مشاهدة النسخة كاملة : شاعر الأسبوع السابع شعر بـ نكهة الملائكة...}
http://www.pc4up.com/im2jpg/B9H57158.jpg
بـ نكهة الملائكة و بـ سلاسل اللجين
هطول كـ أمطار من ضوء ...
لـ أعلام من نجوم الشعر و القافية
هنا سيكونُ فيض من اشتياق
من جداول مؤبجدةٍ بـ 28 نجمة
فاكهةُ الشعرِ لا مواسمَ لها لـ تكون
وارفة .. فيها يلوذ كل ذي أحاسيس مؤنسةٍ
http://www.pc4up.com/im2gif/U4U57309.gif
وقفةٌ لإنعاشِ قلبِ الذاكرةِ
بـ اختيارٍ يولجُ سُمَ الأنفس
بـ يقينِ الضادِ و النونِ ..
معَ الشعرِ مسبوغاً بـ أنوثةٍ شرقيَةٍ
غادة احمد السمان
غادة احمد السمان
سيرتُهــا :
غادة احمد السمان هي كاتبة وأديبة سورية ولدت في دمشق عام 1942لأسرة شامية عريقة و محافظة, و لها صلة قربى بالشاعر السوري نزار قباني. والدها الدكتور احمد السمان حاصل على شهادة الدكتوراة من السوربون في الاقتصاد السياسي وكان رئيسا للجامعة السورية لفترة من الوقت.
تأثرت كثيرا به بسبب وفاة والدتها و هي صغيرة.كان والدها محبا للعلم و الادب العالمي و مولعا بالتراث العربي في الوقت نفسه، و هذا كله منح شخصية غادة الادبية و الانسانية ابعادا متعددة و متنوعة. سرعان مااصطدمت غادة بقلمها و شخصها بالمجتمع الشامي الذي كان شديد المحافظة ابان نشوئها فيه.
اصدرت مجموعتها القصصية الاولى "عيناك قدري" في العام 1962 و اعتبرت يومها واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، مثل كوليت خوري وليلى بعلبكي، لكن غادة استمرت و استطاعت ان تقدم ادبا مختلفا و متميزا خرجت به من الاطار الضيق لمشاكل المرأة و الحركات النسوية إلى افاق اجتماعية و نفسية وانسانية.
تخرجت من الجامعة السورية عام 1963 حاصلة على شهادة الليسانس في الادب الإنجليزي، وما لبثت ان تركت دمشق - التي لم ترجع حتى الان اليها - إلى بيروت حيث حصلت على شهادة الماجستير في مسرح اللامعقول من الجامعة الامريكية هناك. في بيروت عملت غادة في الصحافة و برز اسمها اكثر و صارت واحدة من اهم نجمات الصحافة هناك يوم كانت بيروت مركزا للأشعاع الثقافي.ظهر اثر ذلك في مجموعتها القصصيةالثانية " لا بحر في بيروت" عام 1965.
ثم سافرت غادة إلى أوروبا و تنقلت بين معظم العواصم الاوربية وعملت كمراسلة صحفية لكنها عمدت ايضا إلى اكتشاف العالم وصقل شخصيتها الادبية بالتعرف على مناهل الادب و الثقافة هناك ، و ظهر اثر ذلك في مجموعتها الثالثة "ليل الغرباء" عام 1966 التي اظهرت نضجا كبيرا في مسيرتها الادبية و جعلت كبار النقاد آنذاك مثل محمود امين العالم يعترفون بها وبتميزها.
كانت هزيمة حزيران 1967 بمثابة صدمة كبيرة لـ غادة السمان و جيلها ،يومها كتبت مقالها الشهير "احمل عاري إلى لندن" ، كانت من القلائل الذين حذروا من استخدام مصطلح "النكسة" و اثره التخديري على الشعب العربي. لم تصدر غادة بعدالهزيمة شيئا لفترة من الوقت لكن عملها في الصحافة زادها قربا من الواقع الاجتماعي و كتبت في تلك الفترة مقالات صحفية كونت سمادا دسما لمواد ادبية ستكتبهالاحقا.
في عام 1973 اصدرت مجموعتها الرابعة "رحيل المرافئ القديمة" و التي اعتبرها البعض الاهم بين كل مجاميعها حيث قدمت بقالب ادبي بارع المأزق الذي يعيشه المثقف العربي و الهوة السحيقة بين فكره و سلوكه. في اواخر عام 1974 اصدرت روايتها "بيروت 75" و التي غاصت فيها بعيدا عن القناع الجميل لسويسرا الشرق إلى حيث القاع المشوه المحتقن ، و قالت على لسان عرافة من شخصيات الرواية "أرى الدم .. أرى كثيرامن الدم" و ما لبثت ان نشبت الحرب الاهلية بعد بضعة اشهر من صدورالرواية.
مع روايتيها "كوابيس بيروت " 1977 و "ليلة المليار" 1986 تكرست غادة كواحدة من اهم الروائيين العرب بغض النظر عن جنسهم.و يعتبرها بعض النقادالكاتبة الاهم حتى من نجيب محفوظ.
بعض من مؤلفـاتهـا و إصدراتها :
عيناك قدري- 1962-
لا بحر في بيروت- 1963-
ليل الغرباء- 1966-
رحيل المرافئ القديمة- 1973-
حب- 1973 -
بيروت 75-1975-
أعلنت عليك الحب- 1976-
كوابيس بيروت - 1976-.
زمن الحب الآخر- 1978-
ليلة المليار- 1986-
البحر يحاكم سمكة - 1986
الأعماق المحتلة- 1987-
اشهد عكس الريح- 1987-
تسكع داخل جرح- 1988-
رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان- 1992.
عاشقة في محبرة - شعر- 1995.
اميرة في قصرك الثلجي -
أين أنت أيها الاحمق الغالي
ضيعتني لأنك أردت امتلاكي ....
ضيعتَ قدرتنا المتناغمة على الطيران معاً
وعلى الإقلاع في الغواصة الصفراء ...
أين أنت
ولماذا جعلت من نفسك خصماً لحريتي ،
واضطررتني لاجتزازك من تربة عمري
ذات يوم ،
جعلتك عطائي المقطر الحميم ...
كنت تفجري الأصيل في غاب الحب ،
دونما سقوط في وحل التفاصيل التقليدية التافهة ..
ذات يوم ،
كنتُ مخلوقاً كونياً متفتحاً
كلوحة من الضوء الحي ...
يهديك كل ما منحته الطبيعة من توق وجنون ،
دونما مناقصات رسمية ،
أو مزادات علنية ،
وخارج الإطارات كلها ...
لماذا أيها الأحمق الغالي
كسرت اللوحة ،
واستحضرت خبراء الإطارات
أنصتُ إلى اللحن نفسه
وأتذكرك ...
يوم كان رأسي
طافياً فوق صدرك
وكانت اللحظة ، لحظة خلود صغيرة
وفي لحظات الخلود الصغيرة تلك
لا نعي معنى عبارة "ذكرى" ..
كما لا يعي الطفل لحظة ولادته ،
موته المحتوم ذات يوم ...
حاولت ان تجعل مني
أميرة في قصرك الثلجي
لكنني فضلت أن أبقى
صعلوكة في براري حريتي ...
آه أتذكرك ،
أتذكرك بحنين متقشف ...
لقد تدحرجت الأيام كالكرة في ملعب الرياح
منذ تلك اللحظة السعيدة الحزينة ...
لحظة ودعتك
وواعدتك كاذبة على اللقاء
وكنت أعرف انني أهجرك .
لقد تدفق الزمن كالنهر
وضيعتُ طريق العودة إليك
ولكنني ، ما زلت أحبك بصدق ،
وما زلت أرفضك بصدق ...
لأعترف
أحببتك أكثر من أي مخلوق آخر ...
وأحسست بالغربة معك ،
أكثر مما أحسستها مع أي مخلوق آخر ...
معك لم أحس بالأمان ، ولا الألفة ،
معك كان ذلك الجنون النابض الأرعن
النوم المتوقد .. استسلام اللذة الذليل ...
آه اين أنت
وما جدوى أن أعرف ،
إن كنتُ سأهرب إلى الجهة الأخرى
من الكرة الأرضية ...
وهل أنت سعيد
أنا لا .
سعيدة بانتقامي منك فقط .
وهل أنت عاشق
أنا لا .
منذ هجرتك ،
عرفت لحظات من التحدي الحار
على تخوم الشهوة ...
وهل أنت غريب
أنا نعم .
أكرر : غريبة كنت معك ،
وغريبة بدونك ،
وغريبة بك إلى الأبد
نوارس الورق الأبيض -
حينما استحضرك
واكتب عنك،
يتحول القلم في يدي
الى وردة حمراء,,,
لم يكن بوسع مجنونة مثلي
ترتدي هدوءها بكل أناقة...
وتغلق الأزرار اللؤلؤية لثوب اتزانها البارد
على تيه غجرية عارية القدمين-،
لم يكن بوسع حمقاء مثلي
إلا أن تحب شاعرا مبدعا متوحشا مثلك..
طفولي الأنانية، غزير الخيانات والأكاذيب مثلك..
حينما أسطر اسمك،
تفاجئني أورقي تحت يدي
وماء البحر يسيل منها
والنوارس البيض تطير فوقها..
.. وحينما ا كتب عنك
تشب النار في ممحاتي
ويهطل المطر من طاولتي
وتنبت الأزهار الربيعية على قش سلة مهملاتي
وتطير منها الفراشات الملونة ، والعصافير
وحين أمزق ما كتبت
نصير بقايا أوراقي وفتافيتها
قطعا من المرايا الفضية،
كقمر وقع وانكسر على طاولتي..
علمني كيف أكتب عنك
أو، كيف أنساك
امرأة البحر
رسم لي بالطبشور دائرة على الجدار
وقال لي : قفي داخلها ...
فانطلقت هاربة
إلى شوارع البحر.
غاضباً لحق بي
غاضباً زقزق في وجهي ، وقرّعني
وقال ان القضية جادة
وان "البث مباشر"
ويجب أن أعود معه إلى (الاستديو)
لأقف وسط دائرة الطباشير
وتحت دائرة الضوء
مسكينة ومبتلة
كمتسول شتائي
حاولت أن أقول له
انني انا أيضاً جادة ..
ولكنني (أبداً أبداً)
لن أتركه يسجنني
داخل دائرة مرسومة بالطباشير
على جدار ما .. أرض ما .. مسرح ما ..
لن أتركه يسجنني ،
لا باسمه ، ولا باسم الحب ، ولا باسم الشهرة ،
ولا باسم أحد .
آه خذ قلبي ، واقضمه كتفاحة
ولكن لا تسجنني داخل دائرة مغلقة ...
ها أنا ألحظ للمرة الاولى ، وبرعب
ان الحرف الأول من اسمك
هو جزء من دائرة
فلا تتابع رسمها حولي
الساعة مستديرة
لكن رمل الزمن
صحارى من الأسرار
تسخر من الاشكال الهندسية .
وأنا أكره الدائرة ،
واكره المربع والمثلث
وسأخرج في مظاهرة ضد المستطيل ومتوازي الأضلاع
وكل ما هو مغلق كالسجن ...
وحدها النقطة المتحركة أحبها
اما الخطان المتوازيات
فيثيران حزني لركضهما إلى الأبد دونما لقاء
ودون أن يتبدل شيء ... بينهما ... وفيهما ...
إلى شاطئ البحر أهرب منك
وأقف وحيدة
وبطبشورة الحرية
ارسم دائرة غير مغلقة ،
مفتوحة من طرفيها باتجاه البحر والافق
وأقفز داخلها ،
وأركض منها إلى البحر ..
البحر .. البحر ... البحر ...
أتذكر أيامي معك
كمن يرى الأشياء عبر نافذة قطار مسرع :
نائية وجميلة
والقبض عليها مستحيل
من وقت إلى أخر
فلنعد أطفالا
ولنحزن بلا كبرياء زائف
يوم احتضر
سافكر بتلك اللحظة المضيئة
حين وقفنا في الظلمة
على شرفة القرار
وقلت لي بحقد : أحبك
سأتذكر صوتك
وسيجيء الموت عذبا
ويضمني كرحم الفرح المنسي
وسأهمس بحقد مشابه :
آه كم أحببتك !
فراقكم مسمار في قلبي -
عذاب أن أحيا من دونك
وسيكون عذابا أن أحيا نعم ..
يبقى أملي الوحيد
معلقا بتلك الممحاة السحرية
التي اسمها الزمن
والتي تمحو عن القلب
كل البصمات والطعنات
كلها ؟
اذكر بحزن عميق
أول مرة ضممتني اليك
وكنت ارتجف كلص جائع
وكنا راكعين على الأرض حين تعانقنا
كما لو كنا نصلي
اجل ! كنا نصلي ...
أذكر بحزن عميق
يوم صرخت في وجهي :
كيف دخلت حياتي ؟
آه أيها الغريب !
كنت أعرف منذ اللحظات الأولى
انني عابرة سبيل في عمرك
وانني لن املك
إلا الخروج من جناتك
حاملة في فمي إلى الأبد
طعم تفاحك وذكراه ...
أذكر بحزن عميق
انني أحببتك فوق طاقتك على التصديق
وحين تركتك
( آه كيف استطعت أن اتركك ! )
فرحت لانك لم تدر قط
مدى حبي
ولأنك بالتالي لن تتألم
ولن تعرف أبدا أي كوكب
نابض بالحب فارقت !..
فراقك مسمار في قلبي
واسمك نبض شراييني
وذكراك نزفي الداخلي السري
وها أنا أفتقدك
وأذوق طعم دمعي المختلس
في الليل المالح الطويل
لم يعد الفراق مخيفا
يوم صار اللقاء موجعا هكذا ...
وأيضا أتعذب
لما فعلته بك
بعد أن دفعتني إلى أن أفعله بك
لقد مات الأمل
ولذا تساوت الأشياء ...
واللقاء والفراق
كلاهما عذاب
و ( أمران أحلاهما مر ) ...
خير من عشرة على الشجرة
وأنا أعرف أن العصفور في اليد
هو امتلاك لحفنة رماد
والعصفور على الشجرة
نجمة فراشة
حلم بلا نهاية ...
العصفور على الشجرة
هو دعوة إلى مدن الدهشة والمفأجاة
ونداء للسباحة تحت شلال الجنون المضيء ...
والعصفور في اليد
قيلولة في مستنقع الرتابة
واقامة في مدينة المقبرة
وحوار رتيب كالشخير !..
لا تصدقوا أيها العشاق الصغار
الذين لم تتشوهوا بعد
لا تصدقوا أن عصفورا في اليد
خير من عشرة على الشجرة !
بملء حنجرة أعماقي أقول لكم :
عصفور على الشجرة
خير من عشرة في اليد
فالعصفور على الشجرة هو البداية
هو دعوة للركض على قوس قزح
وانطلاقة فوق فرس بري
إلى عوالم حقيقة الذات
والعصفور في اليد هو كلمة " الخاتمة "
هو قفل في باب الخيال والهواجس
وتعايش مع قبيلة السلحفاة والنملة
وقالب معد سلفا لسجن كل ما هو نبيل وفريد فينا !..
من قال أن ريشة في مهب الرياح
ليست خيرا من حصاة مستقرة في قاع نهر راكد ؟!
أحبك أيها الغريب
أيها المشرد بين القارات
كسنونو اطلق الرصاص على الربيع
ورفض كل يد تحتويه
ورفض حتى غصنه
وسكن في الريح
وانطلق في الكون
مثل كوكب يرفض حتى مداره ...
أحبك أيها الغريب
وحتى حين تأتي إلي
برقتك الشرسة العذبة
وتستقر داخل كفي
بوداعة طفل
فإني لا أطبق يدي عليك
وانما اعاود اطلاقك للريح
واعاود رحلة عشقي لجناحيك _ وجناحاك المجهول
والغرابة ...
احبك
وأطفح بالامتنان لك
فقد حولتني
من مسمار في تابوت الرتابة
إلى فراشة شفافة مسكونة بالتوقد
قبلك كنت أنام جيدا
معك صرت أحلم جيدا
قبلك كنت اشرب ولا أثمل
معك صرت أثمل ولا اشرب
معك نبتت اجنحتي
وتطرزت أيامي بخيوط الشهوة الخضراء
وغسلتني امطار العنف والحنان المضيئة
وأبحرت في مدارات اللاشرعية
إلى كوكب التفاح الجهنمي
والثلج الملتهب الملون
كحريق في غابة !..
احبك أيها الغريب
بضراوة السعادة
وبرقة الحزن ...
فأنا أعرف جيدا
أن من يحب عصفورا على الشجرة
يكتشف مدى قدرته على العطاء والتوهج ...
لكنه أيضا
يكتشف مدى قدرته على الحزن
حين ترحل الشجرة بطائرها !
وأعرف أن رحيلك محتوم
كما حبك محتوم !
وأعرف أنني ذات ليلة سأبكي طويلا
بقدر ما أضحك الآن
وأن سعادتي اليوم هي حزني الآتي
ولكنني أفضل الرقص على حد شفرتك
على النوم الرتيب كمومياء
ترقد في صندوقها عصورا بلا حركة !
خذني اليك أيها الغريب
يا من صدره نقاء صحراء شاسعة ...
وعباءته الليل ...
وصوته حكايا الأساطير
ضمتني اليك
أنا كاهنة المغامرة
وسيدة الفرح _ الحزن توأم
ولنطر بعيدا عن مدينتهم
وشوارعهم وكرنفالاتهم
وغابة المهرجين والحمقى والطيور المحنطة
ولننطلق معا
مثل سهم ناري لا ينطفىء
ها هو ذئب الفراق
قابع في انتظار سقوطنا بين أنيابه
إذا سقطت
لن أشكو
أو أتلو فعل الندامة ...
المهم انني عرفت نشوة أن أطير
اغامر ... وأطير
وبك رفضت قدر ديدان الأرض !..
التقينا لنفترق ؟
فليكن !
خذني اليك الآن
وليرحل عنا الرحيل !
ضمني إلى جحيمك الرائع
وليرحل عنا الرحيل لا!
ومهما هددني الغد بالفراق
ووقف لي المستقبل بالمرصاد
متوعدا بشتاء أحزان طويل
سأظل أحبك
وبلحظتنا الكثيفة كالمعجزة
أتحدى الماضي والمستقبل
وكل صباح أقول لك :
أنا لك ...
لأنني اؤمن بأن عصفورا على الشجرة
خير من عشرة في اليد !
هدأ الرصاص قليلاً..
اقتربت من النافذة ... كذلك فعلت الام التي تقطن في الدور الثالث من البناء المقابل لبيتي . وكان البقال العجوز يضع لها بعض ارغفة الخبز في سلة مربوطة بحبل وقد وفقت هي خلف خشب النافذة وادلت اليه بالحبل دون ان تخرج حتى يدها .. اما هو فقد احتمى بمدخل البناء.
كان الهدوء شاملاً ، وتخيلت ان المقاتلين يغسلون وجوههم ويبردون اسلحتهم .. وقررت ان انادي البقال - المغامر وامارس الشيء ذاته .
وبدأت السيدة ترفع السلة المربوطة بالحبل ببطء شديد . وقررت : لابد ان يديها ترتعدان الان ! ... ولكن السلة كانت ترتفع باستمرار وكان حبلها دقيقاً حتى بدت مثل سلة تصعد في الفضاء نحو الخائفين ، حاملة رغيف السلام .. لاحظت ان عيون بقية الجيران المختبئين خلف النوافذ كانت ايضاً تتابع طيران سلة الخبز في الفضاء ، واحسست ان قلوبنا حميعاً مثل قلب واحد يصلي من اجلها ..كأن السلة صارت طفلاً .. طفل المحبة والامان والتواصل مع عالم البسطاء..
وظلت السلة تعلو حتى وصلت الى حدود الطابق الثاني ، والصمت المتوتر ما زال يسود ...
وفجأة انطلقت رصاصة .
لا ادري هل سمعنا صوتها اولاً ام شاهدنا السلة تهوي في الفراغ مثل رجل سقط من الشرفة .
وفهمنا جميعاً بومضة برق مدلول ما حدث : هنالك قناص ما اطلق رصاصة على الحبل الرفيع .
لقد عرض مهارته امام اهل الحي جميعاً . لقد قال لنا جميعاً : انني قادر على اصابة أي هدف مهما كان دقيقاً ونحيلاً. قلوبكم كلها تحت مرماي . شرايينكم كلها استطيع ان اثقبها شرياناً شرياناً . استطيع ان اصوب داخل بؤبؤ عيونكم دون خطأ . استطيع ان اصوب رصاصتي الى أي جزء يحلو لي من اجسادكم ؟
وحين هوت السلة ، شعرت بان الحي كله تحول الى قلب واحد يتنهد بغضة . وادركنا اننا جميعاً سجناء ذلك الغول الغامض المختبيء في مكان ما والذي يتحكم بدورتنا الدموية والعقلية والنفسية لمجرد انه يمتلك بندقية ذات منظار تدرب عليها بعض الوقت .. ولتذهب الى الجحيم كل الساعات التي قضيناها في الجامعات والمختبرات لنتعلم !
وحين سقطت السلة ، سقطت آمالنا معها وتكومت على الرصيف جثة تحتضر . حين سقطت السلة ، حزنا كما لو ان طفلاً سقط من على دولاب مدينة الملاهي وانطفأت الاضواء والضحكات كلها دفعة واحدة ..كان واضحاً اننا فهمنا جميعاً رسالة القناص . ومن ساعتها اغلق خشب نوافذ الحي كلها باحكام ..ولم تفتح!
وداعاً ايها الشمس !.
أيها البعيد كمنارة -
أيها البعيد كمنارة
أيها القريب كوشم في صدري
أيها البعيد كذكرى الطفولة
أيها القريب كأنفاسي وأفكاري
أحبك
أح بك
وأصرخ بملء صمتي :
أحبك
وأنت وحدك ستسمعني
من خلف كل تلك الأسوار
أصرخ وأناديك بملء صمتي ...
فالمساء حين لا أسمع صوتك :
مجزرة
الليل حين لا تعلق في شبكة أحلامي :
شهقة احتضار واحدة ...
المساء
وأنت بعيد هكذا
وأنا أقف على عتبة القلق
والمسافة بيني وبين لقائك
جسر من الليل
لم يعد بوسعي
أن أطوي الليالي بدونك
لم يعد بوسعي
أن أتابع تحريض الزمن البارد
لم يبق أمامي إلا الزلزال
وحده الزلزال
قد يمزج بقايانا ورمادنا
بعد أن حرمتنا الحياة
فرحة لقاء لا متناه
في السماء
يقرع شوقي اليك طبوله
داخل رأسي دونما توقف
يهب صوتك فيحقولي
كالموسيقى النائية القادمة مع الريح
نسمعها ولا نسمعها
يهب صوتكفي حقولي
واتمسك بكلماتك ووعودك
مثل طفل
يتمسك بطائرته الورقية المحلقة
إلى أين ستقذفني رياحك ؟
إلى أي شاطئ مجهول ؟
لكنني كالطفل
لن أفلتالخيط
وسأظل أركض بطائرة الحلم الورقية
وسأظل ألاحق ظلال كلماتك !..
.
.
أيها الغريب !
حين أفكر بكل ما كان بيننا
أحار
هل علي أن أشكرك ؟
أم أن أغفر لك ؟ ..
- أشهد أن زمنك سيأتي -
أسبح عكس التيار
خارج قطيع الأسماك المذعورة لأعود اليك ..
و ها أنا من جديد هناك
في بيروت المكنفة بفلاشات عدسات التصوير
و روائح احراق النفايات و الجثث
و ظلال الحرائق على أعمدة البكاء
كمدينة ضربها الطاعون
طالعة من أساطير اللعنة
و أكمام العصور المنقرضة ...
حتى النوافذ تنكرت لنا
و لم نعد نرى عبرها
و لكن يراناالمسلحون من الخارج بوضوح
و نحن نلملم أطراف الحذر
و نأوي كالجراذين الىأوكارنا في الدهاليز
حين يرفع القصف عقيرته بالنباح الأسود...
اقترفت خطيئة فتح نافذة للتجسس على الشمس
شاهدت الرجل المسلح يختال في الأرض مرحا
على جثث الشوارع الخاوية ...
ذراعه بندقية
لم تعرف طلقاتها غير قلوب الأبرياء و الأطفال ...
شاهدت أوراق الأشجار تموت و تتساقط حين مر
و الأزهار تذبل فجأة
و الألوان تهرب من المرئيات
مثل صورة تلفزيونية ملونة
تستحيل بيضاء و سوداء ..
و العصافير تطلق صيحات الذعر
و هي تفر من دربه ...
و السيارات تنقلب على ظهرها
كالصراصير المعدنية الميتة ...
و المسلح يمشي
تتصاعد أبخرة الكبريت الخانقة من أنفاسه
الحوامض الكاوية تتفجر من موضع قدميه...
عند المنعطف التقى بالمسلح ضبع مخيف...
فانضم اليه بعدما تعانقا بحرارة...
أغلقت النافذة
أحصيت أعضائي..
تلمست بطاقة سفري...
ولم تعد الغابات ملعبنا و الشطآن الليلية
ها نحن محشوران داخل بكاء الأطفال في الملجأ
و الفئران تقرض أطرافنا و بطاقات هويتنا و أحلامنا...
و نحيب خافت لمشلولة يصم اذاننا كالقصف..
ولد صغير يسأل بالحاح مخبول كلما سقطت قذيفة
"
ماذا يحدث " ؟
من يجرؤعلى أن يقول له
أنهم يحاولون اقتسام الجوهرة المسروقة النادرة
منذ ثلاثةعشر عاما و يفشلون ؟...
من يجرؤ على أن يشهد عكس الريح ؟
عبثا يسطون على دفء القلب
اني أتذكر ...
أحارب الجدران بنوافذ الحلم ..
ذلك الصباح منذ ألف عام
وجدتك مرميا على الشاطىء أمامي
شهيا و دافئا كعشبة بحراستوائية
لكنني أعدتك الى الموج..
شكوت لي الملمس البارد لعرائس المحيطات
و أهديني مركبك
فصنعت من سرير عرس
عبثا يحوله ضباع الليل و دبابيره
الى تابوت ..
هذا ليس زمنك
أيها المرهف شفافية و عذوبة
هذازمن اعدام العصافير
و الأطفال و الفراشات و النجوم ...
و أنت تدفق الحنان صوب كائنات الله كلها ...
هذا ليس زمنك
لكنني أشهد عكس الريح
على أن حبك وحده سيبقى
و أزهارك الربيعية اتية من ميتاتنا العديدة...
لتنمو كنباتات الأساطير
فوق القبور المنبوشة
و أشلاء المخطوفين..
و شفاه شققها الأنين...
و سأظل أحبك عكس الريح
ريثما يطلق الموت سراحي
أشهد على جنوني
أفتتح الحب بك و الفرح
و أتوجك
في مملكة الذاكرة أميراً
يرفل في حرمانه ..
رعيته من العشاق و الأزهار و العصافير
والقواقع التي تغلي حياة سرية
داخل أصدافها القاسية البكماء
على شطآن حارة لبحار منسية ...
أفتتح الضوء بك
و أشهد بانهيارات أكواخ وطني ...
و شظايا زمني
و بليالي الغربة في فنادق القطارات
أشهد بالتشرد
وعزف المتوحدين في المحطات
أشهد بالقتل و الدمع الأسود بالكحل ...
اشهدبالبوم اللطيف و بحبري
و أوراقي و خواتمي و غيتاري
أشهد بالنوم على بركان
و بممحاة النسيان
أشهد بالبجع و الغزال و القارات و العناصر
أشهد بالعاصفة تطاردني
و بالشراسة المائية المعدنية الحجرية تحاصرني ..
أشهد بدمي و دمك و سلالات الأسرار
و مواقد العشاق في البراري
أشهد بالبحر
و النجوم في ليلة صحراوية صافية
أشهد بالشاي البارد فيمطارات الوحشة
أشهد بكل ما أحببته أو كرهته
بكل ما طعنني و طعنته
أشهد أنني أحبك
أشهد بسكين البوصلة و ليلة الشمس
أشهد ب" نعم " و "لأ " و بالعودة الى التفاحة
أشهد بفجر القلب العاري و المرايا المكسورة
بوداعات مكهربة بعناق اللغم بمباهج السم ...
أشهد بنزوات مطلقة الصراح
حتى جنون الصحو
أشهد بالعصافير تطير من عينيك
الى قلبي
أشهد بقهوةالصباح معك
ذات فجر غابر في " الحي اللاتيني "
أشهد بالثلج
فوق تلة " مونت مارتر " و سلالمها
أشهد بأصابع الرسامين
الملطخة بالأصباغ و النيكوتين
و هم يرسموننا معا في ساحة " التيرتر "
أشهد أنني أحببتك مرة .... و ما زلت ..
و اذا أنكرت حبي لك
تشهد أهدابي على نظرة عيني
المشتعلة حتىواحتك
و اذا تنصلت منك
تشهد يدي اليمنى على اليسرى
و أظافري على رسائلجنوني بك
و تشهد أنفاسي ضد رئتي ..
و تمضي دورتي الدموية عكس السير
ضدقلبي
و تشهد روحي ضد جسدي
و تشهد صورتي في مراياك
ضد وجهي ...
وتشهد الأقمار الطبيعية و الاصطناعية
ضد صوتي
و حتى يوم أهجرك – أوتهجرني –
لن أملك
الا التفاتة صبابة صوب زمنك ...
لأشهد أنني أحببتك مرة ... و ما زلت
أتحفتِنـــــــا يا شام بغــــادةِ السمــــــانِ=لولا سفينتُها جـــــرت بلا ربانِ
فنثرها للشعر قد أكسب المعانـــــــــــي=سحراً من البيانِ لكن بلا أوزانِ
وقوة المعاني بنثرها الفتــــــــــــــــــــــان=شافعةٌ للناظمةِ ابنت السمان
والنظمُ للاشعارِ من غابــــــرِ الأزمـــــــــان=له ثلاث قواعــــــــد من الاركان
اول قاعـــــــدةٍ سلامـــــــــــــــــــة الأوزان=ثانــــي قواعدها بحرٌ له موانـــــي
وأخـــر الاركـانِ قافيــــــةُ البــــــــــــــــيان=فهل رأيتِ بيتاً يُبنى بلا أركـــانِ؟
غـــادة السمان تحير النقد ذاتهُ ، فعندما تنظرُ بشكلٍ عام لما يسمى اشعار غادة السمان تجد انها ليست اشعار وانما كلام منثورٌ بلا وزن ! لكن ما يحير القارىء الناقد انه لا يكادُ يبدأ قرأته لكلماتها حتى يفاجأ بإنه قد انتهى منه مهما كان طويلاً ، فإختيارها للمعاني تنسي قأرئها انها خالفت قواعد الشعر ، وسهولة عباراتها تجعل لما يقرأها عذوبة لا تفسير لها الا ان لديها ملكة الابداع ، فليتها قالت شعراً موزوناً فكيف سيكون لو كــــــان ؟
شمس المضائف شــــــــام نشكر لك من الصميم اختيارك لغادة السمان فلقد عرفتُ عنها ما كنتُ اجهلهُ بفضلِ قلمُكِ السيال واختيارك المترف وايرادك الباذخ بحسن العباره وسهولة الايصال وحسن التواصل والاتصال مع القارىء ، لاعدمناك شـــــــام من راقيةٍ رائقه . دمت شــــــــام ،،،،،،،،،،،
لـ حضورك الألق ..
آيات شكر وفيض امتنان
مشرفنا الكريم الساطع ..
تقدير يليق ..
راقيه الجزائريه
24-11-2008, 12:50
لا احبذ الالتزام بلاوزان والقوافي لاني اشعر اني مقيدة تماما
راقيه الجزائريه
24-11-2008, 13:22
هو نوع من انواع الغزل لكنه الشعر الذي يرفع الغزل من المادة الى الروح وينتقل الى جو الروحانيات والتامل في الله وكماله وصفاته...
استمد التصوف عناصره من الاسلام واقتصر المتصوفة الاولون على العبادة والتفكر في الاء الله وقنعوا من الدنيا بما يسد الرمق وثمة تطورا حين تاثر بمختلف الفلسفات والثقافات الدخيلة الاجنبية فتطور من شكله البسيط الى اسلوب خاص في الحياة الدينية له اماكنه الخاصة ونظمه وطرقه وطوائفه وقد تطرف بعضها في السلوك والعقيدة والراي وذاع امر جماعات منها تميزت بافعالها الغربية وازيائها العجيبة واضلت جماعة من العلماء وافسدت الناس .......ومما زاد الاوضاع سوءا مساهمة السلاطين والحكام في انتشار هذا اللون حتى غدا موضوعا شعريا فضل على الخمر باهتمامهم به وتقريب شعرائه وفتح ابواب قصورهم امامهم...
معاني التصوف وموضوعاته,,,,,..ْْْ
غلب عليها التعبير عن الوجد والاشواق والعشق الالاهي فكأن الشاعر المتصوف يتغزل بالله تعالى معتمدا على البحور الخفيفة تسهيلا لتلحينه وغنائه في مجالس الذكر الصوفي..
من اشهر شعراء التصوف..
عفيف الدين التلمساني(668ه)
عبد الله بن علي بن منجد (693)
ويجب ان نلاحظ التداخل الكبير الموجود بين شعر الزهد وشعر التصوف والتشابه الكبير بينهما مع اختلاف جوهري للتصوف عن الزهد ونلمح ذلك من خلال القراءة الاةلى ةالتغزل بالله عزوجل كقول احدهم..
ياغائبا لايغيب .................انت البعيد القريب
مهما تغب عن عيوني ......فانت انت الحبيب
وقال تقي الدين السروجي يتشوق الى محبوبه على مذهب الصوفية...
انعم بوصلك لي فهذا وقته...
يكفي من الهجران ماقد ذقته
اانفقت عمري في هواك وليتني ..
اعطى وصلا بالذي انفقته
يامن شغلت بحبه عن غيره..
وسلوت كل الناس حين عشقته
كم جال في ميدان حبك فارس..
بالصدق فيك الى رضاك سبقته
انت الذي جمع المحاسن وجهه..
لكن عليه تصبري انفقته
قال الوشاة قد ادعى بك نسبة..
فسررت لما قلت قد صدقته
بالله ان سالوك عني قل لهم..
عبدي وملك يدي وما اعتقته
او قيل مشتاق اليك فقل لهم..
ادري بذا وانا الذي شوقته
ياحسن طيف من خيالك زارني..
من فرحتي بلقاه ماحققته
فمضى وفي قلبي عليه حسرة..
لوكان يمكنني الرقاد لحقته
راقيه الجزائريه
24-11-2008, 13:30
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..................
اشكرك اختي تحدي فتاة
اضافة جميلة ورائعة منحت للفكرة اطاراً رائعاً
كلي امتنان لحضورك و مشاركتك
كوني بخير ..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir