المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السوق السعودي لا أحد يريد أن يفهم



ابوخالد 1
30-06-2007, 21:32
رابط المقال في جريد الرياض

بقلم : قاهر الطاهات

مستشار مالي

قانون اجتثاث المضاربة

أستهل مقالتي هذه بتسجيل إعجابي الشديد بالفنان السعودي المبدع ناصر القصبي حيث وجدتني في غمرة انهماكي في كتابة هذه المقالة أستعير من روائعه أسلوب مواجهة الشيخ فؤاد (الساخر) مع الشريرين، في مقاربة كوميدية سوداء لكل ذلك القدر من الإسفاف التحليلي الذي نحيا ونشهد :
فينهم الشريرين... يا رب المضاربين يموتون عشان المستثمرين ومحللي السوق يرتاحوا ..!! يا رب المضاربين يصبحون يلاقون روحهم ما يعرفون يبيعون ولا يشترون..!! يا رب ؛ المضاربين إللي مو مربيين ما يلاقوا في بيوتهم كلوب ساندوش ولا حتى قطعة كنتاكي..!! يا رب ؛ يآكلون شطة بدون مايونيز..

يبدو أن للبعض مزاجا سوداويا لا أعرف له معنى برؤية السوق يهوي نحو قاع الخمسة ألاف نقطة، وهناك من زاود على ذلك البعض وأعلن بأسلوب العقاب الجماعي عن قاع الثلاث آلاف نقطة، (طبعا بصيغة :- إلا – إذا) الشهيرة. إن المغالطة المصطنعة بأن السوق لن يعود للصعود مجددا وأن الشركات القيادية لن تبلغ مستوى أسعارها العادلة إلا إذا اجتثت المضاربة في شمس وثمار وعصابتها الإرهابية المجرمة (الباحة وفيبكو ومبرد ...) أشبه بفرض الصومال أو أفغانستان عقوبات اقتصادية على الولايات المتحدة الأميركية.

خرشتونا يا جماعة... تعبنا من اللعب على الحبال وتحاليل الفهلوة ومحاولة الضحك على الذقون !! اضربوا السوق أن كان بوسعكم وأريحونا فلا داعي لإعطاء مبررات كاذبة لا يستسيغها حتى أطفال المدارس، ولا داعي لإضاعة وقتنا ووقتكم بتلك اللغة الخشبية التي تتلف الأعصاب !! اضربوا هذا السوق التعس بتحليلاتكم أو أقصفوه إذا كان بوسعكم، فليس بالإمكان أسوأ مما كان!!

إن أسوأ ما في الذعر هو قدرته على التسرب إلى نفوس المذعورين، بل إن أهم أسباب تراجع المؤشر العام في هذه المرحلة لا تجد جذورها في المضاربة كما يصور البعض، وان كانت المضاربات قد ساهمت بمقدار أو بأخر في حالة التراجع باعتبارها جزء بنيوي حي من مكونات السوق، إنما تكمن في آليات الخطاب التحليلي الداجن المبني خطأً على ملاحظات فردية مفككة يستقرضها بالمجان من آليات التفكير الغريزي الانفعالي الموجودة في المجتمع الذي لا ينأى يهيمن عليه.

ولكن ماذا لو عكس السوق مساره من مستوى قيعانه الحالية أو من مستوى قيعان أدنى قليلا وانطلق في موجته الدافعة الثالثة أسوة بمعظم أو جل الأسواق العربية !! هل سنشهد ولادة بعبع إعلامي جديد على يد محللي ما بعد الانهيار لضمان مقعد جديد لهم في الرحلة ؟! أم سيعيدون بث أفلامهم المحروقة بالأبيض والأسود !!

يحدث في السعودية فقط

معظم الأسواق العربية حققت قيعان متميزة منذ مطلع العام الحالي واستعادت مسارها التصاعدي في موجتها الدافعة الثالثة (انظر الشكل2:1). ولم تكن الموجة التصحيحية الثانية في سوق الأسهم السعودي استثناءا أو حالة شاذة فريدة من نوعها، فوفقا للمؤشر الموحد للبورصات العربية الصادر عن صندوق النقد العربي (ويتفق في حركته مع مؤشر شعاع كابيتال للأسواق العربية) فإن مؤشر السوق السعودي سار بالضبط في نفس اتجاه المؤشر الموحد منذ العام 1999 (انظر الشكل1:1) مكونا موجته الدافعة الأولى من قاع الربع الرابع عام 2002 الى قمة الربع الأول من عام 2006، في ظاهرة إقليمية لم تقتصر على دول مجلس التعاون بل اتسعت لتشمل كل دول الجوار العربي (الأردن ولبنان ومصر..) كنتيجة مباشرة لارتفاع حجم السيولة الناجمة عن ارتفاع أسعار البترول. حيث بلغ متوسط سعر ..... البترول عام 2005 مستوى54 دولار بزيادة مقدارها 41% عن عام 2004 والذي كان بدوره يزيد بمقدار 30% عن عام 2003.

ويظهر مؤشر صندوق النقد العربي وجود علاقة ارتباط عضوية واعتماد وثيق بين المؤشرات القياسية لأسواق الأسهم العربية على المدى القصير (اسبوع) والمدى البعيد (سنوات)، وقد وصل معامل الارتباط بين مؤشري السوق السعودي والأردني على سبيل المثال إلى ما يبلغ نسبته ( 0.93 من 1) والكويتي (0.91 من 1).

وكان من خصائص الموجة الدافعة الأولى لكافة أسواق المنطقة :

1) الارتفاع المتسارع في مستوى المؤشرات العامة.
2) ضعف العلاقة بين البيانات الأساسية للشركات وأسعار أسهمها.
3) اتساع نطاق تذبذب الأسعار
4) انخفاض أسعار الفائدة.
5) التوسع في حجم التسهيلات المصرفية.

وعقب تشكل نموذج الموجة الدافعة الخماسية في الاتجاه الصاعد وبلوغ أهدافها كان لا بد للأسواق العربية ان تصحح بنموذج موجة ثلاثية بالاتجاه الهابط ، بهدف البحث عن نقطة توازن لتقلص اثر المبالغة في ارتفاع الأسعار وإعادتها إلى مستويات جاذبة للاستثمار والمضاربة على حد سواء.

مع العلم بأن التحليل الأصولي للاقتصاد السعودي وتوقعاته المستقبلية والاقتصاديات العربية عموما لم تنحدر للأدنى بل على العكس فهي تتحسن بشكل نامي ومتدرج، مما يعني أن التصحيح تكتيكي صحي، هدفه التأسيس لدورة سعرية جديدة وبناء قاعدة سعرية متينة للانطلاق في موجة الزخم الثالثة في الاتجاه الصاعد والتي تستهدف مستوى 25 ألف نقطة كهدف متحفظ (باعتبارها طول الموجة الأولى) أو 32 ألف نقطة كهدف أصولي جيومتري وفقا لمنهجية موجات أليوت وأرقام الفايبوناشي، وقد يزيد عن ذلك مدعوم بانخفاض قيمة الدولار الأمريكي والارتفاع المضطرد لأسعار البترول واستهدافه سعر 100 دولار لل..... خلال السنوات القليلة القادمة (انظر الشكل1:1) من سنتين إلى ثلاث سنوات.

مستصغر الشرر

قد يرى البعض أن السوق السعودي ليس له علاقة بارتفاع أسعار البترول، بحجة وما علاقة بيشة وثمار بالكيروسين و( ثاني اكسيد الحديدوز) !!! وانه لا يمت بصلة لأسواق المنطقة العربية لامن قريب ولا من بعيد، وهذه المرة قد تكون الحجة ان رئيس مجلس ادارة الغذائية ليس من صعيد مصر !!!

لكن من الثابت أن ظاهرة الارتفاع الكبير والمتواصل في اسعار النفط من مستوى 20 دولار عام 2002 الى نحو 78 دولار عام 2006 قد ساعد في زيادة النمو الاقتصادي من 3% الى 6% خلال السنوات الثلاث الماضية، كما أسهم في خلق فرص الأستثمار والتوسع في انشاء البنى التحتية ومشاريع التنمية وتعبئة المدخرات الوطنية وتعزيز احتياطي العملات الأجنبية وتخفيض مديونية القطاع العام، كما ترتب عليه الارتفاع في قيمة الأصول المالية والعقارية. ان سخونة الأقتصاد بسبب تزايد الفوائض المالية والسيولة الكبيرة والمفاجئة انسحب على نمط الانفاق والاستثمار والادخار ليس في الدول النفطية فقط بل شمل الدول العربية الغير نفطية لاسباب منها توجه الاستثمارات الخليجية اليها لاسيما عقب احداث الحادي عشر من ايلول فضلا عن تحويلات العمالة وزيادة الطلب الخارجي على منتجات اسواقها.

ولعل الأزمة الإيرانية جاءت لتعجل تحقيق أهداف المسار الصاعد لأسعار النفط على مدى السنتين القادمتين، وبالنظر لاحتمالات الرد الإيراني على أي ضربة عسكرية أمريكية تستهدف منشآتها النووية فمن الثابت والمعلن أن دول مجلس التعاون لن تكون طرفا في أي نزاع مسلح في منطقة الخليج كما انه ليس من مصلحة إيران المطوقة من كل الجهات استعداء العرب عليها. بل إن أقصى ما يمكن أن يهدد اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي وهو إغلاق مضيق هرمز يبدو بالتحليل الموضوعي احتمال من غير الوارد ان تقدم عليه ايران حتى في أسوأ أوضاعها. ففضلا عن أن اغلاق المضيق سيتسبب في قطع الصادرات الايرانية ذاتها من البترول، فمن الثابت خلال التاريخ العسكري للحرب العراقية الايرانية والتي استمرت زهاء ثماني سنوات أن إيران لم تتمكن من تفخيخ مياه المضيق وإغلاقه سوى لمدة 17 ساعة. فكيف بوسعها الآن وكاسحات الألغام الأمريكية وقوات التحالف ترابض قبالة السواحل الإيرانية في مياه الخليج. أما الخسارة الأشد التي ستتكبدها إيران ستكون في التضحية بالجزر العربية التي تفرض احتلالها عليها منذ عقود في عرض مضيق هرمز، وهذا ما سيجعل ايران تستبعد إمكانية اللجوء لهكذا خيار في مواجهتا على الأرجح.

وعلى ضوء رقعة الرد الإيراني على أي عدوان يستهدفها فإن اغلب التوقعات ترجح استخدام قواتها الصاروخية في توجيه ضربات الى إسرائيل واستخدام منظمتي حزب الله وحماس لإقلاقها بالجوار فضلا عن نوع من التصعيد العسكري المشوب بالحذر داخل مجال النفوذ الإيراني بالعراق.

وفي هذه الحرب الجيوبوليتكية فإن دوائر النفوذ وتحقيق مكاسب سياسية هي التي سوف تفعل فعلها على المدى المنظور، على الاقل من قبل الطرف الايراني. بالتالي فإن التأثير على أسواق المال سينحسر إيجابا في مواصلة ارتفاع أسعار البترول واستمرار تدفق العوائد الضخمة لتصديره. لكن من المتوقع في بداية الأمر أن نشاهد انسحاب كمية من السيولة المضاربة التي من شأنها إحداث نوع من الهبوط الذي لابد منه، ثم لا تلبث الأسواق المالية الإنطلاق في رالي صعود أسوة بما حدث في الأسواق المالية على أثر غزو القوات الأمريكية للعراق في عام 2003 حيث أنهت الأسواق الغربية تصحيح موجتها الثانية التي استغرقت قرابة الثلاث سنوات. وانطلقت الأسواق العربية في تحقيق موجتها الدافعة الأولى.

الحرب بهذا المنظور قد تكون عامل ايجابي للسوق المالي، أما الإيحاءات الانتحارية التي لا ننفك نسمعها فهي بمجملها من اجتثاث المضاربة مرورا بتغريق السوق انتهاءا بحروبهم الدونكيشوتية في الخيال وفي الإعلام فهي مجرد جمل مقول القول لا محل لها من الإعراب في القاموس الاقتصادي.

تضاعف سعر البترول اربع مرات خلال السنوات الاربع الاخيرة، وقد ظل الاقتصاد العالمي ينعم بالنمو العالي والتضخم المنخفض، لم تحدث حرب كونية من جراء الارتفاع أو هزة اقتصادية كتلك التي عصفت بالعالم على اثر قرار المقاطعة العربية في أوساط السبعينات من القرن الماضي؟ ان توفر المال الرخيص عوض عن ارتفاع سعر البترول، فالسيولة عالية، والدولار منخفض والاقبال على الاستهلاك مرتفع، مما مكن الاقتصاد العالمي من الاستمرار في الازدهار.

نظرة على المؤشر

وفقا للشكل رقم 3 ، يراوح المؤشر العام على انهاء المسار الهابط وفق نموذج الموجة القطرية الخلفية وتستهدف هبوطا أي نقطة من المستوى الحالي حتى القاع السابق 6767 أي كسر للقاع السابق سيكون بمثابتة امتداد في الموجة الخامسة ويستهدف كحد أقصى 6635 ثم 6430 وسيكون السوق عندئذ قد استنفذ جميع احتمالات الهبوط المنطقية في ترقيم الموجة القطرية الخلفية،،، عدم كسر القاع السابق لحد الان باعتبارة شكل نموذج قاع مزدوج هو الرهان الأخير على ارتداد السوق وهو يمثل نقطة وقف الخسارة للكثير من اصحاب المحافظ الصغيرة والمتوسطة. لذا فمن المتوقع أي يتم عملية امتاص لكافة الكميات العائمة اسفل هذا المستوى في حال كسره،، نموذج الموجة القطرية الخلفية يعد من اشد النماذج العاكسة للسعر سيما اذا انقطعت موجته الخامسة. السوق في مستواه الحالي بمثابة فرصة ثمينة لبناء المراكز المالية والتدعيم مع كل هبوط.