صلفيق ابو قناة
08-12-2005, 09:13
مقال جميل للدكتور البشر يلقي الضوء على ما يسمى بالإصلاح الآتي من الخارج
وهو ما يروج له البعض من خلال ترحيبهم بالضغوط التي توجه الى دولهم من قبل الدول المهيمنة وحجتهم الساذجة دائماً هي بقولهم ولما نرفض الإصلاح الآتي من الخارج إذا كان يلبي آمالنا!
وكأنهم مصدقين بأن ما يتشدق به ساسة الغرب من شعارات كالحرية وحقوق الإنسان والعدالة مقصودة لذاتها وليس لأهداف وأجندة متعلقة بأهداف ومصالح هذه القوى فقط!
ديموقراطيّة الاحتلال
د. محمد بن سعود البشر 4/11/1426
06/12/2005
جاء الأمريكيون إلى العراق بدعوى البحث عن أسلحة الدمار الشامل، وعندما تأكد كذب هذه الدعوى، قالوا بأن ثمة علاقة بين نظام صدام البعثيّ وتنظيم القاعدة.. وعندما رفض العقل العراقي التصديق بوجود هذه العلاقة أصبحت دعوى نشر الديموقراطية هي الشعار الذي رفعته القوات الأمريكية. ولأن الضعيف -عادة- يُسلّم بما يُروّج له القويّ، سلّم بعض العراقيين بأكذوبة الديموقراطية الأمريكية.. وتمنّوا أن يخيب ظنهم، وأن تتحول إلى حقيقة تضمن تعايشاً سلمياً بين جميع فئات الشعب العراقي.. إلا أن الأحداث جاءت تباعًا لتكشف حقيقة الأهداف الأمريكية في العراق.
فالديمقراطية الأمريكية التي استباحت تعذيب العراقيين في أبو غريب هي ذاتها التي جاءت بحكومة عراقية تفنّنت في تعذيب أبناء العراق في معتقل الجادرية السري بصورة لم تكن تحدث في عهد نظام صدام حسين الديكتاتوري.. بشهادة رئيس الحكومة العراقية السابق إياد علاوي.
والديموقراطية الأمريكية في العراق هي أيضًا التي أعطت امتيازات لبعض الفصائل والمذاهب العراقية على حساب فصائل أخرى دون اعتبار لحق المواطنة أو المساواة.. يؤكد ذلك الموقف الأمريكي المتعسف من المسلمين السنة عند صياغة الدستور العراقي، أو توزيع الحقائب الوزارية السيادية.
هذه الديمقراطية هي التي دفعت أموالاً طائلة لرشوة بعض الصحافيين والكتّاب العراقيين لنشر مقالات إشادة وترحيب بممارسات المارينـز –باعتراف قادة البنتاجون- ومعلوم ضمنًا أن من يمارس الترغيب وشراء الأقلام لمناصرته، لا يتورّع عن الترهيب، وقصف أقلام أخرى إن رفضت ذلك.
وهي الديموقراطية الأمريكية ذاتها التي استخدمت الأسلحة المحرّمة دوليًا ضد المقاومة العراقية الرافضة للاحتلال.
وأكذوبة الديموقراطية هذه لم تنطل حتى على الشعب الأمريكي، على الرغم من محاولات تخويفه وإيهامه بأن الحرب على العراق قامت لحماية الأمن القومي الأمريكي؛ إذ خرجت أصوات تطالب بالانسحاب من العراق ليقرر الشعب العراقي مصيره ويصنع مستقبله. حتى داخل الكونجرس الأمريكي، هناك من يطالب بتحديد جدول زمني للانسحاب من العراق، وهو ما رفضته إدارة بوش.. على الرغم من إجماع الفصائل العراقية على ذلك في مؤتمر المصالحة الذي عُقد بالقاهرة برعاية جامعة الدول العربية.
هذه الشواهد وغيرها تقدم لنا درسًا بليغًا مفاده: أن الإصلاح السياسي الذي تنشده الشعوب العربية لن يتحقق بضغوط من الخارج حتى ولو وصلت هذه الضغوط إلى حد الاحتلال المباشر للأرض. وإنما يجب أن ينبع من طروحات داخلية تحترم خصوصيات المجتمع، وتضع مصالح هذه الشعوب في مقدمة أولوياتها.
ودرس آخر تقدمه لنا التجربة العراقية، وتعيه جيدًا الفئات البسيطة والصامتة من أبناء الشعوب العربية والإسلامية، وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تجاهر بانحيازها التام لإسرائيل، وتدعم تفوقها العسكري وانفرادها بالسلاح النووي بالمنطقة، لا يمكن بحال من الأحوال أن تضحي بأرواح جنودها والمليارات من الدولارات لتتمتع الشعوب العربية بالديموقراطية والحرية.
هذه الدروس وغيرها تتفق والحقيقة البدهيّة القائلة: إن الاحتلال العسكري الذي تجاهل قرارات الشرعية الدولية، وانتهك حقوق الإنسان في العراق لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون طريقًا للديموقراطية، ولا يوجد في تاريخ الإنسانية بأسره واقعة واحدة تخالف هذه البدهيّة، في حين توجد عشرات الوقائع والأحداث التي تؤكدها وتثبت صحّتها.
فهل يعي العرب والمسلمون داخل العراق وخارجه هذه الدروس لكي لا يحتاجوا إلى كوارث أخرى لاستيعابها.. لاسيما أن هناك دولاً أخرى مرشحة لاستقبال الديموقراطية الأمريكية بنفس الملامح التي نراها في العراق؟!
وهو ما يروج له البعض من خلال ترحيبهم بالضغوط التي توجه الى دولهم من قبل الدول المهيمنة وحجتهم الساذجة دائماً هي بقولهم ولما نرفض الإصلاح الآتي من الخارج إذا كان يلبي آمالنا!
وكأنهم مصدقين بأن ما يتشدق به ساسة الغرب من شعارات كالحرية وحقوق الإنسان والعدالة مقصودة لذاتها وليس لأهداف وأجندة متعلقة بأهداف ومصالح هذه القوى فقط!
ديموقراطيّة الاحتلال
د. محمد بن سعود البشر 4/11/1426
06/12/2005
جاء الأمريكيون إلى العراق بدعوى البحث عن أسلحة الدمار الشامل، وعندما تأكد كذب هذه الدعوى، قالوا بأن ثمة علاقة بين نظام صدام البعثيّ وتنظيم القاعدة.. وعندما رفض العقل العراقي التصديق بوجود هذه العلاقة أصبحت دعوى نشر الديموقراطية هي الشعار الذي رفعته القوات الأمريكية. ولأن الضعيف -عادة- يُسلّم بما يُروّج له القويّ، سلّم بعض العراقيين بأكذوبة الديموقراطية الأمريكية.. وتمنّوا أن يخيب ظنهم، وأن تتحول إلى حقيقة تضمن تعايشاً سلمياً بين جميع فئات الشعب العراقي.. إلا أن الأحداث جاءت تباعًا لتكشف حقيقة الأهداف الأمريكية في العراق.
فالديمقراطية الأمريكية التي استباحت تعذيب العراقيين في أبو غريب هي ذاتها التي جاءت بحكومة عراقية تفنّنت في تعذيب أبناء العراق في معتقل الجادرية السري بصورة لم تكن تحدث في عهد نظام صدام حسين الديكتاتوري.. بشهادة رئيس الحكومة العراقية السابق إياد علاوي.
والديموقراطية الأمريكية في العراق هي أيضًا التي أعطت امتيازات لبعض الفصائل والمذاهب العراقية على حساب فصائل أخرى دون اعتبار لحق المواطنة أو المساواة.. يؤكد ذلك الموقف الأمريكي المتعسف من المسلمين السنة عند صياغة الدستور العراقي، أو توزيع الحقائب الوزارية السيادية.
هذه الديمقراطية هي التي دفعت أموالاً طائلة لرشوة بعض الصحافيين والكتّاب العراقيين لنشر مقالات إشادة وترحيب بممارسات المارينـز –باعتراف قادة البنتاجون- ومعلوم ضمنًا أن من يمارس الترغيب وشراء الأقلام لمناصرته، لا يتورّع عن الترهيب، وقصف أقلام أخرى إن رفضت ذلك.
وهي الديموقراطية الأمريكية ذاتها التي استخدمت الأسلحة المحرّمة دوليًا ضد المقاومة العراقية الرافضة للاحتلال.
وأكذوبة الديموقراطية هذه لم تنطل حتى على الشعب الأمريكي، على الرغم من محاولات تخويفه وإيهامه بأن الحرب على العراق قامت لحماية الأمن القومي الأمريكي؛ إذ خرجت أصوات تطالب بالانسحاب من العراق ليقرر الشعب العراقي مصيره ويصنع مستقبله. حتى داخل الكونجرس الأمريكي، هناك من يطالب بتحديد جدول زمني للانسحاب من العراق، وهو ما رفضته إدارة بوش.. على الرغم من إجماع الفصائل العراقية على ذلك في مؤتمر المصالحة الذي عُقد بالقاهرة برعاية جامعة الدول العربية.
هذه الشواهد وغيرها تقدم لنا درسًا بليغًا مفاده: أن الإصلاح السياسي الذي تنشده الشعوب العربية لن يتحقق بضغوط من الخارج حتى ولو وصلت هذه الضغوط إلى حد الاحتلال المباشر للأرض. وإنما يجب أن ينبع من طروحات داخلية تحترم خصوصيات المجتمع، وتضع مصالح هذه الشعوب في مقدمة أولوياتها.
ودرس آخر تقدمه لنا التجربة العراقية، وتعيه جيدًا الفئات البسيطة والصامتة من أبناء الشعوب العربية والإسلامية، وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تجاهر بانحيازها التام لإسرائيل، وتدعم تفوقها العسكري وانفرادها بالسلاح النووي بالمنطقة، لا يمكن بحال من الأحوال أن تضحي بأرواح جنودها والمليارات من الدولارات لتتمتع الشعوب العربية بالديموقراطية والحرية.
هذه الدروس وغيرها تتفق والحقيقة البدهيّة القائلة: إن الاحتلال العسكري الذي تجاهل قرارات الشرعية الدولية، وانتهك حقوق الإنسان في العراق لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون طريقًا للديموقراطية، ولا يوجد في تاريخ الإنسانية بأسره واقعة واحدة تخالف هذه البدهيّة، في حين توجد عشرات الوقائع والأحداث التي تؤكدها وتثبت صحّتها.
فهل يعي العرب والمسلمون داخل العراق وخارجه هذه الدروس لكي لا يحتاجوا إلى كوارث أخرى لاستيعابها.. لاسيما أن هناك دولاً أخرى مرشحة لاستقبال الديموقراطية الأمريكية بنفس الملامح التي نراها في العراق؟!