شام
22-09-2005, 23:51
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبو موسى الأشعري ...
انه عبـدالله بن قيـس المكني الملقب بـ (أبي موسى الأشعري)، أمّهُ ظبية المكيّة بنت وهـب أسلمت وتوفيـت بالمدينة كان قصيراً نحيفاً خفيف اللحيّـة
غادر وطنه اليمـن الى الكعبة فور سماعه برسـول يدعو الى التوحيد، وفي مكة جلس بين يدي الرسول الكريم وتلقى عنه الهدى واليقين، وعاد الى بلاده يحمل كلمة اللـه...
السفينة :
قال أبو موسى الأشعري (بلغنا مخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوانِ لي أنا أصغرهما أحدهَما أبو بُرْدة والآخر أبو رُهْم، وبضع وخمسين رجلا من قومي فركبنا سفينة، فألْقَتْنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافَقْنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده فقال جعفر: [إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثنا وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا] ... فأقمنا معه حتى قدمنا جميعاً) ...
أهل أصفهان :
وبينما كان المسلمون يفتحون بلاد فارس، هبط الأشعري وجيشه على أهل أصفهان الذين صالحوه على الجزية فصالحهم، بيد أنهم لم يكونوا صادقين، وانما أرادوا أن يأخذوا الفرصة للاعداد لضربة غادرة
ولكن فطنة أبي موسى التي لم تغيب كانت لهم بالمرصاد فعندما هموا بضربتهم وجدوا جيش المسلمين متأهبا لهم، ولم ينتصف النهار حتى تم النصر الباهر ...
الامارة :
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عاد أبوموسى من اليمن الى المدينة، ليحمل مسئولياته مع جيوش الاسلام، وفي عهد عمر ولاه البصرة سنة سبعَ عشرة بعد عزل المغيرة، فجمع أهلها وخطب فيهم قائلاً (ان أمير المؤمنين عمر بعثني اليكم، أعلمكم كتاب ربكم، وسنة نبيكم، وأنظف لكم طرقكم) ...
فدهش الناس لأنهم اعتادوا أن يفقههـم الأمير ويثقفهـم، ولكن أن ينظـف طرقاتهم فهذا ما لم يعهـدوه أبدا، وقال عنه الحسن -رضي الله عنه- (ما أتى البصرة راكب خير لأهلها منه) ...
فلم يزل عليها حتى قُتِلَ عمر -رضي الله عنه-... كما أن عثمان -رضي الله عنه- ولاه الكوفة، قال الأسود بن يزيد (لم أرَ بالكوفة من أصحاب محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- أعلم من عليّ بن أبي طالب والأشعري) ...
الصوم :
وكان أبو موسى -رضي الله عنه- من أهل العبادة المثابرين وفي الأيام القائظة كان يلقاها مشتاقا ليصومها قائلاً (لعل ظمأ الهواجر يكون لنا ريّا يوم القيامة) ...
وعن أبي موسى قال : غزونا غزوةً في البحر نحو الروم، فسرنا حتى إذا كنّا في لُجّة البحر، وطابت لنا الريح، فرفعنا الشراع إذْ سمعنا منادياً يُنادي: (يا أهل السفينة قِفُوا أخبرْكم) ...
قال: فقمتُ فنظرتُ يميناً وشمالاً فلم أرَ شيئاً، حتى نادى سبع مرات فقلتُ (من هذا ؟ ألا ترى على أيّ حالٍ نحن؟ إنّا لا نستطيع أن نُحْبَسَ) ...
قال: (ألا أخبرك بقضاءٍ قضاه الله على نفسه؟)...قلتُ: (بلى)...قال (فإنّه من عطّش نفسه لله في الدنيا في يومٍ حارّ كان على الله أن يرويه يوم القيامة) ...
فكان أبو موسى لا تلقاه إلا صائماً في يوم حارٍ...
القرآن :
وكان من أهل القرآن حفظا وفقها وعملا، ومن كلماته المضيئة (اتبعوا القرآن ولا تطمعوا في أن يتبعكم القرآن) ...
وإذا قرأ القرآن فصوته يهز أعماق من يسمعه حتى قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- (لقد أوتي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود) ...
وكان عمر يدعوه للتلاوة قائلا: (شوقنا الى ربنا يا أبا موسى) ...
فضله :
ومن ذلك اليوم أخذ أبوموسى مكانه العالي بين المؤمنين، فكان فقيها حصيفا ذكيا، ويتألق بالافتاء والقضاء حتى قال الشعبي: (قضاة هذه الأمة أربعة: عمر وعلي وأبوموسى وزيد بن ثابت) ...
وقال: (كان الفقهاء من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ستة: عمر وعليّ وعبدالله بن مسعود وزيد وأبو موسى وأبيّ بن كعب) ...
في مواطن الجهاد :
كان أبوموسى -رضي الله عنه- موضع ثقة الرسول وأصحابه وحبهم، فكان مقاتلا جسورا، ومناضلا صعبا، فكان يحمل مسئولياته في استبسال جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول عنه(سيد الفوارس أبوموسى) ...
ويقول أبوموسى عن قتاله: (خرجنا مع رسول الله في غزاة، نقبت فيها أقدامنا، ونقبت قدماي، وتساقطت أظفاري، حتى لففنا أقدامنا بالخرق) ... وفي حياة رسول الله ولاه مع معاذ بن جبل أمر اليمن...
قدوم المدينة :
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: (يقدم عليكم غداً قومٌ هم أرقُّ قلوباً للإسلام منكم) ... فقدِمَ الأشعريون وفيهم أبو موسى الأشعري، فلمّا دَنَوْا من المدينـة جعلوا يرتجـزون يقولـون :(غداً نلقى الأحبّـة، محمّـداً وحِزبـه) ...
فلمّا قدمـوا تصافحـوا، فكانوا هم أوّل مَنْ أحدث المصافحة ... اتفق قدوم الأشعريين وقدوم جعفر وفتح خيبر، فأطعمهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من خيبر طُعْمة، وهي معروفة بـ (طُعْمَة الأشعريين)، قال أبو موسى: (فوافَقْنا رسول الله -صلى الله عليه وسسلم- حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئاً إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معنا) ...
موقعة تستر :
في فتح بلاد فارس أبلى القائد العظيم أبوموسى الأشعري البلاء الكريم، وفي موقعة التستر (2 هـ) بالذات كان أبوموسى بطلها الكبير، فقد تحصن الهُرْمُزان بجيشه في تستر، وحاصرها المسلمون أياما عدة، حتى أعمل أبوموسى الحيلة ...
فأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي أغراه أبوموسى بأن يحتال حتى يفتح باب المدينة، ولم تكاد تفتح الأبواب حتى اقتحم جنود الطليعة الحصن وانقض أبوموسى بجيشه انقضاضا، واستولى على المعقل في ساعات، واستسلم قائد الفرس، فأرسله أبوموسى الى المدينة لينظر الخليفة في أمره ...
وفاته :
ولمّا قاربت وفاته زادَ اجتهاده، فقيل له في ذلك، فقال: (إنّ الخيل إذا قاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك) ...
وجاء أجل أبو موسى الأشعـري، وكست محياه اشراقة من يرجـو لقاء ربه وراح لسانه في لحظات الرحيـل يـردد كلمات اعتاد قولها دوما (اللهم أنت السلام، ومنك السلام) ...
وتوفي بالكوفة في خلافة معاوية ...
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبو موسى الأشعري ...
انه عبـدالله بن قيـس المكني الملقب بـ (أبي موسى الأشعري)، أمّهُ ظبية المكيّة بنت وهـب أسلمت وتوفيـت بالمدينة كان قصيراً نحيفاً خفيف اللحيّـة
غادر وطنه اليمـن الى الكعبة فور سماعه برسـول يدعو الى التوحيد، وفي مكة جلس بين يدي الرسول الكريم وتلقى عنه الهدى واليقين، وعاد الى بلاده يحمل كلمة اللـه...
السفينة :
قال أبو موسى الأشعري (بلغنا مخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوانِ لي أنا أصغرهما أحدهَما أبو بُرْدة والآخر أبو رُهْم، وبضع وخمسين رجلا من قومي فركبنا سفينة، فألْقَتْنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافَقْنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده فقال جعفر: [إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثنا وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا] ... فأقمنا معه حتى قدمنا جميعاً) ...
أهل أصفهان :
وبينما كان المسلمون يفتحون بلاد فارس، هبط الأشعري وجيشه على أهل أصفهان الذين صالحوه على الجزية فصالحهم، بيد أنهم لم يكونوا صادقين، وانما أرادوا أن يأخذوا الفرصة للاعداد لضربة غادرة
ولكن فطنة أبي موسى التي لم تغيب كانت لهم بالمرصاد فعندما هموا بضربتهم وجدوا جيش المسلمين متأهبا لهم، ولم ينتصف النهار حتى تم النصر الباهر ...
الامارة :
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عاد أبوموسى من اليمن الى المدينة، ليحمل مسئولياته مع جيوش الاسلام، وفي عهد عمر ولاه البصرة سنة سبعَ عشرة بعد عزل المغيرة، فجمع أهلها وخطب فيهم قائلاً (ان أمير المؤمنين عمر بعثني اليكم، أعلمكم كتاب ربكم، وسنة نبيكم، وأنظف لكم طرقكم) ...
فدهش الناس لأنهم اعتادوا أن يفقههـم الأمير ويثقفهـم، ولكن أن ينظـف طرقاتهم فهذا ما لم يعهـدوه أبدا، وقال عنه الحسن -رضي الله عنه- (ما أتى البصرة راكب خير لأهلها منه) ...
فلم يزل عليها حتى قُتِلَ عمر -رضي الله عنه-... كما أن عثمان -رضي الله عنه- ولاه الكوفة، قال الأسود بن يزيد (لم أرَ بالكوفة من أصحاب محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- أعلم من عليّ بن أبي طالب والأشعري) ...
الصوم :
وكان أبو موسى -رضي الله عنه- من أهل العبادة المثابرين وفي الأيام القائظة كان يلقاها مشتاقا ليصومها قائلاً (لعل ظمأ الهواجر يكون لنا ريّا يوم القيامة) ...
وعن أبي موسى قال : غزونا غزوةً في البحر نحو الروم، فسرنا حتى إذا كنّا في لُجّة البحر، وطابت لنا الريح، فرفعنا الشراع إذْ سمعنا منادياً يُنادي: (يا أهل السفينة قِفُوا أخبرْكم) ...
قال: فقمتُ فنظرتُ يميناً وشمالاً فلم أرَ شيئاً، حتى نادى سبع مرات فقلتُ (من هذا ؟ ألا ترى على أيّ حالٍ نحن؟ إنّا لا نستطيع أن نُحْبَسَ) ...
قال: (ألا أخبرك بقضاءٍ قضاه الله على نفسه؟)...قلتُ: (بلى)...قال (فإنّه من عطّش نفسه لله في الدنيا في يومٍ حارّ كان على الله أن يرويه يوم القيامة) ...
فكان أبو موسى لا تلقاه إلا صائماً في يوم حارٍ...
القرآن :
وكان من أهل القرآن حفظا وفقها وعملا، ومن كلماته المضيئة (اتبعوا القرآن ولا تطمعوا في أن يتبعكم القرآن) ...
وإذا قرأ القرآن فصوته يهز أعماق من يسمعه حتى قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- (لقد أوتي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود) ...
وكان عمر يدعوه للتلاوة قائلا: (شوقنا الى ربنا يا أبا موسى) ...
فضله :
ومن ذلك اليوم أخذ أبوموسى مكانه العالي بين المؤمنين، فكان فقيها حصيفا ذكيا، ويتألق بالافتاء والقضاء حتى قال الشعبي: (قضاة هذه الأمة أربعة: عمر وعلي وأبوموسى وزيد بن ثابت) ...
وقال: (كان الفقهاء من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ستة: عمر وعليّ وعبدالله بن مسعود وزيد وأبو موسى وأبيّ بن كعب) ...
في مواطن الجهاد :
كان أبوموسى -رضي الله عنه- موضع ثقة الرسول وأصحابه وحبهم، فكان مقاتلا جسورا، ومناضلا صعبا، فكان يحمل مسئولياته في استبسال جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول عنه(سيد الفوارس أبوموسى) ...
ويقول أبوموسى عن قتاله: (خرجنا مع رسول الله في غزاة، نقبت فيها أقدامنا، ونقبت قدماي، وتساقطت أظفاري، حتى لففنا أقدامنا بالخرق) ... وفي حياة رسول الله ولاه مع معاذ بن جبل أمر اليمن...
قدوم المدينة :
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: (يقدم عليكم غداً قومٌ هم أرقُّ قلوباً للإسلام منكم) ... فقدِمَ الأشعريون وفيهم أبو موسى الأشعري، فلمّا دَنَوْا من المدينـة جعلوا يرتجـزون يقولـون :(غداً نلقى الأحبّـة، محمّـداً وحِزبـه) ...
فلمّا قدمـوا تصافحـوا، فكانوا هم أوّل مَنْ أحدث المصافحة ... اتفق قدوم الأشعريين وقدوم جعفر وفتح خيبر، فأطعمهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من خيبر طُعْمة، وهي معروفة بـ (طُعْمَة الأشعريين)، قال أبو موسى: (فوافَقْنا رسول الله -صلى الله عليه وسسلم- حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئاً إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معنا) ...
موقعة تستر :
في فتح بلاد فارس أبلى القائد العظيم أبوموسى الأشعري البلاء الكريم، وفي موقعة التستر (2 هـ) بالذات كان أبوموسى بطلها الكبير، فقد تحصن الهُرْمُزان بجيشه في تستر، وحاصرها المسلمون أياما عدة، حتى أعمل أبوموسى الحيلة ...
فأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي أغراه أبوموسى بأن يحتال حتى يفتح باب المدينة، ولم تكاد تفتح الأبواب حتى اقتحم جنود الطليعة الحصن وانقض أبوموسى بجيشه انقضاضا، واستولى على المعقل في ساعات، واستسلم قائد الفرس، فأرسله أبوموسى الى المدينة لينظر الخليفة في أمره ...
وفاته :
ولمّا قاربت وفاته زادَ اجتهاده، فقيل له في ذلك، فقال: (إنّ الخيل إذا قاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك) ...
وجاء أجل أبو موسى الأشعـري، وكست محياه اشراقة من يرجـو لقاء ربه وراح لسانه في لحظات الرحيـل يـردد كلمات اعتاد قولها دوما (اللهم أنت السلام، ومنك السلام) ...
وتوفي بالكوفة في خلافة معاوية ...