النص الغائب !!

[شام]

عَوامِل نُشوءِ النصوصِ كثيرةٌ و مُتعَددةٌ لا يمكِنُ حصرهَا في حيزٍ أدَبي أو عِلمي أو طِبي أو سيَاسَي
إن استِلهَامَ روحِ النصِ يَحتَاجُ لحضورٍ فِكري تَام و تناثرٌ ك الودَق بينَ مفردَاتِ الضَادِ
لاختيارِ التعبيرِ المُلائمِ لروحِ النصِ .

هناكَ نصوص حاضرةٌ في رسغ اليراع وعنق المحبرة.... ولكن قد يغيب عن الكاتب أفق التناثر
فتصبح الأفكار ك أشباحَ الطيف أمام الرؤى التي تولجُ في الضبابية إلى حدود عدم الانبثاق
على الأوراق ف يشعر ب تصحرٍ مؤبجدٍ وأن النص في حالة غيبوبة تامةٍ عن الشعور.

النصُ قد يغيبُ لعدةِ أسباب حينَ تتراكمُ الصور بطريقة غير منظمة ، وحين يتخذ الكاتب
من أطياف آدمية أبطال لنصهِ أبطالٌ يساعدون على فضِ روحِ النص و اغتصابِ جسدِ الضادِ
فالنصُ يحتاجُ لمرونة و ثقوب ضوء أبيضٍ متراميةٍ على حوافهِ وضفافهِ.
وقد يغيبُ النصُ عن الكاتبِ إن كانَ ذو مدادٍ هلامي لا يستطيع ممارسةَ النزف على مساحاتِ
البياضِ كافة أو جزءاً منها فينقلب النصُ لعدوٍ لدود للكاتب فيسارعُ الى شطبهِ و تمزيقِ وريقاتهِ

ويغيبُ النصُ عن الكاتب عِندما لا يُكلفُ الكاتبَ نفسهُ عناءَ البحثِ عن المفرداتِ فَيَتَصَوُمَعُ مَعَ
مفرداتهِ القَديمَة يتَثَاءَبُ مَعَها و يَنامُ بِهجُوعِها في ليلٍ سَرمَدي طَويلٍ، ف المُفرَدَةُ لن تَبحثَ عنِ
الكاتبِ ولن تَدنو مِنهُ بشوقِ المُسافرِ إلى حنينِ الوطنِ ودفءِ أحضانِ الأمِ ... .

وقد يغيبُ النصُ في حالات التذمرِ من أوضاعَ قائمةٍ أو بائدةٍ ف المفرداتُ تحتاجُ دائماً لممارسة
الشهيقِ و الزفيرِ على تلالِ ورابياتِ لا تعرف جلجلةَ السقوطِ ودويَ الهبوطِ في مطباتٍ غير
متوقعةٍ ل انكماشٍ او انفكاءٍ .

ويغيب النصُ عندما تكثرُ الذنوبِ وتتعدد المعاصي و يصبحُ القلمُ مجردَ وسيلة لطعنِ الكبرياءِ
ف تغيبُ المفردات النورانية فلا سبيلَ إلى اغتسالٍ من الآثامِ أو تطهرٍ من الخطايا.
وتهربُ المفرداتُ ويغيبُ النصُ عندما تُرمَقُ الأبجديةُ بأهداب الصَلصَاليينِ فيحاولونَ اغتيالَ
الروحِ ونثرَ الأغبرةِ على زوايا النصِ وحشرهِ في خانةِ العدمِ .

ويغيبُ النصُ أخيراً إن زرعَ في أرضٍ قاحلةٍ و مناخٍ متصحرٍ لا ماءَ فيهِ.. فيتموتُ البرعمُ
و يجف الفننِ و تتأكلُ الجذورِ بفعلِ الجفافِ و الصخورِ و الجمادِ وعندما تشطبُ الحروفِ
من سطورها.... عندهَا تصبحُ السطورُ خَاويَةٌ و الفِكرُ عَاقِرٌ و الوِلادَةُ قَيصَريَةٌ..!!






‏