ابوعلي
29-01-2002, 15:27
مقال رائع للكاتب /عبدالمحسن حليت مسلم نشر بجريدة المدينة العدد 14158 ليوم الآحد 13/11/1422 الموافق 27/1/2002 اليكم المقال بنصه :.
اليوم كلينتون .... وغداً .... ؟!
اود أن اهنيء الجميع بقرب انقشاع الأزمة الاقتصادية عن الوطن والمواطنين.. وأخص بالتهنئة عشرات الألوف من الشباب والشابات، الجامعيين والجامعيات ، والعاطلين عن والعاطلات الذين يهيمون في الشوارع والطرقات بحثاً عن عمل يقيهم الحاجة والسؤال وضر "الجريمة".. واتهنئة أيضا إلى (أم فلان ) التي لديها ستة أطفال – أحدهم معاق – والذين يعيشون في غرفتين أسقفها من الصفيح الذي يحول ماتحته في الصيف إلى فرن تعجز كل الأفران الأتوماتيكية آن تجاريه في جودة الإنتاج.. واهنئ أيضا إلى (عم فلان ) الذي يبلغ الخامسة والستون ويعمل في جهتين لمدة ستة عشر ساعة يومياً ويتقاضي مبلغ فاحشا ًقدره آلف ومائة ريال .. أهنئهم جميعاً بالفرج .. فقد قدم المنتدى الاقتصادي لهذا الوطن ومواطنيه "فتحا عظيماً" حين استضاف الرئيس "القديس " بيل كلينتون ليلقي كلمة في المنتدى تقاضي عليها مليون ريال فقط !.. قد كان منتدى عظيماً "لم يخلق مثله في البلاد" . وفهمت من بعض الذين حضروا .. وأنعم الله عليه بسماع ورؤية ذلك القديس ..حامي حمي الفتيات، والغيور علي شرف المراهقات ..إن الكلمة لم تستغرق اكثر من نصف ساعة، وكانت كلمة عامة ليس فيها أي تميز، ولم تقدم أي حلول. وسألتهم .. إذا علام تقاضي مليون دولار..ولماذا استضيف ؟. وفهمت أن القضية لاتخرج عن نطاق الدعاية والبهرجة والعلاقات العامة، وما إلى ذلك من القضايا الوطنية الملحة.. وإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا بيل كلينتون بالذات؟ وحتى لو كان الغرض من استضافته هو الاستفادة منخبراته ..فلا اعتقد أن لديه مايفيدنا. فهو لا يعرف شيئاً عن كرة القدم لكي يكون مدرباً .. ولا يفقه شيئاً في التغذية لكي يشرف علي مطاعم الهامبرغر التي تعمل علي تأصيل التراث والانتماء العربي لدي أطفالنا .. وليس من الراسخين في عالم محاربة الفساد ، فهو من كبار المرتشين .. وليس مفكرا أو مثقفا أو صحفيا ليعلمنا أن (الكلمة موقف) وان نهاية المنافقين إلى جهنم وبئس المصير. وليس خبيراً اقتصادياً ليحل لنا مشاكل الدين العام والتي بلغت رقماً " ماينقال " .. وليس مهندساً مدنياً ليحل لنا مشكلة مجاري جدة التي أصبحت المدينة اوحيدة في العالم التي "تغرق في شبر مويه".. كل خبرته محصورة في "الكذب علي الذقون" وخصوصاً الذقون العربية.. أما إذا كانت القضية "تجاربه النسائية" فلدينا شباب في المساعدية وشارع التحليه ممن يناطحونه ويهزمونه شر هزيمة ويثبتون له انه غشيم .. أيها السادة الداعون والمنظمون .. أين تعيشون ؟.. هل انتم من سكان كوكب أخر تجهلون بشاعة تاريخ هذا الرجل الذي ظل لثمانية أعوام يسبح بحمد إسرائيل بكرة وعشيا؟.. ألا تشعرون.. أيها السادة ..أنكم تعيشون في وطن يشارككم فيه آخرون ؟.. ألم يدفعكم داعي "المواطنة" أن تراعوا مشاعرمواطنيكم ؟ وفي هذا الوقت بالذات ، ألم تحسوا بأن كل موطن عربي يكره كل "نملة" أمريكية تدب علي الأرض ؟.. إننا نلوم الحكومات العربية التي تخصصت في استفزاز شعوبها من اجل أمريكا ..فإذا بكم لا تقلون استفزازا واستهزاء بمشاعر الناس وعواطفهم.. أيها السادة.. إنني لاأستعدي عليكم وزارة التجارة.. فلا شك إنكم "رتبتم أموركم" واقنعتموها بالخير العميم الذي سيعود علي هذا الوطن ومواطنيه ..ويظهر أن أظافركم اطول من أظافرها.. فهل تريدون أن استعدي عليكم الفقراء والمعدمين الذين هم أولى بكل "ريال" من "المليون" الذي لطشه فخمة الرئيس..؟ وهل تريدون أن استعدي عليكم العائلات التي لايوجد في قاموسها مصطلح "الثلاث وجبات"..؟ والذين يعاشرون الموت كل يوم في الأرض المحتلة ..والذين لو بعثتم لهم "ببطانية" قديمة من " غرف الفراشين " لدعوا لكم بها دعوة عند الله..بدلا من الذي قبض منكم المليون وهو يشترط عليكم "بأنه لن يصافح فلاناً ولن يقابل علاناً".. بدلا من الذي يري أن قضية شعب بأكمله ليست أهم من أزرار في قميص "مونيكا لوينسكي" أو سحاب في فستان "جينيفر فلاورز" أو حزام علي خصر "بولا جونز"..
إن هذا الذي دعوتموه لم يترك منابة لليهود إلا وظهر فيها مرتدياً الطاقية اليهودية ..فهل سبق لكم أيها السادة أن رأيتموه يرتدي عقالاً سعودياً ، أو شالاً فلسطينياً ، أو طربوشاً لبنانياً ؟. ومع ذلك .. فالعصابات الصهيونية في إسرائيل لم تكلف نفسها إن تدعوا "عرابها" السيد كلينتون ولا حتى علي "سندوتش شاورما" .. أما نحن فدعوناه وعانقناه ، وأغرقناه في ضيافتنا العربية التي لم نمنعها حتى عن اللصوص والقراصنة وتجار المصائر.. أيها السادة.. قد أكون جاهلاً ومتخلفاً وسطحياً وساذجاً ..يجوز.. وقد أكون "قصير النظر" ، ولا أستطيع التفريق بين الجبن البلغاي و"الجبن العربي" يجوز وقد أكون "انفعاليا"ً و"عاطفياً" وأفتقر إلي الحكمة ، وأزن الأمور بميزان اللحظة..يجوز.. ولكنني لا أستطيع أمام هذا "الاستفزاز" أن أتظاهر بالحكمة والصبر والعقل .. فكل هذه الصفات إذا "زادت جرعتها" تصبح جبناً وتخاذلاً وهواناً.. ولا أستطيع أن أرى عدوا يدخل إلينا في عباءة صديق ونرشقه بالورود ونبخره بالعود وننسي أنه كان اكبر مشجع في مدرجات الفريق الإسرائيلي.. ولا نستطيع جميعاً أن ننسي قذائفه التي كانت تنزل علي رؤوس إخواننا في كل مكان ..في الوقت الذي كانت تتنزل فيه الرحمات علي قلوب لاسرائيلين من ملكوت البيت الأبيض وسماوات الكونجرس.. ولا أن ننسي مخططاته في تحويل دجلة والفرات إلى بحيرات صهيونية تهاجم فيها القروش الاسرائيلية الاسماك الفلسطينية.. ولا أن ننسى انه ساند ووقف مع سلمان رشدي أمام كاميرات التلفزيون واشعره بالدفء الأمريكي في مواجهة الصقيع العربي والإسلامي.. إن هذا الذي دعوتموه لايختلف عن رئيس جمعية الجزارين في بغداد ،فضيفكم الذي يدعي التحضر والذود عن حقوق الإنسان قد تخصص في قتل أطفال العراق ، وكان يمنع عنهم الطعام ،والدواء ،والهواء لو استطاع.. ففي عهده الميمون مات اكثر من نصف ميون طفل عراقي من المرض وسوء التغذية ..وقد ظهرت يوماً وزيرة خارجيته "المعلمة" اولبرايت في حديث تلفزيوني علي قناة سي.بي.اس في شهر اكتوبر عام 1996 ..وسألها المذيع قائلا: (سيدة أولبرايت ..سمعنا أن أكثر من نصف مليون طفل عراقي قد ماتوا نتيجة الحصار..إن هذا الرقم اكبر من رقم ضحايا القنبلة الذرية في هيروشيما ..هل تعتقدين أن هذا الأمر يمكن تبريره؟.) وتجيب سندريلا الخارجية الامريكية: ( في الحقيقة انك تجد نفسك أحيانا أمام خيار صعب.... نعم اعتقد انه أمر مبرر)... هذا حدث في عهد السيد كلينتون .. الذي دعوتموه، وعانقتمه، و "باشرتم" عليه بالقهوة العربية والتمر بعد إن كان يباشر على أعدائكم بالاباتشي، وال ف 16، وصواريخ التوماهوك. أنا أريد إن أسال .. هل يمكن لشمس المصالح إن تغطي كل سمائكم.. إلى الدرجة التي جعلتكم لا تبصرون ولا تفرقون بين العدو والصديق؟ وإذا كان الغرض من استضافة هذا "البلطجي" هو إضفاء شئ من الأهمية على المنتدى، فلماذا تدعون "لعدو" ولا تدعون الصديق؟ لماذا لا لم توجهوا الدعوة إلى شخصية مثل "نيلسون مانديلا" الذي يدافع عن العرب وقضاياهم؟ قد تكون مشكلة "مانديلا انه لا يتمتع بعيون زرقاء، ولا وجه وسيم، ول قامة شامخة، ولكنه كان -على الأقل- حصانا أفريقيا رفض إن يقف في إسطبلات العم "سام" ليركبه رعاة البقر في "أركنساس" و"الاباما" و "تكساس". أيها السادة.. لماذا بيل كلينتون؟ إذا كان المحور الرئيس في المنتدى هو فعل الاقتصاد, وكان هناك إصرار على أنا يكون الضيف من (عماننا) الأمريكان, فلماذا لا يكون واحد مثل (الان, غرين سبان) او (لي الاكوكا).. او على الأقل يكون من أهل العقد والحل في الاقتصاد, بدلا من هذا الذي لا هو من أهل العقد ولا الحل.. إلا حل التنانير و البلوزات والبنطلونات.. ولكن يظهر إن الفايروس الأمريي المتغلغل حين قد بنى لنفسه أيضا قواعد ولا يستطيع أحد إن يخرجه منها.. إن حالكم حال الكثير من العرب الذين يرون إن التمسح بتمثال الحرية فيها شفاء وبركة, والتمسح بغيره بدعة وشرك عظيم.. وان حالكم حال (منتخب السلام العربي) الذي لا يجد في مدرجاته مشجع عربي واحد.. حال الذين لا يتعنترون إلا على بعضهم.. فعلى بعضهم يكونون ( ديوكاً ).. ومع أمريكا يصبحون دجاج منتوف الريش, مبتور العرف, مقطوع الذيل.. فكل ما تريده واشنطن يصبح ساري النفاذ.. وواشنطن تريد.. وتريد.. وتريد.. تريد إن يصبح كل خروف (حري) إلا نعجة أمريكية تشرب ابيرة وتلبس الجينز وتسهر مع مايكل جاكسون.. وتريد إن تتحول كل بندقية عربية إلا بندقية لصيد الطيور والحباري والأرانب.. وتريد من كل شاعر وكاتب عربي إن يصبح فراشا في السي إن إن واي بي سي والواشنطن بوست.. وتريد من كل شيخ عربي إن يفتي بان لا يكون إيمان المسلم صحيحا إلا إذا كانت أمريكا احب إليه من نفسه وماله وولده.. وتريدنا إن ندخل الجنة ببركة وشفاعة جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وابراهيم لينكون. خاتمه كان الصديق العزيز اللورد محمد الفايدي يشكو قبل سنوات من آلام شديدة بالمعدة, وفحصه عدد من الأطباء السعوديين كان أحده الدكتور يوسف قاري, ووصلوا إلى نتيجة مفادها إن الخلل ليس عضويا وان معدته افضل من معدة أشعب ووصفوا له على علاجا سوف يقضي على تلك الألم.. ولكنه لم يقتنع, وكنت في الحقيقة اعذره فكانت معاناته شديدة. واصر سيادة اللورد على السفر إلى أمريكا للعلاج, وباعتباري أجيد اللغة النصرانية,فقد تشرفت وسعدت بالذهاب معه مجيرا ومرافقا وخويا, وبعد إن كشف عليه عدد من الأطباء (الحراريف) في بوسطن, وصلوا إلا نفس النتيجة التي وصل إليها الدكتور يوسف قاري في جدة, وعندها اقتنع صديقنا الفايدي إن العيون الزرق والشعر الاشقر ليس دائما شرطافي التفوق وجودة الأداء. ومع أشبه الليل بالبارحة.
اليوم كلينتون .... وغداً .... ؟!
اود أن اهنيء الجميع بقرب انقشاع الأزمة الاقتصادية عن الوطن والمواطنين.. وأخص بالتهنئة عشرات الألوف من الشباب والشابات، الجامعيين والجامعيات ، والعاطلين عن والعاطلات الذين يهيمون في الشوارع والطرقات بحثاً عن عمل يقيهم الحاجة والسؤال وضر "الجريمة".. واتهنئة أيضا إلى (أم فلان ) التي لديها ستة أطفال – أحدهم معاق – والذين يعيشون في غرفتين أسقفها من الصفيح الذي يحول ماتحته في الصيف إلى فرن تعجز كل الأفران الأتوماتيكية آن تجاريه في جودة الإنتاج.. واهنئ أيضا إلى (عم فلان ) الذي يبلغ الخامسة والستون ويعمل في جهتين لمدة ستة عشر ساعة يومياً ويتقاضي مبلغ فاحشا ًقدره آلف ومائة ريال .. أهنئهم جميعاً بالفرج .. فقد قدم المنتدى الاقتصادي لهذا الوطن ومواطنيه "فتحا عظيماً" حين استضاف الرئيس "القديس " بيل كلينتون ليلقي كلمة في المنتدى تقاضي عليها مليون ريال فقط !.. قد كان منتدى عظيماً "لم يخلق مثله في البلاد" . وفهمت من بعض الذين حضروا .. وأنعم الله عليه بسماع ورؤية ذلك القديس ..حامي حمي الفتيات، والغيور علي شرف المراهقات ..إن الكلمة لم تستغرق اكثر من نصف ساعة، وكانت كلمة عامة ليس فيها أي تميز، ولم تقدم أي حلول. وسألتهم .. إذا علام تقاضي مليون دولار..ولماذا استضيف ؟. وفهمت أن القضية لاتخرج عن نطاق الدعاية والبهرجة والعلاقات العامة، وما إلى ذلك من القضايا الوطنية الملحة.. وإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا بيل كلينتون بالذات؟ وحتى لو كان الغرض من استضافته هو الاستفادة منخبراته ..فلا اعتقد أن لديه مايفيدنا. فهو لا يعرف شيئاً عن كرة القدم لكي يكون مدرباً .. ولا يفقه شيئاً في التغذية لكي يشرف علي مطاعم الهامبرغر التي تعمل علي تأصيل التراث والانتماء العربي لدي أطفالنا .. وليس من الراسخين في عالم محاربة الفساد ، فهو من كبار المرتشين .. وليس مفكرا أو مثقفا أو صحفيا ليعلمنا أن (الكلمة موقف) وان نهاية المنافقين إلى جهنم وبئس المصير. وليس خبيراً اقتصادياً ليحل لنا مشاكل الدين العام والتي بلغت رقماً " ماينقال " .. وليس مهندساً مدنياً ليحل لنا مشكلة مجاري جدة التي أصبحت المدينة اوحيدة في العالم التي "تغرق في شبر مويه".. كل خبرته محصورة في "الكذب علي الذقون" وخصوصاً الذقون العربية.. أما إذا كانت القضية "تجاربه النسائية" فلدينا شباب في المساعدية وشارع التحليه ممن يناطحونه ويهزمونه شر هزيمة ويثبتون له انه غشيم .. أيها السادة الداعون والمنظمون .. أين تعيشون ؟.. هل انتم من سكان كوكب أخر تجهلون بشاعة تاريخ هذا الرجل الذي ظل لثمانية أعوام يسبح بحمد إسرائيل بكرة وعشيا؟.. ألا تشعرون.. أيها السادة ..أنكم تعيشون في وطن يشارككم فيه آخرون ؟.. ألم يدفعكم داعي "المواطنة" أن تراعوا مشاعرمواطنيكم ؟ وفي هذا الوقت بالذات ، ألم تحسوا بأن كل موطن عربي يكره كل "نملة" أمريكية تدب علي الأرض ؟.. إننا نلوم الحكومات العربية التي تخصصت في استفزاز شعوبها من اجل أمريكا ..فإذا بكم لا تقلون استفزازا واستهزاء بمشاعر الناس وعواطفهم.. أيها السادة.. إنني لاأستعدي عليكم وزارة التجارة.. فلا شك إنكم "رتبتم أموركم" واقنعتموها بالخير العميم الذي سيعود علي هذا الوطن ومواطنيه ..ويظهر أن أظافركم اطول من أظافرها.. فهل تريدون أن استعدي عليكم الفقراء والمعدمين الذين هم أولى بكل "ريال" من "المليون" الذي لطشه فخمة الرئيس..؟ وهل تريدون أن استعدي عليكم العائلات التي لايوجد في قاموسها مصطلح "الثلاث وجبات"..؟ والذين يعاشرون الموت كل يوم في الأرض المحتلة ..والذين لو بعثتم لهم "ببطانية" قديمة من " غرف الفراشين " لدعوا لكم بها دعوة عند الله..بدلا من الذي قبض منكم المليون وهو يشترط عليكم "بأنه لن يصافح فلاناً ولن يقابل علاناً".. بدلا من الذي يري أن قضية شعب بأكمله ليست أهم من أزرار في قميص "مونيكا لوينسكي" أو سحاب في فستان "جينيفر فلاورز" أو حزام علي خصر "بولا جونز"..
إن هذا الذي دعوتموه لم يترك منابة لليهود إلا وظهر فيها مرتدياً الطاقية اليهودية ..فهل سبق لكم أيها السادة أن رأيتموه يرتدي عقالاً سعودياً ، أو شالاً فلسطينياً ، أو طربوشاً لبنانياً ؟. ومع ذلك .. فالعصابات الصهيونية في إسرائيل لم تكلف نفسها إن تدعوا "عرابها" السيد كلينتون ولا حتى علي "سندوتش شاورما" .. أما نحن فدعوناه وعانقناه ، وأغرقناه في ضيافتنا العربية التي لم نمنعها حتى عن اللصوص والقراصنة وتجار المصائر.. أيها السادة.. قد أكون جاهلاً ومتخلفاً وسطحياً وساذجاً ..يجوز.. وقد أكون "قصير النظر" ، ولا أستطيع التفريق بين الجبن البلغاي و"الجبن العربي" يجوز وقد أكون "انفعاليا"ً و"عاطفياً" وأفتقر إلي الحكمة ، وأزن الأمور بميزان اللحظة..يجوز.. ولكنني لا أستطيع أمام هذا "الاستفزاز" أن أتظاهر بالحكمة والصبر والعقل .. فكل هذه الصفات إذا "زادت جرعتها" تصبح جبناً وتخاذلاً وهواناً.. ولا أستطيع أن أرى عدوا يدخل إلينا في عباءة صديق ونرشقه بالورود ونبخره بالعود وننسي أنه كان اكبر مشجع في مدرجات الفريق الإسرائيلي.. ولا نستطيع جميعاً أن ننسي قذائفه التي كانت تنزل علي رؤوس إخواننا في كل مكان ..في الوقت الذي كانت تتنزل فيه الرحمات علي قلوب لاسرائيلين من ملكوت البيت الأبيض وسماوات الكونجرس.. ولا أن ننسي مخططاته في تحويل دجلة والفرات إلى بحيرات صهيونية تهاجم فيها القروش الاسرائيلية الاسماك الفلسطينية.. ولا أن ننسى انه ساند ووقف مع سلمان رشدي أمام كاميرات التلفزيون واشعره بالدفء الأمريكي في مواجهة الصقيع العربي والإسلامي.. إن هذا الذي دعوتموه لايختلف عن رئيس جمعية الجزارين في بغداد ،فضيفكم الذي يدعي التحضر والذود عن حقوق الإنسان قد تخصص في قتل أطفال العراق ، وكان يمنع عنهم الطعام ،والدواء ،والهواء لو استطاع.. ففي عهده الميمون مات اكثر من نصف ميون طفل عراقي من المرض وسوء التغذية ..وقد ظهرت يوماً وزيرة خارجيته "المعلمة" اولبرايت في حديث تلفزيوني علي قناة سي.بي.اس في شهر اكتوبر عام 1996 ..وسألها المذيع قائلا: (سيدة أولبرايت ..سمعنا أن أكثر من نصف مليون طفل عراقي قد ماتوا نتيجة الحصار..إن هذا الرقم اكبر من رقم ضحايا القنبلة الذرية في هيروشيما ..هل تعتقدين أن هذا الأمر يمكن تبريره؟.) وتجيب سندريلا الخارجية الامريكية: ( في الحقيقة انك تجد نفسك أحيانا أمام خيار صعب.... نعم اعتقد انه أمر مبرر)... هذا حدث في عهد السيد كلينتون .. الذي دعوتموه، وعانقتمه، و "باشرتم" عليه بالقهوة العربية والتمر بعد إن كان يباشر على أعدائكم بالاباتشي، وال ف 16، وصواريخ التوماهوك. أنا أريد إن أسال .. هل يمكن لشمس المصالح إن تغطي كل سمائكم.. إلى الدرجة التي جعلتكم لا تبصرون ولا تفرقون بين العدو والصديق؟ وإذا كان الغرض من استضافة هذا "البلطجي" هو إضفاء شئ من الأهمية على المنتدى، فلماذا تدعون "لعدو" ولا تدعون الصديق؟ لماذا لا لم توجهوا الدعوة إلى شخصية مثل "نيلسون مانديلا" الذي يدافع عن العرب وقضاياهم؟ قد تكون مشكلة "مانديلا انه لا يتمتع بعيون زرقاء، ولا وجه وسيم، ول قامة شامخة، ولكنه كان -على الأقل- حصانا أفريقيا رفض إن يقف في إسطبلات العم "سام" ليركبه رعاة البقر في "أركنساس" و"الاباما" و "تكساس". أيها السادة.. لماذا بيل كلينتون؟ إذا كان المحور الرئيس في المنتدى هو فعل الاقتصاد, وكان هناك إصرار على أنا يكون الضيف من (عماننا) الأمريكان, فلماذا لا يكون واحد مثل (الان, غرين سبان) او (لي الاكوكا).. او على الأقل يكون من أهل العقد والحل في الاقتصاد, بدلا من هذا الذي لا هو من أهل العقد ولا الحل.. إلا حل التنانير و البلوزات والبنطلونات.. ولكن يظهر إن الفايروس الأمريي المتغلغل حين قد بنى لنفسه أيضا قواعد ولا يستطيع أحد إن يخرجه منها.. إن حالكم حال الكثير من العرب الذين يرون إن التمسح بتمثال الحرية فيها شفاء وبركة, والتمسح بغيره بدعة وشرك عظيم.. وان حالكم حال (منتخب السلام العربي) الذي لا يجد في مدرجاته مشجع عربي واحد.. حال الذين لا يتعنترون إلا على بعضهم.. فعلى بعضهم يكونون ( ديوكاً ).. ومع أمريكا يصبحون دجاج منتوف الريش, مبتور العرف, مقطوع الذيل.. فكل ما تريده واشنطن يصبح ساري النفاذ.. وواشنطن تريد.. وتريد.. وتريد.. تريد إن يصبح كل خروف (حري) إلا نعجة أمريكية تشرب ابيرة وتلبس الجينز وتسهر مع مايكل جاكسون.. وتريد إن تتحول كل بندقية عربية إلا بندقية لصيد الطيور والحباري والأرانب.. وتريد من كل شاعر وكاتب عربي إن يصبح فراشا في السي إن إن واي بي سي والواشنطن بوست.. وتريد من كل شيخ عربي إن يفتي بان لا يكون إيمان المسلم صحيحا إلا إذا كانت أمريكا احب إليه من نفسه وماله وولده.. وتريدنا إن ندخل الجنة ببركة وشفاعة جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وابراهيم لينكون. خاتمه كان الصديق العزيز اللورد محمد الفايدي يشكو قبل سنوات من آلام شديدة بالمعدة, وفحصه عدد من الأطباء السعوديين كان أحده الدكتور يوسف قاري, ووصلوا إلى نتيجة مفادها إن الخلل ليس عضويا وان معدته افضل من معدة أشعب ووصفوا له على علاجا سوف يقضي على تلك الألم.. ولكنه لم يقتنع, وكنت في الحقيقة اعذره فكانت معاناته شديدة. واصر سيادة اللورد على السفر إلى أمريكا للعلاج, وباعتباري أجيد اللغة النصرانية,فقد تشرفت وسعدت بالذهاب معه مجيرا ومرافقا وخويا, وبعد إن كشف عليه عدد من الأطباء (الحراريف) في بوسطن, وصلوا إلا نفس النتيجة التي وصل إليها الدكتور يوسف قاري في جدة, وعندها اقتنع صديقنا الفايدي إن العيون الزرق والشعر الاشقر ليس دائما شرطافي التفوق وجودة الأداء. ومع أشبه الليل بالبارحة.