نمر ابوغوش
20-06-2008, 09:32
بسم الله الرحمن الرحيم
ونحن نتصفح اوراق التاريخ وننفض الغبار عن صفحاته الموغلة في القدم لنيعد قرائته من جديد او تحينه ليتعايش مع واقعنا المليئ بالحروب وجنون الإمبراطورية وفلول اليائسين. يتبادر إلى أدهاننا القلقة دوما سؤال مفيد ترى ما الدي يجمع بين الاسكندر المقدوني الملقب بالاكبر ودابليو بوش الملقب في زماننا بالصغير هل هو الإيمان المتجدد بغريزة السيطرة الامتناهية على العالم ام مجرد حلم تحقيق العظمة والمجد الدي يراود رجال السياسة في لحظات الجنون العائم بالقوة حتما لا شيء يجمع بينهما فالاول وحد الشرق والغرب وبنا الحضارة وأطاح بالاستبداد الفارسي أما الثاني فقد فتح بغداد لجحافل متمرنة على النهب و دمر مدنا بكاملها وجاء بأسوأ الحكومات فسادا على دبابات الغزو وكدب كثيرا على أنبل شعب يحب السلام .
تبتدئ الحكاية مع القرن التالت قبل الميلاد في دلك الزمن الموغل في القدم حيت ظلت الحضارة اليونانية تنظر الى الامبراطورية الفارسية المترامية الاطراف كقاهرة لحرية اليونان ومكبلة لانعتاق العقلانية المشعة في محاورات فلاسفتها الكبار. ومع زينون ستنتهي فلسفيا دولة المدينة التي مجدها ارسطو لتحل محلها الدولة الشاسعة بمفهومها الامبراطوري المنسجم مع الحكومة العالمية الكفيلة بقيادة جماعية تحكم هدا العالم اللامتجانس.... هكذا ابتدأ الحلم ليصبح واقعا مع فتوحات فيالق الاسكندر المقدوني للامبراطورية الفارسية التي تداعت مدنها الزاهرة ككومة من ورق امام السيد الجديد .
وحسب المؤرخين فقد جسدت فتوحات الاسكندر الاكبر صداما حظاريا بين الشرق الساحر بتقاليده والمتجسد في سلطة ملك الملوك القاهر والمستبد وبين الحظارة الغربية المجسدة في العقل اليوناني دلك العالم الممجد للحرية بتعاليمه المتمسكة بالتورة على الطغيان . وبعد 13 سنة من المعارك الطاحنة والانتصارات المتتالية استطاع الاسكندر الاكبر ان يوحد الشرق والغرب تحت امبراطورية واحدة امتدت بشساعتها من قندهار الى فلسطين سوريا لبنان بابل بلاد فارس مصر صحراء ليبيا الهند الى اطراف المحيط الهادي وان ينسف عقدة عربة الكورديون الاسطورية . لقد تحقق الحلم الامبراطوري للاسكندر وبسط قوانينه على مساحة يقدرها المؤرخون بحوالي 25000 كم مربع بل مع فتوحاته دخل العالم القديم عصرا جديدا سمي بالعصر الهيليني الدي اشعت في ارجاء مدنه الحظارة والعلوم وكل انواع المعارف والفنون وامتزجت في اضوائه القزحية عقلانية ارسطو مع علم الفلك المشرقي وتصوف الديانات المشرقية لقد كان عصر الاسكندر المقدوني عصر انوار للعالم القديم بامتياز .
لقد جرى تلاقح حضاري إبداعي، على مدى عصور متواصلة، في مناخ أسطوري شرقي خلل عملية تاريخية مركبة العلائق وعلى أرضية تناص حضاري يسعى أطرافه إلى إجلاء غوامض الوجود المشترك. فمن جلجامش الشرقي القديم عبر أبو الهول الفرعوني إلى فينيكس الإغريقي، هو نفسه سؤال سر الوجود..؟!.
لقد افسدت تلقائية التلاقح الحضاري بظهور حضارات الإمبراطوريات الاستعمارية الإقصائية المتمركزة على ذاتها الحضارية مُعظِّمة ثقافتها وعرقها. فقامت حول سؤال الوجود الإنساني المشترك مزايدات ومناقصات تُصادر حقوق طرحه والإجابة عنه، على نحو إسقاطي تعسفي، يرى من خلاله، كل طرف، أنه، وحده، هو من يملك الإجابة الصائبة، كما هو الحال في تاريخ الصراع الوجودي الدموي بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي، حيث تكوّن تاريخ من الالتباسات تجذرت في بنية قراءة كل طرف للآخر.
...وكان الشرق، غالبا، الطرف الآخر الغريب العجائبي... والساحر الذي سحر، عن بعد، الإسكندر الأكبر الذي غزا الشرق كيْ يبدأ منه، أنه أول وربما آخر غازٍ شاعر، هذا المقدوني البلقاني، سليل "أجلاف" أوروبا، الذي قرّب أرسطو إلى مجلسه وذهنه كي يستعين بمنطقه البارد في تعقّل سحر الشرق واتّقاء ندّاهاته السحرية. إنه الغازي الحاج إلى مسقط سحر الحضارات الأسطورية ما قبل أيديولوجية ـ ما قبل الامبريالية...!
لم يكن الإسكندر غازيا بالمعنى الإمبريالي الصرف، كان عاشقا للشرق مُعظّما لحضارته، رغم آراء معلمه أرسطو في تبخيس شعوب الشرق باعتبارها أدنى مستوى ً من الإغريق...وبمعنى آخر هو غاز لروح الشرق باحثا عن أصله وفصله الأسطوري، لذا رفض أن يُنسب وجوده إلى والده البيولوجي(فيليب)، وقام بالحج إلى معبد الإله الليبي آمون ذو القرنين (= رع عند المصريين وزيوس عند اليونان) المُقام في واحة "سيوة" الليبية، الواقعة اليوم ضمن السيادة المصرية. وهناك أعلن في محرابه بنوته لإلهه رع. وهو ما يفسّر تصوير الإسكندر على العملة على أنه آمون ذو القرنين..وقد دُفن، حسب روايات كثيرة غير مؤكدة في معبد آمون في واحة "سيوة".
كان الإسكندر ممسوسا بسحر الشرق ومعارفه التي تسرّبت إلى المخيال الإغريقي وتفكيره الفلسفي عبر الشعراء ـ الفلاسفة الأوائل: طاليس وانكماندرس وهيراقليطس وديموقراسطيس وبروناغوارس وغيرهم كثر. وهم الذين لم يبق من أعمالهم، اليوم، سوى شذرات فلسفة شعرية لكنها تشي بغنى معرفي تأسيسي مهد لانبثاق العصر الذهبي لأثينا الكبرى، التي غدت مع النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد "مقر القيادة العامة للحكمة اليونانية" على حد وصف أفلاطون الثاقب. لكن غالبية أعضاء "القيادة العامة" هذه كانوا فلاسفة غير أثينيين
لم ينهب الاسكندرفي مسيرته العسكرية مدنا ولم يحرق مدائن او معابد ولم يمجد القوة وجنونها الامتناهي لم يكن متعصبا عندما احترم كل ديانات العالم القديم وتقاليد شعوبها ولم يكن منتقما عندما اقسم ان ينتقم من قاتلي غريمه وعدوه اللدود داريوس كان عادلا عندما قرراعدام تلاتة من خيرة جنوده لانهم اعتدو على الشرف العسكري باغتصابهم لامرأة لا قوة لها .
حياة الاسكندر تعتبر العامل الحاسم في نقطة ارتكاز التاريخ الانساني..
يعتبر الاسكندر في المنتصف الهندسي للتطور الانساني، والحياة الانسانية بعده تختلف اختلافا بينا عن الحياة قبله، فكأنه يقع في منتصف رحلة الانسانية (كما أن نشاطه يقع في قلب العالم كما تخيله) اذا نظرنا الي خريطة العالم، فإننا نتبين للوهلة الأولي المسافات الشاسعة التي اخترقها بجيشه (كما فعل من قبله قورش العظيم ودارا العظيم) ثم نتبين الهدف الي أخذ نفسه بتحقيقه ومقدار من تحقق من هذا الهدف.
لم يكن هدفه تحقيق الفتوحات فحسب، بل كان من أهدافه استكشاف المناطق ثم استعمارها والاستقرار فيها، وحقق هذه الأهداف وتشابك الغزو العسكري مع السياسة السليمة والفن والتجارة والتقدم التقني والعلمي، وفي هذا الشأن فاق الاسكندر كل من سبقوه، فاقهم بالاستفادة الكاملة مما تركوه له،
لقد امن هدا الفاتح العظيم بكل بساطة بحكمة مفادها ان الراس هو وحده من يقود وليس القدمين . لدلك ظل الاسكندر متالا طالما شكل بمتاليته ونجاحاته الباهرة عقدة لكبار الأباطرة و العسكريين على السواء والقادة السياسيين الدين تربعوا على اكبر النظم السياسية واقواها و الدين حاولوا جاهدين تقليده عبر كل الازمنة لكنهم فشلوا حتى وان حرصوا على الزحف بدقة فوق خطواته .
ولا شك ان دابليو بوش في مسعاه لانشاء الشرق الاوسط الجديد قد تامل مرايا التاريخ لعله يتامل ملامح وملاحم الاسكندر المقدوني لكن قلده بكتير من الفشل ان لم يكن بشكل فظيع. فبعد الاحدات الارهابية للحادي عشر من سبتمبر وفي خضم الاحزان التي عصفت بالامة الامريكية جراء الفاجعة راى الصقور ومعهم بوش الصغير ان ساعة تحقيق الحلم الامبراطوري قد دقت اكتر من اى وقت مضى ورغم ان طائرات الكوموندو الانتحاري التي احرقت برجي التجارة العالمي لم تقلع من بغداد او قندهار او اية دولة اجنبية كان بحسبهم لزاما غزو افغانستان والعراق واعادة عقارب الساعة الى ما بعد معاهدة وستفاليا التي حظرت اللجوء الى القوة لقلب الانظمة هكذا أطلقت وسائل الإعلام في اكبر دولة ديموقراطية خطة غزو الادمغة وتظليل الراي العام الامريكي في اسلوب شبيه بوسائل الدعاية على عهد المانيا النازية واشتغلت وسائل الاعلام 24 ساعة /24 ساعة كوسيلة للدعاية العسكرية المغرضة بالكدب وكلها تغرد على منوال واحد في الكدب صدام حسين يمتلك اسلحة دمار شامل ومختبرات لاسلحة بيولوجية خطيرة قادرة على الاختفاء في ظرف 28 ساعة ان لم نتدخل صدام حسين متعاون مع القاعدة وبن لادن .
دقت طبول الحرب وتابع العالم القاء عشرات الاطنان من القنابل على رؤوس الابرياء في قندهار كما بغداد لشهور من القصف وفيما كان العالم يستفيق كل صباح على همجية الحرب المقنعة بالكدب وعلى فظاعات القصف المكتف استمرت وسائل الدعاية في الكدب وفي رصد ماسمي بهتانا بالحرب النقية والاخطاء العسكرية التي تصيب المدنيين من غير تكليف . تداعى تمثال صدام وقيل وداعا لرئيس تنكر له كل العرب ونسوا الزغاريد التي أطلقتها نسائهم وهو يضرب تلابيب بالسكود كما نسوا كيف كان يجود عليهم بالنفط أيام عز العراق حتى مثقفين ملئوا بطونهم من خيرات العراق ايام كانوا يضحكون علينا بحبات العربرين تنكروا له وهنا ادكر قولة الشاعر محمود درويش وإخوتي يطهون الطعام لجيوش هولاكو .
تنكروا وزعموا انه أسوء ديكتاتور عرفه العالم المعاصر ولم يشرق غد للديمقراطية الموعودة فسرعان ما استفاق العالم على صور التعذيب بسجن أبو غريب وتبين للعالم أن الفيالق التي بشرت بالحرية ليست أحسن حالا من همجية جحافل مغول هولاكو وطريقتهم في اغتصاب الفحولة والتعذيب بشتى ألوانه.
ولم تمضي الشهور حتى فاحت رائحة الفساد من حكومة الاحتلال وتفشى أباطرة التهريب ولصوص بغداد الجدد . أما بوش الصغير فقد أنهى خطابا جديدا قال فيه من جديد بان الحرب لم تنتهي في العراق ولا خطة لسحب القوات إلى أن تحصل المعجزة
.................................
اخوكم نمر ابوغوش
تحية شمرية طائية
القدس
ونحن نتصفح اوراق التاريخ وننفض الغبار عن صفحاته الموغلة في القدم لنيعد قرائته من جديد او تحينه ليتعايش مع واقعنا المليئ بالحروب وجنون الإمبراطورية وفلول اليائسين. يتبادر إلى أدهاننا القلقة دوما سؤال مفيد ترى ما الدي يجمع بين الاسكندر المقدوني الملقب بالاكبر ودابليو بوش الملقب في زماننا بالصغير هل هو الإيمان المتجدد بغريزة السيطرة الامتناهية على العالم ام مجرد حلم تحقيق العظمة والمجد الدي يراود رجال السياسة في لحظات الجنون العائم بالقوة حتما لا شيء يجمع بينهما فالاول وحد الشرق والغرب وبنا الحضارة وأطاح بالاستبداد الفارسي أما الثاني فقد فتح بغداد لجحافل متمرنة على النهب و دمر مدنا بكاملها وجاء بأسوأ الحكومات فسادا على دبابات الغزو وكدب كثيرا على أنبل شعب يحب السلام .
تبتدئ الحكاية مع القرن التالت قبل الميلاد في دلك الزمن الموغل في القدم حيت ظلت الحضارة اليونانية تنظر الى الامبراطورية الفارسية المترامية الاطراف كقاهرة لحرية اليونان ومكبلة لانعتاق العقلانية المشعة في محاورات فلاسفتها الكبار. ومع زينون ستنتهي فلسفيا دولة المدينة التي مجدها ارسطو لتحل محلها الدولة الشاسعة بمفهومها الامبراطوري المنسجم مع الحكومة العالمية الكفيلة بقيادة جماعية تحكم هدا العالم اللامتجانس.... هكذا ابتدأ الحلم ليصبح واقعا مع فتوحات فيالق الاسكندر المقدوني للامبراطورية الفارسية التي تداعت مدنها الزاهرة ككومة من ورق امام السيد الجديد .
وحسب المؤرخين فقد جسدت فتوحات الاسكندر الاكبر صداما حظاريا بين الشرق الساحر بتقاليده والمتجسد في سلطة ملك الملوك القاهر والمستبد وبين الحظارة الغربية المجسدة في العقل اليوناني دلك العالم الممجد للحرية بتعاليمه المتمسكة بالتورة على الطغيان . وبعد 13 سنة من المعارك الطاحنة والانتصارات المتتالية استطاع الاسكندر الاكبر ان يوحد الشرق والغرب تحت امبراطورية واحدة امتدت بشساعتها من قندهار الى فلسطين سوريا لبنان بابل بلاد فارس مصر صحراء ليبيا الهند الى اطراف المحيط الهادي وان ينسف عقدة عربة الكورديون الاسطورية . لقد تحقق الحلم الامبراطوري للاسكندر وبسط قوانينه على مساحة يقدرها المؤرخون بحوالي 25000 كم مربع بل مع فتوحاته دخل العالم القديم عصرا جديدا سمي بالعصر الهيليني الدي اشعت في ارجاء مدنه الحظارة والعلوم وكل انواع المعارف والفنون وامتزجت في اضوائه القزحية عقلانية ارسطو مع علم الفلك المشرقي وتصوف الديانات المشرقية لقد كان عصر الاسكندر المقدوني عصر انوار للعالم القديم بامتياز .
لقد جرى تلاقح حضاري إبداعي، على مدى عصور متواصلة، في مناخ أسطوري شرقي خلل عملية تاريخية مركبة العلائق وعلى أرضية تناص حضاري يسعى أطرافه إلى إجلاء غوامض الوجود المشترك. فمن جلجامش الشرقي القديم عبر أبو الهول الفرعوني إلى فينيكس الإغريقي، هو نفسه سؤال سر الوجود..؟!.
لقد افسدت تلقائية التلاقح الحضاري بظهور حضارات الإمبراطوريات الاستعمارية الإقصائية المتمركزة على ذاتها الحضارية مُعظِّمة ثقافتها وعرقها. فقامت حول سؤال الوجود الإنساني المشترك مزايدات ومناقصات تُصادر حقوق طرحه والإجابة عنه، على نحو إسقاطي تعسفي، يرى من خلاله، كل طرف، أنه، وحده، هو من يملك الإجابة الصائبة، كما هو الحال في تاريخ الصراع الوجودي الدموي بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي، حيث تكوّن تاريخ من الالتباسات تجذرت في بنية قراءة كل طرف للآخر.
...وكان الشرق، غالبا، الطرف الآخر الغريب العجائبي... والساحر الذي سحر، عن بعد، الإسكندر الأكبر الذي غزا الشرق كيْ يبدأ منه، أنه أول وربما آخر غازٍ شاعر، هذا المقدوني البلقاني، سليل "أجلاف" أوروبا، الذي قرّب أرسطو إلى مجلسه وذهنه كي يستعين بمنطقه البارد في تعقّل سحر الشرق واتّقاء ندّاهاته السحرية. إنه الغازي الحاج إلى مسقط سحر الحضارات الأسطورية ما قبل أيديولوجية ـ ما قبل الامبريالية...!
لم يكن الإسكندر غازيا بالمعنى الإمبريالي الصرف، كان عاشقا للشرق مُعظّما لحضارته، رغم آراء معلمه أرسطو في تبخيس شعوب الشرق باعتبارها أدنى مستوى ً من الإغريق...وبمعنى آخر هو غاز لروح الشرق باحثا عن أصله وفصله الأسطوري، لذا رفض أن يُنسب وجوده إلى والده البيولوجي(فيليب)، وقام بالحج إلى معبد الإله الليبي آمون ذو القرنين (= رع عند المصريين وزيوس عند اليونان) المُقام في واحة "سيوة" الليبية، الواقعة اليوم ضمن السيادة المصرية. وهناك أعلن في محرابه بنوته لإلهه رع. وهو ما يفسّر تصوير الإسكندر على العملة على أنه آمون ذو القرنين..وقد دُفن، حسب روايات كثيرة غير مؤكدة في معبد آمون في واحة "سيوة".
كان الإسكندر ممسوسا بسحر الشرق ومعارفه التي تسرّبت إلى المخيال الإغريقي وتفكيره الفلسفي عبر الشعراء ـ الفلاسفة الأوائل: طاليس وانكماندرس وهيراقليطس وديموقراسطيس وبروناغوارس وغيرهم كثر. وهم الذين لم يبق من أعمالهم، اليوم، سوى شذرات فلسفة شعرية لكنها تشي بغنى معرفي تأسيسي مهد لانبثاق العصر الذهبي لأثينا الكبرى، التي غدت مع النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد "مقر القيادة العامة للحكمة اليونانية" على حد وصف أفلاطون الثاقب. لكن غالبية أعضاء "القيادة العامة" هذه كانوا فلاسفة غير أثينيين
لم ينهب الاسكندرفي مسيرته العسكرية مدنا ولم يحرق مدائن او معابد ولم يمجد القوة وجنونها الامتناهي لم يكن متعصبا عندما احترم كل ديانات العالم القديم وتقاليد شعوبها ولم يكن منتقما عندما اقسم ان ينتقم من قاتلي غريمه وعدوه اللدود داريوس كان عادلا عندما قرراعدام تلاتة من خيرة جنوده لانهم اعتدو على الشرف العسكري باغتصابهم لامرأة لا قوة لها .
حياة الاسكندر تعتبر العامل الحاسم في نقطة ارتكاز التاريخ الانساني..
يعتبر الاسكندر في المنتصف الهندسي للتطور الانساني، والحياة الانسانية بعده تختلف اختلافا بينا عن الحياة قبله، فكأنه يقع في منتصف رحلة الانسانية (كما أن نشاطه يقع في قلب العالم كما تخيله) اذا نظرنا الي خريطة العالم، فإننا نتبين للوهلة الأولي المسافات الشاسعة التي اخترقها بجيشه (كما فعل من قبله قورش العظيم ودارا العظيم) ثم نتبين الهدف الي أخذ نفسه بتحقيقه ومقدار من تحقق من هذا الهدف.
لم يكن هدفه تحقيق الفتوحات فحسب، بل كان من أهدافه استكشاف المناطق ثم استعمارها والاستقرار فيها، وحقق هذه الأهداف وتشابك الغزو العسكري مع السياسة السليمة والفن والتجارة والتقدم التقني والعلمي، وفي هذا الشأن فاق الاسكندر كل من سبقوه، فاقهم بالاستفادة الكاملة مما تركوه له،
لقد امن هدا الفاتح العظيم بكل بساطة بحكمة مفادها ان الراس هو وحده من يقود وليس القدمين . لدلك ظل الاسكندر متالا طالما شكل بمتاليته ونجاحاته الباهرة عقدة لكبار الأباطرة و العسكريين على السواء والقادة السياسيين الدين تربعوا على اكبر النظم السياسية واقواها و الدين حاولوا جاهدين تقليده عبر كل الازمنة لكنهم فشلوا حتى وان حرصوا على الزحف بدقة فوق خطواته .
ولا شك ان دابليو بوش في مسعاه لانشاء الشرق الاوسط الجديد قد تامل مرايا التاريخ لعله يتامل ملامح وملاحم الاسكندر المقدوني لكن قلده بكتير من الفشل ان لم يكن بشكل فظيع. فبعد الاحدات الارهابية للحادي عشر من سبتمبر وفي خضم الاحزان التي عصفت بالامة الامريكية جراء الفاجعة راى الصقور ومعهم بوش الصغير ان ساعة تحقيق الحلم الامبراطوري قد دقت اكتر من اى وقت مضى ورغم ان طائرات الكوموندو الانتحاري التي احرقت برجي التجارة العالمي لم تقلع من بغداد او قندهار او اية دولة اجنبية كان بحسبهم لزاما غزو افغانستان والعراق واعادة عقارب الساعة الى ما بعد معاهدة وستفاليا التي حظرت اللجوء الى القوة لقلب الانظمة هكذا أطلقت وسائل الإعلام في اكبر دولة ديموقراطية خطة غزو الادمغة وتظليل الراي العام الامريكي في اسلوب شبيه بوسائل الدعاية على عهد المانيا النازية واشتغلت وسائل الاعلام 24 ساعة /24 ساعة كوسيلة للدعاية العسكرية المغرضة بالكدب وكلها تغرد على منوال واحد في الكدب صدام حسين يمتلك اسلحة دمار شامل ومختبرات لاسلحة بيولوجية خطيرة قادرة على الاختفاء في ظرف 28 ساعة ان لم نتدخل صدام حسين متعاون مع القاعدة وبن لادن .
دقت طبول الحرب وتابع العالم القاء عشرات الاطنان من القنابل على رؤوس الابرياء في قندهار كما بغداد لشهور من القصف وفيما كان العالم يستفيق كل صباح على همجية الحرب المقنعة بالكدب وعلى فظاعات القصف المكتف استمرت وسائل الدعاية في الكدب وفي رصد ماسمي بهتانا بالحرب النقية والاخطاء العسكرية التي تصيب المدنيين من غير تكليف . تداعى تمثال صدام وقيل وداعا لرئيس تنكر له كل العرب ونسوا الزغاريد التي أطلقتها نسائهم وهو يضرب تلابيب بالسكود كما نسوا كيف كان يجود عليهم بالنفط أيام عز العراق حتى مثقفين ملئوا بطونهم من خيرات العراق ايام كانوا يضحكون علينا بحبات العربرين تنكروا له وهنا ادكر قولة الشاعر محمود درويش وإخوتي يطهون الطعام لجيوش هولاكو .
تنكروا وزعموا انه أسوء ديكتاتور عرفه العالم المعاصر ولم يشرق غد للديمقراطية الموعودة فسرعان ما استفاق العالم على صور التعذيب بسجن أبو غريب وتبين للعالم أن الفيالق التي بشرت بالحرية ليست أحسن حالا من همجية جحافل مغول هولاكو وطريقتهم في اغتصاب الفحولة والتعذيب بشتى ألوانه.
ولم تمضي الشهور حتى فاحت رائحة الفساد من حكومة الاحتلال وتفشى أباطرة التهريب ولصوص بغداد الجدد . أما بوش الصغير فقد أنهى خطابا جديدا قال فيه من جديد بان الحرب لم تنتهي في العراق ولا خطة لسحب القوات إلى أن تحصل المعجزة
.................................
اخوكم نمر ابوغوش
تحية شمرية طائية
القدس