المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر الفرزدق يعشي الذئب



خيال الغلباء
20-07-2007, 13:25
بسم الله الرحمن الرحيم

،؛، معشّي الذيب ،؛،
هل تعلم من هو ذلك الرجل ( معشّي الذيب ) ؟ يطلق هذا اللقب على أكثر من شخص و كلهم حصل لهم موقف مع الذئاب و عرفوا بذلك ، شعبياً و هم : اول من سمعت أنه لقّب بـ(معشي الذيب) هو : محمد بن سعد بن شعيفان شيخ العزة من سبيع رحمه الله . ومكازي بن سعيد من شيوخ شمر رحمه الله ، و وجدت أن أكثر اهل الشمال يعرفونه بتلك التسمية و كلهم خليق بما اتّصف به ، و لكن هل فعلاً هم أول من عشّى ( الذيب ) ؟ أم يوجد من فعلها قبلاً ؟ في الحقيقة كان هناك من عشّى الذئب قبلهم و أطعمه من زاده و قاسمه طعامه و أمّنه و قال في ذلك قصيدة يمتدح فعله و يصف موقفه من الذئب ، و هو من قبيلة بني تميم و تعرفونه جيّداً و هو:الشاعر الكبير معشّي الذيب (الفرزدق) أبو فراس ؛ همّام بن غالب المجاشعي الدارمي الحنظلي التميمي و لكم قصديته التي يقصّ عليكم فيها قصّته :

وَأطْلَسَ عَسّالٍ وَ ما كانَ صَاحباً
= دَعَوْتُ بِنَـارِي مَوْهِنـاً فَأتَانـي

فَلَمّـا دَنَـا قُلـتُ ادْنُ دونَــكَ
=إنّني وَ إيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ

فَبِتُّ أسَوّي الزّادَ بَيْنـي و بَيْنَـهُ
= على ضَوْءِ نَارٍ مَـرّةً وَ دُخَـانِ

فَقُلْتُ لَهُ لمّـا تَكَشّـرَ ضَاحِكـاً
= وَقَائِمُ سَيْفي مِـنْ يَـدِي بمَكَـانِ

تَعَشّ فَإنْ وَاثَقْتَنـي لا تَخُونُنـي
= نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يَصْطَحبـانِ

وَ أنتَ امرُؤٌ يا ذِئبُ وَالغَدْرُ كُنتُما
= أُخَيّيْـنِ كَانَـا أُرْضِعَـا بِلِـبَـانِ

وَ لَوْ غَيْرَنا نَبّهَت تَلتَمِسُ القِـرَى
= أتَـاكَ بِسَهْـمٍ أوْ شَبَـاةِ سِنَـانِ

وَ كُلُّ رَفيقَيْ كلِّ رَحْلٍ وَ إن هُما
= تَعاطَى القَنَـا قَوْماهُمـا أخَـوَانِ

وأسوق لكم قصة قصيدته حسب معاني الأبيات بتحليلي الشخصي المتواضع جدّا .
حيث ابتدأ بذكر الذيب ( أطلس تعني الذئب الأغبر ) ، و كان عسّالاً ؛ و عسّال تعني المشي الخفيف و هو ما يسموه هنا أحياناً هرف الذيب ، و أنه ليس يعرفه و انه ليس بصاحب يتّخذ فليس الذئب صديقاً لأنه عرف بالغدر و إن امتدحه البدوّي لنباهته و احتراسه و شراسته ، و ذلك حينما أو قد ناره في منتصف الليل فأتاه الذيب ، و قوله ( دَعَوتُ ) أحسّ أن فيها نوع من الإفتخار بصفة الكرم فوصفه أنه يوقد النار في الليل يدعو ، أي ينتظر أي ضيف أو أي أحد ليجعله ضيف ناره . يقول : ( فلما دنا قلت ادن دونك ) أي فلما قرّب الذئب لم ازجره و لم ارده فكأنني باقترابه قلت له ادن قريباً مني و لا تخف فأنت في أمان فأصبح الذيب ضيف الفرزدق على ناره . و قام شاعرنا الفرزدق إلى زاده ( طعامه ) و أخذ منه ، و قسم بينه و بين الذيب قسمتين متساويتين ، و ذلك من اعتباره الكامل لضيفه و لو كان ذئباً . ولكن كانت هذه الضيافة محفوفة بالمخاطر و إن رغب بها الفرزدق فقد كان شاهراً سيفه يقول: ( و قائم سيفي مني بمكان ) و كلّ هذا فعله عند رؤيته للذئب و رآه كأنما يضحك ضحكة غامضة فهي كما قال تكشيرة ثمّ ضحكة و هذا يكشف عن تحذّر الفرزدق الشديد من الذئب. وبرغم هذا الجوّ أبى إلا أن يكرم ضيفه قائلاً : ( تعشّ ) و أخذ يخاطبه بما في نفسه أنه لو عاهده بألا يغدر فيه أو يخون و أوثق الفرزدق من حسن تصرفه فإنهما سيصبحان كأي اثنين يصبحون اصحاباً كأنما يقول له : لا تسئ التصرف فقد نستطيع أن نتصاحب و هذا عكس المفترض من الذئب . و يتّضح هذا من وصفه للذئب في البيت الذي يليه حيث يقول : ( و أنت امرؤ يا ذئب و الغدر كنتما ، أخيّين كانا أرضعا بلبان ) و وصفه بـ ( امرؤ ) و هذه ترقية للذئب لمنزلة العاقل و ذلك لمخاطبته إيّاه ، و تأتي امتداداً للمعنى الذي أراده منذ بداية قصيدته و هو إقرائه للذئب و ضيافته له كأي ضيف طارق ، فوصفه مع ذلك بطبع الغدر المتمكن منه ، و شبهه بالاخويين الذين رضعا اللبن من درٍ واحد. وأخذ يذكر للذئب تفرده و كرمه عليه و فرقه عن غيره من الناس بأنه ( أي الذئب ) لو ذهب لأحد غير الفرزدق لما وجد هذه الضيافة ( القِرَى ) و سيجد بدلاً عن هذا اناساً يقتلونه فقال : ( أتاك بسهم أو شَبَاةِ سِنَانِ ) و شباة سنان معناه حدّ الرمح . و بين للذئب بعد هذا أن كل من ترافقوا في السفر و تصاحبوا هم أخوة و أصحاب و لو أن قوميهما متحاربين و المقصد هو الودّ المتبادل بينهم و هذا ما يفترض بالذئب حفظه للفرزدق حسب معنى كلامه.وللقصيدة بقية فهي في أربعين بيتاً بعد هذه الأبيات فيها افتخار بقبيلته ، وتذكر لأبي فراس الفرزدق قصيدة أخرى عن ذئب عرض له و كان مع شاعرنا الفرزدق شاة مسلوخة ، فأخذ يرمي له من الشاة حتى شبع الذئب و ولّى ، فقال الفرزدق :

وَلَيْلَـة بِتْنـا بِالغَرييـن ضَافَـنـا
= عَلَى الزَّادِ مُوشى الذِّرَاعَيْنِ أَطْلس

تَلَمّسَنا حَتَّـى أَتَانـا وَ لَـم يَـزل
= لَـدْن فَطَمـتْـه أُمُّــه يَتَلـمّـس

فَلَو أَنَّـهُ إِذا جَاء‌نـا كَـان دَانيـا
= لألْبَسْتُـه لَـو أَنَّـه كَـان يَلْبَـس

وَ لَكن تَنَحَّا جَنبـة بَعْـد مَـا دَنـا
= فَكَان كَقَاب القَوْس أَو هَـو أَنْفـس

فَقَاسَمْتـه نِصْفَيـن بَيْنـى وَ بَيْنـه
= بَقّيـة زَادي وَ الرَّكائِـب نُـعـس

وَ كَان ابْنُ لَيلَى إِذ قرى الذِّئْب زَاده
= عَلَى طَـارِق الظَّلْمَـاءِ لا يَتَعبـس

وقد أبدع أبو فراس في قصيدته ( و أطلس عسال ) و أجاد أيما إجادة و امتدح في آخؤها قبيلته ( من البيت 18 ) ، و لعلكم حين تقرأونها كاملة تعرفون هذه الرائعة ، فرحمك الله يا فرزدق و غفر لك..فهل عرفتم الآن من هو معشّي الذيب الأول ؟ اذا الذئب لايستانس مثل النمور والاسود وبقية السباع وطبيعته الخداع منقول وانتم سالمين وغانمين والسلام

شام
20-07-2007, 13:40
جلب سمين

و معلومات قيمة لأول مرة اطلع عليها

كل الشكر لك أخي الفاضل

دائماً نترقب مواضيع ترتقي بالثقافة العامة وخاصة فيما يتعلق بأدبنا العربي

بارك الله بك وحفظك

خيال الغلباء
20-07-2007, 16:03
جلب سمين

و معلومات قيمة لأول مرة اطلع عليها

كل الشكر لك أخي الفاضل

دائماً نترقب مواضيع ترتقي بالثقافة العامة وخاصة فيما يتعلق بأدبنا العربي

بارك الله بك وحفظك بسم الله الرحمن الرحيم

اختي الفاضلة ايمان قويدر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد اشكرك جزيل الشكر على المرور بالشاعر الكبير الفرزدق رحمه الله وخويه الذئب والادب الشعبي هو امتداد طبيعي للادب العرب ولايختلف عنه الا من ناحية الاعراب اما اصول كلماته وغالب اشتقاقاته ففصيحه وانت سالمه والسلام

سيف الدولة
20-07-2007, 16:50
خياال الغلبااء


مرحبا بك هنا في الفصيح وهذا الجلب الثمين معك

أرجو لاتكون ألأخيره نحن في إنتظار مدفوناات الأدب

خيال الغلباء
20-07-2007, 17:17
بسم الله الرحمن الرحيم

اخي الكريم سيف الدولة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد اشكرك جزيل الشكر على المرور بالفرزدق رحمه الله وخويه الذئب وابشر باللي يسرك واسلم وسلم والسلام

الجازي
26-07-2007, 19:04
معشي الذيب الفصيح :)


رائعة جداً

لاهنت أخي على هذه المشاركة المميزة

كل الشكر لتفاعلك وحضورك