ثرثرة على نهر السين

[شام]

معروف ذاك النهر الباريسي الكبير

ومعروفين من هم رواده

ومن يساهر الليل و النجوم على ضفافه

و ينشلح نهاراً مثل مئزر قربه يغوص به و يرمي أحلامه

و مع كل هذه الأجواء الرائعة من السين وضفافه

إلى الآجمل و الأروع و الأحلى على الإطلاق

الثرثرة على ضفافه

هل جرب أحدكم أن يتحدث مع نهر السين الكبير

وهل حاول أحدكم أن يرمي في قعره أحلامه و همومه و أشجانه و احباطاته

و تساؤلاته و هذيانه و اعتراضه على قوانين الطوارئ و امتعاضه على وضعه البائس

و رفضه للعلمانية و ابتعاده عن الشيوعية و كرهه للماركسية و بغضه للماسونية

و قرفه مما يسمى اشتراكية و حزبية وبعثية و قومية و اخيراً حروف كلمة ديمقراطية

و بؤسه من الطائفية و التفرقة العنصرية وسياسة القطب الواحد و الهيمنة الأمريكية

هل حاول احد أن يرخي سدول همومه من الفقر و ارتفاع الاسعار

مع نسب عالية في الأمية ...

وهل حاول احدكم أن يبث النهر شكواه نظراً أنه بلغ العقد الخامس من عمره

ولم ينعم بسيارة أمريكية أو حتى مستوردة من بلدان أسيوية

ولم يهنأ بمنزل مطابق للمواصفات الصحية ...

هل يمكنكم أن تتخيلوا معي ذلك النزف على ضفاف نهر السين

وهو ذاك الشريد يتمشى على ارصفة نهر السين بحذاء مثقوب ..

يهلوس بأضغاث أحلام ويكاد يصاب بالجنون ولا زال يثرثر عن عصر الشعارات

و الكلمات الضخمة الرنانة

وهو لا زال يفتقد في وطنه الممتد من الخليج الى المحيط عن معنى كلمة

حروفها تشكل ك ر ا م ة