شام
03-01-2006, 14:31
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام وأنتم بخير
كلمة لمكة لو نقولهـا يوم الحج الأكبر ..
يوم عرفة يقترب .. ويوم الحج الأكبر على الأبواب ..
لا أتناول الوجهة الدينية والمعنى العظيم الذي يحمله يوم عرفة .. فالكل يعرفها
ولكن لي توجه آخر ..
وهو ... ذاك الاجتماع الكبير والمؤتمر السنوي لأكثر من مليوني حاج مسلم .. أتوا من كل حدب وصوب .. ليجتمعوا على أمر الله تعالى .. ليطلبوا المغفرة .. وليطلبوا الرحمة ..
لقد كان لحج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خطب الناس فحرم دماءهم وأموالهم، ووضع عنهم ربا الجاهلية، وأوصاهم بالنساء خيراً، فتناولت خطبته أخطر جوانب حياتهم التشريعية والاقتصادية والاجتماعية ؟
ولنا في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ودرساً يجب الاستفادة منه .
كيف ؟
بأن يكون الحج لنا منبر نبلغ منه رسالتنا ونوضح قضيتنا، ونصحح المفاهيم المغلوطة عن ديننا؟
وهل غير الحج الأكبر يصلح لأن يكون هذا المنبر؟
لاشك أن تحقيق هذا الحلم الطموح تعترضه صعوبات جمة.
فالناس المخاطبون، تختلف ألسنتهم وألوانهم وأمزجتهم ودياناتهم، ومستوياتهم العلمية، واهتماماتهم الثقافية، وخصائصهم البيئية..
لكن هذا الاختلاف لم يمنع الإسلام من أن يتوجه بخطابه إليهم جميعاً، وعدَّ هذا الاختلاف آية من آيات الله، ونعمة منَّ الله تعالى بها على عباده... ووسيلة للتعارف والحوار والتفاعل والتكامل بين الأمم والثقافات، وطريقاً إجبارياً لنمو الأفكار وارتقائها تلبية لنهم الإنسان إلى الاستزادة من العلم والمعرفة، وبحثه الحثيث عن الحقيقة .
ولعل قدرة الخطاب القرآني الفذ على مخاطبة هذا التنوع الكبير أحد أسرار إعجازه، وسموه وارتفاعه فوق خصوصيات المكان والزمان والجنس واللسان.
وبذلك يجد المسلم نفسه ممتلكاً لأكثر أنواع الخطاب قدرة على النفاذ إلى قلوب جميع الناس، واستنهاض فِطَرهم السليمة، للقيام بسعي إنساني مشترك من أجل إقامة العدل ورفع الظلم وتحرير الإنسان من قيوده وذلك لباب واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أناطه الله تعالى بخير أمة أخرجت للناس .
لذلك كان لا بد من التطرق إلى التساؤلات التالية : لمَ لا يحتل نبأ الحج الأكبر في وسائل الإعلام العالمية والعربية مساحة أكبر من خبر أداء أي طائفة منعزلة في العالم لطقوسها الدينية التقليدية؟!
ولماذا وسائل الإعلام تقتصر على خبر عابر لا يحرك في المشهد الدولي ساكناً، ولا يبلِّغ رسالة الإسلام جاهلاً، ولا يصحح من ضلالات الإعلام العالمي خطأ، ولا يحقق للإسلام والمسلمين في المحافل الدولية حضوراً؟
وتتوالى مواسم الحج عاماً بعد عام، وتنفتح الثقافات الإنسانية على بعضها إثر ثورة الاتصالات العارمة التي أخذت تغمر العالم بالمعلومات، وتضعنا أحداث سبتمبر على تماسٍّ مباشر مع هذه الثقافات.. فيكبر السؤال لمَ لا يحتل نبأ الحج الأكبر في وسائل الإعلام العالمية والعربية مساحة أكبر.....؟!
الحاج عندما يعود إلى بلده، بعد أدائه لفريضة الحج يمنحه مجتمعه لقب (الحاج)، وهو درجة اجتماعية رفيعة، ترتب عليه التزامات أخلاقية كبيرة، فقد أصبح بعدها مسلماً ملتزماً مؤهلاً لا يليق به أن يغش أو يكذب أو يخلف الوعد أو يرتكب أياً من الموبقات بذريعة الجهل.
ومن تقاليد هذه الدرجة أن تُمنح للحاج فور عودته في استقبال حافل تنصب له الزينات وتضاءُ الأنوار، وتقدم الهدايا، وينصت الناس فيه إلى الحاج يحدثهم عن مشاهداته ومشاعره وما استفاده من دروس الحج، ويطلبون منه الدعاء لهم بالمغفرة والهداية.
فإذا عرفنا أن كل حاج يستقبل وسطياً مئة زائر في الأيام الأولى التالية لعودته، فضلاً عمن يلتقيهم طوال العام، وأن حجم الحجيج بلغ حوالي المليونين مرشح للزيادة أضعافاً، باعتبار أن الحج فريضة على كل مسلم مستطيع من المسلمين الذي جاوز عددهم المليار، يؤديها مرة في العمر على الأقل، بمعنى أن المستطيعين من هذا المليار، عليهم أن يؤدوا هذه الفريضة خلال فترة استطاعتهم ولتكن خمسين سنة.. عرفنا أي منبر نرتقيه، وأي جمهور نخاطب، وأي عدد يمكن أن نبلغه رسالة الحج بالبلاغ المباشر الحي عن طريق الحجاج، وبالبلاغ المنقول في الأثير عبر أجهزة الإعلام المتنوعة..
وعرفنا بعد ذلك أي تفريط بحق هذا المنبر نرتكبه في عدم توظيفه التوظيف الأمثل والأجدى..
وعرفنا كذلك أي مسؤولية نتحملها جراء تقصيرنا في تبليغ رسالة الله تعالى إلى الإنسانية الظمأى إليها، التي لم تكن في يوم من الأيام أحوج إليها من أيامها هذه التي تغرق فيها في بحر الأنانية المادية وضلالاتها، التي ابتعدت بها عن طريق الله، وأبطأت بها عن وتيرة الكفاح الإنساني المرسوم للإنسان في سعيه للتحرر من الفساد وسفك الدماء {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ}[الانشقاق 84/6].
ونتحملها كذلك كتماناً للشهادة التي ائتُمنا عليها { وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [ البقرة 2/283].
ونتحملها صمتاً مطبقاً إزاء الحملات الإعلامية المغرضة التي يشنها أعداء الإسلام عليه، يلبسون بها الحق بالباطل، ويستهدفون تشويه تعاليمه السمحة، وطمس حقائقه الناصعة؛{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [ الصف 61/8]. و { لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [ النساء 4/148].
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام وأنتم بخير
كلمة لمكة لو نقولهـا يوم الحج الأكبر ..
يوم عرفة يقترب .. ويوم الحج الأكبر على الأبواب ..
لا أتناول الوجهة الدينية والمعنى العظيم الذي يحمله يوم عرفة .. فالكل يعرفها
ولكن لي توجه آخر ..
وهو ... ذاك الاجتماع الكبير والمؤتمر السنوي لأكثر من مليوني حاج مسلم .. أتوا من كل حدب وصوب .. ليجتمعوا على أمر الله تعالى .. ليطلبوا المغفرة .. وليطلبوا الرحمة ..
لقد كان لحج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خطب الناس فحرم دماءهم وأموالهم، ووضع عنهم ربا الجاهلية، وأوصاهم بالنساء خيراً، فتناولت خطبته أخطر جوانب حياتهم التشريعية والاقتصادية والاجتماعية ؟
ولنا في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ودرساً يجب الاستفادة منه .
كيف ؟
بأن يكون الحج لنا منبر نبلغ منه رسالتنا ونوضح قضيتنا، ونصحح المفاهيم المغلوطة عن ديننا؟
وهل غير الحج الأكبر يصلح لأن يكون هذا المنبر؟
لاشك أن تحقيق هذا الحلم الطموح تعترضه صعوبات جمة.
فالناس المخاطبون، تختلف ألسنتهم وألوانهم وأمزجتهم ودياناتهم، ومستوياتهم العلمية، واهتماماتهم الثقافية، وخصائصهم البيئية..
لكن هذا الاختلاف لم يمنع الإسلام من أن يتوجه بخطابه إليهم جميعاً، وعدَّ هذا الاختلاف آية من آيات الله، ونعمة منَّ الله تعالى بها على عباده... ووسيلة للتعارف والحوار والتفاعل والتكامل بين الأمم والثقافات، وطريقاً إجبارياً لنمو الأفكار وارتقائها تلبية لنهم الإنسان إلى الاستزادة من العلم والمعرفة، وبحثه الحثيث عن الحقيقة .
ولعل قدرة الخطاب القرآني الفذ على مخاطبة هذا التنوع الكبير أحد أسرار إعجازه، وسموه وارتفاعه فوق خصوصيات المكان والزمان والجنس واللسان.
وبذلك يجد المسلم نفسه ممتلكاً لأكثر أنواع الخطاب قدرة على النفاذ إلى قلوب جميع الناس، واستنهاض فِطَرهم السليمة، للقيام بسعي إنساني مشترك من أجل إقامة العدل ورفع الظلم وتحرير الإنسان من قيوده وذلك لباب واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أناطه الله تعالى بخير أمة أخرجت للناس .
لذلك كان لا بد من التطرق إلى التساؤلات التالية : لمَ لا يحتل نبأ الحج الأكبر في وسائل الإعلام العالمية والعربية مساحة أكبر من خبر أداء أي طائفة منعزلة في العالم لطقوسها الدينية التقليدية؟!
ولماذا وسائل الإعلام تقتصر على خبر عابر لا يحرك في المشهد الدولي ساكناً، ولا يبلِّغ رسالة الإسلام جاهلاً، ولا يصحح من ضلالات الإعلام العالمي خطأ، ولا يحقق للإسلام والمسلمين في المحافل الدولية حضوراً؟
وتتوالى مواسم الحج عاماً بعد عام، وتنفتح الثقافات الإنسانية على بعضها إثر ثورة الاتصالات العارمة التي أخذت تغمر العالم بالمعلومات، وتضعنا أحداث سبتمبر على تماسٍّ مباشر مع هذه الثقافات.. فيكبر السؤال لمَ لا يحتل نبأ الحج الأكبر في وسائل الإعلام العالمية والعربية مساحة أكبر.....؟!
الحاج عندما يعود إلى بلده، بعد أدائه لفريضة الحج يمنحه مجتمعه لقب (الحاج)، وهو درجة اجتماعية رفيعة، ترتب عليه التزامات أخلاقية كبيرة، فقد أصبح بعدها مسلماً ملتزماً مؤهلاً لا يليق به أن يغش أو يكذب أو يخلف الوعد أو يرتكب أياً من الموبقات بذريعة الجهل.
ومن تقاليد هذه الدرجة أن تُمنح للحاج فور عودته في استقبال حافل تنصب له الزينات وتضاءُ الأنوار، وتقدم الهدايا، وينصت الناس فيه إلى الحاج يحدثهم عن مشاهداته ومشاعره وما استفاده من دروس الحج، ويطلبون منه الدعاء لهم بالمغفرة والهداية.
فإذا عرفنا أن كل حاج يستقبل وسطياً مئة زائر في الأيام الأولى التالية لعودته، فضلاً عمن يلتقيهم طوال العام، وأن حجم الحجيج بلغ حوالي المليونين مرشح للزيادة أضعافاً، باعتبار أن الحج فريضة على كل مسلم مستطيع من المسلمين الذي جاوز عددهم المليار، يؤديها مرة في العمر على الأقل، بمعنى أن المستطيعين من هذا المليار، عليهم أن يؤدوا هذه الفريضة خلال فترة استطاعتهم ولتكن خمسين سنة.. عرفنا أي منبر نرتقيه، وأي جمهور نخاطب، وأي عدد يمكن أن نبلغه رسالة الحج بالبلاغ المباشر الحي عن طريق الحجاج، وبالبلاغ المنقول في الأثير عبر أجهزة الإعلام المتنوعة..
وعرفنا بعد ذلك أي تفريط بحق هذا المنبر نرتكبه في عدم توظيفه التوظيف الأمثل والأجدى..
وعرفنا كذلك أي مسؤولية نتحملها جراء تقصيرنا في تبليغ رسالة الله تعالى إلى الإنسانية الظمأى إليها، التي لم تكن في يوم من الأيام أحوج إليها من أيامها هذه التي تغرق فيها في بحر الأنانية المادية وضلالاتها، التي ابتعدت بها عن طريق الله، وأبطأت بها عن وتيرة الكفاح الإنساني المرسوم للإنسان في سعيه للتحرر من الفساد وسفك الدماء {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ}[الانشقاق 84/6].
ونتحملها كذلك كتماناً للشهادة التي ائتُمنا عليها { وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [ البقرة 2/283].
ونتحملها صمتاً مطبقاً إزاء الحملات الإعلامية المغرضة التي يشنها أعداء الإسلام عليه، يلبسون بها الحق بالباطل، ويستهدفون تشويه تعاليمه السمحة، وطمس حقائقه الناصعة؛{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [ الصف 61/8]. و { لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [ النساء 4/148].