روح أبـــوهــــا
02-07-2005, 11:39
قصه حقيقه أوردها لكم من مصادرها
كي يتعض أكثرنا ويتقى الله في أطفالنا
ولكن تذكر عندما تنزل دموعك إن لا تجعل أطفالك يعيشون نفس الطريق
ثلاثة أعوام هي تجربتي مع التدريس في مدرسة ابتدائية.. قد أنسى الكثير من إحداثها وقصصها .. الا قصه ( ياسر )!!!!
كان ياسر طفل التاسع في الصف الرابع الابتدائي.. وكنت أعطيهم حصتين في الأسبوع ..كان نحيل الجسم .. أراه دوما شارد الذهن ..يغالبه النعاس كثيرا ..كان شديد الإهمال في دراسته .. بل في لباسه وشعره ..
دفاتره كانت هي الاخرى تشتكي الإهمال والتمزق !!
حاولت مرارا أن يعتني بنفسه ودراسته.. فلم افلح كثيرا !!
لم يجد معه ترغيب أو ترهيب !! ولوم أو تأنيب !!
ذات يوم حضرت إلى المدرسة في الساعة السادسة قبل طابور الصباح بساعة كاملة تقريبا..كان يوماً شديد البرودة..
فوجئت بمنظر لن انســــــــــــــــــــاه !!!!!
دخلت المدرسة فرأيت في زاوية من ساحتها طفلين صغيرين .. قد انزويا على بعضهما .. نظرت من بعيد فإذا بهما يلبسان ملابس بيضاء..... لا تقي جسديهما النحيلين شدة البرودة.. أسرعت إليهما دون تردد .. وإذا بي المح ( ياسر ) يحتضن أخاه الأصغر(أيمن )الطالب بالصف الأول الابتدائي..ويجمع كفيه الصغيرين المتجمدين وينفخ فيهما بفمه !! ويفركهما بيديه !!
منظر لا يمكن إن أصفه..وشعور لا يمكن إن أترجمه !!
دمعت عيناي من هذا المنظر المؤثر !!
ناديته: ياسر..ما لذي جاء بكما في هذا الوقت !؟ولماذا لم تلبسا لباسا يقيكما من البرد !!
فازداد ياسر التصاقا بأخيه .. ووارى عني عينيه البريئتين وهما تخفيان عني الكثير من المعاناة والألم التي فضحتها دمعه لم أكن أتصورها!!!!!
ضممت الصغير إلي ..فأبكاني برودة وجنتيه وتيبس يديه!!
أمسكت بالصغيرين فأخذتهما معي إلى غرفة المكتبة..
أدخلتهما ..وخلعت الجاكيت الذي البسه وألبسته الصغير !!
أعدت على ياسر السؤال:ياسر....ما لذي جاء بك إلى المدرسة في هذا الوقت المبكر !!ومن الذي أحضركما!!
قال ببراءته:لا ادري !!السائق هو الذي أحضرنا !!
قلت:ووالدك!!
قال:والدي مسافر إلى المنطقه الشرقية والسائق هو الذي اعتاد على إحضارنا حتى بوجود أبي !!
قلت : وامــــك!!! أمك يا ياسر... كيف أخرجتكما بهذه الملابس الصيفية في هذا الوقت !؟
لم يجب(ياسر) وكأنني طعنته بسكين !!
قال أيمن(الصغير):ماما عند أخوالي!!!!!!!
قلت:ولماذا تركتم .. ومنذ متى!؟
قال أيمن :من زمان .. من زمان !!!
قلت: ياسر.. هل صحيح ما يقول أيمن !؟
قال : نعم يا أستاذ من زمان أمي عند أخوالي .. أبوي طلقها .. وضربها .. وراحت وتركتنا .. وبدا يبكي ويبكي !!
هداتهما.. وانأ اشعر بمرارة المعاناة وخشيت إن يفقدا الثقة في أمهما .. أو أبيهما !!
قلت له: ولكن والدتك تحبكما .. أليس كذلك !؟
قال ياسر: أيه.. أيه .. أيه .. وانأ أحبها وأحبها وأحبها .. بس أبوي !! وزوجته !!
ثم استرسل في البكاء!!
قلت له:ما بهما إلا ترى أمك يا ياسر!؟
قال : لا .. لا.. إنا من زمان ما شفتها .. إنا يا أستاذ ولهان عليها مره مره !!
قلت: إلا يسمح لك والدك بذهابك لها !؟
قال : كان يسمح بس من يوم تزوج ماعاد سمح لي !!!!
قلت له : يا ياسر .. زوجة أبوك مثل أمك.. وهي تحبكم !!
قاطعني ياسر : لا .. لا .. يا أستاذ أمي أحلى .. هذي تضربنا .. ودايم تسب أمي عندنا !!
قلت له : ومن يتابعكما في الدراسة !؟
قال: ما فيه احد يتابعنا.. وزوجة أبوي تقول له أنها تدرسنا !!
قلت : ومن يجهز ملابسكما وطعامكما ؟
قال: الخادمة.. وبعض الأيام انــــــا !! لان زوجة أبوي تمنعها وتخليها تغسل البيت !! أو تروحها لأهلها!! وأنا اللي أجهز ملابسي وملابس أيمن مثل اليوم !!
اغرورقت عيناي بالدموع .. فلم اعد احتمل !!
حاولت رفع معنوياته .. فقلت : لكنك رجل يعتمد عليك !!
قال: إنا ما أبي منها شيء !!
قلت : ولماذا لم تلبسا لبس شتوي في هذا اليوم ؟
قال : هي منعتني !! قال : خذ هذي الملابس وروحوا الآن للمدرسة .. وأخرجتني من الغرفة وأقفلتها !!!
قدم المعلمون والطلاب للمدرسة .. قلت لياسر بعد إن أدركت عمق المعاناة والمأساة التي يعيشها مع أخيه: لا تخرجا للطابور.. وسأعود إليكما بعد قليل !!
خرجت من عندهما .. وأنا اشعر بألم يعتصر قلبي.. ويقطع فؤادي !!
ما ذنب الصغيرين !!
ما لذي اقترفاه !؟
ضحية خلاف اسري.. وطلاق .. وفراق !!
أين الرحمة !؟ أين الضمير !؟ أين الدين !؟ بل أين الإنسانية !؟
أسئلة وأسئلة ظلت حائرة في ذهني !!
سمعت قصص كثيرة مشابهه .. قرأت في بعض الكتب مثيلا لها.. لكن كنت أتصور إن في ذلك نوع مبالغة حتى عايشت أحداثها !!
قررت أن تكون قضيه ياسر وأيمن.. هي قضيتي !!
جمعت المعلومات عنهما .. وعن أسرة أمهما .. وعرفت أنها تسكن في الرياض !!
سالت المرشد الطلابي بالمدرسة عن والد ياسر وهل يراجعه !؟
أفادني انه طالما كتب له واستدعاه.. فلم يجب !!
وأضاف: الغريب إن والدهما يحمل درجة الماجستير..
قال عن ياسر : كان ياسر في قمة النظافة والاهتمام .. وفجأة تغيرت حالته من منتصف الثالث !!
عرفت فيما بعد انه منذ وقع الطلاق !!
حاولت الاتصال بوالده .. فلم افلح .. فهو كثير الأسفار والترحال ..بعد جهد .. حصلت على هاتف أمه !!
استدعيت ياسر يوما إلى غرفتي وقلت له: ياسر لتعتبرني عنك أو والدك.. ولنحاول أن نصلح الأمور مع والدك.. ولتبدأ في الاهتمام بنفسك !!
نظر إلي ولم يجب وكأنه يستفسر عن المطلوب !!
قلت له : حتما والدك يحبك .. ويريد لك الخير .. ولابد إن يشعر بأنك تحبه.. ويلمس اهتمامك بنفسك وبأخيك وتحسنك في الدراسة احد الأسباب !!!
هز رأسه موافقا !!
قلت له : لنبدأ باهتمامك بواجباتك .. اجتهد في ذلك !!
قال : إنا ودي احل واجباتي ..زوجة أبوي تخليني ما احل !!
قلت له : أبدا هذا مو معقول .. أنت تبالغ !!
قال : أنا ما اكذب هي دايم تخليني اشتغل في البيت وأنظف الحوش ,,,,,,,!!!!!
صدقوني .. كأني اقرأ قصة في كتاب !!أو أتابع مسلسل كتبت أحداثه من نسج الخيال !!!
قلت : حاول أن لا تذهب للبيت إلا وقد قمت بحل ما تستطيع من واجباتك !!
رايته.. خائفا مترددا .. وان كان لديه استعداد !!
قلت له (محفزا ): ياسر لو تحسنت قليلا سأعطيك مكافأة !! هي أغلى مكافأة تتمناها !!
نظر اليَ ..... وكأنه يسال عن ماهيتها !!!
قلت له: سأجعلك تكلم أمك بالهاتف من المدرسة !!!
ما كنت أتصور أن يحدث هذا الوعد ردة فعل كبيره !! لكنني فؤجئت به يقوم ويقبل علي مسرعا ..
ويقبض على يدي اليمنى ويقبلها وهو يقول :
تكف .. تكف .. يا أستاذ أنا ولهان على أمي !! بس لا يدري أبوي !!
قلت له: ستكلمها بأذن الله شريطة أن تعدني أن تجتهد..
قال : اعــدك !!
بدأ ياسر ... يهتم بنفسه وواجباته ..وساعدني في ذلك بقية المعلمين فكانوا يجعلونه يحل واجباته في حصص الفراغ .. أو في حصة التربية الفنية يساعدونه على ذلك !!
كان ذكيا سريع الحفظ .. فتحسن مستواه في أسبوع واحد !!!!(صدقوني نعم تغير في أسبوع واحد ) !!
استأذنت المدير يوما أن نهاتف أم ياسر .. فوافق ..
اتصلت في الساعة العاشرة صباحا .. فردت امرأة كبيرة السن ..
قلت لها : أم ياسر موجودة ؟!
قال : ومن يريدها ؟
قلت : معلم ياسر !!
قالت : أنا جدته .. يا ولدي وش أخباره.. حسبي الله على اللي كان السبب .. حسبي الله على اللي حرمها منه !!
هداتها قليلا .. فعرفت منها بعض معاناة ابنتها ( أم ياسر )!!
قال : لحظه أناديها ( تبي تطير من الفرح )!!
جاءت أم ياسر المكلومه .. مسرعه ..حدثتني وهي تبكي !!
قالت : أستاذ .. وش أخبار ياسر طمني الله يطمنك بالجنة !!
قلت : ياسر بخير وعافية .. وهو مشتاق لك !!!
قالت : وأنا ..فلم اعد اسمع إلا بكاءها .. ونشيجها !!
قالت وهي تحاول كتم العبرات :أستاذ (طلبتك) ودي اسمع صوته وصوت أيمن .. أنا من خمسة أشهر ما سمعت أصواتهم !!
لم اتمالك نفسي فدمعت عيناي !!
يـــــــــــــالله .. أين الرحمة ؟ أين حق الأم ؟!!!
قلت : ابشـــــــري ستكلمينه وباستمرار .. لكن بودي أن تساعديني في محاولة الرفع من مستواه .. وتشجيعه على الاجتهاد .. لنحاول تغييره .. لنبعث بذلك رسالة إلى والده !!!
قالت : والده !!(الله يسامحه ) ..كنت له نعم الزوجة .. ولكن ما اقول ألا : الله يسامحه !!
ثم قالت : المهم .. ودي اكلمهم واسمع أصواتهم !!
قلت : حالا .. لكن كما وعدتني .. لا تتحدثين في مشاكله مع زوجه أبيه أو أبيه !!
قالت : ابشــــــــــر !
دعوت ياسر وأيمن إلى غرفة المدير وأغلقت الباب ..
قلت : ياسر .. هذي أمك تريد أن تكلمك !!
لم ينبت ببنت شفه .. أسرع اليَ واخذ السماعة من يدي وقال : أمي .. أمي .. أمي ..
تحول الحديث إلى بكاء !!
إذا اختلطت دموع في خدود ******* تبين من بكى ممن تباكا
تركته .. يفرغ ألما ملا فؤاده.. وشوقا سكن قلبه !!
حدثها .. خمسه عشر دقيقه !!
أما أيمن ... فكان حديثها معه قصة أخرى .. كان بكاء وصراخ من الطرفين !!
ثم أخذت السماعة منهما .. وكأنني اقطع طرفا من جسمي .. فقالت لي : سا دعوا لك ليلا ونهارا .. لكن لا تحرمني من ياسر وأخيه !! ولا يعلم بذلك والدهما !!
قلت : لن تحرمي من محادثتهم بعد اليوم !! وودعتها !
قلت لياسر بعد إن وضعت سماعة الهاتف: انصرف وهذه المكالمة مكافأة لك على اهتمامك الفترة الماضية.. وسأكرر لك أن اجتهدت أكثر !!
عاد الصغير فقبل يدي .. وخرج وقد افتر عن ثغره الصغير ابتسامه فرح و رضى !!
قال: أعدك يا أستاذ أن اجتهد واجتهد !!
مضت الأيام وياسر من حسن إلى أحسن .. يتغلب على مشاكله شيئان فشيء.. فرأيت فيه رجلا يعتمد عليه !!
في نهاية الفصل الأول ظهرت النتائج فإذا بياسر الذي اعتاد إن يكون ترتيبه بعد العشرين في فصل عدد طلابه (26)طالبا يحصل على الترتيب ( السابع ) !!
دعوته .. إلي وقد أحضرت له ولأخيه هدية قيمة.. وقلت له: نتيجتك هذه هي رسالة إلى والدك.. ثم سلمته الهدية وشهادة تقدير على تحسنه .. وأرفقت بها مغلقة بعثتها لأبيه كتبتها كما لم اكتب رسالة من قبل..كانت من عدة صفحات !!
بعثتها .. ولم اعلم ما سيكون أثرها.. وقبولها !!
خالفني البعض ممن استشرتهم وأيد البعض !!
خشينا أن يشعر بالتدخل في خصوصياته !! ولكن الأمانة والمعاناة التي شعرت بها دعت إلى كل ما سبق !!
ذهب ياسر .. يوم الاثنين بالشهادة والرسالة والهدية بعد أكدت عليه إن يضعها بيد والدة !!
في صبيحة يوم الثلاثاء .. قدمت للمدرسة الساعة السابعة صباحا .. وإذ بياسر قد لبس أجمل الملابس يمسك بيده رجلا حسن الهيئة الهندام !!
أسرع اليّ ياسر .. وسلمت عليه .. وجذبني حتى يقبل راسي !!
وقال : يا أستاذ .. هذا أبوي .. هذا أبوي !!
ليتكم رأيتم الفرحة في عيون الصغيرة.. ليتكم رأيتم الاعتزاز بوالده .. ليتكم معي شعرتم بسعادة لا تدانيها سعادة !!
اقبل الرجل فسلم علي .. وفاجأني برغبة تقبيل راسي فأبيت فاقسم إن يفعل !!
أردت الحديث معه فقال: أخي.. لا تزد جراحي جراح .. يكفيني ما سمعت من ياسر وأيمن عن معاناتهما مع ابنة عمي ( زوجتي ) !!
نعم أنا الجاني والمجني عليه !!
أنا الظالم والمظلوم !!
فقط أعدك إن تتغير أحوال ياسر وأيمن وان أعوضهما عما مضى !!
بالفعل تغيرت أحوال ياسر وأيمن .... فأصبحا من المتفوقين .. وأصبحت زيارتهما لامهما بشكل مستمر !!
قال الأب وهو يودعني: ليتك تعتبر ياسرا ابنا لك !!
قلت له: كم يشرفني أن يكون ياسر ولـــــــــــدي !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
أيها الأحباب :
كم احدث الطلاق من معاناة !!
كم هم من مثال ياسر !! ووالد ياسر !!
آه ... كم أتمنى معرفة إخبار ياسر بعد عشر سنين من تركي لحقل التعليم !!
رعاك الله يا ياسر ... وأصلحك ... واقر بك عين والديك !!!
العفو طولت عليكم
تحيتي للجميع
عاشقه القيصر
كي يتعض أكثرنا ويتقى الله في أطفالنا
ولكن تذكر عندما تنزل دموعك إن لا تجعل أطفالك يعيشون نفس الطريق
ثلاثة أعوام هي تجربتي مع التدريس في مدرسة ابتدائية.. قد أنسى الكثير من إحداثها وقصصها .. الا قصه ( ياسر )!!!!
كان ياسر طفل التاسع في الصف الرابع الابتدائي.. وكنت أعطيهم حصتين في الأسبوع ..كان نحيل الجسم .. أراه دوما شارد الذهن ..يغالبه النعاس كثيرا ..كان شديد الإهمال في دراسته .. بل في لباسه وشعره ..
دفاتره كانت هي الاخرى تشتكي الإهمال والتمزق !!
حاولت مرارا أن يعتني بنفسه ودراسته.. فلم افلح كثيرا !!
لم يجد معه ترغيب أو ترهيب !! ولوم أو تأنيب !!
ذات يوم حضرت إلى المدرسة في الساعة السادسة قبل طابور الصباح بساعة كاملة تقريبا..كان يوماً شديد البرودة..
فوجئت بمنظر لن انســــــــــــــــــــاه !!!!!
دخلت المدرسة فرأيت في زاوية من ساحتها طفلين صغيرين .. قد انزويا على بعضهما .. نظرت من بعيد فإذا بهما يلبسان ملابس بيضاء..... لا تقي جسديهما النحيلين شدة البرودة.. أسرعت إليهما دون تردد .. وإذا بي المح ( ياسر ) يحتضن أخاه الأصغر(أيمن )الطالب بالصف الأول الابتدائي..ويجمع كفيه الصغيرين المتجمدين وينفخ فيهما بفمه !! ويفركهما بيديه !!
منظر لا يمكن إن أصفه..وشعور لا يمكن إن أترجمه !!
دمعت عيناي من هذا المنظر المؤثر !!
ناديته: ياسر..ما لذي جاء بكما في هذا الوقت !؟ولماذا لم تلبسا لباسا يقيكما من البرد !!
فازداد ياسر التصاقا بأخيه .. ووارى عني عينيه البريئتين وهما تخفيان عني الكثير من المعاناة والألم التي فضحتها دمعه لم أكن أتصورها!!!!!
ضممت الصغير إلي ..فأبكاني برودة وجنتيه وتيبس يديه!!
أمسكت بالصغيرين فأخذتهما معي إلى غرفة المكتبة..
أدخلتهما ..وخلعت الجاكيت الذي البسه وألبسته الصغير !!
أعدت على ياسر السؤال:ياسر....ما لذي جاء بك إلى المدرسة في هذا الوقت المبكر !!ومن الذي أحضركما!!
قال ببراءته:لا ادري !!السائق هو الذي أحضرنا !!
قلت:ووالدك!!
قال:والدي مسافر إلى المنطقه الشرقية والسائق هو الذي اعتاد على إحضارنا حتى بوجود أبي !!
قلت : وامــــك!!! أمك يا ياسر... كيف أخرجتكما بهذه الملابس الصيفية في هذا الوقت !؟
لم يجب(ياسر) وكأنني طعنته بسكين !!
قال أيمن(الصغير):ماما عند أخوالي!!!!!!!
قلت:ولماذا تركتم .. ومنذ متى!؟
قال أيمن :من زمان .. من زمان !!!
قلت: ياسر.. هل صحيح ما يقول أيمن !؟
قال : نعم يا أستاذ من زمان أمي عند أخوالي .. أبوي طلقها .. وضربها .. وراحت وتركتنا .. وبدا يبكي ويبكي !!
هداتهما.. وانأ اشعر بمرارة المعاناة وخشيت إن يفقدا الثقة في أمهما .. أو أبيهما !!
قلت له: ولكن والدتك تحبكما .. أليس كذلك !؟
قال ياسر: أيه.. أيه .. أيه .. وانأ أحبها وأحبها وأحبها .. بس أبوي !! وزوجته !!
ثم استرسل في البكاء!!
قلت له:ما بهما إلا ترى أمك يا ياسر!؟
قال : لا .. لا.. إنا من زمان ما شفتها .. إنا يا أستاذ ولهان عليها مره مره !!
قلت: إلا يسمح لك والدك بذهابك لها !؟
قال : كان يسمح بس من يوم تزوج ماعاد سمح لي !!!!
قلت له : يا ياسر .. زوجة أبوك مثل أمك.. وهي تحبكم !!
قاطعني ياسر : لا .. لا .. يا أستاذ أمي أحلى .. هذي تضربنا .. ودايم تسب أمي عندنا !!
قلت له : ومن يتابعكما في الدراسة !؟
قال: ما فيه احد يتابعنا.. وزوجة أبوي تقول له أنها تدرسنا !!
قلت : ومن يجهز ملابسكما وطعامكما ؟
قال: الخادمة.. وبعض الأيام انــــــا !! لان زوجة أبوي تمنعها وتخليها تغسل البيت !! أو تروحها لأهلها!! وأنا اللي أجهز ملابسي وملابس أيمن مثل اليوم !!
اغرورقت عيناي بالدموع .. فلم اعد احتمل !!
حاولت رفع معنوياته .. فقلت : لكنك رجل يعتمد عليك !!
قال: إنا ما أبي منها شيء !!
قلت : ولماذا لم تلبسا لبس شتوي في هذا اليوم ؟
قال : هي منعتني !! قال : خذ هذي الملابس وروحوا الآن للمدرسة .. وأخرجتني من الغرفة وأقفلتها !!!
قدم المعلمون والطلاب للمدرسة .. قلت لياسر بعد إن أدركت عمق المعاناة والمأساة التي يعيشها مع أخيه: لا تخرجا للطابور.. وسأعود إليكما بعد قليل !!
خرجت من عندهما .. وأنا اشعر بألم يعتصر قلبي.. ويقطع فؤادي !!
ما ذنب الصغيرين !!
ما لذي اقترفاه !؟
ضحية خلاف اسري.. وطلاق .. وفراق !!
أين الرحمة !؟ أين الضمير !؟ أين الدين !؟ بل أين الإنسانية !؟
أسئلة وأسئلة ظلت حائرة في ذهني !!
سمعت قصص كثيرة مشابهه .. قرأت في بعض الكتب مثيلا لها.. لكن كنت أتصور إن في ذلك نوع مبالغة حتى عايشت أحداثها !!
قررت أن تكون قضيه ياسر وأيمن.. هي قضيتي !!
جمعت المعلومات عنهما .. وعن أسرة أمهما .. وعرفت أنها تسكن في الرياض !!
سالت المرشد الطلابي بالمدرسة عن والد ياسر وهل يراجعه !؟
أفادني انه طالما كتب له واستدعاه.. فلم يجب !!
وأضاف: الغريب إن والدهما يحمل درجة الماجستير..
قال عن ياسر : كان ياسر في قمة النظافة والاهتمام .. وفجأة تغيرت حالته من منتصف الثالث !!
عرفت فيما بعد انه منذ وقع الطلاق !!
حاولت الاتصال بوالده .. فلم افلح .. فهو كثير الأسفار والترحال ..بعد جهد .. حصلت على هاتف أمه !!
استدعيت ياسر يوما إلى غرفتي وقلت له: ياسر لتعتبرني عنك أو والدك.. ولنحاول أن نصلح الأمور مع والدك.. ولتبدأ في الاهتمام بنفسك !!
نظر إلي ولم يجب وكأنه يستفسر عن المطلوب !!
قلت له : حتما والدك يحبك .. ويريد لك الخير .. ولابد إن يشعر بأنك تحبه.. ويلمس اهتمامك بنفسك وبأخيك وتحسنك في الدراسة احد الأسباب !!!
هز رأسه موافقا !!
قلت له : لنبدأ باهتمامك بواجباتك .. اجتهد في ذلك !!
قال : إنا ودي احل واجباتي ..زوجة أبوي تخليني ما احل !!
قلت له : أبدا هذا مو معقول .. أنت تبالغ !!
قال : أنا ما اكذب هي دايم تخليني اشتغل في البيت وأنظف الحوش ,,,,,,,!!!!!
صدقوني .. كأني اقرأ قصة في كتاب !!أو أتابع مسلسل كتبت أحداثه من نسج الخيال !!!
قلت : حاول أن لا تذهب للبيت إلا وقد قمت بحل ما تستطيع من واجباتك !!
رايته.. خائفا مترددا .. وان كان لديه استعداد !!
قلت له (محفزا ): ياسر لو تحسنت قليلا سأعطيك مكافأة !! هي أغلى مكافأة تتمناها !!
نظر اليَ ..... وكأنه يسال عن ماهيتها !!!
قلت له: سأجعلك تكلم أمك بالهاتف من المدرسة !!!
ما كنت أتصور أن يحدث هذا الوعد ردة فعل كبيره !! لكنني فؤجئت به يقوم ويقبل علي مسرعا ..
ويقبض على يدي اليمنى ويقبلها وهو يقول :
تكف .. تكف .. يا أستاذ أنا ولهان على أمي !! بس لا يدري أبوي !!
قلت له: ستكلمها بأذن الله شريطة أن تعدني أن تجتهد..
قال : اعــدك !!
بدأ ياسر ... يهتم بنفسه وواجباته ..وساعدني في ذلك بقية المعلمين فكانوا يجعلونه يحل واجباته في حصص الفراغ .. أو في حصة التربية الفنية يساعدونه على ذلك !!
كان ذكيا سريع الحفظ .. فتحسن مستواه في أسبوع واحد !!!!(صدقوني نعم تغير في أسبوع واحد ) !!
استأذنت المدير يوما أن نهاتف أم ياسر .. فوافق ..
اتصلت في الساعة العاشرة صباحا .. فردت امرأة كبيرة السن ..
قلت لها : أم ياسر موجودة ؟!
قال : ومن يريدها ؟
قلت : معلم ياسر !!
قالت : أنا جدته .. يا ولدي وش أخباره.. حسبي الله على اللي كان السبب .. حسبي الله على اللي حرمها منه !!
هداتها قليلا .. فعرفت منها بعض معاناة ابنتها ( أم ياسر )!!
قال : لحظه أناديها ( تبي تطير من الفرح )!!
جاءت أم ياسر المكلومه .. مسرعه ..حدثتني وهي تبكي !!
قالت : أستاذ .. وش أخبار ياسر طمني الله يطمنك بالجنة !!
قلت : ياسر بخير وعافية .. وهو مشتاق لك !!!
قالت : وأنا ..فلم اعد اسمع إلا بكاءها .. ونشيجها !!
قالت وهي تحاول كتم العبرات :أستاذ (طلبتك) ودي اسمع صوته وصوت أيمن .. أنا من خمسة أشهر ما سمعت أصواتهم !!
لم اتمالك نفسي فدمعت عيناي !!
يـــــــــــــالله .. أين الرحمة ؟ أين حق الأم ؟!!!
قلت : ابشـــــــري ستكلمينه وباستمرار .. لكن بودي أن تساعديني في محاولة الرفع من مستواه .. وتشجيعه على الاجتهاد .. لنحاول تغييره .. لنبعث بذلك رسالة إلى والده !!!
قالت : والده !!(الله يسامحه ) ..كنت له نعم الزوجة .. ولكن ما اقول ألا : الله يسامحه !!
ثم قالت : المهم .. ودي اكلمهم واسمع أصواتهم !!
قلت : حالا .. لكن كما وعدتني .. لا تتحدثين في مشاكله مع زوجه أبيه أو أبيه !!
قالت : ابشــــــــــر !
دعوت ياسر وأيمن إلى غرفة المدير وأغلقت الباب ..
قلت : ياسر .. هذي أمك تريد أن تكلمك !!
لم ينبت ببنت شفه .. أسرع اليَ واخذ السماعة من يدي وقال : أمي .. أمي .. أمي ..
تحول الحديث إلى بكاء !!
إذا اختلطت دموع في خدود ******* تبين من بكى ممن تباكا
تركته .. يفرغ ألما ملا فؤاده.. وشوقا سكن قلبه !!
حدثها .. خمسه عشر دقيقه !!
أما أيمن ... فكان حديثها معه قصة أخرى .. كان بكاء وصراخ من الطرفين !!
ثم أخذت السماعة منهما .. وكأنني اقطع طرفا من جسمي .. فقالت لي : سا دعوا لك ليلا ونهارا .. لكن لا تحرمني من ياسر وأخيه !! ولا يعلم بذلك والدهما !!
قلت : لن تحرمي من محادثتهم بعد اليوم !! وودعتها !
قلت لياسر بعد إن وضعت سماعة الهاتف: انصرف وهذه المكالمة مكافأة لك على اهتمامك الفترة الماضية.. وسأكرر لك أن اجتهدت أكثر !!
عاد الصغير فقبل يدي .. وخرج وقد افتر عن ثغره الصغير ابتسامه فرح و رضى !!
قال: أعدك يا أستاذ أن اجتهد واجتهد !!
مضت الأيام وياسر من حسن إلى أحسن .. يتغلب على مشاكله شيئان فشيء.. فرأيت فيه رجلا يعتمد عليه !!
في نهاية الفصل الأول ظهرت النتائج فإذا بياسر الذي اعتاد إن يكون ترتيبه بعد العشرين في فصل عدد طلابه (26)طالبا يحصل على الترتيب ( السابع ) !!
دعوته .. إلي وقد أحضرت له ولأخيه هدية قيمة.. وقلت له: نتيجتك هذه هي رسالة إلى والدك.. ثم سلمته الهدية وشهادة تقدير على تحسنه .. وأرفقت بها مغلقة بعثتها لأبيه كتبتها كما لم اكتب رسالة من قبل..كانت من عدة صفحات !!
بعثتها .. ولم اعلم ما سيكون أثرها.. وقبولها !!
خالفني البعض ممن استشرتهم وأيد البعض !!
خشينا أن يشعر بالتدخل في خصوصياته !! ولكن الأمانة والمعاناة التي شعرت بها دعت إلى كل ما سبق !!
ذهب ياسر .. يوم الاثنين بالشهادة والرسالة والهدية بعد أكدت عليه إن يضعها بيد والدة !!
في صبيحة يوم الثلاثاء .. قدمت للمدرسة الساعة السابعة صباحا .. وإذ بياسر قد لبس أجمل الملابس يمسك بيده رجلا حسن الهيئة الهندام !!
أسرع اليّ ياسر .. وسلمت عليه .. وجذبني حتى يقبل راسي !!
وقال : يا أستاذ .. هذا أبوي .. هذا أبوي !!
ليتكم رأيتم الفرحة في عيون الصغيرة.. ليتكم رأيتم الاعتزاز بوالده .. ليتكم معي شعرتم بسعادة لا تدانيها سعادة !!
اقبل الرجل فسلم علي .. وفاجأني برغبة تقبيل راسي فأبيت فاقسم إن يفعل !!
أردت الحديث معه فقال: أخي.. لا تزد جراحي جراح .. يكفيني ما سمعت من ياسر وأيمن عن معاناتهما مع ابنة عمي ( زوجتي ) !!
نعم أنا الجاني والمجني عليه !!
أنا الظالم والمظلوم !!
فقط أعدك إن تتغير أحوال ياسر وأيمن وان أعوضهما عما مضى !!
بالفعل تغيرت أحوال ياسر وأيمن .... فأصبحا من المتفوقين .. وأصبحت زيارتهما لامهما بشكل مستمر !!
قال الأب وهو يودعني: ليتك تعتبر ياسرا ابنا لك !!
قلت له: كم يشرفني أن يكون ياسر ولـــــــــــدي !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
أيها الأحباب :
كم احدث الطلاق من معاناة !!
كم هم من مثال ياسر !! ووالد ياسر !!
آه ... كم أتمنى معرفة إخبار ياسر بعد عشر سنين من تركي لحقل التعليم !!
رعاك الله يا ياسر ... وأصلحك ... واقر بك عين والديك !!!
العفو طولت عليكم
تحيتي للجميع
عاشقه القيصر