محمد سنجر
06-11-2009, 15:52
أخذت أدق الباب و أدق و أدق ،
لا فائدة ،
عدت إلى الوراء ،
أخذت أدفع بكتفي باب الغرفة بقوة ، كسرت الباب ،
تردد نعيق الغربان بين أرجاء الغرفة المظلمة ،
اقشعر بدني ،
بدأت الرؤية تتضح أمام ناظري رويدا رويدا ،
غير معقول ، استغفر الله العظيم ،
ما هذا ، لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
وجدت جسده يتدلى مشنوقا ،
ربط عنقه بجلبابه إلى مروحة السقف ،
لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
أخذت الدنيا تدور من حولي ،
عدت بذاكرتي لعدة أسابيع مضت ...
********
أتاني يحمل الأطباق بين كفيه ،
وضع الطعام أمامي ، هم بالانصراف إلا أنه تردد للحظات ،
أحسست بشيء ما يدور بخلده ،
ابتسمت ، دعوته للجلوس ليأكل معي )
ـ اجلس ، اجلس .
( هز رأسه ، أمسكت بكفه ، جذبته )
ـ اجلس هيا ، فلنأكل سويا ، هيا .
( جلس على استحياء ، أزحت أمامه بعض الأطباق )
ـ لا عليك يا ( لال ) ، فلتأكل معي ، هيا .
( أخيرا نجحت في إقناعه فجلس يأكل معي ،
بعدما تناولنا الطعام ،
وجدته يبتسم ابتسامة عريضة ،
حاول بكفه إخفاء حبات اللؤلؤ التي أطلت من خلف شفتيه على استحياء ،
أشار بإصبعه ناحيتي ،
حاول انتقاء الكلمات المناسبة بالعربية التي لا يتقنها )
ـ أنا أريد أكون مسلم ....
( كأنني لم أفهم ما يريد الإفصاح عنه )
ـ ماذا تقول ؟ لم أفهم ....
( أشار إلى صدري بإصبعه )
ـ أنت فيه مسلم ؟
ـ نعم ، الحمد لله .
( حول إصبعه ناحية صدره )
ـ و أنا أحب (لال) يكون ( سيم سيم ) الحمد لله فيه مسلم ...
ـ ماذا تقول ؟ أنت فيه مجنون ؟
ـ لا ، أنا ما فيه مجنون ، (لال) يحب يكون مسلم ( سيم سيم ) محمد .
ـ لكن (لال) فيه بابا فيه ماما فيه مشكلة كبيـــــر ، فيه ( جنجال ) .
( أشرت بيدي بالضرب)
ـ ما فيه مشكل ، (لال) إنسان نفس عصفور ( سيم سيم ) .
( عندها وجدتني أضمه بقوة إلى صدري ،
حملته لأعلى ، و أخذت ألف به و أدور و أدور )
ـ الله أكبر ، الله أكبر ....
( أخذ يردد و هو يضحك )
ـ الله أكبر ، الله اكبر ، هاهاها ....
( يومها اصطحبته معي لصلاة المغرب ،
أخذ الرجال يتنافسون على حمل إبريق الماء لصب الماء عليه ليتوضأ ،
كم كانت فرحتنا بالمسجد عندما نطق بالشهادتين أخذنا نهلل و نكبر ،
يومها أطلقنا عليه اسم ( بلال ) ، تجمع المصلين حوله يهنئونه ،
و في أحد الليالي سمعت صوت بكائه في غرفته ،
طرقت الباب ، فتح الباب بعد تردد ، لمحت الدموع تترقرق في عينيه )
ـ ماذا هناك يا بلال ؟
( حاول الإجابة على سؤالي ، فلم يستطع ،
فلقد خنقه البكاء الذي بدأ يتأجج بصدره )
ـ بابا ماما مشكلة ، ما فيه كلام ، ماما يقول أنا ما يأكل ، أنا موت ، بابا تقول أنا ممكن سكين موت ، خلاص ما فيه كلام .
( أخذ يبكي و يبكي )
ـ محمد ، أنا فيه حب بابا ،أنا فيه قلب يحب ماما ...
( أخذت أبكي لبكائه ، لم أعرف ماذا أفعل من أجله ، حاولت التخفيف عنه على قدر استطاعتي )
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لا عليك يا بلال ، لا عليك ، نحن أهلك الآن .
( قلتها محاولا التخفيف عنه ،
و لكن هذه الكلمات لم تتعد لساني صراحة ، فأنا غير مقتنع بأننا قد صرنا أهلا له ، فالواقع غير هذا تماما ،
فكم كانت فرحتنا كبيرة يوم إسلامه ،
و لكن ، فترت عزيمتنا بعد أيام ، فلم يعد أحد منا يزوره أو يلتفت إليه ،
انشغل كل منا ، نعم لقد أخذتنا الدنيا ،
عندها جاءني صوت ابنتي سارة تناديني )
ـ هيا يا أبي فلقد تأخرنا .
ـ نعم يا بنيتي نعم ، ها أنا ذا قادم ، ( التفت إليه ) أراك على خير إن شاء الله يا بلال ( وضعت يدي بجيبي ، أخرجت بعض النقود ، مددت يدي أدسهما بكفه ) خذ يا بلال .
ـ ما هذا ؟ نقود ؟
ـ ربما تحتاجها لشراء شيء من أجلك ، خذ .
ـ نقود لا محمد ، نقود لا ...
( يومها أسرع بالرحيل من أمامي بينما ذهبت لاصطحاب أولادي ،
بعدها بدأ التغير يطرأ على بلال ، أصبح شارد الذهن ،
منذ أيام ناديته ليصاحبني إلى المسجد ، فتظاهر بالمرض ،
و عندما عدت للاطمئنان عليه ، فتحت باب غرفته ،
وجدته يجلس و قد أطفأ المصابيح و أشعل العديد من الشموع ، سمعته يهمس بطلاسم لم أفهمها ،
أياما أراه (بلال ) هذا الملاك ، في منتهى اللين و الرحمة و الرقة ،
و أخرى كنت أراه شيطانا في صورة إنسان ، منتهى الغلظة و الفظاظة ،
أمسى كالذي تتخبطه الشياطين من المس ،
نظرت إليه و قد أخذ جسده المعلق يتأرجح أمامي ،
انتابتني حالة من البكاء الشديد ، أخذت أبكي و أبكي ،
تحشرجت الكلمات الخارجة من صدري )
ـ آآآآآآآآآه ، ضيعناك من أيدينا يا لااااال ، ضيعناك من أيدينا يا بلاااااال ،
ضيعناك من أيدينا يا بلاااااااااااااااااااااااال ......
لا فائدة ،
عدت إلى الوراء ،
أخذت أدفع بكتفي باب الغرفة بقوة ، كسرت الباب ،
تردد نعيق الغربان بين أرجاء الغرفة المظلمة ،
اقشعر بدني ،
بدأت الرؤية تتضح أمام ناظري رويدا رويدا ،
غير معقول ، استغفر الله العظيم ،
ما هذا ، لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
وجدت جسده يتدلى مشنوقا ،
ربط عنقه بجلبابه إلى مروحة السقف ،
لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
أخذت الدنيا تدور من حولي ،
عدت بذاكرتي لعدة أسابيع مضت ...
********
أتاني يحمل الأطباق بين كفيه ،
وضع الطعام أمامي ، هم بالانصراف إلا أنه تردد للحظات ،
أحسست بشيء ما يدور بخلده ،
ابتسمت ، دعوته للجلوس ليأكل معي )
ـ اجلس ، اجلس .
( هز رأسه ، أمسكت بكفه ، جذبته )
ـ اجلس هيا ، فلنأكل سويا ، هيا .
( جلس على استحياء ، أزحت أمامه بعض الأطباق )
ـ لا عليك يا ( لال ) ، فلتأكل معي ، هيا .
( أخيرا نجحت في إقناعه فجلس يأكل معي ،
بعدما تناولنا الطعام ،
وجدته يبتسم ابتسامة عريضة ،
حاول بكفه إخفاء حبات اللؤلؤ التي أطلت من خلف شفتيه على استحياء ،
أشار بإصبعه ناحيتي ،
حاول انتقاء الكلمات المناسبة بالعربية التي لا يتقنها )
ـ أنا أريد أكون مسلم ....
( كأنني لم أفهم ما يريد الإفصاح عنه )
ـ ماذا تقول ؟ لم أفهم ....
( أشار إلى صدري بإصبعه )
ـ أنت فيه مسلم ؟
ـ نعم ، الحمد لله .
( حول إصبعه ناحية صدره )
ـ و أنا أحب (لال) يكون ( سيم سيم ) الحمد لله فيه مسلم ...
ـ ماذا تقول ؟ أنت فيه مجنون ؟
ـ لا ، أنا ما فيه مجنون ، (لال) يحب يكون مسلم ( سيم سيم ) محمد .
ـ لكن (لال) فيه بابا فيه ماما فيه مشكلة كبيـــــر ، فيه ( جنجال ) .
( أشرت بيدي بالضرب)
ـ ما فيه مشكل ، (لال) إنسان نفس عصفور ( سيم سيم ) .
( عندها وجدتني أضمه بقوة إلى صدري ،
حملته لأعلى ، و أخذت ألف به و أدور و أدور )
ـ الله أكبر ، الله أكبر ....
( أخذ يردد و هو يضحك )
ـ الله أكبر ، الله اكبر ، هاهاها ....
( يومها اصطحبته معي لصلاة المغرب ،
أخذ الرجال يتنافسون على حمل إبريق الماء لصب الماء عليه ليتوضأ ،
كم كانت فرحتنا بالمسجد عندما نطق بالشهادتين أخذنا نهلل و نكبر ،
يومها أطلقنا عليه اسم ( بلال ) ، تجمع المصلين حوله يهنئونه ،
و في أحد الليالي سمعت صوت بكائه في غرفته ،
طرقت الباب ، فتح الباب بعد تردد ، لمحت الدموع تترقرق في عينيه )
ـ ماذا هناك يا بلال ؟
( حاول الإجابة على سؤالي ، فلم يستطع ،
فلقد خنقه البكاء الذي بدأ يتأجج بصدره )
ـ بابا ماما مشكلة ، ما فيه كلام ، ماما يقول أنا ما يأكل ، أنا موت ، بابا تقول أنا ممكن سكين موت ، خلاص ما فيه كلام .
( أخذ يبكي و يبكي )
ـ محمد ، أنا فيه حب بابا ،أنا فيه قلب يحب ماما ...
( أخذت أبكي لبكائه ، لم أعرف ماذا أفعل من أجله ، حاولت التخفيف عنه على قدر استطاعتي )
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لا عليك يا بلال ، لا عليك ، نحن أهلك الآن .
( قلتها محاولا التخفيف عنه ،
و لكن هذه الكلمات لم تتعد لساني صراحة ، فأنا غير مقتنع بأننا قد صرنا أهلا له ، فالواقع غير هذا تماما ،
فكم كانت فرحتنا كبيرة يوم إسلامه ،
و لكن ، فترت عزيمتنا بعد أيام ، فلم يعد أحد منا يزوره أو يلتفت إليه ،
انشغل كل منا ، نعم لقد أخذتنا الدنيا ،
عندها جاءني صوت ابنتي سارة تناديني )
ـ هيا يا أبي فلقد تأخرنا .
ـ نعم يا بنيتي نعم ، ها أنا ذا قادم ، ( التفت إليه ) أراك على خير إن شاء الله يا بلال ( وضعت يدي بجيبي ، أخرجت بعض النقود ، مددت يدي أدسهما بكفه ) خذ يا بلال .
ـ ما هذا ؟ نقود ؟
ـ ربما تحتاجها لشراء شيء من أجلك ، خذ .
ـ نقود لا محمد ، نقود لا ...
( يومها أسرع بالرحيل من أمامي بينما ذهبت لاصطحاب أولادي ،
بعدها بدأ التغير يطرأ على بلال ، أصبح شارد الذهن ،
منذ أيام ناديته ليصاحبني إلى المسجد ، فتظاهر بالمرض ،
و عندما عدت للاطمئنان عليه ، فتحت باب غرفته ،
وجدته يجلس و قد أطفأ المصابيح و أشعل العديد من الشموع ، سمعته يهمس بطلاسم لم أفهمها ،
أياما أراه (بلال ) هذا الملاك ، في منتهى اللين و الرحمة و الرقة ،
و أخرى كنت أراه شيطانا في صورة إنسان ، منتهى الغلظة و الفظاظة ،
أمسى كالذي تتخبطه الشياطين من المس ،
نظرت إليه و قد أخذ جسده المعلق يتأرجح أمامي ،
انتابتني حالة من البكاء الشديد ، أخذت أبكي و أبكي ،
تحشرجت الكلمات الخارجة من صدري )
ـ آآآآآآآآآه ، ضيعناك من أيدينا يا لااااال ، ضيعناك من أيدينا يا بلاااااال ،
ضيعناك من أيدينا يا بلاااااااااااااااااااااااال ......