راعي الوقيد
05-04-2007, 14:02
السلام عليكم ورحمة الله
http://alwaqed.googlepages.com/T2.jpg
يستهل الشعراء الشعبيون الكثير من قصائدهم مهما كان العرض منها بصيغ مختلفة منها ماهو شائع، ومنها ماهو دون ذلك، فمن خلال إلقاء نظرة سريعة على الشعر الشعبي التقليدي أو الكلاسيكي سنجد أن الشعراء قد استخدموا العديد من الصيغ، منها على سبيل المثال: "يامل قلب/ عين" و"البارحة" و"ياراكب"و" ياتل قلبي/ياجر قلبي" وما إلى ذلك من الصيغ .
ولنا أن نتساءل: هل استخدام الشعراء لمثل هذه الصيغ وتكرارها في مطالع قصائدهم استخدام إعتباطي ام أنها طريقة فنية اتبع فيها الشاعر اللاحق شاعراً سابقاً له؟ وهل لهذه الصيغ دلالات في ذواتها، وفي ارتباطها بغرض القصيدة؟ وعندها يكون الشاعر قد قصد استخدامها.
وأود أن أتطرق هنا لصيغة استخدمها أكثر من ستين شاعراً وشاعرة في مطالع قصائدهم، ولم ترد في غير المطلع إلا في مواضع محدودة، هذه الصيغة هي " لاوالله إلا/ ياوالله اللي" ومن أمثلتها قول الشاعر ابراهيم بن جعيثن :-
لاوالله اللي صار للبدو نجناج =ردوا وطووا ودهم بالمسانيد
فلو أمعنا النظر في هذه الصيغة ألفيناها ترد في قصائد تحمل دلالات أو أفكارا مشتركة فيما بينها، بغض النظر عن أغراض هذه القصائد، بل ربما نجدها آخر الأمر ترتد إلى فكرة رئيسية واحدة أو حالة واحدة كما سنرى. وقد استخدمت هذه الصيغة في مستهل قصائد الرحيل التقليدي (شديد البدو الجماعي) كما في البيت السابق، وكذلك في قول فهيد المجماج:-
لاوالله اللي صار للبدو نضناض=دونك حجير مغيزل العين مقضوض
واستخدمها الشعراء كذلك في القصائد التي يتحسرون فيها على رحيل شبابهم، وانتقالهم من مرحلة الشباب والقوة إلى مرحلة المشيب والضعف، يقول سعد بن هتيل:-
لاوالله اللي بدا في عارضي شيب=وأنا احسب الشيب توه ما قرب حله
ويقول محمد بن سليمان المحسن :-
لاوالله الا ضلهب الشيب في راسي=وطاحت سنوني كلها والثنايا
وأرى بأنه من المناسب هنا أن أذكر بأن الشعراء الجاهليون قد ربطوا بين رحيل الظعائن ورحيل الشباب، ومن ذلك قول الأسود بن جهم:-
وجدت الشباب قد مضى وتسرعا=وبان كما بان الخليط فودعا
ويقول المرقش الأكبر أيضا:-
فإن يظعن الشيب الشباب فقد ترى=به لمتي لم يرم عنها غرابها
واستخدم الشعراء هذه الصيغة أيضا للتعبير عن حزنهم على رحيل موسم الصيد، يقول سمير بن صليهم :-
لاوالله الا يبس عشب النواوير=وقامت لواهيب الشموس تحطمها
واقفى هداد الطير ياراعي الطير=ما عاد يكشف برقعه من عدمها
ويقول بدر الحويفي:-
لاوالله الا راح وقت الصقارة=والبر ما يعجبك لا رحت دوار
ومن العجيب أن نجد الشاعر منصور المفقاعي قد استخدم مفردة "شيبت" في إحدى قصائده التي يتحدث فيها عن ذهاب موسم الصيد، فموسم القنص يشيب ويرحل مكانة محله موسم آخر، كما هو الحال مع الشعر الذي يشيب بعد أن يرحل سواده ويحل محله البياض:-
ياوالله اللي شيبت هدة الطير=ولت وولا وقتها واثمرتها
ومن أكثر الأغراض التي وردت هذه الصيغة في مستهلها غرض الرثاء، ومن ذلك قول غازي بن عون:-
لاوالله الا شد من عندنا جار=عسى الجنان البارده منزل له
ويقول عبدالله السلوم أيضا:-
لا والله الا صابك الحزن يادار=ومن مر جنبك سال دمعه ومعذور
وافتتح بها الشعراء أيضا القصائد التي تحدثوا فيها عن الرحيل والفراق والغياب لأي سبب غير الموت، يقول محمد السياري بعد رحيل أحد جيرانه:-
لا والله الا شد من عندنا جار=جار السعد ياحظ منهو قصيره
ويقول سعد الغتري معبراً عن حزنه على ضياع طير له :-
لا والله الا قطع سبق طيري=غزاه ياطيري غدا وين ابلقاه
واستخدمها الشعراء أيضاً في مستهل الحديث عن تغير أحوال عن تغير أحوال الدنيا أو من عليها، يقول عبيد بن حمود الأسعدي: -
لا والله اللي دوبحن الليالي=راحت بشيمات العرب والمروات
داست صناديد العرب بالنعالي=كلتهم البيدا والأيام عدلات
ويقول صقر النصافي:-
لا والله الا صار طبع العرب شين= من داج بين بيوتهم برقوا به
الحب شان وشينوه الخبيثن=اللي من اول قد مشوا في دروبه
في جميع الأمثلة السابقة وبالرغم من تعدد الأغراض لدى الشعراء ، نجد أن هذه الصيغة قد ارتبطت بتجارب مشتركة أو متقاربة كتجربة الرحيل / الانتقال، وتجربة الموت/ الفقد، وتجربة التغير/ التحول، وتطالعنا أيضاً تجربة الزوال والبكاء على الزمن وطلل الأشياء المنقرضه؛ أما الحالة أو العاطفة التي صدرت عنها جميع التجارب السابقة فهي حالة واحدة وهي حالة الحزن، وقد تخرج هذه الصيغة عن الارتباط بالحزن في أحيان قليلة منها على سبيل المثال قول مرشد البذال في قصيدة غزلية:-
لاوالله الا عزمت وزان مطراشي=أبسري الليل وابكر مغابيشه
ومع ذلك نجد أن هذه الأمثلة قد إشتركت مع ماسبق في دلالات معينة منها فكرة الانتقال في المثال السابق .
أما الدلالة التي يمكن أن تقول بأن هذه الصيغة تحملها فأعتقد أنها استخدمت للتعبير عن الجزع أو المفاجأة لحدوث أمر معين.
اعداد / بداح فهد السبيعي
لكم التحية
والسلاااااااااااام ...
http://alwaqed.googlepages.com/T2.jpg
يستهل الشعراء الشعبيون الكثير من قصائدهم مهما كان العرض منها بصيغ مختلفة منها ماهو شائع، ومنها ماهو دون ذلك، فمن خلال إلقاء نظرة سريعة على الشعر الشعبي التقليدي أو الكلاسيكي سنجد أن الشعراء قد استخدموا العديد من الصيغ، منها على سبيل المثال: "يامل قلب/ عين" و"البارحة" و"ياراكب"و" ياتل قلبي/ياجر قلبي" وما إلى ذلك من الصيغ .
ولنا أن نتساءل: هل استخدام الشعراء لمثل هذه الصيغ وتكرارها في مطالع قصائدهم استخدام إعتباطي ام أنها طريقة فنية اتبع فيها الشاعر اللاحق شاعراً سابقاً له؟ وهل لهذه الصيغ دلالات في ذواتها، وفي ارتباطها بغرض القصيدة؟ وعندها يكون الشاعر قد قصد استخدامها.
وأود أن أتطرق هنا لصيغة استخدمها أكثر من ستين شاعراً وشاعرة في مطالع قصائدهم، ولم ترد في غير المطلع إلا في مواضع محدودة، هذه الصيغة هي " لاوالله إلا/ ياوالله اللي" ومن أمثلتها قول الشاعر ابراهيم بن جعيثن :-
لاوالله اللي صار للبدو نجناج =ردوا وطووا ودهم بالمسانيد
فلو أمعنا النظر في هذه الصيغة ألفيناها ترد في قصائد تحمل دلالات أو أفكارا مشتركة فيما بينها، بغض النظر عن أغراض هذه القصائد، بل ربما نجدها آخر الأمر ترتد إلى فكرة رئيسية واحدة أو حالة واحدة كما سنرى. وقد استخدمت هذه الصيغة في مستهل قصائد الرحيل التقليدي (شديد البدو الجماعي) كما في البيت السابق، وكذلك في قول فهيد المجماج:-
لاوالله اللي صار للبدو نضناض=دونك حجير مغيزل العين مقضوض
واستخدمها الشعراء كذلك في القصائد التي يتحسرون فيها على رحيل شبابهم، وانتقالهم من مرحلة الشباب والقوة إلى مرحلة المشيب والضعف، يقول سعد بن هتيل:-
لاوالله اللي بدا في عارضي شيب=وأنا احسب الشيب توه ما قرب حله
ويقول محمد بن سليمان المحسن :-
لاوالله الا ضلهب الشيب في راسي=وطاحت سنوني كلها والثنايا
وأرى بأنه من المناسب هنا أن أذكر بأن الشعراء الجاهليون قد ربطوا بين رحيل الظعائن ورحيل الشباب، ومن ذلك قول الأسود بن جهم:-
وجدت الشباب قد مضى وتسرعا=وبان كما بان الخليط فودعا
ويقول المرقش الأكبر أيضا:-
فإن يظعن الشيب الشباب فقد ترى=به لمتي لم يرم عنها غرابها
واستخدم الشعراء هذه الصيغة أيضا للتعبير عن حزنهم على رحيل موسم الصيد، يقول سمير بن صليهم :-
لاوالله الا يبس عشب النواوير=وقامت لواهيب الشموس تحطمها
واقفى هداد الطير ياراعي الطير=ما عاد يكشف برقعه من عدمها
ويقول بدر الحويفي:-
لاوالله الا راح وقت الصقارة=والبر ما يعجبك لا رحت دوار
ومن العجيب أن نجد الشاعر منصور المفقاعي قد استخدم مفردة "شيبت" في إحدى قصائده التي يتحدث فيها عن ذهاب موسم الصيد، فموسم القنص يشيب ويرحل مكانة محله موسم آخر، كما هو الحال مع الشعر الذي يشيب بعد أن يرحل سواده ويحل محله البياض:-
ياوالله اللي شيبت هدة الطير=ولت وولا وقتها واثمرتها
ومن أكثر الأغراض التي وردت هذه الصيغة في مستهلها غرض الرثاء، ومن ذلك قول غازي بن عون:-
لاوالله الا شد من عندنا جار=عسى الجنان البارده منزل له
ويقول عبدالله السلوم أيضا:-
لا والله الا صابك الحزن يادار=ومن مر جنبك سال دمعه ومعذور
وافتتح بها الشعراء أيضا القصائد التي تحدثوا فيها عن الرحيل والفراق والغياب لأي سبب غير الموت، يقول محمد السياري بعد رحيل أحد جيرانه:-
لا والله الا شد من عندنا جار=جار السعد ياحظ منهو قصيره
ويقول سعد الغتري معبراً عن حزنه على ضياع طير له :-
لا والله الا قطع سبق طيري=غزاه ياطيري غدا وين ابلقاه
واستخدمها الشعراء أيضاً في مستهل الحديث عن تغير أحوال عن تغير أحوال الدنيا أو من عليها، يقول عبيد بن حمود الأسعدي: -
لا والله اللي دوبحن الليالي=راحت بشيمات العرب والمروات
داست صناديد العرب بالنعالي=كلتهم البيدا والأيام عدلات
ويقول صقر النصافي:-
لا والله الا صار طبع العرب شين= من داج بين بيوتهم برقوا به
الحب شان وشينوه الخبيثن=اللي من اول قد مشوا في دروبه
في جميع الأمثلة السابقة وبالرغم من تعدد الأغراض لدى الشعراء ، نجد أن هذه الصيغة قد ارتبطت بتجارب مشتركة أو متقاربة كتجربة الرحيل / الانتقال، وتجربة الموت/ الفقد، وتجربة التغير/ التحول، وتطالعنا أيضاً تجربة الزوال والبكاء على الزمن وطلل الأشياء المنقرضه؛ أما الحالة أو العاطفة التي صدرت عنها جميع التجارب السابقة فهي حالة واحدة وهي حالة الحزن، وقد تخرج هذه الصيغة عن الارتباط بالحزن في أحيان قليلة منها على سبيل المثال قول مرشد البذال في قصيدة غزلية:-
لاوالله الا عزمت وزان مطراشي=أبسري الليل وابكر مغابيشه
ومع ذلك نجد أن هذه الأمثلة قد إشتركت مع ماسبق في دلالات معينة منها فكرة الانتقال في المثال السابق .
أما الدلالة التي يمكن أن تقول بأن هذه الصيغة تحملها فأعتقد أنها استخدمت للتعبير عن الجزع أو المفاجأة لحدوث أمر معين.
اعداد / بداح فهد السبيعي
لكم التحية
والسلاااااااااااام ...