لوليتا
22-11-2008, 13:27
(http://up109.arabsh.com/)
http://up109.arabsh.com/s/h9b68ks8ht.gif (http://up109.arabsh.com/)
*
*
يقول الله عز وجل
" أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ " (الحج:46)
من أقوال المفسرين في تفسير قوله ـ تعالى
* ذكر ابن كثير ـ رحمه الله ـ ما مختصره: " ... وقوله ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ ... ﴾ أي بأبدانهم وبفكرهم أيضًا؛ وذلك للاعتبار، أي انظروا ما حل بالأمم المكذبة من النقم والنكال، ﴿ ... فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ... ﴾ أي فيعتبرون بها، ﴿ ... فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ أي ليس العمى عمى البصر، وإنما العمى عمى البصيرة، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر ولا تدري ما الخبر.
* وجاء في "الظلال" ـ رحم الله كاتبها برحمته الواسعة ـ ما نصه:
" إن مصارع الغابرين حيالهم شاخصة موحية، تتحدث بالعبر، وتنطلق بالعظات... ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ ... ﴾ فيروها فتوحي لهم بالعبرة؟، وتنطق لهم بلسانها البليغ؟، وتحدثهم بما تنطوي عليه من عبر؟، ﴿ ... فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ...﴾ فتدرك ما وراء هذه الآثار الدوارس من سنة لا تتخلف ولا تتبدل.
﴿... أوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ...﴾ فتسمع أحاديث الأحياء عن تلك الدور المهدمة والآبار المعطلة والقصور الموحشة ؟ أفلم تكن لهم قلوب ؟ فإنهم يرون ولا يدركون ، ويسمعون ولا يعتبرون ﴿ ... فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ ويمعن في تحديد مواضع القلوب: ﴿... الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾؛ زيادة في التوكيد، وزيادة في إثبات العمى لتلك القلوب على وجه التحديد، ولو كانت هذه القلوب مبصرة لجاشت بالذكرى، وجاشت بالعبرة، وجنحت إلى الإيمان؛ خشية العاقبة الماثلة في مصارع الغابرين، وهي حولهم كثير، ولكنهم ـ بدلا من التأمل في تلك المصارع، والجنوح إلى الإيمان، والتقوى من العذاب ـ راحوا يستعجلون بالعذاب الذي أخّره الله عنهم إلى أجل معلوم".
وجاء في بقية التفاسير كلام مشابه لا حاجة إلى تكراره
القلب في القرآن الكريم:
جاءت الإشارة إلى القلب في القرآن الكريم بالإفراد والجمع ومع عدد من الضمائر المختلفة (132) مرة. وجميع الناس إلى اليوم يعتقدون بأن القلب هو مجرد مضخة تضخ الدم الفاسد إلى الرئتين لتنقيته، وتتلقى الدم المؤكسد منهما لتضخه إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ ـ الذي لو تأخر ضخ الدم إليه لثوان معدودة لهلك صاحبه ـ.
وفي ظل سيادة هذا الاعتقاد نجد أن القرآن الكريم قد تنزّل من قبل ألف وأربعمائة سنة بالتأكيد على أن للقلب وظائف أخرى، منها: أنه هو الذي يكسب الأعمال خيرها وشرها، وهو مكان الاطمئنان والأمن أو الانزعاج والخوف والرعب، وهو محل الشهادة أو إنكارها، ومحل الخير أو الإثم، ومحل الهداية أو الزيغ، وهو محل الفهم والفقه، أو سوء الفهم واللبس، وهو محل الرقة واللين أو القسوة والغلظة، وهو محل اليقين أو الريبة، والإيمان أو الكفر، واليقظة أو الغفلة، وهو محل التعقل ووزن الأمور أو تضييعها، ومحل البصيرة أو العمى، ومحل السلامة أو الحقد، ومحل القصد والعمد، أو العشوائية والارتجال، وهو سبب الانفتاح أو الانغلاق على أيٍ من الخير أو الشر، وهو محل الخشية والإنابة، أو التبجح في المعصية والغي، ومحل التذكر والفطنة، أو النسيان والغفلة، ومحل المحبة والرحمة والرأفة، أو الكراهية والغل والقسوة، ومحل الهداية أو الضلال، ومحل غير ذلك من الصفات التي تشكل شخصية الإنسان؛ لأن أعمال العبد إما أن تطهّر قلبه وتزكيه، أو تتجمع عليه كالران الأسود فتطمسه وتجخيه
http://www.elnaggarzr.com/files/19743_4.gif
ومن الآيات القرآنية الكريمة ما يشرح ذلك ويؤكده ومنها قول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ:
1- ﴿ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ (البقرة:225).
2- ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ... ﴾ (البقرة:260).
3- ﴿ ... وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ (البقرة
4- ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾ (آل عمران: 151).
5- ﴿ ... وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾ (آل عمران: 154).
6- ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ ﴾ (الأعراف: 179).
7- ﴿ إِنَّمَا يَسْتَئْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ (التوبة:45).
8- ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ ﴾ (الرعد:28).
9- ﴿ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النحل: 106).
10- ﴿ ... وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ (الكهف: 28).
11- ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ (الحج:46).
12- ﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ (الشعراء:88،89).
13- ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾ (الشعراء :192-195).
14- ﴿ ... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ (الأحزاب:5).
وغيرها الكثير من آيى القرآن الكريم
كذلك جاءت لفظة (صدر) في القرآن الكريم بالإفراد والجمع، وبالإسناد إلى عدد من الضمائر بمعنى القلب (44) مرة. وهذه الإشارات كلها تؤكد أن للقلب وظائف عديدة غير مجرد ضخ الدم الفاسد إلى الرئتين ثم استقباله منهما مؤكسَدًا لضخة إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ، وهو ما يشير إليه مجموع الآيات القرآنية الكريمة التي استشهدنا بها
من الدلالات العلمية للآية الكريمة:
تدل الآية الكريمة رقم (46) من سورة الحج{على أن القلب مناط كل من العقل والبصيرة ولذلك قال ـ تعالى ـ:﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ (الحج: 46).
http://www.elnaggarzr.com/files/41780_f68c789415.gif
وقد أثبتت أحدث دراسات القلب أنه عضو حيوي بشكل هائل وفعال في جسم الإنسان، وأنه يعمل على تواصل دائم مع مخه عبر (40.000) خلية عصبية تم اكتشافها مؤخرًا فيه وفي الغشاء البريتوني (Peritoneum) المحيط به والمعروف باسم (الصفاق)، وأنه يفرز كمًّا من الهرمونات إلى تيار الدم الذي يضخه إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ.
كذلك ثبت أن المخطط الكهربائي للقلب هو أكبر بمائة ضعف من المخطط الكهربائي للمخ، وفي كل نبضة ينبضها القلب يولّد طاقة مغناطيسية تفوق الطاقة المغناطيسية للمخ بخمسة آلاف ضعف، وبها يتواصل مع المخ ومع باقي أجزاء الجسم، فالقلب يتحدث مع المخ، وينسق معه جميع أنشطته، فكما ينشط المخ بمراكز ذاكرته وحسه بواسطة التغذية الراجعة عبر كلٍ من الشبكات العصبية والدموية، فكذلك القلب الذي يعمل كجهاز تخزين للمعلومات عن طريق التغذية الراجعة عبر كلٍ من الأعصاب والدم، كما أثبت الدكتور بول برسال في مؤلفة المعنون (شفرة القلب)
(cf.:Paul Persal : The Heart Code).
وقد ثبت بالتجربة أن إحدى الأعراض الناتجة عن العمليات الجراحية بالقلب هو فقد شيء من الذاكرة، ولذلك استنتج العلماء أن القلب هو مستودع الذكريات.
والخلايا العصبية التي اكتشفت مؤخرًا في القلب تشابه تمامًا نظائرها في المخ، وبذلك أثار أطباء القلب السؤال التالي: " هل للقلب القدرة على التفكير والشعور والعاطفة والانفعال وتخزين المعلومات القريبة والبعيدة في ذاكرة تشبه ذاكرة المخ؟ ".
وجاءت إجابة أطباء القلب بكلٍ من جامعة بيل الأمريكية ومعهد هارتمان بولاية كاليفورنيا
Yale University and Hartman Institute ,California)) بأن القلب جهاز فائق التعقيد، وأن من صور هذا التعقيد وجود جهاز عصبي معقد بالقلب يشبه المخ تمامًا، له ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد، وقد اتضح ذلك بجلاء عند نقل قلب من إنسان إلى إنسان آخر فيأخذ القلب المنقول معه من الذكريات والمواهب، والعواطف والمشاعر، والهوايات والسجايا والتفصيلات الخاصة بالشخص الذي أخذ منه القلب، والتي تبدو غريبة كل الغرابة عن صفات الشخص الذي تم نقل القلب إليه
(Jack Copeland and others ; Gary Schwartz ( Yale University) ; Rolyn Mc Carthy , Andrew Armour (Hartman Inst.., California)) .
وبذلك ثبت بالملاحظات الدقيقة أن القلب هو أكثر أجزاء الجسم تعقيدًا، وأكثرها دقة وغموضًا، وأنه يتحكم في المخ أكثر من تحكم المخ فيه، ويرسل إليه من المعلومات أضعاف ما يتلقى منه في علاقة عجيبة بدأت الدراسات الطبية المتقدمة في الكشف عنها، ويشبهها أطباء القلب بجهاز إرسال إذاعي بين القلب والمخ يعمل بواسطة عدد من الحقول المغناطيسية التي يصدر أقواها من القلب إلى المخ فيسبق القلب المخ في ردود فعله.
كل ذلك يثبت سبق القرآن الكريم بالتأكيد على هذه المعارف التي لم تكتشف إلا في العقدين الحالي والماضي، مما يثبت لكل ذي بصيرة أن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وحفظه بعهده الذي قطعه على ذاته العلية، في نفس لغة وحية ـ اللغة العربية ـ، وتعهد بهذا الحفظ تعهدًا مطلقًا حتى يبقى القرآن الكريم شاهدًا على الخلق أجمعين إلى يوم الدين بأنه كلام رب العالمين، ويبقى شاهدًا للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة.
فالحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله على نعمة القرآن، والحمد لله على بعثة خير الأنام القائل: " أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ " (صحيح الإمام البخاري).
فصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ما كان سابقا بعض من الاعجاز العلمى للقرآن الكريم وقد قام بتقديمه وتوضيحه الدكتور زغلول النجار وهذا جزء من مقال له نشر فى جريدة الاهرام المصرية
منقول وبتصرف قليلا منى
نرجو الفائدة للجميع
*
*
(http://up109.arabsh.com/)http://up109.arabsh.com/s/elau6789vn.gif (http://up109.arabsh.com/)
(http://up109.arabsh.com/)
http://up109.arabsh.com/s/h9b68ks8ht.gif (http://up109.arabsh.com/)
*
*
يقول الله عز وجل
" أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ " (الحج:46)
من أقوال المفسرين في تفسير قوله ـ تعالى
* ذكر ابن كثير ـ رحمه الله ـ ما مختصره: " ... وقوله ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ ... ﴾ أي بأبدانهم وبفكرهم أيضًا؛ وذلك للاعتبار، أي انظروا ما حل بالأمم المكذبة من النقم والنكال، ﴿ ... فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ... ﴾ أي فيعتبرون بها، ﴿ ... فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ أي ليس العمى عمى البصر، وإنما العمى عمى البصيرة، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر ولا تدري ما الخبر.
* وجاء في "الظلال" ـ رحم الله كاتبها برحمته الواسعة ـ ما نصه:
" إن مصارع الغابرين حيالهم شاخصة موحية، تتحدث بالعبر، وتنطلق بالعظات... ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ ... ﴾ فيروها فتوحي لهم بالعبرة؟، وتنطق لهم بلسانها البليغ؟، وتحدثهم بما تنطوي عليه من عبر؟، ﴿ ... فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ...﴾ فتدرك ما وراء هذه الآثار الدوارس من سنة لا تتخلف ولا تتبدل.
﴿... أوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ...﴾ فتسمع أحاديث الأحياء عن تلك الدور المهدمة والآبار المعطلة والقصور الموحشة ؟ أفلم تكن لهم قلوب ؟ فإنهم يرون ولا يدركون ، ويسمعون ولا يعتبرون ﴿ ... فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ ويمعن في تحديد مواضع القلوب: ﴿... الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾؛ زيادة في التوكيد، وزيادة في إثبات العمى لتلك القلوب على وجه التحديد، ولو كانت هذه القلوب مبصرة لجاشت بالذكرى، وجاشت بالعبرة، وجنحت إلى الإيمان؛ خشية العاقبة الماثلة في مصارع الغابرين، وهي حولهم كثير، ولكنهم ـ بدلا من التأمل في تلك المصارع، والجنوح إلى الإيمان، والتقوى من العذاب ـ راحوا يستعجلون بالعذاب الذي أخّره الله عنهم إلى أجل معلوم".
وجاء في بقية التفاسير كلام مشابه لا حاجة إلى تكراره
القلب في القرآن الكريم:
جاءت الإشارة إلى القلب في القرآن الكريم بالإفراد والجمع ومع عدد من الضمائر المختلفة (132) مرة. وجميع الناس إلى اليوم يعتقدون بأن القلب هو مجرد مضخة تضخ الدم الفاسد إلى الرئتين لتنقيته، وتتلقى الدم المؤكسد منهما لتضخه إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ ـ الذي لو تأخر ضخ الدم إليه لثوان معدودة لهلك صاحبه ـ.
وفي ظل سيادة هذا الاعتقاد نجد أن القرآن الكريم قد تنزّل من قبل ألف وأربعمائة سنة بالتأكيد على أن للقلب وظائف أخرى، منها: أنه هو الذي يكسب الأعمال خيرها وشرها، وهو مكان الاطمئنان والأمن أو الانزعاج والخوف والرعب، وهو محل الشهادة أو إنكارها، ومحل الخير أو الإثم، ومحل الهداية أو الزيغ، وهو محل الفهم والفقه، أو سوء الفهم واللبس، وهو محل الرقة واللين أو القسوة والغلظة، وهو محل اليقين أو الريبة، والإيمان أو الكفر، واليقظة أو الغفلة، وهو محل التعقل ووزن الأمور أو تضييعها، ومحل البصيرة أو العمى، ومحل السلامة أو الحقد، ومحل القصد والعمد، أو العشوائية والارتجال، وهو سبب الانفتاح أو الانغلاق على أيٍ من الخير أو الشر، وهو محل الخشية والإنابة، أو التبجح في المعصية والغي، ومحل التذكر والفطنة، أو النسيان والغفلة، ومحل المحبة والرحمة والرأفة، أو الكراهية والغل والقسوة، ومحل الهداية أو الضلال، ومحل غير ذلك من الصفات التي تشكل شخصية الإنسان؛ لأن أعمال العبد إما أن تطهّر قلبه وتزكيه، أو تتجمع عليه كالران الأسود فتطمسه وتجخيه
http://www.elnaggarzr.com/files/19743_4.gif
ومن الآيات القرآنية الكريمة ما يشرح ذلك ويؤكده ومنها قول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ:
1- ﴿ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ (البقرة:225).
2- ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ... ﴾ (البقرة:260).
3- ﴿ ... وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ (البقرة
4- ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾ (آل عمران: 151).
5- ﴿ ... وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾ (آل عمران: 154).
6- ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ ﴾ (الأعراف: 179).
7- ﴿ إِنَّمَا يَسْتَئْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ (التوبة:45).
8- ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ ﴾ (الرعد:28).
9- ﴿ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النحل: 106).
10- ﴿ ... وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ (الكهف: 28).
11- ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ (الحج:46).
12- ﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ (الشعراء:88،89).
13- ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾ (الشعراء :192-195).
14- ﴿ ... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ (الأحزاب:5).
وغيرها الكثير من آيى القرآن الكريم
كذلك جاءت لفظة (صدر) في القرآن الكريم بالإفراد والجمع، وبالإسناد إلى عدد من الضمائر بمعنى القلب (44) مرة. وهذه الإشارات كلها تؤكد أن للقلب وظائف عديدة غير مجرد ضخ الدم الفاسد إلى الرئتين ثم استقباله منهما مؤكسَدًا لضخة إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ، وهو ما يشير إليه مجموع الآيات القرآنية الكريمة التي استشهدنا بها
من الدلالات العلمية للآية الكريمة:
تدل الآية الكريمة رقم (46) من سورة الحج{على أن القلب مناط كل من العقل والبصيرة ولذلك قال ـ تعالى ـ:﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ (الحج: 46).
http://www.elnaggarzr.com/files/41780_f68c789415.gif
وقد أثبتت أحدث دراسات القلب أنه عضو حيوي بشكل هائل وفعال في جسم الإنسان، وأنه يعمل على تواصل دائم مع مخه عبر (40.000) خلية عصبية تم اكتشافها مؤخرًا فيه وفي الغشاء البريتوني (Peritoneum) المحيط به والمعروف باسم (الصفاق)، وأنه يفرز كمًّا من الهرمونات إلى تيار الدم الذي يضخه إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ.
كذلك ثبت أن المخطط الكهربائي للقلب هو أكبر بمائة ضعف من المخطط الكهربائي للمخ، وفي كل نبضة ينبضها القلب يولّد طاقة مغناطيسية تفوق الطاقة المغناطيسية للمخ بخمسة آلاف ضعف، وبها يتواصل مع المخ ومع باقي أجزاء الجسم، فالقلب يتحدث مع المخ، وينسق معه جميع أنشطته، فكما ينشط المخ بمراكز ذاكرته وحسه بواسطة التغذية الراجعة عبر كلٍ من الشبكات العصبية والدموية، فكذلك القلب الذي يعمل كجهاز تخزين للمعلومات عن طريق التغذية الراجعة عبر كلٍ من الأعصاب والدم، كما أثبت الدكتور بول برسال في مؤلفة المعنون (شفرة القلب)
(cf.:Paul Persal : The Heart Code).
وقد ثبت بالتجربة أن إحدى الأعراض الناتجة عن العمليات الجراحية بالقلب هو فقد شيء من الذاكرة، ولذلك استنتج العلماء أن القلب هو مستودع الذكريات.
والخلايا العصبية التي اكتشفت مؤخرًا في القلب تشابه تمامًا نظائرها في المخ، وبذلك أثار أطباء القلب السؤال التالي: " هل للقلب القدرة على التفكير والشعور والعاطفة والانفعال وتخزين المعلومات القريبة والبعيدة في ذاكرة تشبه ذاكرة المخ؟ ".
وجاءت إجابة أطباء القلب بكلٍ من جامعة بيل الأمريكية ومعهد هارتمان بولاية كاليفورنيا
Yale University and Hartman Institute ,California)) بأن القلب جهاز فائق التعقيد، وأن من صور هذا التعقيد وجود جهاز عصبي معقد بالقلب يشبه المخ تمامًا، له ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد، وقد اتضح ذلك بجلاء عند نقل قلب من إنسان إلى إنسان آخر فيأخذ القلب المنقول معه من الذكريات والمواهب، والعواطف والمشاعر، والهوايات والسجايا والتفصيلات الخاصة بالشخص الذي أخذ منه القلب، والتي تبدو غريبة كل الغرابة عن صفات الشخص الذي تم نقل القلب إليه
(Jack Copeland and others ; Gary Schwartz ( Yale University) ; Rolyn Mc Carthy , Andrew Armour (Hartman Inst.., California)) .
وبذلك ثبت بالملاحظات الدقيقة أن القلب هو أكثر أجزاء الجسم تعقيدًا، وأكثرها دقة وغموضًا، وأنه يتحكم في المخ أكثر من تحكم المخ فيه، ويرسل إليه من المعلومات أضعاف ما يتلقى منه في علاقة عجيبة بدأت الدراسات الطبية المتقدمة في الكشف عنها، ويشبهها أطباء القلب بجهاز إرسال إذاعي بين القلب والمخ يعمل بواسطة عدد من الحقول المغناطيسية التي يصدر أقواها من القلب إلى المخ فيسبق القلب المخ في ردود فعله.
كل ذلك يثبت سبق القرآن الكريم بالتأكيد على هذه المعارف التي لم تكتشف إلا في العقدين الحالي والماضي، مما يثبت لكل ذي بصيرة أن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وحفظه بعهده الذي قطعه على ذاته العلية، في نفس لغة وحية ـ اللغة العربية ـ، وتعهد بهذا الحفظ تعهدًا مطلقًا حتى يبقى القرآن الكريم شاهدًا على الخلق أجمعين إلى يوم الدين بأنه كلام رب العالمين، ويبقى شاهدًا للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة.
فالحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله على نعمة القرآن، والحمد لله على بعثة خير الأنام القائل: " أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ " (صحيح الإمام البخاري).
فصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ما كان سابقا بعض من الاعجاز العلمى للقرآن الكريم وقد قام بتقديمه وتوضيحه الدكتور زغلول النجار وهذا جزء من مقال له نشر فى جريدة الاهرام المصرية
منقول وبتصرف قليلا منى
نرجو الفائدة للجميع
*
*
(http://up109.arabsh.com/)http://up109.arabsh.com/s/elau6789vn.gif (http://up109.arabsh.com/)
(http://up109.arabsh.com/)