العراق
05-03-2006, 11:07
تفجير الضريحين ... وحقيقة سامراء الغائبة
*****************************
في عراق اليوم وحيث يكثر التضليل والخداع , لابد لنا قبل الحديث عن الفاجعة من توضيح للحقائق والمسلمات البديهية , والتي طمستها ضخامة وتداعيات اللحظة الآنية , والتصنع الجمعي لعواطف البعض , وكأن آل البيت ملكا مقتنى , أو قائمة خص الله بها طائفة عن سائر طوائف المسلمين الأخرى .
فسامراء بقلادة عشائرها المنتمية بفخر للنسب الهاشمي المتمثل برمزها علي الهادي وأولاده عليهم السلام , فخر قرابة بنبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه , لافخر كبر أو تفضل على باقي الأنساب من امة العرب أو القوميات الأخرى .
ومنذ بناء الضريح وتعاقب الأجيال عليه , كان هناك تواصل محبة روحي يخفق في الروح قبل القلب , كان قد خطه الجميع فوق سبورة شفاههم والتي تملئوا كل بيت من بيوتها الكريمة .
والذين رغم هذا التبجيل والمكانة العالية , ما عبدوه ولا صلوا له من دون الله أو ذبحو له الأضحيات , أنما هي مشاعر الوفاء للأجداد وهم يعطرون برفاتهم ارض سامراء ليزيد وها القا فوق القها التاريخي المغتال , فهو ببساطة بلسم لذكرياتنا العبقة بالآف القصص التي تروي أمثلة التقوى والزهد والورع , مع موقف الجد المتمسك بترابها الثائر حين آبى مغادرتها , حتى باتت دولة له وخلافة لا معلنة وقتها .
وهنا نتسائل هل ينسف المرء تاريخا مشرفا كهذا , بل من يستطيع أن يهدم ركنا من أركان نشأته وما يميزه عن الأخرين يا ترى .
ولنرجع قليلا إلى ما قبل التفجير , ونستعرض مدينة سامراء بوضعها الأمني من دخول قوات الاحتلال وحتى يومنا هذا وعل عجل , نجد إنما هي مدينة معزولة عن العالم حيث منافذها الرئيسية الثلاث أو معابرها إن صح القول تخضع لسيطرة كاملة من قبل قوات الاحتلال , مع تشكيلات ما يطلق عليه الحرس الوطني ومغاوير الداخلية , والتي غالبا ما تمنع الخروج والدخول ولأيام عدة , عند أي عمل مقاوم للاحتلال , أي كرد فعل على فطرة الله في خلقه , وحيثما وجد المحتل وجد المقاوم ندا لها .
مصحوبا بحظر تجوال أزلي عانت منه المدينة لليوم , حيث التكتيم الإعلامي والانهيار الاقتصادي . والتراجع الخدمي الكبير لمؤسساتها جميعا , ولم يتغير هذا الحال إلا لوقت جزئ لم يتجاوز الثلاثة اشهر , حينما انسحبت القوات الأمريكية خارج المدينه , لتدار سامراء وقتها بامكانات متواضعة من قبل المقاومة والخيرين من أبنائها , حيث لا سيطرات ولا حظر تجوال يذكر .
وما أن تنفست المدينه الصعداء حتى جاء قرار الحكومة باجتياح سامراء وما رافقها من قتل وتشريد وتجريف للبيوت كي يعود الحال كما كان عليه سابقا .
وللتنبه نذكر أن مرقد الإمام علي الهادي (رض) كان طوال فترة الثلاثة اشهر دون حماية تذكر وتلك حقيه يعرفها أهل المدينه جميعا .
وكحال مدن أهل السنة اجمع , كان المد والجزر مصاحبين ليوميات المدينه من جهة ولقوانين المحتل وما يفرضه من جهة أخرى , فتارة يبدأ الحظر من الثامنة مساء ولغاية الفجر , وتارة من السادسة مساء ولغاية فجر اليوم الذي يليه,
مما جعل الجميع ذو خبرة بعدائية المحتل وتغيراته المفاجئة , فترى أن الجميع ملتزم بما يفرض عليه , فالكثير من أبنائها قتلوا بدم بارد , بعد ما أجبرتهم الحاجة الملحة والضرورة القصوى , كامرأة تلد أو شيخ يحتظر , أو طفل تائه على تجاوز الزمن القاتل بعشرة دقائق .
أي إن عشرة دقائق لا أكثر في سامراء هي كفيلة بان تنقلك إلى العالم الآخر .
إننا إذ تحدثنا بهذه المقدمة إنما نريد أن نضع القارئ أمام أجزاء الصورة المتشظية والغائبة عن الكثير , فقبل يومين من التفجير , كان هناك تواجد كثيف لقوات الاحتلال قرب الضريح , مع مفارز عدة لمغاوير الداخلية في شوارع المدينة الرئيسية , وكأنما شيأ ما يحدث في الغيب , ماهو ! الله وحده يعلم ذلك , ومن ثم من بيده الآمر في سامراء .
ففي الليلة التي تم بها الحادث تمكن مسلحين يركبون السيارات ويرتدون ملابس مغاوير الداخلية من فتح أبواب الضريح وبكل هدوء , وقاموا بتقييد جميع الحراس الموجودين , ومن ثم وضعهم بحجرة خلفية في فناء الإمام , كان ذلك قبل بدء ساعات الحضر بعشرة دقائق , علما أن باب الحضرة يغلق قبل نصف ساعة من دخول وقت ( الموت ) ليستمر العمل على تفخيخ وزرع مالا يعرف نوعه ولا يقدر حجمه , والذي أحال القبة الذهبية والاواوين الجانبية الأربعة إلى ما يشبه الزلزال , لأن من يرى حجم الدمار الذي لحق بالمرقد يدرك حجم الأمكانات التي يتمتع بها اؤلائك , من حيث العدة والعدد والقدرة على التحرك داخل الحرم وخارجه مع حساب الزمن المستغرق في إتمام مهمتهم , إذا ما تذكرنا ليل سامراء ومافيه من رعب حقيقي مقارنة بعملية كهذه .
وعند فجر الصباح وكعادة أهل سامراء حيث يبكر الناس بالذهاب إلى مصالحهم , ووفق حسابات الجسر الوحيد الذي يربط المدينة بالطريق المؤدي إلى العاصمة بغداد ومركز المحافظة تكريت معا , وما يرافقه من تفتيش دقيق كثيرا ما يؤخر الطلاب عن مدارسهم والموضف عن دائرته والكاسب عن عمله .
إلا أنهم فوجئوا في تمام الساعة السادسة والربع صباحا , بقوات المغاوير تغلق طرقات المدينة وتأمرهم أن يلتزموا بيوتهم , حتى إن بقالا يقع محله قرب مرقد الأمام , قال وعلى الملأ أن مغاوير الداخلية إمرته بالرجوع .
كان ذلك قبل الانفجار بنصف ساعة , فعاد الجميع وبأمر يتكرر عليهم اغلب الأيام بل بات صفة ملازمة لصباحات مدينتهم , ليسمعوا بعد ذلك بانفجار عنيف أعقبه انفجار اعنف يهز مدينة سامراء الحزينة والمكلومة بجدها .
واني أتسائل ولا أريد أن اتهم أحدا ما , بل اترك للقارئ المنصف أن يأخذ كل ما كتب بعين الإنصاف والتحليل , من يستطيع أن يملك الوقت وإملاء الأوامر و ومن يملك الأمكانات والطريقة التي تم بها هذا الجرم , وأين كان ساعتها من يحسب علينا حتى أنفاسنا , ليجعلنا كل يوم كعيدان في علبة كبريت , بعد أن صدع رؤوسنا بان الملف الأمني والمدينة كلها بأيد أمينة .
ثم ما كانوا يفعلون في الصباح وما مغزى منع الناس من الخروج وإعادتهم إلى البيوت , وحرمانهم في بداية الأمر من التظاهر والاستنكار مما حدث , ناهيك عن ردة الفعل المدروسة , حيث الأناشيد الحزينة والمؤججة للعواطف , والاتصالات الهاتفية المفتوحة بلا تقييد لردود أفعال الناس , من قبل فضائيات تمتلكها الأحزاب المتنفذة اليوم في العراق .
أن الحقيقة في بلادي هي أول شهيد واريناه الثرى , وأول ضريح فجر بليل , فكثير من الحوادث عندنا أما أن يطلق الاتهام عليها جزافا , أو تسجل ضد مجهول , وما أكثر المجاهيل في عراق اليوم !
إن الأعداء والخصماء قطعا يختلفون بأجندتهم واحدا عن الآخر , ولاكن للسياسة أجندة لا تعترف بهذا المعيار , فكرسي الحكم في بلاد الرافدين كان ومازال لوحة تخضبها دماء الجياع والذين ترخص أرواحهم ورموزهم أمام ما تقتضيه مصالح البعض الضيقة , وما خفي كان أعظم .
نحن وأنتم والعالم اجمع ننتظر التحقيق والذي نتمنى أن لا يلصق بمفهوم مخالفة عقائد ومذهب الآخر , ولا أن يوضع فوق رفوف النسيان وتطبيل الفظائيات , لأننا نبحث عن الحقيقة وحدها , إن كان هناك موالين وعشاق لا آل بيت النبوة أجدادنا ( عليهم السلام ) ...
بقلم: سامراء كلها
*****************************
في عراق اليوم وحيث يكثر التضليل والخداع , لابد لنا قبل الحديث عن الفاجعة من توضيح للحقائق والمسلمات البديهية , والتي طمستها ضخامة وتداعيات اللحظة الآنية , والتصنع الجمعي لعواطف البعض , وكأن آل البيت ملكا مقتنى , أو قائمة خص الله بها طائفة عن سائر طوائف المسلمين الأخرى .
فسامراء بقلادة عشائرها المنتمية بفخر للنسب الهاشمي المتمثل برمزها علي الهادي وأولاده عليهم السلام , فخر قرابة بنبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه , لافخر كبر أو تفضل على باقي الأنساب من امة العرب أو القوميات الأخرى .
ومنذ بناء الضريح وتعاقب الأجيال عليه , كان هناك تواصل محبة روحي يخفق في الروح قبل القلب , كان قد خطه الجميع فوق سبورة شفاههم والتي تملئوا كل بيت من بيوتها الكريمة .
والذين رغم هذا التبجيل والمكانة العالية , ما عبدوه ولا صلوا له من دون الله أو ذبحو له الأضحيات , أنما هي مشاعر الوفاء للأجداد وهم يعطرون برفاتهم ارض سامراء ليزيد وها القا فوق القها التاريخي المغتال , فهو ببساطة بلسم لذكرياتنا العبقة بالآف القصص التي تروي أمثلة التقوى والزهد والورع , مع موقف الجد المتمسك بترابها الثائر حين آبى مغادرتها , حتى باتت دولة له وخلافة لا معلنة وقتها .
وهنا نتسائل هل ينسف المرء تاريخا مشرفا كهذا , بل من يستطيع أن يهدم ركنا من أركان نشأته وما يميزه عن الأخرين يا ترى .
ولنرجع قليلا إلى ما قبل التفجير , ونستعرض مدينة سامراء بوضعها الأمني من دخول قوات الاحتلال وحتى يومنا هذا وعل عجل , نجد إنما هي مدينة معزولة عن العالم حيث منافذها الرئيسية الثلاث أو معابرها إن صح القول تخضع لسيطرة كاملة من قبل قوات الاحتلال , مع تشكيلات ما يطلق عليه الحرس الوطني ومغاوير الداخلية , والتي غالبا ما تمنع الخروج والدخول ولأيام عدة , عند أي عمل مقاوم للاحتلال , أي كرد فعل على فطرة الله في خلقه , وحيثما وجد المحتل وجد المقاوم ندا لها .
مصحوبا بحظر تجوال أزلي عانت منه المدينة لليوم , حيث التكتيم الإعلامي والانهيار الاقتصادي . والتراجع الخدمي الكبير لمؤسساتها جميعا , ولم يتغير هذا الحال إلا لوقت جزئ لم يتجاوز الثلاثة اشهر , حينما انسحبت القوات الأمريكية خارج المدينه , لتدار سامراء وقتها بامكانات متواضعة من قبل المقاومة والخيرين من أبنائها , حيث لا سيطرات ولا حظر تجوال يذكر .
وما أن تنفست المدينه الصعداء حتى جاء قرار الحكومة باجتياح سامراء وما رافقها من قتل وتشريد وتجريف للبيوت كي يعود الحال كما كان عليه سابقا .
وللتنبه نذكر أن مرقد الإمام علي الهادي (رض) كان طوال فترة الثلاثة اشهر دون حماية تذكر وتلك حقيه يعرفها أهل المدينه جميعا .
وكحال مدن أهل السنة اجمع , كان المد والجزر مصاحبين ليوميات المدينه من جهة ولقوانين المحتل وما يفرضه من جهة أخرى , فتارة يبدأ الحظر من الثامنة مساء ولغاية الفجر , وتارة من السادسة مساء ولغاية فجر اليوم الذي يليه,
مما جعل الجميع ذو خبرة بعدائية المحتل وتغيراته المفاجئة , فترى أن الجميع ملتزم بما يفرض عليه , فالكثير من أبنائها قتلوا بدم بارد , بعد ما أجبرتهم الحاجة الملحة والضرورة القصوى , كامرأة تلد أو شيخ يحتظر , أو طفل تائه على تجاوز الزمن القاتل بعشرة دقائق .
أي إن عشرة دقائق لا أكثر في سامراء هي كفيلة بان تنقلك إلى العالم الآخر .
إننا إذ تحدثنا بهذه المقدمة إنما نريد أن نضع القارئ أمام أجزاء الصورة المتشظية والغائبة عن الكثير , فقبل يومين من التفجير , كان هناك تواجد كثيف لقوات الاحتلال قرب الضريح , مع مفارز عدة لمغاوير الداخلية في شوارع المدينة الرئيسية , وكأنما شيأ ما يحدث في الغيب , ماهو ! الله وحده يعلم ذلك , ومن ثم من بيده الآمر في سامراء .
ففي الليلة التي تم بها الحادث تمكن مسلحين يركبون السيارات ويرتدون ملابس مغاوير الداخلية من فتح أبواب الضريح وبكل هدوء , وقاموا بتقييد جميع الحراس الموجودين , ومن ثم وضعهم بحجرة خلفية في فناء الإمام , كان ذلك قبل بدء ساعات الحضر بعشرة دقائق , علما أن باب الحضرة يغلق قبل نصف ساعة من دخول وقت ( الموت ) ليستمر العمل على تفخيخ وزرع مالا يعرف نوعه ولا يقدر حجمه , والذي أحال القبة الذهبية والاواوين الجانبية الأربعة إلى ما يشبه الزلزال , لأن من يرى حجم الدمار الذي لحق بالمرقد يدرك حجم الأمكانات التي يتمتع بها اؤلائك , من حيث العدة والعدد والقدرة على التحرك داخل الحرم وخارجه مع حساب الزمن المستغرق في إتمام مهمتهم , إذا ما تذكرنا ليل سامراء ومافيه من رعب حقيقي مقارنة بعملية كهذه .
وعند فجر الصباح وكعادة أهل سامراء حيث يبكر الناس بالذهاب إلى مصالحهم , ووفق حسابات الجسر الوحيد الذي يربط المدينة بالطريق المؤدي إلى العاصمة بغداد ومركز المحافظة تكريت معا , وما يرافقه من تفتيش دقيق كثيرا ما يؤخر الطلاب عن مدارسهم والموضف عن دائرته والكاسب عن عمله .
إلا أنهم فوجئوا في تمام الساعة السادسة والربع صباحا , بقوات المغاوير تغلق طرقات المدينة وتأمرهم أن يلتزموا بيوتهم , حتى إن بقالا يقع محله قرب مرقد الأمام , قال وعلى الملأ أن مغاوير الداخلية إمرته بالرجوع .
كان ذلك قبل الانفجار بنصف ساعة , فعاد الجميع وبأمر يتكرر عليهم اغلب الأيام بل بات صفة ملازمة لصباحات مدينتهم , ليسمعوا بعد ذلك بانفجار عنيف أعقبه انفجار اعنف يهز مدينة سامراء الحزينة والمكلومة بجدها .
واني أتسائل ولا أريد أن اتهم أحدا ما , بل اترك للقارئ المنصف أن يأخذ كل ما كتب بعين الإنصاف والتحليل , من يستطيع أن يملك الوقت وإملاء الأوامر و ومن يملك الأمكانات والطريقة التي تم بها هذا الجرم , وأين كان ساعتها من يحسب علينا حتى أنفاسنا , ليجعلنا كل يوم كعيدان في علبة كبريت , بعد أن صدع رؤوسنا بان الملف الأمني والمدينة كلها بأيد أمينة .
ثم ما كانوا يفعلون في الصباح وما مغزى منع الناس من الخروج وإعادتهم إلى البيوت , وحرمانهم في بداية الأمر من التظاهر والاستنكار مما حدث , ناهيك عن ردة الفعل المدروسة , حيث الأناشيد الحزينة والمؤججة للعواطف , والاتصالات الهاتفية المفتوحة بلا تقييد لردود أفعال الناس , من قبل فضائيات تمتلكها الأحزاب المتنفذة اليوم في العراق .
أن الحقيقة في بلادي هي أول شهيد واريناه الثرى , وأول ضريح فجر بليل , فكثير من الحوادث عندنا أما أن يطلق الاتهام عليها جزافا , أو تسجل ضد مجهول , وما أكثر المجاهيل في عراق اليوم !
إن الأعداء والخصماء قطعا يختلفون بأجندتهم واحدا عن الآخر , ولاكن للسياسة أجندة لا تعترف بهذا المعيار , فكرسي الحكم في بلاد الرافدين كان ومازال لوحة تخضبها دماء الجياع والذين ترخص أرواحهم ورموزهم أمام ما تقتضيه مصالح البعض الضيقة , وما خفي كان أعظم .
نحن وأنتم والعالم اجمع ننتظر التحقيق والذي نتمنى أن لا يلصق بمفهوم مخالفة عقائد ومذهب الآخر , ولا أن يوضع فوق رفوف النسيان وتطبيل الفظائيات , لأننا نبحث عن الحقيقة وحدها , إن كان هناك موالين وعشاق لا آل بيت النبوة أجدادنا ( عليهم السلام ) ...
بقلم: سامراء كلها