المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ##اين نحن من التوكل على الله ##



ابو ضاري
11-10-2009, 17:12
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


التوكل على الله و تفويض الأمر إليه سبحانه ، و تعلق القلوب به جل و علا من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب و يندفع بها المكروه ، وتقضى الحاجات ، و كلما تمكنت معاني التوكل من القلوب تحقق المقصود أتم تحقيق ، و هذا هو حال جميع الأنبياء و المرسلين ، ففي قصة نبي الله إبراهيم – عليه السلام – لما قذف في النار روى أنه أتاه جبريل ، يقول : ألك حاجة ؟ قال : "أما لك فلا و أما إلى الله فحسبي الله و نعم الوكيل " فكانت النار برداً و سلاماً عليه ، و من المعلوم أن جبريل كان بمقدوره أن يطفئ النار بطرف جناحه ، و لكن ما تعلق قلب إبراهيم – عليه السلام – بمخلوق في جلب النفع و دفع الضر .

و نفس الكلمة رددها الصحابة الكرام يوم حمراء الأسد – صبيحة يوم أحد – يقول تعالى: ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ ) " سورة آل عمران : 173 – 174 " .

و لما توجه نبي الله موسى – عليه السلام – تلقاء مدين ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) " سورة القصص : 23 – 24 " أوقع حاجته بالله فما شقي ولا خاب ، و تذكر كتب التفسير أنه كان ضاوياً ، خاوي البطن ، لم يذق طعاماً منذ ثلاث ليال ، و حاجة الإنسان لا تقتصر على الطعام فحسب ، فلما أظهر فقره لله ، و لجأ إليه سبحانه بالدعاء ، و علق قلبه به جل في علاه ما تخلفت الإجابة ، يقول تعالى: ( فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ ) " سورة القصص : 25 " وكان هذا الزواج المبارك من ابنة شعيب ، و نفس الأمر يتكرر من نبي الله موسى ، فالتوكل سمة بارزة في حياة الأنبياء – عليهم السلام – لما سار نبي الله موسى و من آمن معه حذو البحر ، أتبعهم فرعون و جنوده بغياً و عدواً ، فكان البحر أمامهم و فرعون خلفهم ، أي إنها هلكة محققة ، و لذلك قالت بنو إسرائيل: إنا لمدركون ، قال نبى الله موسى : (كلا إن معي ربى سيهدين) قال العلماء : ما كاد يفرغ منها إلا و أُمر أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ، فكان في ذلك نجاة موسى و من آمن معه ، و هلكة فرعون و جنوده ، و لذلك قيل : فوض الأمر إلينا نحن أولى بك منك ، إنها كلمة الواثق المطمئن بوعد الله ، الذي يعلم كفاية الله لخلقه: ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ) " سورة الزمر : 36 "

التوكل والتواكل:

قد تنخرق الأسباب للمتوكلين على الله ، فالنار صارت برداً و سلاماً على إبراهيم ، و البحر الذي هو مكمن الخوف صار سبب نجاة موسى و من آمن معه ، ولكن لا يصح ترك الأخذ بالأسباب بزعم التوكل كما لا ينبغي التعويل على الحول و الطول أو الركون إلى الأسباب ، فخالق الأسباب قادر على تعطليها، و شبيه بما حدث من نبى الله موسى ما كان من رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الهجرة ، عندما قال أبو بكر – رضي الله عنه - : لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآنا ، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم :" ما بالك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا "، و هذا الذي عناه سبحانه بقوله: ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا ) " سورة التوبة : 40 ".

والأخذ بالأسباب هو هدى سيد المتوكلين على الله – صلوات الله و سلامه عليه - في يوم الهجرة و غيره ، إذ عدم الأخذ بالأسباب قدح في التشريع، و الاعتقاد في الأسباب قدح في التوحيد ، و قد فسر العلماء التوكل فقالوا : ليكن عملك هنا و نظرك في السماء ، و في الحديث عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – قال : قال رجل : يا رسول الله أعقلها و أتوكل ، أو أطلقها و أتوكل ؟ قال : "اعقلها و توكل " رواه الترمذي و حسنه الألباني ، وأما عدم السعي فليس من التوكل في شيء، و إنما هو اتكال أو تواكل حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و التوكل على الله يحرص عليه الكبار و الصغار و الرجال و النساء ، يحكى أن رجلاً دخل مسجد النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة فرأى غلاماً يطيل الصلاة ، فلما فرغ قال له : ابن من أنت؟ فقال الغلام : أنا يتيم الأبوين ، قال له الرجل : أما تتخذني أباً لك ، قال الغلام : و هل إن جعت تطعمني ؟ قال له : نعم ، قال : و هل إن عريت تكسوني؟ قال له : نعم ، قال : و هل إن مرضت تشفيني؟ قال: هذا ليس إلي ، قال : و هل إن مت تحييني ، قال : هذا ليس إلى أحد من الخلق ، قال : فخلني للذي خلقني فهو يهدين و الذي هو يطعمني و يسقين، و إذا مرضت فهو يشفين ،و الذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ، قال الرجل : آمنت بالله، من توكل على الله كفاه

. و في قصة الرجل الذي كان يعبد صنماً في البحر ، و التي نقلها ابن الجوزي عن عبد الواحد بن زيد دلالة على أن التوكل نعمة من الله يمتن بها على من يشاء من خلقه حتى و إن كان حديث العهد بالتدين ، فهذا الرجل لما جمعوا له مالاً و دفعوه إليه ، قال : سبحان الله دللتموني على طريق لم تسلكوه ، إني كنت أعبد صنماً في البحر فلم يضيعني فكيف بعد ما عرفته ، و كأنه لما أسلم وجهه لله طرح المخلوقين من حساباته ، فغنيهم فقير ، و كلهم ضعيف و كيف يتوكل ميت على ميت : (فتوكل على الحي الذي لا يموت و سبح بحمده).

و في الحديث :" لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً و تروح بطاناً " رواه أحمد و الترمذي و قال: حسن صحيح . و كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم :" اللهم أسلمت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ". رواه البخاري و مسلم و كان يقول : "اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و إليك أنبت و بك خاصمت ، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني ، أنت الحي الذي لا يموت و الجن و الإنس يموتون ". رواه مسلم ، و كان لا يتطير من شئ صلوات الله و سلامه عليه ، و أخذ بيد رجل مجذوم فأدخلها معه في القصعة ثم قال : "كُلْ ثقةً بالله و توكلا عليه " رواه أبو داود و ابن ماجة .

التوكل على الله نصف الدين:

ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله عز و جل مع أخذهم بالأسباب الشرعية ، فالتوكل كما قال ابن القيم: نصف الدين و النصف الثانى الإنابة ، فإن الدين استعانة و عبادة ، فالتوكل هو الاستعانة و الإنابة هي العبادة ، و قال أيضاً : التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق و ظلمهم و عدوانهم ، و قال سعيد بن جبير : التوكل على الله جماع الإيمان ، و عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون و يقولون : نحن المتوكلون ، فإن قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل الله تعالى: ) وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ( " سورة البقرة : 197 " وروي أن نبي الله موسى – عليه السلام – كان يقول : اللهم لك الحمد و إليك المشتكى و أنت المستعان ، و بك المستغاث و عليك التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بك . عباد الله إن الله هو الوكيل ، الذي يتوكل عليه ، و تفوض الأمور إليه ليأتي بالخير و يدفع الشر .

من أسماء الرسول :المتوكل

و من أسماء رسول الله صلى الله عليه و سلم " المتوكل " كما في الحديث: " و سميتك المتوكل " .و إنما قيل له ذلك لقناعته باليسير و الصبر على ما كان يكره ، و صدق اعتماد قلبه على الله عز و جل في استجلاب المصالح و دفع المضار من أمور الدنيا و الأخرة و كلة الأمور كلها إليه، و تحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه ، و لكم في نبيكم أسوة حسنة و قدوة طيبة ، فلابد من الثقة بما عند الله و اليأس عما في أيدي الناس ، و أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يد نفسك ، و إلا فمن الذي سأل الله عز وجل فلم يعطه ، و دعاه فلم يجبه و توكل عليه فلم يكفه ، أووثق به فلم ينجه؟ إن العبد لا يؤتى إلا من قبل نفسه ، و بسبب سوء ظنه ، و في الحديث: " أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء " و الجزاء من جنس العمل ، فأحسنوا الظن بربكم و توكلوا عليه تفلحوا ، فإن الله يحب المتوكلين

شام
11-10-2009, 18:12
موضوع ضخم ..
في نعمة التوكل على الله ...
سأعود ..
بارك الله فيك يابوضاري
وجزاك خير الجزاء ..

الحنشل
11-10-2009, 18:39
ابوضاري

بارك الرب جهدك

لم تدع لي بعد مقالك مقال

ابو ضاري
11-10-2009, 18:44
موضوع ضخم ..
في نعمة التوكل على الله ...
سأعود ..
بارك الله فيك يابوضاري
وجزاك خير الجزاء ..

بارك الله فيك ياشام

فانت دائما تسبقين الى الخير والدعوه

ابو ضاري
11-10-2009, 18:45
ابوضاري

بارك الرب جهدك

لم تدع لي بعد مقالك مقال

انتم اهل الخير والدعوه
فبارك الله بحملتك وتكون ان شاء الله في موازين اعمالك

لوليتا
11-10-2009, 20:12
*
*

وعلى الله نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل
التوكل على الله واخلاص النية لله سبب من اسباب الفوز برضا الله



بارك الله فيك اخ ضارى
وكتب ما قدمت فى ميزان حسناتك
يوم نقف بين يدى الله ولا ينفعها مال ولا بنون ولا اهل ولا زوج ولا صاحب ولا اخ



جزاك الله خير الجزاء

*
*

شام
11-10-2009, 20:17
قال تعالى
"ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فأعبده وتوكل عليه"

من الأذكار الجميلة جداً إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن نقول سبع مرات..
((حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم))
فإذا قالها العبد كل يوم سبع مرات من صباحه أو مسائه كفاه الله أمر هذا اليوم


كما علمنا عليه افضل الصلاة و السلام دعاء الخروج من المنزل :
((بسم الله توكّلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله))
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لك
الذي يقول هذا الدعاء وهو خارج من بيته يناديه ملَك، يقول له:
هُديتَ وكُفيت ووُقيت..
فيقول شيطان لشيطان:
ماذا نفعل برجل هُدي وكُفي ووُقي!؟


فلنتدرب على التوكل على الله ...
و لنجعل حسبنا الله ونعم الوكيل نصب أعيننا
...خذوا بالاسباب واسعوا في الارض واطمئنوا ...
فان الله من اسمائه الوكيل

ابو ضاري
12-10-2009, 16:03
*
*

وعلى الله نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل
التوكل على الله واخلاص النية لله سبب من اسباب الفوز برضا الله



بارك الله فيك اخ ضارى
وكتب ما قدمت فى ميزان حسناتك
يوم نقف بين يدى الله ولا ينفعها مال ولا بنون ولا اهل ولا زوج ولا صاحب ولا اخ



جزاك الله خير الجزاء

*
*


بارك الله فيك اختنا لوليتا

وان ينفع بنا الدين ان شاء الله

ابو ضاري
12-10-2009, 16:05
فلنتدرب على التوكل على الله ...
و لنجعل حسبنا الله ونعم الوكيل نصب أعيننا
...خذوا بالاسباب واسعوا في الارض واطمئنوا ...
فان الله من اسمائه الوكيل



بارك الله فيك يااخت شام على هذه الاضافه

شام
12-10-2009, 23:25
اعلموا أنه لا غنى بأحد من الخلق عن التوكل على الله تعالى في حصول مطلوبة وإصابة مقصوده ويشهد لذلك أن التوكل يقع من المؤمنين والكفار ومن الأبرار والفجار بل و من الطير والوحش والبهائم، فأهل السماوات والأرض جميعهم محتاجون إلى التوكل على الله تعالى في تحصيل مراداتهم وتحقق مبتغياتهم على اختلافها وتنوعها.
إن كثيراً من الناس لا يفهمون من التوكل على الله إلا التوكل عليه في تحصيل رزق أو عافية أو زوجة أو ولد أو غير ذلك من جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية أو دفع الشرور والمصائب الدنيوية ولا شك أن هذا مما يجب على العباد أن يعلقوا قلوبهم فيه على الله تعالى فإنه لا يأتي بالخير إلا هو ولا يدفع الشر إلا هو سبحانه ولا يكفي العبد أن يتوكل على الله بلسانه وقلبه قد انجفل إلى المخلوقين واشتغل بالأسباب عن مسببها بل لابد من ركون القلب إلى الله تعالى واعتماده عليه وسكونه إليه.
وفوق هذه المرتبة من التوكل مرتبة أخرى خصّ الله بها أولياءه المتقين وحزبه المفلحين وهي التوكل عليه في الإيمان به وفي نصرة دينه وإعلاء كلمته وجهاد أعدائه وفي حصول محابه والقيام بأوامره فهذه المرتبة هي من أخص مقامات المؤمنين قال الله تعالى في بيان موقف رسله وأوليائه من كيد أعدائه وتهديداتهم: ﴿وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا﴾([1] (http://www.shmmr.net/vb/newreply.php?do=postreply&t=67562#_ftn1)) وقال الخـليل حين ألقي في النار: حسبنا الله ونعم الوكيل وقالها محمد وأصحابه عندما قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فعلى أتباعهم من طلبة العلم وحملة الرسالة وأهل الدعوة والصحوة أن يسلكوا سبيلهم وأن يحذوا حذوهم في التوكل على من بيده ملكوت كل شيء في نصر دين الله وإعزاز جنده وإعلاء كلمته وجهاد أعدائه بعد أخذهم بالأسباب من العلم والتعليم والبذل والدعوة والنصح للخلق والصبر على ذلك.
فما لنا يا ورثة الأنبياء ويا حملة الرسالة ويا دعاة الحق أن لا نتوكل على الله ونحن نأوي إلى ركن شديد ونعتصم بحبل متين فقوموا بارك الله فيكم بما افترضه الله عليكم من نصرة دينكم والدعوة إليه والصبر عليه وتوكلوا على الله تعالى في تحقيق آمالكم ولا يروعنكم تكالبُ أعدائكم ولا توالي كيدهم ولا تماديهم في غيهم فإن عاقبتهم الفشلُ في الدنيا والآخرة فإن الله لا يصلح عمل المفسدين كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾([2] (http://www.shmmr.net/vb/newreply.php?do=postreply&t=67562#_ftn2)).
فراغموا أعداء الله ورسوله و اصدعوا بالحق وانصحوا للخلق فإن الغلبة والظهور والعزة والتمكين لأولياء الله تعالى ولأتباع رسله ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾([3] (http://www.shmmr.net/vb/newreply.php?do=postreply&t=67562#_ftn3))ومن صدق توكله على الله تعالى في نصر دينه وإعلاء كلمته كفاه الله ما أهمه وأعانه على أمور دينه ودنياه.
جعلنا الله وإياكم من أوليائه المتوكلين عليه الذين يبلغـون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله.
من خطبة التوكل على الله
لفضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المصلح

ابو ضاري
13-10-2009, 16:42
شام بارك الله فيك على هذه الاضافه

شام
15-10-2009, 11:48
من ترك الاختيار والتدبير في رجاء زيادة أو خوف نقصان أو طلب صحة أو فرار من سقم، وعلم أن الله على كل شيء قدير، وأنه المتفرد بالاختيار والتدبير، وأن تدبيره لعبده خير من تدبير العبد لنفسه، وأنه أعلم بمصلحته من العبد وأقدر على جلبها وتحصيلها منه، وأنصح للعبد منه لنفسه، وأرحم به منه بنفسه ، وأبر به منه بنفسه‏.‏ وعلم مع ذلك أنه لا يستطيع أن يتقدم بين يدي تدبيره خطوة واحدة ولا يتأخر عن تدبيره له خطوة واحدة، فلا متقدم له بين يدي تدبيره خطوة واحدة ولا يتأخر عن تدبيره له خطوة واحدة، فلا متقدَّم له بين يدي قضائه وقدره ولا متأخَّر، فألقى نفسه بين يديه وسلم الأمر كله إليه، و انطرح بين يديه انطراح عبد مملوك ضعيف بين يدي ملك عزيز قاهر، له التصرف في عبده بكل ما يشاء ، وليس للعبد التصرف فيه بوجه من الوجوه، فاستراح حينئذ من الهموم و الغموم و الأنكاد والحسرات‏.‏

وحمل كله وحوائجه ومصالحه ومن لا يبالي بحملها ولا يثقله ولا يكترث بها، فتولاها دونه وأراه لطفه وبره ورحمته وإحسانه فيها من غير تعب من العبد ولا نصب ولا اهتمام منه؛ لأنه قد صرف اهتمامه كله إليه وجعله وحده همه فصرف عنه اهتمامه بحوائجه ومصالح دنياه وفرغ قلبه منها، فما أطيب عيشه وما أنعم قلبه وأعظم سروره وفرحه‏.‏ وإن أبى إلا تدبيره لنفسه واختياره لها واهتمامه بحظه، دون حق ربه، خلاه وما اختاره و ولاه ما تولى، فحضره الهم والغم والحزن والنكد والخوف والتعب وكسف البال وسوء الحال، فلا قلب يصفو ولا عمل يزكو ولا أمل يحصل ولا راحة يفوز بها ولا لذة يتهنى بها، بل قد حيل بينه وبين مسرته وفرحه وقرة عينه، فهو يكدح في الدنيا كدح الوحش ولا يظفر منها بأمل ولا يتزود منها لمعاد، والله سبحانه قد أمر العبد بأمر وضمن له ضمانا، فإن قام بأمره بالنصح والصدق والإخلاص والاجتهاد، فإنه سبحانه ضمن الرزق لمن عبده، والنصر لمن توكل عليه واستنصر به، والكفاية لمن كان هو همه ومراده، والمغفرة لمن استغفره، وقضاء الحوائج لمن صَدَقَه في طلبها ووثق به وقوي رجاؤه وطمعه في فضله وجوده‏.‏ فالفطن الكيس إنما يهتم بأمره وإقامته وتوفيقه لا بضمانه، فإنه الوفي الصادق، ومن أوفى بعهده من الله‏.‏ فمن علامات السعادة صرف اهتمامه إلى أمر الله دون ضمانه ‏.‏ ومن علامات الحرمان فراغ قلبه من الاهتمام بأمره وحبه وخشيته والاهتمام بضمانه ، والله المستعان‏.‏

قال بشر بن الحارث‏‏‏:‏ أهل الآخرة ثلاثة‏:‏ عابد وزاهد وصِدِّيق ، فالعابد يعبد الله مع العلائق ، والزاهد يعبده على ترك العلائق ، والصديق يعبده على الرضا والموافقة ، إن أراه أخذ الدنيا أخذها وإن أراه تركها تركها‏.‏


الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية