شام
03-06-2009, 01:28
بعد 100 عام كاملة، احتلّت خلالها عرش إنتاج السيّارات في الولايات المتّحدة وحتّى في العالم، سقطت الشركة الأسطوريّة «General Motors» في هوّة الإفلاس. فالإدارة السيّئة خلال السنوات الماضية، وارتفاع حدّة المنافسة عالمياً جعلا الأزمة العالميّة قشّة قصمت ظهر هذا العملاق، الذي ازدهر مع النفط الرخيص، والآن ستحدّد إدارة باراك أوباما مصير إرثه
إنّه الإفلاس الأكبر المسجّل في القطاع الصناعي في الولايات المتّحدة. فديترويت، عاصمة صناعة السيّارات في أكبر اقتصاد عالميّ شهدت أمس، تقديم عملاقها «General Motors»، طلباً إلى محكمة التفليس في نيويورك للحماية القانونيّة تحت «الفصل 11». طلب يمثّل نهاية دراماتيكيّة للشركة، التي مثّلت وقتاً طويلاً القوّة الاقتصاديّة والصناعيّة الأميركيّة، لدرجة أنّها تحوّلت إلى صناعة الذخائر والمعدّات العسكريّة في الحرب العالميّة الثانية! وإذا كانت الحرب العسكريّة قد جعلت «GM» تزدهر فإنّ حرب المنافسة والحروب الماليّة وما ينتج منها من أزمات، إضافة إلى هوّات كثيرة سقطت فيها إدارتها دفعتها إلى الانهيار، لتسيطر على غالبيّة حصصها الإدارة الأميركيّة، التي دعمتها منذ العام الماضي بقروض تفوق قميتها 20 مليار دولار.
تلك القروض لم تكن كافية للنجاة من مطالب الدائنين، وصعوبات أسواق التمويل والتصريف. وبالتالي، أضحت السلطات الفدراليّة مضطرّة إلى إحكام السيطرة عبر مدّ الشركة بـ30 مليار دولار إضافيّة، للمضيّ قدماً في خطّة التفليس.
وستسيطر الدولة على 60 في المئة من «GM»، فيما ستبلغ حصّة الحكومة الكنديّة فيها 12.5 في المئة. كما يحصل الدائنون الأساسيّون، أي حاملو 54 في المئة من السندات التي تبلغ قيمتها 27 مليار دولار، على حصّة تبلغ 10 في المئة مع إمكان السيطرة في المستقبل على 15 في المئة إضافيّة. وتبقى حصّة 17.5 في المئة سيسيطر عليها الصندوق الصحّي لنقابة العمّال. ما يعني أنّ حصص حاملي الأسهم الحاليّين ستمحى كلياً.
إجراءات الإفلاس ستمتّد بين شهرين وثلاثة أشهر، وستنشأ بعدها «GM» بحلّة جديدة، «New GM»، أساسها الحجم الأصغر وطبعاً السيطرة الحكوميّة. وأنواع السيّارات التي ستنتجها ستكون محصورة بـ«Buick» و«Chevrolet» و«Cadillac» وبالتأكيد «GMC». فيما سينتهي إرث «Pontiac» وستُعرض وحدتا «Hummer» و«Saab» للبيع.
ومع خفض حجم الأعمال ستلغي الشركة وظائف كثيرة، سيبلغ عددها 31 ألف وظيفة، أي ما يمثّل 34 في المئة من قوّة العمل الحاليّة. كما سيُخفض عدد الوكالات بواقع 2600 وكالة. وسيُقفل 11 مصنعاً.
وبنظرة سريعة تظهر قوّة الشركة وضخامتها من خلال المعطيات التالية: توظّف 230 ألف عامل حول العالم، ويستفيد منها صحياً ومن معاشات التقاعد أكثر من مليون أميركيّ، وتنتج أكثر من 20 ألف سيّارة عالمياً.
وإذا كانت الشركة اليابانيّة «Toyota» قد أطاحت العملاق الأميركي منذ فترة عن رأس الشركات عالمياً، من حيث حجم المبيعات، فإنّ إفلاس «GM» يعدّ الحجر الأساس في عمليّة إعادة الهيكلة التي يخضع لها هذا القطاع عالمياً.
فهذا الإفلاس يأتي بعدما تقدمّت «زميلة» «GM» في ديترويت «Chrysler» بطلب حماية محكمة التفليس الشهر الماضي. وأدّى توصّلها إلى اتفاق مع «Fiat» إلى خروجها من أحكام التفليس. فقد وافق القضاء الأميركي أمس، على صفقة حصول الشركة الإيطاليّة على حصّة 20 في المئة (يمكن أن تصل إلى 35 في المئة) من «Chrysler» على أن يحصل صندوق نقابة العمّال على حصّة غالبيّة تبلغ 55 في المئة، وتبقى حصتان صغيرتان للحكومتين الأميركيّة والكنديّة. وفي أوروبا توصّلت «GM» إلى اتفاق مع شركة «Magna» الكنديّة لبيعها فرعها «Opel» برضى الحكومة الألمانيّة ودعمها من خلال قرض قيمته 1.5 مليار دولار.
كذلك يجري الإفلاس فيما تبحث الشركات الأوروبيّة واليابانيّة عن سبل لتجنّب حالات عدم القدرة على السداد والاستمرار في سوق تضيق شيئاً فشيئاً، وخصوصاً أنّ الأسواق الناشئة التي تعوّل عليها تعتمد على المصنّعين المحلّيّين في الصين والهند.
وهذه الموجة من التغييرات في صناعة السيّارات بدأت منذ العام الماضي مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسيّة، وتراجع جاذبيّة السيّارات الشرهة للوقود، كتلك التي تختصّ «GM» في إنتاجها. فهذه السيّارات أدّت إلى تراجع تنافسيّة الشركة في السوق، مع توجّه المنافسات إلى إنتاج السيّارت الأكثر ديناميكيّة وتوفيراً للوقود. فحتّى وحدة «Saturn» التي أنشأتها «GM» في نهاية ثمانينيّات القرن الماضي، لمواجهة زحف «Toyota» و«Honda» إلى السوق الأميركيّة لم تتمكّن من الصمود بسبب قلّة الاهتمام بها، وهي الآن معروضة للبيع مثل «Hummer».
وهكذا يكون يوم أمس قد شهد انتهاء إمبراطوريّة صناعة سيّارات (بشكلها التقليدي) أسّسها ويليام دورانت عام 1908، ونقلها المدير التنفيذي ألفريد سلون إلى مستويات ذهبيّة في القرن العشرين. والآن تنتقل إلى الملكيّة الحكوميّة بسبب أخطاء نموذج إدارة فاشل انتهى مع المدير التنفيذي ريك واغنر في بداية العام الجاري.
- خلال الفترة السابقة رفضت «General Motors» اللجوء إلى الإفلاس خوفاً من تأثير ذلك على زبائنها ورؤيتهم لها، وقد حاولت الحكومتان الكنديّة والأميركيّة مساعدتها على تخطّي تلك العقبات ولكن من دون نتيجة.
فمثل «Chrysler» تأثّرت «GM» كثيراً بالركود المسيطر على الاقتصاد الأميركي منذ كانون الأوّل من عام 2007. وإلى مشاكلها الهيكليّة أُضيف تراجع المبيعات لتصل حصّتها من السوق الداخليّة إلى 22.5 في المئة فقط، بعدما كانت 44.5 في المئة عام 1980، وذلك مع توجّه المستهكلين نحو سيّارات أجنبيّة أكثر ملاءمة للعصر.
المصدر: الأخبار السورية
إنّه الإفلاس الأكبر المسجّل في القطاع الصناعي في الولايات المتّحدة. فديترويت، عاصمة صناعة السيّارات في أكبر اقتصاد عالميّ شهدت أمس، تقديم عملاقها «General Motors»، طلباً إلى محكمة التفليس في نيويورك للحماية القانونيّة تحت «الفصل 11». طلب يمثّل نهاية دراماتيكيّة للشركة، التي مثّلت وقتاً طويلاً القوّة الاقتصاديّة والصناعيّة الأميركيّة، لدرجة أنّها تحوّلت إلى صناعة الذخائر والمعدّات العسكريّة في الحرب العالميّة الثانية! وإذا كانت الحرب العسكريّة قد جعلت «GM» تزدهر فإنّ حرب المنافسة والحروب الماليّة وما ينتج منها من أزمات، إضافة إلى هوّات كثيرة سقطت فيها إدارتها دفعتها إلى الانهيار، لتسيطر على غالبيّة حصصها الإدارة الأميركيّة، التي دعمتها منذ العام الماضي بقروض تفوق قميتها 20 مليار دولار.
تلك القروض لم تكن كافية للنجاة من مطالب الدائنين، وصعوبات أسواق التمويل والتصريف. وبالتالي، أضحت السلطات الفدراليّة مضطرّة إلى إحكام السيطرة عبر مدّ الشركة بـ30 مليار دولار إضافيّة، للمضيّ قدماً في خطّة التفليس.
وستسيطر الدولة على 60 في المئة من «GM»، فيما ستبلغ حصّة الحكومة الكنديّة فيها 12.5 في المئة. كما يحصل الدائنون الأساسيّون، أي حاملو 54 في المئة من السندات التي تبلغ قيمتها 27 مليار دولار، على حصّة تبلغ 10 في المئة مع إمكان السيطرة في المستقبل على 15 في المئة إضافيّة. وتبقى حصّة 17.5 في المئة سيسيطر عليها الصندوق الصحّي لنقابة العمّال. ما يعني أنّ حصص حاملي الأسهم الحاليّين ستمحى كلياً.
إجراءات الإفلاس ستمتّد بين شهرين وثلاثة أشهر، وستنشأ بعدها «GM» بحلّة جديدة، «New GM»، أساسها الحجم الأصغر وطبعاً السيطرة الحكوميّة. وأنواع السيّارات التي ستنتجها ستكون محصورة بـ«Buick» و«Chevrolet» و«Cadillac» وبالتأكيد «GMC». فيما سينتهي إرث «Pontiac» وستُعرض وحدتا «Hummer» و«Saab» للبيع.
ومع خفض حجم الأعمال ستلغي الشركة وظائف كثيرة، سيبلغ عددها 31 ألف وظيفة، أي ما يمثّل 34 في المئة من قوّة العمل الحاليّة. كما سيُخفض عدد الوكالات بواقع 2600 وكالة. وسيُقفل 11 مصنعاً.
وبنظرة سريعة تظهر قوّة الشركة وضخامتها من خلال المعطيات التالية: توظّف 230 ألف عامل حول العالم، ويستفيد منها صحياً ومن معاشات التقاعد أكثر من مليون أميركيّ، وتنتج أكثر من 20 ألف سيّارة عالمياً.
وإذا كانت الشركة اليابانيّة «Toyota» قد أطاحت العملاق الأميركي منذ فترة عن رأس الشركات عالمياً، من حيث حجم المبيعات، فإنّ إفلاس «GM» يعدّ الحجر الأساس في عمليّة إعادة الهيكلة التي يخضع لها هذا القطاع عالمياً.
فهذا الإفلاس يأتي بعدما تقدمّت «زميلة» «GM» في ديترويت «Chrysler» بطلب حماية محكمة التفليس الشهر الماضي. وأدّى توصّلها إلى اتفاق مع «Fiat» إلى خروجها من أحكام التفليس. فقد وافق القضاء الأميركي أمس، على صفقة حصول الشركة الإيطاليّة على حصّة 20 في المئة (يمكن أن تصل إلى 35 في المئة) من «Chrysler» على أن يحصل صندوق نقابة العمّال على حصّة غالبيّة تبلغ 55 في المئة، وتبقى حصتان صغيرتان للحكومتين الأميركيّة والكنديّة. وفي أوروبا توصّلت «GM» إلى اتفاق مع شركة «Magna» الكنديّة لبيعها فرعها «Opel» برضى الحكومة الألمانيّة ودعمها من خلال قرض قيمته 1.5 مليار دولار.
كذلك يجري الإفلاس فيما تبحث الشركات الأوروبيّة واليابانيّة عن سبل لتجنّب حالات عدم القدرة على السداد والاستمرار في سوق تضيق شيئاً فشيئاً، وخصوصاً أنّ الأسواق الناشئة التي تعوّل عليها تعتمد على المصنّعين المحلّيّين في الصين والهند.
وهذه الموجة من التغييرات في صناعة السيّارات بدأت منذ العام الماضي مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسيّة، وتراجع جاذبيّة السيّارات الشرهة للوقود، كتلك التي تختصّ «GM» في إنتاجها. فهذه السيّارات أدّت إلى تراجع تنافسيّة الشركة في السوق، مع توجّه المنافسات إلى إنتاج السيّارت الأكثر ديناميكيّة وتوفيراً للوقود. فحتّى وحدة «Saturn» التي أنشأتها «GM» في نهاية ثمانينيّات القرن الماضي، لمواجهة زحف «Toyota» و«Honda» إلى السوق الأميركيّة لم تتمكّن من الصمود بسبب قلّة الاهتمام بها، وهي الآن معروضة للبيع مثل «Hummer».
وهكذا يكون يوم أمس قد شهد انتهاء إمبراطوريّة صناعة سيّارات (بشكلها التقليدي) أسّسها ويليام دورانت عام 1908، ونقلها المدير التنفيذي ألفريد سلون إلى مستويات ذهبيّة في القرن العشرين. والآن تنتقل إلى الملكيّة الحكوميّة بسبب أخطاء نموذج إدارة فاشل انتهى مع المدير التنفيذي ريك واغنر في بداية العام الجاري.
- خلال الفترة السابقة رفضت «General Motors» اللجوء إلى الإفلاس خوفاً من تأثير ذلك على زبائنها ورؤيتهم لها، وقد حاولت الحكومتان الكنديّة والأميركيّة مساعدتها على تخطّي تلك العقبات ولكن من دون نتيجة.
فمثل «Chrysler» تأثّرت «GM» كثيراً بالركود المسيطر على الاقتصاد الأميركي منذ كانون الأوّل من عام 2007. وإلى مشاكلها الهيكليّة أُضيف تراجع المبيعات لتصل حصّتها من السوق الداخليّة إلى 22.5 في المئة فقط، بعدما كانت 44.5 في المئة عام 1980، وذلك مع توجّه المستهكلين نحو سيّارات أجنبيّة أكثر ملاءمة للعصر.
المصدر: الأخبار السورية