حنين الليالي
12-11-2006, 23:52
من طالبة ما إلى بناة الأجيال ..معلمتي هذه المرة الأولى التي أكتب بها دون أن أذيل مساهمتي باسمي ، لا خوفا" من المسؤولية و لا طمعا" بشهرة المقنع بل هو حياء أهل الفقر أمام بناة الأجيال .
معلمتي في نهاية كل عام تتقدم زميلاتي بالهدايا والبطاقات الأنيقة ، تقديرا لما بذلتموه طوال العام الدراسي ، وهن فرحات مبتسمات لعلهن يردون بذلك جزءا يسيرا مما قدمت لهن .لكن الفرحة التي رأيتها على وجوههن انعكست نكدا" و ألما" في صدري عندما أحسست أنني لا أستطيع والكثيرات معي ممن لا يتسع دخل ولاة أمورهن لهدية لأبنائهم وبناتهم فكيف لمعلميهم ومعلماتهن . أحسست بالعجز الكبير فليست القصة لطالبة واحدة أو طالبتين إنما هي النسبة الأكبر ، و ما عساني أن أفعل أمام ذلك ، ففكرت بكتابة رسالة
هذه الرسالة إلى معلماتي إلى كل من عرق جبينه يوما" و هو يعلم الأجيال منذ أن خلق الله الخلق و إلى أن تقوم الساعة و هذه هي : ( من طالبة ما إلى بناة الأجيال .. كل عام و أنتن بخير , كل عام و هممكن عالية و نشاطكن على أحسن ما يرام ، كل عام و حناجركن بألف صحة و عافية ، اعذروني لأنني لم أكتب اسمي فأنا نكرة منذ أن دخلت الصف الأول ، لم تأتِي أمي لزيارتي يوما" في المدرسة فأمي لا يتسع يومها لدقائق معدودة و أخواتي مثلي تماما" ، أؤكد لكن أنكن لن تعرفونني فأنا لم أكن يوما" متميزة" في أي شيء سوى أنني نكرة ، حتى غيابي لا يلاحظه أحد ، أقلامي الصغيرة لا تفكر فيها التلميذات الأخريات و لا ينظرن إليها و لا يسرها أحد حتى و لو بقيت على مقعد الدراسة عدة أيام ، نقلتني معلمتي إلى المقعد الخلفي ليس لأنني طويلة ، بل لأنها تعلم أنني لا أجرؤ على الشكوى ، البائعة التي تقبع منذ سنين في زاوية المدرسة أعرفها لكنها لا تعرفني ، أراها كل يوم في الصباح و أتمنى أن أزور غرفتها مرة واحدة قبل أن أغادر هذه المدرسة ، لم أفهم من الرياضيات شيئا" أكثر من جدول الضرب ، لأنه يعنيني كثيرا" ، و حين تتحدث معلمتي عن الوطنية كنت أشعر برغبة في الضحك لأن من لا يملك بيتا" لا يملك وطنا" ، كنت استهزأ في داخلي من مدرسة العلوم كلما تحدثت عن الأمراض التي تسببها الأطعمة المكشوفة و مياه الشرب غير الصالحة رغبت في أن أتحداهاو أكذب كلامها بشاهدة أمامها تتعرض كل يوم لكل ما تقول دون أن يجرأ المرض على زيارتها ، لم تكن تخيفني إلا معلمة اللغة العربية حينما تقول عبرنّ عن أنفسكن لأن وصية أبي كانت دائما" : إياكم و التعبير عن ما في نفوسكم لأنكم ستفقدون بذلك كل المكتسبات العظيمة التي أنعمت بها علينا الحكومة و عندما سألناه عنها طلب منا مراجعة جدول الضرب . لا تعتبن علي يا بناة الأجيال فكثير من بناتكن مثلي أو أكثر فأنا أحبكن جدا" لكنني لا أستطيع أن أفهم كل دروسي لأنني جائعة ، لا أستطيع إلا أن أقارن بين ما أرتدي و بين الأخريات ، أتمنى أن يكون لدي حذاء" جديدا" كل عام ، أتمنى أن أقفز بسعادة مثل باقي التلميذات دون أن يرى أحد الرقع الكثيرة في لباسي الذي ورثته عن أختي التي تخرجت العام الماضي من مدرستكن ، أتمنى أن تعاملونني باحترام مثل كل الطالبات الثريات و بنات المسئولات في المدرسة دون تفرقة أو تمييز ، لكنني رغم كل ذلك أحبكن و احترمكن ، أرجوكن صدقوني أنني أحبكن و أحترمكن و إن لم أستطع تأكيد ذلك بهدية في أخر العام أرجوكن أحبوني لأنني أملك شيئا" لا يملكه الآخرون : أملك قلبا" طاهرا" و جسدا" لم يدخل جوفه سوى القليل من الحلال و أملك لسانا" ألهج به كل يوما" متضرعا" إلى الله ، أملك دعوةً لا يردها الباري عز و جل ...فاقبلوها مني هدية" كل يوم : دعاء" أدعو به إلى من علمني و لو حرفا" و إلى من رحم فقري و ضعفي و لو مرة"، و إلى من كفكف دمعي و لو بنظرة حب و تقدير.)
أم تولين
معلمتي في نهاية كل عام تتقدم زميلاتي بالهدايا والبطاقات الأنيقة ، تقديرا لما بذلتموه طوال العام الدراسي ، وهن فرحات مبتسمات لعلهن يردون بذلك جزءا يسيرا مما قدمت لهن .لكن الفرحة التي رأيتها على وجوههن انعكست نكدا" و ألما" في صدري عندما أحسست أنني لا أستطيع والكثيرات معي ممن لا يتسع دخل ولاة أمورهن لهدية لأبنائهم وبناتهم فكيف لمعلميهم ومعلماتهن . أحسست بالعجز الكبير فليست القصة لطالبة واحدة أو طالبتين إنما هي النسبة الأكبر ، و ما عساني أن أفعل أمام ذلك ، ففكرت بكتابة رسالة
هذه الرسالة إلى معلماتي إلى كل من عرق جبينه يوما" و هو يعلم الأجيال منذ أن خلق الله الخلق و إلى أن تقوم الساعة و هذه هي : ( من طالبة ما إلى بناة الأجيال .. كل عام و أنتن بخير , كل عام و هممكن عالية و نشاطكن على أحسن ما يرام ، كل عام و حناجركن بألف صحة و عافية ، اعذروني لأنني لم أكتب اسمي فأنا نكرة منذ أن دخلت الصف الأول ، لم تأتِي أمي لزيارتي يوما" في المدرسة فأمي لا يتسع يومها لدقائق معدودة و أخواتي مثلي تماما" ، أؤكد لكن أنكن لن تعرفونني فأنا لم أكن يوما" متميزة" في أي شيء سوى أنني نكرة ، حتى غيابي لا يلاحظه أحد ، أقلامي الصغيرة لا تفكر فيها التلميذات الأخريات و لا ينظرن إليها و لا يسرها أحد حتى و لو بقيت على مقعد الدراسة عدة أيام ، نقلتني معلمتي إلى المقعد الخلفي ليس لأنني طويلة ، بل لأنها تعلم أنني لا أجرؤ على الشكوى ، البائعة التي تقبع منذ سنين في زاوية المدرسة أعرفها لكنها لا تعرفني ، أراها كل يوم في الصباح و أتمنى أن أزور غرفتها مرة واحدة قبل أن أغادر هذه المدرسة ، لم أفهم من الرياضيات شيئا" أكثر من جدول الضرب ، لأنه يعنيني كثيرا" ، و حين تتحدث معلمتي عن الوطنية كنت أشعر برغبة في الضحك لأن من لا يملك بيتا" لا يملك وطنا" ، كنت استهزأ في داخلي من مدرسة العلوم كلما تحدثت عن الأمراض التي تسببها الأطعمة المكشوفة و مياه الشرب غير الصالحة رغبت في أن أتحداهاو أكذب كلامها بشاهدة أمامها تتعرض كل يوم لكل ما تقول دون أن يجرأ المرض على زيارتها ، لم تكن تخيفني إلا معلمة اللغة العربية حينما تقول عبرنّ عن أنفسكن لأن وصية أبي كانت دائما" : إياكم و التعبير عن ما في نفوسكم لأنكم ستفقدون بذلك كل المكتسبات العظيمة التي أنعمت بها علينا الحكومة و عندما سألناه عنها طلب منا مراجعة جدول الضرب . لا تعتبن علي يا بناة الأجيال فكثير من بناتكن مثلي أو أكثر فأنا أحبكن جدا" لكنني لا أستطيع أن أفهم كل دروسي لأنني جائعة ، لا أستطيع إلا أن أقارن بين ما أرتدي و بين الأخريات ، أتمنى أن يكون لدي حذاء" جديدا" كل عام ، أتمنى أن أقفز بسعادة مثل باقي التلميذات دون أن يرى أحد الرقع الكثيرة في لباسي الذي ورثته عن أختي التي تخرجت العام الماضي من مدرستكن ، أتمنى أن تعاملونني باحترام مثل كل الطالبات الثريات و بنات المسئولات في المدرسة دون تفرقة أو تمييز ، لكنني رغم كل ذلك أحبكن و احترمكن ، أرجوكن صدقوني أنني أحبكن و أحترمكن و إن لم أستطع تأكيد ذلك بهدية في أخر العام أرجوكن أحبوني لأنني أملك شيئا" لا يملكه الآخرون : أملك قلبا" طاهرا" و جسدا" لم يدخل جوفه سوى القليل من الحلال و أملك لسانا" ألهج به كل يوما" متضرعا" إلى الله ، أملك دعوةً لا يردها الباري عز و جل ...فاقبلوها مني هدية" كل يوم : دعاء" أدعو به إلى من علمني و لو حرفا" و إلى من رحم فقري و ضعفي و لو مرة"، و إلى من كفكف دمعي و لو بنظرة حب و تقدير.)
أم تولين