فواز الغسلان
20-07-2008, 16:31
(( القول النصيح في النبطي والفصيح ))
يقول صلاح الدين الصفدي في لاميته مايدل على انه يفضل الاعراض
كليا عن كلام الجاهل الساقط فيقول:
الجَدُّ في الجدِّ والحِرمانُ في الكَسَـلِ=فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأملِ
واصبرْ على كلِّ ما يأتـي الزَّمانُ بهِ=صبرَ الحُسامِ بـكـفِّ الـدّراعِ البَطَـلِ
وجانبِ الحرصَ والأطماعَ تـحـظَ بما=تـرجـو من الـعــزِّ والتأييدِ فـي عَجَـلِ
ولا تكونَـنْ عـلـى ما فـاتَ ذا حَـزَنٍ=ولا تـظــلَّ بـمـا أُوتـيـــتَ ذا جَـذَلِ
واستشعرِ الحـِلـمَ فـي كلِّ الأمـورِ ولا=تُـســرع بـبـــادرةٍ يـومـــاً إلـى رجـلِ
وإنْ بُـلـيــتَ بشـخـصٍ لا خَـلاقَ لـهُ=فكـُنْ كـأنَّـكَ لـمْ تـسـمـعْ ولـمْ يَـقُـلِ
ولا تُـمـــارِ سـفــــيهـاً فـي مُــحــاورَةٍ=ولا حـلـيـمـاً لـكـيْ تـنـجـو مـنَ الزَّلَـلِ
في حين يرى حمد الغيهبان المري التفصيل في ذلك ولو ادى في النهايه
لاستخدام القوه00
قال الشاعر الفارس : حمد الغيهبان:
لا جـاك من بن عمك أول زله =أحـذر من الزّلات وأحذر تجهلي
لا جـاك من بن عمك ثاني زله=عـرضه على العـقّـال كـانه يعـقـلـي
لا جـاك من بن عمك ثالث زله=أبعد ضعونك عن ضعونه وارحلي
لا جـاك من بن عمك رابع زله=حـــده على حــد الحديد المـصـقـلـي
الـحوض لامنه كشف عن غطاته=كـلٍ عـلى جال القليب بـيـدهلـي
ثم نجد ابن الوردي في لاميته الشهيره يرى مايراه الصفدي بالضبط وهو الاعراض
والصبر دون تفصيل فيقول:
لا تخض في حق سـادات مضوا=انهــم لـيسـوا بـأهل للزلل
وتـغـافـل عـن أمـور انـه لم يـفـز=بـالـحــــمــد إلا مـن غـفل
ليس يخلو المـرء مـن ضدٍ وان= حاول العـزلة فـي رأس جبل
غب عن الـنـمـام وأهـجـره فما=بـلــغ الـمـكـروه إلا مـَن نـقل
دار جـار الـدار إن جـار وان=لم تجـد صبرا فـما احلى النـقل
ثم نجد محمد القاضي يرى نفس مايراه الغيهبان من اللجوء للقوه بالاخير فيقول:
الصاحب الصافي تحمل خماله=يلزمك والا الضد حده على الجال
واصحى ترى طرد المقفي عذاله=يتعبك والمقبل عطه وجه الاقبال
أما لقيط بن زرارة الشاعر فقد أعلن أنه لا يحب الفحش ولا يجاري فيه أصحابه.
وقل لبني سعد فـمـالي وما لكم=ترقّون مني ما استطعت وأُعتِقُ
أغـرَّكـمـو أنـي بأحـسن شيـمة=بصيرٌ، وأنـي بالـفـواحـش أطـرق
وإن تك قـد ساببتني فقهرتني=هنيئاً، مريئاً، أنت بالفحش أحذَقُ
في حين نجد ان الشاعر الحكيم خلف ابوزويد يرى مايراه القاضي بالضبط من حيث
المعنى وذلك في وصيته الشهيره لابنه دخيل فيقول:
المرجـلـه بـالـك تـراخـي حباله=ولاتـعـيـل ولاتـراخـى لـمن عـال
ولاصار دلوك ماتـموحه شـماله=ترى الرجال يطوحونه على الجال
وللخليل ابن احمد تفصيل جميل في هذا الموضوع يقول فيه:
سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب=وإن كثُـرتْ منه إلـيَّ الجرائمُ
فـمـا الـنـاس إلا واحـد من ثـلاثـة=شريف ومشروف ومثـل مقاوم
فـأما الـذي فـوقـي فأعـرف قدره=وأتـبع فـيه الـحـقّ والـحقُّ لازم
وأمـا الـذي دوني فـأحـلـم دائـبـاً=أصون به عرضي وإن لام لائـم
وأمـا الـذي مثلي فإن زلّ أو هفا=تفضّلتُ، إن الفضل بالفخر حاكم
وايضا للشاعر سليمان بن شريم تفصيل جميل في كافيته الشهيره فيقول:
واحذر عن العيلة تـرى الـحق مدروك=مثل العمل يدركك ما منه فكاك
وان كان عدوانك على الضيق حدوك=فاخـصـم طـلابتهم بعـجـفاك وقداك
وان كان هم لـمشرف الـحـق ما شوك=ناظر مـطـالـيـع الـفرج قبل مبداك
واحلم على الجاهل ترى الحلم مبروك=وقـم للضعيف اللي من الضيم ينخاك
وادمح خـطا جـيـران بـيتك الى اوذوك=ترى الـقـصـير وحرمة الجار بحماك
وقـم للضيوف اللي لـفـولـك وضـافـوك=اغـلا كـرامـتـهـم حـجـاجك وبشراك
وهذه قصيدة للشاعر العربي الكبير الأفوه الأودي الجاهلي وفيها من الحكم الكثير
سواء في موضوعنا او غيره فيقول:
فينا مَعاشِـرُ لـم يَـبْـنُـوا لقومِهـمُ=وإنْ بَنى قومُهُمْ ما أَفْسَـدوا عـادُوا
لا يَرْشُدون ولن يَرْعَـوا لِمُرْشِدِهـمْ=فالغَي منهُمْ معـاً والجَهْـلُ ميعـادُ
والبيـتُ لا يُـبْـتَـنَــى إلا لـهُ عَـمَـدٌ=ولا عِـــمــادَ إذا لـمْ تُــرْسَ أَوْتـادُ
فـإنْ تـــجـــمــــعَ أَوتــــادٌ وأَعـــمـــدَةٌ=وساكـنُ بلغوا الأمرَ الـذي كـادوا
لا يَصْلُحُ الناسُ فَوضَى لا سَراةَ لَهُمْ=ولا سَـراةَ إذا جُهالُهُـمْ ســادُوا
تُلفَى الأمورُ بأهلِ الرشْدِ ما صَلَحَت=ْفـإنْ تَوَلـوْا فبالأَشْـرارِ تَنْـقـادُ
إذا تَـولـى سَـراةُ الـقـــومِ أَمْـرَهُـمُ=نَما على ذاك أَمْرُ القـومِ فـازْدادُوا
أمارةُ الغَي أنْ تَلقَى الجميعَ لدى ال=إبـرامِ للأمـرِ، والأذنـابُ أكتـادُ
كيفَ الرشادُ إذا ما كنتَ فـي نَفَـر=لهُمْ عنِ الرشْـدِ أَغْـلالٌ وأَقيـادُ
أَعـطَـوْا غُـواتَـهَــمُ جَـهْـلاً مَـقـادَتـَهُـمْ=فكلهُـمْ فـي حبـالِ الغَـي مُنْقـادُ
حـانَ الرحـيلُ الى قـومٍ وإنْ بَـعُـدوا=فـيـهِـمْ صَـلاحٌ لِمُرْتـادٍ وإرْشـادُ
فسوفَ أجعَلُ بُعْـدَ الأرضِ دونَكُـمُ=وإنْ دنَـتْ رَحِـمٌ منكُـمْ ومِيـلادُ
إن النـجـاةَ إذا مـا كـنـتَ ذا بَـصَــرٍ=مِـن أجـةِ الغَـي إبعـادٌ فإبعـادُ
ويقول يوسف بن جارالله المزيني في رائعته الشهيره الحكميه والتي نظمها على
الطريقه القديمه والاصيله للشعر النبطي والتي تعتمد على سلاسة الاسلوب
ووضوح المعنى وغزارة الفائده بالرغم من كونه شاعر معاصر فيقول:
لاضاق درب(ن)فيك وش لك بـمـمـشـاه=جـنـب دروبه والــفــيـافي عـريـضه
درب(ن)يـوريـــك الـــمـــــذلـــه بـلـــيــــــاه=شمس الـخـيـار ولا ظـلال الـفـريضه
والناس كل(ن)يـجـذبـه ساس مـجـنـاه=مثـل الـشـجــر لو هو تـجـدد بـريـضـه
رجــل الـيــا زلــت بـك الــرجــل تـلـقـاه=حـبـل الـنـجـاة اللـي بـتـوته غـلـيضه
ذيب(ن) الياشاف الخـلل فيك يـرفـاه=عـــزك يـعـزه وانـكـسارك يـهـيــضه
ورجل(ن)بحزات الرخى جــاه ووجـاه=لكن بوقت الـضـيـق ماتـسـتـعـيـضـه
مثل الـغدير اللـي حـفـظ مـاه بـشـتـاه=واهـلـك وروده فـي لواهـيب قيضه
والـعـــفــن لاتــــنــدم عـلــشــان فــرقــــاه=تـرى الـعـفـــن فـرقـاه ماهي غـمـيـضه
والـلـي زعـــل من خـــاطــره لاتـرضــاه=لاصـرت مـاسـويـت شي(ن)يـغـيـضـه
مـادام رزق الـعـبــد بـكــفــوف مولاه=ماله ومال اهـل الـنـفــوس الـمـريـضـه
وقوله(شمس الخيار ولاظلال الفريضه) يقصد ان جلوسه في حرارة الشمس مختارا
ولا جلوسه في الظل مجبورا عليه ومفروضا فرضا 00وهو معنى بديع 0
ويقول احمد شوقي في قصيدته الشهيره في مدح مصطفى كمال اتاتورك والتي ندم
عليها ونقضها بقصيده اخرى عندما انكشفت للجميع حقيقة اتاتورك يقول:
فـقـل لـبـان بقول ركــــــن ممـــلكة=على الكتائب يبنى الملك لا الكـــــتب
لا خـيـر فـي منبر حتى يكـــون له=عود من السمر أو عود من القصب
وما الـسـلاح لـقــوم كـل عــــدتهم =حـتى يكونوا من الأخـلاق في أهـــب
لو كان في الناب دون الخلق منبهة=تساوت الأســــد والـذؤبان في الرتب
وكيف تـلـقـى نـجاحاً أمة ذهـــــبت=حزبين ضدين عند الحادث الحـــزب
ولعلنا نختم بقصيدة احمد شوقي في نكبة دمشق وهي تحتوي على الكثير من
المعاني الحسنه والحكمه مع براعة النظم وجمال الرياض الشعريه فيها ولكي يتذكر
الجميع مافعلته فرنسا في عاصمة الامويين لاسيما من يتشدقون بصداقتها والذين
سالت دموعهم عندما خسرت فرنسا كاس العالم في كرة القدم ولكي يعلموا ان بلاد
الاسلام لن تنسى جرائمهم مهما طال الزمن فالمجرم يبقى مجرما ولو قام بتبديل ثوبه00
ســـلامٌ من صَبــا بَـرَدى أَرقُّ=ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دِمَشْقُ
ومعذِرة الـيَـرَاعــةِ والـقـوافـي=جلالُ الرُّزْءِ عن وصْفٍ يَدِقُّ
وذكرى عن خـواطـرِهـا لـقـلـبـي=إليـكِ تـلـفّـتٌ أَبداً وخَفْق
وبـي مـمـا رَمَـتْـكِ بهِ الليالي=جراحاتٌ لها في القلب عُـمْـق
دخلتكِ والأَصيلُ له ائتلاقٌ=ووجهكَ ضاحكُ القسماتِ طَلْق
وتحتَ جِنانِك الأَنهارُ تـجري=ومِلْءُ رُبـاك أَوراقٌ ووُرْق
وحولي فـتـيـةٌ غُــرٌ صِـبـاحٌ=لهم في الفضلِ غلياتٌ وسَبْق
على لـهـواتـهم شعراءُ لُسْنٌ=وفي أَعطافِهم خُطباءُ شُدْق
رُواةُ قـصـائِـدي، فاعـجبْ لشعرٍ=بكلِّ محلَّةٍ يَرْوِيه خَلْق
غَمزتُ إباءَهم حتى تلظَّتْ=أُنوفُ الأُسْدِ واضطرَم المَدق
وضـجَّ من الـشّـكـيـمـةِ كـلُّ حُرٍّ=أَبِيٍّ من أُمَيَّةَ فيه عِتْق
لـحـاهـا الـلـه أَنـبـاءً توالتْ=على سَـمْـعِ الـولـيِّ بـما يَشُقّ
يُـفـصّـلـهــا إلـى الـدنـيـا بَـرِيـدٌ=ويُـجْـمِـلُـها إلى الآفاق بَرْقُ
تكادُ لروعةِ الأَحداثِ فيها=تخال من الخُرافةِ وَهْي صِدْق
وقيل: معالمُ الـتـاريــخ دُكَّت=وقيل: أَصابها تـلــفٌ وحَــرق
أَلستِ ـ دِمَشقُ ـ للإسلام ظِئراً=ومُرْضِعَةُ الأُبُوَّةِ لا تُعَقّ؟
صلاَحُ الدين، تاجُك لم يُجَمَّل=ولم يُـوسَـم بـأَزيـن منه فَرْق
وكلُّ حضارة في الأَرض طالت=لها من سَرْحك العلوي عرق
سماؤكِ من حُلَى الماضي كتاب=وأَرضُك من حلى التاريخ رق
بـنـيْـتِ الـدولـةَ الـكـبـرى ومُلْكاً=غبارُ حـضـارتَـيْــه لا يُشَقّ
لـه بـالـشــامِ أَعــــلامٌ وعُــــرْسٌ=بـشــائــرُه بـأَنـدلُـسٍ تــدَق
رباعُ الخلدِ ـ وَيْحَكِ ـ ما دَهاها؟=أَحقٌّ أَنها دَرَست أَحَقُّ
وهل غُرَفُ الجِنانِ مُنضَّداتٌ؟=وهل لنعيمهن كأَمسِ نَسْقُ
وأَين دُمَى المـقـاصِـر من حِـجالٍ=مُـهَـتَّـكَـةٍ، وأَستارٍ تُشَقُّ
بَرَزْنَ وفي نواحـي الأَيْـكِ نارٌ=وخَلْفَ الأَيكِ أَفراخٌ تُـزَقُّ
إذا رُمْنَ السلامةَ من طريق=أَتتْ من دونه للموت طُرْق
بـلَــيْـلٍ لـلـقـذائــفِ والـمـنـايـا=وراءَ سمائِه خَطْفٌ، وصَعْقُ
إذا عصفَ الحديدُ، احْمَرَّ أُفْقٌ=على جنباتِه، واسودَّ أُفْق
سَلِي مَن راعَ غِيدَك بعدَ وَهْن=ٍأَبيْن فؤادِه والصخرِ فَرْق؟
ولـلـمـسـتعـمـرين ـ وإن أَلانـوا=قـلـوبٌ كـالـحـجـارةِ، لا تَرِق
رماكِ بـطَـيْشِه، ورمى فرنسا=أَخو حربٍ، به صَلَفٌ، وحُمْق
إذا ما جاءَه طُــلاَّبُ حَــقٍّ=يقول: عصابةٌ خرجوا وشقّوا
دَمُ الـثّــوارِ تـعــرفُــه فـرنـسا=وتـعــلــم أَنــه نــورٌ وحَــقّ
جرى في أَرضِها، فيه حـيــاةٌ=كـمـُـنْـهَـلِّ السماءِ، وفيه رزقُ
بلادٌ مــاتَ فِـتْـيَـتُـهـا لِـتـحــيــا=وزالوا دونَ قومِـهـمُ لـيـبـقوا
وحُرِّرَت الشعوبُ على قَناها=فكيف على قناها تُسْتَرَق؟
بني سورِيَّةَ، اطَّرِحوا الأَماني=وأَلْقُوا عنكمُ الأَحلام، أَلْقُوا
فمِنْ خِدَعِ السياسة أنْ تُغَرُّوا=بأَلقاب الإمارةِ وهْيَ رِقُّ
وكم صَيدٍ بدا لك من ذليل=كما مالت من المصلوب عُنْق
فُتُوق الملكِ تَحْدُثُ ثمّ تمضي=ولا يمضي لمختلفِين فَتْق
نَصَحْتُ ونحن مختلفون داراً=ولكنْ كلُّنا في الهمِّ شرق
ويجمعنا إذا اختلفت بلادٌ=بيانٌ غيرُ مختلفٍ ونُطْق
وقفتم بين موتٍ أَو حياةٍ=فإن رمْتم نعيمَ الدهر فاشْقوا
ولـلأَوطــانِ في دَمِ كلِّ حُـرٍّ=يَدٌ سلفتْ ودَيْنٌ مُستحِق
ومن يَسقي ويَشربُ بالمنايا=إذا الأَحرارُ لم يُسقوا ويَسقوا؟
ولا يبني الممالكَ كالضحايا=ولا يُدني الحقوقَ ولا يُحِقُّ
ففي الـقـتـلى لأَجيالٍ حياةٌ=وفي الأَسْرَى فِدًى لهمُ وعِتْق
ولـلــحــريـةِ الـحـــمـراءِ بـابٌ=بكـلِّ يَـدٍ مُضَـرَّجَـةٍ يُـدَقُّ
جزاكم ذو الجلالِ بني دِمَشقٍ=وعزُّ الشرقِ أَوَّلُهُ دِمَشْقُ
نصرتم يومَ مِحـنـتـهِ أَخـاكـم=وكلُّ أَخٍ بنصرِ أَخيه حق
وما كان الدُّروزُ قَبيلَ شرٍّ=وإن أُخِذوا بما لم يَستحِقُّوا
ولكنْ ذادَةٌ، وقُراةُ ضيفٍ=كـيـنـبوعِ الصَّفا خَشُنوا ورَقُّوا
لهم جبلٌ أَشمُّ له شعافٌ=موارد في السحاب الجُونِ بُلْق
لكلِّ لـبـوءَة، ولكـلِّ شِـبْـلٍ=نِـضـالٌ دونَ غـايـتِه ورَشْق
كأَن مِن الـسَّـمَـوْأَلِ فيه شيئاً=فكلُّ جِـهـاتِه شرفٌ وخلْق
يقول صلاح الدين الصفدي في لاميته مايدل على انه يفضل الاعراض
كليا عن كلام الجاهل الساقط فيقول:
الجَدُّ في الجدِّ والحِرمانُ في الكَسَـلِ=فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأملِ
واصبرْ على كلِّ ما يأتـي الزَّمانُ بهِ=صبرَ الحُسامِ بـكـفِّ الـدّراعِ البَطَـلِ
وجانبِ الحرصَ والأطماعَ تـحـظَ بما=تـرجـو من الـعــزِّ والتأييدِ فـي عَجَـلِ
ولا تكونَـنْ عـلـى ما فـاتَ ذا حَـزَنٍ=ولا تـظــلَّ بـمـا أُوتـيـــتَ ذا جَـذَلِ
واستشعرِ الحـِلـمَ فـي كلِّ الأمـورِ ولا=تُـســرع بـبـــادرةٍ يـومـــاً إلـى رجـلِ
وإنْ بُـلـيــتَ بشـخـصٍ لا خَـلاقَ لـهُ=فكـُنْ كـأنَّـكَ لـمْ تـسـمـعْ ولـمْ يَـقُـلِ
ولا تُـمـــارِ سـفــــيهـاً فـي مُــحــاورَةٍ=ولا حـلـيـمـاً لـكـيْ تـنـجـو مـنَ الزَّلَـلِ
في حين يرى حمد الغيهبان المري التفصيل في ذلك ولو ادى في النهايه
لاستخدام القوه00
قال الشاعر الفارس : حمد الغيهبان:
لا جـاك من بن عمك أول زله =أحـذر من الزّلات وأحذر تجهلي
لا جـاك من بن عمك ثاني زله=عـرضه على العـقّـال كـانه يعـقـلـي
لا جـاك من بن عمك ثالث زله=أبعد ضعونك عن ضعونه وارحلي
لا جـاك من بن عمك رابع زله=حـــده على حــد الحديد المـصـقـلـي
الـحوض لامنه كشف عن غطاته=كـلٍ عـلى جال القليب بـيـدهلـي
ثم نجد ابن الوردي في لاميته الشهيره يرى مايراه الصفدي بالضبط وهو الاعراض
والصبر دون تفصيل فيقول:
لا تخض في حق سـادات مضوا=انهــم لـيسـوا بـأهل للزلل
وتـغـافـل عـن أمـور انـه لم يـفـز=بـالـحــــمــد إلا مـن غـفل
ليس يخلو المـرء مـن ضدٍ وان= حاول العـزلة فـي رأس جبل
غب عن الـنـمـام وأهـجـره فما=بـلــغ الـمـكـروه إلا مـَن نـقل
دار جـار الـدار إن جـار وان=لم تجـد صبرا فـما احلى النـقل
ثم نجد محمد القاضي يرى نفس مايراه الغيهبان من اللجوء للقوه بالاخير فيقول:
الصاحب الصافي تحمل خماله=يلزمك والا الضد حده على الجال
واصحى ترى طرد المقفي عذاله=يتعبك والمقبل عطه وجه الاقبال
أما لقيط بن زرارة الشاعر فقد أعلن أنه لا يحب الفحش ولا يجاري فيه أصحابه.
وقل لبني سعد فـمـالي وما لكم=ترقّون مني ما استطعت وأُعتِقُ
أغـرَّكـمـو أنـي بأحـسن شيـمة=بصيرٌ، وأنـي بالـفـواحـش أطـرق
وإن تك قـد ساببتني فقهرتني=هنيئاً، مريئاً، أنت بالفحش أحذَقُ
في حين نجد ان الشاعر الحكيم خلف ابوزويد يرى مايراه القاضي بالضبط من حيث
المعنى وذلك في وصيته الشهيره لابنه دخيل فيقول:
المرجـلـه بـالـك تـراخـي حباله=ولاتـعـيـل ولاتـراخـى لـمن عـال
ولاصار دلوك ماتـموحه شـماله=ترى الرجال يطوحونه على الجال
وللخليل ابن احمد تفصيل جميل في هذا الموضوع يقول فيه:
سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب=وإن كثُـرتْ منه إلـيَّ الجرائمُ
فـمـا الـنـاس إلا واحـد من ثـلاثـة=شريف ومشروف ومثـل مقاوم
فـأما الـذي فـوقـي فأعـرف قدره=وأتـبع فـيه الـحـقّ والـحقُّ لازم
وأمـا الـذي دوني فـأحـلـم دائـبـاً=أصون به عرضي وإن لام لائـم
وأمـا الـذي مثلي فإن زلّ أو هفا=تفضّلتُ، إن الفضل بالفخر حاكم
وايضا للشاعر سليمان بن شريم تفصيل جميل في كافيته الشهيره فيقول:
واحذر عن العيلة تـرى الـحق مدروك=مثل العمل يدركك ما منه فكاك
وان كان عدوانك على الضيق حدوك=فاخـصـم طـلابتهم بعـجـفاك وقداك
وان كان هم لـمشرف الـحـق ما شوك=ناظر مـطـالـيـع الـفرج قبل مبداك
واحلم على الجاهل ترى الحلم مبروك=وقـم للضعيف اللي من الضيم ينخاك
وادمح خـطا جـيـران بـيتك الى اوذوك=ترى الـقـصـير وحرمة الجار بحماك
وقـم للضيوف اللي لـفـولـك وضـافـوك=اغـلا كـرامـتـهـم حـجـاجك وبشراك
وهذه قصيدة للشاعر العربي الكبير الأفوه الأودي الجاهلي وفيها من الحكم الكثير
سواء في موضوعنا او غيره فيقول:
فينا مَعاشِـرُ لـم يَـبْـنُـوا لقومِهـمُ=وإنْ بَنى قومُهُمْ ما أَفْسَـدوا عـادُوا
لا يَرْشُدون ولن يَرْعَـوا لِمُرْشِدِهـمْ=فالغَي منهُمْ معـاً والجَهْـلُ ميعـادُ
والبيـتُ لا يُـبْـتَـنَــى إلا لـهُ عَـمَـدٌ=ولا عِـــمــادَ إذا لـمْ تُــرْسَ أَوْتـادُ
فـإنْ تـــجـــمــــعَ أَوتــــادٌ وأَعـــمـــدَةٌ=وساكـنُ بلغوا الأمرَ الـذي كـادوا
لا يَصْلُحُ الناسُ فَوضَى لا سَراةَ لَهُمْ=ولا سَـراةَ إذا جُهالُهُـمْ ســادُوا
تُلفَى الأمورُ بأهلِ الرشْدِ ما صَلَحَت=ْفـإنْ تَوَلـوْا فبالأَشْـرارِ تَنْـقـادُ
إذا تَـولـى سَـراةُ الـقـــومِ أَمْـرَهُـمُ=نَما على ذاك أَمْرُ القـومِ فـازْدادُوا
أمارةُ الغَي أنْ تَلقَى الجميعَ لدى ال=إبـرامِ للأمـرِ، والأذنـابُ أكتـادُ
كيفَ الرشادُ إذا ما كنتَ فـي نَفَـر=لهُمْ عنِ الرشْـدِ أَغْـلالٌ وأَقيـادُ
أَعـطَـوْا غُـواتَـهَــمُ جَـهْـلاً مَـقـادَتـَهُـمْ=فكلهُـمْ فـي حبـالِ الغَـي مُنْقـادُ
حـانَ الرحـيلُ الى قـومٍ وإنْ بَـعُـدوا=فـيـهِـمْ صَـلاحٌ لِمُرْتـادٍ وإرْشـادُ
فسوفَ أجعَلُ بُعْـدَ الأرضِ دونَكُـمُ=وإنْ دنَـتْ رَحِـمٌ منكُـمْ ومِيـلادُ
إن النـجـاةَ إذا مـا كـنـتَ ذا بَـصَــرٍ=مِـن أجـةِ الغَـي إبعـادٌ فإبعـادُ
ويقول يوسف بن جارالله المزيني في رائعته الشهيره الحكميه والتي نظمها على
الطريقه القديمه والاصيله للشعر النبطي والتي تعتمد على سلاسة الاسلوب
ووضوح المعنى وغزارة الفائده بالرغم من كونه شاعر معاصر فيقول:
لاضاق درب(ن)فيك وش لك بـمـمـشـاه=جـنـب دروبه والــفــيـافي عـريـضه
درب(ن)يـوريـــك الـــمـــــذلـــه بـلـــيــــــاه=شمس الـخـيـار ولا ظـلال الـفـريضه
والناس كل(ن)يـجـذبـه ساس مـجـنـاه=مثـل الـشـجــر لو هو تـجـدد بـريـضـه
رجــل الـيــا زلــت بـك الــرجــل تـلـقـاه=حـبـل الـنـجـاة اللـي بـتـوته غـلـيضه
ذيب(ن) الياشاف الخـلل فيك يـرفـاه=عـــزك يـعـزه وانـكـسارك يـهـيــضه
ورجل(ن)بحزات الرخى جــاه ووجـاه=لكن بوقت الـضـيـق ماتـسـتـعـيـضـه
مثل الـغدير اللـي حـفـظ مـاه بـشـتـاه=واهـلـك وروده فـي لواهـيب قيضه
والـعـــفــن لاتــــنــدم عـلــشــان فــرقــــاه=تـرى الـعـفـــن فـرقـاه ماهي غـمـيـضه
والـلـي زعـــل من خـــاطــره لاتـرضــاه=لاصـرت مـاسـويـت شي(ن)يـغـيـضـه
مـادام رزق الـعـبــد بـكــفــوف مولاه=ماله ومال اهـل الـنـفــوس الـمـريـضـه
وقوله(شمس الخيار ولاظلال الفريضه) يقصد ان جلوسه في حرارة الشمس مختارا
ولا جلوسه في الظل مجبورا عليه ومفروضا فرضا 00وهو معنى بديع 0
ويقول احمد شوقي في قصيدته الشهيره في مدح مصطفى كمال اتاتورك والتي ندم
عليها ونقضها بقصيده اخرى عندما انكشفت للجميع حقيقة اتاتورك يقول:
فـقـل لـبـان بقول ركــــــن ممـــلكة=على الكتائب يبنى الملك لا الكـــــتب
لا خـيـر فـي منبر حتى يكـــون له=عود من السمر أو عود من القصب
وما الـسـلاح لـقــوم كـل عــــدتهم =حـتى يكونوا من الأخـلاق في أهـــب
لو كان في الناب دون الخلق منبهة=تساوت الأســــد والـذؤبان في الرتب
وكيف تـلـقـى نـجاحاً أمة ذهـــــبت=حزبين ضدين عند الحادث الحـــزب
ولعلنا نختم بقصيدة احمد شوقي في نكبة دمشق وهي تحتوي على الكثير من
المعاني الحسنه والحكمه مع براعة النظم وجمال الرياض الشعريه فيها ولكي يتذكر
الجميع مافعلته فرنسا في عاصمة الامويين لاسيما من يتشدقون بصداقتها والذين
سالت دموعهم عندما خسرت فرنسا كاس العالم في كرة القدم ولكي يعلموا ان بلاد
الاسلام لن تنسى جرائمهم مهما طال الزمن فالمجرم يبقى مجرما ولو قام بتبديل ثوبه00
ســـلامٌ من صَبــا بَـرَدى أَرقُّ=ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دِمَشْقُ
ومعذِرة الـيَـرَاعــةِ والـقـوافـي=جلالُ الرُّزْءِ عن وصْفٍ يَدِقُّ
وذكرى عن خـواطـرِهـا لـقـلـبـي=إليـكِ تـلـفّـتٌ أَبداً وخَفْق
وبـي مـمـا رَمَـتْـكِ بهِ الليالي=جراحاتٌ لها في القلب عُـمْـق
دخلتكِ والأَصيلُ له ائتلاقٌ=ووجهكَ ضاحكُ القسماتِ طَلْق
وتحتَ جِنانِك الأَنهارُ تـجري=ومِلْءُ رُبـاك أَوراقٌ ووُرْق
وحولي فـتـيـةٌ غُــرٌ صِـبـاحٌ=لهم في الفضلِ غلياتٌ وسَبْق
على لـهـواتـهم شعراءُ لُسْنٌ=وفي أَعطافِهم خُطباءُ شُدْق
رُواةُ قـصـائِـدي، فاعـجبْ لشعرٍ=بكلِّ محلَّةٍ يَرْوِيه خَلْق
غَمزتُ إباءَهم حتى تلظَّتْ=أُنوفُ الأُسْدِ واضطرَم المَدق
وضـجَّ من الـشّـكـيـمـةِ كـلُّ حُرٍّ=أَبِيٍّ من أُمَيَّةَ فيه عِتْق
لـحـاهـا الـلـه أَنـبـاءً توالتْ=على سَـمْـعِ الـولـيِّ بـما يَشُقّ
يُـفـصّـلـهــا إلـى الـدنـيـا بَـرِيـدٌ=ويُـجْـمِـلُـها إلى الآفاق بَرْقُ
تكادُ لروعةِ الأَحداثِ فيها=تخال من الخُرافةِ وَهْي صِدْق
وقيل: معالمُ الـتـاريــخ دُكَّت=وقيل: أَصابها تـلــفٌ وحَــرق
أَلستِ ـ دِمَشقُ ـ للإسلام ظِئراً=ومُرْضِعَةُ الأُبُوَّةِ لا تُعَقّ؟
صلاَحُ الدين، تاجُك لم يُجَمَّل=ولم يُـوسَـم بـأَزيـن منه فَرْق
وكلُّ حضارة في الأَرض طالت=لها من سَرْحك العلوي عرق
سماؤكِ من حُلَى الماضي كتاب=وأَرضُك من حلى التاريخ رق
بـنـيْـتِ الـدولـةَ الـكـبـرى ومُلْكاً=غبارُ حـضـارتَـيْــه لا يُشَقّ
لـه بـالـشــامِ أَعــــلامٌ وعُــــرْسٌ=بـشــائــرُه بـأَنـدلُـسٍ تــدَق
رباعُ الخلدِ ـ وَيْحَكِ ـ ما دَهاها؟=أَحقٌّ أَنها دَرَست أَحَقُّ
وهل غُرَفُ الجِنانِ مُنضَّداتٌ؟=وهل لنعيمهن كأَمسِ نَسْقُ
وأَين دُمَى المـقـاصِـر من حِـجالٍ=مُـهَـتَّـكَـةٍ، وأَستارٍ تُشَقُّ
بَرَزْنَ وفي نواحـي الأَيْـكِ نارٌ=وخَلْفَ الأَيكِ أَفراخٌ تُـزَقُّ
إذا رُمْنَ السلامةَ من طريق=أَتتْ من دونه للموت طُرْق
بـلَــيْـلٍ لـلـقـذائــفِ والـمـنـايـا=وراءَ سمائِه خَطْفٌ، وصَعْقُ
إذا عصفَ الحديدُ، احْمَرَّ أُفْقٌ=على جنباتِه، واسودَّ أُفْق
سَلِي مَن راعَ غِيدَك بعدَ وَهْن=ٍأَبيْن فؤادِه والصخرِ فَرْق؟
ولـلـمـسـتعـمـرين ـ وإن أَلانـوا=قـلـوبٌ كـالـحـجـارةِ، لا تَرِق
رماكِ بـطَـيْشِه، ورمى فرنسا=أَخو حربٍ، به صَلَفٌ، وحُمْق
إذا ما جاءَه طُــلاَّبُ حَــقٍّ=يقول: عصابةٌ خرجوا وشقّوا
دَمُ الـثّــوارِ تـعــرفُــه فـرنـسا=وتـعــلــم أَنــه نــورٌ وحَــقّ
جرى في أَرضِها، فيه حـيــاةٌ=كـمـُـنْـهَـلِّ السماءِ، وفيه رزقُ
بلادٌ مــاتَ فِـتْـيَـتُـهـا لِـتـحــيــا=وزالوا دونَ قومِـهـمُ لـيـبـقوا
وحُرِّرَت الشعوبُ على قَناها=فكيف على قناها تُسْتَرَق؟
بني سورِيَّةَ، اطَّرِحوا الأَماني=وأَلْقُوا عنكمُ الأَحلام، أَلْقُوا
فمِنْ خِدَعِ السياسة أنْ تُغَرُّوا=بأَلقاب الإمارةِ وهْيَ رِقُّ
وكم صَيدٍ بدا لك من ذليل=كما مالت من المصلوب عُنْق
فُتُوق الملكِ تَحْدُثُ ثمّ تمضي=ولا يمضي لمختلفِين فَتْق
نَصَحْتُ ونحن مختلفون داراً=ولكنْ كلُّنا في الهمِّ شرق
ويجمعنا إذا اختلفت بلادٌ=بيانٌ غيرُ مختلفٍ ونُطْق
وقفتم بين موتٍ أَو حياةٍ=فإن رمْتم نعيمَ الدهر فاشْقوا
ولـلأَوطــانِ في دَمِ كلِّ حُـرٍّ=يَدٌ سلفتْ ودَيْنٌ مُستحِق
ومن يَسقي ويَشربُ بالمنايا=إذا الأَحرارُ لم يُسقوا ويَسقوا؟
ولا يبني الممالكَ كالضحايا=ولا يُدني الحقوقَ ولا يُحِقُّ
ففي الـقـتـلى لأَجيالٍ حياةٌ=وفي الأَسْرَى فِدًى لهمُ وعِتْق
ولـلــحــريـةِ الـحـــمـراءِ بـابٌ=بكـلِّ يَـدٍ مُضَـرَّجَـةٍ يُـدَقُّ
جزاكم ذو الجلالِ بني دِمَشقٍ=وعزُّ الشرقِ أَوَّلُهُ دِمَشْقُ
نصرتم يومَ مِحـنـتـهِ أَخـاكـم=وكلُّ أَخٍ بنصرِ أَخيه حق
وما كان الدُّروزُ قَبيلَ شرٍّ=وإن أُخِذوا بما لم يَستحِقُّوا
ولكنْ ذادَةٌ، وقُراةُ ضيفٍ=كـيـنـبوعِ الصَّفا خَشُنوا ورَقُّوا
لهم جبلٌ أَشمُّ له شعافٌ=موارد في السحاب الجُونِ بُلْق
لكلِّ لـبـوءَة، ولكـلِّ شِـبْـلٍ=نِـضـالٌ دونَ غـايـتِه ورَشْق
كأَن مِن الـسَّـمَـوْأَلِ فيه شيئاً=فكلُّ جِـهـاتِه شرفٌ وخلْق