت" رواه مسلم.
و عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَه مَه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزرموه، دعوه)، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن) قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه. رواه مسلم.
تواضعه صلى الله عليه وسلم:
كان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين، يتخلق ويتمثل بقوله تعالى: (( تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ)) [ القصص 83 ].
وكان صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة الحر والعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر.
يتواضع للمؤمنين، يقف مع العجوز ويزور المريض ويعطف على المسكين، ويصل البائس ويواسي المستضعفين ويداعب الأطفال ويمازح الأهل ويكلم الأمة، ويواكل الناس ويجلس على التراب وينام على الثرى، ويفترش الرمل ويتوسّد الحصير، ولما رآه رجل ارتجف من هيبته فقال صلى الله عليه وسلم: "هوّن عليك، فإني ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة" رواه ابن ماجه.
وكان صلى الله عليه وسلم يكره المدح، وينهى عن إطرائه ويقول: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد الله ورسوله، فقولوا عبد الله ورسوله" أخرجه البخاري .
فكان أبعد الناس عن الكبر، كيف لا وهو الذي يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله) رواه البخاري.
كيف لا وهو الذي كان يقول صلى الله عليه وسلم: (آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد) رواه أبو يعلى وحسنه الألباني.
كيف لا وهو القائل بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم: (لو أُهدي إليَّ كراعٌ لقبلتُ ولو دُعيت عليه لأجبت) رواه الترمذي وصححه الألباني.
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجيب الدعوة ولو إلى خبز الشعير ويقبل الهدية.
عن أنس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب - رواه الترمذي في الشمائل.
والإهالة السنخة: أي الدهن الجامد المتغير الريح من طوال المكث.
مجلسه صلى الله عليه وسلم:
كان صلى الله عليه وسلم يجلِس على الأرض، وعلى الحصير، والبِساط.
عن أنس رضي الله عنه قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له" - رواه أبو داود والترمذي بلفظه.
وعن أبي أمامة الباهلي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا إليه، فقال لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا - رواه أبو داود وإسناده حسن.
زهده صلى الله عليه وسلم:
كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة، خيره الله تعالى بين أن يكون ملكًا نبيًا أو يكون عبدًا نبيًا فاختار أن يكون عبدًا نبيًا.
فكان صلى الله عليه وسلم ينامُ على الفراش تارة، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ، وتارة على كِساء أسود.
وكان بيته من طين، متقارب الأطراف، داني السقف، وقد رهن درعه في ثلاثين صاعًا من شعير عند يهودي، وربما لبس إزارًا ورداء فحسب، وما أكل على خوان قط.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مزمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا عمر قال: ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى فقال يا عمر: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال: بلى قال: هو كذلك)
وكان من زهده صلى الله عليه وسلم وقلة ما بيده أن النار لا توقد في بيته في الثلاثة أهلة في شهرين .
فعن عروة رضي الله عنه قال: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت تقول: والله يا ابن أختي كنا لننظر إلى الهلال ثم الهـلال ثـلاثة أهله في شهرين ما أوقـد في أبيـات رسـول الله صلى الله عليه وسلم نار، قلت: يا خالة فما كان عيشكم؟ قالت: الأسودان ـ التمر والماء ـ) رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءً، وكان أكثر خبزهم الشعير) رواه الترمذي وحسنه الألباني.
عبادته صلى الله عليه وسلم:
كان صلى الله عليه وسلم أعبد الناس، و من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان عبداً لله شكوراً؛ فإن من تمام كريم الأخلاق هو التأدب مع الله رب العالمين وذلك بأن يعرف العبد حقّ ربه سبحانه وتعالى عليه فيسعى لتأدية ما أوجب الله عز وجل عليه من الفرائض ثم يتمم ذلك بما يسّر الله تعالى له من النوافل، وكلما بلغ العبد درجةً مرتفعةً عاليةً في العلم والفضل والتقى عرف حق الله تعالى عليه فسارع إلى تأديته والتقرب إليه عز وجل بالنوافل.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العالمين في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه إن الله تعالى قال: (... وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه...) رواه البخاري.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يعرف حق ربه عز وجل عليه وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر على الرغم من ذلك كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو ويثني على الله تبارك وتعالى ويخشع لله عز وجل حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل.
فعن عبد الله بن الشخير ـ رضي الله عنه ـ قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء) رواه أبو داود وصححه الألباني.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبداً شكوراً) رواه البخاري.
ومن تخلقه صلى الله عليه وسلم بأخلاق القرآن وآدابه تنفيذاً لأمر ربه عز وجل أنه كان يحب ذكر الله ويأمر به ويحث عليه، قال صلى الله عليه وسلم: (لأن أقول سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس) رواه مسلم.
و كان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس دعاءً، وكان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: (اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) رواه البخاري ومسلم .
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل) رواه النسائي وصححه الألباني.
دعوته صلى الله عليه وسلم:
شملت دعوته عليه الصلاة والسلام جميع الخلق، فكان صلى الله عليه وسلم أكثر رسل الله دعوة وبلاغـًا وجهادًا، لذا كان أكثرهم إيذاءً وابتلاءً، منذ بزوغ فجر دعوته إلى أن لحق بربه جل وعلا .
وكانت دعوته صلى الله عليه وسلم على مراتب:
المرتبة الأولى: النبوة. الثانية: إنذار عشيرته الأقربين. الثالثة: إنذار قومه. الرابعة: إنذار قومٍ ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة. الخامسة: إنذارُ جميع مَنْ بلغته دعوته من الجن والإِنس إلى آخر الدّهر.
وقد قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
وكانت دعوته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة وشفقة وإحساناً وحرصاً على جمع القلوب وهداية الناس جميعاً مع الترفق بمن يخطئ أو يخالف الحق والإحسان إليه وتعليمه بأحسن أسلوب وألطف عبارة وأحسن إشارة، متمثلاً قول الله عز وجل: (( ادْعُ إِلِىَ سَبِيــلِ رَبّــكَ بِالْحِكْـمَةِ وَالْمَـوْعِظَـةِ الْحَسَنَـةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... )) [ النحل:12] .
ومن ذلك لما جاءه الفتى يستأذنه في الزنى.
فعن أبي أُمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: إن فتىً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه فقال له: (ادنه)، فدنا منه قريباً، قال: (أتحبّه لأمّك؟) قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم) قال: (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لبناتهم) قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لأخواتهم). قال: (أفتحبه لعمتك؟) قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لعماتهم). قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لخالاتهم) قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. رواه أحمد.
كرم النبي صلى الله عليه وسلم وجوده:
كان صلى الله عليه وسلم أكرم الناس وأجود الناس لم يمنع يوماً أحداً شيئاً سأله إياه، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر؛ فهو سيد الأجواد على الإطلاق، أعطى غنمًا بين جبلين، وأعطى كل رئيس قبيلة من العرب مائة ناقة، ومن كرمه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل يطلب البردة التي هي عليه فأعطاه إياها صلى الله عليه وسلم وكان لا يردّ طالب حاجة، قد وسع الناس برّه، طعامه مبذول،وكفه مدرار، وصدره واسع، وخلقه سهل، ووجه بسّام.
وجاءته الكنوز من الذهب والفضة وأنفقها في مجلس واحد ولم يدّخر منها درهمًا ولا دينارًا ولا قطعة، فكان أسعد بالعطية يعطيها من السائل، وكان يأمر بالإنفاق والكرم والبذل، ويدعو للجود والسخاء، ويذمّ البخل والإمساك صلى الله عليه وسلم.
بل كان ينفق مع العدم ويعطي مع الفقر، يجمع الغنائم و يوزعها في ساعة، ولا يأخذ منها شيئًا، مائدته صلى الله عليه وسلم معروضة لكل قادم، وبيته قبلة لكل وافد، يضيف وينفق ويعطي الجائع بأكله، ويؤثر المحتاج بذات يده، ويصل القريب بما يملك، ويواسي المحتاج بما عنده، ويقدّم الغريب على نفسه، فكان صلى الله عليه وسلم آية في الجود والكرم، ويجود جود من هانت عليه نفسه وماله وكل ما يملك في سبيل ربه ومولاه، فهو أندى العالمين كفًا، وأسخاهم يدًا، غمر أصحابه وأحبابه وأتباعه، بل حتى أعداءه ببرّه وإحسانه وجوده وكرمه وتفضله، أكل اليهود على مائدته، وجلس الأعراب على طعامه، وحفّ المنافقون بسفرته، ولم يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه تبرّم بضيف أو تضجّر من سائل أو تضايق من طالب، بل جرّ أعرابي برده حتى أثّر في عنقه وقال له: أعطني من مال الله الذي عندك، لا من مال أبيك وأمّك، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم وضحك وأعطاه.
شجاعته صلى الله عليه وسلم وجهاده:
كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأثبتهم قلبًا، لا يبلغ مبلغه في ثبات الجأش وقوة القلب مخلوق، فهو الشجاع الفريد الذي كملت فيه صفات الشجاعة وتمّت فيه سجايا الإقدام وقوة البأس، وهو القائل: " والذي نفسي بيده لوددت أنني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل" أخرجه البخاري.
لا يخاف التهديد والوعيد، ولا ترهبه المواقف والأزمات، ولا تهزه الحوادث والملمّات، فوّض أمره لربه وتوكل عليه وأناب إليه، ورضي بحكمه واكتفى بنصره ووثق بوعده، فكان صلى الله عليه وسلم يخوض المعارك بنفسه ويباشر القتال بشخصه الكريم، يعرّض روحه للمنايا ويقدّم نفسه للموت، غير هائب ولا خائف، ولم يفرّ من معركة قط، وما تراجع خطوة واحدة ساعة يحمي ا****س وتقوم الحرب على ساق وتشرع السيوف وتمتشق الرماح وتهوي الرؤوس ويدور كأس المنايا على النفوس، فهو في تلك اللحظة أقرب أصحابه من الخطر، يحتمون أحيانًا به وهو صامد مجاهد، لا يكترث بالعدوّ ولو كثر عدده، ولا يأبه بالخصم ولو قوي بأسه، بل كان يعدل الصفوف ويشجع المقاتلين ويتقدم الكتائب.
وقد فرّ الناس يوم حنينن وما ثبت إلا هو صلى الله عليه وسلم وستة من أصحابه، وكان صدره بارزًا للسيوف والرماح، يصرع الأبطال بين يديه ويذبح الكماة أمام ناظريه وهو باسم المحيا، طلق الوجه، ساكن النفس.
وقد شُجّ عليه الصلاة والسلام في وجهه وكسرت رباعيته، وقتل سبعون من أصحابه، فما وهن ولا ضعف ولا خار، بل كان أمضى من السيف. وبرز يوم بدر وقاد المعركة بنفسه، وخاض غمار الموت بروحه الشريفة. وكان أول من يهبّ عند سماع المنادي، بل هو الذي سنّ الجهاد وحثّ وأمر به.
وتكالبت عليه الأحزاب يوم الخندق من كل مكان، وضاق الأمر وحلّ الكرب، وبلغت القلوب الحناجر، وزلزل المؤمنون زلزالا شديدًا، فقام صلى الله عليه وسلم يصلي ويدعو ويستغيث مولاه حتى نصره ربّه وردّ كيد عدوّه وأخزى خصومه وأرسل عليهم ريحا وجنودًا وباؤوا بالخسران والهوان.
صدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:
بل هو الذي جاء بالصدق من عند ربه، فكلامه صدق وسنّته صدق، ورضاه صدق وغضبه صدق، ومدخله صدق ومخرجه صدق، وضحكه صدق وبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق، و كلامه صلى الله عليه وسلم كله حق وصدق وعدل، لم يعرف الكذب في حياته جادًّا أو مازحًا، بل حرّم الكذب وذمّ أهله ونهى عنه، وكل قوله وعمله وحاله صلى الله عليه وسلم مبني على الصدق، فهو صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع القريب والبعيد، والصديق والعدو، والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس، في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، فهو الصادق المصدوق، الذي لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقًا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، وهو الذي يقول- لما قال له أصحابه: ألا أشرت لنا بعينك في قتل الأسير؟!-: " ما كان لنبي أن تكون له خائنة أعين" رواه أبو داود والنسائي .
فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة، فكيف حاله بالله بعد الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوّته وإكرام الله له بالاصطفاء والاجتباء والاختيار؟!
صبره صلى الله عليه وسلم:
لا يعلم أحد مرّ به من المصائب والمصاعب والمشاق والأزمات كما مرّ به صلى الله عليه وسلم، وهو صابر محتسب، صبر على اليتم والفقر والجوع والحاجة، وصبر على الطرد من الوطن والإخراج من الدار والإبعاد عن الأهل، وصبر على قتل القرابة والفتك بالأصحاب وتشريد الأتباع وتكالب الأعداء وتحزّب الخصوم واجتماع المحاربين، وصبر على تجهّم القريب وتكالب البعيد، وصولة الباطل وطغيان المكذبين.. صبر على الدنيا بزينتها وزخرفها وذهبها وفضتها، فلم يتعلق منها بشيء، فهو صلى الله عليه وسلم الصابر المحتسب في كل شأن من شؤون حياته، فالصبر درعه وترسه وصاحبه وحليفه، كلما أزعجه كلام أعدائه تذكّر {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } طه 130، وكلما راعه هول العدو وأقضّ مضجعه تخطيط الكفار تذكّر {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} الأحقاف 35.
مات عمه فصبر، وماتت زوجته فصبر، وقتل عمه حمزة فصبر، وأبعد من مكة فصبر، وتوفي ابنه فصبر، ورميت زوجته الطاهرة بالفاحشة كذباً وبهتاناً فصبر، وكُذّب فصبر، قالوا له شاعر كاهن ساحر مجنون كاذب مفتر فصبر، أخرجوه، آذوه، شتموه، سبّوه، حاربوه، سجنوه.. فصبر، وهل يتعلّم الصبر إلا منه؟ وهل يُقتدى بأحد في الصبر إلا به؟ فهو مضرب المثل في سعة الصدر وجليل الصبر وعظيم التجمّل وثبات القلب، وهو إمام الصابرين وقدوة الشاكرين صلى الله عليه وسلم.
ضحكه صلى الله عليه وسلم:
وكان صلى الله عليه وسلم ضحاكًا بسامًا مع أهله وأصحابه؛ يمازح زوجاته ويلاطفهن ويؤنسهن ويحادثهن حديث الود والحب والحنان والعطف؛ وكانت تعلو محيّاه الطاهر البسمة المشرقة الموحية، فإذا قابل بها الناس أسر قلوبهم أسرًا فمالت نفوسهم بالكلية إليه وتهافتت أرواحهم عليه، وكان يمزح ولا يقول إلا حقًا، فيكون مزحه على أرواح أصحابه ألطف من يد الوالد الحاني على رأس ابنه الوديع، يمازحهم فتنشط أرواحهم وتنشرح صدورهم وتنطلق أسارير وجوههم.
يقول جرير بن عبد الله البجلي: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسّم في وجهي.
وكان صلى الله عليه وسلم في ضحكه ومزاحه ودعابته وسطاً بين من جفّ خلقه ويبس طبعه وتجهّم محيّاه وعبس وجهه، وبين من أكثر من الضحك واستهتر في المزاح وأدمن الدعابة والخفة.
بل كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يمازح بعض أصحابه قال له أحد أصحابه ذات مرة: أريد أن تحملني يا رسول الله على جمل، قال:" لا أجد لك إلا ولد الناقة" فولّى الرجال فدعاه وقال: " وهل تلد الإبل إلا النوق؟" أي أن الجمل أصلا ولد ناقة. أخرجه أحمد عن أنس بن مالك.
و سألته امرأة عجوز قالت: يا رسول الله! ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أُم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، فولت تبكي، فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: (( إِنّآ أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً)) [ الواقعة 35 – 37 ] رواه الترمذي في الشمائل وحسنه الألباني .
هذا غيض من فيض وقطرة من محيط من خصال وأخلاق أعظم إنسان عرفته البشرية جمعتها على عجل مساهمة متواضعة وكلمات مختصرة لعل الله عز وجل يفتح بها قلوباً غلفًا إلى الحق، ويهدي بها أعيناً عمياً لتدرك جانباً يسيراً من جوانب العظمة في حياة سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم.
منقول عن هشام محمد سعيد برغش
سهو الليل
08-12-2009, 14:58
صلى الله عليه وسلم
مشكوره خيتي شام
وجزاكي ربي الف خير
ابو ضاري
10-12-2009, 09:39
موقف المشركين من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأما بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم كان رجلًا شهمًا وقورًا ذا شخصية فذة، تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء بحيث لا يقابل مثله إلا بالإجلال والتشريف، ولا يجترئ على اقتراف الدنايا والرذائل ضده إلا أراذل الناس وسفهاؤهم، ومع ذلك كان في منعة أبي طالب، وأبو طالب من رجال مكة المعدودين، كان معظمًا في أصله، معظمًا بين الناس، فكان من الصعب أن يجسر أحد على إخفار ذمته واستباحة بيضته، إن هذا الوضع أقلق قريشًا وأقامهم وأقعدهم، ودعاهم إلى تفكير سليم يخرجهم من المأزق دون أن يقعوا في محذور لا يحمد عقباه، وقد هداهم ذلك إلى أن يختاروا سبيل المفاوضات مع المسئول الأكبر: أبي طالب، ولكن مع شيء كبير من الحكمة والجدية، ومع نوع من أسلوب التحدي والتهديد الخفي حتى يذعن لما يقولون.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=11#TOP) وفد قريش إلى أبي طالب
قال ابن إسحاق: مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسَفَّه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلى بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه، فقال لهم أبو طالب قولًا رقيقًا وردهم ردًا جميلًا، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين الله ويدعو إليه. ولكن لم تصبر قريش طويلًا حين رأته صلى الله عليه وسلم ماضيًا في عمله ودعوته إلى الله، بل أكثرت ذكره وتذامرت فيه، حتى قررت مراجعة أبي طالب بأسلوب أغلظ وأقسى من السابق.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=11#TOP) قريش يهددون أبا طالب
وجاءت سادات قريش إلى أبي طالب فقالوا له: يا أبا طالب، إن لك سنًا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين.
عَظُم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: يا بن أخي، إن قومك قد جاءونى فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحملنى من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمه خاذله، وأنه ضعُف عن نصرته، فقال: (يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ـ حتى يظهره الله أو أهلك فيه ـ ما تركته)، ثم استعبر وبكى، وقام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فلما أقبل قال له: اذهب يا بن أخي، فقل ما أحببت، فو الله لا أُسْلِمُك لشىء أبدًا وأنشد:
والله لن يصلوا إليك بجَمْعـِهِم ** حتى أُوَسَّدَ في التــراب دفيــنًا
فاصدع بأمرك ما عليك غَضَاضَة ** وابْشِرْ وقَرَّ بذاك منك عيونًا
وذلك في أبيات.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=11#TOP) قريش بين يدى أبي طالب مرة أخرى
ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في عمله عرفت أن أبا طالب قد أبي خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه مجمع لفراقهم وعداوتهم في ذلك، فذهبوا إليه بعمارة ابن الوليد بن المغيرة وقالوا له: يا أبا طالب، إن هذا الفتى أنْهَدَ فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدًا فهو لك، وأسْلِمْ إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل، فقال: والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه؟ هذا والله ما لا يكون أبدًا. فقال المطعم بن عدى بن نوفل ابن عبد مناف: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجهدوا على التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئًا، فقال: والله ما أنصفتموني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علىّ، فاصنع ما بدا لك.
ولما فشلت قريش في هذه المفاوضات، ولم توفق في إقناع أبي طالب بمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفه عن الدعوة إلى الله، قررت أن يختار سبيلا قد حاولت تجنبه والابتعاد منه مخافة مغبته وما يؤول إليه، وهو سبيل الاعتداء على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=11#TOP) اعتداءات على رسول الله صلى الله عليه وسلم
واخترقت قريش ما كانت تتعاظمه وتحترمه منذ ظهرت الدعوة على الساحة، فقد صعب على غطرستها وكبريائها أن تصبر طويلًا، فمدت يد الاعتداء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع ما كانت تأتيه من السخرية والاستهزاء والتشوية والتلبيس والتشويش وغير ذلك. وكان من الطبيعى أن يكون أبو لهب في مقدمتهم وعلى رأسهم، فإنه كان أحد رؤوس بني هاشم، فلم يكن يخشى ما يخشاه الآخرون، وكان عدوًا لدودًا للإسلام وأهله، وقد وقف موقف العداء من رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول، واعتدى عليه قبل أن تفكر فيه قريش، وقد أسلفنا ما فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم في مجلس بني هاشم، وما فعل على الصفا.
وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم قبل البعثة، فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة حتى طلقاهما.
ولما مات عبد الله ـ الابن الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم ـ استبشر أبو لهب وذهب إلى المشركين يبشرهم بأن محمدًا صار أبتر.
وقد أسلفنا أن أبا لهب كان يجول خلف النبي صلى الله عليه وسلم في موسم الحج والأسواق لتكذيبه، وقد روى طارق بن عبد الله المحاربى ما يفيد أنه كان لا يقتصر على التكذيب بل كان يضربه بالحجر حتى يدمى عقباه.
وكانت امرأة أبي لهب ـ أم جميل أروى بنت حرب بن أمية، أخت أبي سفيان ـ لا تقل عن زوجها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كانت تحمل الشوك، وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى بابه ليلًا، وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها، وتطيل عليه الافتراء والدس، وتؤجج نار الفتنة، وتثير حربًا شعواء على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب.
ولما سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فِهْرٌ [أي بمقدار ملء الكف] من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر، أين صاحبك؟ قد بلغنى أنه يهجونى، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة. ثم قالت:
مُذَمَّما عصينا * وأمره أبينا * ودينه قَلَيْنا
ثم انصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ فقال: (ما رأتنى، لقد أخذ الله ببصرها عني).
وروى أبو بكر البزار هذه القصة، وفيها: أنها لما وقفت على أبي بكر قالت: أبا بكر، هجانا صاحبك، فقال أبو بكر: لا ورب هذه البنية، ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به، فقالت: إنك لمُصدَّق.
كان أبو لهب يفعل كل ذلك وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاره، كان بيته ملصقا ببيته، كما كان غيره من جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذونه وهو في بيته.
قال ابن إسحاق: كان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدى بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلى ـ وكانوا جيرانه ـ لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص، فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلى، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له، حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرًا ليستتر به منهم إذا صلى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا عليه ذلك الأذى يخرج به على العود، فيقف به على بابه، ثم يقول: (يا بني عبد مناف، أي جوار هذا؟) ثم يلقيه في الطريق.
وازداد عقبة بن أبي مُعَيْط في شقاوته وخبثه، فقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس؛ إذ قال بعضهم لبعض: أيكم يجىء بسَلاَ جَزُور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم [وهو عقبة بن أبي معيط] فجاء به فنظر، حتى إذا سجد النبي وضع على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغنى شيئًا، لو كانت لي منعة، قال: فجعلوا يضحكون، ويحيل بعضهم على بعضهم [أي يتمايل بعضهم على بعض مرحًا وبطرًا] ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة، فطرحته عن ظهره، فرفع رأسه، ثم قال: [اللهم عليك بقريش] ثلاث مرات، فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، قال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى: (اللّهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط) ـ وعد السابع فلم نحفظه ـ فوالذي نفسى بيده لقد رأيت الذين عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القَلِيب، قليب بدر.
وكان أمية بن خلف إذا رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه. وفيه نزل: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} (javascript:openquran(103,1,1)) [سورة الهمزة:1] قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرجل علانية، ويكسر عينيه، ويغمز به. واللمزة: الذي يعيب الناس سرًا، ويؤذيهم.
أما أخوه أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافيين. وجلس عقبة مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، فلما بلغ ذلك أبيًا أنبه وعاتبه، وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل، وأبي بن خلف نفسه فت عظمًا رميمًا ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان الأخنس بن شَرِيق الثقفي ممن ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه، وهي في قوله تعالى:{ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (javascript:openquran(67,10,13)) [القلم:10: 13].
وكان أبو جهل يجىء أحيانًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه القرآن، ثم يذهب عنه فلا يؤمن ولا يطيع، ولا يتأدب ولا يخشى، ويؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقول، ويصد عن سبيل الله، ثم يذهب مختالًا بما فعل، فخورًا بما ارتكب من الشر، كأن ما فعل شيئًا يذكر، وفيه نزل: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (javascript:openquran(74,31,31)) [القيامة:31]، وكان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة منذ أول يوم رآه يصلى في الحرم، ومرة مر به وهو يصلى عند المقام فقال: يا محمد، ألم أنهك عن هذا، وتوعده، فأغلظ لــه رسـول الله صلى الله عليه وسلم وانتـهره، فقال: يا محمد، بأي شىء تهددنى؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادى ناديًا. فأنزل الله {فَلْيَدْعُ نَادِيَه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} (javascript:openquran(95,17,18)) [العلق:17، 18]. وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بخناقه وهزه، وهو يقول له:{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} (javascript:openquran(74,34,35)) [القيامة:34، 35] فقال عدو الله: أتوعدنى يا محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئًا، وإني لأعز من مشى بين جبليها.
ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار، بل ازداد شقاوة فيما بعد. أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى، لئن رأيته لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى، زعم ليطأ رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقى بيديه، فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن بينى وبينه لخندقًا من نار وهولًا وأجنحةً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو دنا منى لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا).
هذه صورة مصغرة جدًا لما كان يتلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من الظلم والخسف والجور على أيدى طغاة المشركين، الذين كانوا يزعمون أنهم أهل الله وسكان حرمه.
وكان من مقتضيات هذه الظروف المتأزمة أن يختار رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفًا حازمًا ينقذ به المسلمين عما دهمهم من البلاء، ويخفف وطأته بقدر المستطاع، وقد اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوتين حكيمتين كان لهما أثرهما في تسيير الدعوة وتحقيق الهدف، وهما:
1 ـ اختيار دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومى مركزا للدعوة ومقرًا للتربية.
2ـ أمر المسلمين بالهجرة إلى الحبشة.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=11#TOP) دار الأرقم
كانت هذه الدار في أصل الصفا، بعيدة عن أعين الطغاة ومجالسهم، فاختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجتمع فيها بالمسلمين سرًا، فيتلو عليهم آيات الله ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة؛ وليؤدى المسلمون عبادتهم وأعمالهم، ويتلقوا ما أنزل الله على رسوله وهم في أمن وسلام، وليدخل من يدخل في الإسلام ولا يعلم به الطغاة من أصحاب السطوة والنقمة.
ومما لم يكن يشك فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو اجتمع بالمسلمين علنا لحاول المشركون بكل ما عندهم من القسوة والغلظة أن يحولوا بينه وبين ما يريد من تزكية نفوسهم ومن تعليمهم الكتاب والحكمة، وربما أفضى ذلك إلى مصادمة الفريقين، بل قد وقع ذلك فعلًا. فقد ذكر ابن إسحاق أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجتمعون في الشعاب، فيصلون فيها سرًا، فرآهم نفر من كفار قريش، فسبوهم وقاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقاص رجلًا فسال دمه، وكان أول دم هريق في الإسلام.
ومعلوم أن المصادمة لو تعددت وطالت لأفضت إلى تدمير المسلمين وإبادتهم، فكان من الحكمة السريةُ والاختفاء، فكان عامة الصحابة يُخْفُون إسلامهم وعبادتهم واجتماعهم، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهرإني المشركين، لا يصرفه عن ذلك شىء، ولكن كان يجتمع مع المسلمين سرًا؛ نظرًا لصالحهم وصالح الإسلام.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=11#TOP) الهجرة الأولى إلى الحبشة
كانت بداية الاعتداءات في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة، بدأت ضعيفة، ثم لم تزل تشتد يومًا فيومًا وشهرًا فشهرا، حتى تفاقمت في أواسط السنة الخامسة، ونبا بهم المقام في مكة، وأخذوا يفكرون في حيلة تنجيهم من هذا العذاب الأليم، وفي هذه الظروف نزلت سورة الزمر تشير إلى اتخاذ سبيل الهجرة، وتعلن بأن أرض الله ليست بضيقة {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (javascript:openquran(38,10,10)) [الزمر:10].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم أن أصْحَمَة النجاشى ملك الحبشة ملك عادل، لا يظلم عنده أحد، فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة فرارًا بدينهم من الفتن.
وفي رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة. كان مكونًا من اثنى عشر رجلًا وأربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفان، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهما: (إنهما أول بيت هاجر في سبيل الله بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام)
كان رحيل هؤلاء تسللًا في ظلمة الليل ـ حتى لا تفطن لهم قريش ـ خرجوا إلى البحر ويمموا ميناء شعيبة، وقيضت لهم الأقدار سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، وفطنت لهم قريش، فخرجت في آثارهم، لكن لما بلغت إلى الشاطئ كانوا قد انطلقوا آمنين، وأقام المسلمون في الحبشة في أحسن جوار.
http://www.al-eman.com/islamlib/images/up.gif (http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=230&CID=11#TOP) سجود المشركين مع المسلمين وعودة المهاجرين
وفي رمضان من نفس السنة خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرم، وفيه جمع كبير من قريش، فيهم ساداتهم وكبراؤهم، فقام فيهم، وفاجأهم بتلاوة سورة النجم، ولم يكن أولئك الكفار سمعوا كلام الله من قبل؛ لأنهم كانوا مستمرين على ما تواصى به بعضهم بعضًا،من قولهم: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (javascript:openquran(40,26,26)) [فصلت:26] فلما باغتهم بتلاوة هذه السورة، وقرع آذانهم كلام إلهي خلاب، وكان أروع كلام سمعوه قط، أخذ مشاعرهم، ونسوا ما كانوا فيه فما من أحد إلا وهو مصغ إليه، لا يخطر بباله شىء سواه، حتى إذا تلا في خواتيم هذه السورة قوارع تطير لها القلوب، ثم قرأ: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (javascript:openquran(52,62,62)) [النجم:62] ثم سجد، لم يتمالك أحد نفسه حتى خر ساجدًا. وفي الحقيقة كانت روعة الحق قد صدعت العناد في نفوس المستكبرين والمستهزئين، فما تمالكوا أن يخروا لله ساجدين.
وسَقَطَ في أيديهم لما أحسوا أن جلال كلام الله لَوَّى زمامهم، فارتكبوا عين ما كانوا يبذلون قصارى جهدهم في محوه وإفنائه، وقد توالى عليهم اللوم والعتاب من كل جانب، ممن لم يحضر هذا المشهد من المشركين، وعند ذلك كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتروا عليه أنه عطف على أصنامهم بكلمة تقدير، وأنه قال عنها ما كانوا يرددونه هم دائما من قولهم: (تلك الغرانيـق العلى، وإن شفاعتهم لترتجى)، جاءوا بهذا الإفك المبـين ليعـتذروا عـن سجودهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، وليس يستغـــرب هـذا مـن قـوم كانوا يألفون الكذب، ويطيلون الدس والافتراء.
وبلغ هذا الخبر إلى مهاجري الحبشة، ولكن في صورة تختلف تمامًا عن صورته الحقيقية، بلغهم أن قريشًا أسلمت، فرجعوا إلى مكة في شوال من نفس السنة، فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار وعرفوا جلية الأمر رجع منهم من رجع إلى الحبشة، ولم يدخل في مكة من سائرهم أحد إلا مستخفيًا، أو في جوار رجل من قريش.
ثم اشتد عليهم وعلى المسلمين البلاء والعذاب من قريش، وسطت بهم عشائرهم، فقد كان صعب على قريش ما بلغها عن النجاشي من حسن الجوار، ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم بدا من أن يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى.
لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟!
لأنه يحبنا ,و لولاه لهلكنا و متنا على الكفر و استحققنا الخلود فى النار..و به عرفنا مكائد الشيطان , شوّقنا الى الجنة, ما من طيب الا و ارشدنا اليه , و ما من خبيث الا و نهانا عنه, و من حقه علينا أن نحبه لانه:-
1- يحشر المرء مع من أحب
جاء أعرابى الى النبى صلى الله علية و سلم فقال : متى الساعة؟! قال رسول الله صلى الله علية و سلم : ما اعددت لها؟ قال: انى أحب الله و رسوله . قال أنت مع من أحببت.
بهذا الحب تلقى رسول الله على الحوض فتشرب الشربة المباركة التى لا ظمأ بعدها أبدا.
أبشر يا ثوبان
قال القرطبى : كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم شديد الحب قليل الصبرعنه, فأتاه ذات يوم و قد تغير لونه و نحل جسمة يعرف فى وجهه الحزن فقال له النبى صلى الله عليه و سلم : ما غير لونك ؟ قال: يا رسول الله ما بى من ضر و لا وجع غير انى اذا لم أرك اشتقت اليك و استوحشت و حشة شديدة حتى القاك , ثم ذكرت الآخرة و أخاف أن لا أراك هناك , لأنى عرفت أنك ترفع مع النبيين , و أنى ان دخلت الجنة كنت فى منزلة هى أدنى من منزلتك , و ان لم أدخل لا أراك أبدا فأنزل الله قوله ( و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا) (النساء :69)0
الرحمة المهداة
قال تعالى(و ما ارسلناك الا رحمة للعالمين) (الأنبياء : 107)
لولاه لنزل العذاب بالأمة... لولاه لاستحققنا الخلود فى النار ..لولاه لضعنا.
انه رحمة لكل أحد...لكن المؤمنين قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا و اخرى , و الكفار ردوها فلم يخرج بذلك عن أن يكون رحمة لهم لكن لم يقبلوها , كما يقال: هذا دواء لهذا المرض فاذا لم يستعمله لم يخرج عن أن يكون دواء لذلك المرض
الجماد أحبه و أنت؟!
لمّا فقده الجذع الذى كان يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر حنّ اليه و صاح كما يصيح الصبى, فنزل اليه فاعتنقه, فجعل يهذى كما يهذى الصبى الذى يسكن عند بكائه , فقال صلى الله عليه و سلم :"لو لم أعتنقه لحنّ الى يوم القيامة". صحيح
كان الحسن البصرى اذا حدّث بهذا الحديث بكى , و قال : هذه خشبة تحن الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فانتم أحق أن تشتاقوا اليه
ما أشد حبه لنا
تلا النبى صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى فى ابراهيم( رب انهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فانه منى و من عصانى فانك غفور رحيم ) (ابراهيم :36)
و قول عيسى(ان تعذبهم فانهم عبادك و ان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم ) (المائدة :118)
فرفع يديه و قال: اللهم أمتى أمتى و بكى , فقال الله عز و جل :يا جبريل اذهب الى محمد فسله: ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله, فأخبره النبى صلى الله عليه وسلم بما قال و هو أعلم , فقال الله تعالى :يا جبريل .. أذهب الى محمد , فقل : انا سنرضيك فى أمتك و لا نسوؤك. صحيح
كمال الايمان فى محبته
قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده و الناس أجمعين ).صحيح
قد تمر علينا هذه الكلمات مرورا عابرا لكنها لم تكن كذللك مع رجل من أمثال عمر بن الخطاب الذى قال: يا رسول الله لأنت أحب الى من كل شئ الا نفسى , فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا و الذى نفسى بيده حتى أكون أحب اليك من نفسك , فقال عمر :فانه الآن و الله لأنت أحب الى من نفسى , فقال النبى صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر. صحيح
آخذ بحجرنا عن النار
عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مثلى كمثل رجل استوقد نارا, فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش و هذه الدواب التى يقعن فيها , و جعل يحجزهن و يغلبنه فيتقحمن فيها".صحيح
ما اشد حب رسولنا لنا , و لأنه يحبنا خاف علينا من كل ما يؤذينا , و هل أذى مثل النار ؟! و لما كان الله عز و جل قد أراه النار حقيقة كانت موعظتة ابلغ و خوفه علينا أشد , ففى الحديث : (و عرضت علىّ النار فجعلت أتأخر رهبة أن تغشانى). صحيح
ولذلك كان من الطبيعى أنه كان صلى الله عليه وسلم اذا خطب احمرت عيناه و علا صوته و أشتد غضبه كأنه منذر جيش
و لأنه لم يرنا مع شدة حبه لنا و خوفه علينا كان يود أن يرانا فيحذرنا بنفسه لتكون العظة أبلغ و أنجح. قال صلى الله عليه وسلم (وددت أنى لقيت اخوانى الذين آمنوا و لم يرونى) . صحيح
ولى كل مؤمن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم , من توفى من المؤمنين فترك دينا فعلىّ قضاؤه". صحيح
كيف تذوق حلاوة الايمان لقول النبى صلى الله عليه وسلم:
ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الايمان : أن يكون الله و رسوله أحب اليه مما سواهما) . صحيح
و هذه مكافأة يمنحها الله عز و جل لكل من آثر الله و رسوله على هواه..فيحس أن للايمان حلاوة تتضاءل كل اللذات الارضية, و لان من أحب شيئا أكثر من ذكره , فكلما ازداد العبد لرسول الله ص حبا كلما ازداد له ذكرا , و لأحاديثه ترديدا, و لسنته اتباعا و مع هذا كله تزداد حلاوة الايمان
وثيقة حبه وقعها بالدم
ففى الطائف : وقف المشركون له صفين على طريقه , فلمّا مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفين جعل لا يرفع رجليه و لا يضعهما الا رضخوها بالحجارة حتىأدموا رجليه.
و مع عامر بن صعصعة : يعرض النبى صلى الله عليه وسلم عليهم الاسلام و يطلب منهم النصرة , فيجيبونه الى طلبه, و بينما هو معهم اذ أتاهمبيحرة بن فراس القشيرى, فأثناهم عن اجابتهم له ثم أقبل على النبى صلى الله عليه وسلم فقال : قم فالحق بقومك , فوالله لولا أنك عند قومى لضربت عنقك.
فقام النبى صلى الله عليه وسلم الى ناقته فركبها فغمزها بيحرة فألقت النبى صلى الله عليه وسلم من على ظهرها .
تصور حالته صلى الله عليه وسلم و قد قرب على الخمسين من عمره و يسقط من ظهر الناقه و يتلوى من شدة الام على الارض , و الارتفاع ليس بسيطا , انه يسقط على بطنه من على مترين و نصف.
بينما النبى صلى الله عليه وسلم فى حجر الكعبه اذ أقبل عليهعقبة بن أبى معيطفوضع ثوبه على عنقه , فخنقه خنقا شديدا , فأقبلأبو بكر رضى الله عنه حتى أخذ بمنكبه و دفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : (أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله ) (غافر :28)
و غير ذلك : يوضع سلا الجزورعلى كتفيه صلى الله عليه وسلم و هو ساجد , و ينثر سفيه من سفهاء قريش علىرأسه التراب , ويتفل شقى من الاشقياء فى وجهه صلى الله عليه و سلم .....
صبر صلى الله عليه وسلم على ذلك كله لانه يحبنا ..أوذى و ضرب و عذب...أتهم بالسحر و الكهانة و الجنون...قتلوا أصحابه..بل و حاولوا قتله و صبر على كل ذلك كى يستنقذنا من العذاب و يهدينا رقابنا من النار..
و بعد كل هذا البذل و التعب؟!! نهجر سنته, و نقتدى بغيره, و نستبدل هدى غيره بهديه!! يا ويحنا..و قد أحّبنا و ضحى من أجلنا لينقذنا , و دعانا الى حبه . لا لننفعه فى شئ بل لننفع أنفسنا فأين حياؤنا منه؟! و حبنا له ؟! بأى وجه سنلقاه على الحوض ؟! بأى عمل نرجى شفاعته؟! بأى طاعة نأمل مقابلته فى الفردوس؟!..
الرسول يعلمنا التواضع
اوصى اليه الله .... و عرج به الى عوالم الملكوت ..... و اثنى الله على خلقه الكريم... و مع ذلك لم ير نفسه فوق الناس ابدا.
ناده رجل يا سيدنا و ابن سيدنا و خيرنا و ابن خيرنا فقال لا يستهوينكم الشيطان انا محمد بن عبد الله و رسوله لا ترفعونى فوق منزلتى ....اثار اعجاب العجم حين راوا اصحابه لا يقومون اليه حين يرونه قادما لانه نهاهم عن ذلك ... كان اذا مشى احد اصحابه وراءه تعظيما و اجلالا اخذ بيد من يفعل ذلك و يدفعه للسير بجانبه .... راه رجل فارتعد فحزن الرسول ص و قال هون عليك انما انا ابن امراة كانت تاكل القديد بمكة ... ما اغلق عله باب .... و لاستره عن الناس حجاب ... كان اذا ناداه عبد من اقل الناس اجابه .... كان يشبه نفسه باقل الناس... قال عن نفسه
اجلس كما يجلس العبد و آكل كما يأكل العبد
ابو ضاري
11-12-2009, 09:54
بأبي أنت وأمي يا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
خروج الرسول صلي الله عليه وسلم الي الطائف
لما مات أبو طالب ونالت قريش من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ما لم تكن تنال منه في حياته خرج رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إلى الطائف وحدهيلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ورجا أن يقبلوا منه ما جاءهم به منالله
فلما انتهى إلى الطائف عمد إلى نفرمن ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة عبد ياليل ومسعود وخبيببن و عمرو بن عمير ابن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف وعند أحدهم امرأة من قريشمن بني جمح فجلس إليهم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وكلمهم بما جاءهم لهمن نصرته على الإسلام والقيام على من خالفه منقومه
فقال له أحدهم هو يمرط ثياب الكعبةإن كان الله أرسلك وقال الآخر أما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الثالث والله لا أكلمك أبدا لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أنأرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أنأكلمك
فقام رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من عندهم وقد يئس من خير ثقيف وقد قال لهم فيما ذكر لي إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا علي وكره رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن يبلغ قومه فيذئرهم ذلك عليه
فلم يفعلوا أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس قال موسى بن عقبة وقعدوا له صفين علىطريقه فلما مر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بين صفيهم جعل لا يرفع رجليهولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموارجليه
وزاد سليمان التيمي أنه {صلى اللهعليه وسلم} كان إذا أذلقته الحجارة قعد إلى الأرض فيأخذون بعضديه فيقيمونه فإذا مشي رجموه وهم يضحكون قال ابن عقبة فخلص منهم ورجلاه تسيلان دما فعمدإلى حائط من حوائطهم فاستظل في ظل حبلة منه وهو مكروب موجع وإذا في الحائطعتبة وشيبة ابنا ربيعة فلما رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما للهورسوله وذكر ابن إسحاق أن الحائط كان لهما وأن رسول الله {صلى الله عليهوسلم} لما اطمأن يعني في ظل الحبلة قال اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتيوهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلنيإلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكنعافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمرالدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبي حتى ترضى ولاحول ولا قوة إلا بك
قال فلما رآه ابنا ربيعة وما لقيتحركت له رحمهما فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس فقالا له خذ قطفا منهذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه ففعلعداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم قال لهكل فلما وضع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فيه يده قال بسم الله ثم أكلفنظر عداس في وجهه ثم قال له والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلادفقال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من أي البلاد أنت يا عداس وما دينكقال نصراني وأنا من أهل نينوي فقال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أمنقرية الرجل الصالح يونس ابن متى قال له عداس وما يدريك ما يونس ابن متى قالرسول الله {صلى الله عليه وسلم} ذاك أخي كان نبيا وأنا نبي فأكب عداس على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقبل رأسه ويديه وقدميه فلما جاءهما عداسقالا له ويلك مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه قال يا سيدي ما في الأرضشيء خير من هذا لقد أعلمني بأمر لا يعلمه إلا نبي قالا ويحك يا عداس لايصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه
وقد خرج البخاريومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي {صلى الله عليه وسلم} هلأتي عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد فقال لقد لقيت من قومك وكان أشد مالقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت على وجهي وأنا مهموم فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالبفرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلامفناداني وقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملكالجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي فقال يا محمد ذلك لكفما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} بلأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا
هناك فرقا بين المعجزات وبين الكرامات والخصائص، فالمعجزات للأنبياء وبها يتحدى النبي سائر البشر، فالعصا كانت معجزة موسى عليه السلام، لقد تحدى بها سحرة فرعون، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى كان معجزة عيسى عليه السلام والقرآن كان معجزة محمد صلى الله عليه وسلم، تحدى به قبائل العرب ولا سيما قريش.
والكرامات يمكن أن تكون في الأنبياء وفي غير الأنبياء، لأن صاحبها لا يتحدى بها احدا.
أما الخصائص فكانت للرسول صلى الله عليه وسلم تكريما له وتشريفا لمقامه وهي كانت خاصة به.
ومعجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت كثيرة، أجلها وأشرفها القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربي مبين، أعجز العرب جميعا بحسن ألفاظه وجميل معانيه، حتى أن أحدهم عندما كان يسمعه من الصحابة وهم يتلونه بصوت جميل، لا يتمالك نفسه فيقول: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق، وما هو بقول البشر. كان يقول هذا ورغم ذلك لا يسلم ولا يؤمن عنادا.
ومن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا انه نبع الماء من بين أصابعه في غزوة تبوك، ومثل هذا لا يمكن أن يحصل من أحد، ولا يمكن لأحد أن يدعي مثل فعله، وقد حصل مرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم تفل في بئر كانت قد جف ماؤها فنبع الماء من جديد حتى كاد يفور.
وما ان سمع بذلك مسيلمة الكذاب حتى ذهب مع قومه الى احدى الآبار وكان بها ماء قليل، فطلبوا منه أن يتفل فيها ليزداد ماؤها فتفل فيها فغار ماؤها الى الابد وجف نهائيا.
أقول: يا سبحان الله، إن الفارق كبير بين مؤيد بالوحي من عند الله، وبين كذاب يدعي النبوة وهو شيطان رجيم.
نعم ومن معجزات الرسول حادثة الاسراء والمعراج التي لم تستغرق اكثر من دقائق، ورغم ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم انتقل بجسده الطاهر وروحه الشريفة في حال اليقظة الى بيت المقدس، وكان جبريل عليه السلام رفيقه والبراق وسيلته، فصلى هناك بالأنبياء إماما، ثم صعد به جبريل الى السماوات العلى حتى سدرة المنتهى، وبعد ذلك لم يستطع جبريل ان يرتقي اكثر وقال: يا محمد نحن معاشر الملائكة لكل منا مقام معلوم، لكنه ارتقى بإذن ربه حتى بلغ قاب قوسين أو أدنى.
وكم رأى في هذه الرحلة من مشاهد، وعندما عاد الى الارض أرادت قريش ان تمتحنه فسألته اسئلة تعجيزية، لكن الله ألهمه الإجابات كلها فأفحمهم.
ومن معجزاته ايضا انشقاق القمر له، وقد أجمع المفسرون على أن كفار قريش لما كذبوه طلبوا منه آية تدل على صدقه فأعطاه الله هذه الآية العظيمة، فانشق القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما كما رواه البخاري ومسلم، وكان رد قريش ان قالوا: هذا سحر بن أبي كبشة.
ومن معجزاته تكثير الطعام القليل ببركته، وكلام الحيوانات له، وطاعة الجمادات له، وكونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ورفع الوباء والحمى والطاعون عن المدينة، وفي الصحيحين ان الرسول قال: على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال.
وبالمناسبة فإننا لا نستطيع ان نحصر معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم من كثرتها، وإنك لو تتبعت حياته منذ ولادته، وإلى أن شب وأتته البعثة والنبوة، وهاجر وغزا غزواته، حتى توفي، لوجدت انه كان محفوفا بالعناية الإلهية، وتكاد تظهر على يديه في كل يوم معجزة للبشر، او كرامة او خصيصة من خصائصه، وكلها تدل على انه كان بشرا رسولا، وكان أتم وأكمل من بعث الى الخلق، ولقد ألف السيوطي كتابا سماه “الخصائص الكبرى” جمع فيه من المعجزات والكرامات والخصائص ما يزيد على ثلاثمائة خصيصة، بل وكتب السيرة كلها تحدثت عن خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم.
عُرف صلى الله عليه وسلم منذ صغره بالتواضع بين الناس، في أقواله وافعاله، حيث أدرك عليه الصلاة والسلام ان العزة والرفعة في الدنيا والآخرة في التواضع، فلما أتم الله عليه النعمة، وأنزل عليه وحيه ازداد تواضعا وعزا، ثم سطر للأمة قيم التواضع وخفض الجناح للمؤمنين، وفي صورة عملية مشرقة، فنراه كما تحكي عائشة رضي الله عنها: “يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويقم بيته وكان في خدمة أهله”.
ونراه مرة أخرى يقف للعجوز حتى يقضي لها حاجتها، ويقف للصغير حتى يسمع منه شكواه، ويلبي له مطالبه، ويقوم للفقير والضعيف حتى يوفي حقوقه، ممتثلا أمر ربه “واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين”.
ونراه مرة ثالثة يتلقى الوحي من السماء براحة واطمئنان، وربه تعالى يقول: “وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” ويقول: “واقصد في مشيك واغضض من صوتك” ويقول: “ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا”.
فيخرج صلى الله عليه وسلم على أصحابه يقول: “إن الله اوحى الي ان تواضعوا حتى لا يفخر احد على احد ولا يبغي احد على احد”.
لأنه قد علم ان التواضع يكسب السلامة، ويورث الألفة، ويرفع الحقد ليتعلم المسلم كيف يتواضع للناس من حوله فيقول في حق الكبير: سبقني الى الاسلام، وفي حق الصغير: سبقته الى الذنوب، أما القرين فيتخذه أخا ولا يتكبر عليه.
كلكم لآدم
وفي مسند الامام احمد من حديث بشر بن جحاش القرشي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما على اصحابه فبصق في كفه ثم قال: “إن الله عز وجل يقول: يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه واشار الى كفه فلما سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض متك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى اذا بلغت التراقي قلت: أتصدق، وأنى أوان الصدقة”.
فعلى أي شيء يتكبر الانسان، وقد كان أوله نطفة، وآخره مذرة وهو يحمل بين ذلك العذرة، فينبغي له ان يؤدب نفسه ويعودها التواضع، ويناجي نفسه ويقول لها: يا نفس إنك لا شيء ولا منك شيء ولا إليك شيء وإن يمدح فيك شيء فإنما يمدح فيك جميل ستر ربي عليك، ولو كشف الله ستري، وفضح امري، لنفر مني الدواب التي تمشي على الارض، ولكنه الستير الذي يحب الستر.
ولذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عن وهو أمير المؤمنين يحمل الماعز على كتفيه ويقول: حدثتني نفسي أني عمر فأردت ان أؤدبها.
وقال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله لولده وقد اشترى خاتما بألف دينار: “اكتب عليه: رحم الله امرءا عرف قدر نفسه”.
فإذا حدثتك نفسك ايها المسلم باحتقار احد من المؤمنين وازدراء أحد من عباد رب العالمين. فأدب النفس وقل لها: يا نفس إني سمعت ربي تعالى يقول: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، إني سمعت حبيبي صلى الله عليه وسلم يقول: كما في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه: “ان الله لا ينظر الى صوركم ولا اجسامكم، ولكن ينظر الى قلوبكم وأعمالكم”.
ويقول كما في مسند احمد: “كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على اعجمي ولا اعجمي على عربي، ولا احمر على أسود، ولا أسود على أحمر الا بالتقوى”.
ويقول كما عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ايضا: “رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره”.
من أنا؟
إذا حدثتك نفسك أيها المسلم ان تخطئ الناس من حولك، وربما تفسقهم أو تكفرهم لأنك ترى لنفسك فضلا وشرفا عليهم ولسان حالك يقول: أنا العالم وأنتم الجاهلون، أنا الصادق وأنتم الكاذبون، أنا الأمين وأنتم الخائنون، أنا المصيب وأنتم المخطئون.
فقل لها: يا نفس من أنا حتى افسق الناس واتكبر عليهم؟ ألست صاحبة كذا في العيوب؟ ألست صاحبة كذا من الذنوب؟ من كان بيته من زجاج فلا يلقِ الحجارة على بيوت الآخرين.
فقد يكون المملوك خيرا من مالكه واقرب إلى الله، وقد يكون المرؤوس خيرا من رئيسه، وقد يكون العامل في شركة أو هيئة خيرا من صاحبها، وقد يكون العامل في المستشفى أو المدرسة خيرا من مديرها، وقد يكون الخادم خيرا من مخدومه، وقد تكون من رزقت البنات أو العقيم خيرا وأفضل عند الله من أم البنين.
قال صلى الله عليه وسلم: “ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك، فإذا تواضع قيل للملك: ارفع حكمته، واذا تكبر قيل للملك: ضع حكمته” والحكمة: حديدة اللجام تكون في انف الفرس دليل الاعزاز.
ثم يبين صلى الله عليه وسلم مظاهر الكبر بقوله: “الكبر بطر الحق وغمط الناس” فقبول النصح ممن هو أدنى منك دليل تواضعك، وعدم سخريتك من الناس دليل ايضا على تواضعك، وتبرؤك من أول المتكبرين في الأرض ابليس حيث قال: “أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين”. وكان أول من دعا الى العنصرية، وأول من قاس قياسا فاسدا.
:::::: مـواقِـفُ أدْهشَتِ البَشَرِيّـة َ::::::
فِداكَ أبي وأمّي وروحي يارسولَ اللهِ بـِرَغْمِ كلّ ما يَجْري حَولنا إلاّ أنّ البَشَريَّة أجْمَعَها تَقِفُ حائِرةً أمَامَ مَوَاقِفِكَ العَظيمَةَِ والتّي ليْس لها مَثيلٌ عَبْرَ التاريخِ, كَيْفَ لا !! وهيَ مَواقِفُ أشْرَفِ الخلقِ أجْمَعينَ الذي وَصفَهُ اللهُ تَعَالى بقوْلِهِ وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ
هُنا سَتَكونُ لنا وَقـَفاتٌ مَعَ أجَلِّ وأعْظمِ المَواقِفِ ..
إنّها مَواقِفُ مِن: بُسْتان الشَّمائِلِ المُحَمَّدِيَّةِ
][ مُقـْتَطفاتٌ مِن بُسْتانِ الشَّمائِلِ المُحَمَّدِيّةِ ][
][ معَ زَوْجاتِهِ ][
كانَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ خَيْرَ الناسِ لِكُلِّ النّاسِ، وكانَ خَيْرَ النّاسِ لأهْلِهِ كَما قالَ عَنْ نَفسِهِ الشَّريفةِ: خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهْلِهِ وَأنا خَيْرُكُمْ لأهْلِي سنن التّرْمِذي.
وقَدْ ضرَبَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أَرْوَعَ الأمثلَةِ في التـَّلطـُّفِ معَ زوْجاتِهِ وحُسْنِ مُعاشَرَتِهنَّ والتـَّوَدّدِ إليْهِنّ ومُداعَبَتِهنّ، حتى إنّهُ كانَ يَجْلِسُ عِندَ بَعيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبتَهُ وتَضعُ صَفِيّةُ رجْلَها عَلى رُكْبَتِهِ حَتى تَرْكَبَ صحيح البخاري
،،
وكان صلى اللهُ عليه وسلمَ يُرَقّقُ اسمَ عائشَة َـ رضي الله عنها ـ ويقول لها: يا عَائِشُ ، صحيح البخاري وكان يناديها بــ بـِنْتِ الصِّدِّيقِ سنن الترمذي وسنن ابن ماجة إكْراماً لها ولأهْلِها وتَوَدُّداً وتَقرُّباً إلَيْها.
،،
كما كانَ النّبِيّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يقومُ بخِدْمَةِ زَوْجاتِهِ رِضْوانُ اللهِ عَليْهِنَّ فعَنِ الأسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ سَألْتُ عائشة َ رَضِي اللهُ عنْها ما كان النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يصْنعُ في البيتِ قالَتْ كانَ يكُونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ فإذا سَمِعَ الأذانَ خَرَجَ. رواه مسلم والترمذي.
،،
وعَنْ أنسٍ قالَ كان النَّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسائِهِ فأرْسَلَتْ إحْدَى أمَّهاتُ المؤمِنينَ بصَحْفَةٍ فيهَا طعامٌ فضَرَبَت التّي النّبِيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ في بَيْتِها يَدَ الخادِمِ فسَقَطَتِ الصّحفَة ُفانْفلَقَتْ فجَمَعَ النبِيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ فَلْقَ الصّحفةِ ثمَّ جَعَلَ يجْمَعُ فيها الطعامَ الذي كانَ في الصحفَةِ ويَقولُ غارتْ أمّكُمْ ثمَّ حَبَسَ الخادِمَ حَتى أتَى بصحفةٍ مِنْ عِندِ التي هُوَ في بيتِها فدَفعَ الصحفة الصّحيحَة َإلى التي كُسِرَتْ صحْفَتُها وأمْسَكَ المَكْسورَة َفي بَيْت ِالتي كَسَرَتْ صحيح البخاري
,,
وقدْ اسْتَشارَ النَّبيُّ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَوْجاتِهِ في أدَقِّ الأمُورِ ومِن ذلكَ اسْتِشارَتُهُ صلى الله عليه وسلم لأم سَلَمَةَ في صُلْحِ الحُدَيْبيَّةِ عنْدَما أمَرَ أصْحابَهُ بنَحْرِ الهَدْيِ وحَلْقِ الرّأسِ فَلَمْ يفعَلُوا لأنّهُ شَقَّ عَليْهِمْ أن يَرْجِعوا ولم يدْخلُوا مَكَّةَ، فدَخَلَ مَهْمُوماً حَزيناً عَلَى أُمِّ سَلَمةَ في خَيْمَتِها فمَا كانَ مِنْها إلاّ أنْ جَاءَتْ بالرّأيِ الصّائِبِ: أُخْرُجْ يا رسولَ اللهِ فاحْلِقْ وانْحَرْ، فحَلَقَ ونَحَرَ وإذا بِأصْحابـِهِ كُلِّهِمْ يَقومونَ قَوْمَةَ رَجُلٍ واحِدٍ فيَحْلِقونَ وينْحَرُونَ.
,,
غَضِبَتْ عائِشَةُ ذاتَ مَرّةٍ معَ النّبِيّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ
فقال لَها: هَلْ تَرْضَينَ أن يَحكُمَ بيننا أبو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ؟
فقالت: لا.. هَذا رَجُلٌ لنْ يَحْكُمَ عليْكَ لِي،
قال: هَلْ ترْضيْنَ بعُمَرَ؟
قالت: لا.. أنا أخافُ مِنْ عُمَرَ..
قال: هَلْ ترْضيْنَ بأبي بَكْرٍ (أبيها)؟ قالتْ: نعَمْ!!.
فأين نَحْنُ مِن كُلّ ذلِكَ.
][ مَعَ الأطْفالِ ][
كانَ الحَبيبُ المُصْطفَى يتعامَلُ معَ الأطفالِ بكُلِّ حُبِّ وَحَنانٍ ...
إسْتَطاعَ أنْ يجْذِبهُمْ إليْهِ كالمَغْناطيسِ معَ كُلّ هذا القدْرِ العَظيمِ .. لَمْ يَهابوهُ بلْ أحَبّوهُ قبْلَ كُلّ شيْءٍ
فكان يَعْمَلُ على تشْجيعِ الطفلِ على طَلَبِ العِلْمِ ومُخالَطةِ العُلماءِ
فقدْ روى مسلمٌ في صَحيحِهِ أن سَمُرَة بْنَ جُندُبٍ رضي اللهُ عنهُ قال: لقدْ كنتُ عَلى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلى اللهُ عَليْهِ وسلمَ غُلاماً، فكُنْتُ أحْفظُ عَنْهُ فما يَمْنعُني مِنَ القوْلِ إلاّ أنّ ها هُنا رِجالاً هُمْ أسَنُّ مِنّي. صحيح مسلم
كما أقـَرَّ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ نهْجَ طريقَةِ المُداعَبَةِ وَاللعِبِ في التَّعْليمِ وعَمِلَ بهِ
وهُناكَ الكَثيرُ مِنَ الأحاديثِ التّي تَدُلُّ على ذلِكَ ومِنْها ما رَواهُ الشّيْخانِ وغَيرُهُما من حديثِ أنَسٍ رضِيَ اللهُ عنْهُ قال: كانَ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ أحْسنَ النّاسِ خُلُقاً، وكان لي أخٌ يُقالُ له أبو عُمَيْرٍ، وكان إذا جاءَ قال: يا أبا عُمَيْرُ، ما فَعَلَ النّـُغَيْرُ
والنّـُغَيْرُ تصْغيرٌ لِكلِمَةِ نَغْرٍ وهُوَ طائِرٌ كانَ يَلْعبُ بِهِ
وذاتَ مَرّةٍ كانَ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ يَمْشي في السّوقِ فرَأى أبَا عُمَيْرٍ يَبْكي، فَسَألَهُ عَنِ السّبَبِ ... فقالَ لَهُ مَاتَ النٌّغَيْرُ يا رَسولَ اللهِ فَظَلَّ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ يُداعِبُهُ ويُحادِثُهُ ويُلاعِبهُ حتّى ضَحِكَ،فَمَرّ الصّحابَةُ بهِما فسَألُوا الرّسولَ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ عَمّا أجْلَسَهُ مَعَهُ، فقال لَهُم مَاتَ النّـُغَيْرُ، فجَلَسْتُ أُواسِي أبَا عُمَيْرٍ
إنّها دَعْوةٌ مِنَ الرّحْمَةِ المُهْداةِ إلى العالَمِ لاحْتِرامِ مَشاعِرِ الصِّغارِ وَالتّلَطفِ بهِمْ
،،
وَكَانَ يَتقرّبُ إلَى الأطفالِ بالهـِباتِ والهَدايا ومِمّا يدُلُّ عَلى ذلِكَ ما رَواهُ مُسْلِمٌ عَن أبي هُريْرَةَ رضي الله عنه قال: كانَ النّاسُ إذا رَأوْا أوّلَ الثّمْرِ جاءُوا بِهِ رَسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ، فإذا أخَذَهُ قال: اللّهُمَّ بارِكْ لَنا فِي ثمْرِنا وَبارِكْ لَنا في مَدينَتِنا
ثُمَّ يَدْعُو أصْغرَ وَليدٍ يَراهُ فيُعْطِيهُ ذلِكَ الثمْرَ. صحيح مسلم
،،
وَما كَذبَ الرّسولُ قَطٌّ عَلَى طِفلٍ أوْ غَشَّهُ
بَلْ كانَ يُعَلّمُنا أنْ نُعامِلهُمْ بالصِّدْقِ في القوْلِ والعَمَلِ
ومِمّا جاءَ في ذلِكَ حديثُ عبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ رضي اللهُ عنهُ،
قال: دَعَتْني أمّي وَرسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَليْهِ وسلّمَ قاعِدٌ في بَيْتِنا
فقالت: هَا تَعَالَ أُعْطيكَ
فقال لها صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ما أرَدْتِ أنْ تُعْطيهِ؟
قالت أُعْطيهِ تَمْراً
فقال لَها: أمَا أنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطيهِ شَيْئاً كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذبَةً
يا اللهُ
تِلكَـ هي الرّحْمة ُالحَقّةُ ُ
][ مَعَ غيْرِ المُسلِمينَ ][
ولْنَقرَأ سَوِيّاً عَن نبيّ الرّحْمَةِ وعن مُعاناتِهِ مَعَ اليَهودِ الذينَ وَصفهُمْ عالِمُهُمْ وإمامُهُمْ وحَبْرُهُمْ عبدُ اللهِ بْنُ سلامٍ رضيَ اللهُ عنهُ لِرَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ بقوْلِهِ: إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ البخاري.
ومَعَ ذلِكَ فقَدْ أبْرَمَ مَعَهُمْ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مُعاهَدةً جاءَ فيها:
وَإِنّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ وَإِنّ اليَهُودَ أُمّةٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُسْلِمَيْنِ دِينُهُمْ مَوَالِيهِمْ وَأَنْفُسُهُمْ إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بيتِهِ وَإِنّ بِطَانَةَ يَهُودَ كَأَنْفُسِهِمْ وَإِنّهُ لَا يُخْرَجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا بِإِذْنِ مُحَمّدٍ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّهُ لَا يُنْحَجَزُ عَلَى ثَأْرٍ جُرْحٌ وَإِنّهُ مَنْ فَتَكَ فَبِنَفْسِهِ فَتَكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إلّا مِنْ ظَلَمَ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَبَرّ هَذَا ; وَإِنّ عَلَى الْيَهُودِ نَفَقَتَهُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ نَفَقَتَهُمْ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْرَ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَهْلَ هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْحَ وَالنّصِيحَةَ وَالْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ ، وَإِنّهُ مَا كَانَ بَيْنَ أَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ مِنْ حَدَثٍ أَوْ اشْتِجَارٍ يُخَافُ فَسَادُهُ فَإِنّ مَرَدّهُ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَإِلَى مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَتْقَى مَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَأَبَرّهِ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْرَ عَلَى مَنْ دَهَمَ يَثْرِبَ ، وَإِذَا دُعُوا إلَى صُلْحٍ يُصَالِحُونَهُ وَيَلْبَسُونَهُ فَإِنّهُمْ يُصَالِحُونَهُ وَيَلْبَسُونَهُ وَإِنّهُمْ إذَا دُعُوا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنّهُ لَهُمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إلّا مَنْ حَارَبَ فِي الدّينِ عَلَى كُلّ أُنَاسٍ حِِصّتُهُمْ مِنْ جَانِبِهِمْ الّذِي قِبَلَهُمْ
من سيرَةِ ابنِ هِشامٍ كِتابُ النبيّ بَيْنَ المُهاجِرينَ والأنصارِ ومُوادَعَةِ اليَهودِ
،،
كَمَا تَجلّتْ رحمَتُهُ أيْضاً بأبي هُو وأمّي في ذلِكَ المَوقِفِ العَظيمِ،يَومَ فتْحِ مكّةَ وتَمْكِينِ اللهِ تعالى لَهُ ،حينَما أعْلنَها صريحة ًواضحة ً الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ ) ،حين قال سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ وهو رافِعٌ لإحْدى الرّاياتِ في جيْشِ فتْحِ مكّةَ اليومَ يومُ الملْحَمَةِ فأخذ مِنهُ صَلّى اللهُ عليهِ وسلمَ الرّايةَ وأعْطاها لوَلدِهِ قَيْس وقال: بلِ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ وأصدر عَفوَهُ العامَّ عن قريشٍ التي لمْ تَدّخِرْ وُسْعاً في إلْحاقِ الأذى بالمسلمينَ، فقابلَ الإساءَةَ بالإحسانِ ، والأذيّةَ بحُسْنِ المُعاملَةِ , وأمرَ الجيْشَ ألاّ يُقاتِلَ إلاّ مَن قاتلَهُ، ودخلَ مَكّة فاتِحًا منْصورًا يَحْمدُ اللهَ عَلى نَصْرِهِ ويشكرُهُ على فضْلِهِ، وتَمَكّنَ مِن أعداءِ الأمْسِ الذين أخْرجوهُ وأصحابَهُ وأخَذوا أمْوالهُمْ وسَفَكوا دِماءَ بَعْضِهمْ،لكنّهُ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ يُريدُ لَهُمُ الخيْرَ و الهِدايَةَ، فَسامَحهُمْ وعَفا عَنهُمْ وقال لهُمْ:لا تَثريبَ عَليكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللهُ لكُمْ وهُوَ أرْحَمُ الرّاحِمينَ، اذْهَبُوا فأنتُمُ الطّلَقاءُ. فَكانَ ذلِكَ سببًا في إسْلامِ الجَمِّ الغَفيرِ
فَأيُّ عَفْوٍ هذا وأيّة ُرَحْمَةٍ تِلكَ وأيّ ُكَظمٍ لِلغَيْظِ هَذا !!!
الذي لَمْ تعْرفْ لهُ البشرِيّة ُعلى طولِ الزّمانِ وعَرْضِهِ مَثيلاً ؟
فداكَ أبي وأمي يا رسولَ اللهِ يا رحمة ًلِلعالَمينَ
][ أيّها الأحِبّـَــــــة ُ][
ما سبَقَ كان مُقتَطفاتٍ يَسيرةٍ مِن سيرَةٍ زاخِرَةٍ بالكثيرِ مِنَ المَشاهِدِ الرّائِعَةِ التّي يَقِفُ أمامَها الإنْسَانُ عاجِزاً عَن إيجادِ وصْفٍ لَها
ومِمّا زادَني شَرَفاً وفخْراً ... وكِدْتُ بأخْمُصي أطأ ُالثُّرَيّا
دُخولي تَحْت قوْلِكَ يا عِبادِي ... وأنْ أرْسلْتَ أحْمَدَ لي نَبِيا
لَقَدْ أرْسِـلَ محمدٌ صلّى اللهُ عليهِ و سلـمَ مَفْطـوراً عَلى الرّحمَةِ ،
فكان لينُهُ رحْمَة ًبالأمّةِ في تَنفيذِ الشّريعَةِ بدُونِ تَساهُلٍ، وبرِفْقٍ وإعانَةٍ عَلى تحْصيلِهَا. فلذلك جُعِل لينه مُصاحباً لرحمةٍ أوْدَعَها اللهُ سبْحانهُ فيهِ، فاخْتارَهُ لِيكُون مَبْعوثا للناس كافـّة ً، واختار العَرَبَ ليكُونوا هُمْ مُبَلّغَ الشّريعَةِ للعالَمِ
قال أحدُ السّلَفِ : ' زَيّنَ اللهُ مُحَمّداً صلّى اللهُ عليهِ و سلمَ بزينَةِ الرّحْمَةِ فكانَ كوْنُهُ رَحْمَة ًوجميعُ شمائِلِهِ رحمةً و صفاتِهِ رحمَة ًعَلى الخَلْقِ 'وفي حديث مُسْلِم أن رسولَ اللهِ صلّى اللهُ علَيْهِ وسَلّم لمّـا شُـجّ وَجْهُهُ يَوْمَ أحُــد ٍ شَقّ ذلِكَ عَلى أصْحابِهِ فقالوا : لَوْ دَعَوْتَ عَلَيهِمْ، فقال: إنّــي لَمْ أُبْعَثْ لعّـَـانـاً و إنّمَــا بُــعِثـْـتُ رحْمَة ً صحيح مسلم
,,
رحيمٌ إنْ مَضى وقضَى .... وكانَ العَدْلَ ميزانا
شَبابَ الحَقِّ فانْطلِقوا .... مِنَ المِحْرابِ فُرْسانا
وللإسلامِ فامْتَثِلُوا .... هُدَى المُخْتارِ عُنْوانا
,,
ابو ضاري
14-12-2009, 10:47
صلى الله عليه وسلم
ابو ضاري
22-12-2009, 01:36
عُرف صلى الله عليه وسلم منذ صغره بالتواضع بين الناس، في أقواله وافعاله، حيث أدرك عليه الصلاة والسلام ان العزة والرفعة في الدنيا والآخرة في التواضع، فلما أتم الله عليه النعمة، وأنزل عليه وحيه ازداد تواضعا وعزا، ثم سطر للأمة قيم التواضع وخفض الجناح للمؤمنين، وفي صورة عملية مشرقة، فنراه كما تحكي عائشة رضي الله عنها: “يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويقم بيته وكان في خدمة أهله”.
إذا بحثنا عن الإنصاف في أعلى درجاته، وعن مراعاة الحقوق وأدائها الى أهلها، فسنجد ذلك كله عند محمد عليه الصلاة والسلام، الذي حرَّم ظلم الناس وأكل حقوقهم وأجورهم وأموالهم. فقال صلى الله عليه وسلم “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”.
ولقد نهى رسول الله عن خصم الأجور من دون سبب مشروع، امتثالا لقوله تعالى: “ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين”. (الشعراء: 183).
وقال صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع جزافاً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه، ولم يعطه أجره”. (رواه البخاري).
السعي لكسب الرزق
وعني رسول الله صلى الله عليه وسلم بوسائل الحفاظ على المال إيجادا وتحصيلا فكانت:
1- الحث على السعي لكسب الرزق وتحصيل المعايش، لقوله تعالى: “هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور”. وقوله: “فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون”.
لذا حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على العمل والكسب الحلال بقوله: “ما أكل أحد طعاما قط خيراً من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده”.
2- النهي عن نقص الحقوق وتغيير العقود وعدم الالتزام بتطبيق العهود، لقوله تعالى: “ويل للمطففين”، وقال سبحانه وتعالى: “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود... الآية”، فنرى أحدهم يتفق مع عدد من العمال على عقد، ثم يغيره فيقبلون وهم كارهون وقد لا يستطيعون الشكوى إلا الى الله، وربما كان العامل كافرا فيكره الإسلام والمسلمين.
3- التحذير من أن يزيد عليه في العمل ويكلفه ما لا يطيق، أو يزيد عليه مدة العمل ولا يعطيه إلا الأجرة الأساسية ويحرمه من الأجرة الإضافية.
فهذا أبو ذر - رضي الله عنه - يلبس خادمه مما يلبس، ويطعمه مما يطعم، فسئل في ذلك فقال: “إنني ساببت رجلاً فعيرته بأمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إخوانكم خولكم جعلهم الله قنية تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم”. رواه البخاري ومسلم.
فليسأل المسلم نفسه: هل جلس في يوم من الأيام مع خادمه أو عامله ليطعمه مما يطعم، ويلبسه مما يلبس، ويعامله بعطف وحنان؟ أم انه يلقي اليه بفضلات طعامه وبقايا شرابه وثيابه وأثاثه؟ هل يرحم هذا الخادم أو العامل او الموظف فلا يحمله ما لا يطيق من العمل، بل يمد له يد العون والمساعدة، ويعوضه مقابل جهده وتعبه؟ أم أنه يسخره في الأعمال الشاقة آناء الليل والنهار بلا رحمة؟
النهي عن المماطلة
4- النهي عن المماطلة في دفع أجرة العامل بحيث لا يتحصل عليها العامل إلا بعد وقت وجهد ومحاكم، وقد يكون غرضه أن يمل العامل أو يعجز عن استمراره في المطالبة بحقوقه فيتركها، وبعضهم يستغل أجور العمال فيرابي بها أو يستثمرها والعامل لا يجد قوت يومه ولا ما يرسله الى أهله وأولاده، وربما اضطر للسرقة والانحراف ليسد جوعه ان ضعف الإيمان في قلبه.
فأين هؤلاء من هذا الرجل الأمين الكريم الذي فرّج الله عنه وعن أصحابه بسبب حفاظه على حق الأجير واستثماره له لسنوات حتى إذا وجده رد اليه حقه بعد زيادته ونمائه.
إنها قصة الثلاثة الذين أطبقت عليهم الصخرة في الغار، فقاموا يدعون الله تعالى بصالح أعمالهم لعل الله يكشف همهم ويُفرّج كربهم، والحديث متفق على صحته من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وفيه: “.. وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد، ترك الذي له وذهب، فثمَّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبدالله أدِّ إليَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبدالله لا تستهزئ بي، فقلت: لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم ان كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون”.
5- عدم التعدي على العمال بالضرب أو الإهانة أو السب، فإن ذلك يستوجب عقاب الله تعالى.
يقول ابومسعود البدري - رضي الله عنه - كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، وإذا بصوت ورائي “اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام”، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقط السوط من يدي فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً، هو حر لوجه الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو لم تفعل لمستك النار”.
تنظــم حيــاتك ... من هــدي رســول الله صــلى الله علـــيه وسلـــم .. يقـول رســول الله صلــى الله عليــه وسلــم فـي الحـديث الصحــيح الــذي رواه الترمــذي عــن معــاذ بـن جبــل رضـي الله عـنه: "اتــق الله حيثــما كــنت واتبــع الســيئة الحســنة تمــحها وخــالق النــاس بخلــق حســن". لقـد تضمـن هذا الحـديث ثـلاث وصـايا جـامعة انتظـمت جميـع المعـامـلات التـي يستقـيم بـها أمـر الديـن والدنيـا. فأمـا حـق الله تعالـى فهـو أن يتقـى حـق تقـاته بأن يطـاع فلا يعصـى ... ويـذكر فلا ينسـى ...ويشـكر فلا يكـفر، يحمـد علـى السـراء والضـراء كمـا ينبغـي لجـلال وجـهه وعظـيم سلطـانه. وأمـا حقـوق العـباد ... فأولـها حـق الإنسـان علـى نفسـه بتحقيـق أشـواق الـروح ومطـالب الجسـد فـي إطـار مـن مـراقبة الله فـي ما يأتـي وما يـذر، وثانيـها حـق العـباد علـيه. وقـوله صلـى الله علـيه وسلـم: "اتـق الله حيثمــا كــنت": توجيـه نبـوي كـريم إلـى ما يجـب أن تتـجه إليـه الهمـة ويتخـذ منـه الإنسـان درعـا تقيـه وحصـنا يـؤويه انـه التقـوى جمــاع الـخــير الفــلاح. معــاني التقـــوى. وقـد وردت التقــوى فـي القــرآن بعــدة معــاني، منــها الخــوف مــن الله عــز وجــل وخشــيته ومنـه قـوله تعـالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا" (الأحزاب: 70). ومخــافة الله لا تكــون إلا بمعــرفته قال تعالى: "إنما يخشـى الله من عبــاده العلــماء" (فاطر: 28). ذلك أن مـن عــرف ربــه لم يعصــه ومن خشــيه اخـذ بفـعل الخيـر نفسـه وأمـن النـاس شـره، ومنـها مــراقبة الله, قـال تعـالى: "واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير". ويعنــي ذلك أن علـى المـرء أن يعلـم أن الله يراه ويعلم كل ما يفعـله فـي سـره وعـلانيته وانـه يحصـي عليـه كل تصـرفـاته ويسجـل عليـه أو لـه كل حسنــاته وسيـئاته، والمـؤمن الـذي يـراقب الله لا يـرى سلطـانا علـيه لمـا عـداه، ولا يعبـد مخلصـا الا ايـاه ولا يخشـى في الحـق سـواه، وكـذلك طـاعة الله سبحـانه وطـاعة رسـول الله صـلى الله عليـه وسلـم ففيـها امتثـال لأوامـر الله واجتنـاب نواهـيه والـوقـوف عنـد حـدوده. وقـد يـراد بالتقـوى الحفـظ والوقـاية مـن غضـب الله وعـذابه قـال تعـالى: "يا أيـها النـاس اعبـدوا ربـكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" (البقرة: 21). وقال: "وقهـم السـيئات ومـن تق السـيئات يومئـذ فقد رحمـته" (غافر: 9). وتقــوى الله مـراتب، وفـي مقـدمتها الإيمـان بالله عـز وجـل وانـه الأحـد الفـرد الصمـد وتـأتي بعـد ذلك ارفـع درجـات التقـوى واسمـاها وهـي الاشتغـال بالله عمـا سـواه. يقـول الحـق سبحـانه: "وما يذكـرون إلا أن يشـاء الله هـو أهـل التقـوى وأهـل المغفـرة" (المدثر: 56). ويقـول صـلى الله عليـه وسلـم: "أثـقل مـا يوضـع في الميـزان يـوم القيـامة تقـوى الله عـز وجل وحسـن الخـلق". والمتقـون بمنجـاة من الهـم والحـزن والضـيق قـال تعـالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" (الطلاق: 2-3). وقـال: "من يتق الله يجعل له من أمره يسرا" (الطلاق: 4). الحسـنة بعـد السـيـئة وقـوله صـلى الله عليـه وسلم "وأتبـع السيـئة الحسـنة تمحـها": إشـارة إلـى انـه مهمـا كـان الإنسـان حريصـا علـى تقـوى الله عـز وجـل والاعتصـام بحبـله والاستمسـاك بالـذي أوحـي إلـى الرسـول محمـد صلـى الله علـيه وسلـم، فهـو معـرض لأن تـزل بـه القـدم، ويجـرفه تيـار الهـوى ويتـردى فـي حمـأة الرذيـلة، ولقـد كـان من فضل الله -وهـو الغنـي عـن عبـاده- أن فتـح لهـم أبواب القـبول إذا عـادوا إليه وذكروه فاستغفـروا لذنوبهـم، ولـم يصـروا علـى ما فعلـوا، يرجـون رحمـته ويخشـون عـذابه قـال تعالـى: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" (آل عمران: 135) . معــاملة النــاس وقوله صلى الله عليه وسلم: "وخــالق النـاس بخلــق حســن": تنبـيه إلـى أن أهـم خصـال التقـوى حسـن الخـلق، فهـو ركـن عظيم من أركانها، بـل إن التقـوى لا تتـم إلا به، ولقد أفـرده رسول الله صلى الله عليه وسلـم بالذكر لمـزيد الحـاجة إليـه ودفـعا لمـا قـد يتوهـمه بعـض النـاس مـن أن التقـوى هـي القيـام بحـقوق الله فقـط، وأن ذلك وحـده كـاف فـي الوفـاء بحـق التقـوى.. والقـرآن الكـريم يوضح فـي ما جـاء به الإطـار الذي تتسـم به هذه العـلاقة فـي قـوله تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين". وما أفاده به جبريل بما علمه حين قال له: "إن الله يأمـرك أن تصـل من قطـعك وتعطـي من حرمـك وتعـفو عمن ظلمـك". كمـا أن بـه تمـام رسـالات الرسـل وكمـال الإيمـان: قال صلـى الله علـيه وسلـم: "إنمـا بعـثت لأتمـم مكـارم الأخـلاق"، وقال صـلى الله عليـه وسـلم: "أكمـل المؤمنيـن إيمـانا أحسنـهم خلـقا
سلسله♥♥ لماذا محمد ♥♥
والتى حققت نجاح باهر ولله الحمد والمنه
الآن على اسطوانه واحده
روابط التحميل
الجزء الأول (http://www.mediafire.com/?wdiegmjuyne)
الجزء الثانى (http://www.mediafire.com/?mzmlm3lgeyj)
الجزء الثالث (http://www.mediafire.com/?iwn1eddtyfg)
الجزء الرابع (http://www.mediafire.com/?jzwjiydwdgi)
الجزء الخامس (http://www.mediafire.com/?zyajzzoyjzy)
الجزء السادس (http://www.mediafire.com/?vuao2n1qhjm)
الجزء السابع (http://www.mediafire.com/?kn0onyyimyi)
الجزء الثامن (http://www.mediafire.com/?y3xkkgvytzl)
لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟!
لأنه يحبنا ,و لولاه لهلكنا و متنا على الكفر و استحققنا الخلود فى النار..و به عرفنا مكائد الشيطان , شوّقنا الى الجنة, ما من طيب الا و ارشدنا اليه , و ما من خبيث الا و نهانا عنه, و من حقه علينا أن نحبه لانه:-
1- يحشر المرء مع من أحب
جاء أعرابى الى النبى صلى الله علية و سلم فقال : متى الساعة؟! قال رسول الله صلى الله علية و سلم : ما اعددت لها؟ قال: انى أحب الله و رسوله . قال أنت مع من أحببت.
بهذا الحب تلقى رسول الله على الحوض فتشرب الشربة المباركة التى لا ظمأ بعدها أبدا.
أبشر يا ثوبان
قال القرطبى : كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم شديد الحب قليل الصبرعنه, فأتاه ذات يوم و قد تغير لونه و نحل جسمة يعرف فى وجهه الحزن فقال له النبى صلى الله عليه و سلم : ما غير لونك ؟ قال: يا رسول الله ما بى من ضر و لا وجع غير انى اذا لم أرك اشتقت اليك و استوحشت و حشة شديدة حتى القاك , ثم ذكرت الآخرة و أخاف أن لا أراك هناك , لأنى عرفت أنك ترفع مع النبيين , و أنى ان دخلت الجنة كنت فى منزلة هى أدنى من منزلتك , و ان لم أدخل لا أراك أبدا فأنزل الله قوله ( و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا) (النساء :69)0
الرحمة المهداة
قال تعالى(و ما ارسلناك الا رحمة للعالمين) (الأنبياء : 107)
لولاه لنزل العذاب بالأمة... لولاه لاستحققنا الخلود فى النار ..لولاه لضعنا.
انه رحمة لكل أحد...لكن المؤمنين قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا و اخرى , و الكفار ردوها فلم يخرج بذلك عن أن يكون رحمة لهم لكن لم يقبلوها , كما يقال: هذا دواء لهذا المرض فاذا لم يستعمله لم يخرج عن أن يكون دواء لذلك المرض
الجماد أحبه و أنت؟!
لمّا فقده الجذع الذى كان يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر حنّ اليه و صاح كما يصيح الصبى, فنزل اليه فاعتنقه, فجعل يهذى كما يهذى الصبى الذى يسكن عند بكائه , فقال صلى الله عليه و سلم :"لو لم أعتنقه لحنّ الى يوم القيامة". صحيح
كان الحسن البصرى اذا حدّث بهذا الحديث بكى , و قال : هذه خشبة تحن الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فانتم أحق أن تشتاقوا اليه
ما أشد حبه لنا
تلا النبى صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى فى ابراهيم( رب انهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فانه منى و من عصانى فانك غفور رحيم ) (ابراهيم :36)
و قول عيسى(ان تعذبهم فانهم عبادك و ان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم ) (المائدة :118)
فرفع يديه و قال: اللهم أمتى أمتى و بكى , فقال الله عز و جل :يا جبريل اذهب الى محمد فسله: ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله, فأخبره النبى صلى الله عليه وسلم بما قال و هو أعلم , فقال الله تعالى :يا جبريل .. أذهب الى محمد , فقل : انا سنرضيك فى أمتك و لا نسوؤك. صحيح
كمال الايمان فى محبته
قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده و الناس أجمعين ).صحيح
قد تمر علينا هذه الكلمات مرورا عابرا لكنها لم تكن كذللك مع رجل من أمثال عمر بن الخطاب الذى قال: يا رسول الله لأنت أحب الى من كل شئ الا نفسى , فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا و الذى نفسى بيده حتى أكون أحب اليك من نفسك , فقال عمر :فانه الآن و الله لأنت أحب الى من نفسى , فقال النبى صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر. صحيح
آخذ بحجرنا عن النار
عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مثلى كمثل رجل استوقد نارا, فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش و هذه الدواب التى يقعن فيها , و جعل يحجزهن و يغلبنه فيتقحمن فيها".صحيح
ما اشد حب رسولنا لنا , و لأنه يحبنا خاف علينا من كل ما يؤذينا , و هل أذى مثل النار ؟! و لما كان الله عز و جل قد أراه النار حقيقة كانت موعظتة ابلغ و خوفه علينا أشد , ففى الحديث : (و عرضت علىّ النار فجعلت أتأخر رهبة أن تغشانى). صحيح
ولذلك كان من الطبيعى أنه كان صلى الله عليه وسلم اذا خطب احمرت عيناه و علا صوته و أشتد غضبه كأنه منذر جيش
و لأنه لم يرنا مع شدة حبه لنا و خوفه علينا كان يود أن يرانا فيحذرنا بنفسه لتكون العظة أبلغ و أنجح. قال صلى الله عليه وسلم (وددت أنى لقيت اخوانى الذين آمنوا و لم يرونى) . صحيح
ولى كل مؤمن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم , من توفى من المؤمنين فترك دينا فعلىّ قضاؤه". صحيح
كيف تذوق حلاوة الايمان
لقول النبىصلى الله عليه وسلم:
ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الايمان : أن يكون الله و رسوله أحب اليه مما سواهما) . صحيح
و هذه مكافأة يمنحها الله عز و جل لكل من آثر الله و رسوله على هواه..فيحس أن للايمان حلاوة تتضاءل كل اللذات الارضية, و لان من أحب شيئا أكثر من ذكره , فكلما ازداد العبد لرسول الله ص حبا كلما ازداد له ذكرا , و لأحاديثه ترديدا, و لسنته اتباعا و مع هذا كله تزداد حلاوة الايمان
وثيقة حبه وقعها بالدم
ففى الطائف : وقف المشركون له صفين على طريقه , فلمّا مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفين جعل لا يرفع رجليه و لا يضعهما الا رضخوها بالحجارة حتىأدموا رجليه.
و مع عامر بن صعصعة : يعرض النبى صلى الله عليه وسلم عليهم الاسلام و يطلب منهم النصرة , فيجيبونه الى طلبه, و بينما هو معهم اذ أتاهمبيحرة بن فراس القشيرى, فأثناهم عن اجابتهم له ثم أقبل على النبى صلى الله عليه وسلم فقال : قم فالحق بقومك , فوالله لولا أنك عند قومى لضربت عنقك.
فقام النبى صلى الله عليه وسلم الى ناقته فركبها فغمزها بيحرة فألقت النبى صلى الله عليه وسلم من على ظهرها .
تصور حالته صلى الله عليه وسلم و قد قرب على الخمسين من عمره و يسقط من ظهر الناقه و يتلوى من شدة الام على الارض , و الارتفاع ليس بسيطا , انه يسقط على بطنه من على مترين و نصف.
بينما النبى صلى الله عليه وسلم فى حجر الكعبه اذ أقبل عليهعقبة بن أبى معيطفوضع ثوبه على عنقه , فخنقه خنقا شديدا , فأقبلأبو بكر رضى الله عنه حتى أخذ بمنكبه و دفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : (أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله ) (غافر :28)
و غير ذلك : يوضعسلا الجزورعلى كتفيه صلى الله عليه وسلم و هو ساجد , و ينثر سفيه من سفهاء قريش علىرأسه التراب , ويتفل شقى من الاشقياء فى وجهه صلى الله عليه و سلم .....
صبر صلى الله عليه وسلم على ذلك كله لانه يحبنا ..أوذى و ضرب و عذب...أتهم بالسحر و الكهانة و الجنون...قتلوا أصحابه..بل و حاولوا قتله و صبر على كل ذلك كى يستنقذنا من العذاب و يهدينا رقابنا من النار..
و بعد كل هذا البذل و التعب؟!! نهجر سنته, و نقتدى بغيره, و نستبدل هدى غيره بهديه!! يا ويحنا..و قد أحّبنا و ضحى من أجلنا لينقذنا , و دعانا الى حبه . لا لننفعه فى شئ بل لننفع أنفسنا فأين حياؤنا منه؟! و حبنا له ؟! بأى وجه سنلقاه على الحوض ؟! بأى عمل نرجى شفاعته؟! بأى طاعة نأمل مقابلته فى الفردوس؟!..
الرسول يعلمنا التواضع
اوصى اليه الله .... و عرج به الى عوالم الملكوت ..... و اثنى الله على خلقه الكريم... و مع ذلك لم ير نفسه فوق الناس ابدا.
ناده رجل يا سيدنا و ابن سيدنا و خيرنا و ابن خيرنا فقال لا يستهوينكم الشيطان انا محمد بن عبد الله و رسوله لا ترفعونى فوق منزلتى ....اثار اعجاب العجم حين راوا اصحابه لا يقومون اليه حين يرونه قادما لانه نهاهم عن ذلك ... كان اذا مشى احد اصحابه وراءه تعظيما و اجلالا اخذ بيد من يفعل ذلك و يدفعه للسير بجانبه .... راه رجل فارتعد فحزن الرسول ص و قال هون عليك انما انا ابن امراة كانت تاكل القديد بمكة ... ما اغلق عله باب .... و لاستره عن الناس حجاب ... كان اذا ناداه عبد من اقل الناس اجابه .... كان يشبه نفسه باقل الناس... قال عن نفسه
اجلس كما يجلس العبد و آكل كما يأكل العبد
http://www.harunyahya.com/arabic/images/leftarrow_link.jpg روي عن أبي هريرة أن رسول الله(ص) قال:"إن الله لا ينظر إلى صوركم وألوانكم، ولكن ينظرإلى قلوبكم وأعمالكم"(مسلم) http://www.harunyahya.com/arabic/images/leftarrow_link.jpg عن عبد الله بن عباس عن رسول الله (ص) فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال:" إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتب الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحدة" http://www.harunyahya.com/arabic/images/leftarrow_link.jpg روي عن ابن عباس وأنس ابن مالك أن رسول الله (ص) قال: "لو أن لابن آدم واديا من ذهب، أحب أن يكون له واديان، ولا يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب" ( البخاري ومسلم) http://www.harunyahya.com/arabic/images/leftarrow_link.jpg روي عن أبي هريرة أن رسول الله ص) قال: " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "(البخاري ومسلم) http://www.harunyahya.com/arabic/images/leftarrow_link.jpg روي عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله (ص) عندما لقي العدو انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس فقال:"أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلةا الله العافية،فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف.ثم قال:" اللهم منزل الكتاب، ومجريالسحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم".) http://www.harunyahya.com/arabic/images/leftarrow_link.jpg "إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار،جيىء بالموت حتى يجعل بين الجنو والنار، ثم يذبح ثم ينادي مناد،يا أهل الجنة لاموت،ويا أهل النار لاموت، فيزدادأهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم " (مسلم) http://www.harunyahya.com/arabic/images/leftarrow_link.jpg روي عن ابن عباس أن رسول الله(ص) قال:" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ " (البخاري)
محبة الرسول صلى الله عليه و سلم
عن أنس رضي الله عنه أن أعرابيًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : متى الساعة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أعددت لها؟
قال: حب الله ورسوله
قال: أنت مع من أحببت
متفق عليه وهذا لفظ مسلم
وفي رواية لهما:عن أنس جاء رجل فقال : متى الساعة يا رسول الله؟
قال : ما أعددت لها؟
قال : ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله
قال : أنت مع من أحببت
من كتاب رياض الصالحين - كتاب المقدمات - باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة
وقال صلى الله عليه و سلم : من أحبني كان معي في الجنة
كان رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه لا يطرف فقال : ما بالك؟ قال بأبي أنت وأمي أتمتع من النظر إليك فإذا كان يوم القيامة رفعك الله بتفضيله فأنزل الله الآية
http://www.sendbadnet.com/islam/sera/img/ayar.gifوَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاًhttp://www.sendbadnet.com/islam/sera/img/ayal.gif - سورة النساء آية 69
الأدب النبوي سلوك راق.. ومنهج حياة
المقصود من اللقاء :
ماهو حاصل في المجتمع اليوم من التخلي عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم سواء في الأدب أو ماهو أعلى من ذلك .
ما المقصود بالسنة النبوية ؟السنة النبوية ومتابعتها : هو الدين كله .. كل ماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم سواء الأعمال أو الاعتقادات هي السنة
ومن ذلك قيل أهل السنة ..
فأهل السنة :هم الذين بذلوا جهودهم في مطابقة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا وعملا واعتقادًا .
لذلك يقال : أهل السنة هم أهل الحديث .. أي الحديث النبوي..
لأنهم يريدون أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله واعتقادته ويتابعونها بالضبط ..
ولا تعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق الحديث
استعمال العوام للسنّة : معنى السنة عند العوام: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه بل يعاتب .. ( وهو معناها عند الفقهاء )
بهذه الصورة ينقسم الدين إلى ثلاثة أقسام : فرائض - سنن – آداب
الخلاصة : تطلق السنة على معنيين :
السنة هي :1- الدين كله ( أهل السنة والحديث )
2- جزء من الدين (فيصير الدين ثلاثة أجزاء : فرائض ، سنن ، آداب )
والأداب تؤخذ من السنة أي: تؤخذ من الحديث .. ومن النصوص التي ورد ذكرها في القرأن والسنة
لكن حكم الإتيان بها :
محبوب الإتيان بها لأنها التي يحبها الله.. ولايعاقب من تركها لكنه يعاتب لتركه متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم
من يترك الآداب الواردة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ماذا سيفعل ؟ سيبدله بغيره .
السبب : القوم أخذتهم حُمّى أخذت عقولهم اسمها : السلوك الراقي وهو الإتيكيت ، ودليل السلوك الراقي عندهم : أي دليل أي دليل إلا أن تقولي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتخبطوا ذات اليمين وذات الشمال
فالقوم أصابتهم لوثة تتكلم عن مواكبة العصر ، ادعوا الحاجة إليها ، وسموها : الحاجة للتجديد
تجديد الخطاب الديني ، تجديد كذا ، وبدأوا يُشعرون غيرهم أنهم بحاجة للتجديد .
في خضم ذلك أين موقف الناس من الميراث النبوي؟بين تفريط وإفراط .. وكلاهما الذي فرّط أوأفرط نسي النصوص الدالة والموجهة في باب الأدب
فالمفرّط نسي قول عبد الله ابن المبارك : [ من تهاون بالأدب عُوقب بحرمان السنن ومن تهاون بالسنن عُوقب بحرمان الفرائض ومن تهاون بالفرائض عُوقب بحرمان المعرفة.]
لا يتصور أن استجلاب القلب وجمعه يكون فقط لحظة القيام بالعمل
من يريد أن يجمع قلبه في الفرائض يبدأ من السنن لتعينه على جمع القلب ..
مثل من يريد أن يجمع قلبه في الصلاة يبدأ من الأذان وأذكار الأذان ثم الوضوء ثم السنن ليجمع قلبه في الفريضة
إذن : العبادات محاطة بأعمال تعين العبد على القيام بها وعلى جمع قلبه فيها .
عندما يجد العبد نفسه ترك السنن يعلم أن سبق ذلك التهاون بالأدب
لذلك يقول أهل العلم أن سبب زيادة سنة الظهر عن بقية الفرائض بسبب كون أن وقت الصلاة هو وقت انشغال القلب ليعود للاجتماع يحتاج إلى أربع ركعات كي يقف في الفريضة كما ينبغي .
المعرفة:
الإيمان وهيالغاية من كل عبادة ، الغاية من كل أمر، الغاية من كل نهي فالعبد يطلب زيادةالإيمان عند كل عمل يعمله
.
وبالعكس :
كلما ترك العبد الآداب واستصغر تركه لهاكلما نقص الإيمان .
هذه المسألة أرق ما تكون ، كأن كل شئ في الحياة يلامسالإيمان ، فأول مايتأثر إيمان العبد ، بأي ذنب ، بأي إرادة فاسدة تستقر وتهم بها.. هماً جازما ً.
لذلك نجد أشخاصا يسيئون الأدب في حلق الطلب ، لا نتصور من شخصيسيء الأدب في حلق الطلب ثم يخرج محصلا للنفع
العبد مطالب بالأدب من أجل يحصلالسنن ومطالب بالسنن لتحسين الفرائض
ترك الآدب إلا وينقص من الإيمان بقدره
ما وجه كون ترك الأدب منقص للإيمان ؟
كأن لديك فرصة لزيادة الإيمان ولكنك لم تغتنمها فهذا هو النقصان .
المفرّط: نسي كلام ابن القيم :
"
وأدب المرءعنوان سعادته وفلاحه وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره ، فما استجلب خير الدنياوالأخرة بمثل الأدب ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب " .
كيف يكون الآدب عنوان فلاحالمرء وسعادته ؟
الوجه الأول : العبد كلما التزم الأدب وامتثلها يزيد إيمانه، وزيادة الإيمان سبب لقبولالأقدار
فالعبد عندما يتمثل الشرع ويقبل القدر تمت له السعادة .
مثال:
أدبالنبي صلى الله عليه وسلم مع الطعام : ( ما عاب النبي صلى الله عليهوسلم طعاماً قط ) ، و( لا تطّلب ما ليس بموجود
)
(
يرضى به ) ( يرضى بالموجود )
إذن: الأدب له علاقةبالإيمان بالقضاء والقدر
يربى الطفل على أن لا يعيب طعاما ، ولا يتطلب ما ليسبموجود ينشأ شخصا راضيا بالقضاء والقدر
ولا يبطر الأبناء إلا عندما لا يشكرالآباء
لماذا قال ابن القيم " آدب المرء عنوان سعادته " ؟لأنالمتأدب عنده أمران :
الأول: من جهة العبادة = حافظعليها وأتى بأسبابها
الثاني: راضٍ بقضاء ربه
مثال:
شخص خرج من بيته يقول : بسم الله توكلتعلى الله ولاحول ولاقوة إلا بالله .. اللهم أعوذ بك أن أضِل أو أُضل أو أزِل أوأُزل
كم عبادة جمع ؟الاستعانة ، التوكل ، البراءة منحوله وقوته ، الاستعاذة
فمن يخرج وقلبه مجموع على الاستعانة والتوكل والبراءةوالاستعاذة ؛ سيكون سعيدا .
"
وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره " لماذا ؟
لأنه سبب :
لنقص الإيمان
لعدم الرضاء بقضاءالله وقدره
فما استجلب خير الدنيا والأخرة بمثل الأدب ولااستجلب حرمانها بمثل قلة الأدب " .خير الدنيا : السكون النفسي والرضا
خيرالآخرة : الأجور
الأدب النبوي منهج حياة
كل ما نحتاجه موجود في السنة
لكن : بيننا وبين الأدب : عدم العلم
الشقاوة : أن أنتظر آراء الناس ، هل أفعل كذا ، هل لا أفعل كذا ؟!
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مقدمة كتابه " مختصر زاد المعاد " :"
ومن هاهنا يعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به فإنه لاسبيل إلى الفلاح إلا على يديه ولا إلى معرفة الطيب من الخبيث على التفصيل إلا من جهته فأي حاجة فرضت وضرورة عرضت .. فضرورة العبد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فوقها بكثير "
كأن الشيخ يحتج على من يقول : أنبقية العلوم ضروريةنقول : نعم ضرورية ، ولكنها لا تقدم على العلوم النافعة .
لماذا لا نشعر بذلك ، لماذا لا نشعر بضرورة تعلم سنة النبيصلى الله عليه وسلم ؟
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : "
وما ظنك بمن إن غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عينفسد قلبك ، ولكن لا يحس بهذا إلا قلب حي ( وما لجرح ميت إيلام ) ، وإذا كانتالسعادة معلقة بهديه صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من أحب نجاة نفسه أن يعرف هديهوسيرته وشأنه مايخرج به من خطة الجاهلين ( أي : طريقتهم ) والناس في هذا بين مستقلومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " .
هذايطابق لتقسيم الناس سورة فاطر : [ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَاصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌوَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ] {فاطر:32}
الناس في معرفتهم هديه صلى الله عليه وسلم1- مستقل: مقتصد
2- مستكثر: السابق بالخيرات
3- محروم: الظالم لنفسه
مما يجب بقاؤه في أذهاننا ماوصفالله به رسوله
قال تعالى : [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّاأَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45) وَدَاعِيًا إِلَى اللهِبِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا(46) ]. {الأحزاب}.
قالالشيخ السعدي - رحمه الله تعالى- في قوله تعالى " وسراجاً منيراً" : "
وذلك يقتضي أن الخلقَ في ظلمةٍ عظيمةٍ ، لا نورٌ يُهتدى به في ظلماتها ، ولاعلمٌ يُستدل به في جهاتها . حتى جاء اللهُ بهذا النبي الكريم فأضاءَ الله ُله تلكَالظلماتِ ، وعلّم به من الجهالات ، وهدى به ضلّالاً إلى الصراط المستقيم ، فأصبحأهلُ الاستقامةِ قد وضحَ لهم الطريقُ فمشوا خلف هذا الإمام وعرفوا به الخيرَوالشرَّ ، وأهلَ السعادةِ من أهلِ الشقاوة واستناروا به لمعرفة معبودهم ، وعرفوهبأوصافه الحميدة . وأفعاله السديدة ، وأحكامه الرشيدة ".
وهذا يطابق قوله :[أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِفِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَزُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {الأنعام:122}
ويمكن أن يصل حاله ( المفرِّط ) إلى ما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم
قال عليه الصلاة والسلم : (( ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئعلى أريكته فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه ، وماوجدنا فيه حراماً حرمناه ، وإن ماحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه
وهذا قد ظهر في زماننا .. ظهرتطائفة تسمى بالقرأنيين : رافضين للسنة ، كارهين لها ، باغضين لها ، متهمين السنةبالبطلان
لا بد من اعتقاد أن السنة من الذكر الذي حفظ
فالمطلوب من الذي لديه مال أن يطبع الكتب الستة وينشرها
قال سهل بن عبد الله: "
عليك بالأثر والسنة فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكرإنسان النبي صلى الله عليه وسلم والإقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنهوتبرؤا منه وأذلوه وأهانوه " .
المفرِّط: اتبع هواه .. امتثل أمر عقله .. وردّ الشريعة
ليس ثمة إلا طريقان : 1- إما طريق الشرع
2- وإما طريق الهوى
قال تعالى: [فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوالَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَاتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَالظَّالِمِينَ] {القصص:50}
لقد حصرت الأية الحكم في أمرين لا ثالث لهما : إماالاستجابة للمصطفى صلى الله عليه وسلم ، وإما اتباع الهوى
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبهاهدى ، ولافي هدى تركه حسبه ضلالة فقد بُيّنت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر .قال
البربهاري رحمه الله: فانظر رحمك اللهكل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلاتعجلن ولا تدخلن في شئ منه حتى تسأل وتنظر : هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء ؟ فإن أصبتفيه أثراً عنهم ، فتمسك به ولا تجاوزه بشئ ولا تختر عليه شيئاً فتسقط في النار.
ومن الناس يحتج ويقول الدين يسر فماذا نقول ؟
نقول أن نفس الأعمال المأمورين بها هي يسيرة ، اليسر إذا أردت معرفتهفاجمع جميع النصوص الواردة وانظر إليها تجدها يُسر .
• لذلك جاء في المناظرة بينعالم من علماء السنة –محمد بن عبد الرحمن الأدرمي- ورجل تكلم ببدعة ودعا الناسإليها.
• فقال له محمد : هل علمها رسول الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي, أو لميعلموها ؟ قال: لم يعلموها . قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت ؟!! قال الرجل : فإني أقول: قد علموها. قال: أفوسعهم أن لا يتكلموا به, ولا يدعوا الناس إليه أم لميسعهم ؟
• قال: بلى وسعهم .قال: فشيء وسع رسول الله وخلفائه، لا يسعك أنت ؟!! فانقطع الرجل . فقال الخليفة – وكان حاضرا - : لا وسع الله على من لم يسعه ماوسعهم.
قال أبو العالية:
“ تعلموا الإسلام فلاترغبوا عنه يميناً وشمالاً وعليكم بالصراط المستقيم وعليكم بسنة نبيكم والذي عليهأصحابه وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء ”
لابد منتعظيم البدعة كون وقوعها في العبادات .. نعظم الخوف من الوقوع فيها ونذكر قول رسولالله : ( من أحدث قي أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ) وقوله : ( كل محدثة بدعة وكلبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
لا بد من التعبد لله بالوقوف على السنة ،ونعبد الله بإرادة إقامة السنة وكراهية البدع .
وقد اجتمع أهل التفريط مع أهل الإفراط في : 1- الوقوعفي ما يناقض مقتضى الإيمان نبوة محمد وهو التسليم المطلق والتام لما جاء به أوأُخبر عنه ، وتصديقه وطاعته فيما أمر به أو نهى عنه دون حرج أو ضيق أو مناقشة أوجدال أو تعقيب أو أخذ البعض وترك البعض الأخر أو الزيادة في دينه دون نقصان.. ( النقصان : من المعاصي )
2- التقدم بين يدي الله ورسوله .. [يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوااللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] {الحجرات:1}
التقدم بين الرسول صلى اللهعليه وسلم يناقض الإيمان ويناقض أن محمداً رسول الله .
يقول ابن القيم رحمه الله عن هذه الآية في إعلام الموقعين : أي لاتقولواحتى يقول وتأمروا حتى يأمر ولاتفتوا حتى يفتي ولا تقطعوا أمراً حنى يكون هو الذييحكم فيه ويمضي .
بمثل ما نخشى من المعاصي والتقصير بمثل مانخشى منالبدعة والزيادة، واعلم أن البدعة أحب للشيطان من المعصية ، لأن صاحب البدعة لايعودإلا من رحم الله وصاحب المعصية يعود إذا علم بمعصيته
لكن أهل البدع يقولون: نحن نفعل الخير ونتعبد إلى الله
نقول : الخير ورد فعله ووردت قيود تحدد فعله .
وعلى ذلك فالناصح مؤتمن .. إرادتنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أننرضي الله عزوجل .. ونجمع القلب على إرادة النصح وتلطف بإرادة وجه الله ليهتدوا
من كان مخلصاً في النصيحة نفعت ولو بعد حين ...
أسأل الله أنينفع بما سبق .. وليبلغ الشاهد الغائب .. لا تحصروا العلم ...
ابو ضاري
01-01-2010, 17:08
اللهم صلى وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيماً” (الأحزاب: 53)
هذا جانب آخر من جوانب تأديب المؤمنين مع رسولهم - صلى الله عليه وسلم - ألا وهو تأديبهم في دخول بيوته - صلى الله عليه وسلم.
ومما يروى في أ”باب نزول هذه الآية، ما ورد في الصحيحين من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زينب بنت جحش دعا القوم، فطعموا ثم جلسوا يتحدثون فأخذ كأنه يتهيأ للقيام، فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام وقام من القوم من قام، وقعد ثلاثة، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل فإذا القوم جلوس فرجع، وإنهم قاموا فانطلقوا، وجئت فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل، وذهبت أدخل فألقي الحجاب بيني وبينه، وأنزل الله تعالى هذه الآية، ومما قيل في أسباب نزول هذه الآية أيضاً أن أناساً كانوا يتحينون طعام النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن ينضج، ثم يأكلون ولا يخرجون فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتأذى بهم فنزلت هذه الآية.
افتتحت الآية الكريمة بنداء المؤمنين إيقاظاً لهم، ونودي بحرف النداء يا، الذي للبعيد، للإشارة إلى أنهم ينادون لأمر مهم يجب عليهم ان يوقظوا عقولهم وقلوبهم من أجله.
وفي ندائهم بوصف الإيمان تذكير لهم بعهد الإيمان، ليكون حافزاً لهم في امتثال الحكم الوارد في قوله: “لا تدخلوا بيوت النبي” وفي جمع البيوت وإضافتها إلى النبي تعظيم وتوقير، وبيان لجلال صاحبها - صلى الله عليه وسلم - وفي اصطفاء وصف النبوة في قوله تعالى “لا تدخلوا بيوت النبي” إيحاء بأن دخول بيوت النبي بغير إذنه وإطالة المكث فيها، فيه قطع لتفرغه عن حسن التلقي وأن من حق الرسول، بل ومن مصلحة الأمة كلها ألا يشغل عن القيام بحق تلقي الإنباء عن ربه.
إذن مقيد
وقوله: “إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه” كثرت الآراء في إعراب هذا التركيب، منها ما ذهب إليه الزمخشري، وهو أن المصدر المؤول بعد أداة الاسثتناء واقع في معنى الظرف، أي إلا وقت أن يؤذن لكم، وأن قوله: “غير ناظرين إناه” حال من الضمير في “لا تدخلوا” وبهذا يرى أن الاستثناء يقدر عاماً وأن الظرف والحال داخلان في حكم الاستثناء، والمعنى على هذا أن هؤلاء ومن على شاكلتهم ممن كان يتحين نضج طعامه - صلى الله عليه وسلم - لا يدخلون بيوت النبي في أي وقت من الأوقات إلا وقت الإذن، ولا في أي حال من الأحوال إلا حال عدم الترقب لنضج الطعام، وقد كثرت الاعتراضات على هذا الرأي وفحواها أنه لا يستثنى شيئان بأداة واحدة دون عطف، وأراني متعاطفاً مع رأي الزمخشري، لأن المعنى بناء على مذهبه فيه مبالغة في النهي وكأن القرآن الكريم يشدد في التقييد على هذا الصنف من الناس لعدم مراعاتهم ظروف نبيهم في بيته بحيث لا يسمح لهم بالدخول إلى بيوته - صلى الله عليه وسلم - إلا في وقت وحال مقيدين، ومما يساعد عى قبول هذا التوجيه أيضاً - ويبينه - كثرة هذا النمط من القيود والتداخل في صياغة الآية الكريمة، وكأن هذه القيود وذلك التشابك في التركيب يحاكي تلك الأسس والقواعد والآداب، التي شرعت في هذه الآية لتنظيم دخول بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - مراعاة لمقامه وأحواله.
وبالنظر في الآية نجد أن دخول بيوته - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز لهؤلاء المتحينين، إلا أن يؤذن لهم على أن يكون هذا الإذن مقيداً بكونه إذناً لطعام، وبشرط أن يكونوا غير ناظرين إناه أي متحينين نضج طعامه - صلى الله عليه وسلم - فإذا تحينوا طعامه لا يكون ذلك إذناً، وقد قلت في بداية التحليل لهذه الآية: إن المقصود جماعة بعينها ممن كانوا ناظرين نضج طعامه - صلى الله عليه وسلم - قال الزمخشري: ومعناه: لا تدخلوا يا هؤلاء المتحينون للطعام، إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه، وإلا فلو لم يكن لهؤلاء خصوصاً، لما جاز لأحد أن يدخل بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يؤذن له إذناً خاصاً، وهو الإذن الى الطعام فحسب، وبنظرة أخرى في هذا التركيب نلحظ أن التعبير القرآني يؤثر الاستئنذان على الاستئناس.
العروة الوثقى
ومدلول الآية يرشح هذا المعنى، فالعلاقة الوثيقة من الحب والمودة والألفة كانت شعار الرباط بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فهؤلاء الرجال الذين كانوا يتحينون وقت طعام رسولهم - صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا إلا رجالاً أحبوا نبيهم من شغاف قلوبم وتعلقت نفوسهم ببيته الكريم، ولم يشعروا أنهم يؤذون النبي بتصرفاتهم تلك، لأن سماحة نفسه - صلى الله عليه وسلم -، وسعة صدره وكرمه قد أغرتهم بما كانوا يفعلونه.
أقول: ولعل نداءهم بوصف الإيمان يؤكد تلك العروة الوثقى بينهم وبين نبيهم، إنها رابطة الإيمان وما تستلزمه من حب متبادل، وود وألفة مسبقة ومن أجل هذا كله كان إيثار الاستئذان على الاستئناس، لأن الاستئناس هو الاستعلام والاستكشاف وحسن الايناس لأهل البيت قبل دخوله ففيه معنى الإذن وزيادة.
وقوله “يؤذن” ببناء الفعل للمجهول، للتنبيه على أهمية وقوع الإذن لدخول بيته - صلى الله عليه وسلم - دون نظر إلى الأذن، للعلم به مسبقاً وقد تكون في هذا البناء للمجهول، وتواري الفاعل فيه إشارة خفية إلى ما أصابه - صلى الله عليه وسلم - من ثقل وضيق نتيجة تصرفات هؤلاء الرجال، وعدم مراعاتهم لمشاعره وأهله في طول مكثهم، وتحينهم لطعامه، وبالتالي فإن تواري الآذن أي الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحاكي حالته التي أشرت إليها آنفاً والله أعلم.
ويلحظ ان الفعل “يؤذن” جاء متعدياً ب (إلى) في الآية الكريمة، والشأن فيه أن يتعدى ب (في) يقال: أذن له في كذا، وأذنت له في الدخول، والذي أطمئن إليه هو ان السر في تعدية الفعل “يؤذن” ب “إلى” هو ما يتضمنه من توجيه رشيد، وتأديب رفيع لهؤلاء الرجال، حيث ينبغي لهم أن تكون غايتهم متجهة إلى طعامه - صلى الله عليه وسلم - حين توجه لهم الدعوة إلى مأدبته، فلا يلوون على شيء غيره، ولا يطمحون إلى سواه، ولا تتعداه أفكارهم إلى غيره من حديث ومؤانسة، وذلك مراعاة لحاله - صلى الله عليه وسلم - وتأدباً معه في بيته، وكأنه بهذا الفعل في تعديته ب (إلى) أنه بمثابة التوطئة والتمهيد لقوله سبحانه “فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث” حيث أمروا بالانتشار، ونهوا عن الاستئناس للحديث فور الانتهاء من الغاية التي دعوا لأجلها.
آداب الضيافة
وقوله “ولكن إذا دعيتم فادخلوا” استدراك من النهي عن الدخول إلى بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير إذنه، وأوثرت “إذا” الظرفية على “إن” هنا، للدلالة على التحقق من الدعوة والتأكد منها .. فلا ينبغي التلهف إلى الدعوة وتلبيتها بمجرد شعور المدعو بذلك .. وكأني بالقرآن الكريم يرسم للمؤمنين من خلال سياق هذه الآية الخطوط العامة لآداب الضيافة من التحلي بالعفة، ومراعاة حال المزور، ووقته إلى آخر تلك الآداب، وتجد الفاء في قوله: “فادخلوا” تشير إلى وجوب مبادرة المخاطبين إلى تلبية الإذن بالدعوة إلى طعامه - صلى الله عليه وسلم - بلا تراخ، مراعاة لأوقاته - صلى الله عليه وسلم، لأن التأخر عن الطعام ليس من الأدب، إذ يجعل صاحب الدعوة - صلى الله عليه وسلم - في انتظار، وكذلك أشارت الفاء في قوله “فانتشروا” إلى وجوب المسارعة في خروج المدعوين من بيته - صلى الله عليه وسلم - فور الفراغ من الطعام، وذلك لانقضاء الغرض من الدعوة بانقضاء الطعام مراعاة لأحواله وأوقاته - صلى الله عليه وسلم.
وأود التأكيد على أن النهي (مخصوص بمن دخل بغير دعوة، وجلس منتظراً للطعام من غير حاجة، فلا تفيد النهي عن الدخول بإذن لغير طعام، ولا عن الجلوس واللبث بعد الطعام لمهم آخر، ولو اعتبر الخطاب عاماً لكان الدخول واللبث المذكوران منهياً عنهما ولا قائل به).
والقرآن الكريم يحث هؤلاء المدعوين على عدم النهم أو الشره في تناول طعامه - صلى الله عليه وسلم - مراعاة لضيق ذات يده، حيث يكفيهم الأكل من الطعام وتذوقه، وتلحظ هذا المعنى في إيثار لفظ “طعمتم” على “أكلتم” وقد لحظت أن لغة القرآن الكريم كثيراً ما تستعمل لفظ الأكل في مقام الشبع أو الإقبال على الطعام، بخلاف (الطعام) فإنه يستعمل في مقامات سد الرمق أو إطفاء غلة الجوع، وعلى هذا فيكون طعمتم “كناية عن التخفف من الأكل، فالقليل من طعامه الشريف فيه من البركة ما يكفي لإشباعهم.
الاستئناس بعد الطعام
وتجد التنكير في قوله: “ولا مستأنسين لحديث” يفيد التقليل، فقد نهى المخاطبون عن الاستئناس بعد الطعام بأي حديث مهما كان قصيراً معه - صلى الله عليه وسلم - وذلك مراعاة لوقته - صلى الله عليه وسلم - وأحواله، وقد أكد النهي هنا “لا” وقيل: إن اللام في قوله “لحديث”، للتعليل أي مستأنسين لأجل ان يحدث بعضكم بعضا، وقيل إنها للتقوية والتقدير: ولا مستأنسين حديث أهل البيت، وأرجح أن تكون اللام هنا للتقوية، لمناسبتها للسياق، فالمخاطبون كانوا قد ألفوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحديثه، وكانوا يجدون في ذلك كل الإيناس، ويساعدك على هذا الفهم ما في معنى الاستئناس من إصغاء وعناية في التسمع، وهذا يناسبه إصغاؤهم لحديث رسولهم - صلى الله عليه وسلم - والاستئناس له لا لحديث بعضهم لبعض في بيت النبي.
وفي التعبير باسم الإشارة للبعيد “ذلكم” دلالة على خطورة ذلك اللبث أو الاستئناس بعد الطعام، وعظيم أثره في أذى النبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد بأذاه التسبب في انشغاله عن أهله، وعبادته، وعن الوحي، والتفرغ لتدبير أمور أمته - صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ما في ذلك من التضييق على أزواجه.
والتعبير بالمضارع “يؤذي” دون اسم الفاعل، للدلالة على تكرر الأذى واستمراره بتكرر بقاء المخاطبين في بيته - صلى الله عليه وسلم - وقد أكد هذا المعنى ب “إن” وزيادة “كان” لتحقيق الخبر وكأن إيذاءهم إياه أصبح محققا واقعاً وفي ذلك كله إلهاب وتهييج للمخاطبين، ليتأدبوا بآداب الضيافة في بيته - صلى الله عليه وسلم - وفي التعبير عنه - عليه السلام - بوصف النبوة زيادة في الإلهاب والإثارة حثاً على مراعاة أواقته وأحواله، وقد جاء قوله: “إن ذلكم كان يؤذي النبي” بمثابة التعليل للنهي، أو للحكم السابق ولذا فصلت الجملة عما قبلها.
والفاء في قوله - سبحانه - “فيستحيي منكم”، للتعليل أي ولا يخرجكم فيستحيي منكم، وفي هذا الطي مراعاة لجانب المخاطبين وتخفيف لآثار الحكم عليهم. فذلك النفر الذين استأنسوا للحديث في بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد تناول الطعام، لم يتعمدوا إيذاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعلهم هذا، ولم يخطر هذا في نفوسهم، كيف وقلوبهم مجتمعة حوله، ومرتبطة به؟ ولذلك تراهم في اللحظة التي أحسوا فيها أنهم أثقلوا على رسول الله ابتدروا إلى الباب، كما وصفهم أنس بن مالك - رضي الله عنه - في رواية أخرى.
أقول: إنه مراعاة لجانب هؤلاء المخاطبين طوي أيضاً المقصود في قوله “والله لا يستحيي من الحق” حيث قدره بعضهم (بإخراجكم) وقد دلت الجملة السابقة على شدة حياء الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يصرح لأصحابه بما كان يؤذيه بسبب تباطئهم في الخروج من بيته، وقد كفاه ربه مؤونة تبليغ هذا الأمر الداعي إليه حياؤه، فقال: “والله لا يستحيي من الحق” وفي هذا تكريم من الله تعالى لرسوله الكريم.
إن من خير ما بذلت فيه الأوقات، و شغلت به الساعات هو دراسة السيرة النبوية العطرة، والأيام المحمدية الخالدة، فهي تجعل المسلم كأنه يعيش تلك الأحداث العظام التي مرت بالمسلمين، وربما تخيل أنه واحد من هؤلاء الكرام البررة التي قامت على عواتقهم صروح المجد ونخوة البطولة.
وفي السيرة يتعرف المسلم على جوانب متعددة من شخصية النبي الخاتم ، وأسلوبه في حياته ومعيشته، ودعوته في السلم والحرب.
وفيها أيضاً: يتلمس المسلم نقاط الضعف والقوة؛ وأسباب النصر والهزيمة، وكيفية التعامل مع الأحداث وإن عظمت.
وبدراسة السيرة النبوية يستعيد المسلمون ثقتهم بأنفسهم، ويوقنون بأن الله معهم وناصرهم، إن هم قامو بحقيقة العبودية، له والانقياد لشريعته: إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر:51]. وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40].
وهذه عبارة عن رؤوس أقلام وجمل يسيرة في سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام، قصد بها فتح الطريق أمام ناشئة المسلمين وشبيبتهم لدراسات أعمق لهذه السيرة النبوية الخالدة. قال الله تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ [الفتح:29].
نسبه http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif: هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن عبد مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا هو المتفق عليه في نسبه http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif واتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام.
أسماؤه http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif: عن جبير بن مطعم أن الرسول http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif قال: { إن لي أسماء، وأنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميَّ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد } [متفق عليه]. وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif يسمي لنا نفسه أسماء فقال: { أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة } [مسلم].
طهارة نسبه http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif: اعلم رحمني الله وإياك أن نبينا المصطفى على الخلق كله قد صان الله أباه من زلة الزنا، فولد http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح، فعن واثلة بن الأسقع http://www.kalemat.org/gfx/article_ratheya.gif أن النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif قال: { إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم } [مسلم]، وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif قال: { هو فينا ذو نسب، فقال هرقل: كذلك الرسل تبعث في نسب قومها } [البخاري].
ولادته http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif: ولد http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، قيل في الثاني منه، وقيل في الثامن، وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر. قال ابن كثير: والصحيح أنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بن خياط وغيرهما إجماعاً.
قال علماء السير: لما حملت به آمنة قالت: ما وجدت له ثقلاً، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب.
وفي حديث العرباض بن سارية قال: سمعت رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif يقول: { إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدلٌ في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت، انه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام } [أحمد والطبراني].
وتوفي أبوه وهو حَمْل في بطن أمه، وقيل بعد ولادته بأشهر وقيل بسنة، والمشهور الأول.
رضاعه http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif: أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياماً، ثم استُرضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية، وأقام عندها في بني سعد نحواً من أربع سنين، وشُقَّ عن فؤاده هناك، واستخرج منه حظُّ النفس والشيطان، فردته حليمة إلى أمه إثر ذلك.
ثم ماتت أمه بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة وهو ابن ست سنين، ولما مرَّ رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح، استأذن ربّه في زيارة قبر أمه فأذن له، فبكى وأبكى من حوله وقال: { زوروا القبور فإنها تذكر بالموت } [مسلم]. فلما ماتت أمه حضنته أم أيمن وهي مولاته ورثها من أبيه، وكفله جده عبد المطلب، فلما بلغ رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif من العمر ثماني سنين توفي جده، وأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله، وحاطه أتم حياطة، ونصره وآزره حين بعثه الله أعزّ نصر وأتم مؤازرة مع أنه كان مستمراً على شركه إلى أن مات، فخفف الله بذلك من عذابه كما صح الحديث بذلك.
صيانة الله تعالى له http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif من دنس الجاهلية: وكان الله سبحانه وتعالى قد صانه وحماه من صغره، وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلقٍ جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين، لما شاهدوه من طهارته وصدق حديثه وأمانته، حتى أنه لما أرادت قريش تجديد بناء الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره، فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضعه أول داخل عليهم، فكان رسول الله فقالوا: جاء الأمين، فرضوا به، فأمر بثوبٍ، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه . [أحمد والحاكم وصححه].
زواجه : تزوجته خديجة وله خمس وعشرون سنة، وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، وما كان يتحلى به من الصدق والأمانة، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى، فرغبت إليه أن يتزوجها.
وماتت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، فلما ماتت خديجة رضي الله عنها تزوج عليه السلام سودة بنت زمعة، ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ولم يتزوج بكراً غيرها، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضي الله عنها، وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أمية رضي الله عنها، وتزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها، ثم تزوج رسول الله جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، ثم تزوج أم حبيبة رضي الله عنها واسمها رملة وقيل هند بنت أبي سفيان. وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حييّ بن أخطب رضي الله عنها، ثم تزوج ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهي آخر من تزوج رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif.
أولاده : كل أولاده من ذكر وأنثى من خديجة بنت خويلد، إلا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس.
فالذكور من ولده: القاسم وبه كان يُكنى، وعاش أياماً يسيرة، والطاهر والطيب.
وقيل: ولدت له عبدالله في الإسلام فلقب بالطاهر والطيب. أما إبراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبله بثلاثة أشهر.
بناته : زينب وهي أكبر بناته، وتزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها، ورقية تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب http://www.kalemat.org/gfx/article_ratheya.gif فأنجبت له الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأم كلثوم تزوجها عثمان بن عفان بعد رقية رضي الله عنهن جميعاً. قال النووي: فالبنات أربع بلا خلاف. والبنون ثلاثة على الصحيح.
مبعثه : بعث لأربعين سنة، فنزل عليه الملك بحراء يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وكان إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وتغيّر وجهه وعرق جبينه.
فلما نزل عليه الملك قال له: اقرأ.. قال: لست بقارئ، فغطاه الملك حتى بلغ منه الجهد، ثم قال له: اقرأ.. فقال: لست بقارئ ثلاثاً. ثم قال: اقْرأْ بِاسْمِ رَبّكَ الَّذي خَلَقَ، خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ ورَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5]. فرجع رسول الله إلى خديجة رضي الله عنها يرتجف، فأخبرها بما حدث له، فثبتته وقالت: أبشر، وكلا والله لا يخزيك أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحملُّ الكَلَّ، وتعين على نوائب الدهر.
ثم فتر الوحي، فمكث رسول الله ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئاً، فاغتم لذلك واشتاق إلى نزول الوحي، ثم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسيّ، وثبته، وبشره بأنه رسول الله حقاً، فلما رآه رسول الله خاف منه وذهب إلى خديجة وقال: زملوني.. دثروني، فأنزل الله عليه: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّر، وَثِيَابَكَ فَطَهِّر [المدثر:1-4]. فأمر الله تعالى في هذه الآيات أن ينذر قومه، ويدعوهم إلى الله، فشمَّر عن ساق التكليف، وقام في طاعة الله أتم قيام، يدعو إلى الله تعالى الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجال والنساء، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد الله تعالى فوزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب، فقد كان شريفاً مطاعاً فيهم، نبيلاً بينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif لما يعلمون من محبته له.
قال ابن الجوزي: وبقي ثلاث سنين يتستر بالنبوة، ثم نزل عليه: فاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر [الحجر:94]. فأعلن الدعاء. فلما نزل قوله تعالى: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء:214]، خرج رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif حتى صعد الصفا فهتف ( يا صباحاه! ) فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد! فاجتمعوا إليه فقال: ( أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا ما جربنا عليك كذباً. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام، فنزل قوله تعالى: تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَتَبْ إلى آخر السورة. [متفق عليه].
صبره على الأذى: ولقي الشدائد من قومه وهو صابر محتسب، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فرارا من الظلم والاضطهاد فخرجوا.
قال ابن إسحاق: فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تطمع فيه حياته، وروى أبو نعيم عن أبي هريرة قال: { لما مات أبو طالب تجهَّموا رسول الله فقال: يا عم ما أسرع ما وجدت فقدك }.
وفي الصحيحين: أنه كان يصلي، وسلا جزورٍ قريب منه، فأخذه عقبة بن أبي معيط، فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجداً، حتى جاءت فاطمة فألقنه عن ظهره، فقال حينئذ: { اللهم عليك بالملأ من قريش }. وفي أفراد البخاري: أن عقبة بن أبي معيط أخذ يوماً بمنكبه ، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟
رحمته بقومه: فلما اشتد الأذى على رسول الله بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، خرج رسول الله إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرر الرجوع إلى مكة. قال : { انطلقت – يعني من الطائف – وأنا مهموم على وجهي، فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب – ميقات أهل نجد – فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد أرسل لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، ثم ناداني ملك الجبال، قد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين – جبلان بمكة – فقال رسول الله : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً } [متفق عليه].
وكان رسول الله يخرج في كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول: { من يؤويني؟ من ينصرني؟ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي! }.
ثم أن رسول الله لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشا الإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانت سراً، فلما تمت أمر رسول الله من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالاً.
هجرته إلى المدينة: ثم خرج رسول الله هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثاً، وعني أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله.
غزواته : عن ابن عباس قال: لما خرج رسول الله من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، لَيهَلِكُنَّ، فأنزل الله عز وجل: أُذِنَ للَّذينَ يُقَاتَلُنَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الحج:39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله سبعاً وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعثَ ستاً وخمسين سرية.
حج النبي واعتماره: لم يحج النبي بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع. فالأولى عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها. والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته.
صفته : كان رسول الله ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون - أي أبيض بياضاً مشرباً بحمرة - أشعر، أدعج العينين –أي شديد سوادهما – أجرد –أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه -، ذو مَسرُبه – أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن.
أخلاقه : كان أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعاً، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: َإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ [القلم:4]. وكان أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعاً، وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان يأكل ما وجد، ولا يدُّ ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئاً ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته نار، وكان يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز.
وكان يمزح ولا يقول إلا حقاً، ويضحك من غير قهقهة، وكان في مهنة أهله، وقال: { خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي } [الترمذي وصححه الألباني]، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا!!.
وما زال يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحنَّ إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.
فضله : عن جابر بن عبدالله أن النبي قال: { أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة } [متفق عليه]. وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي أنه قال: { أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة }. وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال: { أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشقُّ عنه القبر، وأول شافع وأول مُشفع }.
عبادته ومعيشته : قالت عائشة رضي الله عنها: { كان رسول الله يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال: أفلا أكون عبداً شكوراً } [متفق عليه]، وقالت: وكان مضجعه الذي ينام عليه في الليل من أَدَمَ محشوّاً ليفاً!! وفي حديث ابن عمر قال: لقد رأيت رسول الله يظلُّ اليوم يَلتَوي ما يجد دِقْلاً يملأ بطنه – والدقل ردئ التمر -!! ما ضره من الدنيا ما فات وهو سيد الأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله لطاعته، وحشرنا على كتابه وسنته آمين، آمين.
من أهم الأحداث:
الإسراء والمعراج: وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة.
السنة الأولى: الهجرة - بناء المسجد - الانطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة.
السنة الثانية: غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم.
السنة الثالثة: غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي ونظر الجنود إلى الغنائم.
السنة الرابعة: غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين.
السنة الخامسة: غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة.
السنة السادسة: صلح الحديبية، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً.
السنة السابعة: غزوة خيبر، وفي هذه السنة دخل رسول الله والمسلمون مكة واعتمروا، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صفية بنت حُيَيّ.
السنة الثامنة: غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف.
السنة التاسعة: غزوة تبوك وهي آخر غزواته ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وسمي هذا العام عام الوفود.
السنة العاشرة: حجة الوداع، و حج فيها مع النبي أكثر من مائة ألف مسلم.
السنة الحادية عشرة: وفاة رسول الله وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر. وتوفي وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنين بالمدينة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
حلقة خاصة ومميزة تحدث الشيخ محمد حسان عن مكانة المصطفى صلى الله عليه وسلم وذلك ضمن الحلقات التى تناول فيها الحديث عن الهجرة والدروس المستفادة منها ، حيث فضّل فى هذه الحلقة توضيح قدر الحبيب النبى عند مولاه عز وجل ، واستهل الشيخ الحلقة قائلاً:
في البداية، أوضح حسان أن شأن المصطفى عند الله عظيم، وإن قدر الحبيب عند ربه لكريم، فلقد خلق الله الخلق واصطفى من الخلق الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل أولى العزم الخمسة، نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله عليهم جميعا، واصطفى من أولى العزم الخمسة الخليلين الحبيبين إبراهيم ومحمداً واصطفى محمداً على جميع خلقه، فشرح له صدره ورفع له ذكره وأعلى له قدره ووضع عنه وزره، وزكاه ربه فى كل شئ.
واستعرض الشيخ جوانب التزكية التي أتت للرسول: زكاء فى عقله فقال سبحانه: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} سورة النجم، وزكّاه فى صدقه فقال سبحانه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} سورة النجم، وزكاه فى فؤاده فقال سبحانه: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} سورة النجم، وزكاه فى بصره فقال سبحانه: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} سورة النجم، وزكاه فى صدره فقال سبحانه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} سورة الشرح، وزكاه فى حلمه فقال سبحانه: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} سورة التوبة، وزكاه كله فقال سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} سورة القلم، بأبى هو وأمى.
وأضاف حسان: إننا و نحن نعيش فى رحاب عام هجرى جديد يجب أن نعرف أن تكريم الله العلى لحبيبنا النبى يتجلى فى قسمه سبحانه بعمر المصطفى وبحياته ، قال ابن عباس رضى الله عنهما: والله ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غير محمد فقال جل وعلا: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} سورة الحجر،أقسم الله بحياة حبيبه المصطفى فيقول ربه له: من خلال معنى الآية "وحياتك يا محمد إن أهل الشرك إن أهل الكفر فى ضلالهم يترددون ويتخطفون ويتحيرون: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
بل لم يقسم الله جل وعلا لنبى من أنبيائه بصفة الرسالة إلا لحبيبنا المصطفى فقال جل وعلا: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} سورة يس يقسم الله لنبينا فقط بأنه رسول من عنده .
بل وأقسم الله بالضحى: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} سورة الضحى ، أنه ما أهمل محمداً وما قلاه بعدما اختاره واصطفاه واجتباه وأن ما أعده له فى الآخرة خير له من كل ما أعطاه فى دنياه، وقد جمع الله له الكرامة والسعادة فى الدارين مع الزيادة فقال جل فى علاه: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ *وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} سورة الضحى .
واستعرض حسان تقدير رب العزة للنبي الأكرم بقوله : خاطب الله جميع الأنبياء والمرسلين بأسمائهم مجردة إلا المصطفى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } سورة البقرة. {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا} سورة هود:{وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} سورة الصافات، { يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ } سورة طـه، {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } سورة آل عمران {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ } سورة ص، {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا } سورة مريم ، {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} سورة مريم، {قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ } سورة هود.
أما المصطفى فنادى عليه ربه بقوله : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ } سورة الأحزاب، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} سرة الأحزاب ، وداعياً إلى الله وداعياً إلى الله: { بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} سورة الأحزاب، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ } سورة المائدة، وتدبر معى هذه الكرامة فإن الله جل وعلا قد خاطب حبيبة فأخبره بالعفو عنه قبل الفعل الذى فعله قال سبحانه: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} سورة التوبة.
وينتقل إلى صورة أخرى من مكانة النبي الاكرم عند الإله الأعظم فيقول " قدم الله العفو عن حبيبه ثم أخبره بفعلته بعد ذلك: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} سورة التوبة، وخصه تبارك وتعالى بالشفاعة العظمى فى الآخرة وهى المقام المحمود الذى ذكره الله فى قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} سورة الإسراء.
وخصه الله جل وعلا بالوسيلة التي هى أعلى منزلة فى الجنة كما فى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبى قال: "إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا على فإنه من صلى على مرة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لى الوسيلة، فإنها منزلة فى الجنة لا تتبغى إلا لعبد، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لى الوسيلة حلت له شفاعتى".
وخصه الله بالكوثر وهو حوض أو نهر فى الجنة ماءه أشد بياضاً من الثلج، وأحلى مذاقا من اللبن بالعسل، وطينه أو طيبه، كالمسك الأذفر وعدد آنيته بعدد نجوم السماء من شرب منه شربة بيد الحبيب المصطفى، لا يشقى بعد هذه الشربة أبداً حتى يسعد بالنظر إلى وجه الله فى الجنة الكوثر: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} سورة الكوثر .
ففى الصحيحين من حديث أنس واللفظ للبخارى أن الحبيب النبى قال: " بينما أنا أسير فى الجنة" دخل النبى الجنة- نعم رأى النبى الجنة فى الدنيا وهو يصلى صلاة الاستسقاء، ودخل النبى الجنة ليلة المعراج والإسراء يقول الحبيب:" بينما أنا أسير فى الجنة إذا أنا بنهر حافتاه شاطئاه- قباب الدر المجوف فقلت: ما هذا يا جبريل؟ فقال جبريل: هذا الكوثر الذى أعطاك ربك عز وجل" يقول الحبيب: فإذا طيبه- أو طينه- مسك أذفر.
وفى رواية مسلم من حديث أنس قال المصطفى "حوضى أشد بياضاً من الثلج وأحلى من اللين بالعسل عدد آنيته أكثر من نجوم السماء وإنى لأرد الناس عنه يوم القيامة- أى: من غير المؤمنين، أى من غير الموحدين، كما يرد الرجل إبل الناس عن حوضه فقالوا: وهل تعرفنا يومئذ يا رسول الله؟ هل تعرف أمتك من بين سبعين أمة فى أرض المحشر ؟ فقال المصطفى :" نعم إن لكم يومئذ سيما" أى: علامة تختلفون بها عن كل الأمم " تأتونى أو تردون على غراً محجلين من أثر الوضوء
ثم أخذ الله الميثاق على جميع النبيين والمرسلين إن بعث فيهم محمد أن يؤمنوا به وأن ينصروه قال جل وعلا: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} سورة آل عمران.
ويختتم حسان حلقته بـ" هذه مكانة النبى الأمين عند رب العالمين، و والله لو ظللت أتحدث اليوم عن مكانة النبى عند الرب العلى من خلال القرآن والسنة فقط والله لاحتجت إلى عشرة لقاءات على قدر جهلى، فلو تحدث عالم من أهل العلم والفضل لاحتاج إلى مئات اللقاءات، ليبين قدر الحبيب عند رب الأرض والسماوات جل وعلا، فوالله إن قدره عند الله لعظيم، وإن شرفه عند الله الكبير"
العفو المحمدي الأعظم
بعد غزوة الأحزاب - والتي تجمعت فيها كل قوى الكفر في الجزيرة، وأرهقت المسلمين إرهاقا شديدا - خرج المؤمنون من عنق الزجاجة، وقويت شوكتهم، وأخذوا في رد اعتبارهم وتقليم أظافر عدوهم.
وقد عاهد النبي صلوات الله عليه قريشا عهدا سُمي “بصلح الحديبية” وفيه الموادعة لمدة عشر سنين بين الفريقين، وبدأ الإسلام ينتشر في جو صحو وحرية جديدة، فكان يكسب كل يوم أرضا جديدة.
لكن قريشاً كعادتها نقضت العهد واعتدت على حلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم وهنا دارت الدائرة عليها، وكان فتح مكة، وجاء الميلاد الجديد لدولة الإسلام.
كيف فتح محمد عليه السلام مكة ؟ وما فعل بأهلها، الذين كذبوه وأهانوه وأخرجوه ؟
قال ابن إسحاق: فزعم بعض أهل العلم أن سعدا حين وجه داخلا، قال: (اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة!) فسمعها رجل من المهاجرين قال ابن هشام: هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال يا رسول الله اسمع ما قال سعد بن عبادة، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب أدركه فخذ الراية منه فكن أنت الذي تدخل بها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة، ألا يقاتلوا إلا من قاتلهم.
ودخل مكة عليه الصلاة والسلام متواضعا أشد ما يكون التواضع، فلما انتهى إلى ذي طوى وقف على راحلته، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن لحيته - لتكاد تمس واسطة الرحل.
“اذهبوا فأنتم الطلقاء”
قال ابن إسحاق: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مكة، واطمأن الناس، خرج حتى جاء البيت فطاف به سبعا على راحلته، فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، ففتحت له فدخلها.
ثم قام على باب الكعبة، فقال: [لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى، فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج]
ثم قال: (يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب، ثم تلا هذه الآية: (يَا أَيهَا الناسُ إِنا خَلَقْنَاكُم من ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِن أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِن اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات - 13)
ثم قال: (يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم)؟ قالوا: (خيرا، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم). قال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
هذا العفو الكبير هل شهدت الدنيا مثيلا له ؟!
إن المحفوظ من سيرته عليه السلام أنه ما انتقم لنفسه قط، فلا تستفزه الإهانات ولا الشدائد، بل لا تزيده إلا حِلما على حلم.
أعظم الرسالات سماحة
لقد أصابت الألمانية سيجرد هونكة حينما قالت: إن الإسلام بلا شك أعظم الديانات سماحة ورحمة وتلك السماحة ليست وقفا على النبي صلى الله عليه وسلم بل تعلمها منه المؤمنون من بعده.
فحين فتح عمر بن الخطاب بيت المقدس، كان بإمكانه ألا يستبقي أحدا من أهل الكتاب حيا، لكنه أمّنهم وعاهدهم وحنا عليهم.
وحين فتحها صلاح الدين عفا عن الفرنجة الذي استباحوها وقتلوا فيها ستين ألفا من الرجال والنساء والأطفال، ويقال سبعون ألفا، ألا ما أجمل قول الشاعر المسلم:
ملكنا فكان العفو منا سجية
وملكتم فسالت بالدماء الأبطحُ
حسبكم هذا التفاوت بيننا
وكل إناء بالذي فيه ينضحُ
أما الذين يلمزون الإسلام بأنه دين توسعي، فإنهم يظلمونه ظلما شديدا، فحين خرج المؤمنون من جزيرتهم فاتحين لمصر ولبلاد الشام وغيرها، لم يخرجوا كبرياءً ولا تسلطا، بل خرجوا للإنقاذ وللبناء، لإنقاذ أهل البلاد من طغيان الاستعباد، ولبناء حضارة إنسانية جديدة.
لقد خرجوا بلغةٍ يعرفها الجميع، إنها لغة الرحمة الإنسانية العامة التي يحتاجها كوكبنا الآن.
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
كان صَلى الله عَليه وسَلمْ يكثُر التَّطيُّب ويحبُ الطيب ، ولا يرُدُّه ، وكان أحبَّ الطيب إليه المسكُ .
2- وكان يحبُ السواك ، وكان يستاكُ مفطراً وصائماً ، ويستاكُ عند الانتباه من النوم ، وعند الوُضُوءِ ، وعند الصلاةِ وعند دخول المنزل .
3- وكان صَلى الله عَليه وسَلمْ يكتحل وقال : " خَيْرُ أكحالِكُم الإثْمدُ ، يجلُو البصَر ، وينبت الشَّعْرَ " [أبي داود وابن ماجه] .
4- وكان يرجِّل (1) نفسه تارةً ، وترجِّله عائشةُ تارةً ، وكان هديُهُ في حلقِ رأسه ترك شعره أو أخذَهُ كُلِّه .
5- ولم يُحْفَظْ عنه حلق رأسه إلا في نُسُكٍ ، وكان شعره فوق الجُمة ، ودون الوفرة ، وكانت جُمَّتُهُ تضربُ شحمةَ أذنيه .
6- ونهى عن القَزْعِ (2) .
7- وقال : " خالفوا المشركين ، ووفِّرُوا اللِّحَى وأحفوا الشَّاربَ " [البخاري ومسلم] .
8- وكان يلبسُ ما تيسَّر من اللباسِ : من الصوف تارةً ، والقطن تارةً ، والكتَّان تارةً ، وكان أحبَّ اللباسِ إليه القميصُ .
9- ولبس البرود (3) اليمانية ، والبُردَ الأخضر ، ولبس الجبة والقباء (4)والسراويل والإزار والرِّداءَ ، والخفَّ والنَّعلَ والعمامةَ .
10- وكان يَتَلحَّى بالعمامةِ تحت الحنكِ ، وأرخَى الذؤابةَ مِنْ خَلْفِه تارةً وتركها تارةً .
11- ولبس الأسود ، ولبس حُلَّةً حمراء ، والحُلَّةُ : إزارٌ ورداءٌ .
12- ولبس خاتماً من فضةٍ ، وكان يجعلُ فَصَّهُ مما يلي باطنَ كَفِّه .
13- وكان إذا استجد ثوباً سَمَّاهُ باسمه ، وقال : " اللَّهُمَّ أَنْتَ كَسَوْتَنِي هّذَا القَمِيْصَ أَوْ الرِّدَاءَ أو العمَامَةَ ، أَسْألُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صُنِعَ لَهُ " [أبي داود والترمذي] .
14- وكان إذا لبس قميصَهُ بدأ بميامِنِه ِ.
15- وكان يعجبهُ التَّيمُّنُ في تَنَعُّلِه وَتَرَجُّلِه وطهورِه وأَخْذِهِ وعَطائِهِ .
16- وكان هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه ، وغضَّ به صوتَه .
17- وكان صَلى الله عَليه وسَلمْ أشدَّ حياءً من العذراء في خِدرها (5)
18- وكان يضحكُ مما يُضحكُ منه ، وكان جُلَّ ضَحِكِهِ التبسمُ ، فكان نهايةُ ضحكيه أن تبدو نواجذُه ، وكان بكاؤه من جنس ضحكه ، لم يكن بشهيقٍ ورفع صوتٍ ، كما لم يكن ضحكه قهقهة ، ولكن كانت عيناهُ تدمعُ ويسمعُ لصدرِه أَزِيزٌ .
1- التَّرْجِيْلُ : هو تسريحُ الرأسِ واللحيةِ وتنظيفُه وتحسينُه .
2- القـزع : حلق بعض الرأس .
3- جمع بُرد : وهي ثوب فيه خطوط .
4- القَبَاءُ : ثوبُ ضيق الكمين والوسط مشقوق من خلفه ، يلبس في السفر والحرب ، لأنه أعون على الحركة .
5- الخدر : ستر يكون في ناحية البيت .
ما اعظمك يا رسول الله وما الطفك وما احناك يا رسول الله ..نحن الان بعد ان طال الزمان ..نفتقده ونفتقد وجوده..صلى الله عليه وسلم
الصحابة رضي الله عنهم صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وتاثروا به ..وكم كان صلى الله عليه وسلم عطوفاورحيما...كان خلقه جميلا ويحب كل جميل...فكان يعجبه الاسم الحسن ..
والسمت الحسن واختيار الالفاظ الحسنة
اخوتي
تابعوا معي هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاسماء والكنى و لكل حديث..
يقول ابن القيم في زاد المعاد:
ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به وتصديقه فيما أخبر به وطاعته فيما أمر فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاءوا به فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال
ويقول:
وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
انتهى
ربنا اجعلنا نكون ممن يستكثر من الاقتداء بسنته وسيرته ...امييين ..
الحديث الاول
من ابي الحكم الى ابي شريح!!
عن شريح بن هانئ قال: حدثني هانئُ بن يزيد، أنه لما وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه فسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم و هم يكنونه بأبي الحكم فدعاه النبي صلى الله عليه و سلم فقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنّيت بأبي الحكم؟". قال: لا، لكن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. قال: "ما أحسن هذا!". ثم قال: "مالك من الولد؟". قلت: قلت: لي شريح، وعبد الله، ومسلم؛ بنو هانئ. قال: "فمن أكبرهم؟" قلت: شريح. قال: "فأنت أبو شريح"، ودعا له ولولده.
وسمع النبي صلى الله عليه وسلم [قوماً](1) يسمون رجلاً منهم : عبد الحجر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما اسمك؟" قال: عبد الحجر. قال: "لا. أنت عبد الله". قال شريح: وإن هانئاً لما حضر رجوعه إلى بلاده أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني بأي شيء يوجب الجنة؟ قال: "عليك بحسن الكلام، وبذل الطعام".صححه الالباني
فوائد
لم غير الرسول صلى الله عليه وسلم كُنية الرجل؟
غير الرسولُ- صلى الله عليه وسلم- كُنية الرجل، احتراما لأسماء اللّه تعالى، ولأنها كنية له باسم خاص باللّه تعالى وهو "الحَكَمُ".
وجـملة (إنَّ اللّه هُو الحَكَم وإليْـه الْحُكْمُ) تؤكـد اختصاص اللّه تعالى بهذا الاسم، فهو سبحانه وتعالى الْحَكَمُ في الدنيا والآخرة.
ما معنى كلمة (الحَكَمِ)؟
الحَكَمُ: هو من إذا حَكَم لا يُردُّ حُكْمُـهُ، وهذا اسم خاص باللّه تعالى- كما قلت لكن الآن- فاللّه هو الحَكَمُ في الدنيا والآخرة. يَحْكُم بين خلقه في الدنيا بوحْيه وعلْمه بهم، وفي الآخرة يحكم بينهم بالحساب بعدْله وفضْله.
وإذا سَمى أحدَ الناس ولده بـ (عبْد الْحَكَم) أيجوز هذا؟
نعم. يجوز أن نقول (عبد الحَكَم)، فهو مثل (عبد اللّه وعبد الرحمن).
يجوز لنا أن نُسمِّى أحد أبنائنا (عبد الحَكَم) و (عبد الرحمن). لكن كيف لو أراد أحد أن يسمى ابنه (عبد الرسول)، أو (عبد النبي)، أو (عبد الكعبة)، أيجوز إطلاق هذا الاسم على أبناء المسلمين؟
كلاّ. لا يجوز لأحد المسلمين أن يتخذ لولده اسم عبدٍ مضافٍ لغير اللّه تعالى. فإن هذه الأسماء تحمل معنى شركيَّاً. ولو حصل لأحدهم مثلُ هذه الكُنْية، وجب عليه أن يُغيرها في أقرب وقت ممكن احتراما لأسماء اللّه تعالى
ربنا اجعلنا نكون ممن يستكثر من الاقتداء بسنته وسيرته ...امييين ..
الطريق إلى محبة النبي صلى الله عليه وسلم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيد الأنام محمد النبي الخاتم الأمين وبعد:
فإن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم زادنا إلى الله , وشفاء قلوبنا , ونور حياتنا , وسعادة أفئدتنا
ولكن ما حقيقة المحبة :
يتصور البعض أنه بمجرد الاقتناع
بوجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم فقد حصل له الحب,ولا عليه بعد ذلك إن ذكر أمامه النبي صلى الله عليه وسلم فلم تتحرك مشاعره , ولم يلتهب الشوق في قلبه نحو الحبيب, والبعض يظن أنه بمجرد القيام ببعض السنن أو حتى اتباع السنة كاملة يكون قد حقق الحب الكامل لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وأقول مبينا فهمي لقضية المحبة :
إن الحب عمل قلبي تتفاعل فيه الأحاسيس, وتستجيب به المشاعر, وتتفجر معه الأشواق,وتظهر انفعالات الحب مع ذكر المحبوب فيهتز القلب وتدمع العين ويزداد الطلب والشوق لرؤية المحبوب والجلوس بين يديه لتكتحل العين برؤيته, وتأنس النفس بالحديث معه, ويتقطع القلب شوقا, ويتحرق ألما, عندما لا يتمكن من رؤيته, ويطول الفراق والبعاد فلا يبق إلا الحديث والإخبار دون الرؤية واللقاء,فتسهر عين المحب, ويتقلب على فراش الشوق والعشق, حتى إنه لا يصبر إلا إذا وعد موعدا قريبا بلقاء.
فالمحبة ليست قناعة عقلية وفقط بل هي مزيج دموع وأشواق ومشاعر وانفعالات وحركة نفسانية قلبية , أما الاقتناع بعظمة المحبوب وشدة اتباعه فقط دون ما ذكرنا من معاني فهذا عمل سطحي , يحتاج إلى روح تبعثه من مواته, وروح تحركه من سباته.
ومن هنا فلابد من مراقبة النفس عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مراقبة:
- حال القلب من الشوق والانفعال أشد من شوق الإنسان إلى ولده وزوجه وكل حبيب لديه.
- بدمع عينيه أشد ما يكون من مفارقة أحب المحبوبين إلى نفسه.
- عمله واقتدائه وامتثاله أشد ما يكون طاعة وانقيادا لأحب الناس إليه .
لا بدمن مراقبة النفس في هذه الأحوال ليكون الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم أحب الخلق إليه فينفعل نحوه قلبه ,وتدمع شوقا إليه عينه, وتتحرك للاقتداء به جوارحه.
وأرجو أن يكون فهمي في ذلك صائبا صحيحا موافقا لمراد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
لماذا محبة النبي صلى الله عليه وسلم
1- أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم هي الطريق لتذوق حلاوة الإيمان ففي الحديث "
ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وأولها: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما"
2- أن الإيمان لا يتحقق مطلقا في قلب المؤمن إلا بمحبته صلى الله عليه وسلم" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله ووالده وولده والناس أجمعين"
3- أن الاتباع العملي من غير رابطة قلبية برسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة عن شبح بلا روح فلا يكمل العمل إلا بالمحبة.
4- أن المحبة القلبية هي وقود الاستمرار العملي والثبات عليه والاجتهاد فيه.
5- أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم هي روح الحياة وزاد الأرواح ومصدر السعادة ومبعث الحب للآخرين. لا تستريح النفس إلا بها, ولا تسكن الأفئدة إلا بتحقيقها.
وأخيرا – وهو المقصود -
كيف الطريق إلى هذه القمة السامقة والمقصد العظيم ( محبة الحبيب صلى الله عليه وسلم:
أتصور أخي القارئ الحبيب أن الطريق إلى ما قصدناه لا بد فيه من خطوات علمية وأخرى عملية نوجزها في الآتي:
أولا : خطوات علمية وتتلخص في :
- الاطلاع والمعايشة للسيرة النبوية
- الاطلاع والمعايشة للشمائل المحمدية .
- الاطلاع والمعايشة للخصائص المصطفوية .
- معرفة حقوقه صلى الله عليه وسلم .
- معرفة طرف من أقواله النيرة المربية وننصح هنا برياض الصالحين.
إن الاطلاع على هذه الجوانب "السيرة – والشمائل - والخصائص – ومعرفة الحقوق- والاطلاع على الأقوال والأحاديث "ليهيئ قلب المؤمن للتعرف على أعظم نبي بل أعظم إنسان على الإطلاق,فالمعرفة هي الخطوة الأولى ولكن بتلك الجوانب المتكاملة التي أشرنا إليها.
ثانيا : الخطوات العملية وتتلخص في الآتي:
- كثرة الصلاة عليه في وقت وحين .
- مجالسة محبيه صلى الله عليه وسلم, وهذا سر يلقيه الله تعالى في قلوب المخلصين من عباده والأصفياء من خلقه, قد ينالها الزوج دون زوجته, العبد دون سيده, والغني دون الفقير, والصغير دون الكبير, وما أكثر المحبين المشتاقين الذين يودون لو رأوه صلى الله عليه وسلم وبذلوا لذلك مهجهم وأموالهم ,أعرف أناسا بسطاء ما إن يذكر الحبيب صلى الله عليه وسلم حتى تفيض أعينهم بالدمع, وتتقطع قلوبهم حبا وحزنا يودون أن لو رأوه وبذلوا الدنيا كلها, وعزاؤهم في ذلك حبهم للمحبوب و"المرء مع من أحب".
- ثم الاتباع العملي لكافة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم اتباعا كاملا بإخلاص تام , ممزوج بحب كامل, واعتزاز وفخر باتباع أشرف الخلق.
- زيارة مسجده صلى الله عليه وسلم فتلك عبادة مستقلة مندوب إليها.
الإكثار من الحديث عنه صلى الله عليه وسلم في المجالس, ومن أحب شيئا أكثر من ذكره.
وكلمة أخيرة:
حول رؤيته صلى الله عليه وسلم مناما, أقول ليست رؤيته صلى الله عليه وسلم دليلا على كمال إيمان الرائي أو أفضليته, فقد يراه صلى الله عليه وسلم المفضول دون الفاضل , فرؤيته لا تدل على أفضلية دائمة ,وعدم رؤيته صلى الله عليه وسلم لا تدل على بعد عنه صلى الله عليه ولا عدم تعلق به ,وعلى أي حال هي شرف للرائي , ومتعة لقلبه ورسالة ربانية تشرف صاحبها متى استوفت الشروط.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم, وينفعنا بذلك الحب يوم أن نلقاه
ابو ضاري
08-01-2010, 10:32
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
اكثروا الصلاه على الرسول في يوم الجمعه
http://img147.imageshack.us/img147/7389/din87dc4.gif
مما اشتهرت به أمنا السيدة عائشة غيرتها الشديدة على الحبيب المصطفى فكيف كان حلم الحبيب معها ؟؟
خرج الحبيب المصطفى من عند السيدة عائشة رضي الله عنها ليلة قالت : " فغرت عليه فلما جاء رأى ما أصنع " فابتسم الحبيب و قال : أغرت يا عائشة ؟؟ فقالت : " و مالي لا يغار مثلي على مثلك ؟! " .
و روي أنه لما أرسلت السيدة صفية إلى الحبيب – وهو في بيت السيدة عائشة – طعاما تقول السيدة عائشة : و كانت تجيد صنع الطعام . فأخذت الغيرة السيدة عائشة فكسرت لها القصعة !!! فلما لم ينهرها الحبيب شعرت بالندم فقالت : يا رسول الله ما كفارة ما صنعت ؟؟ فابتسم الحبيب الغالي أكرم الخلق عليه الصلاة و السلام و قال : إناء بإناء و طعام بطعام .
و في مرة أخرى أرسلت إحدى زوجات النبي الحبيب – اختلف من هي – إليه طعاما في إناء في يوم السيدة عائشة فغارت السيدة عائشة فضربت يد الخادم فانكفأ الإناء و انفلقت الصحيفة نصفين و كان أصحاب الحبيب جلوسا فما زاد أكرم الخلق على أن جعل يجمع الطعام في الجزئين المكسورين و هو يقول : كلوا ! قد غارت أمكم !!! ثم دفع إلى الخادم قصعة سليمة و احتفظ هو بالمكسورة !!!
وعندما خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – في إحدى الليالي إلى البقيع ظنّت أنّه سيذهب إلى بعض نسائه فأصابتها الغيرة فانطلقت خلفه تريد أن تعرف وجهته فعاتبها النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال لها : ( أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله ؟ ) رواه مسلم .
و ما كانت رضي الله عنها تسرف في غيرتها إلا و هي تعلم ما لها من الدالة عنده عليه الصلاة و السلام فهي من شهد لها النبي – صلى الله عليه وسلم – بالفضل فقال : ( فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) متفق عليه .
ومن فضائلها كذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لها : ( يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام فقالت : وعليه السلام ورحمة الله ) متفق عليه .
و من عظيم حلم الحبيب و صبره و حبه و كرم خلقه ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها مما يدلّ على ملاطفة النبي – صلى الله عليه وسلم – لها فقالت: ( والله لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم من بين أذنه وعاتقه ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ) رواه أحمد
و في رواية أنها ظلت تسند رأسها على ساعده و الحبيب يسألها : أفرغت ؟ أشبعت ؟ و هي تقول : لا . فتقول : و لقد مللت و إنما أردت أن أنظر مكانتي عنده !!!
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين أسوة حسنه
كلامه - صلى الله عليه وسلم -
عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: " ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يسرد سردكم هذا، ولكنه كان يتكلّم بكلام بيّن فصل، يحفظه من جلس إليه" (1) .
عن أنس بن مالك قال:" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه" (2) .
تطالعنا كتب السنة الشريفة بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- من الأحاديث في الأحكام والأخبار بلسان عربي مبين، سهل الألفاظ، واضح المعاني، جزل العبارة، لا تمله المسامع، ولا تأنفه الخواطر، في سلاسة طبع، وجودة لسان، وغزارة بيان، وإيجاز مع إعجاز.
لقد أوتي جوامع الكلم، وبدائع الحكم، وبلاغة القول، بما جمع له - صلى الله عليه وسلم- من أصالة المنشأ القرشي، وقوة عارضة البادية وجزالتها، ورقة ألفاظ الحاضرة، إضافة إلى جريان الآي القرآني المبارك على لسانه، والعصمة الربانية التي لا تنبغي لأحد من بعده.
وكان الصحابة - رضي الله عنهم- أحظى هذه الأمة بسماع سنته من فِيْهِ الشريف، وأصدقهم نقلا لصفة كلامه - صلى الله عليه وسلم-، وحسن منطقه، وجودة عبارته.
وهذا الحكم الذي نقلوه عنه ذو دلالات عظيمة منها:
أنهم- رضي الله عنهم- مورد اللغة العربية، ومنهل الفصاحة والبيان، وأهل الخبرة والمعرفة باللسان العربي، لم يتسرب إليهم الفساد في اللفظ، ولم يخلّطوا الكلام، فكان المصطفى - صلى الله عليه وسلم- بشهادتهم في الذروة العليا من الفصاحة والبلاغة، ومن أحاديثه الجزلة - قليلة المباني عظيمة المعاني- قوله - صلى الله عليه وسلم-:" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار " (3) .
أنهم لم يحكموا على خطبه أو مواعظه أو نصائحه على حدة في ساعة مؤقتة، أو فترة محددة، فربما نمّقها، وأولاها عنايته واهتمامه، ولكنه وصف عام دائم لا ينفك عن منطقه، ولا يتخلف عن قوله، على سائر أحواله من إقامة وسفر، وجهاد ودعوة، مذ كَرَّمَهُ ربه تبارك وتعالى بآياته، واختاره لختم رسالاته.
منطقه البهيّ، وحديثه النديّ مكّن أصحابه - رضي الله عنهم- من حفظ سنته في الصدور، ونقل دقيقها وجليلها لمن بعدهم على الوجه الذي سمعوه من فِيه - صلى الله عليه وسلم-.
كما أن أسلوبه الحديثي الخاص يكشف لمن اعتاد سماعه ما ألصق به من الروايات الباطلة، والأحاديث الموضوعة، وتمييز الصحيح من السقيم، بما تنفر أسماعهم منه لركاكته، وضعف بنائه، وسخف مراده.
أحب الصحابة - رضي الله عنهم- النبي - صلى الله عليه وسلم-، وأحبوا كلامه العذب، فكان ملأ السمع، ولذّة القلب، وراحة المشاعر، وعاه من جلس إليه من كبير أو صغير، ورجل أو امرأة، متقدم في العلم أو مبتدئ فيه، وكذا الحاضر والبادِ.
ويأتي دورنا في الاقتداء به في دروسنا ومواعظنا وحياتنا كلها؛ لنتعلم منه فنّ الحديث الطيّب المحبّب، والأسلوب الجذّاب المهذّب، والحوار البناء، والجواب العلمي المقنع، والإنصات الحكيم، وغيرها من فنون الكلام المستفادة من سنته - صلى الله عليه وسلم-، إضافة إلى التنور بأمثاله البديعة، وحكمه الجامعة المنيعة، والاستشهاد بها في المواقف المناسبة، كقوله:" لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك " (4) .
في نفي عائشة - رضي الله عنها- أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم- يسرد الكلام ويلقيه تباعًا، تنبيه إلى حاجة الخطيب والداعية إلى المواعظ الجزلة، والدروس الموجزة، والدعوات الجامعة، وتجنب الإطالة المقيتة، والتفاصيل الدقيقة، اتباعًا لهديه - صلى الله عليه وسلم-:" إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه " (5)
( مئنة ) أي علامة .
.•:*ღ*:• باب ما جاء في لباس رسول الله .•:*ღ*:•
1- حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا الفضل بن موسى
وأبو تميلة وزيد بن حباب عن عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة
عن أم سلمة قالت : كان أحب الثياب إلى رسول اللهَ القميص .
--------------------------------------------------------------------------------
2- حدثنا علي بن حجر ثنا الفضل بن موسى عن عبد المؤمن
بن خالد عن عبد الله بن بريدة عن أم سلمة قالت : كان أحب الثياب إلى رسول الله القميص .
--------------------------------------------------------------------------------
3- حدثنا زياد بن أيوب البغدادي ثنا أبو تميلة عن عبد المؤمن بن خالد
عن عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة قالت كان أحب الثياب
إلى رسول اللهَ يلبسه القميص .
قال أبو عيسى هكذا قال زياد بن أيوب في حديثه عن عبد الله بن بريدة
عن أمه عن أم سلمة وهكذا روي غير واحد عن أبي تميلة مثل رواية زياد
بن أيوب وأبو تميلة يزيد في هذا الحديث عن أمه وهو أصح .
--------------------------------------------------------------------------------
4- حدثنا عبد الله بن محمد بن الحجاج ثنا معاذ بن هشام
ثني أبي عن بديل يعني ابن ميسرة العقيلي عن شهر بن حوشب
عن أسماء بنت يزيد قالت كان كم قميص رسول اللهَ إلى الرسغ .
--------------------------------------------------------------------------------
5- حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير عن عروة
بن عبد الله بن قشير عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : أتيت رسول اللهَ
في رهط من مزينة لنبايعه وإن قميصه لمطلق أو قال زر قميصه مطلق قال
فأدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم .
--------------------------------------------------------------------------------
6- حدثنا عبد بن حميد ثنا محمد بن الفضل حدثنا حماد بن سلمة
عن حبيب بن الشهيد عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي خرج وهو متكىء
على أسامة بن زيد عليه ثوب قطري قد توشح به فصلى بهم .
قال عبد بن حميد قال محمد بن الفضل سألني يحيى بن معين
عن هذا الحديث أول ما جلس إلي فقلت حدثنا حماد بن سلمة فقال
لو كان من كتابك فقمت لأخرج كتابي فقبض على ثوبي ثم قال أمله
علي فإني أخاف أن لا ألقاك قال فأمليته عليه ثم أخرجت كتابي فقرأت عليه .
--------------------------------------------------------------------------------
7- حدثنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن إياس
الجزيري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول اللهَ
إذا استجد ثوبا سماه باسمه عمامة أو قميصا أو رداء ثم يقول اللهم لك الحمد
كما كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له .
--------------------------------------------------------------------------------
8- حدثنا هشام بن يونس الكوفي أنبأنا القاسم بن مالك المزني عن الجريري
عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبيَ نحوه .
--------------------------------------------------------------------------------
9- حدثنا محمد بن بشار أنبأنا معاذ بن هشام ثني أبي عن قتادة عن أنس
بن مالك قال كان أحب الثياب إلى رسول الله يلبسه الحبرة .
--------------------------------------------------------------------------------
10- حدثنا محمود بن غيلان أنبأ عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن عون بن أبي جحيفة
عن أبيه قال رأيت النبيَ وعليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بريق ساقيه قال سفيان أراها حبرة .
--------------------------------------------------------------------------------
11- حدثنا علي بن خشرم حدثنا عيسى بن يونس عن إسرائيل
عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال ما رأيت أحداً من الناس أحسن في حلة حمراء
من رسول اللهَ إن كانت جمته لتضرب قريباً من منكبيه .
--------------------------------------------------------------------------------
12- حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا بشر بن المفضل عن عبد الله بن عثمان
بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهَ
عليكم بالبياض من الثياب ليلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم فإنها من خيار ثيابكم .
--------------------------------------------------------------------------------
13- حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان
عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن سمرة بن جندب قال :
قال رسول اللهَ البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم .
.•:*ღ*:• باب ما جاء في خف رسول الله .•:*ღ*:•
http://img404.imageshack.us/img404/6880/31414632.gif
1- حدثنا هناد بن السري ثنا وكيع عن دلهم بن صالح
عن حجير بن عبد الله عن ابن بريدة عن أبيه : أن النجاشي أهدى للنبيَ
خفين أسودين ساذجين فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما .
--------------------------------------------------------------------------------
2- حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة
عن الحسن بن عياش عن أبي إسحاق عن الشعبي قال قال المغيرة بن شعبة :
أهدى دحية للنبي خفين فلبسهما .
وقال إسرائيل عن جابر عن عامر وجبة فلبسهما حتى تخرقا لا يدري النبي أذكى هما أم لا .
قال أبو عيسى وأبو إسحاق هذا هو أبو إسحاق الشيباني واسمه سليمان
عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن فقال: " اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب " البخاري
فالدعاء سلاح فريد وقوي يملكه المظلوم فما إن يرفع المظلوم يديه إلى السماء إلا و يأتيه الرد من الملك العزيز الجبار الله سبحانه وتعالى مباشرة: " وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين "
فأي سلاح هذا وأي قوة أعطاها الله سبحانه للمظلومين والمقهورين والمستضعفين, والله لو يعلم الظالم قوة وأثر هذا السلاح بيد المظلوم لما ظلمه قط و ما تجرأ على ذلك,
رفعت يدي إلى الله وقلت يا رب أغلقت الأبواب إلا بابك وانقطعت الأسباب إلا إليك ولا حول ولا قوة إلا بك يا رب اللّهم إنّي ومن ظلمني من عبيدك ، نواصينا بيدك ، تعلم مستقرّنا ومستودعنا ، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا ، وتطلع على نيّاتنا ، وتحيط بضمائرنا ، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه ، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ، ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا ، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا ، ولا لنا منك معقل يحصننا ، ولا حرز يحرزنا ، ولا هارب يفوتك منّا .
اللهم ان الظالم مهما كان سلطانه لا يمتنع منك فسبحانك أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم بك، وتوكّل المقهور عليك، اللهم أنى أستغيث بك بعدما خذلني كل مغيث من البشر، وأستصرخك إذا قعد عنى كل نصير من عبادك، وأطرق بابك بعد ما أغلقت الأبواب المرجوة، اللهم انك تعلم ما حلّ بي قبل أن أشكوه إليك، فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً.
.
يا رب ها أنا ذا يا ربي أسير سجين في يدي الظالم، مغلوب مبغيّ عليّ مظلوم، قد قلّ صبري وضاقت حيلتي، وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك، والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه، وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلّقت به من خلقك ً وغدر بي وطعنني القريب الصديق، فاستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلاّ عليك.
فرجعت إليك يا مولاي صاغراً راغماً مستكيناً، عالماً أنّه ﻻ فرج إلاّ عندك، ولا خلاص لي إلاّ بك، انتجز وعدك في نصرتي، وإجابة دعائي، فإنّك قلت وقولك الحق الذي ﻻ يردّ ولا يبدل: ( وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ ) وقلت جلّ جلالك وتقدّست أسماؤك: ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )، وأنا فاعل ما أمرتني به لا منّاً عليك، وكيف أمن به وأنت عليه دللتني، فاستجب لي كما وعدتني يا من ﻻ يخلف الميعاد.
وإنّي لأعلم يا رب أنّ لك يوماً تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، وأتيقّن أنّ لك وقتاً تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لأنّك ﻻ يسبقك معاند، ولا يخرج عن قبضتك أحد، ولا تخاف فوت فائت، ولكن ضعفي ﻻ يبلغ بي الصبر على أناتك وانتظار حلمك، فقدرتك يا ربي فوق كلّ قدرة، وسلطانك غالب على كل سلطان، ومعاد كلّ أحد إليك وإن أمهلته، ورجوع كلّ ظالم إليك وإن أنظرته.
يا رب أنى أحب العفو لأنك تحب العفو فإن كان في قضائك النافذ، وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي، وينتقل عن عظيم ما ظلمني به، فأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة وتب عليه وأعفو عنه يا كريم.
يا رب اللهم انتقم من الظالم في ليلة ﻻ أخت لها، وساعةٍ ﻻ شفاء منها، وبنكبة ﻻ انتعاش معها، وبعثرةٍ ﻻ إقالة منها، ونغّص نعيمه، وأره بطشتك الكبرى، ونقمتك المثلى، وقدرتك التي هي فوق كل قدرة، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه، واغلبه لي بقوّتك القوية، ومحالك الشديد، وامنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، وابتله بفقرٍ ﻻ تجبره، وبسوء ﻻ تستره، وكله إلى نفسه فيما يريد، إنّك فعّال لما تريد.
يا رب اللهم عليك بمن ظلمني اللهم اسقم جسده، وانقص أجله، وخيّب أمله، وأزل ظلمه، واجعل شغله في بدنه، ولا تفكّه من حزنه، وصيّر كيده في ضلال، وأمره إلى زوال، ونعمته إلى انتقال، وجدّه في سفال، وسلطانه في اضمحلال، وعافيته إلى شر مآل، وأمِتْه بغيظه إذا أمتّه، وأبقه لحزنه إن أبقيته، وقني شرّه وهمزه ولمزه، وسطوته وعداوته، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً
يا رب الظالم ملك أسباب القوة في الدنيا وأنا عبيدك لا أملك إلا إيماني بك وتوكلي عليك ودعائي
يا رب ان الظالم جمع جنده وسلاحه وسجونه وزنازينه ومنع عنى الأهل والأحباب وتركني في ظلمة الزنزانة على الأرض والتراب وأنا عبيدك جمعت له ما استطعت من الدعاء
يا رب تمنيت لمن ظلمني الهداية والتوبة وتمنى هلاكي وتدميري ولا حول ولا قوة إلا بك فمن يا رب على دعوة عبيدك المسكين الفقير بوعزتى وجلالك لأنصرنك ولو بعد حين
اتقو الله
صفة شعره، وشيبه، وترجله - صلى الله عليه وسلم -
لم تحظ شخصية تاريخية عظيمة بتدوين تفاصيل مظهرها بدقة، وتأريخها بعناية، وروايتها بأسانيد متصلة من الرجال الثقات الأثبات، كما حظيت به شخصية الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم-.
وها هي ذي مدونات السير، ومصنفات السنن تتباهى بجملة من أوصافه الجسدية المتكاملة المعبرة، تنقشها على لوحة الزمان، وتبعثها لخواطر قلب عَمَّرَهُ الإيمان، ونأى به الزمان؛ ليسعد بوصفه الفؤاد، إن حرمت من رؤيته العينان.
عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- من إناءٍ واحد، وكان له شعرٌ فوق الجمّة، ودون الوفرة" (1) .
والجمّةُ: ما سقط على المنكبين، والوفرة: ما وصل إلى شحمة الأذن، وهذا يدل على أن شعره - صلى الله عليه وسلم- كان متوسطا بينهما، فهو لمّة في الجملة، وله أحوال أخرى.
وهذا التصوير اللطيف، والتعبير العفيف من كمال الأدب النبوي الذي تعلمته أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- يبين لنا مقدار طول شعره - صلى الله عليه وسلم-.
وعن بن عباس - رضي الله عنهما- أن: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رأسه" (2) .
ومعنى يسدل شعره: يرسل شعر ناصيته حول الرأس، ويرخيه على جبينه من غير أن يقسمه إلى قسمين.
موافقةً لأهل الكتاب حين كان عبدة الأوثان كثيرين،وإنما آثر محبة ما فعله أهل الكتاب على فعل المشركين لتمسك أولئك ببقايا شرائع الرسل، وهؤلاء وثنيون لا مستند لهم إلا ما وجدوا عليه آباءهم،وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تألف أهل الكتاب ليجعلهم عوناً على قتال من أبى واستكبر من عباد الوثن كما تألفهم في قبلتهم (3) .
قال القرطبي - رحمه الله-:
حبه - صلى الله عليه وسلم- كان لموافقة أول الأمر عند دخوله المدينة؛ حتى يصفو إلى ما جاء به، فلما تألفهم ولم يدخلوا في الدين، وغلبت عليهم الشقوة، أمر بمخالفتهم في أمور كثيرة، كقوله: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم" (4) .
وعن عبد الله بن مغفل قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن الترجل إلا غباً" (5) .
والمراد: النهي عن دوام تسريح الشعر وتدهينه، ليفعل يوما ويترك يوما؛ لأن المواظبة تشعر بشدة الإمعان في الزينة والترفّه، وذلك شأن النساء، ولهذا قال ابن العربي - رحمه الله-: موالاته تصنّع، وتركه تدنّس، وإغبابه سنّة.
وعن أبي بكر - رضي الله عنه- قال: يا رسول الله، قد شبت (أي ظهر فيك أثر الشيب). قال: " شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت " (6) .
وحكمة السؤال: أن مزاجه اعتدلت فيه الطبائع، واعتدالها يستلزم عدم الشيب، وهذا لا ينافي حديث أنس أنه لم يبلغ الشيب؛ لأن الروايات الصحيحة صريحة في أن ظهور البياض في رأسه ولحيته لم يكثر، فيحكم عليه بالشيب بسببه.
وجوابه البليغ بإسناد السبب إلى السور، والمؤثر هو الله تبارك وتعالى، من حسن الأدب مع الرب – سبحانه- فالخير كله بيديه، والشر ليس إليه، ولربط المقادير بالأسباب الحقيقية، وذكر هوداً وأخواتها لاشتمالها على بيان أحوال السعداء والأشقياء، وأحوال يوم القيامة، والأمر بالاستقامة له ولأمته، ونحوه مما يوجب استيلاء سلطان الخوف، لاسيما على أمته؛ لعظيم رأفته بهم ورحمته، وتتابع الغم فيما يصيبهم، واشتغال قلبه وبدنه، وإعمال خاطره فيما فعل بالأمم الماضية، وذلك كله يستلزم ضعف الحرارة الطبيعية، وبضعفها يسرع الشيب، ويظهر قبل أوانه.
و لما كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم- من انشراح الصدر، ونور اليقين ما يسليه ويثبته؛ لم يستول ذلك إلا على قدر يسير من شعره الشريف؛ ليكون فيه مظهر الجلال والجمال معاً.
ووجه تقديم سورة هود هو أمره بالاستقامة، قال تعالى:( فاستقم كما أمرت ) والثبات على الاستقامة من أعلى المراتب، ولا يستطيع الترقّي إلى ذروتها إلا من شرّفه ربه بخلع السلامة، واختصّه بسابغ الهداية (7) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيراً أو ليصمت , ومن كان يوم بالله واليوم الاخر فليكرم جاره , ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه "رواه البخاري ومسلم .
-الشرح -
هذا الحديث من الاداب الإسلامية الواجبة :
الأول : إكرام الجار فإن الجار له حق , قال العلماء : إذا كان الجار مسلماً قريباً فله ثلاث حقوق , الجوار والإسلام والقرابة , وإن كان كان مسلماً غير قريب فله حقان , وإذا كان كافراً غير قريب له حق واحد حق الجوار .
الثاني :وأما الضيف فهو الذي نزل بك وأنت في بلدك وهو مارٌ مسافر , فهو غريب محتاج وأما القول باللسان فإنه من أخطر ما يكون على الإنسان فلهذا كان مما يجب عليه أن يعتني بما يقول فيقول خيراً أو يسكت .
ومن فوائد هذا الحديث :
وجوب إكرام الجار فيكون بكق الأذى عنه وبذل المعروف له , فمن لا يكف الأذى عن جاره فليس بمؤمن , لقول النبي صلى الله عليه وسلم " والله لا يؤمن , والله لا يؤمن والله لا يؤمن " قالوا من يا رسول الله ؟ قال " من لا يأمن جاره بوائقه " .
وجوب إكرام الضيف لقوله عليه الصلاة والسلام " من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه " ومن إكرامه إحسان ضيافته , والواجب في الضيافة يوم وليلة وما بعده فهو تطوع ولا ينبغي لضيف أن يكثر على مضيفه بل يجلس بقدر الضرورة فإذا زاد على ثلاثة أيام فليستأذن من مضيفه حتى لا يكلف عليه .
رعاية الإسلام للجوار والضيافة , فهذا يدل على كمال الإسلام وأنه متضمن للقيام بحق الله سبحانه وتعالى وبحق الناس .
أنه يصح نفي الإيمان لانتفاء كماله لقوله " من كان يؤمن بالله واليوم الاخر " ونفي الإيمان ينقسم إلى قسمين :
نفي مطلق : وان الإنسان به كافراً كفراً مخرجاً من الملة .
ومطلق نفي : وهذا الذي يكون به الإنسان كافراً من هذه الخصلة التي فرط فيها لكنه معه أصل الإيمان , وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة أن الإنسان قد يجتمع فيه خصال الإيمان وخصال الكفر .
.الشيخ ,, ابن عثيمين رحمه الله.
لماذا هذه المكانة لسعد بن معاذ؟؟
دائما نسمع عن مكانة سعد بن معاذ رضي الله عنه حين نتحدث عن ضغطة القبر او عن اهتزاز العرش لموته رضي الله عنه
كما في هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم
اهتز العرش لموت سعد بن معاذ . [ وفي رواية ]
فقال رجل لجابر : فإن البراء يقول : اهتز السرير . فقال : إنه كان بين هذين الحيين ضغائن ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اهتز عرش
الرحمن لموت سعد بن معاذ
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخارى (الجامع الصحيح) - الصفحة أو الرقم: 3803
خلاصة الدرجة: [صحيح]
وايضاً :
2 - أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير ، فجعلنا نلمسه ونتعجب منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أتعجبون من هذا ) . قلنا : نعم ، قال : ( مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا ).
الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري - المصدر:صحيح البخارى (الجامع الصحيح) - الصفحة أو الرقم: 5836
خلاصة الدرجة: [صحيح]
وغيرها من الأحاديث فيه رضي الله عنه
صراحة هذا دعاني دائما للتساءل لماذا هذه لسعد بن معاذ رضي الله عنه؟؟؟
كيف وصل لهذه الدرجة ؟
وبدأت ابحث عن حياته وصعقت لما وجدت فيها !!!!
وهذه لمحات بسيطة ومهمة للغاية من حياته رضي الله عنه لمن لا يعرفه
مولده: ولد سعد في السنه التاسعة عشر قبل البعثةوهو
اصغر من الرسول عليه الصلاة والسلام باحدى وعشرين سنه.
وما يهمني منها هنا هو اسلامه ووفاته
اسلامه: اسلم على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة بعامين
وقال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام0
دفن رضي الله عنه بالبقيع وكان عمره سبعا وثلاثين سنة في
سنه خمس من الهجرة
انظروا الى مدة حياته بالإسلام 7 سنوات فقط
فماالذي يجعله بهذه المكانة وما الذي فعله رضي الله عنه وارضاه في هذه المدة القصيرة من حياته في الإسلام؟؟؟
فوجدتُ خلال بحثي هذه المقولة المأثورة عن رضي الله عنه
أولاً :
قال سعد بن معاذ : فيّ ثلاث خصال لو كنت في سائر أحوالي أكون فيهن ، لكنت أنا أنا : إذا كنت في الصلاة لا أحدث
نفسي بغير ما أنا فيه ، وإذا سمعت من رسول الله حديثا لا يقع في قلبي ريب أنه الحقّ ، وإذا كنت في جنازة لم أحدّث نفسي بغير ما تقول ويقال لها
فتأملت بها كثيراً وجزأتها أجزاء حتى افهمها
إذا كنت في الصلاة لا أحدث نفسي بغير ما أنا فيه....
فلنقارن أنفسنا ونحن في الصلاة بما يقول رضي الله عنه !!!!
غفلة وتفكير وعدم تدبر لاحول ولاقوة إلا بالله
حسنا لماذا كان في هذه الحالة عندما يكون في الصلاة فكرتُ كثيراً ولم اجد غير سبب واحد حبه لله عز وجل !!
ثانيا :
إذا سمعت من رسول الله حديثا لا يقع في قلبي ريب أنه الحقّ
الله اكبر..لأنه كان يؤمن بداخله بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل فعلاً وانه لا ينطق عن الهوى
ولكن فلننظر الى الحال الآن فإذا قلت لشخص ما إقرأ القرآن على نفسك لتشفى على سبيل المثال
لا يمتثل مباشرة للأمر وينفذ ويبقى يماطل ويجادل ؟؟ كيف ولماذا ؟؟وما الفرق ؟؟
أما إذا قلت له إن عالم ياباني قام بتجربة اثبت فيها تأثير القرآن الإيجابي على بلورات الماء وبالتالي الجسم
سيمتثل مباشرة ويصدق !!!!
لاحول ولاقوة إلا بالله
ثالثاُ :
إذا كنت في جنازة لم أحدّث نفسي بغير ما تقول ويقال لها
اعجبني هذا القول كثيرا وتأثرت به ورأيت مدى حبه للمسلمين !!!
فماذا يحدث لو طبقنا هذه الأقوال على حياتنا ؟؟؟
ربما سنكون كلنا على خطى سعد بن معاذ رضي الله عنه
نحن لن نصبح مثله ولكننا يجب ان نشعر بالغيرة ان صح التعبير... فأن كان عرش الرحمن قد اهنز لموت عبد من عباده
فهذا يدل على مدى حب الله تعالى لعباده وقيمتهم عنده
فهل سنبادر ونبرز انفسنا امام الله تعالى ونرفع يدنا ونقول يارب اخترني من بين عبادك الذين تحب
هل حقاً سنسعى لنيل منزلة تقارن ولو بنسبة 10% من منزلةسعد بن معاذ ؟؟؟
هل سنفرح الله تعالى بتوبتنا ورجوعنا اليه ؟؟
ام لا حياة لمن تنادي ؟؟؟
كلامه وسكوته وضحكه وبكاؤه
(الشبكة الإسلامية)
اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع لأحد قبله ولا بعده ، كيف لا وهو خير الناس وأكرمهم عند الله تعالى .
فقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس ، وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ، يشهد له بذلك كل من سمعه.
وكان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها : (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه .
وثبت في (( الصحيحين )) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : بعثت بجوامع الكلام) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليفهمه السامع ويعقله عنه ، ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ( كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى يفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم ثلاثاً).
وكان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان إذا تكلم افتتح كلامه واختتمه بذكر الله، وأتى بكلام فَصْلٍ ليس بالهزل ، لازيادة فيها عن بيان المراد ولاتقصير ، ولا فحش فيه ولا تقريع ،
أما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسماً، وغاية ما يكون من ضحكه أن تبدو نواجذه، فكان يَضْحَك مما يُضْحك منه، ويتعجب مما يُتعجب منه.
وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاءه بشهيق ولا برفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا، ويُسمع لصدره أزيز، وكان صلى الله عليه وسلم تارة يبكى رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده، وتارة يبكي خوفاً على أمته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله ، فقد بكى لما قرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه (سورة النساء ) وانتهى إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41].
وتارة كان يبكي اشتياقاً ومحبة وإجلالاً لعظمة خالقه سبحانه وتعالى.
وما ذكرناه وأتينا عليه من صفاته صلى الله عليه وسلم غيض من فيض لا يحصره مقال ولا كتاب، وفيما ألمحنا إليه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً والحمد لله أولاً وأخيرا
الآذكار الواردة عن رسول الله علية الصلاة والسلام أذكار الاستيقاظ من النوم:
"الحَمْدُ لله الذِي أحْيَانا بَعْدَمَا أمَاتَنَا(1) وإلَيْهِ النَشُور(2)"
متفق عليه
"الحَمْدُ لله الذِي عَافَانِي في جَسَدِي ورَدَّ عَلَيَّ رُوحِي(3) وأَذِنَ لي بِذِكْرهِ".
حسن (صحيح الترمذي 144/3)
مَنْ تَعَارَ مِنَ اللَّيْل(4) فقال: "لا إلَهَ إلاَّ الله وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُوَ على كلِّ شيءٍ قَدير، الحَمْدُ لله وسُبْحانَ الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حَولَ ولا قُوةَ إلا بالله" ثم قال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي"، أو دعى استُجيبَ لهُ، فإن توَضأَ وصَلّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ.
(رواه البخاري 125/2)
أذكار اللباس لبس الثوب: :
"مَنْ لَبِسَ ثَوْباًً فقال: الحَمْدُ لله الذِي كَساني هذا ورَزَقَنِيه مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنّي ولا قُوةٍ، غُفِرَ لَهُ ما تَقدَّم مِنْ ذنبِه".
حسن (صحيح سنن أبي داود 760/2)
دعاء لبس الثوب الجديد:
"اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ كَسَوتَنِيه أسْألك مِنْ خَيرِهِ وخَيْرَ ما صُنع لَهُ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شرِّه وشَرَّ ما صُنِعَ لَهُ".
صحيح (صحيح الترمذي 152/2)
ما يدعو به لصاحبه إذا رأى عليه ثوباً جديداً:
"إلبِسْ جَدِيداً وعِشْ حميداً ومُتْ شهيداً".
صحيح (صحيح ابن ماجة 275/2)
"تُبْلي(1) ويَخْلِفُ الله تعالي".
صحيح (صحيح سنن أبي داود 760/2)
عند وضع الثوب:
سِتْرُ ما بَيْنَ أعْيُن الجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَني آدَمَ إذا وَضَعَ أحدُهُمْ ثَوْبَهُ أنْ يقول: "بِسم الله".
رواه الطبري في الأوسط وصححه الألباني (صحيح الجامع 203/3)
(1) قال ابن الجوزية هنا أمر بمعنى الدعاء كناية عن طول العمر أي للمخاطب به بطول حياته حتى يبلي الثوب. ويخلف أي يعوضه الله عنه ويبدله له.
أذكار الطعام والفطور عند الصيام أذكار الطعام:
إذا أكل أحدكم الطعام فليقل: "بِسم الله، فإن نسي في أوله فليقل: بِسمِ الله في أوله وآخره".
صحيح (صحصح الترمذي 167/2)
من أطعمه الله الطعام فليقل: "اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه". ومن سقا له الله لبناً فليقل: "اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه".
حسن (صحيح الترمذي 159/3)
عند الفراغ من الطعام:
"من أكل طعاماً ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام وزرقنيه من غير حول مني ولا قوة. غُفر له ما تقدم من ذنبه".
حسن (صحيح سنن أبي داود 760/2)
"الحمدُ لله الذي أَطعَمَ وسَقَى وسَوَّغّهُ(1) وجَعَل لَهُ مَخْرَجاً".
صحيح (صحيح سنن أبي داود730/2)
"الحمدُ لله كثيراً طيباً مباركاً فيهِ، غيْرَ مَكْفيٍّ(2)، ولا مُوَدَّع(3)، ولا مُستَغنَى(4) عَنْهُ ربّنا".
(رواه البخاري الفتح 148/7)
"اللهُمَّ أطعمت وأسقيت وأقنيت(5) وهديت وأحييت، فلك الحمد على ما أعطيت".
رواه أحمد وصححه الألباني الصحيحة (رقم 71)
دعاء المدعو والضيف لأهل الطعام إذا فرغ من أكله:
"اللهُمَّ بَارِكْ لَهُم فيما رَزَقتهْمْ، واغْفِر لهم وارحَمْهُم"
رواه مسلم 1616/3)
"اللهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أطْعَمَني وأَسْقِ مَنْ أسْقَاني".
(رواه مسلم 1626/3)
دعاء الصائم إذا أفطر عند قوم:
"أَفطَر عِنْدَكُم الصائِمونَ وأكل طعامَكُمُ الأبْرارُ، وتنزَّلت عليكُمُ الملائِكَةُ".
رواه أحمد وصححه الألباني (صحيح الجامع 209/4)
دعاء الصائم عند فطره:
"ذَهبَ الظَّمأُ، وابتلَّت العروقُ(6) وثَبَتَ الأجرُ إنْ شاء الله".
حسن (صحيح سنن أبي داود 449/2)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات، قبل أن يُصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى ثمرات، فإن لم تكن؛ حسا حسوات من ماء. حسي.
صحيح (صحيح سنن أبي داود 448/2)
يقول الصائم إذا سابه أحد:
"إني صائم، إني صائم".
متفق عليه أذكار الخلاء والبيت أولا:ً أذكار الخلاءدخول الخلاء:
{بسم الله}، اللهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبْثِ والخبائِثِ(1)".
متفق عليه، والزيادة (ما بين القوسين) أخرجها سعيد بن منصور أنظر الفتح (244/1)
قال صلى الله عليه وسلم: "سِتْرُ ما بين أعْيُنِ الجِنِّ وَعَوْرَات بني آدَمَ إذا دَخل أحَدُهُمْ الخلاء أنْ يقول: "بِسم الله".
رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني (صحيح الجامع 203/2)
الخروج من الخلاء:
"غُفْرانَكَ".
صحيح (صحيح الترمذي 5/1)
ثانياً: أذكار البيت عند الدخول إلى المنزل:
"إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان أدركتم المبيت...".
رواه مسلم (1598/3)
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة كُلُّهم ضَامِنٌ(2) على الله عز وجل،..." وذكر منهم "رجل دخل بيته بسلام، فهو ضامن على الله عز وجل".
صحيح (صحيح سنن أبي داود 473/2)
عند الخروج من المنزل:
"اللهُمَ إني أعُوذُ بِكَ أن أَضلَّ أوْ أُضَلَّ أَوْ أزلَّ، أو أُزلَّ، أوْ أظلِم أوْ أُظْلَم، أوْ أَجْهَلَ أوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ".
صحيح (صحيح سنن أبي داود 959/3)
من قال حين يخرج من بيته:
"بسم الله، توكَّلْتُ على الله، لا حَوْلَ ولا قُوةَ إلا بالله، يُقالُ لهُ: كُفيتَ ووُقيتَ، وتَنَحَّى عَنهُ الشيطانُ".
صحيح (صحيح الترمذي 151/3)
أذكار السفر والركوبدعاء الركوبقال علي بن ربيعة: "شَهدْتُ علي بن أبى طالب رضي الله عنه أُتيَ بدابة يركبها.
فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله.
فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله.
ثم قال: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنَّا له مقرنين(1) وإنا إلى ربنا لمنقلبون(2)}.
(الزخرف: 13-14 )
ثم قال: الحمد لله، ثلاث مرات.
ثم قال: الله اكبر، ثلاث مرات.
ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
قال علي رضي الله عنه: "رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فعل كما فقلت".
صحيح (صحيح الترمذي 156/3)
الدعاء إذا تعسرت الدابة: "بسم الله".
صحيح (صحيح سنن أبي داود 941/3)
دعاء السفر
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كُنَّا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إنا نسألُكَ في سفرنا هذا البرَّ(3) والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعْثاءِ(4) السفر، وكآبة(5) المنظر وسوء المنقلب(6) في المال والأهل" وإذا رجع قالهن وزاد فيهن "آيبون(7)، تائبون، عابدون، لربنا حامدون".
(رواه مسلم 978/2)
دعاء المسافر للمقيم: "أستودعُكَ الله الذي لا تضيع ودائعه".
صحيح (صحيح ابن ماجة 133/2)
دعاء المقيم للمسافر: "أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك" وفي رواية "وخواتيم عملك".
صحيح (صحيح الترمذي 155/3)
"زوَّدك الله التقوى، وغفر ذْنبك ويسَّر لك الخير حيث ما كنت".
صحيح (صحيح الترمذي 156/3)
الدعاء إذا نزل منزلا في سفر أو غيره: "من نزل منزلاً ثم قال: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك.
(رواه مسلم 2080/4)
التكبير على المرتفعات والتسبيح عند الهبوط والنزول: عن جابر قال: "كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا".
(البخاري الفتح 135/6)
دعاء المسافر إذا أسحر: "سَمعَ سَامعً(8) بحمد الله وحُسنِ بلائه علينا، ربنا صاحبنا وأفضِل علينا(9) عائذا بالله من النار".
(مسلم 2086/4)
أذكار النوم والرؤيا
"اللهم باسمِكَ أحيا وباسمك أموت
".
متفق عليه
"ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تكبيرة".
متفق عليهكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول: "اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك" ثلاث مرات.
صحيح (صحيح الترمذي 143/3)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما "قل هو الله أحد" و"قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده؛ يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
متفق عليه
"اللهم خَلَقْتَ نفسي وأنت توفَّاها لك مماتها ومَحْياها، إن أحييتها فاحفظها وإن أمتها فاغفر لها، اللهم إني أسألك العافية".
(رواه مسلم 2083/4)
"إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخل إزاره(1)، فإنه لا يدري ماذا خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين".
متفق عليه
"إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقل: "اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبةً ورغبةً إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت" فإن متَّ، متَّ على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول".
متفق عليه
"اللهم ربَّ السموات ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومُنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذٌ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدَّيْنَ واغننا من الفقر".
(رواه مسلم 2084/4)
"الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي".
(رواه مسلم 2085/4)
كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ (ألم) تنزيل السجدة، و"تبارك الذي بيده الملك".
رواه الترمذي والنسائي (صحيح الجامع 255/4)
إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي "الله لا إله إلا هو الحي القيوم... الآية" حتى تختمها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ...".
البخاري (الفتح 478/4)
"اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض، رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءًا أو آخُرَّه إلى مسلم".
صحيح (صحيح سنن الترمذي 142/3)
الدعاء إذا تقلب ليلاً: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تضوَّر(2) من الليل قال: لا إله إلا الله الواحد القهار، ربُّ السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار".
رواه النسائي وصححه الألباني (صحيح الجامع 213/4)
دعاء القلق والفزع في النوم ومن بلي بالوحشة وغير ذلك: "أعوذ بكلمات الله التَّامَّة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأنْ يحضرون".
حسن (صحيح الترمذي 171/3)
ماذا يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم: "الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشياطين فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، ... الحديث". أما إذا رأى ما يكره في منامه فليفعل ما يأتي:
"ينفث عن يساره ثلاثاً".
"يستعيذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات".
"لا يحدث بها أحداً".
"يتحول عن جنبه الذي كان عليه".
(رواه مسلم 1772/4).
ادعية الركوع
" سبحان ربي العظيم " ثلاث مرات . صحيح ( صحيح ابن ماجة 147/1) وكان أحياناً يكررها أكثر من ذلك . " سبحان ربي العظيم وبحمده ( ثلاثاً )"
رواه أحمد والدارقطني أنظر ( صفة صلاة النبي )
"سبوح قدوس رب الملائكة والروح" (رواه مسلم 353/1) ، ( سبوح قدوس : أي المسبح والمقدس ومعنى سبوح المبرأ من النقائص والشريك وكل ما لا يليق بالألوهية . وقدوس : المبارك المطهر من كل ما يليق بالخلق
" سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي " ( متفق عليه ) وكان يكثر منها في ركوعه وسجوده. اللهم لك ركعت وبك آمنت ، لك أسلمت ، وعليك توكلت ، أنت ربي خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب العالمين .
صحيح ( صحيح سنن النسائي 226/1)
" اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، [ أنت ربي ] خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي ( وفي رواية وعظامي ) وعصبي [ وما استلقت به قدمي الله رب العالمين ] .
( صفة صلاة النبي ) مسلم 535/1 ورواه مسلم وأبو عوانة والطحاوي والدارقطني ( ما أستقلت به قدمي : أي حملته )
" سبحان ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ".
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 166/1)
عند الرفع من الركوع:
" سمع الله لمن حمده " . البخاري باب فضل اللهم ربنا لك الحمد " ربنا ولك الحمد " ، وتارة يقول :" ربنا لك الحمد " وتارة يضيف إلى هذين اللفظين قوله " اللهم " ...
مسلم ( 346/1 )
وتارة يزيد على ذلك : "....ملء السموات وملء الأرض وما بينهما ، وملء ما شئت من شئ بعد أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " ...
( رواه مسلم 347/1 وأبو عوانة)
وتارة تكون الزيادة : "......ملء السماء والأرض . وملء ما شئت من شئ بعد . اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد . اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس " .
( رواه مسلم 346/1 )
"ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه [ مباركاً عليه ، كما يحب ربنا ويرضى ]".
( رواه البخاري 317/1 ) ومالك وأبو داودوتارة يقول في صلاة الليل :" لربي الحمد ، لربي الحمد ". يكرر ذلك .
رواه النسائي بسند صحيح ( الأوراد 335 )
أدعية السجود:
" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء ".
رواه مسلم 350/1)
" سبحان ربي الأعلى " ، ثلاث مرات .
صحيح ( صحيح ابن ماجة 147/1)
وكان أحياناً يكررها أكثر من ذلك ... " سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثاً ".
رواه أحمد والدارقطني ( صححه الألباني في صفة صلاة النبي )
"سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي "
متفق عليه
" سبوح قدوس رب الملائكة والروح " ...
( رواه مسلم 535/1 )
" اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين " .
( رواه مسلم 535/1 )
" سجد لك سوادي وخيالي ، وآمن بك فؤداي ، أبوء بنعمتك علي ، هذي يدي وما جنت علي نفسي ".
رواه أحمد والدارقطني ( صححه الألباني في صفة صلاة النبي )
" اللهم اغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله ، وأوله وآخره ، وعلانيته وسره "
( رواه مسلم 530/1 ).
وكان يقول في صلاة الليل :" اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " .
( رواه مسلم 352/1 )
" سبحان ذي الجبروت والملكوت ، والكبرياء والعظمة ".
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 166/1 )
" سبحانك [ اللهم ] وبحمدك ، لا إله إلا أنت .
( رواه مسلم 352/1 )وأبو عوانه والنسائي
" اللهم ( وفي لفظ : ربي ) اغفر لي ما أسررت وما أعلنت "
صحيح ( صحيح سنن النسائي 241/1 ).
ثم يتخير من الدعاء ما شاء .
دعاء سجود التلاوة:
" ومما ورد من دعاء في سجود التلاوة : " سجد وجهي للذي خلقه ، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته [ فتبارك الله أحسن الخالقين ]"
صحيح ( صحيح الترمذي 180/1 ) والحاكم وصححه ووافقه الذهبي
" اللهم أكتب لي بها عندك أجراً ، وضع عني بها وزراً ، واجعلها لي عندك ذخراً ، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود ".
حسن ( صحيح الترمذي 180/1)
عند الجلوس بين السجدتين:
" رب اغفر لي ، رب اغفر لي "
صحيح ( صحيح ابن ماجة 148/1 )
" اللهم ( وفي لفظ : ربي ) اغفر لي ، وارحمني ، [واجبرني ] ، [ وارفعني ] ، واهدني ، [ وعافني ] ، وارزقني ".
صحيح ( صحيح سنن ابن ماجة 90/1 ) والترمذي والحاكمالتشهد:
التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباده الصالحين ، [ فإذا قالها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض] ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ". متفق عليه ( التحيات : جمع تحيه وهي الملك والبقاء وقبل العظمة ) ، ( الصلوات : هي الصلوات المعروفة وقيل الدعوات والتضرع ) ، ( والطيبات : أي الكلمات الطيبات ) ...( معنى الحديث أن التحيات والصلوات والكلمات الطيبات مستحقة لله تعالى ولا تصلح لغيره )
الصلاة على النبي بعد التشهد:
" اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على [ إبراهيم ، وعلى ] آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على [إبراهيم ، وعلى ] آل إبراهيم إنك حميد مجيد "
(رواه البخاري 138/8).
" اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" ..
(رواه البخاري 139/8)
بعد التشهد الأخير وقبل السلام:
" اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات ، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم "متفق عليه ( المأثم : هو الأمر الذي يأثم به الإنسان ، أو هو الإثم نفسه ) ، ( المغرم: ويزيد به الدين ) .
" اللهم حاسبني حساباً يسيراً "
أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ( صفة صلاة النبي للألباني)
" اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل [ بعد ] "
صحيح ( صحيح سنن النسائي 1122/3 ) ( صفة صلاة النبي للألباني)
(ما عملت : أي من شر ما فعلت من السيئات ) ، ( ومن شر ما لم أعمل : من الحسنات ، يعني : من شر تركي العمل بها )
" اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم "متفق عليه " اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعملت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ".
(رواه مسلم 536/1 )
" اللهم إني أعوذ بك من ابخل وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر ".
(رواه ابخاري 143/8 )
" اللهم إني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم ".
(رواه النسائي وصححه الألباني صفة صلاة النبي )
سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل دعا بها فقال عليه السلام :" قد غُفِرَ له ، قد غُفِرَ له " ... " اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك الله . لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ".
صحيح ( صحيح سنن الترمذي 163/3)
" اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، المنان ، يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار ".
الجزء الثاني---------( صحيح سنن ابن ماجة 329/2 )
" اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار " ...
( صحيح سنن ابن ماجة 150/2 )
" اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي ، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب وأسألك القصد في الفقر والغنى ، وأسألك نعيماً لا ينفد ، وأسألك قرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ، والشوق إلى لقائك ، من غير ضرَّاء مضرة ، ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين " .
رواه الحاكم وصححه الألباني ( صحيح الجامع 411/1)
أذكار بعد الصلاة:
"أستغفر الله " ثلاثاً ...." اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
(رواه مسلم 414/1)
"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ".متفق عليه " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ".
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 284/1 )
" اللهم إني أعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، وأعوذ بك من عذاب القبر " (رواه البخاري 80/4) ، ( فتنة الدنيا : هو أن يبيع الآخرة بما في الدنيا من حال ومال )
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " .
(رواه مسلم 415/1)
من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين وحمد الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين ، فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير "غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر .(رواه مسلم 418/1) ، ( من سبح : أي قال سبحان الله ، ( وحمد : أي قال الحمد لله) ، ( وكبر : أي قال الله أكبر )
" اللهم اغفر لي ما قدمت ، وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت وما أنت أعلم مني أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت ".
صحيح ( صحيح سنن أبي داود145/1 )
عن عقبة بن عامر قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة .
صحيح ( صحيح سنن أبي داود284/1)
من قرأ ( آية الكرسي ) دُبُرَ كل صلاة مكتوبة ، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ...
رواه النسائي وصححه الألباني ( صحيح الجامع 339/5 )
كان صلى الله عليه وسلم يقول إذا صلى الصبح حين يسلم:
" اللهم إني أسألك علماً نافعاً ، ورزقاً طيباً ، وعملاً متقبلاً " .
صحيح ( صحيح ابن ماجة 152/1)
كان صلى الله عليه وسلم يقول بعد صلاة المغرب والصبح:
"لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير " عشر مراتصحيح الترمذي 190/1-191)
الذكر بعد السلام من الوتر:
" سبحان الملك القدوس ، ثلاث مرات متتالية ، يجهر بها ويمد بها صوته "، [ ويقول في الثالثة رب الملائكة والروح ].
رواه النسائي والدارقطني وما بين المعكوفتين للدارقطني أنظر قيام رمضان للألبانيأذكار الأمور العارضة والحياة اليوميةإذا أحببت أحدا في الله فقل له:
"إنِّي أُحِبُّك في الله".
حسن (صحيح سنن أبي داود 965/3)
إذا أخبرك أحد أنه يحبك في الله فقل له:
"أَحَبَّكَ الله الذِي أَحْبَبْتَني لَهُ".
حسن (صحيح سنن أبي داود 965/3)
إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة فليقل:
"أحْسِبُ فُلاناً، والله حَسِيبُهُ، ولا أُزكِّي على الله أحداً، أحْسِبُه إن كان يعلم ذَاكّ، كّذَا وكَذّا".
(رواه مسلم 2296/4)
الدعاء لمن صنع لك معروفاً:
"مَنْ صُنِعَ إليهِ مَعْرُوفٌ فقال لِفَاعِلِه: جَزَاكَ الله خيراً فَقَدْ أَبْلَغَ في الثَّناءِ".
صحيح (صحيح الترمذي 200/2)
الدعاء لمن سببته:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة".
(رواه مسلم 2007/4)
الدعاء لمن عرض عليك ماله:
"بارك الله لك في أهلك ومالك".
البخاري الفتح (88/4)
الدعاء الذي يرفع به الدين ويرجى قضاؤه:
" اللهم اكفني بحلالك عن حرامك ، وأغنني بفضلك عن سواك "
حسن (صحيح الترمذي 180/3)
"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال".
رواه البخاري (158/7)
الدعاء عند إرجاع الدين ( القرض ):
" بارك الله لك في أهلك ومالك إنما جزاء السلف الوفاء والحمد ".
حسن ( صحيح ابن ماجة 55/2 )
عند دخول السوق
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يُحيي ويُميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شئ قدير ".
حسن ( صحيح الترمذي 152/3)
دعاء من أصابته مصيبة:
ما من مسلم تصيبه مصيبة فبقول كما أمره الله " إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها " إلا أخلف الله له خيراً منها .
(رواه مسلم632/2)
دعاء الهم والحزن:
ما أصاب عبداُ هم ولا حزن فقال :" اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً.
رواه أحمد وصححه الألباني(الكلم الطيب ص74 )
" اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء.
دعاء الغضب:
" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "
رواة مسلم (2015/4)
دعاء الكرب:
"لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم ". ( متفق عليه ) قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب :" اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ". " الله ، الله ربي لا أشرك به شيئاً "
صحيح ( صحيح سنن ابن ماجة(959/3)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين - لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له ".
صحيح (صحيح الترمذي 168/3)
دعاء الفزع:
" لا إله إلا الله "
( متفق عليه )
ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً:
ما من عبد يذنب ذنباً فيتؤضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له ...
صحيح ( صحيح الجامع 173/5)
من استصعب عليه أمر:
" اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً ".
رواة ابن السني وصححه الحافظ ( الأذكار للنووي ص 106)
ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه:
كان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره قال :" الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات " وإذا أتاه أمر يكرهه قال :" الحمد لله على كل حالِ " .
صحيح ( صحيح الجامع 201/4).
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى ".
حسن ( صحيح ابن ماجة 233/1)
ما يقول عند التعجب والأمر السار:
" سبحان الله "
( متفق عليه )
" الله أكبر "
( البخاري الفتح441/8)
في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين:
إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق.
صحيح ( صحيح الجامع 212/1)
إذا خاف قوماً أو سلطاناً:
"اللهم إنَّا نجعلُك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم".
صحيح (صحيح سنن أبي داود 286/1)
الدعاء عند لقاء العدو:
"اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أُقاتل".
صحيح (صحيح الترمذي183/3))
"اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم".
(رواه مسلم 1363/3)
الدعاء عند صياح الديك ونهيق ال( * )( * )( * )( * ) ونباح الكلاب:
إذا سمعتم صياح الديك [ من الليل ] ، فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً وإذا سمعتم نهيق ال( * )( * )( * )( * ) ، فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً ". ( متفق عليه )
"إذا سمعتم نُباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله فإنهن يرين ما لا ترون".
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 961/3)
دعاء صلاة الاستخارة:
قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل :" اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة وآجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم ارضني به ".
( رواه البخاري146/8)
كفارة المجلس:
" من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال فيل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ". إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك .
صحيح ( صحيح الترمذي 153/3)
دعاء القنوت:
" اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت "
صحيح ( صحيح ابن ماجة 194/1)
" اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك "
صحيح ( صحيح ابن ماجة 194/1)
" اللهم إياك نعبد ، ولك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك ". وهذا موقف على عمر رضي الله عنه.
إسناد صحيح ( الأوراد171/2-428)
دعاء ليلة القدر:
" اللهم إنك عفو تُحب العفو فاعف عني ".
صحيح ( صحيح ابن ماجة 328/2)
ما يقال عند الذبح أو النحر:
يقول الرجل عند الذبح :" بسم الله والله أكبر [ اللهم منك ولك ] اللهم تقبل مني ".
رواه مسلم ( 1557/3) والزيادة للبيهقيدعاء الأضحية:
" بسم الله ، اللهم تقبل من محمد ، وآل حمد ، ومن أمة محمد ".
حسن ( صحيح سنن أبي داود537/2)
دعاء العطاس وما يقال للكافر إذا عطس:
إذا عطس أحدكم فليقل :" الحمد لله ".
( رواة البخاري الفتح 608/10) .
أو "الحمد لله على كل حال ".
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 949/3)
وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له: يرحمك الله ، فليقل : يهديكم الله ويُصلح بالكم ".
( رواه البخاري 608/10)
قال صلى الله عليه وسلم :" إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه ، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه ".
( رواه مسلم 2292/4))
وإذا عطس الكافر يقال له :" يهديكم الله ويُُصلح بالكم " .
صحيح ( صحيح سنن أبي داود949/3)
ما يقال للمتزوج بعد عقد النكاح:
" بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير " .
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 400/2) ،
" اللهم بارك فيهما وبارك لهما في بنائهما "
رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني ( آداب الزفاف ص77) .
" على الخير والبركة وعلى خير طائر ".
( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه)
(رواه البخاري 36/7)
ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت عليه زوجته ليله الزفاف:
يأخذ بناصيتها ويقول : " اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه ".
حسن ( صحيح ابن ماجة(324/1الدعاء قبل الجماع:
" لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً ".
( متفق عليه (
الدعاء للمولود عند تحنيكه:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم.
(التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 961/3)
ما يعوذ به الأولاد:
" أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، وكل عينِ لامة ".
) رواه البخاري الفتح 408/6)
من أحس وجعاً في جسده:
" ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر "
( رواه مسلم1728/4)
ما يقال عند زيارة المريض وما يقرأ عليه لرقيته:
"لا بأس طهور إن شاء الله " .
( رواه البخاري 118/4) .
" اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة ِ"
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 600/2)
ما من عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات: " أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي "
صحيح ( صحيح الترمذي 210/2) .
"بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك ".
صحيح ( صحيح الترمذي 287/1)
"أذهب البأس ، رب الناس ، اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاء لا يُغادر سقماُ ".
( رواه البخاري الفتح 131/10 (
تذكرة في فضل عيادة المريض:
قال صلى الله عليه وسلم :" إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة ".
صحيح ( صحيح الترمذي 285/1)
قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال :" جناها ". وقال صلى الله عليه وسلم :" ما من مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة ".
صحيح ( صحيح الترمذي 286/1).
ما يقول من يئس من حياته:
" اللهم اغفر لي وارحمني والحقني بالرفيق "
(متفق عليه)
" اللهم الرفيق الأعلى ".
رواه مسلم (1894/4)
كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان:
" لا يدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ما كنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي"
( متفق عليه )
من رأى مبتلى:
" من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء ".
صحيح ( صحيح الترمذي 153/3 )
تلقين المحتضر:
قال صلى الله عليه وسلم :" لقنوا موتاكم قول : لا إله إلا الله ".
( رواه مسلم 631/2) .
" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنةصحيح ( صحيح سنن أبي داود 602/2)
الدعاء عند إغماض الميت:
" اللهم اغفر ( لفلان) وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه ".
( رواه مسلم634/2)
ما يقول من مات له ميت:
ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها
(رواه مسلم 632/2)
الدعاء للميت في الصلاة عليه:
" اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ ... واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) "
( رواه مسلم 663/2)
"اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده "
صحيح ( صحيح ابن ماجة 251/1)
" اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم "
صحيح ( صحيح ابن ماجة 251/1)
" اللهم عبدك وابن عبدك وابن أَمَتِك احتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسيئاً فتجاوز عنه"
رواه الحاكم ووافقه الذهبي ( انظر أحكام الجنائز للألباني ص159)
وإن كان الميت صبياً:
اللهم أعذه من عذاب القبر "
حسن ( أحكام الجنائز للألباني ص161)
" اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً "
موقوف على الحسن - البخاري تعليقاًعند إدخال الميت القبر:
" بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله )
صحيح ( صحيح الترمذي 306/1)
ما يقال بعد الدفن:
" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل ".
صحيح ( صحيح سنن أبي داود 620/2)
دعاء زيارة القبور:
" السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون ".
( رواه مسلم 671/2)
دعاء التعزية:
" إن لله ما أخذ وله ما أعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب ".
(متفق عليه) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال ، لتأمره بما شئت فيهم ، فناداني ملك الجبال ، فسلم علي ، ثم قال : يا محمد ، فقال : ذلك فيما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئاً ) رواه البخاري .
عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة . فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان ) رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لهما ( وجدت امرأة مقتولة في بعض تلك المغازي . فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فأسلم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري .
تمت بيعة العقبة الثانية في السنة الثالثة عشرة للبعثة : وكان من بنودها أن يهاجر المسلمون من مكة إلى إخوانهم في يثرب ، فموطن الإتسان الحقيقي وداره التي يجب أن يسعى إليها ، ويعيش فيها ، ذلك المكان الذي يتعبّد فيه بحريّة ، ويقيم فيه شعائره دون أن يكون عليه رقيب ، ويحسُّ فيه بشخصيته ، ويصنع فيه مع إخوانه في العقيدة مجتمعاً مسلماً . . إنها المدينة المنوَّرة إذاً . .
وأمر الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسلمين أن يهاجروا إليها ، والهجرة ليست أمراً سهلاً ، فهي إهدار للتجارة وتضحية بالمصالح المادية ، يترك الإنسان متجره ، وأرضه الزراعية ، ومصنعه ، وبيته الذي تعب في إنشائه ، وقد يدع أهله وأولاده ومَنْ يحب لينجو بنفسه ودينه . . ولا مفرَّ من التضحية وإن كانت فادحة الثمن ليكسب ما هو أثمن وأغلى وأدوَمُ . . .
وبدأ المسلمون يهاجرون . . كلٌّ بطريقته ، وبدأ المشركون يتعقَّبونهم ويمنعونهم لشعورهم أنَّ مَنْ يترك كلَّ شيء لا بدَّ أن يكون في نفسه قوياً ، وسيعود ليهددهم في عقر دارهم ، ويستعيد حقّه ، ويقضي عليهم . وكان هناك نماذج من المنع .
1 ـ لما أراد صهيب رضي الله عنه الهجرة جعل ماله في مكان آمن ثم انطلق نحو المدينة ، فأحسَّ به المشركون ، فقد كان حانوته ـ مصنع الحدِادَةِ للسيوف وأسّنةِ الرماح ـ مغلقاً . . وطاردوه بخيولهم حتى صاروا على مقربةٍ منه ، فشعر بهم وأسرعَ إلى تلٍّ قريب يشرف عليهم وانتضى أحد سهامه ووضعه في قوسه وسدَّد نحوهم ، فلما عرفوا فيه صدق ما انتواه قالوا : ما أنتَ فاعل يا صهيب ؟
قال : ولأيِّ شيء تبعتموني يا أعداء الله ؟!
قالوا وقد كشروا عن نواياهم الخبيثة : أتيتنا صعلوكاً حقيراً فكثر مالك عندنا ، وبلغتَ الذي بلغتَ ، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك ؟
قال لهم : تعلمون أنني والله أشدكم إصابة للهدف ، وأن سهمي لا يخيب ولن تصلوا إليَّ حتى تفرغ سهامي وأقتل بكل سهم رجلاً .
قالوا : هات مالك نَعُدْ أدراجنا .
قال : لا أحمل منه شيئاً وقد تركته في مخبأ في مكة .
قالوا : دلّنا عليه إذاً . .
قال : هو في مكان كذا وكذا وأنتم تعلمون صدقي .
فانطلقوا إلى ذلك المكان الذي حدَّدَه ثم توقف أحدهم ، فقال ألا يكون كاذباً في قوله لنا آنفاً ؟
قالوا له : نحن نعرف أصحاب محمد لا يكذبون . . فقد رأوا المال في المكان لذي حدّدَه .
وحين وصل إلى المدينة المنوّرة استقبله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ باشّاً ، فرحاً بقدومه قائلاً له : (( ربح البيع أبا يحيى ، ربح البيع أبا يحيى )) .
2 ـ كان أبو سلمة رضي الله عنه أوّل المهاجرين ـ قبل العقبة الكبرى بسنة ـ وخرج بزوجته أم سلمة وابنه سلمة ، فلما أجمع الخروج قال له أصهاره : لا نستطيع أن نغلبك على نفسك ، أما زوجتك فهي ابنتنا ، فعلام نتركك تسير بها في البلاد ، لا والله لا تأخذها ، فانتزعوها منه ومعها ابنها .
غضب آل أبي سلمة حين رأوا أهل زوجته قد منعوها أن تسافر معه فقالوا : هذه ابنتكم حبستموها ، فعلام نترك سلمة معها ؟ والله لا نترك ابننا معها ، وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده ، وذهبوا به .
وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة ، وكانت أم سلمة بعد ذهاب زوجها ، وضياع ابنها ، تخرج كل صباح إلى خارج المنازل تبكي على تشتت أسرتها حتى تمسي . . ومضى على ذلك سنةٌ ، فرَقَّ لها أحد ذويها ، وقال : ألا تخرجون هذه المسكينة ؟!! فرَّقتم بينها وبين زوجها وابنها ، فرَقّوا لها وقالوا لها : الحقي بزوجك إن شئت ، فاسترجعت ابنها من عصبته ، وخرجت تريد المدينة وليس معها أحدٌ مِنْ خلق الله . . والمدينة تبعد عن مكة ثلاث مئة ميل ، ولكنْ ما تقول في قسوة القلوب ، وجفاء الطبع ؟!! حتى إذا كانت بالتنعيم ـ خارج مكة صوب المدينة ـ لقيها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة قال لها : هل أفرج عنك يا أمَّ سلمة ؟ وكان يعرف حالها ، قالت : نعم . . قال : أزمعت اللحاق بزوجك ؟ قالت : نعم فلم تطب نفسه أن يتركها تسير وحدها لا معين لها ، فشيعها إلى المدينة ـ وهو صاحب نخوة ومروءة ـ فلما نظر إلى قباء قال : زوجك في هذه القرية ثم انصرف راجعاً إلى مكة .
3 ـ تواعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعياش بن أبي ربيعة المخزومي وهشام بن العاص بن وائل موضعاً يصبحون عنده ، ثم يهاجرون إلى المدينة المنوّرة ، إلا أن هشام بن العاص حبسه أهله حين علموا بعزمه مغادرة مكة فهاجر عمر وعياش وحدهما ، ولما قدما المدينة نزلا بقُباء . . ولم تمض مدة حتى قدم إلى قباء أبو جهل وأخوه الحارث يريدان عيّاشاً ـ وأم الثلاثة واحدةٌ ـ فقالا له : إن أمك نذرت أن لا يمس رأسها مشط ، ولا تستظل بشمس حتى تراك ، وكان باراً بأمه ، محباً لها ، فرقَّ قلبه ، وأزمع السفر إلى مكة ، فقال له عمر : يا عياش ؛ والله ، إن القوم يريدون أن يفتنوك عن دينك ، ويحبسوك ، ويعذبوك ، فاحذرهم ، فوالله لو كثر القمل في رأس أمك لامتشَطَتْ ، ولو قد اشتد عليها حرُّ مكة لاستظلت ، وما هذان إلا كاذبان مدّعيان . فأبى عياش إلا الخروج معهما ليَبَرَّ قَسَمَ أمه
فقال له عمر : إذا أبيت نصيحتي وقررت الخروج معهما ، فخذ ناقتي هذه ، فإنها ناقةٌ أصيلة ذلول ، فالزم ظهرها ، وراقبهما ، فإن رأيت في القوم ريبة فانج عليها .
فخرج عليها معهما ، حتى إذا كانوا في بعض الطريق ، يلينان له القولَ ويبتسمان في وجهه ، قال أبو جهل : والله يا أخي ؛ إنَّ بعيري هذا غليظ هجين ، أفلا تردفني على ناقتك هذه ؟ قال عياش : بلى ، فأناخ ناقته ، وأناخا ليتحول أبو جهل عليها ، فلما استووا بالأرض عَدَوَا عليه ، وأوثقاه ، وربطاه ، وظل هكذا على حالته هذه حتى وصلوا إلى مكة فدخلوها نهاراً ليراه الجميع مكبلاً ، فلا يجرؤ أحد على الهجرة ، ومخالفة المشركين ، وقالا : يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا !!
وبقي عياش في قيد الكفار حتى إذا هاجر رسول الله ـ صلى الله علي وسلم ـ قال يوماً : (( مَن لي بعيّاش وهشام ؟! فقد طال أسرهما وأرجو الله أن يفرّجَ عنهما . . فهما محبوسان في بيت لا سقف له إمعاناً في التعذيب ، تلفحهما الشمس في النهار ، ويؤذيهما البرد في الليل ، وتحمل إليهما طعامهما امرأة )) .
قال الوليد بن الوليد : أنا لك يا رسول الله بهما .
قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( سِرْ على بركة الله )) .
فقدم الوليد مكة مستخفياً ، ولقي المرأة تحمل طعامهما ، فتبعها حتى عرف موضعهما ، فلما أمسى تسوَّر الجدار ، وقطع قيدهما ، وحملهما على بعيره حتى قدم المدينة .
ولا تسل عن فرحة رسول الله ـ صلى الله عليبه وسلم ـ والمسلمين بهم حميعاً .
روى أنس بن مالك قال :
1 ـ إنْ كان النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليخالطنا ـ أي : يلاطفنا ويمازحنا ـ حتى يقول لأخٍ لي (( يا أبا عُمير ، ما فَعَلَ النُّغَير ؟ )) .
وكان للصغير طيرٌ يلعب به ، فمات ، فحزن عليه .
2 ـ وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمازح نساءه ، فهذه عائشة رضي الله عنها كان رأسها يؤلمها ، فقالت : وارأساه ، فأراد الرسول اللطيف أن يمازحها فقال : (( يا عائشة لو أنّك متِّ لساعتك ، وأنا حيَّ لاستغفرتُ لك ، وكفـّنتـُكِ وصليتُ عليك ، وهذا خير من أنْ تموتي بعدي ، ولن تجدي مثلي مَنْ يفعل ذلك )) .
فنادت : واثكلياه . . أتريد أن أموت يا رسول الله لتتخلّص مني ؟! أنتم هكذا يا معشر الرجال ، تريدون أن تموت نساؤكم لِتَرَوْا غيرهُنَّ ، ولو أني متُّ لما اهتممتَ بي ، ، ولأتيتَ إلى بعض نسائك في بيوتهن تلاعبهن وتداعبهن وأنا ما أزال مسجّاةً على فراش الموت .
3 ـ وجاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسأله أن يهبه دابّة يبلغ بها أهله فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(( إني حاملك على ولد الناقة )) .
قال : يا رسول الله ، ما أصنع بولد الناقة ؟
وظنَّ أنه يعطيه ولد الناقة الصغير ، ونسي أن الناقة تلد الحُوارَ فيكبر حتى يصير جملاً .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( وهل يلدُ الإبلَ إلا النوقُ ؟! )) .
4 ـ وجاءت امرأة فسألته السؤال نفسه قائلة :
(( يا رسول الله احملني على بعير )) .
قال لمن عنده : (( احملها على ابن بعير )) .
قالت : ما أصنع به ؟ وما يحملني يا رسول الله !
قال عليه الصلاة والسلام : (( وهل يجيء بعيرٌ إلا ابنَ بعير )) .
5 ـ وجاءت امرأة إلى الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت : إن زوجي يدعوك . .
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( مَنْ هو ؟ أهو الذي بعينيه بياض ؟ )) .
فقالت : ما بعينيه بياض ! تقصد أنّه يرى جيداً وعيناه سليمتان .
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( بل بعينه بياض )) . .
قالت : لا والله . .
وضحك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال :
(( ما من أحد إلا بعينيه بياض . وهو الذي يحيط بالحدقة )) .
6 ـ حتى إن أصحابه رضوان الله عليهم يمازحونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى خيمة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة تبوك ، وكانت من جلدٍ صغيرةً لا تتسع إلا للقليل ، فسلّم عليه فردّ السلام على عوف وقال : (( ادخل يا عوف )) . .
فقال عوف : أكـُلـّي أدخل يا رسول الله ؟ موحياً بصغر الخيمة ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبتسماً : (( كـُلـّك )) فدخل .
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
فتح مكة
بعد أن تم عقد صلح الحديبية بين المسلمين والمشركين من قريش، دخلت قبيلة خزاعة في حلف المسلمين، ودخل بنو بكر في حلف قريش، وحدث أن اعتدى بنو بكر على خزاعة، وإذا بقريش تساعدهم، وترسل لهم السلاح، وبذلك خانت قريش عهدها مع رسول الله (.
وأقبل عمرو بن سالم الخزاعي يشكو لرسول الله ( الغدر والخيانة، فوعده الرسول ( بالانتصار لهم. وفي مكة ندم الكفار على خيانتهم للعهد، وشعروا بفداحة جُرمهم، وأدركوا أنهم أصبحوا مهددين، فذهب أبو سفيان إلى المدينة ليقابل رسول الله ( ويعتذر ويؤكد المعاهدة بين قريش والمسلمين.
أخذ أبو سفيان يبحث عمن يتوسل به إلى رسول الله (، فذهب إلى ابنته أم حبيبة، زوجة رسول الله (، لتشفع له عند رسول الله (، فلما همَّ بالجلوس، رفعت السيدة أم حبيبة الفراش من أمامه حتى لا يجلس عليه، وقالت له: أنت رجل مشرك نجس، ولا أحب أن تجلس على فراش رسول الله (. [ابن إسحاق]
ثم خرج أبو سفيان فكلَّم رسول الله ( فلم يرد عليه، وذهب إلى أبي بكر ليكلم له رسول الله ( فرفض أبو بكر، فذهب أبو سفيان إلى عمر بن الخطاب فرد عليه عمر ردًّا غليظًا، فلجأ إلى عليّ بن أبي طالب، فنصحه عليٌّ بأن يعود إلى مكة من حيث جاء، فرجع أبو سفيان إلى مكة خائبًا، وظل المشركون ينتظرون قدوم المسلمين إليهم في رعب وخوف وقلق.
وبدأ النبي ( يستعد للسير إلى مكة، ولم يُعلم الناس بمقصده، وقال: "اللهمَّ خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلدها" [ابن إسحاق].
وكان حاطب بن أبي بلتعة قد كتب إلى قريش يخبرهم بقدوم النبي (، وأعطى الكتاب لامرأة لكي تبلغه إلى قريش، فجاء النبي ( خبر من السماء يعلمه بما فعل حاطب.
فأرسل الرسول ( علي بن أبي طالب والزبير بن العوام في طلب المرأة، فلحقا بها، وقالا لها: أخرجي الكتاب. فقالت ما معي كتاب. فقالا لها: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. فأخرجته من شعرها، فأتيا به رسول الله (، فقال: "يا حاطب، ما حملك على هذا؟" فقال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرتُ ولا بدلتُ، ولكني كنتُ امرءًا ليس لي في القوم من أهل ولا عشيرة، وكان ليبين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليهم (ليكون لي جميل عندهم).
وأراد عمر بن الخطاب أن يقتل حاطبًا، فقال له رسول الله (: "وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر، فقال اعلموا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم" [متفق عليه].
وزلت الآيات الأولى من سورة الممتحنة في ذلك، فقال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل) [الممتحنة].
وفي العاشر من رمضان في السنة الثامنة للهجرة، خرج الرسول ( ومعه المسلمون يملئون الصحراء، في عشرة آلاف مقاتل متجهين إلى مكة.
ومن مكة، خرج أبو سفيان ومعه بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام؛ ليتجسسوا على المسلمين، ولم يكونوا على علم بقدوم الرسول ( إليهم. وفي جوف الليل، رأوا النيران المشتعلة تملأ الصحراء.. يا للعجب! ما كل هذه النيران؟ فقال أحدهم: هذه خزاعة. فقال أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها.
وسمع العباس عم النبي ( -وكان قد أسلم- صوت أبي سفيان في جوف الليل، فناداه وأخبره أنها نيران المسلمين، ووقف أبو سفيان مندهشًا ينظر إلى جنود المسلمين ويسأل نفسه: ما كل هذه الجنود؟ وكيف تجمعوا حول محمد؟ كيف صار بهذه القوة بعد أن خرج من مكة ضعيفًا لا حول له ولا قوة؟!
وفي انبهار أخذ العباس وأبو سفيان يشاهدان قوة جيش المسلمين، فقال
أبو سفيان للعباس: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة.
وتوجه أبو سفيان مع العباس إلى رسول الله (، فلما رآه الرسول ( قال: "ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟". قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننتُ أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئًا بعد.
فقال رسول الله (: "ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟" قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئًا.
فقال العباس: ويحك، أسلم وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله قبل أن تضرب عنقك. فشهد أبو سفيان شهادة الحق وأسلم. [ابن إسحاق].
وعندما دخل الرسول ( والمسلمون مكة أراد أن يكرم أبا سفيان، فقد كان رجلاً يحب الفخر، فقال الرسول (: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن".
وعفا الرسول ( عن أهل مكة الذي آذوه وطردوه هو أصحابه، وبإسلامه سوف يسلم كثير من أهل مكة دون قتال وإراقة دماء، فانطلق أبو سفيان إلى قومه ونادى فيهم بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.
وأسرع الناس إلى بيوتهم يختبئون، وامتلأت شوارع مكة بالمسلمين دون قتال سوى اشتباك قليل بين خالد بن الوليد وبعض الكفار في جنوب مكة.
وفي لحظة واحدة تغيَّر الحال، فدخل الرسول ( الكعبة، وظهرها من الأصنام بعد أن كانت من قبل مليئة بها، وهدَّم الرسول والمسلمون ثلاثمائة وستين صنمًا كانت حولها، والرسول ( يقرأ قوله تعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا) [الإسراء: 81]، (وقل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) [سبأ: 49].
وانطلق صوت بلال بن رباح يدوي في الآفاق ويؤذن للصلاة فوق البيت العتيق، فاطمأن الناس على أنفسهم وبدأوا يخرجون من بيوتهم، ويقبلون على رسول الله (، فوقف على باب الكعبة، وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
ثم قال: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟" قالوا: خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم. فنظر إليهم الرسول ( نظرة كلها عفو ورحمة، وقال: "لا أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين). اذهبوا فأنتم الطلقاء". [ابن إسحاق وابن سعد]
وأقام الرسول ( في مكة تسعة عشر يومًا يعلِّم الناس أركان الإسلام، ويرسل القادة والفرسان لهدم أصنام القبائل المجاورة.
غزوة حنين
تجمعت قبائل هوازن وثقيف التي تسكن قريبًا من مكة في أعداد كثيرة؛ يريدون قتال المسلمين، وكان قائدهم مالك بن عوف قد أمرهم بحمل أموالهم وأبنائهم ونسائهم معهم كي لا يفروا ويتركوا ساحة المعركة. وأمر مالك جيشه أن يختبئوا على مداخل وادي حنين، فإذا ظهر المسلمون هجموا عليهم مرة واحدة.
وأقبل النبي ( ومعه اثنا عشر ألف مسلم، واغترَّ المسلمون بكثرتهم، فظنوا أنهم لن يُهزموا أبدًا، فأراد الله تعالى أن يعطيهم درسًا عظيمًا، وبين لهم أن الكثرة وحدها لا تحقق النصر، فقد وقعوا في المكيدة التي دبرها لهم مالك بن عوف، وانهال عليهم المشركون بالسهام من كل ناحية، فانهزموا، وفرَّوا، وإذا بالنبي ( يثبت أمام الكفار وينادي المسلمين: "إليَّ يا عباد الله، أنا محمد بن عبد الله، أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب" [متفق عليه].
وأخذ العباس عم النبي ( ينادي الناس، فتجمع المسلمون حول النبي ( صائحين: لبيك. لبيك. وانهالوا على الكفار يقتلونهم، فقال (: "الآن حمي ا****س" [مسلم]. ثم أخذ بيده الشريفة حصيات من الارض، فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال: "انهزموا ورب الكعبة" [مسلم]. وقذف الله في قلوب المشركين الرعب، فانهزموا، وفر قائدهم مالك بن عوف تاركًا أمواله وأهله، وتوجه هو ورجاله إلى الطائف. وغنم المسلمون أربعة وعشرين ألفا من الغنم، وستة آلاف أسير، وكثيرًا من الفضة.
وانتظر الرسول ( هوازن بضعة عشر يومًا، ربما أتت إليه مسلمة معتذرة فيرد لهم أموالهم، لكنهم لم يأتوا، فوزعها على المسلمين. ثم توجه المسلمون إلى الطائف، للقضاء على ثقيف ومن فرَّ من هوازن، وحاصروا حصونها خمس عشرة ليلة، اكتشفوا خلالها أن المشركين يستطيعون الصمود خلف الحصون عامًا كاملاً بما لديهم من غذاء ومؤنة، فأمر ( المسلمين بالرحيل، ودعا لثقيف قائلاً: "اللهمَّ اهد ثقيفًا وأت بهم مسلمين" [الترمذي].
فاستجاب الله لنبيه ( وجاء وفد ثقيف مسلمًا. وقدم وفد هوازن ممن أسلموا وسألوه أن يرد عليهم أموالهم وسبيهم، فقال (: "اختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي وإما المال"، فقالوا: يا رسول الله، خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا، فالحسب أحب إلينا، فقال ( للمسلمين: "إن إخوانكم قد جاءوا تائبين، وإني رأيت أن أراد سبيهم، فأذنوا في ذلك فأعيدوا إلى هوازن سبيها" [البخاري].
غزوة تبوك
فتحت مكة، وانتشر الإسلام في جزيرة العرب، وأصبح يشكل خطرًا على الروم، فرأى الروم أن يجهزوا جيشًا لقتال المسلمين. فكان لابد للمسلمين من الخروج إليهم، ولكن الحر شديد، والسفر إلى أرض الروم طويل، والناس في عسرة، وثمار المدينة حان وقت حصادها، وفي ظل هذه الظروف كلها، كان القرار الحاسم، فقد أعلن الرسول ( على الناس الخروج لقتال الروم، وهذه فرصة ليظهر المنافقون أمام المجتمع المسلم، ويثبت المسلمون الصادقون في إسلامهم.
وتسابق المسلمون في فعل الخير، وتجهيز الجيش الذي سمي بجيش العسرة، فجاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بنصف ماله، فقال رسول الله (: "ما أبقيت لأهلك؟". قال: مثله. وأتى أبو بكر بكل ما عنده. فقال: "يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟". فقال: "أبقيت لهم الله ورسوله. [الترمذي]، وجاء
عثمان بن عفان إلى النبي ( بألف دينار، فوضعها في حجر النبي ( فجعل يقبلها بيده، ويقول: "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم" [الترمذي].
وقي الوقت نفسه كان المنافقون يختلقون الأعذار حتى لا يشاركوا في هذه الغزوة، وأخذوا يروِّجون لأفكارهم فيما بينهم، ويقولون: لا تنفروا في الحر، فأنزل الله تعالى فيهم: (قل نار جهنم أشد حرًّا لو كانوا يفقهون) [التوبة: 81]. وتحرك جيش المسلمين في شهر رجب من العام التاسع الهجري رغم الحر والتعب تاركين المدينة، وما بها من ثمار وظلال؛ طاعة لله ورسوله.
وفي الصحراء، اشتد الحر ونفد الماء، فدعا النبي ( ربه، وظل رافعًا يديه، فأرسل الله سحابة أمطرت حتى ارتوى الناس، واحتملوا حاجتهم من الماء. ووصل الجيش بسلام إلى تبوك، فنزل الرعب بقلوب الأعداء، فتفرقوا وانسحبوا داخل بلادهم، ولم يقدروا على محاربة المسلمين. فبعث الرسول ( خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك صاحب حصن دومة، وقال له: "إنك ستجده يصيد البقر".
وفي ليلة مقمرة، وقفت بقرة جميلة تحك باب القصر فنزل إليها الملك ليصيدها، وركب فرسه، وأخذ رمحه، وخرج مع بعض من أهله، فلما خرجوا كانت رسل النبي ( تنتظره، فأخذته، وقتلوا أخاه، وقدم خالد بن الوليد ومعه أكيدر أسيراً، فصالحه الرسول ( على الجزية، ثم تركه وخلى سبيله وعاد إلى قريته.
وعاد الرسول ( بالجيش مظفرًا منتصرًا بعد أن حقق أهداف غزوته دون قتال، وبينما هم في طريقهم إلى المدينة قال (: "إن بالمدينة أقوامًا، ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم".
قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟! قال: "وهم بالمدينة، حبسهم العذر" [متفق عليه]. وخرج هؤلاء المسلمون الصادقون الذين حبستهم الأعذار عن الخروج في الغزوة يستقبلون الرسول ( والجيش بالفرحة الشديد. أما المنافقون المتخلفون عن الجهاد، فقد أخذوا يقدمون الأعذار الكاذبة لرسول الله (، فقبل منهم علانيتهم، وترك سرائرهم لله تعالى.
وكان من بين الذين تخلفوا عن الغزوة كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، وهم من المؤمنين الصادقين، ولكنهم لم يخرجوا مع النبي ( لقتال الروم، ولم يكن لهم عذر.
جاء كعب بن مالك وسلم على النبي ( فتبسم له النبي ( تبسم المغضب، وقال: "تعالَ" قال كعب فجئت أمشي حتى جلستُ بين يديه، فقال لي: "ما خلَّفك؟ ألم تكن قد ابتعت (اشتريت) ظهرك (دابتك)؟" فقلت: بلى، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيتُ أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أُعطيتُ جدلا، ولكني والله لقد علمت إن حدثتُك حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطكَ علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجدُ عليَّ فيه، إني لأرجو فيه عفو الله، لا والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك. فقال رسول الله (: "أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك".
فقمت وثار رجال من بني سلمة، فاتبعوني فقالوا لي: "والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبًا قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله ( بما اعتذر إليه المتخلفون، قد كان كافيك ذنبك استغفارُ رسول الله ( لك.
قال: فوالله ما زالوا يُؤنِّبونني حتى أردت أن أرجع فأُكذِّبَ نفسي، ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا: نعم، رجلان، قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك. فقلت: من هما؟ قالوا: مُرارةُ بن الرَّبيع القمريّ، وهلال بن أمية، فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا، فيهما أسْوة.
فمضيت حين ذكروهما لي، ونهى رسول الله ( المسلمين عن كلامنا من بين من تخلَّف عنه. فاجتبينا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرتْ في نفسي الأرض، فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله ( فأُسلِّم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي قريبًا منه، فأُسارِقُه النَّظر، فإذا أقبلتُ على صلاتي أقبل إليّ، وإذا التفت نحوه أعرض عني.
حتى إذا طال عليَّ ذلك من جفوة الناس، مشيت حتى تسوَّرْتُ جدار حائط أبي قتادة (أي: تسلقتُ جدار بستانه)، وهو ابن عمي، وأحب الناس إلي، فسلمت عليه، فوالله ما ردَّ عليَّ السلام، فقلت: يا أبا قتادة، أنشدك بالله، هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت، فعدت له، فنشدته فسكت، فعدتُ له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار.
فبينما أنا أمشي بسوق المدينة، إذا نبطي من أنباط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدُّل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له،
حتى إذا جاءني دفع إليَّ كتابًا من ملك غسان، فإذا فيه: أما بعدُ، فإنه قد بلغني
أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت لما قرأتها: وهذا أيضًا من البلاء، فتيممت بها التَّنُّور (الفرن) فسجرته بها (حرقته). حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين، إذا رسولُ رسولِ الله ( يأتيني فقال: إن رسول الله ( يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا. ولكن اعتزلها ولا تقربها. وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك، فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر.
فجاءت امرأة هلال بن أمية، رسول الله ( فقالت: يا رسول الله! إن هلال بن أمية شيخ ضائع، ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ قال: "لا، ولكن لا يقربك". قالت: إنه والله ما به حركة إلى شيء، والله مازال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله ( في امرأتك، كما أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه. فقلت والله لا أستأذن فيها رسول الله (، وما يدريني ما يقول رسول الله ( إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب. فلبث بعد ذلك عشر ليال، حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله ( عن كلامنا.
فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله، قد ضاقت عليَّ نفسي وضاقت عليَّ الأرض بما رحُبت، سمعت صوت صارخ ينادي بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر. فخررت ساجدًا وعرفت أن قد جاء فرج.
فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، نزعت له ثوبي، فكسوته إياهما ببشراه، والله ما أملك غيرهما، يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله (، فيلقاني الناس فوجًا فوجًا، يهنئوني بالتوبة يقولون: لتَهنك توبة الله عليك. حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله جالس، وحوله الناس، فقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام إليَّ رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة.
فلما سلمت على رسول الله ( قال رسول الله ( وهو يبرق وجهه من السرور: "أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك" قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عندك الله؟ قال:"لا، بل من عند الله". وكان رسول الله ( إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه.
فلما جلست بين يديه، قلت: يا رسول الله. إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال: "أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك". قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر. فقلت يا رسول الله إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقًا ما بقيت، فوالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله ( أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله ( إلى يومي هذا كذباً، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت.
وأنزل الله على رسوله (: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذي اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم. وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليبوبوا إن الله هو التواب الرحيم) [التوبة: 117-118].
فوالله ما أنعم الله على من نعمة قط -بعد أن هداني للإسلام- أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله ( أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شرَّ ما قال لأحد، فقال تبارك وتعالى: (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون. يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسفين) [التوبة: 95-96]. وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله ( حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول اله ( أمرنا حتى قضى الله فيه، وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو، إنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له، واعتذر إليه فقبل منه. [البخاري].
هدم مسجد الضرار:
عاد المسلمون من تبوك، وإذا بالنبي ( يأمرهم بحرق مسجد بناه المنافقون ليدبروا فيه المكائد ضد المسلمين، وأرادوا أن يصلي فيه النبي (، ولكن الله تعالى نهاه عن ذلك، فقال تعالى: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل ليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون. لا تقم فيه أبدًا) [التوبة: 107-108].
كم نحتاجه .. كم نود لو عاد بيننا يسكن قلوبنا .. يشرق في نفوسنا
الصدق .. الصدق .. الصدق
عندما يحل الصدق سوف تندثر بقية السلوكيات السيئة ، سوف ينتفي الظلم
سوف يحل العدل .. سوف ننتصر على اعدائنا .. سوف نحقق مجدنا ونقود الأمم
كيف قاد عليه الصلاة و السلام الأمم .. سؤال حري بالطرح حري بالجواب ..
عُرِفَ عليه الصلاة و السلام ومنذ طفولته بالصادق الأمين ..
و اشتهر بين قومه بذلك ..
وهنا يحق لنا أن نرجع الصدق إلى التوازن العقلي و الواجداني مع الذات .. فالرسالة
لم يحن آوانها و النبوة في علمه سبحانه وتعالى ..
ومع ذلك تميز عليه افضل الصلاة و السلام وقبل البعثة بالصدق ..
فكان يسمى الصادق الأمين .. أكثر من اسمه الكبير صلوات الله تعالى عليه وروحي فداء اسمه ..
تعرض عليه الصلاة و السلام لأنواع الحسد والافتراء وقيل عنه ساحر وشاعر وغير ذلك ولكن لم تستطع ألسنة الكافرين و الجاهلين حين تبليغ الرسالة أن تتفوه عنه بكلمة ( كذاب ) ..
لأنه الصادق الأمين .. فلنرى معاً المدى العميق لصدقه عليه الصلاة و السلام .. في غمرة التعرض لأشد أنواع الاضطهاد ومع ذلك بقي في عيون القوم الصادق ..
يقول تعالى : { وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ }
- شهادة كفار قريش بصدقه - صلى الله عليه وسلم -
ثبت في صحيح البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } صعد إلى الصفا، فجعل ينادي يا بني فهر، يا بني عدي ـ لبطون قريش ـ حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال: (( أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيَّ؟ )). قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقاً. قال: (( فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد )). فقال أبو لهب: تبّاً لك ألهذا جمعتنا؟.
- شهادة أبي جهل بصدقه - صلى الله عليه وسلم -
تقدم الحديث الذي رواه الحاكم بسند على شرط الشيخين أن أبا جهل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنا لا نكذبك لكن نكذب ما جئت به، فأنزل الله: { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } .
ولما قال له الأخنس بن شريق: يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فقال: ويحك والله إن محمداً صادق وما كذب محمد قط ....
- شهادة أبي سفيان بين يدي هرقل ملك الروم بصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووفائه:
فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن أبا سفيان ابن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا ذهبوا إلى الشام، لأجل التجارة في المدّة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مادّ فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه بإيليا فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه فقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسباً. فقال: أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه : قل لهم إني سائل عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليَّ كذباً لكذبت عليه، ثم كان أول ما سألني عنه أنه قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول أحد منكم قط قبله ؟ قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ قلت: بل ضعفاؤهم، قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم؛ سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدّة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة، قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منّا وننال منه، قال: بماذا يأمركم؟ قلت: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة. فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب؟ فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله قط؟ فذكرت أنْ لا، قلت: فلو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله، وسألتك هل كان في آبائه من ملك؟ فذكرت أنْ لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أنْ لا، قلت: لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك أيرتدّ أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب، وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بماذا يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنّه خارج ولم أكن أظنّ أنّه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث به إليه مع دحية بن خليفة ال***ي فقرأه، قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات فأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة؛ أنه ليخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإسلام )).
ففي هذه القصة آيات بينات، ودلالات واضحات على نبوته - صلى الله عليه وسلم -، وأنه - صلى الله عليه وسلم - صادق فيما جاء به، ومحل الشاهد من القصة شهادة أبي سفيان بن حرب وهو من أشد أعدائه في ذلك الوقت على اتصاف الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبعثه الله بالصدق وأنهم لا يتهمونه بالكذب، وبالوفاء وأنه لا يغدر.
- شهادة عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - بصدقه - صلى الله عليه وسلم -: روى أحمد وأصحاب السنن عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: (( لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة كنت ممن انجفل، فلما تبيَّنْتُ وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذّاب، فسمعته يقول: (( أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنّة بسلام )).
- شهادة خديجة رضي الله عنها: لما اوحى الله إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -
في غار حراء لأول مرّة ورجع إلى خديجة ـ رضي الله عنها ـ أخبرها الخبر وقال : (( لقد خشيت على نفسي )).
فقالت له ـ رضي الله عنها ـ :
(( كلاّ والله ما يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق )). رواه البخاري.
و تتعدد الشهادات في صدقه صلى الله عليه وسلم و في أخلاقه ككل ..
يقول تعالى :
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } .
وبعد .. إنه الصدق .. صديق الأفئدة و جسر العبور لأفئدة وعقول الآخرين
نستطيع الاقتداء بخطاه عليه افضل الصلاة و السلام لنتعلم منه كيف نصدق
مع أنفسنا ومع الآخرين .. فلا يلبسنا ثوب الكذب ولا يرتدينا وشاح النفاق
كم نحتاجه .. كم نود لو عاد بيننا يسكن قلوبنا .. يشرق في نفوسنا
الصدق .. الصدق .. الصدق
عندما يحل الصدق سوف تندثر بقية السلوكيات السيئة ، سوف ينتفي الظلم
سوف يحل العدل .. سوف ننتصر على اعدائنا .. سوف نحقق مجدنا ونقود الأمم
كيف قاد عليه الصلاة و السلام الأمم .. سؤال حري بالطرح حري بالجواب ..
عُرِفَ عليه الصلاة و السلام ومنذ طفولته بالصادق الأمين ..
و اشتهر بين قومه بذلك ..
وهنا يحق لنا أن نرجع الصدق إلى التوازن العقلي و الواجداني مع الذات .. فالرسالة
لم يحن آوانها و النبوة في علمه سبحانه وتعالى ..
ومع ذلك تميز عليه افضل الصلاة و السلام وقبل البعثة بالصدق ..
فكان يسمى الصادق الأمين .. أكثر من اسمه الكبير صلوات الله تعالى عليه وروحي فداء اسمه ..
تعرض عليه الصلاة و السلام لأنواع الحسد والافتراء وقيل عنه ساحر وشاعر وغير ذلك ولكن لم تستطع ألسنة الكافرين و الجاهلين حين تبليغ الرسالة أن تتفوه عنه بكلمة ( كذاب ) ..
لأنه الصادق الأمين .. فلنرى معاً المدى العميق لصدقه عليه الصلاة و السلام .. في غمرة التعرض لأشد أنواع الاضطهاد ومع ذلك بقي في عيون القوم الصادق ..
يقول تعالى : { وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ }
- شهادة كفار قريش بصدقه - صلى الله عليه وسلم -
ثبت في صحيح البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } صعد إلى الصفا، فجعل ينادي يا بني فهر، يا بني عدي ـ لبطون قريش ـ حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال: (( أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيَّ؟ )). قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقاً. قال: (( فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد )). فقال أبو لهب: تبّاً لك ألهذا جمعتنا؟.
- شهادة أبي جهل بصدقه - صلى الله عليه وسلم -
تقدم الحديث الذي رواه الحاكم بسند على شرط الشيخين أن أبا جهل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنا لا نكذبك لكن نكذب ما جئت به، فأنزل الله: { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } .
ولما قال له الأخنس بن شريق: يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فقال: ويحك والله إن محمداً صادق وما كذب محمد قط ....
- شهادة أبي سفيان بين يدي هرقل ملك الروم بصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووفائه:
فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن أبا سفيان ابن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا ذهبوا إلى الشام، لأجل التجارة في المدّة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مادّ فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه بإيليا فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه فقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسباً. فقال: أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه : قل لهم إني سائل عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليَّ كذباً لكذبت عليه، ثم كان أول ما سألني عنه أنه قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول أحد منكم قط قبله ؟ قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ قلت: بل ضعفاؤهم، قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم؛ سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدّة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة، قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منّا وننال منه، قال: بماذا يأمركم؟ قلت: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة. فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب؟ فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله قط؟ فذكرت أنْ لا، قلت: فلو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله، وسألتك هل كان في آبائه من ملك؟ فذكرت أنْ لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أنْ لا، قلت: لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك أيرتدّ أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب، وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بماذا يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنّه خارج ولم أكن أظنّ أنّه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث به إليه مع دحية بن خليفة ال***ي فقرأه، قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات فأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة؛ أنه ليخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإسلام )).
ففي هذه القصة آيات بينات، ودلالات واضحات على نبوته - صلى الله عليه وسلم -، وأنه - صلى الله عليه وسلم - صادق فيما جاء به، ومحل الشاهد من القصة شهادة أبي سفيان بن حرب وهو من أشد أعدائه في ذلك الوقت على اتصاف الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبعثه الله بالصدق وأنهم لا يتهمونه بالكذب، وبالوفاء وأنه لا يغدر.
- شهادة عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - بصدقه - صلى الله عليه وسلم -: روى أحمد وأصحاب السنن عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: (( لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة كنت ممن انجفل، فلما تبيَّنْتُ وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذّاب، فسمعته يقول: (( أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنّة بسلام )).
- شهادة خديجة رضي الله عنها: لما اوحى الله إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -
في غار حراء لأول مرّة ورجع إلى خديجة ـ رضي الله عنها ـ أخبرها الخبر وقال : (( لقد خشيت على نفسي )).
فقالت له ـ رضي الله عنها ـ :
(( كلاّ والله ما يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق )). رواه البخاري.
و تتعدد الشهادات في صدقه صلى الله عليه وسلم و في أخلاقه ككل ..
يقول تعالى :
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } .
وبعد .. إنه الصدق .. صديق الأفئدة و جسر العبور لأفئدة وعقول الآخرين
نستطيع الاقتداء بخطاه عليه افضل الصلاة و السلام لنتعلم منه كيف نصدق
مع أنفسنا ومع الآخرين .. فلا يلبسنا ثوب الكذب ولا يرتدينا وشاح النفاق
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
العدل ..
فالعدل خلق من أخلاقه ، ضمن شمائله العظيمة ، وصفاته الجليلة ، عدل في تعامله مع ربه جل وعلا ، وعدل في تعامله مع نفسه ، وعدل في تعامله مع الآخرين ، من قريب أوبعيد ، ومن صاحب أو صديق ، ومن موافق أو مخالف ، حتى العدو المكابر، له نصيب من عدله صلى الله عليه وسلم ، وكيف لا يعدل من خوطب بقول واضح مبين :
{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } (المائدة:8)
فكان يمتثل أمر الله عز وجل في كل شأن من شؤونه ، مع أصحابه وأعدائه ، آخذاً بالعدل مع الجميع .
يعترض عليه القوم ويخطئ في حقه أناس ، فلا يتخلى عن العدل، بل يعفو ويصفح، كما في حادثة يرويها أبو سعيد الخدري قال: بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر، الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري ، وعلقمة بن علاثة العامري ، ثم أحد بني كلاب ، وزيد الخير الطائي، ثم أحد بني نبهان ، فغضبت قريش، فقالوا : أتعطي صناديد نجد وتدعنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم ، فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس ، فقال اتق الله يا محمد ، قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن يطع الله إن عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ، ولا تأمنوني ) رواه البخاري و مسلم.
ويظهر هذا الخلق العظيم منه صلى الله عليه وسلم في أبهى صورة ، عندما يطلب ممن ظن أنه أخطأ في حقه، أن يستوفي حقه ، بالقود منه ، فعن أبي سعيد الخدري قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا ، أقبل رجل فأكب عليه ، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه ، فخرج الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعال فاستقد ، قال : بل قد عفوت يا رسول الله) رواه النسائي.
والعدل ملازم للرسول صلى الله عليه وسلم في حله وترحاله ، فهو يكره التميز على أصحابه ، بل يحب العدل والمساواة ، وتحمل المشاق والمتاعب مثلهم ، فعن عبد الله بن مسعود قال: كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، وكان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: وكانت عقبة -دور- رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالا : نحن نمشي عنك، فقال : (ما أنتما بأقوى مني ، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما) رواه أحمد في مسنده.
ولم ينشغل صلى الله عليه وسلم بالدولة وقيادتها ، والغزوات وكثرتها ، عن ممارسة العدل في نطاق الأسرة الكريمة ، وبين زوجاته أمهات المؤمنين ، فقد (كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ) رواه الترمذي وفيه ضعف ، ومعنى قوله لا تلمني فيما تملك ولا أملك، أي الحب والمودة القلبية ، كما قال أهل العلم .
وعن عائشة زوج النبي [/URL] قالت:
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها ) رواه البخاري ومسلم .
وعن أنس قال: ( أهدت بعض أزواج النبي (http://www.up4arab.com/out.php/i230030_salla.jpg) إلى النبي طعاما في قصعة ، فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال (http://www.up4arab.com/out.php/i230030_salla.jpg) طعام بطعام ، وإناء بإناء) رواه الترمذي وحسنه ، والحديث في البخاري بلفظ آخر .
وفي قضائه بين المتخاصمين كان عادلاً ، بعيداً عن الحيف والظلم ، فعن حرام بن محيصة عن أبيه أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته (فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الأموال حفظها بالنهار ، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل) رواه أحمد.
وكان لا يرضى تعطيل حدود الله ، التي شرعها سبحانه لإقامة العدل بين الناس ، ولو كان الجاني من أقربائه وأحبابه ، ففي حادثة المرأة المخزومية التي سرقت لم يقبل شفاعة أسامة وقال مقالته المشهورة : ( أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايـم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) رواه البخاري و مسلم .
وكان [URL="http://www.up4arab.com/out.php/i230030_salla.jpg"] (http://www.up4arab.com/out.php/i230030_salla.jpg) يأمر أصحابه بالعدل في الأمور ، وعدم تغليب جانب على حساب آخر ، وإنما الموازنة وإعطاء كل ذي حق حقه ، فقال: (يا عبد الله بن عمرو بلغني أنك تصوم النهار ، وتقوم الليل فلا تفعل ، فإن لجسدك عليك حظا ، ولعينك عليك حظا ، وإن لزوجك عليك حظا) رواه مسلم .
وبهذا الخلق العظيم ، والأدب الرفيع ، استطاع صلى الله عليه وسلم ، أن يلفت الأنظار نحو دعوته ، ويحرك المشاعر والأحاسيس إلى مبادئه العظيمة ، ويرسم منهاجاً فريداً لخير أمة أخرجت للناس ، تحمل العدل إلى الناس أجمعين ، وتبدد به ظلمات القهر والظلم.
اللهم صل وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين
جزاكي الله خيرا اختاه
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir