نمر ابوغوش
13-08-2008, 10:39
بسم الله الرحمن الرحيم
محمود درويش.عاشق من فلسطين
من رموش العين سوف أُخيط منديلا
وأنقش فوقه شعراً لعينيكِ
وإسماً حين أسقيه فؤاداً ذاب ترتيلا...
يمدُّ عرائش الأيكِ...
سأكتب جملة أغلى من الشُهَدَاء والقُبَلِ:
"فلسطينيةً كانتِ. ولم تزلِ!"
مرة، صرح أرييل شارون بأنه يحسد محمود درويش على هذا الشعر الجميل الذي يكتبه في التعلق بفلسطين.
ومرة، أقام غلاة الصهاينة الدنيا لأن نصاً لمحمود درويش تقرر أن يُدرّس ضمن المقررات الدراسية للتلاميذ في “إسرائيل”.
المؤسسة الصهيونية أسست أجيالاً على نفي الحق الفلسطيني. ففلسطين، التي يراد طمس حتى اسمها، هي في المخيال الصهيوني أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، لذلك فإن قصيدة درويش فضلاً عن جمالياتها التي أثارت حسد وغيرة شارون، حين تقدم بكل ما فيها من شحنة إبداعية وإنسانية، تُصيب في مقتل كامل البنية الثقافية للمؤسسة الحاكمة في الكيان.
بوسع هذا أن يوجز مكانة محمود درويش الشاعر في الذاكرة الوطنية الفلسطينية، إبداعياً وكفاحياً. هو الذي كتب الملحمة الفلسطينية شعراً في مسيرته الحافلة، إنساناً ومناضلاً وشاعراً، منذ رحيله الأول إلى لبنان، وهو طفل، عن قريته يوم جرى احتلالها، ثم عودته إلى الجليل، ومروراً بصباه ومطالع شبابه المبكر الواعد بنبوغ الشعر، مناضلاً وكاتباً في الصحافة العربية هناك، دفاعاً عن الهوية الوطنية للفلسطينيين الذين أبوا أن يُقتعلوا من ديارهم، وصمموا على البقاء بوجه الآلة الصهيونية العنصري
من البروة الى حيفا الى زنزانة ضاقت جدرانها فاتسع فضاؤها بأغنيات العاشق، وعشش الظلام في أرجائها، فاضاء الحب في جنباتها شموسا.
من الزنزانة الى البروة الى موسكو حيث بدأ يعيد صياغة الأسئلة، الى القاهرة حيث غير اتجاه البوصلة، الى بيروت الى باريس الى بيروت الى قبرص الى بيروت الى شبه وطن.
في البدء كان الرحيل وفي البدء كان الوطن.
محمود درويش كان يحمل وطنه في حقيبة سفره، اينما حل وأنى حطت به الرحال
"وطني ليس حقيبة"
آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبة
وأنا لست مسافر
فقد تغنى به في لغة تنساب برقة كمياه الجداول، ووصل به الى قلب العالم مخترقا الحواجز اللغوية والسياسية.
حين غادر فلسطين قال: “لم أعد قادراً على تحمل البقاء، ولكني أحيي كل الصامدين هناك”.
لم تكن ثمة مدعاة لأن يعتذر الشاعر لأنه لم يبارح فلسطين أبداً في كل المنافي التي طوحت به الدنيا فيها، من دون أن يتخلى عن شروط الشعر وصفائه، بالشكل الذي أدخله في ذاكرة الشعر العربي، لا الفلسطيني وحده، كأحد أبرز صناع حداثة هذا الشعر وجماله، مرتقياً بشعره وبفلسطين إلى المقام الكوني، إلى الحلم الإنساني في أبلغ تجلياته.
في “الجدارية”، كان محمود يهجس بالموت. هو الذي اختبره مرة، فرآه مثل النوم فوق غمامة بيضاء: “أيها الموت انتظر حتى أعدّ حقيبتي، فرشاة أسناني وصابوني وماكنة الحلاقة والثياب. هل المناخ هناك معتدل؟ وهل تتبدل الأحوال في الأبدية البيضاء، أم تبقى كما هي في الخريف وفي الشتاء؟ هل كتاب واحد يكفي لتسليتي مع اللا وقت أم أحتاج مكتبةً؟ وما لغة الحديث هناك، دارجة لكل الناس أم عربية فصحى؟
وإلى الموت ذهب درويش بجلال يليق بشاعر وبإنسان كبير مثله، لكن موته ليس غياباً، إنه حضور في الأبدية.
......
محمود درويش.عاشق من فلسطين
من رموش العين سوف أُخيط منديلا
وأنقش فوقه شعراً لعينيكِ
وإسماً حين أسقيه فؤاداً ذاب ترتيلا...
يمدُّ عرائش الأيكِ...
سأكتب جملة أغلى من الشُهَدَاء والقُبَلِ:
"فلسطينيةً كانتِ. ولم تزلِ!"
مرة، صرح أرييل شارون بأنه يحسد محمود درويش على هذا الشعر الجميل الذي يكتبه في التعلق بفلسطين.
ومرة، أقام غلاة الصهاينة الدنيا لأن نصاً لمحمود درويش تقرر أن يُدرّس ضمن المقررات الدراسية للتلاميذ في “إسرائيل”.
المؤسسة الصهيونية أسست أجيالاً على نفي الحق الفلسطيني. ففلسطين، التي يراد طمس حتى اسمها، هي في المخيال الصهيوني أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، لذلك فإن قصيدة درويش فضلاً عن جمالياتها التي أثارت حسد وغيرة شارون، حين تقدم بكل ما فيها من شحنة إبداعية وإنسانية، تُصيب في مقتل كامل البنية الثقافية للمؤسسة الحاكمة في الكيان.
بوسع هذا أن يوجز مكانة محمود درويش الشاعر في الذاكرة الوطنية الفلسطينية، إبداعياً وكفاحياً. هو الذي كتب الملحمة الفلسطينية شعراً في مسيرته الحافلة، إنساناً ومناضلاً وشاعراً، منذ رحيله الأول إلى لبنان، وهو طفل، عن قريته يوم جرى احتلالها، ثم عودته إلى الجليل، ومروراً بصباه ومطالع شبابه المبكر الواعد بنبوغ الشعر، مناضلاً وكاتباً في الصحافة العربية هناك، دفاعاً عن الهوية الوطنية للفلسطينيين الذين أبوا أن يُقتعلوا من ديارهم، وصمموا على البقاء بوجه الآلة الصهيونية العنصري
من البروة الى حيفا الى زنزانة ضاقت جدرانها فاتسع فضاؤها بأغنيات العاشق، وعشش الظلام في أرجائها، فاضاء الحب في جنباتها شموسا.
من الزنزانة الى البروة الى موسكو حيث بدأ يعيد صياغة الأسئلة، الى القاهرة حيث غير اتجاه البوصلة، الى بيروت الى باريس الى بيروت الى قبرص الى بيروت الى شبه وطن.
في البدء كان الرحيل وفي البدء كان الوطن.
محمود درويش كان يحمل وطنه في حقيبة سفره، اينما حل وأنى حطت به الرحال
"وطني ليس حقيبة"
آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبة
وأنا لست مسافر
فقد تغنى به في لغة تنساب برقة كمياه الجداول، ووصل به الى قلب العالم مخترقا الحواجز اللغوية والسياسية.
حين غادر فلسطين قال: “لم أعد قادراً على تحمل البقاء، ولكني أحيي كل الصامدين هناك”.
لم تكن ثمة مدعاة لأن يعتذر الشاعر لأنه لم يبارح فلسطين أبداً في كل المنافي التي طوحت به الدنيا فيها، من دون أن يتخلى عن شروط الشعر وصفائه، بالشكل الذي أدخله في ذاكرة الشعر العربي، لا الفلسطيني وحده، كأحد أبرز صناع حداثة هذا الشعر وجماله، مرتقياً بشعره وبفلسطين إلى المقام الكوني، إلى الحلم الإنساني في أبلغ تجلياته.
في “الجدارية”، كان محمود يهجس بالموت. هو الذي اختبره مرة، فرآه مثل النوم فوق غمامة بيضاء: “أيها الموت انتظر حتى أعدّ حقيبتي، فرشاة أسناني وصابوني وماكنة الحلاقة والثياب. هل المناخ هناك معتدل؟ وهل تتبدل الأحوال في الأبدية البيضاء، أم تبقى كما هي في الخريف وفي الشتاء؟ هل كتاب واحد يكفي لتسليتي مع اللا وقت أم أحتاج مكتبةً؟ وما لغة الحديث هناك، دارجة لكل الناس أم عربية فصحى؟
وإلى الموت ذهب درويش بجلال يليق بشاعر وبإنسان كبير مثله، لكن موته ليس غياباً، إنه حضور في الأبدية.
......