diamond_saiban
10-05-2007, 14:24
عمر بن أحمد بن سعيد باصره الخمعي :
نتحدث هنا عن شخصية استطاعت أن تجعل بلدها محطاً لعشاق العلم ومناراً هادياً وإشعاعاً وضاء .
نتحدث عن شخصية لعبت دوراًمهما في تاريخ حضرموت هي شخصية الزعيم الكبير والعبقري
المقدام عمر بن أحمد بن سعيد باصره الخمعي السيباني الحميري , من مواليد 1271 هـ ولد في
بلدة الرشيد بوادي دوعن الأيمن .
ولم يتم له من العمر غير عامين حتى اختار الله إلي جواره والده الحنون المقدم أحمد بن سعيد فنشأ
يتيماً , تولى تربيته والعناية به عمه سعيد بن سعيد , وألحقه بكتاّب القرية في السابعة من عمره , ودرس
فيها القرآن الكريم مع معلومات بسيطة في التهذيب والدين ومبادىء الخط والحساب , ولاحظ عمه
فيه صفات الرجولة والاعتزاز بالنفس والذكاء الخارق , فهيأ له فرصة السفر إلى كنانة الله في ارضه
إلى القاهرة في أواخر عام 1288 هـ وقام بالاءشراف عليه والعناية به الشيخ محمد بن عبدالله بازرعه
أحد الأثرياء بمصر , وألحقه باءحدى معاهدها وأبدى من النبوغ مالفت الأنظار وأعجب به أساتذته
وزملاؤه في الطلب , استمر ينهل من ينبوع المعرفة والعلم قرابة ثمانية أعوام وأكمل دراسته بامتياز .
وحركتّه الذكريات والأشواق إلى بلدته الرشيد فعاد إليها ووجد عمه الشفيق ينتظره على أحر من الجمر ,
فأظهر له من العطف والحب والتقدير مابعث فيه الرغبة بالبقاء الى جانبه , فاستقر ببلدته محبباًإلى
عمه وذويه يساهم في إعطاء الرأي والمشورة متى طلب منه ذلك .
وفي عام 1309 هـ انتقل إلى جوار ربه عمه سعيد ولم يضيع الفرصه عقلاء البلدة وزعماء البادية
من قبيلته وعرضوا عليه رئاسة القبيلة لما عرفوا فيه من دراية وخبرة وخصوبة فكر , وتردد بعض
الشيء ولكنهم تعهدوا له بالسمع والطاعة فقبل ذلك منهم .
وكانت مدن وقرى ليمن وليسر بدوعن تموج بالفتن والظلم والجور والقوي يأكل الضعيف وكثرت
الشكايات وخطابات الاستنجاد من الأهالي إلى السلطان عوض بن عمر القعيطي ولم يكن آنذاك
قد احتل دوعن وهو يعلم مقدماً الصعوبات والأخطار إذا هو استجاب لنداء المستنجدين والمستنصرين
ولكن الواجب يحتم عليه أن يعمل شيئاً , وفكر كثيراً وقرّ رأيه على أنه لابد وجود رجل قوي من
أهل المنطقة ليسند إليه الأمر , فلم يجد غير المقدم عمر أحمد باصره فأرسل إليه يستقدمه الى المكلا
ورحب بالطلب واصطحب معه طائفة من زعماء قبيلتة وعرض السلطان عليه شكايات الأهالي
وتظلمهم وطلبهم النجدة وبسط العدالة في الواديين ليمن وليسر واتفق معه من حيث المبداء ولكنه
اختلف معه في بعض النقاط وعاد إلى دوعن .
وبعد أشهر قليلة توجه إلى الحديده لقضاء بعض مهامه التجارية ,وفي هذه المدة رأى السلطان
عوض أن يستعين بالشيخ علي بن محمد بن منصر العمودي , وبعد وصوله إلى المكلا اتفق الرأي
على أن يقوم بتنفيذ التعليمات التي تلقاها من القعيطي وصحب معه فرقة من الجيش ولكن لم ينفذ
من ذلك شيئاً بل العكس هو الصحيح , وعاد المقدم عمر من الحديدة وما إن وطأت قدمه أرض المكلا
حتى كان السلطان غالب بن عوض في لقائه وكان هو محل الثقة ومحط أمل القعيطي لما عرفه
به من علم ومعرفة وخصوبة فكر وقوة إراده , وبعد مفاوضات قصيرة اقتنع السلطان بكل ماقدمه
باصره من آراء وتم للمقدم ماأراد.
وتوجه بعد ذلك إلى مسقط راسه , ومنذ اللحظة الآولى بدأ باتصالات واسعة مع القبائل والمشايخ
وأصحاب النفوذ , وطالبهم بإقامة العدالة ومحاربة الظلم واجتماع الكلمة على إصلاح الواديين
وتأمين الطرق والمدن والقرى , وكان الرد قاسياً إذكان الرفض والاستعداد لمقاومة كل تدخل
مهما كان نوعه , فعاد المقدم عمر الى المكلا يحمل معه الردود القاسية والرهيبة , مع العلم أن
جنود القعيطي قد حاولت إرساء قواعد الآمن ولكن كانت القيادة العامة التي وكلت إلى الشيخ
علي بن محمد بن منصر العمودي لم تزد الحالة إلا سوءاً وانتشرت الفوضى والخوف , عند هذا
الحد رأى الجنود وقائدهم أن ينسحبوا إلى الهجرين , وكان ذلك سبباً لغضب السلطان غالب ,
وأرسل عقب ذلك عبدالخالق الماس من المكلا بجيش , وبعد أن أمر الآمير صلاح بن محمد أن
يقوم من جانبه بقوة من الداخل لمساندة عبدالخالق الماس , وعادت القوات إلى دوعن بوادي ليمن
وكاد الآمن أن يعود نسبياً ولكن مازالت هناك جيوب خطيرة .
وفي هذا الظرف الدقيق أسندت الولاية للمقدم عمر بن أحمد باصره بعد أن وضع الخطط أمام
السلطان غالب وأقرها وباشر عمله ,ولم تمر إلاسنوات قليلة حتى تمت السيطرة التامة على جميع
الوادي ما عدا مدينة بضة التي شاءت سياسة الدولة إبقاءها محترمة وألايتعرض إليها أحد بسوء.
واستطاع المقدم باصره أن يخضع القبائل المقاومة له تارة بالرغبة وتارة بالرهبة والحرب ,
ولكن لم ير المقدم أن ذلك كاف فهو يدرك الوادي ليسر , وبه الحالكة والخصومة بينه وبينهم
قديمة مازال الوادي يئن من الظلم والجور , وبداء يعمل لاحتلال ليسر , واستطاع بدهائه
أن يجد الفرصة المناسبة عن طريق الخنابشة الذين اشتبكو في حرب مع باهبري والذين وجدوا
التأييد من بلحمر الحالكي وبعض القبائل الأخرى , وتدخّل باصره باسم السلطان وتم الاستيلاء
على وادي ليسر بصورة سلمية ,ولكن عادت المؤامرات تعمل عملها والاغتيالات والعبث
بالأمن فكان التجهيز الأخير بنجدة كبيرة من المكلا , وتولى القيادة المقدم عمر باصرة بنفسه ,
ولم يعد إلى ليمن إلبعد أن تم إخضاع الوادي بكامله وبعد أن توطد الأمن به لم يقف عند هذا الحد
بل أرسل إلى كافة القبائل المجاورة والبعيدة .
وعقد معهم اتفاقيات تنص عى الولاء والطاعة للسلطان القعيطي بصفته الممثل للسلطنة ,
وتم له ذلك مع الدين وقبائل آل بلعبيد وغيرهم وطارت باسم المقدم باصرة الركبان , وأضحى
قصره مقصداً للوفود من كل المناطق تخطب وده وتعلن الولاء عن طواعية وعن رهبة .
وكان لشخصيتة المهيبة وذكائه الوقاد وتفكيره الناضج وفهمه لنفسية القبائل أثر كبير في
نجاحه وبعد صيته ,إلى جانب كرمه وحسن مقابلته وتقديره للشخصيات التي تتمتع بنفوذ واسع
بين القائل وقدرتة على كسبها .
وبعد , فلقد كان المقدم عمر سياسياً محنكاً , وقائداً فذاً مهاباً محبوباً ,نشر الأمن والعدالة
في ربوع دوعن وملحقاته , وكان اسم باصرة كافياً لاءيقاف كل حركة تمرد , وكان مع ذلك
يتمتع بصلاحيات واسعة من قبل السلطان غالب وكًون جيشاً من قبائل دوعن إلى جانب
قوات يافع وأتباعهم ووزعهم على المناطق المختلفة لحفظ الأمن وأبقى قوة احتياطية يرسلها
إذا استدعى الأمر إلى أي مكان .
وعاش رحمه الله عيشة الأمراء , وله نوادر وحكايات يطول شرحها مع سكان الواديين ,
كلها تدل على خبرته ومعرفته بالأحوال صغيرها وكبيرها مما جعل كل الناس يعملون له الف
حساب .
وبعد أن عاش أهل هذه المنطقة مدة طويلة في عهده يتمتعون بنعمة الأمان والراحة والاطمئنان
نزل به القضاء المحتوم ولحق بربه عام 1352 هـ وبكته دوعن وبكاه الساحل والداخل , بل بكاه
جبل يافع , رحمه الله وأسكنه بجواره فراديس الجنات .
نتحدث هنا عن شخصية استطاعت أن تجعل بلدها محطاً لعشاق العلم ومناراً هادياً وإشعاعاً وضاء .
نتحدث عن شخصية لعبت دوراًمهما في تاريخ حضرموت هي شخصية الزعيم الكبير والعبقري
المقدام عمر بن أحمد بن سعيد باصره الخمعي السيباني الحميري , من مواليد 1271 هـ ولد في
بلدة الرشيد بوادي دوعن الأيمن .
ولم يتم له من العمر غير عامين حتى اختار الله إلي جواره والده الحنون المقدم أحمد بن سعيد فنشأ
يتيماً , تولى تربيته والعناية به عمه سعيد بن سعيد , وألحقه بكتاّب القرية في السابعة من عمره , ودرس
فيها القرآن الكريم مع معلومات بسيطة في التهذيب والدين ومبادىء الخط والحساب , ولاحظ عمه
فيه صفات الرجولة والاعتزاز بالنفس والذكاء الخارق , فهيأ له فرصة السفر إلى كنانة الله في ارضه
إلى القاهرة في أواخر عام 1288 هـ وقام بالاءشراف عليه والعناية به الشيخ محمد بن عبدالله بازرعه
أحد الأثرياء بمصر , وألحقه باءحدى معاهدها وأبدى من النبوغ مالفت الأنظار وأعجب به أساتذته
وزملاؤه في الطلب , استمر ينهل من ينبوع المعرفة والعلم قرابة ثمانية أعوام وأكمل دراسته بامتياز .
وحركتّه الذكريات والأشواق إلى بلدته الرشيد فعاد إليها ووجد عمه الشفيق ينتظره على أحر من الجمر ,
فأظهر له من العطف والحب والتقدير مابعث فيه الرغبة بالبقاء الى جانبه , فاستقر ببلدته محبباًإلى
عمه وذويه يساهم في إعطاء الرأي والمشورة متى طلب منه ذلك .
وفي عام 1309 هـ انتقل إلى جوار ربه عمه سعيد ولم يضيع الفرصه عقلاء البلدة وزعماء البادية
من قبيلته وعرضوا عليه رئاسة القبيلة لما عرفوا فيه من دراية وخبرة وخصوبة فكر , وتردد بعض
الشيء ولكنهم تعهدوا له بالسمع والطاعة فقبل ذلك منهم .
وكانت مدن وقرى ليمن وليسر بدوعن تموج بالفتن والظلم والجور والقوي يأكل الضعيف وكثرت
الشكايات وخطابات الاستنجاد من الأهالي إلى السلطان عوض بن عمر القعيطي ولم يكن آنذاك
قد احتل دوعن وهو يعلم مقدماً الصعوبات والأخطار إذا هو استجاب لنداء المستنجدين والمستنصرين
ولكن الواجب يحتم عليه أن يعمل شيئاً , وفكر كثيراً وقرّ رأيه على أنه لابد وجود رجل قوي من
أهل المنطقة ليسند إليه الأمر , فلم يجد غير المقدم عمر أحمد باصره فأرسل إليه يستقدمه الى المكلا
ورحب بالطلب واصطحب معه طائفة من زعماء قبيلتة وعرض السلطان عليه شكايات الأهالي
وتظلمهم وطلبهم النجدة وبسط العدالة في الواديين ليمن وليسر واتفق معه من حيث المبداء ولكنه
اختلف معه في بعض النقاط وعاد إلى دوعن .
وبعد أشهر قليلة توجه إلى الحديده لقضاء بعض مهامه التجارية ,وفي هذه المدة رأى السلطان
عوض أن يستعين بالشيخ علي بن محمد بن منصر العمودي , وبعد وصوله إلى المكلا اتفق الرأي
على أن يقوم بتنفيذ التعليمات التي تلقاها من القعيطي وصحب معه فرقة من الجيش ولكن لم ينفذ
من ذلك شيئاً بل العكس هو الصحيح , وعاد المقدم عمر من الحديدة وما إن وطأت قدمه أرض المكلا
حتى كان السلطان غالب بن عوض في لقائه وكان هو محل الثقة ومحط أمل القعيطي لما عرفه
به من علم ومعرفة وخصوبة فكر وقوة إراده , وبعد مفاوضات قصيرة اقتنع السلطان بكل ماقدمه
باصره من آراء وتم للمقدم ماأراد.
وتوجه بعد ذلك إلى مسقط راسه , ومنذ اللحظة الآولى بدأ باتصالات واسعة مع القبائل والمشايخ
وأصحاب النفوذ , وطالبهم بإقامة العدالة ومحاربة الظلم واجتماع الكلمة على إصلاح الواديين
وتأمين الطرق والمدن والقرى , وكان الرد قاسياً إذكان الرفض والاستعداد لمقاومة كل تدخل
مهما كان نوعه , فعاد المقدم عمر الى المكلا يحمل معه الردود القاسية والرهيبة , مع العلم أن
جنود القعيطي قد حاولت إرساء قواعد الآمن ولكن كانت القيادة العامة التي وكلت إلى الشيخ
علي بن محمد بن منصر العمودي لم تزد الحالة إلا سوءاً وانتشرت الفوضى والخوف , عند هذا
الحد رأى الجنود وقائدهم أن ينسحبوا إلى الهجرين , وكان ذلك سبباً لغضب السلطان غالب ,
وأرسل عقب ذلك عبدالخالق الماس من المكلا بجيش , وبعد أن أمر الآمير صلاح بن محمد أن
يقوم من جانبه بقوة من الداخل لمساندة عبدالخالق الماس , وعادت القوات إلى دوعن بوادي ليمن
وكاد الآمن أن يعود نسبياً ولكن مازالت هناك جيوب خطيرة .
وفي هذا الظرف الدقيق أسندت الولاية للمقدم عمر بن أحمد باصره بعد أن وضع الخطط أمام
السلطان غالب وأقرها وباشر عمله ,ولم تمر إلاسنوات قليلة حتى تمت السيطرة التامة على جميع
الوادي ما عدا مدينة بضة التي شاءت سياسة الدولة إبقاءها محترمة وألايتعرض إليها أحد بسوء.
واستطاع المقدم باصره أن يخضع القبائل المقاومة له تارة بالرغبة وتارة بالرهبة والحرب ,
ولكن لم ير المقدم أن ذلك كاف فهو يدرك الوادي ليسر , وبه الحالكة والخصومة بينه وبينهم
قديمة مازال الوادي يئن من الظلم والجور , وبداء يعمل لاحتلال ليسر , واستطاع بدهائه
أن يجد الفرصة المناسبة عن طريق الخنابشة الذين اشتبكو في حرب مع باهبري والذين وجدوا
التأييد من بلحمر الحالكي وبعض القبائل الأخرى , وتدخّل باصره باسم السلطان وتم الاستيلاء
على وادي ليسر بصورة سلمية ,ولكن عادت المؤامرات تعمل عملها والاغتيالات والعبث
بالأمن فكان التجهيز الأخير بنجدة كبيرة من المكلا , وتولى القيادة المقدم عمر باصرة بنفسه ,
ولم يعد إلى ليمن إلبعد أن تم إخضاع الوادي بكامله وبعد أن توطد الأمن به لم يقف عند هذا الحد
بل أرسل إلى كافة القبائل المجاورة والبعيدة .
وعقد معهم اتفاقيات تنص عى الولاء والطاعة للسلطان القعيطي بصفته الممثل للسلطنة ,
وتم له ذلك مع الدين وقبائل آل بلعبيد وغيرهم وطارت باسم المقدم باصرة الركبان , وأضحى
قصره مقصداً للوفود من كل المناطق تخطب وده وتعلن الولاء عن طواعية وعن رهبة .
وكان لشخصيتة المهيبة وذكائه الوقاد وتفكيره الناضج وفهمه لنفسية القبائل أثر كبير في
نجاحه وبعد صيته ,إلى جانب كرمه وحسن مقابلته وتقديره للشخصيات التي تتمتع بنفوذ واسع
بين القائل وقدرتة على كسبها .
وبعد , فلقد كان المقدم عمر سياسياً محنكاً , وقائداً فذاً مهاباً محبوباً ,نشر الأمن والعدالة
في ربوع دوعن وملحقاته , وكان اسم باصرة كافياً لاءيقاف كل حركة تمرد , وكان مع ذلك
يتمتع بصلاحيات واسعة من قبل السلطان غالب وكًون جيشاً من قبائل دوعن إلى جانب
قوات يافع وأتباعهم ووزعهم على المناطق المختلفة لحفظ الأمن وأبقى قوة احتياطية يرسلها
إذا استدعى الأمر إلى أي مكان .
وعاش رحمه الله عيشة الأمراء , وله نوادر وحكايات يطول شرحها مع سكان الواديين ,
كلها تدل على خبرته ومعرفته بالأحوال صغيرها وكبيرها مما جعل كل الناس يعملون له الف
حساب .
وبعد أن عاش أهل هذه المنطقة مدة طويلة في عهده يتمتعون بنعمة الأمان والراحة والاطمئنان
نزل به القضاء المحتوم ولحق بربه عام 1352 هـ وبكته دوعن وبكاه الساحل والداخل , بل بكاه
جبل يافع , رحمه الله وأسكنه بجواره فراديس الجنات .