المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رؤية ونظرة لمواطن من نيودلهي ..



محمد العربي
14-09-2007, 02:12
شاندري .. رجل ساقته قدماه إلى أرض قاحلة وفي يومٍ مشمس وشديد الحرارة , لقد كان هارباً من قومٍ أرادوا قتله . ذلك حينما أظهرت سرديفي حبها له , ثم أتته الجرأة في أن يقع بجرم مبادلتها الشعور نفسه .

سرديفي تنحدر من عائلةٍ غنية وهو ينحدر من عائلة فقيرة تعمل لدى عائلة سرديفي . لقد كان الرجل مصاباً بطلقةٍ نارية في كتفه وقد كان ينزف بشدة .. لم يكن وهو في تلك الفلاة والمكان القفر الخالي ليهتدي لطريقٍ معين , لقد كان كل ما يرجوه هو النجاة مِن من لحقوا به . الآن قد وصل به الأمر إلى أشد حالات البؤس والشقاء . لا ماء ولا طعام , غير آلام الجسد وآلام الروح .

وهو في تلك الحال من السير المنهك .. بل الآن قد وقع على ركبتيه من شدة التعب , تذكر في هذه اللحظة حبيبته سرديفي وتذكر تلك الأوقات والنظرات التي كانت تلتقي خفيةً , وخيفةً من أهلها .. ثم وقف متثاقلاً .. ثم رفع وجهه إلى السماء .. ثم يمم صوب سكناها .. ثم تفكر .. ثم بدأ بالغناء وهو أمرٌ لا بد منه .

وفي هذه اللحظة من الغناء المُفعم بالحزن والأسى , ومن صوتٍ أجش ومتقطع .. يخرج فريقٌ مؤلف من عشرة رجال وعشر نساء يتراقصون ويرددون مع شاندري غناءه في لحظة تكاتف ومشاطرة .

عجباً .. أين كانوا وهو مشرفٌ على الموت ؟

عموماً .. كانت هذه لقطة سريعة من فلم هندي مدته ثلاثة ساعات والذي صوِّر خلال ثلاثة أيام.

هذا الشاندري هو نفسه الذي مثل دور ضابط الشرطة النبيل والذي لا تأخذه العاطفة . ففي فلمٍ آخر ها هو يلاحق مجرماً قد أضر بالتجار الذين ظلموا العامة وسلبوا منهم أموالهم , إذ كان يسرق مخزونهم ليقوم بإنفاقه على العامة الفقراء .. ها هو يتتبعه الآن مِن شارعٍ لآخر .. لقد تمكن من إصابته إصابةً مميتة .. لكن المجرم يواصل الهرب .. إلى أن يقف امام معبدٍ هندوسي تكون فيه امرأة تتعبد لصنمٍ لا يغني ولا يُفقر . حيث رأت ذلك الضابط وقد أمسك بهذا المجرم المصاب , لقد كان ممسكاً به من ملابسه بقوة حتى انقطع قميصه وانكشف صدره ...

لقد كان ذلك المجرم إبناً لها .. وتذكرت يوم انها قد اضطرت لبيعه يوم أن كان طفلاً لتعالج بثمنه ابنها الآخر الذي هو اصغر منه , لقد كان يحمل علامةً على كتفه هي نفسها موجودةٌ على كتف ابنها الضابط ..

في الحقيقة لقد مثل شاندري هذه القصة وفي دور الضابط في ستة أفلام .. الضابط نفسه والمعبد نفسه والأُم نفسها والعلامة هي نفسها وفي الموقع نفسه .

شاندري وفي مقابلةٍ تلفزيونيةٍ معه . سألته المذيعة عن السر في كونه قد امتلك قلوب الجماهير مع أنه مازال مبتدأً بالتمثيل إذ لديه خمسة وتسعين فلماً فقط .




إن قضيتنا طويلة بطول الأفلام الهندية ومتكررة كالأفلام الهندية وهي أيضاً واضحة وتعبر عن نفسها من أول مشهد كما في الأفلام الهندية ..

قضيتنا هي نفسها لم تتغير وكذلك القائمين عليها لم يتغيروا .. فهي موروثٌ ورثناه , من أجيالٍ بائدة لأجيالٍ ضائعة , المسؤولون هم .. هم .. لم يتغيروا , في وطنٍ هو .. هو .. لم يتغير تغيراً تقدمياً حضارياً ؟

كم في الوطن من أُناسٍ نراهم يعانون ويكابدون والمسؤولون من حولهم يترقبون ويراقبون , بل وجعلوا من معاناتهم وآلامهم ما يكون فيه ترفيهاً وتنفيساً لهم ؟

كم هناك من رجلٍ موجوع ومصاب قد وقع على ركبتيه هماً وبؤساً ولا تجد من يأخذ بيده ولا هناك من مُعين له , مع أنه في مجتمعه وبين أفراد هذا المجتمع ؟

كم في الوطن من رجل قد أصبح مجرماً غصباً وجبراً .. وكم فيه من مسؤولٍ يُمسى مجرماً طمعاً وزيادةً في الترف .

كم في الوطن من كسيرٍ جل ما فعله أنه نظر لأعلى من مستواه وإن كان يقف على برميل زيتٍ متهالك و .. فارغ ؟


بعد إذنك شاندري .. لأُعرف بالمواطن .. فالمواطن هو ذلك الآدمي الذي يعلم كل شيء ولا يملك أي شيء , ويتحكم فيه قلة يملكون كل شيء لكنهم لا يعلمون ولا يقدرون شأناً قد يقع قريباً من حدود فناء قصورهم ؟

أبوطروق
14-09-2007, 03:14
كل رمضان وانت بخير

لي عودة بعد الإفطار

تحيا تي

شام
15-09-2007, 17:07
كم في الوطن من أُناسٍ نراهم يعانون ويكابدون والمسؤولون من حولهم يترقبون ويراقبون , بل وجعلوا من معاناتهم وآلامهم ما يكون فيه ترفيهاً وتنفيساً لهم ؟

كم هناك من رجلٍ موجوع ومصاب قد وقع على ركبتيه هماً وبؤساً ولا تجد من يأخذ بيده ولا هناك من مُعين له , مع أنه في مجتمعه وبين أفراد هذا المجتمع ؟

كم في الوطن من رجل قد أصبح مجرماً غصباً وجبراً .. وكم فيه من مسؤولٍ يُمسى مجرماً طمعاً وزيادةً في الترف .

كم في الوطن من كسيرٍ جل ما فعله أنه نظر لأعلى من مستواه وإن كان يقف على برميل زيتٍ متهالك و .. فارغ ؟

هذه صور لمواطن مهموم ومغلوب على أمره

كثيرة هي تلك الصور

ومنتشرة في كل مكان

و المؤسف بالأمر هي في انتشار

ليس لمدها حدود و ليس له قيود


شكراً لنزف قلمك كاتنبا القدير محمد العربي

حروفك جاءت على الجراح الملتهبة

كل التقدير

سنجار
16-09-2007, 09:36
كم هناك من رجلٍ موجوع ومصاب قد وقع على ركبتيه هماً وبؤساً ولا تجد من يأخذ بيده ولا هناك من مُعين له , مع أنه في مجتمعه وبين أفراد هذا المجتمع

آقتباس


آن لم ينصفه مجتمعه

او تعاليم دين مجتمعه

آو قيم ومبادي وقوانين مجتمعه

فما الفائده ? بل مالفائده من مجتمع لاينصف ضعفائه ولايآخذ بيد من كان في حاجه للعون والمساعده..

منصور الغايب
16-09-2007, 15:11
شكرا لك اخي الفاضل

لقد اصبحت احداث الافلام الهندية

افضل بكثير من واقعنا المعاصر

وان كانا يشتركان في ان كليهما يصعب تصديق احداثه


تقبل الود

محمد العربي
16-09-2007, 23:19
اهلاً بك اخي ابو طروق , وكل رمضان وأنت بخير , تقبل الله منا ومنك صيامه وقيامه .

محمد العربي
16-09-2007, 23:24
اهلاً بمشرفتنا ايمان قويدر , وكل رمضان وأنتِ بخير , وشكراً لكِ ولحضوركِ الكريم .

محمد العربي
16-09-2007, 23:29
سنجــــــار .. اهلاً بك وبحضورك الكريم , وكل رمضان وأنت بخير .. وتساؤلاتك في محلها.

محمد العربي
16-09-2007, 23:32
اهلاً بك اخي منصور الغايب , ومبارك عليك الشهر الكريم .

أحسنت اخي الكريم في اضافتك الجميلة .

عبدالواحد
18-09-2007, 03:05
رائع يا العربي ...هي يجب نختم بها مقالتك


لم تجعل لنا رايا ولو ثانويا نكتبه ..

المشرف العام
18-09-2007, 04:08
/

يكفي لمضايفنا اشراقا ..

أن نجد بها أقلاما كقلم العربي

أدام الله هطول ابداعك عليها

تحياتي
اخوك
ابو سلطان

مـنــــــاااال
18-09-2007, 14:24
كُنا في السابق .. نفرح ونتسابق لمشاهدة الأفلام الهندية .. ونتبادلها وكأنها سلعة ثمينة ..

ولا نعرف السبب وراء ذلكـ .. هل هو ( فهمنا ) للأحداث أم إعجابنا بجمال طبيعة الهند ..

أم شغفنا لمتابعة الأحداث التي يصعب علينا تصديقها .. إلا في الأفلام الهندية ..

بالرغم أن غالبيتها تحمل فكرةٌ واحدة ..

حتى تحولت حياتنا وواقعنا إلى أفلام هندية .. طويلة .. ومملة ..

وكرهنا مشاهدة الأفلام الهندية .. أتعلمون لما .. كرهناها ..

لماذا .. نشاهدها ونحن نعيش فيها ..

الفارق الوحيد أن الفليم الهندي ينتهي .. خلال 3 ساعات ..

وأفلامنا الهندية الواقعية .. نموت ولا تنتهي ..


محمد العربي .. من خلال ماقرأت ..

أرى تصويراً و تحليلاً جميلاً بين سطوركـ .. فرؤية الواقع ..

بعين المشاهد تختلف عن رؤية المعاصر لهذا الحدث ..

محمد العربي .. كل عام وأنتم بخير ..



تقديري وإحترامي

محمد العربي
18-09-2007, 23:03
الاخت لوليتا .. مروركِ أسعدني وشكراً لكِ لإضافة شكراً لهذا الموضوع .

محمد العربي
18-09-2007, 23:06
اهلاً بك أخي عبدالواحد .. وشكراً لهذا الاطراء الطيب

محمد العربي
18-09-2007, 23:10
اخي الكريم ابو سلطان , شرفني والله مرورك العطر وقولك الطيب الذي اسعدني وآنسني كثيراً .

محمد العربي
23-09-2007, 23:41
" الفارق الوحيد أن الفليم الهندي ينتهي .. خلال 3 ساعات ..

وأفلامنا الهندية الواقعية .. نموت ولا تنتهي .. "


أحسنتي اختي الكريمة منااال .. وشكراً لهذه المداخلة الجميلة .