مشاهدة النسخة كاملة : •°ღ°• أوراق الورد •°ღ°•
http://www.mzaeen.net/upfiles/ccE50268.gif
*
*
اخوانى الافاضل
اقدم لكم اليوم مجموعة رسائل خلاصة مشاعر
لمصطفى صادق الرافعى
وفى البداية كان لابد لى من التعريف بالكاتب
وهو
مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن عبد القادر الرافعي
وينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. وفد جده الشيخ عبد القادر من الشام إلى مصر في منتصف القرن الثالث عشر الهجري، وعلى يده
تخرج كبار علماء مصر.
أبصرت عيناه النور في قرية بهتيم (محافظة القليوبية – مصر) في أوائل المحرم من عام 1291 من الهجرة، الموافق يناير 1880 ميلادي.
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
عمل والده عبد الرازق رئيساً للمحاكم الإسلامية الشرعية في كثير من الأقاليم، حتى عمل رئيساً لمحكمة طنطا الشرعية. عرف عنه الشدة في الحق،
والورع الصادق، والعلم الغزير.
أمه هي ابنة الشيخ الطوخي من أصول حلبية، وكان والدها تاجراً تسير قوافله ما بين الشام ومصر، وأقام في قرية بهتيم. عج منزل والده بالعلماء من
كل حدب وصوب، وزخرت مكتبة والده بنفائس الكتب، وأتم حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة من عمره.
انتسب إلى مدرسة دمنهور الابتدائية، ثم انتقل إلى مدرسة المنصورة الأميرية، التي حصل منها على الشهادة الابتدائية وعمره آنذاك سبع عشرة سنة.
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
أصابه مرض لم يتركه حتى أضعف سمعه وفي سن الثلاثين أضحى أصماً تماماً. اضطره المرض إلى ترك التعليم الرسمي، واستعاض عنه بمكتبة أبيه
الزاخرة، إذ عكف عليها حتى استوعبها وأحاط بما فيها.
عمل في عام 1899 ككاتب محكمة في محكمة طخا، ثم انتقل إلى محكمة طنطا الشرعية، ثم إلى المحكمة الأهلية، وبقي فيها حتى لقي وجه ربه الكريم.
في يوم الاثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ فيلسوف القرآن لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء،
ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار، وجدوه قد فاضت روحه الطيبة إلى
بارئها، وحمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا.
مات مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عاماً.
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
نظم الرافعي الشعر في بدايات شبابه، قبل بلوغه العشرين من عمره، وأصدر ديوانه الأول في عام 1903 الذي كان له صدى عظيماً بين كبار شعراء
مصر، إذ كتب فيه البارودي والكاظمي وحافظ ابراهيم شعراً، كما أرسل له الشيخ محمد عبده وزعيم مصر مصطفى كامل له مهنئين.
تزوج الرافعي في عام 1904 من ابنة عائلة البرقوقي من مدينة المنصورة.
انقطع لتأليف كتاب تاريخ آداب العرب من منتصف عام 1909 إلى نهاية عام 1910 ليدخل به مسابقة الجامعة المصرية في تاريخ الأدب العربي،
ثم طبعه على حسابه الخاص في عام 1911، وفي عام 1912 أصدر جزءه الثاني وعنونه إعجاز القرآن والبلاغة النبوية.
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
إصداره للجزء الثاني جعل الناس يعرفون ويتذوقون قدرة الرافعي على البلاغة وفنونها، وكتب له زعيم الأمة سعد زغلول مهنئاً إياه، ومعترفاً له بعلمه
الغزير وأسلوبه.
رحل في عام 1912 إلى لبنان، حيث ألف كتابه حديث القمر، وصف فيه مشاعر الشباب وعواطفهم وخواطر العشاق في أسلوب رمزي على ضرب من
النثر الشعري البارع.
بعد وقوع الحرب العالمية الأولى، ونزوع المستعمر إلى تحويل كل خيرات البلاد لهذه الحرب، ما ترك أهلها ضحايا للجوع والفقر، ما جعل أرقام هؤلاء
تزيد عن ضحايا الحرب ذاتها.
نظر الرافعي حوله فرأى بؤساً متعدد الألوان، مختلف الصور والأشكال، فانعكس ذلك كله في كتابه كتاب المساكين.
في عام 1924 أخرج كتاب رسائل الأحزان، عن خواطر في الحب، ثم أتبعه بكتاب السحاب الأحمر والذي تحدث فيه عن فلسفة البغض وطيش الحب.
تلى ذلك كتابه أوراق الورد.
في عام 1934 بدأ الرافعي يكتب كل أسبوع مقالة أو قصة، ليتم نشرها أسبوعياً في مجلة الرسالة، والتي أجمع الأدباء والنقاد على أن ما نشرته الرسالة
لهو أبدع ما كتب في الأدب العربي الحديث والقديم، جمع أكثرها في كتاب وحي القلم
*
*
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
*
*
نتاجه الأدبي والفكري
استطاع الرافعي خلال فترة حياته الأدبية التي تربو على خمسٍ وثلاثين سنة إنتاج مجموعة كبيرة ومهمة من الدواوين والكتب أصبحت علامات مميزة
في تاريخ الأدب العربي.
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
(1) دواوينه الشعرية:
كان الرافعي شاعراً مطبوعاً بدأ قرض الشعر وهو في العشرين، وطبع الجزء الأول من ديوانه في عام 1903 وهو بعد لم يتجاوز الثالثة والعشرين،
وقد قدّم له بمقدمة بارعة فصّل فيها معنى الشعر وفنونه ومذاهبه وأوليته.
وتألق نجم الرافعي الشاعر بعد الجزء الأول واستطاع بغير عناء أن يلفت نظر أدباء عصره، واستمر على دأبه فأصدر الجزأين الثاني والثالث من
ديوانه.
وبعد فترة أصدر ديوان النظرات، ولقي الرافعي حفاوة بالغة من علماء العربية وأدبائها قلّ نظيرها، حتى كتب إليه الإمام محمد عبده قائلاً: " أسأل الله
أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل، وأن يقيمك في الأواخر مقام حسان في الأوائل ".
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
(2) كتبه النثرية:
قلّ اهتمام الرافعي بالشعر عما كان في مبتدئه؛ وذلك لأن القوالب الشعرية تضيق عن شعوره الذي يعبر عن خلجات نفسه وخطرات قلبه ووحي وجدانه
ووثبات فكره، فنزع إلى النثر محاولاً إعادة الجملة القرآنية إلى مكانها مما يكتب الكتاب والنشء والأدباء، أيقن أن عليه رسالة يؤديها إلى أدباء جيله،
وأن له غاية هو عليها أقدر، فجعل هدفه الذي يسعى إليه أن يكون لهذا الدين حارساً يدفع عنه أسباب الزيغ والفتنة والضلال، وينفخ في هذه اللغة روحاً
من روحه، يردّها إلى مكانها ويرد عنها فلا يجترئ عليها مجترئ، ولا ينال منها نائل، ولا يتندر بها ساخر إلا انبرى له يبدد أوهامه ويكشف دخيلته.
فكتب مجموعة من الكتب تعبر عن هذه الأغراض عُدت من عيون الأدب في مطلع هذا القرن. وأهمها:
1. تحت راية القرآن: المعركة بين القديم والجديد: وهو كتاب وقفه –كما يقول- على تبيان غلطات المجددين الذي
يريدون بأغراضهم وأهوائهم أن يبتلوا الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم، وهو في الأصل مجموعة مقالات كان ينشرها في الصحف في أعقاب
خلافه مع طه حسين الذي احتل رده على كتاب " في الشعر الجاهلي " معظم صفحات الكتاب.
2. وحي القلم: وهو مجموعة من مقالاته النقدية والإنشائية المستوحاة من الحياة الاجتماعية المعاصرة والقصص
والتاريخ الإسلامي المتناثرة في العديد من المجلات المصرية المشهورة في مطلع القرن الماضي مثل: الرسالة، والمؤيد والبلاغ والمقتطف والسياسة
وغيرها.
3. تاريخ الأدب العربي: وهو كتاب في ثلاثة أجزاء، الأول: في أبواب الأدب والرواية والرواة والشواهد الشعرية،
والثاني: في إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وأما الثالث: فقد انتقل الرافعي إلى رحمة ربه قبل أن يرى النور؛ فتولى تلميذه محمد سعيد العريان إخراجه؛
غير أنه ناقص عن المنهج الذي خطه الرافعي له في مقدمة الجزء الأول.
4. حديث القمر: هو ثاني كتبه النثرية وقد أنشأه بعد عودته من رحلة إلى لبنان عام 1912؛ عرف فيها شاعرة من
شاعرات لبنان ( مي زيادة ) ، وكان بين قلبيهما حديث طويل، فلما عاد من رحلته أراد أن يقول فكان " حديث القمر ".
5. كتاب المساكين: وهو كتاب قدّم له بمقدمة بليغة في معنى الفقر والإحسان والتعاطف الإنساني، وهو فصول شتى ليس
له وحدة تربطها سوى أنها صور من الآلام الإنسانية الكثيرة الألوان المتعددة الظلال. وقد أسند الكلام فيه إلى الشيخ علي الذي يصفه الرافعي بأنه: "
الجبل الباذخ الأشم في هذه الإنسانية التي يتخبطها الفقر بأذاه "، وقد لقي هذا الكتاب احتفالاً كبيراً من أهل الأدب حتى قال عنه أحمد زكي باشاً: " لقد
جعلت لنا شكسبير كما للإنجليز شكسبير وهيجو كما للفرنسيين هيجو وجوته كما للألمان جوته ".
6. رسائل الأحزان: من روائع الرافعي الثلاثة؛ التي هي نفحات الحب التي تملكت قلبه وإشراقات روحه، وقد كانت لوعة
القطيعة ومرارتها أوحت إليه برسائل الأحزان التي يقول فيها " هي رسائل الأحزان لا لأنها من الحزن جاءت؛ ولكن لأنها إلى الأحزان انتهت؛ ثم لأنها
من لسان كان سلماً يترجم عن قلب كان حرباً؛ ثم لأن هذا التاريخ الغزلي كان ينبع كالحياة وكان كالحياة ماضياً إلى قبر ".
7ـ. السحاب الأحمر: وقد جاء بعد رسائل الأحزان، وهو يتمحور حول فلسفة البغض، وطيش القلب، ولؤم المرأة.
8. أوراق الورد رسائله ورسائلها: وهو طائفة من خواطر النفس المنثورة في فلسفة الحب والجمال، أنشأه الرافعي ليصف
حالةً من حالاته ويثبت تاريخاً من تاريخه، كانت رسائل يناجي بها محبوبته في خلوته، ويتحدث بها إلى نفسه أو يبعث بها إلى خيالها في غفوة المنى،
ويترسل بها إلى طيفها في جلوة الأحلام.
9. على السَّفُّود: وهو كتاب لم يكتب عليه اسم الرافعي وإنما رمز إليه بعبارة إمام من أئمة الأدب العربي؛ وهو عبارة عن
مجموعة مقالات في نقد بعض نتاج العقاد الأدبي.
*
*
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
*
*
الرافعي ومعاركه الأدبية
كان الرافعي ناقداً أدبياً عنيفاً حديد اللسان والطبع لا يعرف المداراة، ولا يصطنع الأدب في نضال خصومه، وكانت فيه غيرة واعتداد بالنفس، وكان
فيه حرص على اللغة كما يقول: " من جهة الحرص على الدين إذ لا يزال منهما شيء قائم كالأساس والبناء لا منفعة بأحدهما إلا بقيامهما معاً ". وكان
يهاجم خصومه على طريقة عنترة، يضرب الجبان ضربة ينخلع لها قلب الشجاع، فكانت له خصومات عديدة مع شخصيات عنيدة وأسماء نجوم في
الأدب والفكر والثقافة في مطلع القرن، فكانت بينه وبين المنف**** خصومة ابتدأها هذا الأخير بسبب رأي الرافعي في شعراء العصر. وكانت له صولات
مع الجامعة المصرية حول طريقة تدريس الأدب العربي، وجولات أخرى مع عبد الله عفيفي وزكي مبارك. على أن أكثر معاركه شهرةً وحدة هو ما كان
بينه وبين طه حسين، وبينه وبين العقاد، بل لعلها أشهر وأقسى ما في العربية من معارك الأدب.
خصومته مع طه حسين:
كانت هذه الخصومة بسبب كتاب طه حسين " في الشعر الجاهلي " الذي ضمّنه رأيه في أن جُلّ الشعر الجاهلي منحول، وهي مقولة خطيرة تنبه لها
الرافعي؛ فحمل عليه حملة شعواء في الصحافة المصرية واستعدى عليه الحكومة والقانون وعلماء الدين، وطلب منهم أن يأخذوا على يده وأن يمنعوه من
أن تشيع بدعته بين طلاب الجامعة، وترادفت مقالاته عاصفة مهتاجة تفور بالغيظ والحميّة الدينية والعصبيّة للإسلام والعرب، كأن فيها معنى من معاني
الدم، حتى كادت هذه الحملة تذهب بـ " طه " وشيعته؛ إذ وقف معقود اللسان والقلم أمام قوة قلم الرافعي وحجته البالغة، وقد أسرّ " طه " هذا الموقف
للرافعي، فما سنحت له سانحة ينال بها من الرافعي إلا استغلها كي يرد له الصاع صاعين. غير أن الرافعي كان يقارعه حجة بحجة ونقداً بنقد حتى توفي
رحمه الله.
خصومته مع العقاد:
وكان السبب فيها كتاب الرافعي " إعجاز القرآن والبلاغة القرآنية " إذ كان العقاد يرى رأياً مخالفاً لما يرى الرافعي، وقد نشبت بينهما لذلك خصومة
شديدة تجاوزت ميدانها الذي بدأت فيه، ومحورها الذي كانت تدور عليه إلى ميادين أخرى؛ جعلت كلا الأديبين الكبيرين ينسى مكانه، ويغفل أدبه ليلغو
في عرض صاحبه، ويأكل لحمه من غير أن يرى ذلك مَعابة عليه، وكان البادئ الرافعي في مقالاته " على السفود " التي جمعها له في كتاب صديقه
إسماعيل مظهر، وتوقفت المعركة بينهما فترة وجيزة ما لبثت أن اشتعل أوارها مرة أخرى عندما نشر العقاد ديوانه " وحي الأربعين " فكتب الرافعي
نقداً لديوانه، تلقفه العقاد بالسخرية والتهكم والشتم والسباب، ولم تزل بينهما الخصومات الأدبية حتى توفي الرافعي رحمه الله.
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
وفاته:
توفي الرافعي في مايو سنة 1937 عن عمر يناهز 57 عاماً وكان الرافعي إذ ذاك ما يزال يعمل كاتباً ومحصلاً مالياً في محكمة طنطا، وهو العمل الذي
بدأ به حياته العملية عام 1900م.
*
*
http://www.as6orh.net/vb/images/smilies/starbar-02.gif
*
*
أوراق الورد
فاتحة الرافعى
إنه ليس معي إلا ظلالها ، ولكنها ظلال حية تروح وتجيء في ذاكرتي ، وكل ما كان ومضى هو في هذه الظلال الحية كائن لايفنى وكما يرى الشاعر الملهم كلام الطبيعة بأسره مترجما إلى لغة عينيه أصبحت أراها في هجرها طبيعة حسن فاتن مترجمة بجملتها على لغة فكري....
كان لها في نفسي مظهر الجمال ومعه حماقة الرجاء وجنونه ثم خضوعي لها خضوعا لا يفنى فبدلني الهجر منها مظهر الجلال ومعه وقار اليأس وعقله ..ثم خضوعي لخياي خضوعا لا يضرها....
وما أريد من الحب إلا الفن فإن جاء من الهجر فن فهو الحب......
كلما ابتعدت في صدها خطوتين رجع لي صوابي خطوة..
لقد أصبحت أرى ألين العطف في أقسى الهجر ولن أرضى بالأمر الذي ليس بالرضا ولن يحسن عندي مالا يحسن ولن أطلب الحب إلا في عصيان الحب أريدها غضبى فهذا جمال يلائم طبيعتي الشديدة وحب يناسب كبريائي ودع جرحي يترشش دما فهذه لعمري قوة الجسم الذي ينبت ثمر العضل وشوك المخلب وما هي بقوة فيك إن لم تقو أول شيء على الألم...
أريدها لا تعرفني ولا أعرفها لا من شيء إلا أنها تعرفني وأعرفها ....تتكلم ساكتة وأرد عليها بسكوتي صمت ضائع كالعبث ولكن له في القلبين عمل كلام طويل..
وفى مقدمة الرسائل يقول فيها ..........
من أراد أوراق الورد على أنه قصة حب في رسائل لم يجد شيئا......
ومن أراده رسائل وجوابها في معنى خاص لم يجد شيئا ............
ومن أراده للتسلية وإزجاء للفراغ لم يجد شيئا.....
ومن أراده نموذجا من الرسائل يحتذيه لم يجد شيئا........
ومن أراده قصة قلب ينبض بمعانيه على حاليه في الرضا والغضب ويتحدث بأمانيه عن حاليه في الحب والسلوان وجد كل شيئ....
.........................
تابعونا
*
*
*
*
زجاجة عطر
وأهدى الرافعى لها مرة زجاجة من العطر الثمين وكتب معها….
يا زجاجة العطر :اذهبي إليها وتعطري بمس يديها وكوني رسالة قلبي لديها…
وها أنذا أنثر القبلات على جوانبك ، فمتى لمستك فضعي قبلتي على بنانها ، وألقيها خفية ظاهرة في مثل حنو نظرتها وحنانها، والمسيها من تلك
القبلات معاني افراحها في قلبي ومعاني أشجانها..
وها أنذا اصافحك فمتى أخذتك في يدها فكوني لمسة الأشواق ..وها أنذا أضمك إلى قلبي فمتى فتحتك فانثري عليها في معاني العطر لمسات العناق.
*******************
إنها الحبيبة يا زجاجة العطر وما أنت كسواك من كل زجاجة ملأت سائلا ، ولا هي كسواها من كل امرأة ملأت حسنا ، وكما افتتنت الصناعة في
إبداعك واستخراجك افتتنت الحياة في جمالها وفتنتها…حتى لأحسب أسرار الحياة في غيرها من النساء تعمل بطبيعة وقانون، وفيها وحدها تعمل بفن
وظرف وأنت سبيكة عطر كل موضع منك يأرج ويتوهج ،وهي سبيكة جمال كل موضع فيها يستبي ويتصبى؟
وما ظهرت معانيك إلا أفعمت الهواء من حولك بالشذا ، ولا ظهرت معانيها إلا افعمت القلوب من حولها بالحب .
وكلتاكما لا تمس أحد منهما إلا تلبس بها فلا يستطيع أن يخلص منها.
أنت عندي أجمل أنثى في الطيب من بنات الزهر ، وهي عندي أجمل أنثى في الحب من بنات آدم..
قولي لها يا زجاجة العطر إنك خرجت من أزهار كأنها شعل نباتية ، وكانت في الرياض على فروعها كأنه تجسمت من أشعة الشمس والقمر فلما ابتعتك
وصرت في يدي ، خرجتِ من شعل غرامية وأصبحت كأنك تجسمت من أِواقي وتحياتي ولمسات فكري، ولذلك أهديتك…
وقولي لها إن شوق الأرواح العشقة يحتاج دائما إلى تعبير جميل كجمالها ، بليغ كبلاغتها ينفذ إلى قلب الحبيب بقوة الحياة سواء رضي أو لم يرض وهذا
الشوق النافذ كان الأصل الذي من أجله خلق العطر في الطبيعة ، فحينما تسكب الجميلة قطرة من الطيب على جسمها ، تنسكب في هذا الجسم أشواق
وأشواق من حيث لا تدري ولا تدري …ولذلك بعثتك..
وقولى لها انك اتساق بين الجمال والحب، فحين تهدَي زجاجة العطر من محب إلى حبيبته فإنما هو يهدي إليها الوسيلة التي تخلق حول جسمها الجميل
الفاتن جو قلبه العاشق المفتون ولو تجسم هذا المعنى حينئذ فنظره ناظر لرآها محاطة بشخص أثيري ذائب من الهوى واللوعة يفور حولها في الجو
ويسطع ولذلك يا زجاجة العطر أرسلتك…..
أيها العطر كانت أزهارك فكرة في فن الحسن توثبت وطافت زمنا على مظاهر الكون الجميلة كي تعود آخرا فتكون من فن الحب وفي ذلك مازجت الماء
العذب ولامست أضواء القمر والنجوم وخالطت أشعة الشمس واغتسلت بمائة فجر منذ غرسها إلى إزهارها لتصلح بعد ذلك أن يمس عطرها جسم
الحبيبة ويكون رسالة حبي لديها…
أيها العطر لقد خرجت من أزهار جميلة وستعلم حين تسكبك على جسمها أنك رجعت إلى أجمل أزهارك وأنك كالمؤمنين تركوا الدنيا ولكنهم نالو الجنة
ونعيمها…
*
*
******************
حمــ الموت ـراء
06-08-2008, 14:26
كاتب مبدع الرافعي ..بس كثرت اعداؤه تدل على غيره شديده بين كتاب ذاك العصر ..!!
وهي غيرة ماهي محموده ..الشاعر والكاتب انسان يحمل مشاعر شفافه ..مشاعر تختلف
قليلاً عن بقيه الناس ..!! أتعجب ..صراحه
الجزء من خاطرتوه الي ادرجتيه لوليتا حلوه الي تتكلم عن العطر فكره رائعه
بس ما شفت اي ابداع ملفت للنظر ..!! ماهي غيره ابداً :)
لكن كاتب بحجم الرافعي يطلع منه احسن رغم عدم معرفتي لكتاباته ..ولا كتبه ..
على العموم موضوع رائع من الرائعه لوليتا ..roooose
*
*
هلا بحمرااائى
لا تتعجبى عزيزتى الغيرة بين كل البشر وليس فقط الكتاب والشعراء
ومنها المحمود الذى يدفع صاحبه لمزيد من الابداع ومنها الغير محمود كما ذكرتى
ومعها التنافس لا يصبح شريفا بالمرة
ورغم حدة الرافعى وكما ذكروا عنه فانا لم اعاصره الا كما ذكروا ايضا انه كان قوى الحجة والبرهان
ويقارعهم الحجة بالحجة
وكان يعملوا له الف حساب فى النقد
وانا لم اقرأ كل كتابات الرافعى وما اعجبنى منها اوراق الورد لرقتها
وما ورد هنا ولم ينل ذائقتك مجرد واحدة من تلك الرسائل
فتابيعينا وتابعى البقية لربما ارضت ذائقتك
الموضوع وضع للتعريف بكاتب ونوعية كتابات من باب المعرفة والاطلاع والثقافة
وكم من الكتاب نقرأ لهم يعجبونا فى مجال واخر لا
لك الشكر عزيزتى على الادلاء الراقى منك
وناقدة مبشرة بالخير
سلمتى غاليتى على تشريفك بالحضور
ودى
*
*
حمــ الموت ـراء
06-08-2008, 21:36
انتظر الكثير من ابداعات الرافعي ..تعجبني الشخصيه القويه ذات الحجه والبرهان
ولكن لا احب تلك المنافسه المذموومه ..
انتظرك يا لوليتا ..
فاني اشتاق لتلك الكلمات وتلك الكتب بعد هجراني لها الى عالم الشبكه
العنكبوتيه ..
roooose
((عبدالله بن غيث))
06-08-2008, 22:26
الشكر المتواصل ببقات الوررود لك لوليتا على هذه الجهود....!
تحياتي لك
*
*
اهلا بعودتك حمرااائى
مافى احد يحب المنافسة المذمومة والغيرة غير المحمودة
وفى من البشر ما يحمل النقيضين دائما
وابقى متابعة وان شاء الله يعجبك باقى اوراق الورد
دمتى بألق
*
*
*
*
شاعرنا القدير
عبد الله
دائما انت المتالق اخى بحضورك الراقى
واتمنى دائما ان ينال اعجابك ومتابعتك كل ما اقدم
فلك الشكر الجزيل على التواجد الاعذب
تحياااتى
*
*
*
*
القمر
وكانت تأنس بضوء القمر ويعجبها نوره على الحديقة خاصة فسألته مرة أن يناجي هذا الجميل في رسالة فقال حبا وكرامة..(للقمر) وكتب:
إني لأراك أيه القمر منذ عقلت معاني ما أرى ولكنني لم أعرف أنك أنت كما أنت إلا بعد ان وضع الحب فيها بينك وبين من اهواها كما يوضع التفسير
إلى جانب الكلمة الدقيقة …
عندئذ وصلتك قرابة الجمال بوجهها فاتصل بك شعوري وبت على بعدك في أفلاك السماء تسبح أيضا في دائرة قلبي واستةيت متسقا كأن عملك لي أن
تتم فن جمالها بإظهارها أجمل منك وأمسيت عندي ولك مثلها شكل السر المبهم المحيط بالنفس المعشوقة ، يدخل كل جمال في تفسيره ولا يكمل تفسيره
أبدا…
ومن شبهك بوجهها أزهر الضوء فيك ما يزهر اللحم والدم فيها، فتكاد أشعتك تقطف منها القبلة ، ويكاد جوك يساقط من نواحيه تنهدات خافته وتكاد
تكون مثلها يا قمر مخلوقا من الزهر والندى وأنفاس الفجر…
أما قبل حبها فكنت اراك أيها القمر بنظرات لا تحمل أفكارا …
كنت جميلا ولك جمال ورق الزهر الأبيض وكنت في رقعتك المضيئة تشبه النهار مطويا بعضه على بعض حتى يرجع في قدر المنديل…وكنت ساطعا في
هذه الزرقاء ولكن سطوع المصباح الكهربائي على منارة قائمة في ماء البحر وكنت زينة السماء ولكن كما تناط مرآة صغيرة من البلور إلى حائط فتشبه
من صفائها موجة ضوء أمسكت ووضعت في إطار معلق..
وكنت يا قمر ...كنت ملء الوجود ولكنك ضائع في فكري...
************
وأما بعد حبها فأمسيت أراك أيها القمر ولست إلا طابع الله على أسرار الليل في صورة وجه فاتن كما أن كل وجه معشوق هو طابع الله على أسرار القلب
الذي يحبه..
فأنت فاتن تحاكي في ضوئك وجهها لولا أنك بلا تعبير..
وانت ساطع بين النجوم ولو تجسمت صورة من أجمل ضحكات ثغر معشوق لكانتك ولو تجسمت القبلات المنتثرة حول هذا الثغر لكانتها..
وأنت زينة السماء ولكن السماء منك كمرأة سحرية اطلعت فيها حورية من حور الجنة فأمسكت خيال وجهها في لجة من النور ، فأنت خيال وجهها..
وأنت يا قمر .....أنت ملء الوجود ولكنك أيضا ملء فن الحب
****************
أتذكر أيها القمر إذ طلعت لنا في تلك الحديقة وتفيأت بنورك عليها فغمرت أرضها وسماءها بروح الخلد حتى وقع في وهمنا انك وصلتها من سحر
أشعتك بطرف من أطراف الجنة فهي ناحية منها..؟
أتذكر وقد رأيتك ثمة قريب من الحبيبة تصب عليها النور حتى خيل إلى أنها إحدى الحور العين متكئة في جنتها على رفرف خضر وقد وقف لخدمتها
قمر..
أتذكر إذ نزلت علينا بآيات سحرك فخيلت لي أن العالم قد تحول فيها هي إلى صورة جميلة مرئية أمست لي وحدي فملكت العالم كله في ساعة من حيث
لم أملك إلا الحب..
أتذكر ساعة جئتها بها من فوق الزمن وكان فيها للحديقة جو من زهر وجو من قمر وجو من امراة أجمل من القمر ومن الزهر..
*********************
أترى يا قلبي كأن في الوجود الذي حولنا أنوثة وذكورة فهو بالقمر تحت الليل يعبر عن نفسه تعبيرا نسائيا في منتهى الرقة ، لأنه قوي شديد وفي غاية
التفتر لأنه مشبوب متضرم وفي غاية الدلال، لأنه في كمال الإغراء وفي أقصى الحياء ، لأنه يبعث بهذا الحياء فيما حوله أقصى الجرأة...
تعبير امرأة معشوقة جميلة ترف بأندائها وليس فيها إلا صفات...
وبالشمس على النهار يعبر الوجود عن نفسه تعبير رجل مقدام ليس فيه غير القوة والحركة والاندفاع ..
تعبير رجل جبار يحمل عزائمه التي يحترق بها وليس فيه إلا صفات النار(في الهامش: هذا رأي لنا لم نجده لأحد فكأن من المرأة مظلمة أبدا كليالي
المحاق ومنها مضيئة ولكن على تفاوت باختلاف الأسباب ومنها ليلة البدر وهي الحبيبة عند محبها...كلها جمال ووحي وضوء ورقة وسحر...)
أترى يا قلبي كأن مدينة الحياة في النهار بصراعها وهمومها تحتاج إلى قفر طبيعي يفر إليه أهل القلوب الرقيقة بضع ساعات، فلذلك يخلق لهم القمر
صحراء واسعة من الضوء يجدون فيها بعد تلك المادية الجياشة المصطخبة روحانية الكون وروح العزلة وسكينة الضمير ويدو فيها كل ما يقع عليه
النور كأنه حي ساكن بفكر..
أترى ياقلبي كأن ضوء القمر صنع صنعة بخصائصها ليبعث في القلوب معاني القلوب الروحية من الفكر والحب كما صنع نور الشمس ليبعث في الأجسام
قواها ومعانيها المادية من الحياة والدم..
أترى يا قلبي كأن هذا القمر يلقي إنما يلقي النور على الحلم الروحاني اللذيذ الغامض الذي يحلم به كل عاشق من أول درس في الحب ساعة ترسل الحبيبة
إلى قلبه رسالة عنها ، ولا يحلم بمثله في غير العشاق إلا أعظم الفلاسفة ، وفي آخر دروس فلسفته وبعد أن تكون الليالي الطويلة قد أطلعت في سماء
عمره قمر الشيخوخة من شعره الأبيض...
أترى ياقلبي أن هذا القمر تليسكوب يكبر صوره العواطف حين تبث في ضوئه فلا يطلع على الحبيبين أبدا إلا كبر أحدهما في عين الآخر..
أترى ياقلبي إنه ليس في الحب إلا عواطف مكبرة يثيرها دائما وجه الحبيب فلابد أن يكون وجه الحبيب طالعة فيه روح القمر؟؟
أتى يا قلبي.....آه أترى....
*
*
*
*
صلاة في المحراب الأخضر
لي صديقات من الشجر أعرفهن ويعرفنني منذ سنوات وهن ينزلن مني بعض الأحيان منزلة الحب لأن فيها شيئا من دلال النساء الخفرات أجد أثره في قلبي ولا أجد برهانه على لساني فإذا هممت أن أبن عنه وأبتغيه بالعبارة أخفته العبارة حتى لا يزيده البيان إلا غموضا وسوء معرض ولكن لكن إذا مضيت أفكر فيه تبينته أشد تبين فأحسست في ظلهن المستحي ونسيمهن المتنهد وغصونهن المنثنية شمائل حبيبة إلا نفسي ورأيت لها معاني لا تقع إلا في القلب ثم لا تقع نته إلا في الموضع الذي مسته يوما نفحة أو قبلة أو تنهد..
وإنما قيمة الأشياء بما فيها من أثر القلب أو بما لها من في القلب من أثر ولرب شيء تافه لا خطر له ولا غناء فيه ثم يكون في يد ك محب من حبيبه النائي أو الممتنع الهاجر فإذا هو قد تحول بموقعه من القلب إلى غير حقيقته فأطلعه الهوى من مطلع آخر ليس في الطبيعة فيرتفع ثم يرتفع حتى كأنه عند صاحبه ليس شيئا في الدنيا بل الدنيا شيء فيه ويكون ماهو كائن وينبعث منه روح ذات جلال أقل ما فيه أنه فوق الجلال الإنساني
هذه صغار الحياة حتى خالطها القلب أصبحت في الحياة أكبر كبائرها كأن قلب كل إنسان هو النقطة المحدودة له من الكون والكون كله مبعثر من حوله فلا بداية لشيء ولا نهاية لشيء ولا قرب ولا بعد ولا صغر ولا كبر ما يكون له قياس إلى القلب .........
والحب قدرة إنسان على قلب إنسان فهو من ثم قدرة قدرة على الكون التنصل بالعاشق وهو بهذه القدرة أشبه بألوهية لو ساغ في الظن أن توجد ألوهية عاجزة عن كل شيء إلا عن التصرف في مخلوق واحد وهو بكل ذلك إما حقيقة كبرى او سخرية كبرى.....
*************
تقوم شجراتي على مسيل من الماء في قاصية بعيدة عن المدينة وتراهن فوق الماء صفا إحداهن إلى إحداهن كأن هناك بقعة من الجنة قامت فيها قصور الزمرد على طريق أرضها من الفضة البيضاء المجلوة .
وأراهن كلا سنة يتجردون من الأوراق ليكتسين أوراقا مثلها لا تخلفها في شيء من الهيئة ولا تباينها في معنى الطبيعة ولكن بين ما يخلعن وما يلبسن تزيد فيهن الحياة وتشب الروح وتتجدد القوة فتلقى الشجرة أوراقها وتستقبل الشتاء مقشعرة جرداء لتظهر في الربيع كاسية جميلة ، جديدة في حسنها تتبرج بروحها قبل ثيابها ، كالحسناء الفاتنه أو ما يتحرك في دمها الحب...
كذلك لا تتبرج الروح إلا خارجة من شقاء أو مقبلة على شقاء ، وما أشبه الحب في الناس بهذا الربيع في الشجر هو الطريق الأخضر يمتد إلى الجدب واليبس والألم وإما إلى غاية منسية مهملة في الجفاء أو السلوة!
و>هبت في ضحوة النهار إلى صديقاتي أحييهن كعهدي بين حين وحين وما أكرمه عهدا لمن لا يختلفن من ملل ولا يتغيرن من ك>ب ولا يتبدلن من خيانة فلما جئتهن تحفين بي وتناولن قلبي يمسحنه ويتحببن إليه واقبلن يغازلنه ويأخذن فيه مأخذ من تحب فيمن يحبها حتي لم أشعر منه إلا ما اشعر من زهرة فيها أرجها العاطر أو ثمرة فيها ماؤها الحلو أو نبتة فيها لونها الأخضر...
ونبهن فيه برفقهن هذه القوة المتواضعة المظلومة التي تتوجه بالإنسان إلى ربه فتكون عبادة وإلى الناس فتكون رحمة وإلى بعض الناس فتكون الحب،فإني لتحت ظلالهن الوارفة وكأنني من السمو لتحت اجنحة الملائكة ، وإني لمع أغصانهن النضرة وكأني من السرور أداعب أطفالا صغارا تبسم لي وإني لبين أنفاسهن وكأني من النشوة مع الخيال الذي اتخيل...
تجلت علي القوة التي تحول الشعاع إلى ظل ، والهواء إلى نسيم والزمن إلى ربيع فكنت في الشجر الصامت شجرة متكلمة وانسللت من الطبيعة إلى طبيعة غيرها ووقفت بين عفو الله وعافيته في هذا المحراب الأخضر ومن ٌلبي المتألم أرسلت إلى السماء هذه التسابيح ذاهبة مع تغريد الطير ..
*************
يامن غرسني في الحياة كهذا الغراس بين الماء والنور ولكنه جعل جذوري كلها مستقرة مثله في الطين ..
يامن لا يؤتيني معنى شريفا ساميا على هذه الأرض إلا إذا عرفت بإزائه معنى وضيعا سافلا ، ولا ينضج ثماري ويحليها إلا بعد ان تنبت فجة مرة لا تذاق...
يا خلقني إنسانا ولكنه قضى على أن أقطع الحياة كلها أتعلم كيف أكون إنسانا ، كالبذرة : تقضي عمرها في إخراج شجرتها ونموها حتى إذا كملت الشجرة قطعت لأغراض أخرى غير التي من أجلها نبتت...
يا من وهب عبادة العقل بين هذه النواميس التي لا تعقل حتى لا يتم أبدا عقل إنسان ولا تكمل أبدا حكمة حكيم فيظل باب الخطأ مفتوحا لأكبر العقول واصغرها ، وتكون الحيرة قاعدة من قواعد العقل ، ليخرج من ذلك أن يكون التسليم قاعدة من قواعد القلب..
يا من جعل من شفائنا بالعلم داء آخر من العلم حتى لا يرتفع المضر من الأرض ولو صار اهل الأرض كلهم علماء....
يا من جعل النــاس في الحياة كأوراق الشجر ، من اليابسة التي تتقصف إلى جانب الخضراء التي ترف ، ثم إذا الناس جميعا كالأوراق جميعا ،يبست فارفتت(يعني تفتت) فطارت بها الريح تذروها فلا يعلم مستقرها ومستودعها إلا هو ..
ويامن خصني بهذا القلب العاشق الذي يتألم ويضطرب حتى عندما ألمس كتابا أعرف ان فيه قصة حب وهو مع ذلك يتكبر على كل آلامه ولا يخضع أبدا إلا جوابا على خضوع آخر فكأنه لا يدنيني ممن أحبهم إلا لأعرف ما أكرهه فيهم ، وهو من فرط رقته آلة إحساس جامدة لا قلب حي..!
ويامن جعل هذا القلب فيَّ كجناح الطائر لا يطير ولا يرتفع ولا يسمو ولا يتقاذف إلا إذا نشر هو جناحه الآخر فلا ابحث عن الحب لأجد الحبيبة وجمالها وحبها ، بل قوتي وسموي وكبريائي
يا إلهي :تقدست وتباركن، إني لا أنكر حكمة آلامي فما أنا إلا كالنجم :إن يسخط فليسخط ما شاء إلا ظلمة ليله التي تشب لونه وتجلوه ولولاها لما رأت العين شعاعة تلمع.....
لم تعطني يا رب ما أشتهي كما أشتهيه ولا بمقدار مني ، وجعلت حظي من آمالي الواسعة كالمصباح في مطلعه من النجوم التي لا عدد لها ولكن سبحانك اللهم لك الحمد بقدر ما لم تعط وما أعطيت ، لك الحمد أن هديتني إلى الحكمة وجعلتني أرى أن نور المصباح الضئيل الذي يضيء جوانب بيتي هو أكثر نورا في داخل البيت من كل النجوم التي ترى على السطح وإن ملأت الفضاء...
سبحانك اللهم ، إن هذا الشجر ليتجرد ويذوي ثم لا يمنع ذلك ان يكون حيا يتماسك ويشب وإنه ليخضر ويورق ثم لا يعصمه ذلك أن يعود إلى تجرده ويبسه ، فما السعادة أن نجد الزينة الطارئة ولا الشقاء أن نفقدها ، وما الشجرة إلا حكمة منك لعبادك تعلمهم أن الحياة والسعادة والقوة ليست على الأرض إلا في شيء واحد هو نضرة القلب..!
سبحانك ، إن الساخط على الحياة والحياة منك ، ليس إلا كورقة في شجرة قد بدا لها فسخطت شجرتها وعملها ونظامها ولونها وانتزعت نفسها وهوت في التراب لتخلق أوهامها وتخرج من نفسها على ما تحب شجرة جمال ولون وثمر فإذا هي اهون على الأرض والسماء من أن تكون إلا ورقة يابسة قد هلكت حمقا وارفتت رغما وهوانا
وضاعت فيما يضيع.
سبحانك .سبحانك.
اللهم لا تجعل ما يرفعني يقذفني.
ولا ما يمسكني يرميني.
ولا ما ينضرني يجفو بي..
**************
ولما فرغت من ابتهالاتي ، اتكأت على حبيبة منهن وجعت أفكر وأنا أحس كأن كل شجرة تضع قبلة ندية على قلبي أو كأن غصنا مطلولا ينفض طل الصباح قطرات في دمي ..
وسالت نفسي: لم لا يكتس الشجر كل عام جنسا من الورق ، فإذا اخضر هذا العام احمر من قابل ، ثم يصفر في الذي بعده ، ثم يكتسي من الوشي الأزرق في الذي يتلوه ، ثم يطلع في الديباج الأسود وهلم إلى عدد الألوان خالصة او متمازجة؟؟
أذلك لأن الطبيعة عاجزة عن التفنن ، أم لأنها شحيحة مقتصدة ؟أم لأن تركيب العام قائم على أن تبقى الحقيقة قائمة كما هي لا تتغير ، ام لأن كل شيء يستمر على ونيرة واحدة ليظهر جانبا معينا من حكمة الله؟ فينشئ جانبا معينا من ذوق الإنسان وفكره ، أم العالم كله كلمات صريحة تقول لهذا الإنسان :...إنك أنت وحدك المتقلب المتلون؟
*************
ثم مددت يدي فصرت غصنا من تلك الأماليد الناعمة اللينة، فإذا هو ريان تجد مس الماء في قلبه ، ولكنه اقبل في يدي بعد قليل على الموت وأنشأ يذوي مضمحلا ، فجعلت اتأمله فلم أرَ جزعا ولا خورا ولا إشفاقا من أمر يأتي ولا إشفاقا من أمر يأتي ولا حنينا إلى شيء مضى ، فعلمت أن القوة كل القوة ألا يجزع الحي ، فإذا هو لم يجزع يجبن ، وإذا أمن الجبن لم يستذله شيء ولم يكن الشقاء في رأيه شقاء بل مصادمة بالحياة لبعض نواميس الحياة ومضى كما هو جزءا على وضعه في الكل الذي هو فيه فتساوق مع الكل وبقوة هذا الكل ، فامن المنافرة واتقى على نفسه آلامها فإن لم ينعم بشيء فقد نعم بأنه راض مطمئن وما في المهنا أكثر من الرضا!
قال لي ذلك الغصن الأملد وهو يموت في يدي ويعاج سكراته : أيها الإنسان الضعيف ، هاأنت ذا تراني رؤية العين وتعرف بي سرعة انقطاع الحياة وتستيقن مني ان ما يجيء بطيئا يذهب حين يذهب سريعا، وأن طرفة عين من ساعة الموت تمسح السنسن الطويلة والعمر المتقادم وتقفل الباب على هذا العالم كله فكن غصنا في شجرة الحياة، ولكن اعلم مثلي أن الشجرة لا تعلمك مثبتا فيها بالمسامير ولا مشدودا إليها بقوة أزلية ، فلك منها المنبت على أن تمون قابلا للكسر ، ولك منها الزينة على أن تكون قابلا للتجرد وإنما أنت فيها كما أنت لتظهر فيك حقيقتها كما هي فليس لك أنت حقيقة .
أيها الإنسان ، إن للشجرة تماثيل يرفعها الله في كل مكان يوجد فيه الإنسان لتقول له كن دائما ذا فروع لتظلل بأبنائك موضعك من التاريخ ، كريما في حياتك تعطي مما تأخذ كن طاهرا تعرف كيف تستمد من كل شيء شيئا واحدا يعيش عليك ، كن مع جنسك مختلف الظاهر على جرثومتك وموضعك فذو ثمر أو زهر أو شوك....... ولكن ابق مع غيرك من الناس على قانون واحد.
يا شجراتي ما أنتن إلا من بعض صور الحب ولكن حبكن من النعمة والعافية ، إذ لا تنتهي في النفس معاني شهواتها ، بل معاني لذاتها فقط..
أنتن المثل الهنيء الذي لا بؤس فيه ولا حظ كالمعبد الذي تحمل إله الآلام والأوجاع لتنسى فيه هنية من الزمن ولهذا يقبل عليكن الحكماء وأهل النفوس الحاسة والطباع الرقيقة ، ياتون بالأنفس الذابلة والقلوب المتوهجة في ضعفة وسأم ليرجعو في هذه وهذه باللون الأخضر وبرح النسم في قوة عزيمة..
**************
لا بؤس ولا حظ في القاعدة الطردة التي تجري على وتيرة واحدة وكن حين تختار الحكمة الإلية شخصا بعينه لتجري عليه الحكم الشاذ من القاعدة وتهيئ له الأحوال الشاذة فهناك إما حقيقة البؤس وإما حقيقة الحظ .وما أصل الهم والشقاء في الإنسان إلا أن كل إنسان يتمنى لنفسه ان يشذ من قاعدة ما..........
*
*
[quote=ღ لوليتا ღ;628276][align=CENTER][table1="width:85%;background-color:black;border:2px groove red;"][cell="filter:;"][align=center]
*
*
زجاجة عطر
وأهدى الرافعى لها مرة زجاجة من العطر الثمين وكتب معها….
يا زجاجة العطر :اذهبي إليها وتعطري بمس يديها وكوني رسالة قلبي لديها…
وها أنذا أنثر القبلات على جوانبك ، فمتى لمستك فضعي قبلتي على بنانها ، وألقيها خفية ظاهرة في مثل حنو نظرتها وحنانها، والمسيها من تلك
القبلات معاني افراحها في قلبي ومعاني أشجانها..
وها أنذا اصافحك فمتى أخذتك في يدها فكوني لمسة الأشواق ..وها أنذا أضمك إلى قلبي فمتى فتحتك فانثري عليها في معاني العطر لمسات العناق.
*******************
إنها الحبيبة يا زجاجة العطر وما أنت كسواك من كل زجاجة ملأت سائلا ، ولا هي كسواها من كل امرأة ملأت حسنا ، وكما افتتنت الصناعة في
إبداعك واستخراجك افتتنت الحياة في جمالها وفتنتها…حتى لأحسب أسرار الحياة في غيرها من النساء تعمل بطبيعة وقانون، وفيها وحدها تعمل بفن
وظرف وأنت سبيكة عطر كل موضع منك يأرج ويتوهج ،وهي سبيكة جمال كل موضع فيها يستبي ويتصبى؟
وما ظهرت معانيك إلا أفعمت الهواء من حولك بالشذا ، ولا ظهرت معانيها إلا افعمت القلوب من حولها بالحب .
وكلتاكما لا تمس أحد منهما إلا تلبس بها فلا يستطيع أن يخلص منها.
أنت عندي أجمل أنثى في الطيب من بنات الزهر ، وهي عندي أجمل أنثى في الحب من بنات آدم..
قولي لها يا زجاجة العطر إنك خرجت من أزهار كأنها شعل نباتية ، وكانت في الرياض على فروعها كأنه تجسمت من أشعة الشمس والقمر فلما ابتعتك
وصرت في يدي ، خرجتِ من شعل غرامية وأصبحت كأنك تجسمت من أِواقي وتحياتي ولمسات فكري، ولذلك أهديتك…
وقولي لها إن شوق الأرواح العشقة يحتاج دائما إلى تعبير جميل كجمالها ، بليغ كبلاغتها ينفذ إلى قلب الحبيب بقوة الحياة سواء رضي أو لم يرض وهذا
الشوق النافذ كان الأصل الذي من أجله خلق العطر في الطبيعة ، فحينما تسكب الجميلة قطرة من الطيب على جسمها ، تنسكب في هذا الجسم أشواق
وأشواق من حيث لا تدري ولا تدري …ولذلك بعثتك..
وقولى لها انك اتساق بين الجمال والحب، فحين تهدَي زجاجة العطر من محب إلى حبيبته فإنما هو يهدي إليها الوسيلة التي تخلق حول جسمها الجميل
الفاتن جو قلبه العاشق المفتون ولو تجسم هذا المعنى حينئذ فنظره ناظر لرآها محاطة بشخص أثيري ذائب من الهوى واللوعة يفور حولها في الجو
ويسطع ولذلك يا زجاجة العطر أرسلتك…..
أيها العطر كانت أزهارك فكرة في فن الحسن توثبت وطافت زمنا على مظاهر الكون الجميلة كي تعود آخرا فتكون من فن الحب وفي ذلك مازجت الماء
العذب ولامست أضواء القمر والنجوم وخالطت أشعة الشمس واغتسلت بمائة فجر منذ غرسها إلى إزهارها لتصلح بعد ذلك أن يمس عطرها جسم
الحبيبة ويكون رسالة حبي لديها…
أيها العطر لقد خرجت من أزهار جميلة وستعلم حين تسكبك على جسمها أنك رجعت إلى أجمل أزهارك وأنك كالمؤمنين تركوا الدنيا ولكنهم نالو الجنة
ونعيمها…
*
*
******************
التقاطٌ بارع ، واختيارٌ لامع ، يرفل بالفخامه اسهبتِ لكن يشفعُ الامتاع والفائده .. سلمت يمينك ، وحيٌ من قلمِ لوليتا ،،،،،،،،،
*
*
الساطع
ومعذرة لاسهاب قد تململت منه
ولكن لالمام بشخصية ومعرفتها كان يجب الاسهاب والتفصيل لمن لم يسمع قبلا او يقرا
وما تناولت من ابداعاته غير باب واحد
اعجبنى وتذوقته
وتمنيت ان يعجبكم
شكرا على مرورك ومتابعتك
تحياااتى
*
*
أبو ليان
13-08-2008, 18:34
جزاك الله خير
*
*
بهيج
وجزيت من الخير لكثير على هذا الحضور العابق
لك كل الشكر وارق التحايا
*
*
أسير الليل
24-08-2008, 10:54
لوليتا أيتها الرائعه
جزاك الله خيراً على هذا العطاء المتميز .
أما شاعرنا يرحمه الله فلله دره من أديب , وكل ناجح في له من الأعداء الكثير ولكنه يبقى خالدا وهم زائلون.
بارك الله فيك وجزاكِ خير الجزاء .
*
*
اسير الليل
هلا بك اخى الفاضل
نورت المتصفح بتواجدك الراقى
وصدقت فكل ناجح له حاقدون
وهو يبقى رغم موته وهم زائلون
وكل انسان لا يبقى منه الا عمل يُذكر له وسيرة حسنه تبقى على السنة الناس
نتمنى ان لا يبقى منا الا الطيب
اسعدتنى متابعتك
لك كل الشكر والاحترام
*
*
*
*
قال القمر
ياليل : هيجت أشواقا أداريها .....فسل بها البدر :إن البدر يدريها
رأى حقيقة هذا الحس غامضة ....فجاء يظهرها للناس تشبيها
في صورة من جمال البدر ننظرها...وننظر البدر يبدو صورة فيها
**************
يأتي بملء سماء من محاسنه...لمهجتي وأراه ليس يكفيها
وراحة الخلد تأتي في أشعته ..... تبغي على الأرض من في الأرض يبغيها
وكم رسائل تلقيها السماء بها .....للعاشقين فيأتيهم ويلقيها
*************
يقول للعاشق المهجور مبتسما :......خذني ×يالا أتى ممن تسميها
وللذي أبعدته في مطارحها ......يد النوى ، أنا من عينيم أدنيه
وللذي مضه يس الهوى فسلا:......أنظر إلى ولا تترك تمنيها
*********
أما أنا فأتاني البدر مزدهيا .....وقال جئت بمعنى من معانيها
فقلت : من خدها ، أم من لواحظها .....أم من تدللها أم من تأبيها
أم من معاطفها أم من عواطفها..........أم من مراشفها ام من مجانيها
أم من تفترها ، أم من تكسرها .......أم من تلفتها أم من تثنيها!؟
كن مثلها لي .جذبا في دمي وهوى ...أو كن دلالا وكن سحرا وكن تيها
فقال وهو حزين : ما استطعت سوى ........أني خطفت ابتساما لاح من فيها
*
*
*
*
نظراتها....
أكتب إليك يا حبيبت كتاب عيني ، إذ أكتب عن نظرتك السحرية التي أجد لها في قلبي معرض فن كامل من صور المعاني الجميلة فإن نظرة الحب تقع موقعها في العين وحقيقة معناها في القلب ، كأختها قبلة الحب :هي في الفم وحلاوة طعمها في الفكر..
أتدرين يا حبيبتي كيف أراك ، إن في عيني من أثر حبك ما جعل في نظري قوة خلق معنوي تريني كل شيء من فوق معانيه...كأني خلقت فيه جمالا أو معنى ، أو خلقت فيه القدرة على أن يسمو في روحي ويرتفع بها فوق ما هو في نفسه وحقيقته وعلى الجملة فكأني أسبغ الفن على المادة ، فإذا كل شيء يُرى هو في عيني شيء ألبس مجازا أو استعارة أو نحوهما مما يحقق فيه مع صنع مادته عمل فكري وخيالي..
في نظري من أثر حبك حس من الفكرة ، فهو نظر وتقدير معا والأشياء لديه مادة وعبارة سواء ، والإدراك به حقيقة وخيال جميعا، وبكل ذلك فالجمال في نظري جمال في نظري جمال من ناحيتين: حسنه في ذاته ...وحسنه في خيالي الذي يجعله أسمى من ذاته.
ولو أردت مثلا أضربه لقلت لك : خذي جمالين في معنى واحد فإني أنشأت حديقة زهر .ولكني لا أقول لك أنت غرست حديقة بل أقول لك غرست الفجر..
ومن ذلك يبدع لي الحب فكرة عنك لو هي كانت في خاطر ملك من الملائكة يمر بها في السماوات لما زادت ولا ارتفعت عما هي في نفسي ولو دخل بها الجنة....بهذه الفكرة أراك وفيك الجمال النسوي كله فإذا نظرت إلي غيرك لم أر فيها إلا شخصها هي حسبه..( هامش حسب :فقط والهاء هاء السكوت للوقوف على الكلمة)
كذلك أراك بحس الشاعر الذي يضيف دائما إلى الحياة والطبيعة زوائده وفنونه ، ولكني اراك أيضا بحس الطفولة التي تضيف غليها الحياة والطبيعة دائما مثل تلك الزوائد والفنون فما احسبني رأيتك مرة إلا وكأني رأيت فيك اول أنثى وكأنما الحب هو بدأ الدنيا مرة ثانية من أولها ، أي ولادة خيالية : إن لم تولد بها الأشياء في أشكال جديدة فبألوان جديدة ، أي زخرفة الوجود كله ونقشه لعين العاشق بجمال المعشوق كأن الوجود بيت قد طلي ونقش وزخرف لأنه ستدخله عروس الحب!
وانظري الآن يا حبيبتي صور نظراتك من قلبي فإن لها بعثات من ورائها بعثات وفيها المعاني من تحتها المعاني..
فهذه نظرات تمتد تأمر تشعرني قوة سلطانها كأنها تقول :أريـــد...أريــد...ثم لا يرضيها الرضا فكانها تقول أريد منك أكثر مما أريد...
ونظرات تجيء تشعر النفس قوة سحرها فلا تتفتر بها عيناك حتى أرى الحياة وقد ملأت وجهك بفن من الأنوثة الساحرة كأنما ابدعته لك خاصة..
ونظرات من عين ساجية ساكنة الطرف كأنها تقول لي : إن نظراتي إليك بعض أفكاري فيك...
ونظرات بتقطع الطرف بيني وبينك فيها ..كأنها تقول لي أفهمت ....
ونظرة طويلة صارمة لها سيماء قاض محقق تبحث فيّ عن توكيد لتهمة أو براءة!
ونظرات من عين تسال متجاهلة وقد شطرت بصرها كأن فيها فكرين أحدهما يقول أعرفك والآخر يقول لا أعرفك...
ونظرات الحبيبة لألآت بعينيها كأنها تقول لقلبي أنت جرئ كالفراشة ...ولكن على الشعلة المحرقة .
ونظرات الجميلة المزهوة كأن فيها شيئا أعلى من أرواحنا يوضح لمحات من الجمال الأزلي ..
ونظرات الضاحكة اللعوب تنفر وتتدلل كأنما تقول لي :
إنها تحس أفكاري تداعبها وتلمسها .
ونظرات الخفرة الحيية التي كأنما تحاول أن تخفي سر قلبين تحت كسرة طرف ضعيفة...
ونظرات أراها محدجة كما تنظر من روعة وفزع حين لا فزع ولا روعة ،فأعلم أن الجمال يهاجمني بسلاح خوفه..
وهذه نظرة _نظرة واحة _يقول من يعرف أساب معاني الحب :إنها ربما كانت أخت القبلة ....فهي قصيرة لا ينفتح بها الجفن حتى ينطبق....
وهذه نظرة طويلة قوية في جذبها ، فربما كانت أخت العناق..
وهذه نظرة يجشع فيها بصر لأن تهمة لك من عيني التقت مرة باعتذار لي من عينك .
وهذه نظرة من معنيين تحتمل كليهما إساءة الدلال إلى وإحسانه علي ..
وهذه نظرة بين اللقاءين (لقاء الغضب ولقاء الرضا)تجذب في قلبي الخوف والأمل بمقدار واحد......
تلك يا حبيبتي صور نظراتك في معرض قلبي وتقابلها هناك الصور الأخرى التي لا تريدين أن أصفها لك ،،،لأنها الصور المسكينة ....صور أحلامي
*
*
*
*
رسالة الطيف
ألم بي طيفها بالأمس ، فاقتحم بناء النسيان الذي رفعته بيني وبينها وألقيت كبريائي في أساسه حتى لا يرجف ولا يتصدع وأعليته بهمومي منها وشددته بعزائمي وثقتي وجعلته بإزائها كالمعبد من الزنديق إن لا يكن لا يسخر من ذلك إلا هذا فما يلعن هذا إلا من ذلك....
ولم ينكشف الليل حتى رأيت معبدي أطلالا دارسة قد خلعتها روح السماء فلبستها روح الأرض فتحول كما يتحول الزاهد في سمته ووقاره وتعففه إلى الشحاذ في تبذله وحرصه وإلحافه، وتصدع فنونا وتبدل أشكالا وسرى طيفها في نيتي مسرى الزلزلة الراجفة في بقعتها من أرضها تشق في الأرض والصخر والجبل ما يشق المقراض قي سرقة من الحرير (يعني شقة من الحرير الرقيق والجمع سَرَق) بل اسرع وأقطع وأمضى ...ولو حدث بعد الذي فعل طيفها أن مدفعا من المدافع ألقى ظله على الأرض فانفجرت من ظله القنابل تخرب وتدمر وتأتي على ما تناله والمدفع ذاته قار ساكت لقلت عسى ولعله ، وأمر قريب ، ولعل المدفع كان امراة...
*****************
ولكن تحت أطلال نسياني وما تخرب من عزيمتي انكشف لي كنز من الخيال دخلته وملكته، ولم أر فيه الدر والجوهر والألماس والياقوت في جسم الأرض ، بل رايت فيه الحبيبة تسطع من جسمها البديع حقائق كل هذه الجواهر الكريمة حتى لكأنها والله في غرابة الحلم حسناء من در و ألماس وجوهر وأشعة تتلألأ ، وما شئت أن ارى صفاء ولا جمالا ولا حسنا ولا فتنة إلا رأيت فيها ......
طيف جاء الروح المهجورة بالحبيبة فاستنشتها كما هي نسمة طائفة على روضة من الورود ومر بروحي التي جفتها هي وجرحتها مرورا أنعم من لمس الشفة للشفة ، وغمرها بمحاسن تملؤها ذوقا وطيبا ، وتحول هو معها روح قبلة مشهاة على انتظار طويل ففيه مسها ولذتها وحلاوتها .
وفي الحلم يتجلى الحبيب لمحبه كما هو داخل في نظام عقله وكما هو مستقر في امانيه ، فيكون على ذلك كأنه من خلق النفس وتصويرها، فتفتن به أشد الفتنة وكأنها لم تر معانيه في أحد قط ولا فيه هو نفسه ، ومن هذا قلما ناجى الحبيب في رؤياه أو طارحه الهوى أو الحديث أو نوله مما يشتهي إلا انتبه المحب وكأنه لم يلم به من هذا كله شيء ، بل ذاب هذا كله في دمه حلاوة روح لها طعم ومذاق...
يا للرحمة من طيف يعذب العاشق بالرحمة ...إذ ينقل الحبيب كله إلا الحبيب نفسه ....ويحقق المحب أمانيه إلا بهذه الاماني ويختم على ظلمة الصدر بألوان من نهار يموت قبل النهار ....وفي عالم معذب من الهواجس والخيالات العاشقة المستلبة إرادتها ، ينصب عالم نعيم من الهواجس والخيالات المعشوقة مستلب الإرادة أيضا فكأنها سخرية النفس من جنون صاحبها........ ياللرحمة.
وتحت أطلال نسياني وما تخرب من عزيمتي . . . ظفرت بقصورة كأنها من مقاصير الجنة لها جو عبق نافج مليء من الإحساس الخالد والشعور الطروب ، كما مليء بالأسرار والألغاز ، ترف عليه معاني الضحكات والنظرات والابتسامات . . تمازجه تعابير الصوت والموسيقى والثياب الحريرية والروائح العطرة يسبح في ذلك كله جلال الحب وجمال المحبوب وروحي العاشقة ! !
وارتفعت حقيقتنا كلينا إلى عالم الكنايات والمجازات والاستعارات ، فكان الحب ثمة يتخذ شكله السماوي فيتسع بالإدراك في كل شيء إذ يجعل الحاسية كأنها من حواس الخلود . فلا نهاية لمسرة تتصل بها ، ولا نهاية للذة تخالطها . ومن ذلك لا نهاية لأفراح قلبي في الحلم . . .
وكانت هي كل تقاسيمها تعبيرات معنوية حتى لكأنها صورة متجسمة من أوصاف بارعة في الحب والجمال خصصت بعلمها أنا وحدي إذ لا يمكن أن يهتدي إليها إلا فيها وحدي وكنت مع طيفها كأني ملقى في حالة من حالات الوحي لا في ساعة من ساعات الكرى ...
ورايت حبا رائعا اشعرني إذ ملكته في تلك الخطرات أن الإنسان قد يملك من الجنة نفسها ملكا وهو على الأرض في دار الشقاء إذا هو احتوى بين ذراعيه من يحبه . . .
**********
وقالت نفسها لنفسي : هلمي يا حبيبتي في غفلة من هذين العقلين العدوين نهدم عليهما المنطق الذي يعذبنا بأقيسته وقضاياه وإنما نحن روحان فوق الأقيسة والقضايا .
هلمي إلى حكم الحب في رقدة الفلسفة العنيدة القائمة بصاحبينا قيام محكمة بقاضيين جاهلين معا مكابرين معا فلا يرى كلاهما إلا أن صاحبه هو الجاهل وبذلك تتضاعف البلية منهما متى حكما . . . !
هلمي من وراء هذين المتغاضبين إلى شريعة الرضافليست إحدانا من الأخرى إلا كالصدى يجيب على الكلمة بالكلمة نفسها . . . إذ ليست إحدانا إلا الأخرى . . .
*********
عاد الحب أكبر من كلمة ..ورجع الرضا أكبر من ابتسام الشفتين وصارت الأذرع حدودا بعد أن كانت على فضاء وفراغ وحيا طيفها وسلم . . .
حيا وسلم ثم صافح تاركا
يده على الكبد التي أدماها
وأتى ليعتذر الغزال ، ولجلجت
كلمات فيه ، ففي فمي أخفاها
ودنا ليغترف الهوى فتهالكت
أسراره ، فرمت به فرماها
قلب الحبيب متى تكلم لم تجد
كلما ، ولكن اذرعا وشفاها...
لمـاذا لمـــاذا؟
وكتب إليها :
قرأت كتابك وهو أسطر قليلة ، ولكنها إما ساحرة أو مسحورة ، فلقد خيل إلي أنها تنتهي ، إذ كنت فيها كأني أطارد معنى فارا مذعورا لا تمسكه الألفاظ فلا يبرح فوق السطور ، إذا بلغ آخرها وثب إلى أولها فإذا كان في أولها عاد إلى آخرها دواليك بدأ وعودا . ويتلجلج مثل ذلك في صدري فلا ينتهي حتى ينتهي عنه
تقولين يا حبيبتي : أي شيء عندك هو جديد في ؟ ولماذا لا تراني رؤيتك غيري ؟ وكيف بعدت في نظرك المسافة بين وجه امرأة ووجه امرأة أخرى ؟ وهل في وجوه النساء طريق متشعبة تذهب برجل يمينا وتلوي بغيره شمالا ، وتتوافى إلى غاية وتتفرق عن غاية ؟ ثم ما الذي جعلني عندك لغزا لا تفسير له ، وجعل النساء من دوني واضحات مفسرات كألفاظ الحياة الجارية في العادة والواقع المبذولة بمعانيها لمداولة الأخذ والعطاء ، على حين تزعم أني كالعبارة العقلية التي يضرب فيها الظن على وجوه شتى ، وأني كما تقول كلمة بسرها ؟
لا أكاد افهم يا صديقي (لاحظ أنه كان يناديها يا حبيبتي وكانت لا تكتب له إلا يا صديقي !!!!!)معنى كلمة بسرها ولا معنى قولك الذي قلت لي :إن الحب فيك انت كتعتيق الخمر يضيف إليها الوقت كل يوم أسرارا وقوى وخيالا وعملا وسطوة ورقة واراه في سواك كتعتيق الماء ....
لماذا لماذا ؟ ليس عندي جواب كلامك إنما هو عندك إذ تجاوز قدر معرفتي يا صديقي . . .
**********
وأما قبل . . . يا صديقتي فلا أزال أقول لك ما قلته : إن من النساء في مقابلة أشعة النفوس معاني . فمعنى كحائط ومعنى كمرآة . وواحدة تمسخ ظلا طامسا أراني فيها تحت الشعاع كأني ظل ممدود على التراب .والأخرى تبرق وتتلألأ وأراني فيها سويا كاملا كأني خلقت في ضوئها .
ومن النساء في مقابلة أهواء القلوب معان فمعنى كالقفر ، ومعنى كالحديقة ، وواحدة يكون وجودها حول فراغها ... والأخرى وجودها القلب فهو حولها .
لماذا لماذا ؟ لأن الإنسان غامض وتفسيره ليس فيه ولا بد من تفسيره وإلا كان كل شيء عبثا .إن الوجود كله مفسر للطفل تفسيرا صغيرا مثله في حب أمه وحنانها . .
وكذلك تبدأ الحياة من أول أنفاسها بالحب ولعل أول قبلة على وجه الطفل من أمه ساعة ينفصل منها إنما هي استقبال الحب لهذا الإنسان الجديد ومسه من شفتي أمه بالطابع الذي لو قرئ نقشه لكان هكــــذا : أنت وحدك . . .
فإذا كبر الوليد فلابد من تغير التفسير حالا بعد حال ولا يزال كذلك تغيره الأشياء والحوادث حتى يبلغ أسلوب الفلسفة العليا إذا انتهى إلى العشق وحينئذ تكون قبلة الحبيبة إنما هي استقبال الحب لهذا الإنسان المتجدد ومسه من شفتي حبيبته بالطابع الذي لو قرئ نقشه لكــــان " أنا وحــــدي"
لذا أنت يا حبيبتي الفلسفة العليا وأنت "كلمة بسرها" أما غيرك من النساء فجمالها عندي جمال الشكل لا جمال السر . . .
ومن ثم فهي مفسرة واضحة إذ لا يرى قلبي فيها ما يعسر فهمه ولا ما يبحث عن تفسيره ولا ما يفسر لي معنى من المعاني .
ومن ذلك فليس الجمال المعشوق إلا انطواء الجميل على أسرار مبهمة وبذلك فكل نظر في المرأة لا يرجع إلا بزيادة الوضوح فيها يعلو منها وما ينزل ، على حين كل ما في الحبيبة يزيد على تكرار النظر غموضا كأنه شيء جديد ويأبى جمالها ان يفسر ، إذا كان تفسير الشيء إنما هو إضافته إلى ما فرغت النفس منه . . .
إن جمالك أيتها الحبيبة ليس جمالك كما تظنين وإلا فقد شركتك الحسان فيه . لكنه بكلمة واحدة فن قلبي أنا .
والحياة التي تفيض عليك تملؤك وتملؤني معا ولذلك فكل معنى منك له معنى آخر في .
*
*
*
*
استراااحة
يقول الرافعي إنه جمع في أوراق الورد رسائلها ورسائله ، أما رسائله فنعم على سبيل المجاز أما رسائلها فلا اعلم موضعها من الكتاب إلا رسالة واحدة وجزازات من كتب ونتفا من حديثها وحديثه...
بلى إن أوراق الورد طائفة من رسائله هو ولكنها رسائل لم تذهب إليها مع البريد بل كانت من الرسائل التي كان يناجيها بها في خلوته ويتحدث بها إلى نفسه ....إلا رسالتين أو ثلاثة مما في أوراق الورد.....فلما أتم تأليقها وعقد عقدتها بعث بها إليها في كتاب مطبوع بعد سبع سنين من تاريخ الفراق...
ولكن أوراق الورد ليس كله من وحي صاحبته فلانة وليست كل رسائله في الكتاب إليها فهناك فلانة اخرى هناك صاحبة حديث القمر تلك التي عرفها في لبنان منذ تسع عشرة سنة وهنا هذه...
هما اثنتان لا واحدة تلك يستمد من لينها وسماحتها وذكرياتها السعيدة معاني الحب التي تمل النفس بأفراح الحياة وهذه يستوحيها معاني الكبرياء والصد والقطيعة.
*
*
*
*
من قلمها..
وهذه فصول منتزعة من رسائلها نشرناها مقتضبة تلمح بمعانيها لمحا ليكون في هذا الاقتضاب شيء من الإبهام فتكون مع الإبهام كأنها لم تنشر ، مادامت هي تقول إنها لم تكتبها لتنشر....
فلسفة تأخير الرد..
أخرت جواب رسالتك لتجيب عنب بظنك وستجيب بأنواع متناقضة من يسوؤك ويسرك وتضع في أجوبتك مئة نعن ومئة لا ثم يأتيك بعد كلامي فينزل من نفسك منازل لا منزلة واحدة ، إذ تقابله بكل ما قدرت في نفسك من قبل ، فيسرك على قدر ما أحزنت هذه النفس ، ثم يعطيك من اليقين ما يسرك من ناحية أخرى بمحو الظن!!
هذه سياسة بعض ما يحتاج إلى الشرح في بعض علاقات النفوس يكون السكوت الطويل فيها هو أطول شرح للكلام الذي يأتي بعده....يفسره تفسيرا غير مكتوب...
*****
طفولة فلسفية..
أظن هذه الفترة التي انقضت في سكون ظاهر كانت كلها أحاديث ، أحاديث طويلة لم تعلم ..
إذا أنا سألتك مرة :أين البرهان ...لم يعجزك أن تأتي به من بلاغتك،وقد لا تكون ثمة قضية يقوم برهانها ، ولكنك تجعل البلاغة الساحرة نفسها قضية على ما ترسم ،كأنك مهندس منطق وبذلك تطمئن دائما لتأثير قوة يراهينك ،أي لإقناعي أنا.راضية أو غير راضية...
أما أنا فأقدم براهيني بسذاجة الأطفال الذين لا يعرفون ولا يستطيعون إلا أن يكونوا أطفالا وأقوى برهان الطفل أن يكون الطفل نفسه برهان عليه ....فما عساك تقول أترى الطفل هو عنك أيضا قضية بلاغة؟..
لله من الكناية إليك! ما أشدها طربا وأشدها صعوبة في وقت معا ، فأنا أخافك لأنك تستشف من الأحرف مالا يتبينه سواك من الصفحات ، وغريب أنني مع شدة هذا الخوف لا أكاد أمسك القلم حتى أسير به أو يسير بي أو نسير معا..ليس في أحد تروية ولا حذر ،كأنني أخاطب نفسي أو هو يكتب مذكراتي ...أي من قلبي لقلبي ...أتعجبك هذه الطفولة في الحديث...
نعم هي ألفاظ كالتي في ألسنة الأطفال ، لا في تلك التي في الكتب أو في صناعة البيان ، ولكن إذا أنت لم تغض عن ظاهرها فأين إذا الحفاوة بالمكنونات التي لا يراها إلا من خبئت له.....؟
******
قياس الأشياء في الحب...
كم أراك تحتاط بطريقة ناعمة لا تصدم كبرياء النفس إلا قليلا ولكن أيذهب عنك انها حين تصدمها قليلا تكون قد صدمتها وكفى ..
ليس كل قليل هو قليلاً(هذا الضمير في مثل الموضع يسمى ..ضمير فصل ...وهو حرف لا اسم ) ولا كل كثير هو الكثير فقياس الأشياء بين الأصدقاء(انظر !!) لا يكون في الأشياء ذاتها بل في صلة الإحساس التي تكون في أنفسهم ...لأنها إنما تقدر بمقادير الشعور لا بمقادير المادة ...
أما رأيت هذه الصلة الوثيقة أيام كنت مريضا ...قد جعلتك مريضين!!
إذا كنت على ثقة من هذه القضية فأنا الآن راضية عن هذه الابتسامة الطويلة التي أثق أنك تبتسم بها وإن كنت لا أراها...
البربرية
باركت الوخزة التي فجرت منك هذه الآيات الساحرة وكدت أدعو لك بالآلام والأوجاع مادت لا تكتب إلا من جرح ………….أتعجبك تمنيات هذه الصديقة البربرية
ألا فليهنأ بك هذا القلم الذي اوتيتهفن ما كتبت به سيبقى دائما على آفاق هذه اللغة سحابة وحي تحمل تنزيلها.
وتالله من يتذوق طعم البراءة التي تقطر بها براعتك ، ليظل من بعدها في جوع دائم كجوع الأغنياء للذهب.
أرام تبتسم الآن بسمة الرضا : أفيعجبك ثناء هذه الصديقة البربرية…؟
السيد
تقول إن حبك مسرف وعداوتك متقصدة وإن هذا الحب كخضوع المستبد، والاستبداد في نفسه قوة فهو إذا خضع كان واثقا أن خضوعه قوة أيضا وإن هان وإن ذل..
يا صديقي السيد …نعم ثم نعم ولكن كلمتك تجعلني أرى في صلتنا هذه نوعا من تطفل الفتاة على سيادة الرجل ، إذا تقتحم بها الفتاة وإذ تجرء ألا تضع هذه الصلة موضعها الطبيعي؟ إن هي إلا خضوع وطاعة وعبودية للسيد…..
أليس كذلك ايها السيد…..
أما والله إن الرجل مهما يغلب نفسه ويحملها على الرقة ليصليها بنعومة الأنوثة من جانبها المصقول الناعم، فلا بد ان تغلبه نفسه مرارا حتى تظهر حقيقته الجافية الخشنة التي خلق منها ولها..
ولو أن حجرا أحد جوانبه ماس رقيق وسائر جوانبه الاخرى حجر ثم مسته الحياة فتمثل بشرا سويا لكان رجلا متحببا متظرفا مثلك يا سيدي ….وهو من جانب واحد يعتبر المحب ، أي الماس ومن ثلاثة جوانب يعتبر السيد أي …أي الحجر…!!>>
السيد ايضا…..
لا يسوؤك أيها الصديق ! فوالله ما أنا بالتي ترغب الإساءة إلى عدو …فكيف بها إلى صديق …وإلى صديق عزيز ؟؟أيغضب السيد من وصفه بالسيد…..!
ولكن ما كانت الصداقة لتحمل في يدها ميزان العدل لكل كلمة وكل معنى وكل إشارة، بل إنها لتصفح كثيرا عن كثير لتجعل الحق الذي لها أن تستوفيه كاملا كأنها حق عليها تؤديه كاملا فتكبر بتسامحها وتنمو…
كن أنت الحاكم على نفسك انتصافا لما ظلمت به نفسا أخرى …
وإني اهز يدك بقوة تؤكد لك أن حرارة الإخلاص هي ابدا قوية من أنها إخلاص، متجددة من أنها قوية، باقية من أنها متجددة………
وبكل هذا هي الحب وهي الصداقة…
هو المرض ولكن
نعم هو المرض الذي استحق منى كل هذه العناية ، ولكنه المرض على أنه في جسمك
أنا إنسانية اعطف على كل احزان العالم ، ولكني لو تألمت لكل المتألمين لما أثاروا في نفسي إلا الجزء الأصغر مما تثيره فيًّ آلام صديق…
ولو تألمت بنفسي أو لنفسي لاحتملت ، ولكن المي بك وشفاؤه فيك …فهو الم وجزع واضطراب … أتألم بثلاثة من حيث لا تتألم انت إلا بأحدها…
نعم إن المرض هو الذي أثار فيّ كل هذا ، ولكنه المرض على انه في جسمك !!!!
جو طليق وحرية..
أنت كما تقول : في الجو الطليق وفي حريتي المعبودة ، يحويني الفضاء وأحويه ولا قيد ولا حد ولكن مع كل هذا فهناك هماك في الجو جاذبية ، وهناك للحرية أشواق ، وما يعين لنا حدود مسراتنا إلا آلامنا…
أضيفك كلمتك إلى سجل هفواتك في حق هذه المخلوقة التي لا ذنب لها سوى طيبة نفسها …ومن استحق أن تكون طيبة نفسه من ذنبه ، فقد استحق أن تكون من عقابه عند نفسه أتريد مني التوبة عن أن أكون لك طيبة النفس……؟
افتح للشمس ….
أعجب لقلبك ، يأبى أن يحتبس في هذه الفكرة المظلمة التي توهمك أني أسأت إليك وقصدت بالمهانة ....هل القلب يعادي صاحبه أحيانا فيعاديك قلبك ويأبى عليك إلا أن تصر وتكابر وتغلق النافذات كلها ثم تذهب تتهم الشمس ؟؟
ما حيلة الشمس في الحيطان والأبواب التي أنت تقيمها ؟؟
افتح لها تدخـــــــل...
من بعـــــــــــيد..
أكاد والله أنسى أني بعيدة عنك هذا البعد كله ، بعدا يتقاذف بكلماتي مسافات ومسافات إلى أن تؤدي إليك شعوري ولا أعلم هل يسلبها البعد هذه الصيغة الحقيقية التي أراها لها وانا أكتبها....وأراها لها حين تتركني ذاهبة إلى البريد؟
وأنا على هذا البعد حين أقرؤك أراك وإنك لأقرب إليّ ممن هو أقرب إلى ، وأشعر بالكلمات حارة متنفسة بين يدي كساعة كتابتها ....كأن قلبي كان عندك وأنت تكتبها فلما جاءته .جاءته على عهده بها ....
هناك مهما ابتعدت دائرة أنس لنفسي تسكن إليها وتتعلق بها ، ولا تجعل محيط أفكارها إلا منها ، فأنا بنفسي في هذه الجهة البعيدة التي تفصلك عني ..ولكني بها أيضا في المكان الذي أنت فيه ...
*
*
*
*
هاأنذا يا حبيبتي أجلس لكتاب الشوق ، وفي يدي القلم ومعانيك مني قريبة تكاد تحس وتلمس على تباعد ما بيننا ....لأن ما فيك هو في قلبي.
وهذه عينك الظاهرة دائما بمظهر استفهام عن شيء ، لأن وراءها نفسا متعنتة تأبى أن ترضى ...أو حائرة لا تكفيها معرفة أو غامضة تريد ألا تفسر ، أو على الحقيقة لأن وراءها نفسا فيها التعنت والحيرة والغموض ، إذ عرفت أنها معشوقة...
هذه عينك من وراء البعد تلقي علي نظرات استفهامها فتدع كل ما حولي من الأشياء مسائل تطلب جوابها من حضورك ومرآك لا غير وبذلك يهفو إليك القلب بأشواق لا تزال تتوافى ، فلا تبرح تتجدد ، فهي لا تهدأ ولا تسكن و ، وكأن غيابك سلب الأشياء في نفسي حالة عقلية كانت لها ، كما سلبني أنا حالة عقلية..
وآه من تباريح الحب! إنها لوحوش من الأحزان ثائرة ، فكل راجفة من رواجف الصدر كأنها من حر الشوق ضربة مخلب على القلب...
الشوق ...وما الشوق إلا صاعقة تنشئها كهرباء الحب في سحاب الدم يمور ويضطرب ويصدم بعضه بعضا من الغليان، فيرجف فيه حين الرعد القلبي يتردد صداه آه آه آه...
******
والآن يا حبيبتي ألقت عينك الساحرة عليّ نظرة استفهام أخرى بالصبابة ورقة الشوق، فأحسست بروحي كالغصن المخضر أثقله الزهر وقد طفقت أزهاره تتفتح وتسلم النسيم ودائع الجنة من نفحاتها وتسليماتها عليك..
وأشعر بالقلم في يدي وكأن له شأنا مع الكلمات التي أكتبها لك ، فهو يخطها حرفا حرفا ، ويقبلها كذلك حرفا حرفا...وكأنه الساعة ذو هيئة إنسانية (الريشة) التي فيه تمتد إلى الكلام امتداد الشفة الظمأى بالقبلات الكثيرة المخبوءة فيها!
وأشعر بالقرطاس وكأنه قد علم أن سيحمل أشواقي وأسرار قلبي فلا يعد صحيفة ورق تموج بالألفاظ بل صحيفة صدر ملأها جو من التنهد....آه آه آه ....
******
وبنظرة استفهام أخرى من عينيك أشعر بحقيقتك النسوية من حولي حافة بي..فمرتجة في صدري ، فملقية على قلبي المسكين من كل خطرة شوق لسعة ألم ...
نعم إنك يا حبيبتي ترسلين الأنوار في هذا القلب ، غير انها لم تكن أنوارا إلا من أنها شعلا مضطرمة ، والمحب الذي يضيئه عشقه ويظهر للجمال، وجوده الغرامي ، إنما ينيره احتراقه وفناء وجوده الذاتي ، كل قدر من النور بقر مضاعف من الاحتراق...
وكذلك البطل العظيم في الحرب تنهش من لحمه السيوف ويثقب في عظامه الرصاص وما مرقه الموت بهذه ولا تلك ولكن مزقه مجده !!
أما إنك يا حبيبتي لو ضربتني بسيف لقتلتني قتلة معطرة ...
أما إنك لو ضربتني بسيف لما كانت قد زدت بسيفك وضربتك على أن تكوني خلقت الحسن في نظرة قاسية من نظرات عينيك..
وهكذا علمتني حقيقتك أن الحب إن هو إلا تفسير كل شيء في العالم تفسيرا من القلب
******
أنت ممزوجة بآلامي وآلامي منك هي أشواقي ، وأشواقي إليك هي أفكاري ، وأفكاري فيك هي معانيك في نفسي ...ومعانيك هي الحب ....
ولكن ما هو الحب إلا ان يكون آلامي و أشواقي وأفكاري ومعانيك في نفسي .؟
ولروحك أنفاس تناسمني فأستنشقها مهما انصدعت المسافات بيننا ، كأن ما ملء النفس يملء الكون فمن شعوري الدائم بانسكاب روحك في روحي ينبعث غرامي ويرصد بهواك لي في منفذ كل معنى لى نفسي ، ومن هذا تنبعث أشواقي الحزينة ما دمت لا أراك وإذا كان الغرام هو سكر الروح بالروح ، فما الشوق إلا التمرد العنيف من حواس الجسم المحب إذا حرم أن يسكر بالجسم الذي يحبه ...
******
في بعدك لا أشعر بالزمن يفنى من الساعات والأيام ، بل مني ومن حياتي ، فأنا من بعدك أذوب ، أذوب فناء ، أي أذوب شوقا ، وأفنى صبرا وعمرا بين كل ساعة وساعة!
يا رحمة للمشتاق حين يكون فيما حوله وهو بعيد عنه ، وقد يتكلم بالكلمة وهو مسيرة شهر من معناها ....ويعيش في سكوت ملأته أرواح ألفاظ محبوبة تريد بما وسعه أن تتكلم ..ولا يمكن أن تتكلم ...إذ الفم الجميل الذي ينطقها بعيد في وديعة النوى ، ويروي أنه هو وحبيبه ناحية فكرية من نواحي الدنيا بعيدة عن الناس والأشياء ، كأنهما معتكفان في عزلة ، ومع ذلك فالحبيب عنه في بعـيد ، فكأنما المسكين غريب في دنياه وفكره معا ...ويحس الآلام لا تنتهي ،إذ كانت هي أشواقه الدائمة الحنين إلى من يهواه ، فالألم فيه يبدأ ولا يزال يبدأ....
ومن ذلك فأشواقي لك يا حبيبتي دائما تبدأ ولا تزال تبدأ ...وأنا دائما في أولها ..
آه من هذه الأفكار الحزينة التي جاءت تبحث عن دموعي ...
وما هذا المعنى الناري الذي يطير في دمي ...
وما هذا الرعد القلبي الراجف يتردد صداه :آه آه آه...
*
*
بحر الشوق
31-10-2008, 13:19
واااحة واااارفة أزهارها ندية
وروائحها زكية وثمارها ورطبها جنيّة
رحم الله الرافعي
الكريمة ღ لوليتا ღ
ذوووق وانتقااء مخمليّ ورفيع
راااااااائعة والذي برأك
*
*
الشاعر الراقى
بحر الشوق
واكتملت اوراق الورد بورودك فيها
وورودك الندية اينعتها واشذتها
ولردك المنتقى من بساتين الكلم كل فخارى
ولحضورك الملكى
قوافل من ياسمين
لك امتنانى شاعرنا
*
*
*
*
يا للجلال
في عينيك يا حبيبتي سحر ظاهر بمعاينيه يلقى الحب على من ينظر إليه.
أهو سر الضرورة الذي يشعرنا من معانيك الرحيمة بمعانيك القاسية، أم هو روح اضطراب مجهول أودعتك إياه ليخلق حولك العواطف القلبية؟
أم هو استبداد الجمال الذي خصصت به ليكون قلبك وحده في قوة القلوب كلها..
أم هو ذلك المعنى الخالق الذي يفيض على جمالك تميز جملتك البديعة في شيء شيء وفي حسن حسن؟
أم أنت أنت وذلك السر في عينيك معنى أنت؟
دائما يضيف وجهك على كلامك بلاغة إلـهية..
ولو نطقت بألفاظ القوة التي تشبه أجراسها صلصلة السلاح لخرجت من شفتيك متنهدة...
ولو تكلمت بأشد ألفاظ القسوة لذابت في حلاوة شفتيك...ومتى نطقت باسمي خرج من فمك سكران....
أي سر هذا الذي يجعلك على كل أحوالك تفيضين بالقوة كأنما بنيت على شكل لا يزال يجمعها في نفسه ويبثها من نفسه؟
وإنه ولا ريب طابع الجاذبية على القوة ..
وأي إبداع هو الذي يظهرك في محاسنك مظهر كون خلق كله من الزهر وهو جميل في مجموعه بأجزائه وفي أجزائه بمجموعه!!
إنه ولا ريب طابع الألوهية على المعجزة.
حولك ما نحسه ولا نعرف منه إلا أنه حولك وحسب.والجو الذي أنت فيه ينعكس على جمالك في صورة سحرية فلو أنني طفت العالم كله لرايته من حولي أينما كنت وأبصرت وجهك دائما امام عيني كأني محدود بك في حدود مسحورة تدعك حيث أنت وتمضي معي حيث أكون!
وما الوجود إلا انسياب قوى المادة بعضها في بعض وفي هواك تنساب القوى من روحك إلى روحي فالأصل الذي بني عليه الكون في منافعه بنيت أنت عليه في محاسنك كأنه هو يعرض قوانينه التي تحس ولا تُرى في صورة منك تُحس وترى وتزيد على الرؤية أنها آخر حدود العشق ...
أما والله لو ناديتك بغير اسمك لوضعت لك اسما من معانيك ...ولو سميتك بهذه المعاني لما ناديتك إلا بهذا الاسم العظيم.....يا نسوية العالم.....
*
*
*
*
استمداد فلسفة
وكتب إليها
جاءني كتابك ، بل جئتني أنت في كتابك ، فضممت الصحيفة إلى قلبي ضمة عرفتك فيها من خفقات هذا القلب واضطرابه !وقبلت الكلمات قبلا شعرت من سحرها في نفسي أن هذه الألفاظ قد خرجت من فمك الوردي فجاءت عطرا وحياة وجمالا ونقلت في الكتاب جوا رقيقا نديا كان مطيفا بشفتيك عند كتابتها كأنه نسمة من الفجر حول وردة تتنفس بعطرها الذكي .
كلما قرأت لك شيئا نفذ إلى روحي بالعطر الذي عطرك الله به . كأن الكلام بيننا أثير تسبح فيه مادة نفسينا : ولو كل الجميلات في العالم لفظن كلمة واحدة ثم لفظتها أنت لكنت أنت وحدك القادرة على أن تصنع روح الجمال وروح الحب وروح المرأة في تلك الكلمة لأن روحي لا تعرف الجمال والحب في المرأة إلا فيك .
تريني حين أقرأ كتابتك بين سحرين تظاهرا من ألفاظك ومعانيك فتجدينني كالنائم تخلق الذاكرة في خياله أجسام المعاني المحفوظة لتخرج له من الاسم صاحب الاسم وترد عليه من الحكاية واقعة الحكاية ، وتجرد منه شخصا لا حقيقة له ينطلق في عالم مسحور ليست له حقيقة ويألم النائم ويلذ كأنه من اليقظة لم يزل !
يذكرني هذا بما جادلتك فيه يوما من أن هناك عالما معنويا يخلق مما ننساه ونحن ننتقل إليه أحيانا بالنوم ، وأن هذا تمثيل لمعنى الخلود أو هو بعض أدلته ، إذ لست أرى الموت إلا رجعة الروح إلى عالم أنشئ لها من أعمالهاا في رحمة الله ونقمته ، فنحن على الأرض نبني لأرواحنا في السماء ، ومنا من يبتني لنفسه المدينة العظيمة بخيراته وحسناته ومن يبني لروحه السجن الضيق الوعر بآثامه وجرائمه !!
مالي أراني قد اندفعت إلى ما وراء الحياة ؟ولكن هل الحب إلا روحانية ترجع بنا إلى ما وراء أنفسنا لتضيف بعض المجهول إلى وجودنا ، وتزيد لنا نعيم الدنيا وآلامها ما لا يزيده شيء آخر غير الحب ؟
لو سألتني من هو العاشق لأجبتك إنه لن يكون عاشقا إلا من أحس أنه قذف به في الابتسامات والنظرات بمرة واحدة إلى مهبط السموات فيشعر أن نعيمه أهناأ من نعيم الأرض وأن عذابه أشد من عذابها وكأنه غذ يتنعم لم يصب أسباب النعيم بل أسباب الخلود في الجنة ، وإذ يتألم لم يجد مادة الألم . بل مادة نارية خالدة على قلبه .
كذلك لا يبدأ الحب إلا من آخر الدنيا فهو دائما على طرفها ، ولو نصب ميزان لعاشق من العشاق المتيمين ووضعت كرة الأرض بكنوزها وممالكها في كفة منه ثم وضع حبيبه في الكفة الأخرى لرجحت هذه عنده لأن فيها حبيبه وقلبه ، وبقيت الأخرى كأن لم يكن فيها شيء وإن كان فيها المشرق والمغرب!
وأعجب من هذا أننا نجد من الزهاد والمتنسكين من يقطع دهره كله متعبدا منصرفا عن الدنيا إلى ما بعدها جاعلا لسان حواسه الأرضية دائما سماوي اللغة ثم لا يجد من يقول إنه كالملائكة على حين أن الكلمة الأولى التي يقولها العاشق في وصف حبيبه ساعة يمس قلبه : إنه كالملك وإنه من السماء وإنه قانون من قوانين القدر وإنه الوجود كله مختصرا في نفس إنسانية ، والطبيعة كلها ممثلة في ذات لذات أخرى وإنه مظهر من مظاهر التقديس لا تحيط به إلا معاني الجلال والعبادة فلا يزال القلب يركع أمامه ويسجد !!!
أتذكرين ما قلته لك ذات مرة وقد رأيت ***ك الصغر الجميل كأنه من تراميه عليك ومن معاني نظراته لك –عاشق يريد أن تفهميه . . فقلت لك : إنني أراه يحبك بقوة أحسبها تحاول أن تقلبه إنسانا يحب . فإن كان هذا الحيوان ولم يزد عن معاني الوفاء والأمانة شيئا ، فليت شعري كيف تصنع هذه القوة في الإنسان وهي فيه أمانة ثم رغبة زائدة عليه ، ووفاء ثم غاية أعلى منه وحب إنساني ذاهب إلى طرفه الإلهي وشيء معلوم ثم شيء مجهول في المعلوم ؟
إنها والله لن تدعه إنسانا ابدا ما دامت لا تدعه في نفسه . آه . آه . !
ما أرى الحب إلا قوة تخرج النفس وتشيعها في الوجود كله أو تدخل الوجود كله إلى النفس وتدعه شائعا فيها ، ولهذا فمهما يبلغ من سعة العالم فإنه لن يمتلئ عند المحب إلا بواحد فقط . هو الذي يحبه .
أعرف هذا منك أيته العزيزة لأني في هذا البعد أراك في كل مكان حتى لكأن هذا الوجود كله ورقة تصوير حساسة مصوبة بآلتها إلى قلبي تلتقط رسمك منه وتلقيه على كل شيء صرفت إليه عيني ، وهذا – ولا ريب- معنى من معاني اللا نهاية فلعل ناموس الحب لم يخلق إلا لترك منه الإنسانية ما يقرب لها الفكرة ما لا ينتهي ، فمادة الحبيب الممثلة في جسمه لا تفنى بل هي تنصب من عيني محبه على كل شيء وملء كل شيء .
الحبيب محدود بعاشقه فقط . . . وهذا مثال يقرب للعقل كيف يفهم الخلود الذي لا ينتهي لأنه أبدا ممتد مع الخالق الأزلي الذي لا ينتهي ولا يفنى .
عذرا أيتها الحبيبة فمهما أكتب فلا يزال وراء الكلام ذلك المعنى الدقيق الذي لا يظهره الكلام وذلك المعنى المعجز الذي هو بلاغة فوق البلاغة . ذلك المعنى الجميل هو أنت . . . . .
*
*
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir