شام
28-10-2007, 22:41
في البداية إنها الصدمة الأولى غير المتوقعة وغير القابلة للإكتشاف والتشخيص الطبي المسبق. فالحرمان من البصر يمكن أن تعود أسبابه إلى العديد من الحالات المولودة مثل، عدم تكوّن العينين أو تفكك الشبكية أو ضمور خلايا الشبكية على اختلاف أنواعها ووظائفها أو ضمور عصب البصر وكذلك حالات عديدة أخرى لا يمكن رؤيتها أو اكتشافها بواسطة فحوصات طبية عادية أو كشف سلامة الأعضاء لدى الجنين .
بعد الصدمة الأولى تبدأ مرحلة الفحوصات والمراجعات الطبية المتكررة للإطمئنان إلى عدم وجود مشاكل جسدية وعاهات خلـقية وأمراض عضوية لم يتم تشخيصها بعد. في حالة ولادة طفل خديج فمن المحتمل جدا أن يمكث الوليد الخديج في "الحاضنة" من أجل تلقي العناية الطبية والفسيولوجية الضرورية لاكتمال نموه وتطور أجهزته العضوية. في هذه الفترة يتطلب من الأهل جهودا جبارة ومرافقة يومية للخديج في المستشفى وسهر الليالي وتحمـّل الضغوطات النفسية والقلق والتفكير في الواقع الجديد مقابل الأفكار والتوقعات المعاكسة التي كانت في الماضي القريب حلما جميلا وأما اليوم فبات من المؤكد أنه لن يتحقق أبدا.
في الشهور الأولى من حياة الطفـل المكفوف يكتشف الأهل تدريجيا مدى تأخره في اكتساب كافة المهارات الحركية والحسية والإجتماعية والعاطفية ومهارات اللعب والتواصل اللغوي واكتساب المفاهيم الأساسية. هذا، عدا عن الحرمان من التآزر البصري الحركي واكتشاف خاصية الابعاد والمسافات والإرتفاعات والمواقع المحددة لكل شيء والحرمان من إدراك جمال الألوان وماهية الأطياف وعدم القدرة على الربط بين الأحداث من حوله وبين نتيجة حصول تلك الأحداث وتأثيرها على البيئة والجماد والإنسان والمشاعر والأفكار والكلام وعلى أحداث أخرى تالية.
أما في السنوات القليلة المقبلة، ما بين جيل سنتين والأربع سنوات فيستمر التأخر في اكتساب المهارات التطورية على اختلافها، فيتأخر الطفل الكفيف عن المشي والتوازن واكتساب القوة العضلية والمسافات والأبعاد والمواقع. كما ويتأخر عن تعلـّم مهارات الإستقلالية والعناية الذاتية والنظافة الشخصية وكمهارات التواجد في الفراغ والمكان وإدراك مواقع الغرف والساحات والدرج والأبواب والمداخل المختلفة. كما ولا تسنح له الفرص الكافية لاكتساب مهارات اللعب الفردي واللعب الإجتماعي المشترك واللعب التنافسي.
بالإضافة لذلك، تستمر الصعوبات في بناء الروابط اللغوية-الذهنية ما بين المفاهيم وبين الأغراض والأحداث المرتبطة بها فلا يدرك الكفيف حق الإدراك ما يعنيه التعبير: "حجم الفيل كبير جدا ولكنه أقل من حجم ووزن الطائرة وأقصر من ارتفاع ظهر الزرافة". من هنا يمكننا الإستنتاج أن المهارات الذهنية الأساسية كالمقارنة والتصنيف تتأثر سلبا من الفجوة في مهارات الإدراك اللغوي الموضوعي والواقعي.
أما الفترة ما بين جيل أربع إلى سبع سنوات فتتميز بالتحضير لمهارات اكتساب طريقة "بريل" للكتابة بواسطة المطبعة الخاصة والقراءة الحسية بواسطة اللمس بأطراف الأصابع. فيما يلي نموذجا لطريقة "بريل":
وهو يبيّن طريقة كتابة الكلمة "دار" بنقاط بارزة، تُـقرأ من اليسار لليمين بسبب كون ماكنة الطباعة الخاصة معدّة في الأصل لطباعة اللغات الأوروبية الأجنبية.
إن مهارات الطباعة اليدوية ومن ثم التمييز الحسي بأطراف الأصابع لمجموعات النقاط التي تمثل حروف الأبجدية والأرقام والإشارات والرموز، كل هذا يحتاج للكثير من التدريب والتكرار والتعليم والذاكرة السمعية ودقة التمييز الحسي السطحي والتمييز بين الجهات المواقع على الصفحة وغيرها العديد من القدرات التطورية السليمة كالقدرة على الإصغاء بانتباه والتركيز لمدة طويلة والمثابرة والدافعية للتعلـّم والقدرات الحركية الدقيقة وفصل حركات الأصابع بمهارة وسرعة. كما وتعتمد مسألة اكتساب "طريقة بريل" على دور الأهل في تعليم أبنائهم وحل الوظائف اليومية وتنظيم الوقت والفعاليات وبرمجة جدول زمني سليم وناجع للتعليم واللعب والفعاليات الإجتماعية الأخرى ومراجعات للمهارات والعلوم المختلفة والتحضير للإمتحانات بالرغم من عدم معرفة غالبية الأهالي لطريقة "بريل" بأنفسهم حق المعرفة وعدم تمكنهم من طباعتها وقراءتها اليدوية الحسية بشكل ناجع وكاف.
ويعد المرحلة التحضيرية للتعلـّم وبعد إنهاء المرحلة الإبتدائية في مدرسة للمكفوفين والصم تبدأ مرحلة الدمج التعليمي للطلاب المكفوفين في مدراس إعدادية ومن ثم ثانوية عادية مع رفقائهم من الطلاب المبصرين. وهذه الفترة تتميز بالتأقلم المتجدد في بيئة تعليمية واجتماعية جديدة وغير مألوفة وبالمنافسة غير العادلة مع المبصرين وباكنتساب مهارات جديدة في كافة مجالات الحياة ناهيك عن فترة المراهقة المحرجة وضرورة التعامل مع مجتمع جديد لا يتفهم احتياجات هذه الفئة الخاصة من الطلاب. في مدارس الدمج العادية يحصل هؤلاء الطلاب على مساعدة فردية ودعم مهني وتعليمي ومرافقة شخصية من قبل معلمات ومعلمي الدمج المختصين بطريقة "بريل" وبتعليم المكفوفين وتربيتهم. والنتيجة تكون في نهاية الأمر نجاح كاف في التحصيل العلمي والحصول على شهادة إنهاء الثانوية.
الفترة التالية هي واحدة من خيارين: إما الدخول في مرحلة التعليم الجامعي وإما التوجه لمجالات الحياة الأخرى كالعمل المناسب للمكفوفين والتواجد في البيت وفي النوادي الخاصة بالمكفوفين والمشاركة في الجمعيات التي تُعنى بشؤونهم الخاصة. إن أهم ما يمكن قوله في هذه المرحلة من الحياة، أنّ التعليم العالي وخاصة تلك المواضيع التي لا تحتاج للبصر كشرط أساسي مثل المحاماة والإختصاصات النفسية ومجالات الإعلام في الراديو، تعتبر من أهم وسائل نجاح الفرد الكفيف في الحياة ومن أهم العوامل التي تجعله فرداً فعالاً ومؤثراً ومعطاءً ومنتجاً في مجتمعه بدل أن يكون عبئا عليه وسببا للقلق والهموم.
المصدر : bokra
بعد الصدمة الأولى تبدأ مرحلة الفحوصات والمراجعات الطبية المتكررة للإطمئنان إلى عدم وجود مشاكل جسدية وعاهات خلـقية وأمراض عضوية لم يتم تشخيصها بعد. في حالة ولادة طفل خديج فمن المحتمل جدا أن يمكث الوليد الخديج في "الحاضنة" من أجل تلقي العناية الطبية والفسيولوجية الضرورية لاكتمال نموه وتطور أجهزته العضوية. في هذه الفترة يتطلب من الأهل جهودا جبارة ومرافقة يومية للخديج في المستشفى وسهر الليالي وتحمـّل الضغوطات النفسية والقلق والتفكير في الواقع الجديد مقابل الأفكار والتوقعات المعاكسة التي كانت في الماضي القريب حلما جميلا وأما اليوم فبات من المؤكد أنه لن يتحقق أبدا.
في الشهور الأولى من حياة الطفـل المكفوف يكتشف الأهل تدريجيا مدى تأخره في اكتساب كافة المهارات الحركية والحسية والإجتماعية والعاطفية ومهارات اللعب والتواصل اللغوي واكتساب المفاهيم الأساسية. هذا، عدا عن الحرمان من التآزر البصري الحركي واكتشاف خاصية الابعاد والمسافات والإرتفاعات والمواقع المحددة لكل شيء والحرمان من إدراك جمال الألوان وماهية الأطياف وعدم القدرة على الربط بين الأحداث من حوله وبين نتيجة حصول تلك الأحداث وتأثيرها على البيئة والجماد والإنسان والمشاعر والأفكار والكلام وعلى أحداث أخرى تالية.
أما في السنوات القليلة المقبلة، ما بين جيل سنتين والأربع سنوات فيستمر التأخر في اكتساب المهارات التطورية على اختلافها، فيتأخر الطفل الكفيف عن المشي والتوازن واكتساب القوة العضلية والمسافات والأبعاد والمواقع. كما ويتأخر عن تعلـّم مهارات الإستقلالية والعناية الذاتية والنظافة الشخصية وكمهارات التواجد في الفراغ والمكان وإدراك مواقع الغرف والساحات والدرج والأبواب والمداخل المختلفة. كما ولا تسنح له الفرص الكافية لاكتساب مهارات اللعب الفردي واللعب الإجتماعي المشترك واللعب التنافسي.
بالإضافة لذلك، تستمر الصعوبات في بناء الروابط اللغوية-الذهنية ما بين المفاهيم وبين الأغراض والأحداث المرتبطة بها فلا يدرك الكفيف حق الإدراك ما يعنيه التعبير: "حجم الفيل كبير جدا ولكنه أقل من حجم ووزن الطائرة وأقصر من ارتفاع ظهر الزرافة". من هنا يمكننا الإستنتاج أن المهارات الذهنية الأساسية كالمقارنة والتصنيف تتأثر سلبا من الفجوة في مهارات الإدراك اللغوي الموضوعي والواقعي.
أما الفترة ما بين جيل أربع إلى سبع سنوات فتتميز بالتحضير لمهارات اكتساب طريقة "بريل" للكتابة بواسطة المطبعة الخاصة والقراءة الحسية بواسطة اللمس بأطراف الأصابع. فيما يلي نموذجا لطريقة "بريل":
وهو يبيّن طريقة كتابة الكلمة "دار" بنقاط بارزة، تُـقرأ من اليسار لليمين بسبب كون ماكنة الطباعة الخاصة معدّة في الأصل لطباعة اللغات الأوروبية الأجنبية.
إن مهارات الطباعة اليدوية ومن ثم التمييز الحسي بأطراف الأصابع لمجموعات النقاط التي تمثل حروف الأبجدية والأرقام والإشارات والرموز، كل هذا يحتاج للكثير من التدريب والتكرار والتعليم والذاكرة السمعية ودقة التمييز الحسي السطحي والتمييز بين الجهات المواقع على الصفحة وغيرها العديد من القدرات التطورية السليمة كالقدرة على الإصغاء بانتباه والتركيز لمدة طويلة والمثابرة والدافعية للتعلـّم والقدرات الحركية الدقيقة وفصل حركات الأصابع بمهارة وسرعة. كما وتعتمد مسألة اكتساب "طريقة بريل" على دور الأهل في تعليم أبنائهم وحل الوظائف اليومية وتنظيم الوقت والفعاليات وبرمجة جدول زمني سليم وناجع للتعليم واللعب والفعاليات الإجتماعية الأخرى ومراجعات للمهارات والعلوم المختلفة والتحضير للإمتحانات بالرغم من عدم معرفة غالبية الأهالي لطريقة "بريل" بأنفسهم حق المعرفة وعدم تمكنهم من طباعتها وقراءتها اليدوية الحسية بشكل ناجع وكاف.
ويعد المرحلة التحضيرية للتعلـّم وبعد إنهاء المرحلة الإبتدائية في مدرسة للمكفوفين والصم تبدأ مرحلة الدمج التعليمي للطلاب المكفوفين في مدراس إعدادية ومن ثم ثانوية عادية مع رفقائهم من الطلاب المبصرين. وهذه الفترة تتميز بالتأقلم المتجدد في بيئة تعليمية واجتماعية جديدة وغير مألوفة وبالمنافسة غير العادلة مع المبصرين وباكنتساب مهارات جديدة في كافة مجالات الحياة ناهيك عن فترة المراهقة المحرجة وضرورة التعامل مع مجتمع جديد لا يتفهم احتياجات هذه الفئة الخاصة من الطلاب. في مدارس الدمج العادية يحصل هؤلاء الطلاب على مساعدة فردية ودعم مهني وتعليمي ومرافقة شخصية من قبل معلمات ومعلمي الدمج المختصين بطريقة "بريل" وبتعليم المكفوفين وتربيتهم. والنتيجة تكون في نهاية الأمر نجاح كاف في التحصيل العلمي والحصول على شهادة إنهاء الثانوية.
الفترة التالية هي واحدة من خيارين: إما الدخول في مرحلة التعليم الجامعي وإما التوجه لمجالات الحياة الأخرى كالعمل المناسب للمكفوفين والتواجد في البيت وفي النوادي الخاصة بالمكفوفين والمشاركة في الجمعيات التي تُعنى بشؤونهم الخاصة. إن أهم ما يمكن قوله في هذه المرحلة من الحياة، أنّ التعليم العالي وخاصة تلك المواضيع التي لا تحتاج للبصر كشرط أساسي مثل المحاماة والإختصاصات النفسية ومجالات الإعلام في الراديو، تعتبر من أهم وسائل نجاح الفرد الكفيف في الحياة ومن أهم العوامل التي تجعله فرداً فعالاً ومؤثراً ومعطاءً ومنتجاً في مجتمعه بدل أن يكون عبئا عليه وسببا للقلق والهموم.
المصدر : bokra