ابو فارس
29-12-2008, 22:40
مشاركة من المنقول في ازمة غزة
يتكررُ في فتراتٍ من التاريخ، لمن تأملَ انسياح الإسلامِ في الأرضِ وغلبة المسلمين، أو انحسار مدَّ الإسلام وهيمنة غير المسلمين، وإذا كانت أكثريةُ المسلمين تلتزمُ بالإسلامِ في حالةِ غلبته، فإنَّ القلةَ من المسلمينَ من يتمالكُ نفسهُ، ويلتزمُ بمقتضياتِ العقيدة والدين، ويصبرُ على اللأواءِ والمحن، في حالِ غلبةِ أعداءِ الدين، إذ من الناسِ من يُصابُ بالهلعِ وفقدانَ الثقةِ بنصرةِ هذا الدين، ويُصابَ آخرون بالإحباطِ واليأس والقنوطِ من رحمة الله، والتسخطِ لأقدارِ الله، وتلك أدواءٌ قاتلة، وهي منافيةً لحقيقةِ التوحيد، من الصبر واليقين، والتقوى والتوكل على رب العالمين.
وهذا الشعورُ قديم، وهذهِ الفتنةُ غير مستحدثة، وهذا الهاجسُ تحدثَ عنه العلماءَ السابقون، وذلك حين أصيبت الأمة، وكادَ اليأسُ يلفُّ بعضِ المنتسبين للإسلام.
يقولُ شيخُ الإسلام ابن تيميه- رحمه الله -، (وهُنا نكتةٌ نافعة، وهي أنَّ الإنسانَ قد يسمعُ ويرى ما يصيبُ كثيراً من أهل لإيمان والإسلام في الدنيا في المصائب، وما يصيبُ كثيراً من الكفَّار والفجَّار في الدنيا، من الرياسةِ والمال وغير ذلك، فيعتقدُ أنَّ النعيمَ في الدنيا لا يكونُ إلاَّ لأهلِ الكُفر والفجور، وأنَّ المؤمنين ليس لهم في الدنيا ما يتنعمون به إلا قليلاً، وكذلك قد يعتقدُ أنَّ العزةَ والنُّصرةَ قد تستقرُ للكفار والمنافقين على المؤمنين، وإذا سمع ما جاءَ في القرآن من أنَّ العزةَ لله ولرسولهِ وللمؤمنين، وأنَّ العاقبةَ للتقوى، وقولَ الله - تعالى -: ((وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)) (الصافات: 173) وهو ممن يصدقُ بالقرآن حملَ هذه الآيات على الدارِ الآخرة فقط، وقال: أمَّا في الدنيا فما نرى بأعيننا إلاَّ أنَّ الكفارَ والمنافقين فيها يظهرون ويغلبون المؤمنين...الخ [1].
وهذا تلميذهُ الشيخُ ابن القيم- رحمه الله -، يعرضُ أمامَ ناظريك أيَّها المسلمُ الحكمةُ من وراءِ تمكين أهلِّ الكُفر والفسوقِ والعصيان فيقول: (وكان في تمكينِ أهلُ الكفرِ والفسوق والعصيان، من ذلك إيصالُ أولياءِ الله إلى الكمالِ الذي يحصل لهم بمعاداةِ هؤلاءِ وجهادهم، والإنكارِ عليهم والموالاة فيه والمعاداة فيه، وبذلُ نفوسهم وأموالهم وقواهم له، فإنَّ تمام العبوديةِ لا يحصلُ إلاَّ بالمحبةِ الصادقة، وإنَّما تكونُ المحبةُ صادقةً إذا بذلَ فيها المُحبُّ ما يملكُهُ من مالٍ ورياسةٍ وقوةٍ في مرضاة محبوبهِ والتقربُ إليه، فإذا بذلَ لهُ رُوحهُ كان ذلك أعلى درجاتِ المحبة، ومن المعلومِ أنَّ من لوازمِ ذلك أن يخلقَ ذواتاً وأسباباً وأعمالا، وأخلاقاً وطبائعَ تقتضي معاداةُ من يحبه.
إلى أن يقول: فلولا خلقِ الأضدادِ، وتسليطِ أعدائهِ وامتحانِ أوليائه لم يستخرج خاص العبوديةِ من عبيده الذين هم عبيدَه، ولم يحصل لهم عبوديةُ الموالاة فيه والمعاداة فيه، والحبُّ فيه والبغضُ فيه، والعطاءُ له والمنعُ له) [2].
: نستبطئُ النصر أحياناً ونحنُ بعدُ لم نُقدمُ للنصرِ ثمنا، ونستعجلُ النصرَ وقد لا يكونُ حانَ وقته بعد، ونتطلعُ إلى تغيرٍ مفاجئٍ في العالم، ونحنُ بعدُ لم نغيرِّ ما بأنفسنا، وبالجملةِ فهُناك معوقاتٌ للنصرِ، وأسبابٌ لتأخره، يعرفها العلماء، ويجهلها البسطاء، وأسوقُ لكم طرفاً منها، استجمعها صاحبُ الظلال- يرحمه الله - فاعقلوها وقارنوا واقعَ المسلمين بها، يقولُ سيد قطب- رحمه الله -: (والنصرُ قد يُبطئُ لأنَّ بنيةَ الأمةِ المؤمنة لم ينضجُ بعد نضجها، ولم يتمُّ بعد تمامها، ولم تحشدُ بعد طاقاتها، ولم تتحفزَ كل خليةٍ وتتجمع، لتعرف أقصى المد خور فيهما من قوى واستعدادات، فلو نالت النصرُ حينئذٍ لفقدته وشيكا، لعدمِ قُدرتهما على حمايتهِ طويلاً.
وقد يبطئُ النصرُ حتى تبذلَ الأمةُ المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة، وآخرُ ما تملكهُ من رصيدٍ، فلا تستبقي عزيزاً ولا غاليا، إلاَّ وتبذلهُ هيناً رخيصاً في سبيل الله.
وقد يبطئُ النصرُ حتى تجربُ الأمةُ المؤمنة آخر قواها، فتُدرك أنَّ هذه القوى وحدها بدون سندٍ من الله لا تكفلُ النصر، إنَّما يتنزلُ النصرُ من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها، ثُمَّ تكلُ الأمر بعدها إلى الله.
وقد يبطئُ النصرُ لأنَّ البيئةَ لا تصلحُ بعدُ لاستقبالِ الحقِّ والخيرِ، والعدلَ الذي تمثلهُ الأمةُ المؤمنة، فلو انتصرت حينئذٍ للقيت معارضةً من البيئةِ لا يستقرُ معها قرار، فيظلُ الصراعُ قائماً حتى تتهيأ النفوسُ من حوله لاستقبالِ الحقَّ الظافر لاستبقائه، من أجلِّ هذا كله، ومن أجل غيرهِ مما يعلمهُ الله، قد يبطىءُ النصر، فتتضاعفُ التضحيات، وتتضاعفُ الآلامُ، مع دفاعِ الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية، وللنصرِ تكاليفهُ وأعباؤهُ حين يأذن اللهُ به بعد استيفائه أسبابه، وأداءِ ثمنه، وتهيؤ الجوِّ حوله لاستقباله واستبقائه.
وقد يبطئُ النصرُ لتزيدَ الأمةُ المؤمنة صلتها بالله، وهي تُعاني وتتألم وتبذل، ولا تجدُ لها سنداً إلاَّ الله، ولا متوجهاً إلاَّ إليهِ وحده في الضراء، وهذهِ الصلةُ هي الضمانةُ الأولى لاستقامتها على النهجِ بعد النصر، عندما يأذنِ به الله، فلا تطغى ولا تنحرف عن الحقِّ والعدل، والخيرَ الذي نصرها الله به.
وقد يُبطئُ النصرُ لأنَّ الأمةَ المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها، وتضحياتها لله ولدعوته، فهي تُقاتلُ لمغنمٍ تُحققه، أو تُقاتلُ حميَّةً لذاتها، أو تُقاتلُ شجاعةً أمام أعدائها، واللهُ يريدُ أن يكون الجهادُ له وحدهُ وفي سبيله، بريئاً من المشاعر الأُخرى التي تلابسهُ، وقد سُئل رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: ((الرجلُ يُقاتلُ حميةً، والرجلُ يُقاتلُ شجاعةً، والرجلُ يُقاتلُ ليرى فأيَّها في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله)) [3]
كما قد يبطئُ النصرُ، لأنَّ في الشرِّ الذي تكافحهُ الأمة المؤمنة بقيةً من خيرٍ يريد
للهُ أنَّ يجردَ الشرَّ منها ليُمحِّص خالصاً، ويذهبَ وحدهُ هالكاً، لا تتلبسُ بهِ ذرةٌ من خيرٍ تذهبُ في الغمار.
وقد يبطئُ النصرُ لأنَّ الباطلَ الذي تحاربهُ الأمةُ المؤمنة لم ينكشف زيفهُ للناسِ تماماً، فلو غلبهُ المؤمنون حينئذٍ، فقد يجدُ لهُ أنصاراً من المخدوعين فيه، لم يقتنعوا بعدُ بفسادهِ وضرورةَ زواله، فتظلَ له جذورٌ في نفوسِ الأبرياءِ الذين لم تنكشف لهمُ الحقيقة، فشاءَ اللهُ أن يُبقى الباطلُ حتى يتكشفَ عارياً للناس، ويذهبَ غيرَ مأسوفٍ عليهِ من ذي بقية. [4]
قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)) (الرعد: من الآية11).
ودمتم بخير
يتكررُ في فتراتٍ من التاريخ، لمن تأملَ انسياح الإسلامِ في الأرضِ وغلبة المسلمين، أو انحسار مدَّ الإسلام وهيمنة غير المسلمين، وإذا كانت أكثريةُ المسلمين تلتزمُ بالإسلامِ في حالةِ غلبته، فإنَّ القلةَ من المسلمينَ من يتمالكُ نفسهُ، ويلتزمُ بمقتضياتِ العقيدة والدين، ويصبرُ على اللأواءِ والمحن، في حالِ غلبةِ أعداءِ الدين، إذ من الناسِ من يُصابُ بالهلعِ وفقدانَ الثقةِ بنصرةِ هذا الدين، ويُصابَ آخرون بالإحباطِ واليأس والقنوطِ من رحمة الله، والتسخطِ لأقدارِ الله، وتلك أدواءٌ قاتلة، وهي منافيةً لحقيقةِ التوحيد، من الصبر واليقين، والتقوى والتوكل على رب العالمين.
وهذا الشعورُ قديم، وهذهِ الفتنةُ غير مستحدثة، وهذا الهاجسُ تحدثَ عنه العلماءَ السابقون، وذلك حين أصيبت الأمة، وكادَ اليأسُ يلفُّ بعضِ المنتسبين للإسلام.
يقولُ شيخُ الإسلام ابن تيميه- رحمه الله -، (وهُنا نكتةٌ نافعة، وهي أنَّ الإنسانَ قد يسمعُ ويرى ما يصيبُ كثيراً من أهل لإيمان والإسلام في الدنيا في المصائب، وما يصيبُ كثيراً من الكفَّار والفجَّار في الدنيا، من الرياسةِ والمال وغير ذلك، فيعتقدُ أنَّ النعيمَ في الدنيا لا يكونُ إلاَّ لأهلِ الكُفر والفجور، وأنَّ المؤمنين ليس لهم في الدنيا ما يتنعمون به إلا قليلاً، وكذلك قد يعتقدُ أنَّ العزةَ والنُّصرةَ قد تستقرُ للكفار والمنافقين على المؤمنين، وإذا سمع ما جاءَ في القرآن من أنَّ العزةَ لله ولرسولهِ وللمؤمنين، وأنَّ العاقبةَ للتقوى، وقولَ الله - تعالى -: ((وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)) (الصافات: 173) وهو ممن يصدقُ بالقرآن حملَ هذه الآيات على الدارِ الآخرة فقط، وقال: أمَّا في الدنيا فما نرى بأعيننا إلاَّ أنَّ الكفارَ والمنافقين فيها يظهرون ويغلبون المؤمنين...الخ [1].
وهذا تلميذهُ الشيخُ ابن القيم- رحمه الله -، يعرضُ أمامَ ناظريك أيَّها المسلمُ الحكمةُ من وراءِ تمكين أهلِّ الكُفر والفسوقِ والعصيان فيقول: (وكان في تمكينِ أهلُ الكفرِ والفسوق والعصيان، من ذلك إيصالُ أولياءِ الله إلى الكمالِ الذي يحصل لهم بمعاداةِ هؤلاءِ وجهادهم، والإنكارِ عليهم والموالاة فيه والمعاداة فيه، وبذلُ نفوسهم وأموالهم وقواهم له، فإنَّ تمام العبوديةِ لا يحصلُ إلاَّ بالمحبةِ الصادقة، وإنَّما تكونُ المحبةُ صادقةً إذا بذلَ فيها المُحبُّ ما يملكُهُ من مالٍ ورياسةٍ وقوةٍ في مرضاة محبوبهِ والتقربُ إليه، فإذا بذلَ لهُ رُوحهُ كان ذلك أعلى درجاتِ المحبة، ومن المعلومِ أنَّ من لوازمِ ذلك أن يخلقَ ذواتاً وأسباباً وأعمالا، وأخلاقاً وطبائعَ تقتضي معاداةُ من يحبه.
إلى أن يقول: فلولا خلقِ الأضدادِ، وتسليطِ أعدائهِ وامتحانِ أوليائه لم يستخرج خاص العبوديةِ من عبيده الذين هم عبيدَه، ولم يحصل لهم عبوديةُ الموالاة فيه والمعاداة فيه، والحبُّ فيه والبغضُ فيه، والعطاءُ له والمنعُ له) [2].
: نستبطئُ النصر أحياناً ونحنُ بعدُ لم نُقدمُ للنصرِ ثمنا، ونستعجلُ النصرَ وقد لا يكونُ حانَ وقته بعد، ونتطلعُ إلى تغيرٍ مفاجئٍ في العالم، ونحنُ بعدُ لم نغيرِّ ما بأنفسنا، وبالجملةِ فهُناك معوقاتٌ للنصرِ، وأسبابٌ لتأخره، يعرفها العلماء، ويجهلها البسطاء، وأسوقُ لكم طرفاً منها، استجمعها صاحبُ الظلال- يرحمه الله - فاعقلوها وقارنوا واقعَ المسلمين بها، يقولُ سيد قطب- رحمه الله -: (والنصرُ قد يُبطئُ لأنَّ بنيةَ الأمةِ المؤمنة لم ينضجُ بعد نضجها، ولم يتمُّ بعد تمامها، ولم تحشدُ بعد طاقاتها، ولم تتحفزَ كل خليةٍ وتتجمع، لتعرف أقصى المد خور فيهما من قوى واستعدادات، فلو نالت النصرُ حينئذٍ لفقدته وشيكا، لعدمِ قُدرتهما على حمايتهِ طويلاً.
وقد يبطئُ النصرُ حتى تبذلَ الأمةُ المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة، وآخرُ ما تملكهُ من رصيدٍ، فلا تستبقي عزيزاً ولا غاليا، إلاَّ وتبذلهُ هيناً رخيصاً في سبيل الله.
وقد يبطئُ النصرُ حتى تجربُ الأمةُ المؤمنة آخر قواها، فتُدرك أنَّ هذه القوى وحدها بدون سندٍ من الله لا تكفلُ النصر، إنَّما يتنزلُ النصرُ من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها، ثُمَّ تكلُ الأمر بعدها إلى الله.
وقد يبطئُ النصرُ لأنَّ البيئةَ لا تصلحُ بعدُ لاستقبالِ الحقِّ والخيرِ، والعدلَ الذي تمثلهُ الأمةُ المؤمنة، فلو انتصرت حينئذٍ للقيت معارضةً من البيئةِ لا يستقرُ معها قرار، فيظلُ الصراعُ قائماً حتى تتهيأ النفوسُ من حوله لاستقبالِ الحقَّ الظافر لاستبقائه، من أجلِّ هذا كله، ومن أجل غيرهِ مما يعلمهُ الله، قد يبطىءُ النصر، فتتضاعفُ التضحيات، وتتضاعفُ الآلامُ، مع دفاعِ الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية، وللنصرِ تكاليفهُ وأعباؤهُ حين يأذن اللهُ به بعد استيفائه أسبابه، وأداءِ ثمنه، وتهيؤ الجوِّ حوله لاستقباله واستبقائه.
وقد يبطئُ النصرُ لتزيدَ الأمةُ المؤمنة صلتها بالله، وهي تُعاني وتتألم وتبذل، ولا تجدُ لها سنداً إلاَّ الله، ولا متوجهاً إلاَّ إليهِ وحده في الضراء، وهذهِ الصلةُ هي الضمانةُ الأولى لاستقامتها على النهجِ بعد النصر، عندما يأذنِ به الله، فلا تطغى ولا تنحرف عن الحقِّ والعدل، والخيرَ الذي نصرها الله به.
وقد يُبطئُ النصرُ لأنَّ الأمةَ المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها، وتضحياتها لله ولدعوته، فهي تُقاتلُ لمغنمٍ تُحققه، أو تُقاتلُ حميَّةً لذاتها، أو تُقاتلُ شجاعةً أمام أعدائها، واللهُ يريدُ أن يكون الجهادُ له وحدهُ وفي سبيله، بريئاً من المشاعر الأُخرى التي تلابسهُ، وقد سُئل رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: ((الرجلُ يُقاتلُ حميةً، والرجلُ يُقاتلُ شجاعةً، والرجلُ يُقاتلُ ليرى فأيَّها في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله)) [3]
كما قد يبطئُ النصرُ، لأنَّ في الشرِّ الذي تكافحهُ الأمة المؤمنة بقيةً من خيرٍ يريد
للهُ أنَّ يجردَ الشرَّ منها ليُمحِّص خالصاً، ويذهبَ وحدهُ هالكاً، لا تتلبسُ بهِ ذرةٌ من خيرٍ تذهبُ في الغمار.
وقد يبطئُ النصرُ لأنَّ الباطلَ الذي تحاربهُ الأمةُ المؤمنة لم ينكشف زيفهُ للناسِ تماماً، فلو غلبهُ المؤمنون حينئذٍ، فقد يجدُ لهُ أنصاراً من المخدوعين فيه، لم يقتنعوا بعدُ بفسادهِ وضرورةَ زواله، فتظلَ له جذورٌ في نفوسِ الأبرياءِ الذين لم تنكشف لهمُ الحقيقة، فشاءَ اللهُ أن يُبقى الباطلُ حتى يتكشفَ عارياً للناس، ويذهبَ غيرَ مأسوفٍ عليهِ من ذي بقية. [4]
قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)) (الرعد: من الآية11).
ودمتم بخير