محمد سنجر
23-09-2009, 13:09
( اجتمع أهالي القرية عن بكرة أبيهم أمام دار العمدة ،
كل منهم يريد أن ينال دوره للتحدث من خلال هاتف العمدة المجاني ،
وقف الخفر يصفون الناس ،
بينما أخذ شيخ الخفر يصيح بالجموع )
ـ ما هذا ؟ ألا يمكن أن نتعلم النظام أبدا ؟
حسنا ، حسنا ، فلنقف صفا واحدا ، ألا يمكن أن نلتزم ؟
مرة واحدة فقط دون عصاه ؟
دائما هكذا ؟ ألا يكفيكم أن العمدة جعل الهاتف لكم جميعا مجانا ؟
سبحان الله ، في أي بلاد العالم ستجدون هذا الكرم ؟
نؤكد مرة أخرى : يجب على كل منكم أن يأخذ دوره ،
جرت العادة أن لكل من النساء و الرجال صفا مستقلا ،
رويدكم ، فلا فارق هنا بين رجل و امرأة ،
سنأخذ امرأة أولا ثم رجل و هكذا ، و من يدخل للتحدث من خلال الهاتف ينتهي سريعا ، أي أنه لا داعي أبدا للإطالة ، لا داعي أبدا لهذه القصص الخاصة بالنساء ، و لقد اعذر من انذر ، لكي لا يقول أحد منكم أنني لم احذره .
أنت هناك ، أيها المدعو (حسونة) لماذا تأتي لتتكلم من هنا ؟ ألا يوجد لديكم هاتف ؟ أم أنكم تحبون الإكثار من أي شيء مجاني ؟
ـ ألست مثلهم يا شيخ الخفر ؟
ـ لا لست مثلهم طبعا ، فأنت لديك هاتف بمنزلك لتتكلم منه .
ـ لن أرحل أبدا ، فأنا ينطبق علي ما ينطبق عليهم .
ـ الويل لك ، اطردوا هذا المارق من هنا أيها الخفر .
( يذهب الخفر إليه ، يجذبونه من جلبابه بعيدا ، يحاول التخلص من بين أيديهم و لا فائدة ، يذهب الرجل بعيدا و هو يصيح )
ـ و الله لأخبرن العمدة بما حدث ، ألست من أهل القرية ؟
( يدخل شيخ الخفر إلى داخل دار العمدة بينما الخفر يقومون بتنظيم الأهالي ، ينادي شيخ الخفر من الداخل )
ـ فليدخل أولهم يا أبا سليمان .
ـ هيا فلتدخل أنت يا حسن يا أبا خميس .
( يصرخ احد الرجال )
ـ و لماذا أبا خميس ؟ لقد حضرت قبله ، أم أنك تكرمه لقرابتكم ؟
ـ هكذا إن كان يعجبك ، إنه منطق القوة الذي أتحدث به ، و الله إذا فتحت فاك ثانية فلن ترى الهاتف أبدا ، ما رأيك إذن ؟
( عندها يتراجع الرجل ، لكنه يتكلم بصوت خفيض بكلام غير مفهوم )
ـ ماذا تقول أيها الأحمق ؟
ـ لا شيء لا شيء ، إنما أدعو لك ، ألا تريد أن أدعو لك ؟
ـ ويلك لو كنت تتكلم عني بسوء .
( يتحرك شاب من بين الجموع يقترب من الخفير ، يهمس في أذنه )
ـ أمي تقرؤك السلام و تقول لك لماذا لم تمر عليها لتأخذ ما أعددته من أجلك من طعام ؟ و تقول لك أنها تريد أن تحدث أخي بالعراق .
( يلتفت الخفير إليه يهمس في أذنه )
ـ قل لها بعد قليل ، فلا فرصة هناك الآن كما ترى ( يغمز بعينه ، ثم يرفع صوته ) لا يوجد عندي تفرقة ، فكلكم عندي سواسية ، هيا من هنا هيا .
( ينصرف الولد ، يشير الخفير بعصاه لإحدى النساء الواقفات )
ـ المرأة التي هناك ، من أنت أيتها المرأة ؟
ـ إنما أنا من القرية المجاورة .
ـ نعم ، القرية المجاورة ؟ هيا من هنا هيا ....
( يذهب إليها يدفعها بقوة فتقع المرأة أرضا ، عندها تحدث ضجة بين الجموع )
ـ اتركها تتحدث أيها الرجل .
ـ أليست مثلنا ؟
ـ هل سيتضرر الهاتف إذا ما تحدثت هذه المسكينة ؟
ـ ويحكم أيها التعساء ، و يحكم ، إياكم أن أسمع كلاما من أحدكم ، ليلتزم كل منكم الصمت و إلا .... ، هذا الأمر يخص أهالي قريتنا فقط ، هيا يا امرأة هيا ، و ليسمع كل منكم هذا التنبيه ، من منكم ليس من قريتنا فليغادر الآن و إلا فالويل له .
( عندها تقف المرأة و ترحل باكية ، بينما ينسحب بعض الرجال و النساء من بين الصفوف ، و يعود الخفير لينظم الصفوف )
- - - - - - - - - - - - -
( بعد المغرب داخل دار العمدة ،
يجلس العمدة على كرسيه ، يدخل شيخ الخفر ممسكا ببعض الأوراق في يده ، يعطي العمدة التحية العسكرية )
ـ تمام يا حضرة العمدة .
ـ ماذا فعلتم اليوم ؟
ـ كما أمرتم بالضبط ، و كل شيء سجلته هنا في هذه الأوراق .
( يناوله الأوراق )
ـ هل رآك أحد و أنت تسجل ؟
ـ هل أنا بهذا الغباء سيدي ؟ لقد كنت أتصنت من الهاتف الداخلي .
( يحاول العمدة قراءة المكتوب و لكن لا فائدة )
ـ ما هذه الهلوسة ؟ و كيف لي أن أقرأها إن شاء الله ؟
ـ لا عليك يا سيدي فلقد كان نابليون لا يستطيع قراءة خط يده .
ـ نابليون ؟ اذهب إذن لتصرف الخفر و تعالى لتقرأ هذه القذارة .
ـ أمرك يا حضرة العمدة أمرك .
( يخرج شيخ الخفر بسرعة ، ما يلبث أن يعود ، يتناول الأوراق و يحاول القراءة )
ـ حسن أبو خميس طلق زوجته و تحدث إلى أهلها بالمدينة لكي يأتوا ليأخذوا أثاث بيتها .
ـ و لماذا طلقها إذن ؟
ـ لأنها لم تنجب حتى الآن .
ـ و من السبب ؟
ـ كل منهم يلقي اللوم على الآخر .
ـ و ماذا أيضا ؟
ـ نحمده بنت إسماعيل سيتزوجها شاب من القاهرة .
ـ و كيف تعرفت عليه ؟
ـ كان يعمل معها في المصنع الموجود بالمركز ، و سيأتي هو و أهله يوم الأربعاء لكي يطلبون يدها من أبيها .
ـ و ماذا أيضا ؟ هات ما عندك .
ـ حسان أبا جمعة له أخ يعمل بالخليج أرسل له ألفان من الجنيهات مع أحد أصحابه و الذي سيصل غدا وقت الظهيرة .
ـ و ماذا يعمل أخاه هناك ؟
ـ يقولون أنه يعمل بإحدى المزارع هناك .
ـ هل تكلم احد الأولاد المثقفين ؟
ـ لا لم يحدث ، و لكن أين سيذهبون ؟ فلا يوجد غير هاتفك بالبلدة .
ـ و هاتف الولد حسونة ؟
ـ لقد أتى اليوم هذا الأفاق ليتحدث من هاتفنا ، و لكنني طردته شر طرده .
ـ و لماذا أيها الغبي ؟
ـ و هل يعقل أن يكون لديه هاتف ثم يأتي ليتحدث من هاتفنا ؟
ـ أيها التعس ، و لماذا أقوم بكل هذا أيها الشقي ؟ خرب الله بيتك ، فلترسل أحد هؤلاء الخفر ليقطع أسلاك هاتفه الآن ، و إذا ما جاءك ليتحدث فاتركه ، هل تفهم أم لا ؟
ـ كما تحب يا حضرة العمدة .
ـ و غدا تجعل أحد هؤلاء الخفر يقدم لهم الشاي أيضا ؟
ـ و لماذا لا نقدم لهم وجبة الغداء أيضا ؟
( يضربه العمدة على رأسه )
ـ هل تستخف بما أقول أيها الأحمق ؟
ـ لكنك ستفلتهم من بين أيدينا يا سيدي .
ـ لا عليك أيها الغبي ، لا عليك ،
و غدا أيضا تعطي كل منهم رقما ، و في نهاية اليوم تجمع هذه الأرقام لتخلطها و تسحب أحداها ، و من يفوز سيكون من حقه أن يكون أول من يتحدث منهم في اليوم التالي و يفوز بمكالمة أخرى أيضا ، فيكفي أننا نعرف كل كبيرة و صغيرة مما يدور ببلدتنا ، هذه وحدها تساوي ثقلها ذهبا أيها الحمقى ،
لا أدري ماذا كنتم ستفعلون لو لم يرزقكم الله بمثلي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كل منهم يريد أن ينال دوره للتحدث من خلال هاتف العمدة المجاني ،
وقف الخفر يصفون الناس ،
بينما أخذ شيخ الخفر يصيح بالجموع )
ـ ما هذا ؟ ألا يمكن أن نتعلم النظام أبدا ؟
حسنا ، حسنا ، فلنقف صفا واحدا ، ألا يمكن أن نلتزم ؟
مرة واحدة فقط دون عصاه ؟
دائما هكذا ؟ ألا يكفيكم أن العمدة جعل الهاتف لكم جميعا مجانا ؟
سبحان الله ، في أي بلاد العالم ستجدون هذا الكرم ؟
نؤكد مرة أخرى : يجب على كل منكم أن يأخذ دوره ،
جرت العادة أن لكل من النساء و الرجال صفا مستقلا ،
رويدكم ، فلا فارق هنا بين رجل و امرأة ،
سنأخذ امرأة أولا ثم رجل و هكذا ، و من يدخل للتحدث من خلال الهاتف ينتهي سريعا ، أي أنه لا داعي أبدا للإطالة ، لا داعي أبدا لهذه القصص الخاصة بالنساء ، و لقد اعذر من انذر ، لكي لا يقول أحد منكم أنني لم احذره .
أنت هناك ، أيها المدعو (حسونة) لماذا تأتي لتتكلم من هنا ؟ ألا يوجد لديكم هاتف ؟ أم أنكم تحبون الإكثار من أي شيء مجاني ؟
ـ ألست مثلهم يا شيخ الخفر ؟
ـ لا لست مثلهم طبعا ، فأنت لديك هاتف بمنزلك لتتكلم منه .
ـ لن أرحل أبدا ، فأنا ينطبق علي ما ينطبق عليهم .
ـ الويل لك ، اطردوا هذا المارق من هنا أيها الخفر .
( يذهب الخفر إليه ، يجذبونه من جلبابه بعيدا ، يحاول التخلص من بين أيديهم و لا فائدة ، يذهب الرجل بعيدا و هو يصيح )
ـ و الله لأخبرن العمدة بما حدث ، ألست من أهل القرية ؟
( يدخل شيخ الخفر إلى داخل دار العمدة بينما الخفر يقومون بتنظيم الأهالي ، ينادي شيخ الخفر من الداخل )
ـ فليدخل أولهم يا أبا سليمان .
ـ هيا فلتدخل أنت يا حسن يا أبا خميس .
( يصرخ احد الرجال )
ـ و لماذا أبا خميس ؟ لقد حضرت قبله ، أم أنك تكرمه لقرابتكم ؟
ـ هكذا إن كان يعجبك ، إنه منطق القوة الذي أتحدث به ، و الله إذا فتحت فاك ثانية فلن ترى الهاتف أبدا ، ما رأيك إذن ؟
( عندها يتراجع الرجل ، لكنه يتكلم بصوت خفيض بكلام غير مفهوم )
ـ ماذا تقول أيها الأحمق ؟
ـ لا شيء لا شيء ، إنما أدعو لك ، ألا تريد أن أدعو لك ؟
ـ ويلك لو كنت تتكلم عني بسوء .
( يتحرك شاب من بين الجموع يقترب من الخفير ، يهمس في أذنه )
ـ أمي تقرؤك السلام و تقول لك لماذا لم تمر عليها لتأخذ ما أعددته من أجلك من طعام ؟ و تقول لك أنها تريد أن تحدث أخي بالعراق .
( يلتفت الخفير إليه يهمس في أذنه )
ـ قل لها بعد قليل ، فلا فرصة هناك الآن كما ترى ( يغمز بعينه ، ثم يرفع صوته ) لا يوجد عندي تفرقة ، فكلكم عندي سواسية ، هيا من هنا هيا .
( ينصرف الولد ، يشير الخفير بعصاه لإحدى النساء الواقفات )
ـ المرأة التي هناك ، من أنت أيتها المرأة ؟
ـ إنما أنا من القرية المجاورة .
ـ نعم ، القرية المجاورة ؟ هيا من هنا هيا ....
( يذهب إليها يدفعها بقوة فتقع المرأة أرضا ، عندها تحدث ضجة بين الجموع )
ـ اتركها تتحدث أيها الرجل .
ـ أليست مثلنا ؟
ـ هل سيتضرر الهاتف إذا ما تحدثت هذه المسكينة ؟
ـ ويحكم أيها التعساء ، و يحكم ، إياكم أن أسمع كلاما من أحدكم ، ليلتزم كل منكم الصمت و إلا .... ، هذا الأمر يخص أهالي قريتنا فقط ، هيا يا امرأة هيا ، و ليسمع كل منكم هذا التنبيه ، من منكم ليس من قريتنا فليغادر الآن و إلا فالويل له .
( عندها تقف المرأة و ترحل باكية ، بينما ينسحب بعض الرجال و النساء من بين الصفوف ، و يعود الخفير لينظم الصفوف )
- - - - - - - - - - - - -
( بعد المغرب داخل دار العمدة ،
يجلس العمدة على كرسيه ، يدخل شيخ الخفر ممسكا ببعض الأوراق في يده ، يعطي العمدة التحية العسكرية )
ـ تمام يا حضرة العمدة .
ـ ماذا فعلتم اليوم ؟
ـ كما أمرتم بالضبط ، و كل شيء سجلته هنا في هذه الأوراق .
( يناوله الأوراق )
ـ هل رآك أحد و أنت تسجل ؟
ـ هل أنا بهذا الغباء سيدي ؟ لقد كنت أتصنت من الهاتف الداخلي .
( يحاول العمدة قراءة المكتوب و لكن لا فائدة )
ـ ما هذه الهلوسة ؟ و كيف لي أن أقرأها إن شاء الله ؟
ـ لا عليك يا سيدي فلقد كان نابليون لا يستطيع قراءة خط يده .
ـ نابليون ؟ اذهب إذن لتصرف الخفر و تعالى لتقرأ هذه القذارة .
ـ أمرك يا حضرة العمدة أمرك .
( يخرج شيخ الخفر بسرعة ، ما يلبث أن يعود ، يتناول الأوراق و يحاول القراءة )
ـ حسن أبو خميس طلق زوجته و تحدث إلى أهلها بالمدينة لكي يأتوا ليأخذوا أثاث بيتها .
ـ و لماذا طلقها إذن ؟
ـ لأنها لم تنجب حتى الآن .
ـ و من السبب ؟
ـ كل منهم يلقي اللوم على الآخر .
ـ و ماذا أيضا ؟
ـ نحمده بنت إسماعيل سيتزوجها شاب من القاهرة .
ـ و كيف تعرفت عليه ؟
ـ كان يعمل معها في المصنع الموجود بالمركز ، و سيأتي هو و أهله يوم الأربعاء لكي يطلبون يدها من أبيها .
ـ و ماذا أيضا ؟ هات ما عندك .
ـ حسان أبا جمعة له أخ يعمل بالخليج أرسل له ألفان من الجنيهات مع أحد أصحابه و الذي سيصل غدا وقت الظهيرة .
ـ و ماذا يعمل أخاه هناك ؟
ـ يقولون أنه يعمل بإحدى المزارع هناك .
ـ هل تكلم احد الأولاد المثقفين ؟
ـ لا لم يحدث ، و لكن أين سيذهبون ؟ فلا يوجد غير هاتفك بالبلدة .
ـ و هاتف الولد حسونة ؟
ـ لقد أتى اليوم هذا الأفاق ليتحدث من هاتفنا ، و لكنني طردته شر طرده .
ـ و لماذا أيها الغبي ؟
ـ و هل يعقل أن يكون لديه هاتف ثم يأتي ليتحدث من هاتفنا ؟
ـ أيها التعس ، و لماذا أقوم بكل هذا أيها الشقي ؟ خرب الله بيتك ، فلترسل أحد هؤلاء الخفر ليقطع أسلاك هاتفه الآن ، و إذا ما جاءك ليتحدث فاتركه ، هل تفهم أم لا ؟
ـ كما تحب يا حضرة العمدة .
ـ و غدا تجعل أحد هؤلاء الخفر يقدم لهم الشاي أيضا ؟
ـ و لماذا لا نقدم لهم وجبة الغداء أيضا ؟
( يضربه العمدة على رأسه )
ـ هل تستخف بما أقول أيها الأحمق ؟
ـ لكنك ستفلتهم من بين أيدينا يا سيدي .
ـ لا عليك أيها الغبي ، لا عليك ،
و غدا أيضا تعطي كل منهم رقما ، و في نهاية اليوم تجمع هذه الأرقام لتخلطها و تسحب أحداها ، و من يفوز سيكون من حقه أن يكون أول من يتحدث منهم في اليوم التالي و يفوز بمكالمة أخرى أيضا ، فيكفي أننا نعرف كل كبيرة و صغيرة مما يدور ببلدتنا ، هذه وحدها تساوي ثقلها ذهبا أيها الحمقى ،
لا أدري ماذا كنتم ستفعلون لو لم يرزقكم الله بمثلي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟