المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من وحــل اليأس إلى بستــان الأمــل



زاهد الراشد
23-06-2007, 01:16
مازلت قابعٌ في ذلك الركن المظلم منكفئ على ذاتي مطئطاً راسي بين ركبتي وحولهما يديّ وكأني أختنق من يأسٌ يفتك بي ويأكل روحي رويداً رويداً كانتحار بطيء، فاقدٌ لبريق أمــلٍ أفل مع آخر حلمٌ طالما سعيت لتحقيقه ، مابين خيارات النجــاح الدنيوية كالرقي المــالي والتفوّق في مناصب الارتقاء العملي لزخرفة حياتي الشبه مكتملة والتي أراها بتلك العين ناقصة كل النقص وكأني متقوقع في وحـل من الإنكسارت القاسية ، كنت أنــظر إلى الحيــاة من نافذة واحــده لاكتشف سوى زاوية واحده وهي ذات منظور ضيّق حيث أنها تطــل إلى النيل الغيــر محدود وتجاوز حد الاكتفاء الذاتي إلى تخزين فائض ولو كــان على حساب الغير . في ذلك الركن المظلم من اليأس آثرت الاستيطان الأبديّ منسلب من الحيــاة الدنيــا وكلي تناسي لأحلام ألآخره الحقيقية وغافلٌ عن الرحمة الكبرى رحمة الله.
وبينما أنا غارقٌ في انكساري إذ بيدٌ تنتشلني وترفعني وكأنني أسمع صوتاً يقــول هيتا لك لنذهب ، إنه صديقي القــديم والذي هجرته ردحاً من الزمن أمسك بيدي وسرنا إلى حيث لاأعــلم ، وكــان يقــول سأبدد عنك ظلام اليأس وأزيح عن عينيك غشــاوة القنوط ، رافقته بهدوء لأنني على يقين أنني لاأملك شيءٌ أخسره بعد خسارة كل شيء على الأقــل من تلك النظرة التي أطل منها ، أكملنا المسير مابين تلك الطــرق سيراً على الأقــدام ولازلت مطئطاً رأسي حتى وصلنا إلى ذلك المــوقع فقال ارفع رأسك فدخلنا مع بوّابه وكأنني أعرفها يوماً إنه بوّابة المشفى حتى ولجنا إلى أول جناح من أجنحة المشفى فقال لي صديقي أنظر إلى تلك الغرفة يمينك فرأيت شاباً في مقتبل العمــر متمدداً وعُلقت قدماه بأسياخ حديديّه وقيدت يداه بأغلالٍ من جبيرةٍ وحــول عنقه مثبتاً لها ولا يكاد يحركها كتب عليه أنه في هذه الحالة طائل الأمــد ليس بالميّت ولا بالحي ، وقال صديقي أتعلم مالذي يتمنــاه هذا الشخص يتمنى أن يخطو على قدميه وأن يخضع تحت قدمّي أمه ويقبل رأسها وكفيها وقدميها ويطلب منها الصفح عن أيام التجــاهل والعقوق وعدم الطاعة ولا يعلم أن لأمه قلباً رحوماً يصفح عن أخطاءه مهما بلغت ، ويتمنى أن يحرّك يديه ليرفعهما إلى أعلى ويقــول الله وأكبر ويداوم على الصلاة المفروضة والنــوافل ، وأن يقلب صفحات القرآن ويقرأ كل سوره وكل آية بتمعن وتفكّر. فانحدرت من عينيّ دمعه اهتزت مشاعري لهذا المنظــر المؤلم ، فانفرجت بؤرة نظره كخرم ألإبره من أحد عينيّ ذات أمــلٍ طالما افتقدته، وأكملنا المسير فقال أنظر لتلك الغرفة فرأيت هرماً بلغ من العمر أرذله ويتناول غذائه من خلال أنبوب يلج مع أنفه فقط ليمدّد لها سويعات العــمر برحمة الله وبنانه منتصب إلى أعلا وكأنه يلفظ الشهادة أو شيءٌ من ذلك الإيمان الحقيقي ، فقال صديقي ماتراك فاعلٌ في ذلك اليــوم وأنت مكبٌ على ارتقاء سلالم الطمع الدنيوي وغافلٌ عن الإعداد لشبه هذا اليــوم ، فانحدرت دمعةٌ أخرى مجاورةٌ لمكان الدمعة الأولى واهتزت كل فرائصي لهذا المشهــد ، وتابعنا المسير وتوالت المشاهد المقززة والمؤلمة لبشرٌ كرهوا كل ملذات الدنيا ويتمنون فقط أن تعــود لهم الصحة وكأنهم يرون تاجاً مرصعاً بالذهب والألماس فوق رأسي وأنا أسير على قدميّ وأحرك يديّ وأنظر بعيني وأتكلم بلساني وأسمع بأذنّي ، فانهمرت الدمــوع من عينيّ وأنا أردد الحمد لله الحمد لله الحمد لله على الصحة وأفأ ليأس من ملذاتِ تكمّل أو تزيد على مايكمّل حياتي الدنيوية،
فخرجنا من المشفى وذهبنا إلى مكــانٍ بعيد إلى حدٍ ما ووصلنا إلى بيت على الأقل في نظرِ من يقطنه، وماهو ببيت في نظرتي حيث أنني أرى خيمةٌ ممزقه لا تكــاد تحجب أشعة الشمس الحارقة في الصيف ، أو قطرات المطر المنهمر في برودة الشتاء ، فيه أسرةٍ أطفالهم لا يجدون من الملبسِ ما يكمّل ستر عوراتهم ، يقضمون خبزاً قاسيه كصخرة لا تكــاد تنكسر وكأنها منذ سنه، هي مؤنتهم التي يعيشون عليها ، فقال صديقي أليس لهم حقٌ علينا بأن نقف عند حد الاكتفاء ونعطيهم الفائض المزخرف لحياتنا الدنيوية الفانية ، أليس من حقهم أن يجدوا منّا ما يبقيهم على قيد الحياة ، أليس من حقهم علينا أن نحــاول ستر عورات أطفالهم البائسين ، أليس من حقهم علينا أن نوجد لهم شبه بيت بقيمة غرفةٌ من غرف بيوتنا ألمزخرفه أو مجالسنا التي ندّعي الكرم بها الذي تجــاوز حد الكــرم إلى التبذير فأصبحنا إخواناً للشياطين دون أن نملك مثقال ذره من إنسانيّه صادقه تعرف معنى الصدقة التي لانتقص من المال شيء كحديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.
فانهمرت الدمــوع من عينيّ بغزاره دون تـوقف وسقطتُ بكامل جسدي على الأرض وأنا أبكي وأقــول الحمد لله الحمد لله الحمد لله الذي رزقني وحماني وكساني وأدام علي الصحة والأمــان والستر ، رباه اغفر لي وارحمني وتب علي.
فودعني صديقي بعد أن بدل تلك ألنظره المتشائمة اليائسة والقانطة من رحمة الله،
فشكرت صديقي الذي أسمه ( الأمــل)


زاهــد الــــراشد (كـــاتم الحــزن)

الجمعــه 7/6/1428هــ. 2.23م

المهرة
23-06-2007, 14:32
رجعت الى كتاب ( لاتحزن )
للدكتور عائض القرني
تذكرت شئ قرأتهُ ذات يوم

فهذا الكتاب كنز لا يُستهان به


يُذكر عن الشاعر ابن المعتز أنه قال : الله ماأوطا راحلة المتوكل
على الله وما اسرع أوبة الواثق !! وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم
أنه قال : ( مايصيب المؤمن من همّ ولا غمّ ولا وصبِ ولانصب ولامرض حتى
الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها خطاياه )
فهذا لمن صبر واحتسب وأناب وعرف أنه يتعامل مع الواحد الوهاب


قال المتنبي في ابيات حكيمة تضفي على العبد
قوة وانشراحاً

لاتلقَ دهرك إلا غير مكترثٍ
مادام يصحبُ فيهِ روحك البدنُ

فما يُديم سُروراً ماسُررتَ بهِ
ولايردُّ عليكَ الغائب الحزنُ







فالأمل هو ذلك الضوء المشرق
والغد الذي نأمل بتحقيقة ونسعى للوصول إليه
بالتوكل على الله وان خالط الأمل شئ من الم أو غمّ
فالأصرار والعزيمة كفيلة بالوصول الى الهدف



باقات من الشكر

تقديري واحترامي

اختك / المهرة