علي سليم
18-08-2007, 15:57
عقد الشيطان و فكها كما في السنة و الكتاب (كاملة)
--------------------------------------------------------------------------------
سلسلة رسائل سلفية رقم الرسالة 162
عقد الشيطان
و فكها
كما في السنة و الكتاب
بقلم
علي سعد سليم
صفر 1426 الموافق ايار2005
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره, و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له , و اشهد أن لا اله الاّ الله وحده لا شريك له و اشهد أن محمدا" عبده و رسوله.
(يايها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاته و لا تموتنّ الاّ و انتم مسلمون)
(يايها النّاس اتّقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا" كثيرا" و نساء" و اتّقوا الله الذي تتساءلون به و******* إن الله كان عليكم رقيبا")
(يايها الذين آمنوا اتّقوا الله و قولوا قولا" سديدا", يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا" عظيما")
أما بعد:
فانّ اصدق الحديث كتاب الله و احسن الهدي هدي محمد و شرّ الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة , و كل بدعة ضلالة , و كل ضلالة في النّار.
و بعد:
فعن ابي هريرة رضي الله و ارضاه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
(يعقد الشيطان على قافية رأس احدكم اذا هو نام ثلاث عقد, يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد: فان اسيقظ و ذكر الله تعالى انحلّت عقدة فان توضأ انحلت عقدة فان صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس و الا أصبح خبيث النفس كسلان)
هذا الحديث مما اتفق الشيخان على تخريجه من نفس الراوي و لا يخفى مكانة الشيخان عندما يتفقان على حديث ما و يخرجانه في صحيحيهما مع حرص البخاري على شرطه الشديد....
و للمتأمل في هذا الحديث العظيم ليجده يعلاج مرضا روحيّا معنويّا جسديّا في عصر كثُرت فيه الامراض المستعصية....
كما انه يبين مدى ارتباط القلب بالجوارح و تأثّره به تأثيرا" ايجابيا و هذا كثير في كلام نبينا صلى الله عليه و سلم كقوله(سوّوا صفوفكم او ليخالفنّ الله بين قلوبكم ( وغيرها ...فصلاح الظاهر مرتبط بصلاح الباطن و العكس صحيح...
فمن كانت مضغته صالحة فصلاحها يتعدى الى الجوارح و الاّ فاسدة مهما سوّغت نفس صاحبها و تمنّت عليه الامانيّ....
(الا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح سائر الجسد و اذا فسدت فسد سائر الجسد الا و هي القلب( الحديث
كما انه يعالج جانبا هاما مما يلزم الاعتقاد به و الانقياد له الا و هو) ان الذين آمنوا( لا ينفك عنها بحال من الاحول(و عملوا الصالحات( فلا ايمان من دون عمل كما انه لا عمل من دون ايمان....
و للحديث مزايا اخرى لا تقل شأنا مما ذكرنا بعضا منها و هذا و ذاك سوف و بعون الله تعالى نمر عليه مرور الكرام و ربما احتجنا راحة للمسافر لتفنيد شبهات العوام نسأل الله تعالى التوفيق و السداد و المزيد من العلم و الرشاد انه ولي ذلك سبحانه صاحب الكمال و صفاته حسنى و جمال فعلم لم يسبقه جهل و لن يلحقه نسيان و ما عدا ذلك فهو علم الانسان....
مدخل:
(يعقد) و هذا ديدن الشيطان اللعين و عقده هنا يشابه عقده هناك في سورة الفلق) من شر نفاثات في العقد( و نفثه هنا(فارقد عليك ليل طويل ( تعمل عمل نفثه هناك فتأمل...
و لصعوبة المقام لم يعدل صلوات ربي و سلامه عليه عن العقد بغيرها من الالفاظ....
و بيد ان هناك عقدا يعني انه هناك حلّا" لها و من رحمة ديننا الحنيف دين ارحم الراحمين ) ان الدين عند الله الاسلام ( و دين افضل العالمين (و ارسلناك رحمة للعالمين ( فكان حل هذه العقد من ضمن التليغ( بلّغ ما انزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته) فسبحان الخالق في الاولين و الآخرين...
و قافية كل شيء آخره و منه قيل قافية الشعر و هنا قافية الرأس اي مؤخره ....قاله ابن منظور بتصرف...
و قافية رأس احدى مواضع تجمع الدّم الفاسد و لذا كانت من مواضع الحجامة الشافية باذن الله تعالى...
و يدل هذا الحديث على حرص اللعين للحيلولة دون وقوع ما يقرّب الى الله تعالى من عمل صالح و لهذا السبب اعمل يديه الملونتين في ابرام مثل هذه العقد ....
و نزوله عند رغبته التي منحه الله ايّاها و لحِكَمٍ عديدة ) قال فبما اغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم) الاعراف 16
و قال ) قال ربي بما اغويتني لأزيننّ لهم في الارض و لأغوينّهم أجمعين)(الا عبادك منهم المخلصين) و هذا من عجزه) قال هذا صراط عليّ مستقيم)(ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين( الحجر 39-42
و حيث كان قيام الليل مما يقضّ مضجع الشرّ و اهله و على رأسهم ابليس اللعين فكان حريّ به ان يضع على الطريق بعض العوائق و السدود و منها عقده الثلاث....
فلا ) اذا هو اسيقظ ( و لا ) اذا هو نام ( تنساه عيون الغاوين ففي النهار الوساوس تعمل عملها و تثمر ثمارا كالهشيم المحتضر فهي اشبه بثمار العصف المأكول...
و اذا اراد هذه الانسان ان ينام و يرتاح من عناء كدّ النهار و قسوته ذهب اللعين ليعقد ما شاء له ان يعقد من العقد ليجعل نومه لا طاعة فيه....
و كان من ديننا الحنيف ذكر كل ما يقرّب الى الجنة و الحثّ عليه و بالمقابل ذكر كل ما يقرّب الى النار و النهي عنه و من هذه و تلك سبل فك العقد و حلّها....
ثم قوله صلى الله عليه و سلم(احدكم ( تشير ان اتباعه هم المرادون لا غير....
فابليس لم يتعهد بالجلوس الا على الطريق المستقيم حيث اتباع محمد صلى الله عليه و سلم يسلكونه في غدوتهم و روحتهم ذهابا وايابا....
اذا هذه العقد لا تنفك عن احد شهد للخالق بربوبيته و عبوديته و لرسوله صلى الله عليه و سلم بالنقياد و التسليم...
فمن تبع المبعوث رحمة للعالمين و تخلّق بسننه وآدابه له تبعية الاتّباع و حظه من هذه العقد لا محالة الا رجلا ذكر الله كثيرا فامتنّ الله عليه و رفع ذكره اليه فاجابه و اصبح من عباده المخلصين حيث لا سبيل للشيطان اليه...
يتحقق هذا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم قال:
(من عجز منكم عن الليل ان يكابده....فليكثر ذكر الله) صحيح الترغيب و الترهيب
و الا فيلزمه حلّ هذه العقد وفق ما جاء عن لسان المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه على الترييب التالي:
اولا:الاستيقاظ مع ذكر الله تعالى....
و من اراد الاسيقاظ فعليه ان يطلب مظانه و يأخذ باسبابه و من ثم يذكر الله تعالى بعدُ وِفقَ ما جاء عن معلّم البشرية عليه افضل الصلاة و اتمّ التسليم....
و قبل هذا و ذاك عليه باذكار المساء و الصباح ليَسُدَّ منافذ عدوّه و عدوّ آدم عليه السلام ثم يترك قبول ذلك الى الله تعالى فمن قبل منه حفظه و الا فردّه اليه لخلل فيه او لمحض الابتلاء....
و من هذه الاذكار على سبيل المثال لا الحصر:
قوله صلى الله عليه و سلم) من قال اذا اصبح: لا اله الا الله وحده لا شريك له له المللك و له الحمد و هو على كل شيء قدير,كان له عدل رقبة من ولد اسماعيل و كتب له عشر حسنات و حط عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات و كان في حرز من الشيطان حتى يمسي و ان قالها اذا امسى كان له مثل ذلك حتى يصبح)ابو داود ,ابن ماجه.احمد,و هو صحيح...
ثم يقول ما صحّ عن النبي صلى الله عليه و سلم اثناء خلوده الى النوم كقوله فيما رواه ابو زهير الانماري ان النبي صلى الله عليه و سلم كان اذا اخذ مضجعه من الليل قال: بسم الله وضعت جنبي,اللهم اغفر ذنبي و اخسئ شيطاني و فكّ رهاني و ثقل ميزاني و اجعلني في الندى الاعلى)ابو داود.
و في ثنايا هذا الحديث العظيم ندرك مدى عذوبة لسان الحاقد الحاسد وأمانيه الداحضة الكاشفة لمن وفقه الله تعالى....
فهو مذ طرده تعهّد بغواية البشرية كما تعهد بفتح باب التوبة ربّ البرية...
واجابه الله تعالى لقوله(انظرني الى يوم الدين ( فقال (انك من المنظرين) لما فيه شر محض و اغلق دونه باب التوبة فهو رجيم حيث لم تغلق امام منتحل ( انا ربكم الاعلى ( و دونها من الفاظ....
و لذا قال صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عنه ابن مسعود رضي الله عنه و ارضاه ( ان احدكم يجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله اليه الملك فينفخ فيه الروح و يؤمر باربع كلامات:
بكتب رزقه و عمله و اجله و شقيّ او سعيد فوالله الذي لا اله غيره ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها و ان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه و بينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخله ) متفق عليه
عود على بدء:
فما كان من هذا الحاسد الماكر الا الوسوسة و لغة) فراش ذليل ( و( ليل طويل(..
و يشير هذا الحديث الى مجاهدة النفس و حثها على مكارها و غيرها من النكت سنتطرق لذكرها في مظانها ان شاء الله تعالى....
و اعلم_يا رعاك الله_ ان هذه العقد الثلاث لا تنفك الا بالترتيب فالذكر اولا و الوضوء ثانيا و الصلاة آخرا و هذا ما ثبت من قوله صلى الله عليه و سلم و فعله....
و من ترك فك هذه العقد الثلاث فقد بال الشيطان في اذنه لقوله صلى الله عليه و سلم من حديث عبد الله قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل فقيل: ما زال نائما حتى يصبح ما قام الى الصلاة فقال:
(بال الشيطان في اذنه)
ثم استدركت فقلت: فالبول مما يشعر بتقصير النائم فتأمل...
و ما جاء من فعله صلى الله عليه و سلم كما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما انه صلى الله عليه و سلم اسيقظ فتسوك و توضأ و هو يقول(ان في خلق السموات و الارض...) فقرأ هؤلاء الايات حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام و الركوع و السجود ثم انصرف فنام حتى نفخ ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات كل ذلك يستاك و يتوضأ و يقرأ هولاء الايات)
فبداية الحديث توضأ و هو يقول الايات....فلا ينقض هذا كلامنا الاول و الذي عليه بنينا الترتيب النبوي فلربما كان شروعه صلى الله عليه و سلم عقب بداية ذكره هذا اولا....
ثم صح عنه التلفظ بداية و قبيل وضوئه بالبسملة و هي من ذكر الله تعالى( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ( و قد بينت السنة النبوية كيفية ذكر الله كما من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال( اذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله و عند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم و لا عشاء( مسلم.
و ذكر الله عند الطعام (يا غلام سم بالله و كل بيمينك...)
و على هذا و ذاك كان الترتيب توقفيّا...
وليحذر المسلم العدول عن سنة نبيه صلى الله عليه و سلم و عليه المجاهدة و المتابعة فلا يفك هذه العقد الا كما فكها افضل الخلق صلى الله عليه و سلم...
و كن على علم من تنويع المصطفى فهو تشريع فلا تتجرأ على ضمّ ما فرّقه صلى الله عليه و سلم فلو كان الخير في جمعه لكان صلى الله عليه و سلم من اول العابدين ثم الدّاعين....
هذا و قد استهلت كلامها عن التنويع ,فتاة في سن العشرين, حوت بضا من علم الاولين, و اوتيت فصاحة التمكين, لكنها وقعت في شباك اللعين...
فكان كلامها عن غسل ال***** و تنويع المصطفى صلى الله عليه و سلم فيها كما في الصحيح ,فكان وضؤوه تارة مرة مرة و تارة مرتين مرتين و اخرى ثلاثا ثلاثا لكل عضو و من زاد فقد طغى و ظلم...
و الاول من حديث ابن عباس و الثاني لعبد الله بن زيد الانصاري و الثالث لعثمان بن عفان و على هذا كان تبويب البخاري رحمه الله تعالى..
و هذه الصيغ الثلاث لا رابع لها فمن حرصها و حرص الشيطان على غوايتها آتاها من قِبل جهلها( و هذا الجهل لا ينفك عن كائن من كان فله حظه منه لا محالة ( فهوت عفا الله عنا و عنها ...فقالت:
و لكي نحظى بفضل التنويع فلنأتِ بصيغه جميعها فنغسل اليدين مرة و الوجه مرتين و القدم ثلاثا...
و هذه الكيفية الرابعة لا اصل لها في شرعنا القويم و انما هو من تلبيس ابليس و ما هكذا تورد يا سعد الابل....
و كأني بها تيممت من غبار الاذكار الطاهر للنووي الماهر رحمه الله تعالى فقد كرر ذلك في كتابه القيم و العصمة من عصمه الله تعالى....
و من جملة ما قال رحمه الله:
و لكن الافضل ان يجمع بين هذه الاذكار كلها ان تمكن من ذلك بحيث لا يشق على غيره و يقدم التسبيح منه....
و قال ايضا عند حديثه عن اذكار القيام من الركوع:
(اعلم انه يستحب ان يجمع بين هذه الاذكار كلها على ما قدمناه في اذكار الركوع...)
و قد ذكر قبل ذلك حديث حذيفة من صحيح مسلم انه قال ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في ركوعه الطويل الذي كان قريبا من قراءة البقرة و النساء و العمران : سبحان ربي العظيم(
و قال معناه: كرر سبحان ربي العظيم فيه كما جاء مبينا في سنن ابي داود و غيره.
قلت: و نص الحديث كما في صحيح سنن ابو داود للالباني 818
عن حذيفة : انه رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل فكان يقول:
الله اكبر ثلاثا ذو الملكوت و الجبروت و الكبرياء و العظمة ثم استفتح فقرأ سورة البقرة ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه و كان يقول في ركوعه(سبحان ربي العظيم)(سبحان ربي العظيم) ثم يرفع رأسه من الركوع فكان قيامه نحوا من ركوعه يقول) لربي الحمد ( ثم سجد فكان سجوده نحوا من قيامه فكان يقول في سجوده( سبحان ربي الاعلى ( ثم رفع رأسه من السجود و كان يقعد فيما بين السجدتين نحوا من سجوده و كان يقول ) رب اغفر لي, رب اغفر لي)
فصل اربع ركعات فقرأ فيهن البقرة و العمران و النساء و المائدة او الانعام شك شعبة.
و كذلك ذكر النووي رحمه الله دعاء الصديق (قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا و لا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك و ارحمني انك انت الغفور الرحيم)
قال: هكذا ضبطناه(ظلما كثيرا ( بالثاء المثلثة في معظم الرويات و في بعض روايات مسلم(كبيرا ( بالباء الموحدة و كلاهما حسن فينبغي ان يجمع بينهما فيقال: ظلما كثيرا كبيرا)
و كذلك قوله: و وقع في رواية ابي داود و غيره ( و بمحمد رسولا ( و في رواية الترمذي ( نبيا ( فيستحب ان يجمع الانسان بينهما فيقول ) نبيا و رسولا ( و لو اقتصر على احدهما كان عاملا بالحديث (من قال حين يمسي:رضيت بالله ربا و بالاسلام دينا و بمحمد نبيا كان حقا على الله تعالى ان يرضيه)
عود على بدء:
اذا ذكر الله تعالى عقب الاستيقاظ اول ابواب حل عقد الشيطان ثم يليها الوضوء فقد قال صلى الله عليه و سلم(اذا اسيقظ احدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا فان الشيطان يبيت على خيشومه )البخاري و مسلم
و في هذا الحديث نكتة يلزم مراعاتها الا وهي ان مبيت الشيطان يكون عند الخيشوم بمعنى ان الوضوء من دون استنثار لا ينفع لحلّ هذه العقد....
و هذا هو وضوء النبي صلى الله عليه و سلم فلم يعدل يوما ما على ترك الاستنثار و هو القائل صلوات ربي و سلامه عليه كما في صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال:
(من توضأ فليستنثر و من استجمر فليوتر)
و لذا بوّب البخاري الفقيه فوق هذا الحديث بباب الاستنثار....
و هذا هو احسن الوضوء من دون منازع و اذ كان ذلك كذلك فقد قال ابو الدرداء رضي الله عنه و ارضاه عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال:
(من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين يحسن فيها الذكر و الخشوع ثم استغفر الله غفر له)احمد
فلا تعدل اخي الكريم عن الاحسن الى المشكوك فيه و دعك من الذين قسّموا ***** الوضوء الى سنن و فرائض مستدلين بآية الوضوء كما في سورة المائدة من قوله تعالى: يايها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و ايديكم الى المرافق و امسحوا برؤسكم و ارجلكم الى الكعبين.....) فهذا مثل قوله تعالى (و اقيموا الصلاة....) ( حرمت عليكم الميتة و الدم....) فلم يذكر تعالى تحريم الصلاة و هو من اوكد اركانها فقال صلى الله عليه و سلم عن الصلاة(تحريمها التكبير و تحليلها التسليم) و كلاهما ركن من اركانها و لا صلاة بدونهما اجماعا....
كما انه تعالى لم يذكر حلّ الكبد و الطحال و هما من الدم اجماعا ...
فافعال المصطفى و اقواله و تقريراته من تبينه لشرع الله تعالى (و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا...)
و الذي يهمني من هذه الاسطر ان اقول ان السنة تخصصُ عموم الكتاب و تقيّد مطلقه...و بالسنة يفهم الكتاب و بهما معا يتحقق الفلاح و بارشاد سلفنا الصالح النجاة كل النجاة من الزيغ و الضلال....
عود على بدء:
ثم اعمال الشارع في ميزانه لهو الحكم العدل...و من خلاله تحكم على نفسك اولا و على الآخرين ثانيا وانتفاء الموانع و تحقق المطالب له حظه مع الاخرين فكن على علم ...
فمن بات و العقد معقودة على قافيته و الشيطان عند خيشومه و البول على اذنه فنفسه خبيثة و الا فهي طيبة...
و الخبث و الكسل توأمان كما انه الطيب و النشاط قرينان و ذلك قوله صلى الله عليه و سلم:
(فأصبح نشيطا طيب النفس و الا أصبح خبيث النفس كسلان)
هذا و للحديث مزايا اخرى تركتها خشية الاطالة و لولا تلك المواضيع المتراكمة فوق ناصيتي لأسهبت له متونا و فروعا...
و اسأل الله تعالى التوفيق و السداد و الثبات و ان يقبل جهد المقلّ فله الفضل اولا و آخرا و ان يكن صوابا فمنه وحده و الا فمني و الشيطان و الله و رسوله منه براء....
تَََََََّمت بفضل َالله تعالى
--------------------------------------------------------------------------------
سلسلة رسائل سلفية رقم الرسالة 162
عقد الشيطان
و فكها
كما في السنة و الكتاب
بقلم
علي سعد سليم
صفر 1426 الموافق ايار2005
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره, و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له , و اشهد أن لا اله الاّ الله وحده لا شريك له و اشهد أن محمدا" عبده و رسوله.
(يايها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاته و لا تموتنّ الاّ و انتم مسلمون)
(يايها النّاس اتّقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا" كثيرا" و نساء" و اتّقوا الله الذي تتساءلون به و******* إن الله كان عليكم رقيبا")
(يايها الذين آمنوا اتّقوا الله و قولوا قولا" سديدا", يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا" عظيما")
أما بعد:
فانّ اصدق الحديث كتاب الله و احسن الهدي هدي محمد و شرّ الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة , و كل بدعة ضلالة , و كل ضلالة في النّار.
و بعد:
فعن ابي هريرة رضي الله و ارضاه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
(يعقد الشيطان على قافية رأس احدكم اذا هو نام ثلاث عقد, يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد: فان اسيقظ و ذكر الله تعالى انحلّت عقدة فان توضأ انحلت عقدة فان صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس و الا أصبح خبيث النفس كسلان)
هذا الحديث مما اتفق الشيخان على تخريجه من نفس الراوي و لا يخفى مكانة الشيخان عندما يتفقان على حديث ما و يخرجانه في صحيحيهما مع حرص البخاري على شرطه الشديد....
و للمتأمل في هذا الحديث العظيم ليجده يعلاج مرضا روحيّا معنويّا جسديّا في عصر كثُرت فيه الامراض المستعصية....
كما انه يبين مدى ارتباط القلب بالجوارح و تأثّره به تأثيرا" ايجابيا و هذا كثير في كلام نبينا صلى الله عليه و سلم كقوله(سوّوا صفوفكم او ليخالفنّ الله بين قلوبكم ( وغيرها ...فصلاح الظاهر مرتبط بصلاح الباطن و العكس صحيح...
فمن كانت مضغته صالحة فصلاحها يتعدى الى الجوارح و الاّ فاسدة مهما سوّغت نفس صاحبها و تمنّت عليه الامانيّ....
(الا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح سائر الجسد و اذا فسدت فسد سائر الجسد الا و هي القلب( الحديث
كما انه يعالج جانبا هاما مما يلزم الاعتقاد به و الانقياد له الا و هو) ان الذين آمنوا( لا ينفك عنها بحال من الاحول(و عملوا الصالحات( فلا ايمان من دون عمل كما انه لا عمل من دون ايمان....
و للحديث مزايا اخرى لا تقل شأنا مما ذكرنا بعضا منها و هذا و ذاك سوف و بعون الله تعالى نمر عليه مرور الكرام و ربما احتجنا راحة للمسافر لتفنيد شبهات العوام نسأل الله تعالى التوفيق و السداد و المزيد من العلم و الرشاد انه ولي ذلك سبحانه صاحب الكمال و صفاته حسنى و جمال فعلم لم يسبقه جهل و لن يلحقه نسيان و ما عدا ذلك فهو علم الانسان....
مدخل:
(يعقد) و هذا ديدن الشيطان اللعين و عقده هنا يشابه عقده هناك في سورة الفلق) من شر نفاثات في العقد( و نفثه هنا(فارقد عليك ليل طويل ( تعمل عمل نفثه هناك فتأمل...
و لصعوبة المقام لم يعدل صلوات ربي و سلامه عليه عن العقد بغيرها من الالفاظ....
و بيد ان هناك عقدا يعني انه هناك حلّا" لها و من رحمة ديننا الحنيف دين ارحم الراحمين ) ان الدين عند الله الاسلام ( و دين افضل العالمين (و ارسلناك رحمة للعالمين ( فكان حل هذه العقد من ضمن التليغ( بلّغ ما انزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته) فسبحان الخالق في الاولين و الآخرين...
و قافية كل شيء آخره و منه قيل قافية الشعر و هنا قافية الرأس اي مؤخره ....قاله ابن منظور بتصرف...
و قافية رأس احدى مواضع تجمع الدّم الفاسد و لذا كانت من مواضع الحجامة الشافية باذن الله تعالى...
و يدل هذا الحديث على حرص اللعين للحيلولة دون وقوع ما يقرّب الى الله تعالى من عمل صالح و لهذا السبب اعمل يديه الملونتين في ابرام مثل هذه العقد ....
و نزوله عند رغبته التي منحه الله ايّاها و لحِكَمٍ عديدة ) قال فبما اغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم) الاعراف 16
و قال ) قال ربي بما اغويتني لأزيننّ لهم في الارض و لأغوينّهم أجمعين)(الا عبادك منهم المخلصين) و هذا من عجزه) قال هذا صراط عليّ مستقيم)(ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين( الحجر 39-42
و حيث كان قيام الليل مما يقضّ مضجع الشرّ و اهله و على رأسهم ابليس اللعين فكان حريّ به ان يضع على الطريق بعض العوائق و السدود و منها عقده الثلاث....
فلا ) اذا هو اسيقظ ( و لا ) اذا هو نام ( تنساه عيون الغاوين ففي النهار الوساوس تعمل عملها و تثمر ثمارا كالهشيم المحتضر فهي اشبه بثمار العصف المأكول...
و اذا اراد هذه الانسان ان ينام و يرتاح من عناء كدّ النهار و قسوته ذهب اللعين ليعقد ما شاء له ان يعقد من العقد ليجعل نومه لا طاعة فيه....
و كان من ديننا الحنيف ذكر كل ما يقرّب الى الجنة و الحثّ عليه و بالمقابل ذكر كل ما يقرّب الى النار و النهي عنه و من هذه و تلك سبل فك العقد و حلّها....
ثم قوله صلى الله عليه و سلم(احدكم ( تشير ان اتباعه هم المرادون لا غير....
فابليس لم يتعهد بالجلوس الا على الطريق المستقيم حيث اتباع محمد صلى الله عليه و سلم يسلكونه في غدوتهم و روحتهم ذهابا وايابا....
اذا هذه العقد لا تنفك عن احد شهد للخالق بربوبيته و عبوديته و لرسوله صلى الله عليه و سلم بالنقياد و التسليم...
فمن تبع المبعوث رحمة للعالمين و تخلّق بسننه وآدابه له تبعية الاتّباع و حظه من هذه العقد لا محالة الا رجلا ذكر الله كثيرا فامتنّ الله عليه و رفع ذكره اليه فاجابه و اصبح من عباده المخلصين حيث لا سبيل للشيطان اليه...
يتحقق هذا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم قال:
(من عجز منكم عن الليل ان يكابده....فليكثر ذكر الله) صحيح الترغيب و الترهيب
و الا فيلزمه حلّ هذه العقد وفق ما جاء عن لسان المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه على الترييب التالي:
اولا:الاستيقاظ مع ذكر الله تعالى....
و من اراد الاسيقاظ فعليه ان يطلب مظانه و يأخذ باسبابه و من ثم يذكر الله تعالى بعدُ وِفقَ ما جاء عن معلّم البشرية عليه افضل الصلاة و اتمّ التسليم....
و قبل هذا و ذاك عليه باذكار المساء و الصباح ليَسُدَّ منافذ عدوّه و عدوّ آدم عليه السلام ثم يترك قبول ذلك الى الله تعالى فمن قبل منه حفظه و الا فردّه اليه لخلل فيه او لمحض الابتلاء....
و من هذه الاذكار على سبيل المثال لا الحصر:
قوله صلى الله عليه و سلم) من قال اذا اصبح: لا اله الا الله وحده لا شريك له له المللك و له الحمد و هو على كل شيء قدير,كان له عدل رقبة من ولد اسماعيل و كتب له عشر حسنات و حط عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات و كان في حرز من الشيطان حتى يمسي و ان قالها اذا امسى كان له مثل ذلك حتى يصبح)ابو داود ,ابن ماجه.احمد,و هو صحيح...
ثم يقول ما صحّ عن النبي صلى الله عليه و سلم اثناء خلوده الى النوم كقوله فيما رواه ابو زهير الانماري ان النبي صلى الله عليه و سلم كان اذا اخذ مضجعه من الليل قال: بسم الله وضعت جنبي,اللهم اغفر ذنبي و اخسئ شيطاني و فكّ رهاني و ثقل ميزاني و اجعلني في الندى الاعلى)ابو داود.
و في ثنايا هذا الحديث العظيم ندرك مدى عذوبة لسان الحاقد الحاسد وأمانيه الداحضة الكاشفة لمن وفقه الله تعالى....
فهو مذ طرده تعهّد بغواية البشرية كما تعهد بفتح باب التوبة ربّ البرية...
واجابه الله تعالى لقوله(انظرني الى يوم الدين ( فقال (انك من المنظرين) لما فيه شر محض و اغلق دونه باب التوبة فهو رجيم حيث لم تغلق امام منتحل ( انا ربكم الاعلى ( و دونها من الفاظ....
و لذا قال صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عنه ابن مسعود رضي الله عنه و ارضاه ( ان احدكم يجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله اليه الملك فينفخ فيه الروح و يؤمر باربع كلامات:
بكتب رزقه و عمله و اجله و شقيّ او سعيد فوالله الذي لا اله غيره ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها و ان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه و بينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخله ) متفق عليه
عود على بدء:
فما كان من هذا الحاسد الماكر الا الوسوسة و لغة) فراش ذليل ( و( ليل طويل(..
و يشير هذا الحديث الى مجاهدة النفس و حثها على مكارها و غيرها من النكت سنتطرق لذكرها في مظانها ان شاء الله تعالى....
و اعلم_يا رعاك الله_ ان هذه العقد الثلاث لا تنفك الا بالترتيب فالذكر اولا و الوضوء ثانيا و الصلاة آخرا و هذا ما ثبت من قوله صلى الله عليه و سلم و فعله....
و من ترك فك هذه العقد الثلاث فقد بال الشيطان في اذنه لقوله صلى الله عليه و سلم من حديث عبد الله قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل فقيل: ما زال نائما حتى يصبح ما قام الى الصلاة فقال:
(بال الشيطان في اذنه)
ثم استدركت فقلت: فالبول مما يشعر بتقصير النائم فتأمل...
و ما جاء من فعله صلى الله عليه و سلم كما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما انه صلى الله عليه و سلم اسيقظ فتسوك و توضأ و هو يقول(ان في خلق السموات و الارض...) فقرأ هؤلاء الايات حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام و الركوع و السجود ثم انصرف فنام حتى نفخ ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات كل ذلك يستاك و يتوضأ و يقرأ هولاء الايات)
فبداية الحديث توضأ و هو يقول الايات....فلا ينقض هذا كلامنا الاول و الذي عليه بنينا الترتيب النبوي فلربما كان شروعه صلى الله عليه و سلم عقب بداية ذكره هذا اولا....
ثم صح عنه التلفظ بداية و قبيل وضوئه بالبسملة و هي من ذكر الله تعالى( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ( و قد بينت السنة النبوية كيفية ذكر الله كما من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال( اذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله و عند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم و لا عشاء( مسلم.
و ذكر الله عند الطعام (يا غلام سم بالله و كل بيمينك...)
و على هذا و ذاك كان الترتيب توقفيّا...
وليحذر المسلم العدول عن سنة نبيه صلى الله عليه و سلم و عليه المجاهدة و المتابعة فلا يفك هذه العقد الا كما فكها افضل الخلق صلى الله عليه و سلم...
و كن على علم من تنويع المصطفى فهو تشريع فلا تتجرأ على ضمّ ما فرّقه صلى الله عليه و سلم فلو كان الخير في جمعه لكان صلى الله عليه و سلم من اول العابدين ثم الدّاعين....
هذا و قد استهلت كلامها عن التنويع ,فتاة في سن العشرين, حوت بضا من علم الاولين, و اوتيت فصاحة التمكين, لكنها وقعت في شباك اللعين...
فكان كلامها عن غسل ال***** و تنويع المصطفى صلى الله عليه و سلم فيها كما في الصحيح ,فكان وضؤوه تارة مرة مرة و تارة مرتين مرتين و اخرى ثلاثا ثلاثا لكل عضو و من زاد فقد طغى و ظلم...
و الاول من حديث ابن عباس و الثاني لعبد الله بن زيد الانصاري و الثالث لعثمان بن عفان و على هذا كان تبويب البخاري رحمه الله تعالى..
و هذه الصيغ الثلاث لا رابع لها فمن حرصها و حرص الشيطان على غوايتها آتاها من قِبل جهلها( و هذا الجهل لا ينفك عن كائن من كان فله حظه منه لا محالة ( فهوت عفا الله عنا و عنها ...فقالت:
و لكي نحظى بفضل التنويع فلنأتِ بصيغه جميعها فنغسل اليدين مرة و الوجه مرتين و القدم ثلاثا...
و هذه الكيفية الرابعة لا اصل لها في شرعنا القويم و انما هو من تلبيس ابليس و ما هكذا تورد يا سعد الابل....
و كأني بها تيممت من غبار الاذكار الطاهر للنووي الماهر رحمه الله تعالى فقد كرر ذلك في كتابه القيم و العصمة من عصمه الله تعالى....
و من جملة ما قال رحمه الله:
و لكن الافضل ان يجمع بين هذه الاذكار كلها ان تمكن من ذلك بحيث لا يشق على غيره و يقدم التسبيح منه....
و قال ايضا عند حديثه عن اذكار القيام من الركوع:
(اعلم انه يستحب ان يجمع بين هذه الاذكار كلها على ما قدمناه في اذكار الركوع...)
و قد ذكر قبل ذلك حديث حذيفة من صحيح مسلم انه قال ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في ركوعه الطويل الذي كان قريبا من قراءة البقرة و النساء و العمران : سبحان ربي العظيم(
و قال معناه: كرر سبحان ربي العظيم فيه كما جاء مبينا في سنن ابي داود و غيره.
قلت: و نص الحديث كما في صحيح سنن ابو داود للالباني 818
عن حذيفة : انه رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل فكان يقول:
الله اكبر ثلاثا ذو الملكوت و الجبروت و الكبرياء و العظمة ثم استفتح فقرأ سورة البقرة ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه و كان يقول في ركوعه(سبحان ربي العظيم)(سبحان ربي العظيم) ثم يرفع رأسه من الركوع فكان قيامه نحوا من ركوعه يقول) لربي الحمد ( ثم سجد فكان سجوده نحوا من قيامه فكان يقول في سجوده( سبحان ربي الاعلى ( ثم رفع رأسه من السجود و كان يقعد فيما بين السجدتين نحوا من سجوده و كان يقول ) رب اغفر لي, رب اغفر لي)
فصل اربع ركعات فقرأ فيهن البقرة و العمران و النساء و المائدة او الانعام شك شعبة.
و كذلك ذكر النووي رحمه الله دعاء الصديق (قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا و لا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك و ارحمني انك انت الغفور الرحيم)
قال: هكذا ضبطناه(ظلما كثيرا ( بالثاء المثلثة في معظم الرويات و في بعض روايات مسلم(كبيرا ( بالباء الموحدة و كلاهما حسن فينبغي ان يجمع بينهما فيقال: ظلما كثيرا كبيرا)
و كذلك قوله: و وقع في رواية ابي داود و غيره ( و بمحمد رسولا ( و في رواية الترمذي ( نبيا ( فيستحب ان يجمع الانسان بينهما فيقول ) نبيا و رسولا ( و لو اقتصر على احدهما كان عاملا بالحديث (من قال حين يمسي:رضيت بالله ربا و بالاسلام دينا و بمحمد نبيا كان حقا على الله تعالى ان يرضيه)
عود على بدء:
اذا ذكر الله تعالى عقب الاستيقاظ اول ابواب حل عقد الشيطان ثم يليها الوضوء فقد قال صلى الله عليه و سلم(اذا اسيقظ احدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا فان الشيطان يبيت على خيشومه )البخاري و مسلم
و في هذا الحديث نكتة يلزم مراعاتها الا وهي ان مبيت الشيطان يكون عند الخيشوم بمعنى ان الوضوء من دون استنثار لا ينفع لحلّ هذه العقد....
و هذا هو وضوء النبي صلى الله عليه و سلم فلم يعدل يوما ما على ترك الاستنثار و هو القائل صلوات ربي و سلامه عليه كما في صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال:
(من توضأ فليستنثر و من استجمر فليوتر)
و لذا بوّب البخاري الفقيه فوق هذا الحديث بباب الاستنثار....
و هذا هو احسن الوضوء من دون منازع و اذ كان ذلك كذلك فقد قال ابو الدرداء رضي الله عنه و ارضاه عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال:
(من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين يحسن فيها الذكر و الخشوع ثم استغفر الله غفر له)احمد
فلا تعدل اخي الكريم عن الاحسن الى المشكوك فيه و دعك من الذين قسّموا ***** الوضوء الى سنن و فرائض مستدلين بآية الوضوء كما في سورة المائدة من قوله تعالى: يايها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و ايديكم الى المرافق و امسحوا برؤسكم و ارجلكم الى الكعبين.....) فهذا مثل قوله تعالى (و اقيموا الصلاة....) ( حرمت عليكم الميتة و الدم....) فلم يذكر تعالى تحريم الصلاة و هو من اوكد اركانها فقال صلى الله عليه و سلم عن الصلاة(تحريمها التكبير و تحليلها التسليم) و كلاهما ركن من اركانها و لا صلاة بدونهما اجماعا....
كما انه تعالى لم يذكر حلّ الكبد و الطحال و هما من الدم اجماعا ...
فافعال المصطفى و اقواله و تقريراته من تبينه لشرع الله تعالى (و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا...)
و الذي يهمني من هذه الاسطر ان اقول ان السنة تخصصُ عموم الكتاب و تقيّد مطلقه...و بالسنة يفهم الكتاب و بهما معا يتحقق الفلاح و بارشاد سلفنا الصالح النجاة كل النجاة من الزيغ و الضلال....
عود على بدء:
ثم اعمال الشارع في ميزانه لهو الحكم العدل...و من خلاله تحكم على نفسك اولا و على الآخرين ثانيا وانتفاء الموانع و تحقق المطالب له حظه مع الاخرين فكن على علم ...
فمن بات و العقد معقودة على قافيته و الشيطان عند خيشومه و البول على اذنه فنفسه خبيثة و الا فهي طيبة...
و الخبث و الكسل توأمان كما انه الطيب و النشاط قرينان و ذلك قوله صلى الله عليه و سلم:
(فأصبح نشيطا طيب النفس و الا أصبح خبيث النفس كسلان)
هذا و للحديث مزايا اخرى تركتها خشية الاطالة و لولا تلك المواضيع المتراكمة فوق ناصيتي لأسهبت له متونا و فروعا...
و اسأل الله تعالى التوفيق و السداد و الثبات و ان يقبل جهد المقلّ فله الفضل اولا و آخرا و ان يكن صوابا فمنه وحده و الا فمني و الشيطان و الله و رسوله منه براء....
تَََََََّمت بفضل َالله تعالى