مجاهدة
09-02-2005, 19:49
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.awda-dawa.com/sounds/tobathaj.jpg
جلس على سفح أحد جبال منى (300 عن سطح البحر) وحيدا شارد الذهن وعيناه تذرفان الدموع ساخنة.
اقتربنا منه وسألناه عن اسمه وسبب بقائه وحيدا وبكائه الذي لا ينقطع فأجاب: (لاأعرف لنفسي اسما فأنا ولدت يوم عرفة).. قالها بكلمات قوية واضحة الحروف.
وأردف: لا تتعجبوا من اجابتي فتلك هي الحقيقة فقد كنت أسير الادمان على مدى (20) عاما لم أعرف خلالها طعما لشيء سوى حبوب الكبتاجون ولفافات الحشيش والمسكر.
وقصة (خ.م. الحربي- 40 عاما) لا تخلو من العديد من التفاصيل المثيرة والمحزنة في ذات الوقت.. وهو هنا يروي لـ(عكاظ) كيف أن رفاق السوء قادوه إلى السقوط في هذا القاع الموحل.
يقول الحربي: أنا أب لخمسة من الأبناء (رامي, ريم, ريان, روان, رهام) وكنت أسكن مع والدي في منطقة القصيم وأعمل سائقا متنقلاً بين مدن المملكة على إحدى الشاحنات وذات يوم عرض عليّ أحد زملائي السائقين فكرة تناول حبة مخدرة مدعيا أنها تزيد النشاط والحيوية وتجعل السائق أكثر قدرة على السهر والصبر طوال السفر رفضت ذلك في بادئ الأمر ولكني وأمام الحاحه وعروضه المستمرة بصفة شبه يومية وجدت نفسي من حيث لا أدري استخدم حبة على سبيل التجربة فكانت بداية السقوط إلى الهاوية وظللت على مدى العشرين عاما الماضية أموت في اليوم ألف مرة.
ولم يتوقف تأثير هذه السموم على شخصي بل امتد ليشمل جميع أفراد أسرتي.. كنت أضرب زوجتي أمام أبنائي فيكاد الخوف يقتلهم وهم يرون والدهم يتحول إلى وحش كاسر كل ليلة. وعبثا حاولت زوجتي معي أن أقلع عن المسكر والمخدرات ولكني كنت فاقدا للاحساس. يتوقف الحربي عن الحديث لبعض الوقت وهو يمسح دموعه المنهمرة على خديه.. يلتقط أنفاسه المتلاحقة شيئا فشيئا ثم يستأنف حديثه وهو مطرق الرأس إلى الأرض: ما أزال أذكر هذا اليوم وكأنه الأمس القريب عندما كان يزورني بعض الضيوف من الجيران فإذا بابني (رامي) يدخل عليّ وفي يده قطعة (حشيش) وجدها في احدى الغرف.. وبادرني بالسؤال: يبدو أنك لم تشرب اليوم يا أبي) يومها تمنيت لو أن الأرض انشقت وابتلعتني.. وبعد خروج الضيوف جلست أعاتب نفسي فدخل عليّ أبنائي رامي (15 سنة) وريم (14 سنة) وسألاني: إلى متى يا أبي ونحن لا نستطيع الجلوس إليك والتحدث معك.. متى تقلع عن هذه السموم?.
ومنذ تلك الليلة -يقول الحربي- لم أذق طعما للنوم وعشت في صراع طويل بين رغبتي الصادقة في الخروج من نفق المخدرات من جهة, ومحاولات رفقاء السوء باقناعي بأن هذا هو قدرنا ولا سبيل للفكاك منه.
نعم.. عشت هذا الصراع بكل تفاصيله حتى هيأ الله لي اثنين من أهل الخير في الحي أخذا بيدي إلى طريق الحق والخير وسعادة الدنيا والآخرة.
وها أنذا اليوم في الأراضي المقدسة أؤدي فريضة الحج وأتضرع بالدعاء إلى المولى عز وجل أن يغفر لي ما أسلفت في الأيام الخالية.. وهذه الدموع التي تشاهدها ليست سوى دموع الندم والتوبة الصادقة لعلها تغسل السموم التي ظلت تسري في دمي على مدى عشرين عاما.
ودعنا الحربي.. تركناه يبكي متذللاً ويطيل الدعاء رافعا يديه.. ونحن ندعو له في دواخلنا بالتوبة النصوح.
منقووول
http://www.awda-dawa.com/sounds/tobathaj.jpg
جلس على سفح أحد جبال منى (300 عن سطح البحر) وحيدا شارد الذهن وعيناه تذرفان الدموع ساخنة.
اقتربنا منه وسألناه عن اسمه وسبب بقائه وحيدا وبكائه الذي لا ينقطع فأجاب: (لاأعرف لنفسي اسما فأنا ولدت يوم عرفة).. قالها بكلمات قوية واضحة الحروف.
وأردف: لا تتعجبوا من اجابتي فتلك هي الحقيقة فقد كنت أسير الادمان على مدى (20) عاما لم أعرف خلالها طعما لشيء سوى حبوب الكبتاجون ولفافات الحشيش والمسكر.
وقصة (خ.م. الحربي- 40 عاما) لا تخلو من العديد من التفاصيل المثيرة والمحزنة في ذات الوقت.. وهو هنا يروي لـ(عكاظ) كيف أن رفاق السوء قادوه إلى السقوط في هذا القاع الموحل.
يقول الحربي: أنا أب لخمسة من الأبناء (رامي, ريم, ريان, روان, رهام) وكنت أسكن مع والدي في منطقة القصيم وأعمل سائقا متنقلاً بين مدن المملكة على إحدى الشاحنات وذات يوم عرض عليّ أحد زملائي السائقين فكرة تناول حبة مخدرة مدعيا أنها تزيد النشاط والحيوية وتجعل السائق أكثر قدرة على السهر والصبر طوال السفر رفضت ذلك في بادئ الأمر ولكني وأمام الحاحه وعروضه المستمرة بصفة شبه يومية وجدت نفسي من حيث لا أدري استخدم حبة على سبيل التجربة فكانت بداية السقوط إلى الهاوية وظللت على مدى العشرين عاما الماضية أموت في اليوم ألف مرة.
ولم يتوقف تأثير هذه السموم على شخصي بل امتد ليشمل جميع أفراد أسرتي.. كنت أضرب زوجتي أمام أبنائي فيكاد الخوف يقتلهم وهم يرون والدهم يتحول إلى وحش كاسر كل ليلة. وعبثا حاولت زوجتي معي أن أقلع عن المسكر والمخدرات ولكني كنت فاقدا للاحساس. يتوقف الحربي عن الحديث لبعض الوقت وهو يمسح دموعه المنهمرة على خديه.. يلتقط أنفاسه المتلاحقة شيئا فشيئا ثم يستأنف حديثه وهو مطرق الرأس إلى الأرض: ما أزال أذكر هذا اليوم وكأنه الأمس القريب عندما كان يزورني بعض الضيوف من الجيران فإذا بابني (رامي) يدخل عليّ وفي يده قطعة (حشيش) وجدها في احدى الغرف.. وبادرني بالسؤال: يبدو أنك لم تشرب اليوم يا أبي) يومها تمنيت لو أن الأرض انشقت وابتلعتني.. وبعد خروج الضيوف جلست أعاتب نفسي فدخل عليّ أبنائي رامي (15 سنة) وريم (14 سنة) وسألاني: إلى متى يا أبي ونحن لا نستطيع الجلوس إليك والتحدث معك.. متى تقلع عن هذه السموم?.
ومنذ تلك الليلة -يقول الحربي- لم أذق طعما للنوم وعشت في صراع طويل بين رغبتي الصادقة في الخروج من نفق المخدرات من جهة, ومحاولات رفقاء السوء باقناعي بأن هذا هو قدرنا ولا سبيل للفكاك منه.
نعم.. عشت هذا الصراع بكل تفاصيله حتى هيأ الله لي اثنين من أهل الخير في الحي أخذا بيدي إلى طريق الحق والخير وسعادة الدنيا والآخرة.
وها أنذا اليوم في الأراضي المقدسة أؤدي فريضة الحج وأتضرع بالدعاء إلى المولى عز وجل أن يغفر لي ما أسلفت في الأيام الخالية.. وهذه الدموع التي تشاهدها ليست سوى دموع الندم والتوبة الصادقة لعلها تغسل السموم التي ظلت تسري في دمي على مدى عشرين عاما.
ودعنا الحربي.. تركناه يبكي متذللاً ويطيل الدعاء رافعا يديه.. ونحن ندعو له في دواخلنا بالتوبة النصوح.
منقووول