المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العرضة.. رقصة الحرب.. وحفلة الفرح



جاسم العلي
19-03-2005, 12:59
السيف والبيرق.. والشعر الحماسي.. أركان العرضة الأساسية إعلان بداية الحرب بها.. وإعلان النصر بها.. وهناك عرضات بحرية وبرية

الرياض: سليمان الحديثي *
«العرضة» من الفنون الشعبية المنتشرة بشكل كبير في السعودية ودول الخليج العربي، وهي اساسا رقصة الحرب التي يقومون بها استعدادا للقاء الخصم، وتعبيرا عن لامبالاتهم بقتاله، وزيادة في حماسة جيشهم وجنودهم وقائدهم.
فالعرضة أول نذر الحرب، وشعر العرضة هو أهازيج الحرب، يصدحون به بصوت عال معلنين التحدي، او مفتخرين بالنصر، وقد تطول الفترة الزمنية للعرضة فتستمر ساعات عدة.
والعرضة جاءت تطورا لعادة عربية قديمة عرفها العرب منذ الجاهلية في حالة الحرب، وان كنا لا نجد نصوصا في تراثنا العربي القديم نستطيع الربط بينها وبين واقع العرضة التي نعرفها اليوم. لكن نلاحظ بوضوح ان اركان العرضة الاساسية كانت ملازمة للحرب منذ الجاهلية، فالطبول تقرع منذ القدم في الحرب، والسيف يحمل، والشعر الحماسي عنصر اساسي من عناصر الحرب.
وربما جاء مسمى العرضة من عرض الخيل، اذ كانت العرب تعرض خيلها وتدربها باستمرار واحيانا في حفل بهيج استعدادا للحرب. وربما جاء من الاعتراض بالسيف، ومن المعروف ان السيف من ادوات العرضة الاساسية، وكان الفرسان منذ الجاهلية، سواء في الحرب او التدريب يتقابلون بالسيوف منشدين الاشعار الحماسية.
* حياة العرضة ونموها
* وتطورت العرضة بمرور القرون حتى اصبحت بالشكل الذي هي عليه اليوم، والذي يصفه الاديب السعودي الشيخ عبد الله بن خميس بقوله: والشعر الحربي هو اللكنة التي يفزعون اليها والمقالة التي يصدعون بها والمعوّل الذي يجتمعون حوله ويقفون وراءه.. فإذا حزب الامر ودعا الداعي وبلغ السيل الزبى والحزام الطبيين، نادى المنادي بالبيشنة، او صوت بالحوربة وهرع بأعلى صوته ليستجيب له من حوله. ومن ثم يهزج بها تتفق والغرض وتتلاءم والداعي ليردها الفريق الاول في صفه المنتظم ثم يتلقاها الفريق الثاني في صفه كذلك. واذا طاب لهم الصوت وتناغم الهاتف قرعت الطبول على نحو رتيب وتجاوب عجيب، تأخذ طائفة من اهل الطبول ايقاعا واحدا، وتأخذ الطائفة الاخرى شكلا من الايقاع يخالف الشكل الاول يسمى (الإثلاث)، فكأنه يثلث القرعتين الاوليين بثالثة، ولكنه يعطيه نغمة وتوقيعا مؤثرا تبدأ معه حركات الصفوف وهز السيوف على نحو يتفق والايقاع، فتراهم كتلة واحدة متحركة في نبرات اصواتها وحركات اجسامها ونغمات طبولها آخذة حركة متسقة متلائمة طبعت على قدر من التوازن والتواؤم كأنما هي اريدت هكذا طبعا واصالة.
وهكذا القصيدة الاولى والثانية والثالثة.. الخ، وقصيدة الحرب لا تتجاوز في عددها عشرة أبيات، تبدأ بإركاب المركوب او بوصف سحاب مرهب او بنداء موجه، ثم تتجه القصيدة لتناول العدو وتمزيقه وهزيمته، ثم تصف قوم الشاعر بالشجاعة والقوة والفروسية، ثم تصف هنوفا غزلة فارهة الجمال بديعة التكوين لتقول لها اياك ومعاشرة الذليل ومداناة الانهزامي، فهو لا يستحق منك نظرة ولا يلائم لك غزلا.
وهكذا تكون القصيدة تحوم حول هذه الاغراض، وتؤدي غرضها او تحوم حوله.. وشيخ القبيلة او الشعب في القصيدة هو مدار القول والموجه لمدار الحديث والقائد الذي به يسطون وعليه يعولون.
والقصائد الحربية ذات بحور وأوزان تختلف باختلاف اهدافها واغراضها واحيانا يكون للتلوين وحسن العرض وتوزيع الالحان دخل في ذلك.
* العرضة.. أطياف وألوان
* فن العرضة منتشر في منطقة نجد، وسط السعودية، وهو معروف عند الحاضرة، كما انه موجود في مناطق اخرى من السعودية ودول الخليج العربي، لكن هناك اختلافات تضيق وتتسع حسب الموقع الجغرافي. لذلك نجد تعريفا آخر للعرضة قد يختلف بعض الشيء عما اورده ابن خميس، فهناك من قال في وصف العرضة: هي تنظيم الصفوف بين الرجال بشكل مقوّس أو دائري، ويكون وسط هذا التجمع الجميل الشعراء، الذين ينشدون الابيات، ويقوم العارضون بترديد آخر بيت، وتكون هذه القصائد إما حكمة يرددها الشاعر عن تجربة أو خبرة له، أو تكون القصيدة كمدح لرجل أو لقبيلة.
وبالقرب من الشعراء توجد الطبول (الزير) التي على دقاتها يردد العارضون آخر بيت ويحمل كل شخص من هؤلاء السيف في يده اليمنى وتكون الاحزمة الذهبية المزخرفة «الجنبية» حول خصره، والغالب ان يصف الاشخاص في صفين.
ويقول الثالث: العرضة النجدية من الفنون الشعبية التي يبدع فيها اهالي «عنيزة»، احدى مدن منطقة القصيم شمال وسط السعودية، ويجيدون أداءها. ومن المعروف ان هذا اللون من الفنون الشعبية فن حربي كان يؤديه اهالي نجد بعد الانتصار في المعارك قبل توحيد اجزاء البلاد عندما كانت الحروب سائدة في الجزيرة العربية. ومن مستلزمات هذا اللون من الفن الراية والسيوف والبنادق للمنشدين قصائد الحرب، بينما هنالك مجموعة من حملة الطبول، التي يضربون عليها بايقاع جميل متوافقا مع انشاد الصفوف، ويطلق على اصحاب الطبول الذين يقفون في الخلف طبول التخمير، اما الذين في الوسط، فهم الذين يؤدون رقصات خاصة طبول الاركاب، كما يوجد بالوسط حامل البيرق (العلم)، وتقام في وقتنا الحاضر العرضة النجدية في مواسم الاعياد والافراح.
والعرضة وان كانت غالبا مرتبطة بالحرب، الا انها تؤدى في مناسبات اخرى كالاحتفالات والاعياد والزيجات، فعندما تقام حفلة كبرى لاستقبال شخصية مهمة غالبا ما تؤدى العرضة.
* شعراء العرضة
* ليس بالضرورة ان يكون كل شاعر فحل مجيد مبدعا في شعر العرضة، لذلك اشتهر شعراء كثيرون في مجال المديح والفخر والغزل وغيرها، لكنهم لم يشتهروا في شعر العرضة.. وقد اشتهر وابدع شعراء كثيرون في قصائد العرضة من ابرزهم: أمير عنيزة زامل السليم، والخياط احد شعراء عنيزة ايضا، ومحمد العوني (ويعتبره بعض النقاد ابرز شعراء العرضة)، وامير شقراء عبد الرحمن البواردي، وابو جراح السبيعي، وابراهيم القاضي، وناصر العريني، وعبد الله الصبي (مبيلش)، والصغير، الحوطي، وعبد الرحمن بن صفيان... وغيرهم.
وللشيخ عبد الله بن خميس عناية بهذا الفن الرائع، وقد الف فيه كتاب اسماه «أهازيج الحرب او شعر العرضة»، وللجمل كتاب في الموضوع نفسه.
تهتم بعض دول الخليج بالعرضة اهتماما فائقا وكبيرا، ويقيمونها بشكل رسمي في الاعياد والمناسبات الكبيرة.. وهناك عرضة سنوية تقام في مدينة الرياض ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية الاساسية، ويحضر العرضة معظم الامراء وكبار المسؤولين.
وفي البحرين هناك جمعية خاصة للعرضة اسمها «جمعية العرضة البحرينية».
كان للبحارة اغنياتهم الخاصة ذات الالحان المميزة الجميلة ومن اهمها العرضة البحرية، فحين تقترب السفينة من شاطئ آمن بعد اسابيع من إبحارها في عرض البحر، يحمل البحارة الطبول والدفوف ليحتفلوا بسلامة الوصول.


نماذج من شعر العرضة

* نحمد الله جت على ما تمنى
* من ولي العرش جزل الوهايب
* خبر اللي طامع في وطنا
* دونها نثني الى جت طلايب
* واجد اللي قبلكم قد تمنى
* حربنا لي راح عايف وتايب
* يا هبيل الراي وين انت وانا
* تحسب ان الحرب نهب القرايب
* لي مشى البيرق فزيزومه إنا
* حن هل العادات واهل الحرايب.
تعتبر هذه القصيدة للشاعر عبد الرحمن بن صفيان (ت 1412هـ)، من اشهر قصائد العرضة، يعرفها اغلب سكان الجزيرة العربية، ويحفظها الكثير منهم، وكذلك تعتبر قصيدة العوني التي قالها في معركة البكيرية عام 1321هـ من قصائد العرضة الشهيرة والرائعة ومن ابياتها:
* مني عليكم يا اهل العوجا سلام
* واختص ابو تركي عمي عين الحريب
* يا شيخ باح الصبر من طول المقام
* يا حامي الوندات يا ريف الغريب
* اضرب على الكايد ولا تسمع كلام
* العز بالقلطات والراي الصليب

المطنوخ
19-03-2005, 18:15
الله الله عليك ياجاسم العلي

رائع وجميل ماسطرت

فعلا العرضه اصبحت تراث لا يمكن الاستغناء عنها

وبالوقت الحالي اصبحت العرضه

مترابطه مع الافراح والعروس

تسلم يابن علي

ولاعدمناك

جاسم العلي
20-03-2005, 14:53
الأخ الغالي

((المطنوخ))
ما ينلحق معروفه

تسلم يالعزيز ( يالمزيون ) والأبتسامة البريئة على كلامك الطيب وهذا تراثنا وعاداتنا وحكمة تعلمتها من والدي العزيز

(( قيمة المرء أن يعتز بدينه وتراثه )) تحياتي لك ،،،