احمد الخالدي
11-02-2006, 14:59
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسان ابن ثابت رضي الله عنه
حسان بن ثابت بن المنذر من بني مالك بن النجار الخزرجي الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد عام 60 قبل الهجرة وتوفي عام 54هـ.
وهو شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، واللسان المبين للدعوة الإسلامية، الذي خلّد مواقفها في غرر شعره، وأبلى بلاءً حميداً في المنافحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهجاء أعدائه، حتى كانوا يستجيرون بالرسول عليه الصلاة والسلام من وقع هجائه ومضاء لسانه، وكان حسان أيضاً شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام وقد انبرى حسان منذ هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة للدفاع عن الإسلام وهجاء أعدائه .
خاصة أولئك الشعراء من قريش الذين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما اشتد هجاؤهم للرسول صلى الله عليه وسلم،, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مايمنع القوم الذين نصروا رسول الله بأسيافهم أن ينصروه بألسنتهم ؟» فقال حسان: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كيف تهجوهم وأنا منهم ؟» فقال حسان: يارسول الله لأسلنك منهم كما تُسلّ الشعرة من العجين،,
1/ فسُرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم به،,
2/ وأكرمه ,,
3/ ودعا له: أن يؤيده الله بروح القدس،,
4/ ووعده الجنة جزاء منافحته عنه،,
5/ ونصب له منبراً في المسجد الشريف ليلقي من فوقه شعره ,,
وقد سجلت كتب الأدب والتاريخ الكثير من الأشعار التي ألقاها حسان في مسجد سيد الأولين والآخرين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهي في هجاء الكفار ومعارضتهم، أو في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم ,,
فمن الأشعــار التي يهجو بها شعراء المشركين قوله من قصيدة ينافح بها عن النبي صــلى الله عليه وسلم ويهجو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب الذي هجا الرسول صلى الله عليه وسلم:
ألا أبلــغ أبا سفيان عني = فأنت مجوف نخب هواء
بأن سيـوفنا تركتك عبداً = وعبد الدار سادتها الإماء
هجوت محمداً فأجبت عنه = وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولستَ له بكفءٍ = فشركما لخيركما الفداء
هجوت مباركاً برّاً حنيفاً = أمين الله شـيمته الوفاء
فمن يهجورسول الله منكم = ويمدحـه وينصُره سواء
فإن أبي ووالده وعرضي = لعرض محمد منكم وقاء
لساني صارم لاعيب فيه = وبحري لاتكدره الدلاء
وكانت وفود القبائل تَقْدَم على الرسول صلى الله عليه وسلم للمفاخرة فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يستعين بشاعره حسان للرد عليهم ومفاخرتهم، وكانت الروح الإيمانية والبراعة الشعرية عند حسان مدعاة لاعتناق بعض القبائل الإسلام، فقد اعتلى حسان المنبر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم يوم انتصاره الأدبي العظيم على شعراء بني تميم في وفودهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وفدوا عليه بعد فتح مكة ليفاخروه، وفيهم ساداتهم البارزون، ونخبة من خطبائهم وشعرائهم، أمثال الأقرع بن حابس، والزَّبْرِقان بن بدر، وعُطارد بن حاجب، وقيس بن عاصم، فألقوا خطبهم وقصائدهم، فانتدب النبي صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت للرد على شاعرهم الزِّبْرقان بن بدر، فنقض قصيدته بالقصيدة العينية التي يقول فيها:
إنّ الذوائب من فهر وإخــوتهم = قــد بينوا ســنةً للناس تُتّبع
يرضى بها كل من كانت سريرته = تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قومٌ إذا حاربوا ضروا عـدوّهم = أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محــدثة = إن الخلائق_فاعلم_ شرُّها البدع
إن كان في الناس سبّاقون بعدهم = فكل سبق لأدنى سبقهم تبــع
ولايضنون عن مولى بفضــلهم = ولايصيبهم في مطـــمع طبع
لايجهلون وإن حاولت جهلـهم = في فضل أحلامهم عن ذاك مُتسع
أعفّةٌ ذكرت في الوحي عفتـهم = لايطمعــون ولايرديهم الطمع
كم من صديق لهم نالوا كـرامته = ومن عدوٍ علـيهم جاهد جدعوا
أعطوا نبي الهدى والبر طاعتـهم = فما ونى نصرهم عــنه ومانزعوا
أكرم بقوم رسول الله شيعتهـم = إذا تفرقت الأهواء والشـــيّع
فلما سمع القوم ماقاله حسان، قال الأقرع بن حابس: إن هذ الرجل لمؤتى له، والله لخطيبه أخطب من خطيبنا، وشاعره أشعر من شاعرنا، وأصواتهم أعلى من أصواتنا، ثم أقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه وأسلموا.
المديح عند حسان:
كان حسان ينظر في مديحه للرسول صلى الله عليه وسلم، ولأصحابه رضي الله عنهم، من الزاوية الدينية، لا من الزاوية القبلية،لذلك جاءت مدائحه صادقة، ونابعة من قلبه وعقله، وهذه أبيات يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أَغـــرّ عليه للنبوة خاتم = مـن الله مشهود يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه = إذا قال في الخمس المؤذن: أشهد
وشق لــه من اسمه ليجله = فـذو العرش محمود وهذا محمد
نبي أتانا بعــد يأس وفترة = مــن الرسل,,والأوثانُ في الأرض تعبد
فأمسى سراجاً مستنيراًوهادياً = يلـوح كما لاح الصقيل المهند
وأنذرنا ناراً وبشّــر جنةً = وعلمـــنا الإسلام فالله نحمد
وأنت إله الخلق ربي وخالقي = بذلك ماعـمّرت في الناس أشهد
ومن قوله يمدحه عليه الصلاة والسلام:
وأحسن منك لم تر قط عيني = وأجمل منك لم تلد النساء
خُلِقْتَ مبرءاً من كل عيب = كأنك قد خُلِقْتَ كما تشاء
الرثاء عند حسان:
وقف حسان جانباً كبيراً من شعره على الرثاء، يبكي به من سقط شهيداً من المسلمين في الميادين، ومن تخترمه المنية من رجالهم البارزين، موظفاً قصائده المعاني الدينية، والقيم الإسلامية، ويعدد فيها مناقب المرثي في نصرة الدين والذود عن الإسلام قال يرثي حمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد الشهداء الذي استشهد في معركة أحد سنة ثلاث للهجرة.
دع عنك داراً عفا رسمـها = وابك على حمزة ذي النائل
أبيض في الذروة مـن هاشم = لم يَمْرِ دون الحق بالباطـل
أظلمتِ الأرضُ لفقــدانه = واسودّ نور القمر الناصـل
صلى عليك الله في جــنة = عالية مكـــرمة الداخل
وقال أيضاً يرثي أصحاب بئر معونة في السنة الرابعة للهجرة، الذين غدر بهم عامر بن الطفيل، وجماعة من بني سليم، وقتلوهم جميعاً، وكانوا زهاء سبعين رجلاً من خيار الصحابة قال:
على قتلى معــونة فاستهلي = بدمـع العين سحاً غير نزر
على خيل الرسول غداة لاقوا = مناياهــم ولاقتهم بقدر
أصـــابهم الفناء بحبل قوم = تخـوّن عقد حبلهم بغدر
كما قال يرثي زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة رضي الله عنهم الذين سقطوا شهداء في معركة مؤتة من أرض البلقاء في الشام، في السنة التاسعة للهجرة:
تأوبني ليل بيثرب أعـــسرٌ = وهَـمٌّ إذا مانوّم الناس مسهر
لذكرى حبيب هيجت ثم عبرة = سفوحاً وأسباب البكاء التذكر
بلى إنّ فقدان الحــبيب بليةُ = وكـم من كريم يبتلى ثم يصبر
فلا يبعــدن الله قتلى تتابعوا = بمـؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيدٌ وعبــدالله حين تتابعوا = جميعاً وأسبـــاب المنية تخطر
غـداة غدوا بالمؤمنين يقودهم = إلى المـوت ميمون النقيبة أزهر
وتجلى رثاء حسان عندما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى في السنة الحادية عشرة للهجرة فقال يرثيه:
بطيبة رســم للرسول ومعهد = منيرٌ وقد تعفو الرسوم وتهمـد
ولاتنمحي الآيات من دار حرمة = بها منبر الهادي الذي كان يصعد
بها حجرات كـان ينزل وسطها = مـن الله نور يستـضاء ويوقد
معالم لم تطمس على العهد آيها = أتاهـا البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده = وقبراً به واراه في الترب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت = عيـون ومثلاها من الجفن تسعد
فبوركت ياقبر الرسول وبوركت = بلاد ثوى فيها الرشيد المسـدد
وبورك لحدٌ مـنك ضمن طيبـاً = عليه بناء من صفيح منضــد
لقد غيبوا حلماً وعلماً ورحمـة = عشـية علوه الثرى لايوسـد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيـهم = وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السموات يومه = ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
ومافقد الماضون مثل محــمد = ولامثله حـتى القيامة يفقـد
ورثاه أيضاً بقصائد متعددة كلها تترجم حزنه الشديد وأسفه البالغ وظل حسان بن ثابت رضي الله عنه ينشد الشعر في المسجد النبوي بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم،
روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب مرّ بحسان وهو ينشد الشعر فلحظ إليه _ أي نظر إليه شزراً_ فأجابه حسان: كنت أنشد الشعر وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « أجب عني، اللهم أيده بروح القدس» قال: اللهم نعم .
تقبلوا تحياتي
حسان ابن ثابت رضي الله عنه
حسان بن ثابت بن المنذر من بني مالك بن النجار الخزرجي الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد عام 60 قبل الهجرة وتوفي عام 54هـ.
وهو شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، واللسان المبين للدعوة الإسلامية، الذي خلّد مواقفها في غرر شعره، وأبلى بلاءً حميداً في المنافحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهجاء أعدائه، حتى كانوا يستجيرون بالرسول عليه الصلاة والسلام من وقع هجائه ومضاء لسانه، وكان حسان أيضاً شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام وقد انبرى حسان منذ هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة للدفاع عن الإسلام وهجاء أعدائه .
خاصة أولئك الشعراء من قريش الذين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما اشتد هجاؤهم للرسول صلى الله عليه وسلم،, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مايمنع القوم الذين نصروا رسول الله بأسيافهم أن ينصروه بألسنتهم ؟» فقال حسان: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كيف تهجوهم وأنا منهم ؟» فقال حسان: يارسول الله لأسلنك منهم كما تُسلّ الشعرة من العجين،,
1/ فسُرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم به،,
2/ وأكرمه ,,
3/ ودعا له: أن يؤيده الله بروح القدس،,
4/ ووعده الجنة جزاء منافحته عنه،,
5/ ونصب له منبراً في المسجد الشريف ليلقي من فوقه شعره ,,
وقد سجلت كتب الأدب والتاريخ الكثير من الأشعار التي ألقاها حسان في مسجد سيد الأولين والآخرين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهي في هجاء الكفار ومعارضتهم، أو في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم ,,
فمن الأشعــار التي يهجو بها شعراء المشركين قوله من قصيدة ينافح بها عن النبي صــلى الله عليه وسلم ويهجو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب الذي هجا الرسول صلى الله عليه وسلم:
ألا أبلــغ أبا سفيان عني = فأنت مجوف نخب هواء
بأن سيـوفنا تركتك عبداً = وعبد الدار سادتها الإماء
هجوت محمداً فأجبت عنه = وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولستَ له بكفءٍ = فشركما لخيركما الفداء
هجوت مباركاً برّاً حنيفاً = أمين الله شـيمته الوفاء
فمن يهجورسول الله منكم = ويمدحـه وينصُره سواء
فإن أبي ووالده وعرضي = لعرض محمد منكم وقاء
لساني صارم لاعيب فيه = وبحري لاتكدره الدلاء
وكانت وفود القبائل تَقْدَم على الرسول صلى الله عليه وسلم للمفاخرة فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يستعين بشاعره حسان للرد عليهم ومفاخرتهم، وكانت الروح الإيمانية والبراعة الشعرية عند حسان مدعاة لاعتناق بعض القبائل الإسلام، فقد اعتلى حسان المنبر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم يوم انتصاره الأدبي العظيم على شعراء بني تميم في وفودهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وفدوا عليه بعد فتح مكة ليفاخروه، وفيهم ساداتهم البارزون، ونخبة من خطبائهم وشعرائهم، أمثال الأقرع بن حابس، والزَّبْرِقان بن بدر، وعُطارد بن حاجب، وقيس بن عاصم، فألقوا خطبهم وقصائدهم، فانتدب النبي صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت للرد على شاعرهم الزِّبْرقان بن بدر، فنقض قصيدته بالقصيدة العينية التي يقول فيها:
إنّ الذوائب من فهر وإخــوتهم = قــد بينوا ســنةً للناس تُتّبع
يرضى بها كل من كانت سريرته = تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قومٌ إذا حاربوا ضروا عـدوّهم = أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محــدثة = إن الخلائق_فاعلم_ شرُّها البدع
إن كان في الناس سبّاقون بعدهم = فكل سبق لأدنى سبقهم تبــع
ولايضنون عن مولى بفضــلهم = ولايصيبهم في مطـــمع طبع
لايجهلون وإن حاولت جهلـهم = في فضل أحلامهم عن ذاك مُتسع
أعفّةٌ ذكرت في الوحي عفتـهم = لايطمعــون ولايرديهم الطمع
كم من صديق لهم نالوا كـرامته = ومن عدوٍ علـيهم جاهد جدعوا
أعطوا نبي الهدى والبر طاعتـهم = فما ونى نصرهم عــنه ومانزعوا
أكرم بقوم رسول الله شيعتهـم = إذا تفرقت الأهواء والشـــيّع
فلما سمع القوم ماقاله حسان، قال الأقرع بن حابس: إن هذ الرجل لمؤتى له، والله لخطيبه أخطب من خطيبنا، وشاعره أشعر من شاعرنا، وأصواتهم أعلى من أصواتنا، ثم أقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه وأسلموا.
المديح عند حسان:
كان حسان ينظر في مديحه للرسول صلى الله عليه وسلم، ولأصحابه رضي الله عنهم، من الزاوية الدينية، لا من الزاوية القبلية،لذلك جاءت مدائحه صادقة، ونابعة من قلبه وعقله، وهذه أبيات يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أَغـــرّ عليه للنبوة خاتم = مـن الله مشهود يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه = إذا قال في الخمس المؤذن: أشهد
وشق لــه من اسمه ليجله = فـذو العرش محمود وهذا محمد
نبي أتانا بعــد يأس وفترة = مــن الرسل,,والأوثانُ في الأرض تعبد
فأمسى سراجاً مستنيراًوهادياً = يلـوح كما لاح الصقيل المهند
وأنذرنا ناراً وبشّــر جنةً = وعلمـــنا الإسلام فالله نحمد
وأنت إله الخلق ربي وخالقي = بذلك ماعـمّرت في الناس أشهد
ومن قوله يمدحه عليه الصلاة والسلام:
وأحسن منك لم تر قط عيني = وأجمل منك لم تلد النساء
خُلِقْتَ مبرءاً من كل عيب = كأنك قد خُلِقْتَ كما تشاء
الرثاء عند حسان:
وقف حسان جانباً كبيراً من شعره على الرثاء، يبكي به من سقط شهيداً من المسلمين في الميادين، ومن تخترمه المنية من رجالهم البارزين، موظفاً قصائده المعاني الدينية، والقيم الإسلامية، ويعدد فيها مناقب المرثي في نصرة الدين والذود عن الإسلام قال يرثي حمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد الشهداء الذي استشهد في معركة أحد سنة ثلاث للهجرة.
دع عنك داراً عفا رسمـها = وابك على حمزة ذي النائل
أبيض في الذروة مـن هاشم = لم يَمْرِ دون الحق بالباطـل
أظلمتِ الأرضُ لفقــدانه = واسودّ نور القمر الناصـل
صلى عليك الله في جــنة = عالية مكـــرمة الداخل
وقال أيضاً يرثي أصحاب بئر معونة في السنة الرابعة للهجرة، الذين غدر بهم عامر بن الطفيل، وجماعة من بني سليم، وقتلوهم جميعاً، وكانوا زهاء سبعين رجلاً من خيار الصحابة قال:
على قتلى معــونة فاستهلي = بدمـع العين سحاً غير نزر
على خيل الرسول غداة لاقوا = مناياهــم ولاقتهم بقدر
أصـــابهم الفناء بحبل قوم = تخـوّن عقد حبلهم بغدر
كما قال يرثي زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة رضي الله عنهم الذين سقطوا شهداء في معركة مؤتة من أرض البلقاء في الشام، في السنة التاسعة للهجرة:
تأوبني ليل بيثرب أعـــسرٌ = وهَـمٌّ إذا مانوّم الناس مسهر
لذكرى حبيب هيجت ثم عبرة = سفوحاً وأسباب البكاء التذكر
بلى إنّ فقدان الحــبيب بليةُ = وكـم من كريم يبتلى ثم يصبر
فلا يبعــدن الله قتلى تتابعوا = بمـؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيدٌ وعبــدالله حين تتابعوا = جميعاً وأسبـــاب المنية تخطر
غـداة غدوا بالمؤمنين يقودهم = إلى المـوت ميمون النقيبة أزهر
وتجلى رثاء حسان عندما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى في السنة الحادية عشرة للهجرة فقال يرثيه:
بطيبة رســم للرسول ومعهد = منيرٌ وقد تعفو الرسوم وتهمـد
ولاتنمحي الآيات من دار حرمة = بها منبر الهادي الذي كان يصعد
بها حجرات كـان ينزل وسطها = مـن الله نور يستـضاء ويوقد
معالم لم تطمس على العهد آيها = أتاهـا البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده = وقبراً به واراه في الترب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت = عيـون ومثلاها من الجفن تسعد
فبوركت ياقبر الرسول وبوركت = بلاد ثوى فيها الرشيد المسـدد
وبورك لحدٌ مـنك ضمن طيبـاً = عليه بناء من صفيح منضــد
لقد غيبوا حلماً وعلماً ورحمـة = عشـية علوه الثرى لايوسـد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيـهم = وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السموات يومه = ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
ومافقد الماضون مثل محــمد = ولامثله حـتى القيامة يفقـد
ورثاه أيضاً بقصائد متعددة كلها تترجم حزنه الشديد وأسفه البالغ وظل حسان بن ثابت رضي الله عنه ينشد الشعر في المسجد النبوي بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم،
روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب مرّ بحسان وهو ينشد الشعر فلحظ إليه _ أي نظر إليه شزراً_ فأجابه حسان: كنت أنشد الشعر وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « أجب عني، اللهم أيده بروح القدس» قال: اللهم نعم .
تقبلوا تحياتي