المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثقافة الإنصات و الاستماع..



شام
27-06-2008, 17:58
يعتقد البعضُ من أبناء أمتي أن الانصات للطرف الآخر و الاصغاء له حينما يتكلم أو يتحدث
تعبير سيكولوجي ل/ضعف في ذات المستمع و فكره و ثقافته .
يعتمد غالبية أبناء أمتي على ثقافة الكلام ومقاطعة الآخر في صلب كلامه وحواره وحديثه
سواء شفهياً أو تحريرياً .
فهم يرون في ذلك اكتمال فكر ونضوج وعي و شمولية ثقافة عندما يصبح مسرح أي حدث
مسرح آخر لاستعراضات كلامية هي اقرب ماتكون لضجيج معركة منها الى حوار عقلاني
يسيره المنطق .

يفوح ضجيج الاعتراك الكلامي في أجواء الحوار مما يستدعي البعض من المثقفين الى
اللجوء الى خانة الاصغاء وهذا لا يعتبر عيباً بالمنطق الحداثي لساحات الحوار و طاولاته
بل يعتبر الشريعة الأخلاقية الأساسية للمثقف الحداثي كما نوه عنه جاك دريدا ..

يلزمنا كأمةٍ تعتركها متغيرات كبيرة في بادئ الأمر أن نتعلم كيف نصغي للأخر و نترجم
كلامه منطقاً وواقعاً مستندين بالوقت نفسه على الثوابت المنغرسة في عقولنا
وهنا يفترض أن نخرج من قوقعتنا المخندقة التي نحيط أنفسنا بها فلقد وجدت قسراً
بنتيجة الديكتاتوريات السياسية و الفكرية و الثقافية المفروضة علينا عبر دهور بائدة
مما جعل منا أمة ذات فكر متقوقع على ذاته منبوذ من قبل الآخر ، فالآخر لا يرغب منا
بملحمة كلامية و لا بحشرجة أصوات ل/حناجر تعتلي فضاء الحوار و ساحات الكلام المختلفة
بل يريد منا حينما نتكلم أن نتكلم بمنطق العقل و الثقافة و العمل و الانتاج و ليس بمنطق
الاعوجاج و بوهيمية الرؤيا التي نحيط أنفسنا بها ضمن خنادق قديمة وبأساليب فجة
و مفضوحة.

لذا كانت أولى خطوات نجاح الحوار مع الآخر [ الانصات ] بكافة الحواس التي نتمتع بها
و الاصغاء المباشر له ، ولدى استيعاب ما بجعبة الآخر من رؤى و فكر و منطق يمكننا
ابتداء علاقة حوار متعددة الجوانب بشرط أن نكون قد حققنا الاستيعاب المطلوب
كي لا يصبح كلامنا وحوارنا معه ك /زبد بحر لا ينفع ولا يثمر .

إن اكتساب ثقافة الاستماع و الانصات للآخرين بعمق لا يحط من قدرنا ك/أمة بين الأمم
بل يكون ذلك محفزاً لمزيد من ارتقاء و مزيد من وعي ومزيد من وقت لسماع مالدينا
من قضايا فالانصات و الاصغاء دون تنازلات بالمقابل ثقافة تليق بمثقفي هذه الآونة
إن ثقافة الاستماع و الاصغاء للآخر مفتاح سحري للأبواب الموصودة من المعارف وعندما
تُفتح لنا أبواب المعارف سيكون لدينا القدرة على السيطرة و تسيير دفة الحوار لخدمة
مصالح بلادنا و أمتنا .

فمتى نتعلم ثقافة الانصات دون مقاطعة كلامية سواء شفهية أو محررة في نصوص كتابية
متى يمكننا ان نستوعب مالدى الآخرين من أفكار .. ومتى سنتخلص من فوبيا الاعتقاد
بأن الاستماع للآخر إنما هو ضعف وعدم مقدرة ، ومتى سنتعلم عدم تهميش الرأي الآخر
مهما اختلفنا معه بوجهات النظر ..
حديث له في القلب شجون لكثرة ما يثار في كافة الساحات و لكن النتائج دائماً تأخذ القيمة
[ 0 ] من بين جميع القيم و المحصلات .:za3lan: