المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهل الخير وأهل الشر



الشيخ/عبدالله الواكد
02-02-2007, 07:11
قال تعالى ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون )
كثيرا ما يقف العبد مذهولا إزاء حكمة الله ، وعظمة الله ، وعلم الله ، وتوفيق الله سبحانه وتعالى ، لكأني أتأمل هذه القلوب المتناثرة في الصدور ، كلها ، بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، قد تتصرف للخير وفعله ، وقد تتصرف للشر وأهله ، لا يستطيع الإنسان طرفة عين ، أن يذهب ذات اليمين أو ذات الشمال ، إلا أن يشاء الله ، فسبحان من فطر القلوب ، وعلم الغيوب ، وغفر الذنوب ، سبحان من أعز من شاء بعزته ، وأذل من شاء بحكمته ، وهدى من شاء بقدرته ، أليست هذه الأجساد سواسية ، فسبحان من فلقها بالحق والباطل ، وسبحان من فرقها بالخير والشر ، ولذا كان من دعائه عليه الصلاة والسلام ، يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، يامصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك ، سبحان الله ، حينما يتأمل الإنسان حال الناس في هذا المجتمع ، قد يجد الأخوين من صلب ورحم وقد يجد الجارين المتجاورين ، وبينهما أشسع مما بين الأرض والسماء خيرا وشرا ، وأبعد مما بين المشرق والمغرب قطيعة وبرا ، وعطاء وصرا

أتكون تلك سجية في إهلها
أم أنها التوفيق والإرشاد
أم أن صاحبها تأمل ثاقبا
صلب الحياة إلى الرشاد يقاد
ورأى الدنا حوالة زوالة
فجمالها الأموال والأولاد
فتأفف الدنيا وأصغر شأنها
فلأجلها كم قطعت أكباد
ومضى الذين تقطعوا من أجلها
ضمت على أجسادهم ألحاد
كل الذي فيها سراب زائل
وجميع ما فيها سدى ورماد
ويزول ما فيها ويفنى أهلها
لكن ما أقنيته يزداد

جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله ، هل الذي نعمل ، مما جف به القلم وجرت به المقادير أم مما نستقبل ، فقال عليه الصلاة والسلام : بل مما جف به القلم وجرت به المقادير ، فقال الأعرابي : إذن فلما العمل ، فقال عليه الصلاة والسلام ، إعملوا فكل ميسر لما خلق له ، إي والله ثم إي والله ، كل ميسر لما خلق له ، فكم من عيون سهرت ، ونأت أجفانها عن الغمض ، وأبصارها عن الرقاد ، إذا رأت إخوة يتشاجرون ، وأرحاما يتقاطعون ، وأباء وأمهات يعقون ، وفقراء ومساكين يهملون ، فذرعت فجاج الأرض ، وباعت سبلها ، لتصلح الشقاق ، وترتق الأفتاق ، وتسعى في جلب الأرزاق ، وفك الأعناق ، فتعود بها البسمة إلى الشفاه ، وتتكفكف بها الدموع ، فلله ثم لله ما أسعدها من أعين ، وما أرأفها من قلوب ، وما ألطفها من سجايا ، وكم من أجساد بلا أكباد ، وخَلْق بلا خُلُق ، تمر عليهم مثل هذه المآسي ، ومثل تلك المصائب التي تنادي في بهو المجتمع ، وفي فناء الحياة ، هلموا ، وهم سدرة في غيهم ، عميا في جفاءهم ، بكما في غلظتهم ، بل ربما كان فئام منهم ، أحزان الناس أعياد لهم ، وأتراحهم أفراح لهم ، فبعدا لهؤلاء ثم بعدا لهم ، فشتان بين أهل الخير وأهل الشر ، وإن أعظم الخير وأشمله وأجمله ما كان خالصا لوجه الله ، وفي مرضاة الله ، ولله المثل الأعلى ، أيستوي من يعمر مساجد الله ويسعى في بنائها ، وفرشها وتكييفها ، ليؤدي الناس الصلاة فيها براحة وطمأنينة ، ويبقى الناس في أكنافها الوارفة الباردة ، يسبحون ويذكرون الله ، ويتلون كتاب الله ، لا يبتغي بذلك سوى رضى الله وغفرانه ، أيستوي هو ومن يبني المقاهي ، ويؤسس الملاهي ، ليصرف الناس عن ذكر ربهم ، وعبادة خالقهم ، شتان أيها الإخوان ، بين من يسعى بماله على الأقارب والأرحام ، والمساكين والأيتام ، يسدد فاتورة عن هذا ، ويشتري أغراضا لذاك ، قائما بالخير عليهم ، فهل يستوي هو ومن يجعل أمواله في الإثارة والدعارة ، والمنكرات والمخدرات ،
شتان بين من هو وردة فيحاء في وسط حيه ، وعينا جارية بين جيرانه ، يزور هذا ، ويواسي ذاك ، يشهد أفراحهم وأتراحهم ، يعود مريضهم ، ويرحم صغيرهم ، ويوقر كبيرهم ، ويسعى في حاجتهم ، أيستوي هو ومن لا يأمن جاره بوائقه ، جائر على جيرانه ، كَلٌّ على إخوانه ، في كل يوم له خصم ، وفي كل ساعة له مشكلة ، يشار إليه ببنان السوء ، وينظر إليه بعين المقت والإزدراء ، أنتم أيها الإخوة ، لا بد أنكم لمستم من خير أهل الخير ، وعانيتم من شر أهل الشر ، ولسان الحال أبلغ من لسان المقال ، فكم بالله عليكم ، كان أهل الخير غرة في حياتكم ، وضياء في مدامس حاجاتكم ، وبلسما لجروحكم ومصائبكم ، شعرتم بذلك ولو لم تشعروا به ، فتبوأ أولائك الكرماء ، البررة الأسخياء ، أصحاب القلوب السخية ، والأكف الندية ، تبوؤا مكانا عليا ، ومقاما نديا ، وكم بالله عليكم ، كان أهل الشر غصة في حناجر القريب والبعيد ، يتسقطون العثرات ، ويزيدون في المشكلات ، حياتهم والعياذ بالله ، كسب للسيئات ، وزيادة في المنكرات ، فلا كثرهم الله ، فهلا حذونا حذو أهل الخير ، وسرنا على آثارهم ، واقتفينا دف نعالهم ، ليجعل الله لنا نصيبا من أنفسنا مدخر ، وعملا من دنيانا مستطر ، نجده يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم ،
ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الخير
ويقينا وإياكم الشر وأهله إنه سميع عليم

عبدالله الواكد
صبيحة الجمعة 14 محرم 1428 هـ

أبو أسامة
02-02-2007, 13:50
شكراً لك يا أبا فهـد

وغفر الله ذنبك

وبارك الله فيك

وفي سعـيك

شام
02-02-2007, 14:25
أجاب الله دعاءك فضيلة الشيخ

وبارك لك في علمك

ونفعك و نفع العباد من علمك

جزاك الله خيراً