المتوقد
29-11-2005, 00:09
د.خالد الحليبي
من أسرار الراحة
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : أي الناس أفضل ؟ قال: (( كل مخموم القلب صدوق اللسان )) قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب ؟ قال : هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد )) رواه ابن ماجة.
إن هذا الحديث يطرح صفة شفافة ، يتمنى كل الناس أن يكون كل من حولهم ممن يتحلون بها ، ولكن كثيرا منهم يفشل في أن يكون هو من أهلها ، قبل وإن كان يصر على طلبها من غيره.
ما أحوجنا اليوم إلى الأنقياء ، أصحاب القلوب المخمومة من أمراض الفساد . فالأنقياء لا يعرفون الانتقام ، ولا التشفي ، ويتجاوزون عن الهفوات والأخطاء . والأنقياء يتثبتون ولا يتسرعون ، سليمة قلوبهم، نقية صدورهم ، يحبون العفو والصفح وإن كان الحق معهم . ألسنتهم نظيفة ، فلا يسبون ولا يشتمون ، يتمتعون بصفاء في السريرة ، ونقاء في السيرة ، { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} .
إننا نسمع من يتحدث عن سلامة الصدر وطهارة القلب وصفاء النفس ، ولكنك حين تخالطه تصدم بغيبة ملبسة بلباس النصيحة ، وبحديث يشفي الغليل ويرضي الخليل ، أو بهمز ولمز وانتصار للنفس ، يكثر السجود وهو يحمل مثل الجبال من الحقود على إخوانه المسلمين. يتحلى بزي أهل الإيمان وهو يكيد للمسلمين ويحسدهم على ما آتاهم الله من فضله.
ولن ينجح المسلم في تنقية ما بداخله من الحقد على المسلمين إلا إذا سامحهم عما يبدر منهم ضده ، وهو الجود بالعرض ، كجود أبي ضمضم من الصحابة رضي الله عنهم ، كان إذا أصبح قال : اللهم لا مال لي أتصدق به على الناس ، وقد تصدقت عليهم بعرضي، فمن شتمني أو قذفني فهو في حل. فقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من يستطيع أن يكون منكم كأبي ضمضم )) . ولنكرر السؤال على أنفسنا .. من يستطيع منا أن يكون كأبي ضمضم ؟
إننا نسمع من يطعن في سيرة إخواننا أمامنا ، فنجامل ، ونتناسى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( كل المسلم على المسلم حرام : عرضه ودمه وماله (( وكان يجب أن يحس كل واحد منا أنه محام عن أعراض إخوانه ، في أي مجلس كان ، وأمام أي كائن كان ، فلا يغلبن المغتاب بجرأته المحرمة ، صاحب الحق في مقالته التي يذب فيها عن عرض أخيه.
إن المسلم يحرص على بقاء قلبه نقيا صافيا مهما اعترضه من آفات قد تكون من طبيعة بعض العلاقات كأصحاب المهنة الواحدة ، والأقارب المتجاورين ، والأقران ، والضرائر، فهو يرى كم يرتاح قلبه حين يتسامح ، وكم يقع في قلق وهم وشغل شاغل إذا قرر الانتقام ممن ظلمه من إخوانه المسلمين ؟ وهذا عمرو بن العاص قالها حينما قال له رجل : ((لأتفرغن لك)) ، فما زاد أن قال له : (( إذن تقع في الشغل )) .
نعم إن القلب المليء بالحسد وحب الانتقام من الناس قلب مشغول دائما، أما القلب السليم الذي امتلأ بحب الناس وجمع القلوب ، فهو لا يفكر إلا فيما ينفعه ، أو ينفع غيره.
وقد نظرت في أمر هؤلاء المشتغلين بالحديث في الناس ذما ومدحا بغير حق، فوجدتهم من الفارغين من عمل الدنيا والدين ، قد أنسوا بفضلات اللحوم البشرية على أنيابهم كالذئاب الجائعة ، ونسوا حظهم مما ينفعهم في آخرتهم إلا ما شاء الله، ورأوا أنهم إن سكتوا عن ذلك فلن يجدوا ما يتحدثون فيه ويعرفون به ، فالله المستعان .. عاشوا على دماء الناس كما تعيش الوحوش الضارية التي تموت إذا لم تصطد ما تنهشه.
المحطة الأخيرة
جاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فذكر له قولا في إخوانه ، فقال ابن المبـــــــــارك : (( عجبــا سلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم منك إخوانك )) .
من أسرار الراحة
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : أي الناس أفضل ؟ قال: (( كل مخموم القلب صدوق اللسان )) قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب ؟ قال : هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد )) رواه ابن ماجة.
إن هذا الحديث يطرح صفة شفافة ، يتمنى كل الناس أن يكون كل من حولهم ممن يتحلون بها ، ولكن كثيرا منهم يفشل في أن يكون هو من أهلها ، قبل وإن كان يصر على طلبها من غيره.
ما أحوجنا اليوم إلى الأنقياء ، أصحاب القلوب المخمومة من أمراض الفساد . فالأنقياء لا يعرفون الانتقام ، ولا التشفي ، ويتجاوزون عن الهفوات والأخطاء . والأنقياء يتثبتون ولا يتسرعون ، سليمة قلوبهم، نقية صدورهم ، يحبون العفو والصفح وإن كان الحق معهم . ألسنتهم نظيفة ، فلا يسبون ولا يشتمون ، يتمتعون بصفاء في السريرة ، ونقاء في السيرة ، { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} .
إننا نسمع من يتحدث عن سلامة الصدر وطهارة القلب وصفاء النفس ، ولكنك حين تخالطه تصدم بغيبة ملبسة بلباس النصيحة ، وبحديث يشفي الغليل ويرضي الخليل ، أو بهمز ولمز وانتصار للنفس ، يكثر السجود وهو يحمل مثل الجبال من الحقود على إخوانه المسلمين. يتحلى بزي أهل الإيمان وهو يكيد للمسلمين ويحسدهم على ما آتاهم الله من فضله.
ولن ينجح المسلم في تنقية ما بداخله من الحقد على المسلمين إلا إذا سامحهم عما يبدر منهم ضده ، وهو الجود بالعرض ، كجود أبي ضمضم من الصحابة رضي الله عنهم ، كان إذا أصبح قال : اللهم لا مال لي أتصدق به على الناس ، وقد تصدقت عليهم بعرضي، فمن شتمني أو قذفني فهو في حل. فقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من يستطيع أن يكون منكم كأبي ضمضم )) . ولنكرر السؤال على أنفسنا .. من يستطيع منا أن يكون كأبي ضمضم ؟
إننا نسمع من يطعن في سيرة إخواننا أمامنا ، فنجامل ، ونتناسى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( كل المسلم على المسلم حرام : عرضه ودمه وماله (( وكان يجب أن يحس كل واحد منا أنه محام عن أعراض إخوانه ، في أي مجلس كان ، وأمام أي كائن كان ، فلا يغلبن المغتاب بجرأته المحرمة ، صاحب الحق في مقالته التي يذب فيها عن عرض أخيه.
إن المسلم يحرص على بقاء قلبه نقيا صافيا مهما اعترضه من آفات قد تكون من طبيعة بعض العلاقات كأصحاب المهنة الواحدة ، والأقارب المتجاورين ، والأقران ، والضرائر، فهو يرى كم يرتاح قلبه حين يتسامح ، وكم يقع في قلق وهم وشغل شاغل إذا قرر الانتقام ممن ظلمه من إخوانه المسلمين ؟ وهذا عمرو بن العاص قالها حينما قال له رجل : ((لأتفرغن لك)) ، فما زاد أن قال له : (( إذن تقع في الشغل )) .
نعم إن القلب المليء بالحسد وحب الانتقام من الناس قلب مشغول دائما، أما القلب السليم الذي امتلأ بحب الناس وجمع القلوب ، فهو لا يفكر إلا فيما ينفعه ، أو ينفع غيره.
وقد نظرت في أمر هؤلاء المشتغلين بالحديث في الناس ذما ومدحا بغير حق، فوجدتهم من الفارغين من عمل الدنيا والدين ، قد أنسوا بفضلات اللحوم البشرية على أنيابهم كالذئاب الجائعة ، ونسوا حظهم مما ينفعهم في آخرتهم إلا ما شاء الله، ورأوا أنهم إن سكتوا عن ذلك فلن يجدوا ما يتحدثون فيه ويعرفون به ، فالله المستعان .. عاشوا على دماء الناس كما تعيش الوحوش الضارية التي تموت إذا لم تصطد ما تنهشه.
المحطة الأخيرة
جاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فذكر له قولا في إخوانه ، فقال ابن المبـــــــــارك : (( عجبــا سلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم منك إخوانك )) .