ابوالغريب
25-02-2007, 00:08
أقل دولة عربية تتمتع بحرية الصحافة
2006 الحريات الصحفية السعودية .. تتراجع
القاهرة / أيمن إبراهيم 6/2/1428
24/02/2007
نشرت منظمة (مراسلون بلا حدود) تقريرها العالمي الخامس لحرية الصحافة في عام 2006، والذي كان أبرز ما فيه تصدّر بعض الدول النامية الترتيب متقدّمةً على الديمقراطيات الغربية، فيما لا تزال الدول الأكثر قمعية على حالها، كما لوحظ تغيرات عديدة في ترتيب الدول العربية داخل الترتيب العالمي، وفيما بينها لكنها في النهاية في ذيل القائمة.
المملكة العربية السعودية حققت أكبر مستوى في القمع الصحفي وانخفاض مستوى الحرية في النشر، حيث كانت آخر دولة على مستوى الحريات الصحفية، مقارنة بالدول العربية جميعاً؛ إذ حصلت السعودية على المرتبة (161)، بينما حققت جارتها الكويت أعلى رقم في مستوى الحريات الصحفية حيث وصلت إلى المرتبة (73) عالمياً لتحافظ على صدارة الدول العربية في الترتيب، وتليها الإمارات العربية المتحدة التي احتلت المرتبة (77) ، ثم قطر في المرتبة (80) عالمياً.
ولا تزال الحرية الصحفية تتراجع في اليمن إلى المرتبة (149)، نظراً إلى توقيف عدة صحافيين وإغلاق وسائل إعلام، فيما خضع عدة محترفين عاملين في مجال الصحافة للاستجواب، وكذلك الجزائر تراجعت إلى المرتبة (126) والأردن في (109).
ولعبت السياسة والحرب دورها في انتقال لبنان من المرتبة (56) إلى المرتبة (107) في غضون خمسة أعوام؛ إذ لا تزال الصحافة اللبنانية تعاني من سوء الأوضاع السياسية السائدة في المنطقة، خاصة بعد سلسلة الاغتيالات التي شهدتها البلاد في العام 2005 والاعتداءات الإسرائيلية التي وقعت فيها في العام 2006، ولذلك تحتاج وسائل الإعلام اللبنانية - التي تُعدّ الأكثر حرية وخبرة في العالم العربي - إلى جو من الهدوء والضمانات الأمنية لتستعيد عافيتها، وكذلك فلسطين التي جاءت في المرتبة (134) بسبب عدم الاستقرار على الأراضي الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي المتواصل عليها، والذي يهدد ممارسة حرية التعبير في الشرق الأوسط.
وفي شمال إفريقية تحسّن الوضع في الجزائر والمغرب اللذين بدت السلطات فيهما أكثر تساهلاً مع الصحافة من الأعوام السابقة، وتمكّنت منظمة (مراسلون بلا حدود) من التوجه، للمرة الأولى منذ تأسيسها، إلى ليبيا للقاء بعض المسؤولين فيها، كما تراجعت الخطوط الحمراء التي فرضها القصر الملكي، وانفتاح المشهد الإعلامي مما أدى إلى تقدم المغرب إلى المرتبة (97)، بالرغم من الحكم على المجلتين الأسبوعيتين (تيل كيل) و(لو جورنال إيبدو) بدفع غرامات فادحة إثر إدانتهما بالقذف، وفي موريتانيا وضع الانقلاب الذي جرى في أغسطس 2005 حداً للرقابة المفروضة على الصحافة المحلية، لتنتقل البلد من المرتبة (138) في العام 2004 إلى المرتبة (77) محققة تقدّماً ملحوظاً في الترتيب.
أما في تونس التي جاءت في المرتبة (148)، فتشكل مصادرة الصحف، وصرف الموظفين، وتعليق الرواتب أحد الأسباب الرئيسة في تدني مستواها، ولم تفارق أجهزة الاستخبارات الصحافيين الأجانب في القمة العالمية لمجتمع المعلومات في نوفمبر 2005، وفي اليوم السابق لافتتاح القمة، أوسعت السلطات أحد الصحافيين في صحيفة (ليبراسيون) ضرباً وطعناً، ونكّلت بفريق عمل التلفزيون البلجيكي (أر تي بي أف) وبصحافيين من (تي في 5).
وفي المملكة العربية السعودية التي جاءت في المرتبة (161)، وسوريا في المرتبة (153)، قال التقرير إن الصحافة المستقلة لا تزال غائبة تماماً هناك، في حين أن وسائل الإعلام المرخص لها تشكل أجهزة للدعاية، فيما يمارس الساسة نفوذاً على الإعلام عبر تحديد خطوط حمراء ينبغي عدم تخطّيها.
من ناحية أخرى أكدت المنظمة تقدم دول جديدة من الجنوب على الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، مما يؤكد مجدداً على أن الدول، مهما كانت فقيرة، تستطيع أن تحترم حرية التعبير، معربة عن قلقها من تدهور حرية التعبير وتراجعها في الولايات المتحدة واليابان وفرنسا، فيما لا تزال دول أوروبا الشمالية تحتل الصدارة في ترتيب حرية التعبير؛ إذ لم تُسجّل أي حالة رقابة أو تهديد أو ترهيب أو مشادة جسدية في فنلندا وإيرلندا وإيسلندا وهولندا.
وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة (53) بتراجع تسع مراتب عن العام الماضي، والتي كانت في المرتبة (17) في عام 2002، إلا أن الوضع قد تدهور حالياً بين الصحافة وإدارة جورج بوش التي تذرّعت بالأمن القومي لتشتبه بكل صحافي قد يشكك في "حربها ضد الإرهاب"، وعدم اعتراف القضاء الفدرالي بامتياز سرية المصادر كما في دول الاتحاد الأوروبي، فلا يتوانى عن تهديد الصحافيين حتى أولئك الذين لا يجرون تحقيقات ترتبط بقضايا الإرهاب. وعلى سبيل المثال، زُجّ الصحافي المستقل والمدوّن (جوش وولف) في السجن لرفضه تسليم وثائقه المصوّرة فيما لا يزال المصوّر السوداني العامل في قناة الجزيرة "سامي الحاج" معتقلاً بلا مسوّغ منذ 13 يونيو 2002 في قاعدة جونتانامو العسكرية، شأنه شأن مصوّر وكالة (أسوشيتد برس) "بلال حسين" المعتقل منذ 12 أبريل 2006 في العراق.
وأشار تقرير آخر لمنظمة مراسلون بلا حدود إلى مقتل (81) صحفياً خلال 2006 كما قُتل (32) معاوناً إعلامياً، وتم استجواب (871) صحافياً على الأقل، وتهديد أو الاعتداء على (1472) صحفياً، وفرض الرقابة على (912) وسيلة إعلامية، واختطاف (56) صحفياً، مشيراً إلى أن العراق أكثر الدول خطورة في العالم على حياة العاملين المحترفين في القطاع الإعلامي: فقد لاقى (64) صحفياً ومعاوناً إعلامياً مصرعهم في العام 2006 ، كما تعرّض (139) صحافياً للقتل في العراق منذ بداية الغزو في 2003 .
وعن الرقابة على حرية التعبير على الشبكة العنكبوتية ذكر تقرير للمنظمة أن المملكة العربية السعودية لا تخفي رقابتها على شبكة الإنترنت؛ إذ يدرك متصفّحو الإنترنت في المملكة العربية السعودية الصفحات التي تمنعها السلطات بفضل نظام الترشيح. وتتركز الرقابة على المحتويات الإباحية والمنشورات الإسرائيلية والمواقع المخصصة للمعارضة السياسية، كما أن هناك معتقلين سعوديين كثر، اعتقلوا بسبب انتقاداتهم السياسية للحكومة السعودية على ساحات الإنترنت وبأسماء مستعارة أيضاً، وتتفاوت الأحكام القضائية بحقهم ما بين ستة أشهر إلى سنتين.
وفي مصر أوقفت السلطات ثلاثة مدوّنين في يونيو 2006 وسجنتهم لمدة شهرين لمدافعتهم عن ضرورة إدخال الإصلاحات الديمقراطية في البلاد. كذلك وقع غيرهم ضحية الملاحقة والتهديد، وقد أصدرت إحدى المحاكم الإدارية في مجلس شورى الدولة حكماً يقضي بالسماح للسلطات بحجب أو تعليق أو إقفال أي موقع إنترنت من شأنه أن يشكل تهديداً "لأمن الدولة". ويعتبر هذا الحكم موقفاً مقلقاً قد يمهّد لفرض رقابة مفرطة على الشبكة.
أما في سوريا فيوجد ثلاثة أفراد معتقلين حالياً لانتقادهم السلطات على الإنترنت، حيث تعدّ سوريا أكبر سجون الشرق الأوسط للمخالفين الإلكترونيين الذين يخضعون للتعذيب والاعتقال في ظروف غير إنسانية. فتمنع الحكومة ولوج مواقع المعارضة باللغة العربية والمواقع الخاصة بالأقلية الكردية في سوريا.
ووضع التقرير تونس ضمن أكثر السياسات خنقاً للحريات الإلكترونية في العالم. فتضطر المقاهي الإلكترونية إلى ترشيح محتويات الإنترنت كونها تخضع لسيطرة الدولة ومراقبة الشرطة، فضلاً عن ذلك، تعمد أجهزة الأمن إلى ملاحقة المدوّنين المستقلين والمسؤولين عن مواقع المعارضة باستمرار للتأكد من أن الرقابة الذاتية سائدة على الشبكة التونسية. وفي هذا الإطار، لا يزال المخالف الإلكتروني المحامي محمد عبو معتقلاً منذ مارس 2005 لنشره مقالاً ينتقد رئيس الدولة على شكل رسالة إخبارية.
وبالرغم من أن المنظمة لاحظت أن شبكة الإنترنت في ليبيا لا تخضع للرقابة، فلا يوجد مخالف إلكتروني معتقل منذ الإفراج عن عبد الرزاق المنصوري في مارس 2006، إلا أن المنظمة لا تزال تعتبر النظام الليبي صيّاداً لحرية الصحافة.
الصحافة وحرية الشعوب
يقول الدكتور رضا عبد الواجد أمين – أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر- إنه من الثابت أن الصحافة تلعب دوراً هاماً في حياة الشعوب والأمم، وتقود مسيرة التنمية في أي مجتمع، ولكي تودي الصحافة هذا الدور لابد من توافر بيئة إعلامية مواتية تعمل فيها الصحافة لتؤدي هذا الدور بنجاح، وأهم ملامح هذه البيئة هي الحرية الإعلامية ويُقصد بها: المقدار الذي تتمتع به الصحافة في الحركة والنفاذ إلى المعلومات وعرض جميع وجهات النظر حول القضية الواحدة والتزام الموضوعية قدر الإمكان.
وأضاف أنه مع ظهور وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة التي تتمثل في هذا الكم الهائل من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت؛ إذ إنه من المفترض أن تؤدي هذه الوسائل دورها المطلوب في إيجاد المنافسة الحقيقية بين وسائل الإعلام المختلفة - ومنها الصحافة بطبيعة الحال – وتدفعها نحو التحرر من القيود القانونية والسياسية والرقابية لتتمتع بأكبر قدر متاح من الحرية.
وتابع أن عام 2006 شهد تطوراً ملحوظاً في هذا المجال؛ إذ انتشرت المواقع الإلكترونية والصحف الإلكترونية، وتعاظم دور هذا الشكل الإلكتروني الجديد "المدونات" في إحداث هذه النقلة النوعية في مفهوم الحرية الصحفية في العالم، حيث يوجد الآن ما يقرب من (100000) مدونة عربية على شبكة الإنترنت في مواقع متعددة تشكل في مجملها ملامح نظام قادر على التكيف مع الأشكال القمعية والاستبدادية التي تمارسها الأنظمة السلطوية في مناطق متعددة من العالم، ولعل المدونة الشهيرة التي سجلت أحداث التحرش الجنسي في مصر عقب أحداث عيد الفطر الماضي كانت مصدراً هاماً لكثير من الصحف الورقية والإلكترونية ووسائل الإعلام بشكل عام، بل أحدثت نقلة نوعية في مفهوم حرية النفاذ إلى المعلومة، وكسرت الكثير من القيود والحواجز التي تضعها الصحافة الموالية للسلطة بشكل خاص على نشر مثل هذه الموضوعات.
وقال رضا إنه من المهم الإشارة إلى أنه بالرغم من قطع الصحافة العربية بشكل عام والصحافة المصرية بشكل خاص شوطاً على هذا الصعيد، إلاّ أن حرية الصحافة في الوطن العربي تحتاج إلى كثير من الجهد وكثير من العمل من جانب الصحفيين واتحاداتهم ونقاباتهم للضغط على الحكومات، أو لتخفف الضغط على البنية الصحفية، وترفع القيود الجاثمة فوق أعناق أصحاب المهنة، وأهم هذه الامتيازات هو إلغاء حبس الصحفيين في قضايا النشر، وإلغاء الغرامات الباهظة على الصحف في قضايا النشر أيضاً
2006 الحريات الصحفية السعودية .. تتراجع
القاهرة / أيمن إبراهيم 6/2/1428
24/02/2007
نشرت منظمة (مراسلون بلا حدود) تقريرها العالمي الخامس لحرية الصحافة في عام 2006، والذي كان أبرز ما فيه تصدّر بعض الدول النامية الترتيب متقدّمةً على الديمقراطيات الغربية، فيما لا تزال الدول الأكثر قمعية على حالها، كما لوحظ تغيرات عديدة في ترتيب الدول العربية داخل الترتيب العالمي، وفيما بينها لكنها في النهاية في ذيل القائمة.
المملكة العربية السعودية حققت أكبر مستوى في القمع الصحفي وانخفاض مستوى الحرية في النشر، حيث كانت آخر دولة على مستوى الحريات الصحفية، مقارنة بالدول العربية جميعاً؛ إذ حصلت السعودية على المرتبة (161)، بينما حققت جارتها الكويت أعلى رقم في مستوى الحريات الصحفية حيث وصلت إلى المرتبة (73) عالمياً لتحافظ على صدارة الدول العربية في الترتيب، وتليها الإمارات العربية المتحدة التي احتلت المرتبة (77) ، ثم قطر في المرتبة (80) عالمياً.
ولا تزال الحرية الصحفية تتراجع في اليمن إلى المرتبة (149)، نظراً إلى توقيف عدة صحافيين وإغلاق وسائل إعلام، فيما خضع عدة محترفين عاملين في مجال الصحافة للاستجواب، وكذلك الجزائر تراجعت إلى المرتبة (126) والأردن في (109).
ولعبت السياسة والحرب دورها في انتقال لبنان من المرتبة (56) إلى المرتبة (107) في غضون خمسة أعوام؛ إذ لا تزال الصحافة اللبنانية تعاني من سوء الأوضاع السياسية السائدة في المنطقة، خاصة بعد سلسلة الاغتيالات التي شهدتها البلاد في العام 2005 والاعتداءات الإسرائيلية التي وقعت فيها في العام 2006، ولذلك تحتاج وسائل الإعلام اللبنانية - التي تُعدّ الأكثر حرية وخبرة في العالم العربي - إلى جو من الهدوء والضمانات الأمنية لتستعيد عافيتها، وكذلك فلسطين التي جاءت في المرتبة (134) بسبب عدم الاستقرار على الأراضي الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي المتواصل عليها، والذي يهدد ممارسة حرية التعبير في الشرق الأوسط.
وفي شمال إفريقية تحسّن الوضع في الجزائر والمغرب اللذين بدت السلطات فيهما أكثر تساهلاً مع الصحافة من الأعوام السابقة، وتمكّنت منظمة (مراسلون بلا حدود) من التوجه، للمرة الأولى منذ تأسيسها، إلى ليبيا للقاء بعض المسؤولين فيها، كما تراجعت الخطوط الحمراء التي فرضها القصر الملكي، وانفتاح المشهد الإعلامي مما أدى إلى تقدم المغرب إلى المرتبة (97)، بالرغم من الحكم على المجلتين الأسبوعيتين (تيل كيل) و(لو جورنال إيبدو) بدفع غرامات فادحة إثر إدانتهما بالقذف، وفي موريتانيا وضع الانقلاب الذي جرى في أغسطس 2005 حداً للرقابة المفروضة على الصحافة المحلية، لتنتقل البلد من المرتبة (138) في العام 2004 إلى المرتبة (77) محققة تقدّماً ملحوظاً في الترتيب.
أما في تونس التي جاءت في المرتبة (148)، فتشكل مصادرة الصحف، وصرف الموظفين، وتعليق الرواتب أحد الأسباب الرئيسة في تدني مستواها، ولم تفارق أجهزة الاستخبارات الصحافيين الأجانب في القمة العالمية لمجتمع المعلومات في نوفمبر 2005، وفي اليوم السابق لافتتاح القمة، أوسعت السلطات أحد الصحافيين في صحيفة (ليبراسيون) ضرباً وطعناً، ونكّلت بفريق عمل التلفزيون البلجيكي (أر تي بي أف) وبصحافيين من (تي في 5).
وفي المملكة العربية السعودية التي جاءت في المرتبة (161)، وسوريا في المرتبة (153)، قال التقرير إن الصحافة المستقلة لا تزال غائبة تماماً هناك، في حين أن وسائل الإعلام المرخص لها تشكل أجهزة للدعاية، فيما يمارس الساسة نفوذاً على الإعلام عبر تحديد خطوط حمراء ينبغي عدم تخطّيها.
من ناحية أخرى أكدت المنظمة تقدم دول جديدة من الجنوب على الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، مما يؤكد مجدداً على أن الدول، مهما كانت فقيرة، تستطيع أن تحترم حرية التعبير، معربة عن قلقها من تدهور حرية التعبير وتراجعها في الولايات المتحدة واليابان وفرنسا، فيما لا تزال دول أوروبا الشمالية تحتل الصدارة في ترتيب حرية التعبير؛ إذ لم تُسجّل أي حالة رقابة أو تهديد أو ترهيب أو مشادة جسدية في فنلندا وإيرلندا وإيسلندا وهولندا.
وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة (53) بتراجع تسع مراتب عن العام الماضي، والتي كانت في المرتبة (17) في عام 2002، إلا أن الوضع قد تدهور حالياً بين الصحافة وإدارة جورج بوش التي تذرّعت بالأمن القومي لتشتبه بكل صحافي قد يشكك في "حربها ضد الإرهاب"، وعدم اعتراف القضاء الفدرالي بامتياز سرية المصادر كما في دول الاتحاد الأوروبي، فلا يتوانى عن تهديد الصحافيين حتى أولئك الذين لا يجرون تحقيقات ترتبط بقضايا الإرهاب. وعلى سبيل المثال، زُجّ الصحافي المستقل والمدوّن (جوش وولف) في السجن لرفضه تسليم وثائقه المصوّرة فيما لا يزال المصوّر السوداني العامل في قناة الجزيرة "سامي الحاج" معتقلاً بلا مسوّغ منذ 13 يونيو 2002 في قاعدة جونتانامو العسكرية، شأنه شأن مصوّر وكالة (أسوشيتد برس) "بلال حسين" المعتقل منذ 12 أبريل 2006 في العراق.
وأشار تقرير آخر لمنظمة مراسلون بلا حدود إلى مقتل (81) صحفياً خلال 2006 كما قُتل (32) معاوناً إعلامياً، وتم استجواب (871) صحافياً على الأقل، وتهديد أو الاعتداء على (1472) صحفياً، وفرض الرقابة على (912) وسيلة إعلامية، واختطاف (56) صحفياً، مشيراً إلى أن العراق أكثر الدول خطورة في العالم على حياة العاملين المحترفين في القطاع الإعلامي: فقد لاقى (64) صحفياً ومعاوناً إعلامياً مصرعهم في العام 2006 ، كما تعرّض (139) صحافياً للقتل في العراق منذ بداية الغزو في 2003 .
وعن الرقابة على حرية التعبير على الشبكة العنكبوتية ذكر تقرير للمنظمة أن المملكة العربية السعودية لا تخفي رقابتها على شبكة الإنترنت؛ إذ يدرك متصفّحو الإنترنت في المملكة العربية السعودية الصفحات التي تمنعها السلطات بفضل نظام الترشيح. وتتركز الرقابة على المحتويات الإباحية والمنشورات الإسرائيلية والمواقع المخصصة للمعارضة السياسية، كما أن هناك معتقلين سعوديين كثر، اعتقلوا بسبب انتقاداتهم السياسية للحكومة السعودية على ساحات الإنترنت وبأسماء مستعارة أيضاً، وتتفاوت الأحكام القضائية بحقهم ما بين ستة أشهر إلى سنتين.
وفي مصر أوقفت السلطات ثلاثة مدوّنين في يونيو 2006 وسجنتهم لمدة شهرين لمدافعتهم عن ضرورة إدخال الإصلاحات الديمقراطية في البلاد. كذلك وقع غيرهم ضحية الملاحقة والتهديد، وقد أصدرت إحدى المحاكم الإدارية في مجلس شورى الدولة حكماً يقضي بالسماح للسلطات بحجب أو تعليق أو إقفال أي موقع إنترنت من شأنه أن يشكل تهديداً "لأمن الدولة". ويعتبر هذا الحكم موقفاً مقلقاً قد يمهّد لفرض رقابة مفرطة على الشبكة.
أما في سوريا فيوجد ثلاثة أفراد معتقلين حالياً لانتقادهم السلطات على الإنترنت، حيث تعدّ سوريا أكبر سجون الشرق الأوسط للمخالفين الإلكترونيين الذين يخضعون للتعذيب والاعتقال في ظروف غير إنسانية. فتمنع الحكومة ولوج مواقع المعارضة باللغة العربية والمواقع الخاصة بالأقلية الكردية في سوريا.
ووضع التقرير تونس ضمن أكثر السياسات خنقاً للحريات الإلكترونية في العالم. فتضطر المقاهي الإلكترونية إلى ترشيح محتويات الإنترنت كونها تخضع لسيطرة الدولة ومراقبة الشرطة، فضلاً عن ذلك، تعمد أجهزة الأمن إلى ملاحقة المدوّنين المستقلين والمسؤولين عن مواقع المعارضة باستمرار للتأكد من أن الرقابة الذاتية سائدة على الشبكة التونسية. وفي هذا الإطار، لا يزال المخالف الإلكتروني المحامي محمد عبو معتقلاً منذ مارس 2005 لنشره مقالاً ينتقد رئيس الدولة على شكل رسالة إخبارية.
وبالرغم من أن المنظمة لاحظت أن شبكة الإنترنت في ليبيا لا تخضع للرقابة، فلا يوجد مخالف إلكتروني معتقل منذ الإفراج عن عبد الرزاق المنصوري في مارس 2006، إلا أن المنظمة لا تزال تعتبر النظام الليبي صيّاداً لحرية الصحافة.
الصحافة وحرية الشعوب
يقول الدكتور رضا عبد الواجد أمين – أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر- إنه من الثابت أن الصحافة تلعب دوراً هاماً في حياة الشعوب والأمم، وتقود مسيرة التنمية في أي مجتمع، ولكي تودي الصحافة هذا الدور لابد من توافر بيئة إعلامية مواتية تعمل فيها الصحافة لتؤدي هذا الدور بنجاح، وأهم ملامح هذه البيئة هي الحرية الإعلامية ويُقصد بها: المقدار الذي تتمتع به الصحافة في الحركة والنفاذ إلى المعلومات وعرض جميع وجهات النظر حول القضية الواحدة والتزام الموضوعية قدر الإمكان.
وأضاف أنه مع ظهور وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة التي تتمثل في هذا الكم الهائل من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت؛ إذ إنه من المفترض أن تؤدي هذه الوسائل دورها المطلوب في إيجاد المنافسة الحقيقية بين وسائل الإعلام المختلفة - ومنها الصحافة بطبيعة الحال – وتدفعها نحو التحرر من القيود القانونية والسياسية والرقابية لتتمتع بأكبر قدر متاح من الحرية.
وتابع أن عام 2006 شهد تطوراً ملحوظاً في هذا المجال؛ إذ انتشرت المواقع الإلكترونية والصحف الإلكترونية، وتعاظم دور هذا الشكل الإلكتروني الجديد "المدونات" في إحداث هذه النقلة النوعية في مفهوم الحرية الصحفية في العالم، حيث يوجد الآن ما يقرب من (100000) مدونة عربية على شبكة الإنترنت في مواقع متعددة تشكل في مجملها ملامح نظام قادر على التكيف مع الأشكال القمعية والاستبدادية التي تمارسها الأنظمة السلطوية في مناطق متعددة من العالم، ولعل المدونة الشهيرة التي سجلت أحداث التحرش الجنسي في مصر عقب أحداث عيد الفطر الماضي كانت مصدراً هاماً لكثير من الصحف الورقية والإلكترونية ووسائل الإعلام بشكل عام، بل أحدثت نقلة نوعية في مفهوم حرية النفاذ إلى المعلومة، وكسرت الكثير من القيود والحواجز التي تضعها الصحافة الموالية للسلطة بشكل خاص على نشر مثل هذه الموضوعات.
وقال رضا إنه من المهم الإشارة إلى أنه بالرغم من قطع الصحافة العربية بشكل عام والصحافة المصرية بشكل خاص شوطاً على هذا الصعيد، إلاّ أن حرية الصحافة في الوطن العربي تحتاج إلى كثير من الجهد وكثير من العمل من جانب الصحفيين واتحاداتهم ونقاباتهم للضغط على الحكومات، أو لتخفف الضغط على البنية الصحفية، وترفع القيود الجاثمة فوق أعناق أصحاب المهنة، وأهم هذه الامتيازات هو إلغاء حبس الصحفيين في قضايا النشر، وإلغاء الغرامات الباهظة على الصحف في قضايا النشر أيضاً