شام
08-09-2009, 17:07
♦..♣..♦
●
●
ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 9-26
قال الله تعالى : { أَْمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) }
سبب نزول قصة أصحاب الكهف :
ما ذكره محمد بن إسحاق و غيره في السيرة أن قريشاً بعثوا إلى اليهود يسألونهم عن أشياء يمتحنون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم و يسألونه عنها, ليختبروا ما يجيب به فيها فقالوا : سلوه عن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدري ما صنعوا , و عن رجل طواف في الأرض و عن الروح . فأنزل الله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ وَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ } و قال ههنا : { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا } أي , ليسوا بعجب عظيم بالنسبة إلى ما أطلعناك عليه من الأخبار الجليلة , و الآيات الباهرة و العجائب الغريبة . و الكهف هو الغار في الجبل .
القصة:
كانت توجد قرية مشركة , ضل ملكها و أهلها عن الطريق المستقيم ، و عبدوا مع الله مالا يضرهم و لا ينفعهم . عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، و لا يرضون أن يمسها أحد بسوء . ويؤذون كل من يكفر بها، و لا يعبدها.
في هذا المجتمع الظال ، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء . ثلة قليلة حكّمت عقلها، و رفضت السجود لغير خالقها، الله الذي بيده كل شيء . فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم . و ألهمهم طريق الرشاد.
لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء و لا رسلا، و لم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقواهم . إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، و طلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله. ثم قرروا النجاة بدينهم و بأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه . فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون.
عزم الفتية على الخروج من القرية، و التوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا و معهم ***هم من المدينة الواسة، للكهف الضيق . تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا. زهدوا في الأسرّية الوثيرة، و الحجر الفسيحة، و إختاروا كهفا ضيقا مظلما.
إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه . و يرى الكهف قصرا، إن ملء قلبه بحب الله . و هؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، و إنما خرجوا طمعا في رضى الله . وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله و نيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها .
إستلقى الفتية في الكهف، و جلس كلـبهم على باب الكهف يحرسه . و هنا حدثت معجزة إلاهية . لقد نام الفتية ثلاثمئة و تسع سنوات . وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم و تغرب عن شماله، فتصيبهم أشعتها في أول و لا آخر النهار. و كانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم . فكان الناظر إليهم يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم .
بعد هذه السنين الثلاث ، بعثهم الله مرة أخرى . إستيقضوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم . و كانت آثار النوم الطويل بادية عليهم . فتساءلوا : كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم : لبثنا يوما أو بعض يوم . لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة . المهم أنهم أستيقظوا و عليهم أن يتدبروا أمورهم .
فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، و أن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد . فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم . فيخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت .
خرج واحدٌ منهم متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن و الوجوه. تغيّرت البضائع و النقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم و ليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. و لم يكن صعبا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها و نقوده التي يحملها.
فعرف أن ملكها الطاغي و الظالم قد أهلك ، و جاء مكانه رجل صالح . و بعدما تبيّن لهم فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين . لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. و هاجروا لكيلا يفتنوا في دينهم . و بعد عودتهم حق على أهل القرية أن يرحبوا بهم .
و بعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات . و بعدما إستيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه و تعالى على بعث الموتى . برؤية مثال واقعي ملموس أمامهم . أخذ الله أرواح الفتية . فلكل نفس أجل، و لا بد لها أن تموت . فاختلف أهل القرية. فمنهم من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، و منهم من طالب ببناء مسجد، و غلبت الفئة الثانية.
لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى عليه السلام، أم كانوا بعده . هل آمنوا بربهم من من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان . هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم ***هم، أم خمسة سادسهم ***هم، أم سبعة و ثامنهم ***هم. كل هذه أمور مجهولة . إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، و علمها إليه جلّت قدرته و عظمته . فالعبرة ليست في العدد، و إنما فيما آل إليه الأمر من عبرة جليلة و موعظة تقدّست لها الروح بالصلاة , الذكر و الشكر
♦..♣..♦
●
●
●
●
ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 9-26
قال الله تعالى : { أَْمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) }
سبب نزول قصة أصحاب الكهف :
ما ذكره محمد بن إسحاق و غيره في السيرة أن قريشاً بعثوا إلى اليهود يسألونهم عن أشياء يمتحنون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم و يسألونه عنها, ليختبروا ما يجيب به فيها فقالوا : سلوه عن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدري ما صنعوا , و عن رجل طواف في الأرض و عن الروح . فأنزل الله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ وَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ } و قال ههنا : { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا } أي , ليسوا بعجب عظيم بالنسبة إلى ما أطلعناك عليه من الأخبار الجليلة , و الآيات الباهرة و العجائب الغريبة . و الكهف هو الغار في الجبل .
القصة:
كانت توجد قرية مشركة , ضل ملكها و أهلها عن الطريق المستقيم ، و عبدوا مع الله مالا يضرهم و لا ينفعهم . عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، و لا يرضون أن يمسها أحد بسوء . ويؤذون كل من يكفر بها، و لا يعبدها.
في هذا المجتمع الظال ، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء . ثلة قليلة حكّمت عقلها، و رفضت السجود لغير خالقها، الله الذي بيده كل شيء . فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم . و ألهمهم طريق الرشاد.
لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء و لا رسلا، و لم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقواهم . إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، و طلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله. ثم قرروا النجاة بدينهم و بأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه . فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون.
عزم الفتية على الخروج من القرية، و التوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا و معهم ***هم من المدينة الواسة، للكهف الضيق . تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا. زهدوا في الأسرّية الوثيرة، و الحجر الفسيحة، و إختاروا كهفا ضيقا مظلما.
إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه . و يرى الكهف قصرا، إن ملء قلبه بحب الله . و هؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، و إنما خرجوا طمعا في رضى الله . وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله و نيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها .
إستلقى الفتية في الكهف، و جلس كلـبهم على باب الكهف يحرسه . و هنا حدثت معجزة إلاهية . لقد نام الفتية ثلاثمئة و تسع سنوات . وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم و تغرب عن شماله، فتصيبهم أشعتها في أول و لا آخر النهار. و كانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم . فكان الناظر إليهم يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم .
بعد هذه السنين الثلاث ، بعثهم الله مرة أخرى . إستيقضوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم . و كانت آثار النوم الطويل بادية عليهم . فتساءلوا : كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم : لبثنا يوما أو بعض يوم . لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة . المهم أنهم أستيقظوا و عليهم أن يتدبروا أمورهم .
فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، و أن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد . فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم . فيخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت .
خرج واحدٌ منهم متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن و الوجوه. تغيّرت البضائع و النقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم و ليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. و لم يكن صعبا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها و نقوده التي يحملها.
فعرف أن ملكها الطاغي و الظالم قد أهلك ، و جاء مكانه رجل صالح . و بعدما تبيّن لهم فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين . لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. و هاجروا لكيلا يفتنوا في دينهم . و بعد عودتهم حق على أهل القرية أن يرحبوا بهم .
و بعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات . و بعدما إستيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه و تعالى على بعث الموتى . برؤية مثال واقعي ملموس أمامهم . أخذ الله أرواح الفتية . فلكل نفس أجل، و لا بد لها أن تموت . فاختلف أهل القرية. فمنهم من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، و منهم من طالب ببناء مسجد، و غلبت الفئة الثانية.
لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى عليه السلام، أم كانوا بعده . هل آمنوا بربهم من من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان . هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم ***هم، أم خمسة سادسهم ***هم، أم سبعة و ثامنهم ***هم. كل هذه أمور مجهولة . إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، و علمها إليه جلّت قدرته و عظمته . فالعبرة ليست في العدد، و إنما فيما آل إليه الأمر من عبرة جليلة و موعظة تقدّست لها الروح بالصلاة , الذكر و الشكر
♦..♣..♦
●
●