تذكار
08-11-2004, 21:34
الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله
(ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . الحمد الله الذي جعلنا أمة واحدة فقال (إن هذه أمتك أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) . والحمد الله الذي جعلنا أخوة فقال (إنما المؤمنون أخوة ). والحمد الله الذي شرع لنا النصرة ما تلتئم به نفوس المؤمنين فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ) .هذه أخوة الإسلام ، يشترك فيها الحر والعبد والبالغ والمميز والصغير والكبير والذكر والأنثى . انه عقد الأخوة الذي عقده الله سبحانه وتعالى في عليائه وسماواته وأنزله إلينا ليكون بيننا .
المسلم أخو المسلم لا يظلمه فالظلم حرام ، ولا يسلمه أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه . المسلم أخو المسلم لا يسلمه في مصيبة نزلت به كما جاء في رواية للطبراني ولا يحقره . المسلم أخو المسلم لا يخذله بل ينصره ، يقال أسلم فلان فلانا ، إذا ألقاه في التهلكة ولم يحمه من عدوه . فإذا أسلمه وتركه عند عدوه يسومه العذاب فانه ليس في الحقيقة بأخ حقيقي قد قام بواجب الأخوة .
ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته فأعانه ولطف به ومن كان في حاجة أخيه أي ساعيا في قضائها بأي وجه كان جلب نفع أو دفع ضر سهل الله بسلوكه هذا السبيل لقضاء حاجة أخيه ، سهل الله له سبيلا إلى الجنة، والجزاء من جنس العمل . وهكذا يسعى بقلبه وبدنه لدفع المضار وجلب المنافع إلى أخيه المسلم لأن الكل عون داخل في هذا الحديث الذي فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ، ونفع المسلم بما تيسر من علم أو مال أو معاونه أو إشارة بمصلحة أو نصيحة .
ومن فرج عن مسلم كربة وغمة وحزنا وشدة فان الله يفرج عنه يوم القيامة . فمن أزالها بماله أو بنفسه أو جاهه أو إشارته ورأيه ونحو ذلك فهو عند الله بمقام عظيم . إن تنفيس كربات المسلمين وستر المسلمين من حقوق الأخوة الإسلامية وان الستر يوم القيامة من جزاء وعاقبة هذا الذي يسعى في ستر أخيه المسلم. ومن نصر أخاه المسلم بالغيب نصره الله في الدنيا والآخرة .
وقال عليه الصلاة والسلام – ( المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ، كل المسلم على المسلم حرام ، عرضه وماله ودمه ، التقوى هاهنا ، بحسب امرؤ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم ) حديث صحيح . فليتعامل المسلمون بناءا على هذه القاعدة النبوية وأن يعاشر بعضهم بعضا بالمودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون على الخير . انه أخوه لا يخونه ولا يخذله ، أي لا يترك نصرته أعانته ، ولا يخذله وخصوصا إذا استعان به في دفع ظلم فانه تلزم إعانته . كل المسلم على المسلم حرام ، فهذه حرمة المسلم لا يجوز انتقاصها ولا النيل منها ولا الخوض فيها ، فضلا عن إذهابها .
إن هذه الاستعانة التي تكون من المسلم للمسلم في دفع سوء نزل به ملزمة لمن أمكنه ذلك ولا عذر له عند الله إذا لم يفعل . وقال عليه الصلاة والسلام – ( انصر أخاك ظالم ا أو مظلوما ) وقد علمنا كيف تكون نصرته وهو ظالم بكفه عن الظلم فكيف بالمظلوم المسكين المقهور المغلوب الذي يستنجد بإخوانه . فان نصرته حقا حقا واجبة ولا شك .
وعن سويد بن حنظلة قال : خرجنا نريد رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له ، فتحرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخي فخلي سبيله . فأتينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا وحلفت انه أخي ، قال صدقت ، المسلم أخو المسلم . حديث صحيح . صدقت ، المسلم أخو المسلم حديث صحيح رواه أبو داوود . لقد تحرج هؤلاء النفر من المسلمين أن يحلفوا ، وظنوا أن في المسألة إثما . وكان الحلف بأنه أخ ينجيه مع أنه ليس بأخ نسبي فقال هذا المسلم ، سويد بن حنظلة - رضي الله عنه - من فقهه ونصرته لأخيه بالحلف انه أخوه فظنه العدو انه أخوه من النسب فأطلقوا سراحه ولما استفتى نبي الله - صلى الله عليه وآله وسلم – استحسن فعله وقال( صدقت المسلم أخو المسلم) . وقال العلماء في هذا الحديث وان من حلف إن فلانا أخوه وأراد أخوة الإسلام لم يحنث . وهذه تورية عظيمة نافعة حسنة ، وهي ماضية ا لا أن يكون من هذا الحلف شي من إسقاط حق مسلم فان التورية لا تنفع حين إذ.
عباد الله
قال عليه الصلاة والسلام – مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم ، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . ما هو الفرق بين توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ؟
إن التراحم والتواد والتعاطف بين المسلمين كما جاء في الحديث . فأما التراحم المراد به أن يرحم لا بسبب آخر . وأما التواد فالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي وأما التعاطف فالمراد به إعانة بعضهم بعضا ، كما يعطف الثوب على جنباته ليتقوى ويعطف الثوب عليه ليقويه. وهكذا المؤمنون كرجل واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد فيتألم لحاله . وهكذا تكون الحرارة والحمى فيه جميعا ، في جميع أجزاءه ، تشتعل في القلب فتشب منه في جميع البدن فتشتعل عند ذلك اشتعالا.
وهذا التشبيه العظيم للتقريب للإفهام وإظهار المعاني في الصورة المرئية كي يعلم المسلمون ما لإخوانهم عليهم من الحقوق . ولما قال تعالى – ( إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) مع تقصيرهم ، مع معصيتهم . قال تعالى ( وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) وهكذا قال الإمام ابن العربي – رحمه الله – في تعليقه على الآية قبل ألف سنة : إلا أن يكونوا أسرى مستضعفين فان الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة حتى لا تبقى منا عين تطرف ، حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى أحد ، حتى لا يبقى لأحد درهم ولا يبقى أحد من الأسرى في أيدي العدو. قال مالك وجميع العلماء ثم قال : فان الله وإنا إليه راجعون على ما حل بالخلق ، يعني المسلمين ، من تركهم إخوانهم في أسر العدو وفي أيديهم - أي أيدي هؤلاء المسلمين- خزائن أموال وفضول الأموال والقدرة والعدد والقوة والجلد ولعمر الله كما يقول القرطبي لقد أعرضنا نحن الجميع بالفتن فتظاهر بعضنا على بعض . ليس بالمسلمين بل بالكافرين ، حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قالها ذلك العالم القرطبي الأندلسي صاحب كتاب الجامع لأحكام القرآن مما رأى أمام عينيه مما يحدث في بلاد الأندلس في ذلك الوقت من شن هجمة العدو وضعف المسلمين وتخاذلهم وتفككهم وانقسامهم .
وقال ابن خويزمه الزاد – رحمه الله – : تضمنت الآية وجوب فك الأسري ، وبذلك وردت الآثار عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – انه فك الأسرى وأمر بفكهم . وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع .
قال هذا الفقيه المالكي : ويجب فك الأسارى من بيت المال فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين ومن قام به منهم اسقط الفرض عن الباقيين .
وقال العالم الجصاص الحنفي : تدل هذه الآية على أن افتداء أسراهم ، أي قيام المسلمين بفك أسراهم كان واجبا عليهم.
وكذلك فان هذا الحكم واجب علينا ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ) قال ابن العربي في أحكام القران : قال علماؤنا أوجب الله – سبحانه – في هذه الآية القتال لاستنقاذ الأسرى من أيدي العدو .
هؤلاء المحفورين المسجونين أو المقهورين باستنقاذ الأسرى من أيدي العدو مع ما في القتال من بذل النفس ، فكان بذل المال في فدائهم أوجب لكونه دون النفس وأهون منها .
وقد روى الأئمة أن النبي – صلى الله عليه واله وسلم – قال ( أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني ) . قال مالك – رحمه الله - : على الناس أن يفدوا الأسارى بجميع أموالهم، ولذلك قالوا : عليهم أن يواسوهم فان المواساة دون المفادة .
عباد الله
لا يجوز إبقاء المستضعفين من المسلمين هكذا . قال الشوكاني – رحمه الله – : والمستضعفين يعني الآية أي مالكم لا تقاتلون في سبيل الله وسبيل المستضعفين حتى تخلصوهم من الأسر وتريحوهم مما هم فيه من الجهد وكيف تقعدون عن القتال في سبيل الله واستنقاذ هؤلاء المستضعفين .
إن واجب المسلم على المسلم كبير ، إن هذه الأخوة العظيمة التي تمتد جذورها ضاربة في التاريخ حتى ليدافع المسلم عن عرض أخيه المسلم ولو مات قبله بمآت السنين . فإذا قام أهل البدع في القنوات الفضائية وغيرها بالطعن في علماء المسلمين وجدت أهل الأخوة الإيمانية الصادقة يقومون ساعين بالرد عن إعراض إخوانهم ولو ماتوا قبل زمن طويل .
وإن هذه النصرة العظيمة من مقتضيات الإيمان وتدل على صدق صاحبها ، وهذه النصرة قد تكون بالنفس وقد تكون بالمال كما فعل الصحابة كعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما – رضي الله عنهم - .
عباد الله
وان الجهاد الإعلامي في عصرنا من أقوى الوسائل في نصرة المسلمين فيجب التداعي له لبيان أخبار إخواننا المسلمين الحقيقية وإظهارها وبيان كيد العدو وفضائعة وفضح ممارساته التي لا يقبل بها حتى عقلاء الكفار .
أحل الكفر بالإسلام ضيما *** يطول عليه للدين النحيب
فحق ضائع ورحم مباح *** وسيف قاطع ودم صبيب
وكم من مسلم أمسى سليبا *** ومسلمة لها حرم سليب
أمور لو تأملهن طفل *** لطفل في عوارضه المشيب
أتسبى المسلمات بكل ثغر *** وعيش المسلمين إذا يطيب
فقل لذوي البصائر حيث كانوا *** أجيبوا الله ويحكم أجيبوا
ومن أنواع النصرة العظيمة ، النصرة بالدعاء وقد يكون أحيانا عند بعض المسلمين وهو السلاح الوحيد في ظل ضعف الأمة وتخاذل الكثيرين عن القيام بحقوق المسلمين .
فليسوا بمعذورين حين إذا أبدا ولقد كان الدعاء سلاح الموحدين الدائم في حال الشدة ، كما قال جنود طالوت من المسلمين(ولما برزوا لجالوت -أي الكافر وجنوده- قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ) .
وهكذا لما لم يستطع موسى ومن معه من المسلمين مقاومة فرعون وجنوده بالسلاح التجأ إلى الله بالدعاء . ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ، قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون )
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو مستضعف بمكة مع المسلمين ( اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ). وهكذا لما هاجر ولا زوال أصحابه من المستضعفين بمكة يؤذون . وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( اللهم انجي عياش بن أبي ربيعة ، اللهم انجي سلمة بن هشام ، اللهم انجي الوليد بن الوليد ، اللهم انجي المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر - وكانوا كفارا- ، اللهم اجعلها سنين كسنيي يوسف ).
وأن النبي – صلى الله عليه واله وسلم – قنت بهذا يدعو للمسلمين ويدعو على الكافرين وقنت شهرا يدعو على أحياء من أحياء العرب ، لأنهم قتلوا أصحابه. وكان إذا دعي لقوم أو دعا على قوم .
النبي – صلى الله عليه واله وسلم – يريد نصرة الله ودينه وكان المسلمون حتى في صلاة التراويح في عهد الصحابة وفي عهد عمر لما جمعهم ويقومون جماعة ، كانوا يلعنون الكفرة في النصف يعني من رمضان، ويقولون في ادعيتهم : اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألقى في قلوبهم الرعب وألقى عليهم رجزك وعذابك إله الحق .
هكذا كانت أدعية المؤمنين من الصحابة في صلاة التراويح إذا انتصف رمضان لعنوا الكفرة ، كما جاء عن معاذ بن الحارث الأنصاري وعن ابن شهاب كانوا يلعنون الكفرة في النصف وكان الإمام إذا قنت بعد قوله سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد .
والضعفاء من المسلمين في كل مكان عليهم معول خاص في هذه القضية لان دعاءهم عند الله مستجاب ولذلك قال ( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) وقال – عليه الصلاة والسلام – (أبغوني ضعفاءكم فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم) . قال شراح الحديث : ضعفاءكم وقوله تنصرون أي على الأعداء بضعفائكم أي بسببهم وببركة دعاءكم .
وكان النبي – صلى الله عليه واله وسلم – كان يمر على آل ياسر ولا يستطيع أن ينصرهم بنفسه ويده ولا أن يزيح عنهم العذاب فلا اقل من كلام المواساة والتثبيت والتصبير ، هذا الذي يسمونه دعما معنويا . يمر على آل ياسر وهم يعذبون فلا يملك إلا أن يقول لهم ( صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) .
وهكذا نرى أن الدعم المعنوي لم ينقطع حتى في فترة الاستضعاف حتى عندما لم يكن النبي – صلى الله واله وسلم – يستطيع أن يفعل بيده شيئا لهؤلاء لكنه كان يدعو لهم وكان يقول من العبارات والحمل التثبيتية لهؤلاء ما يثبت به نفوسهم على الحق ويصبرهم وهم تحت وطأة هذا التعذيب الشديد والمسلمون في حال العجز غير معفون أبدا من أعداد العدة لأن الله أمر بإعدادها إرهابا لأعداء الله ، فقال ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم) .
اللهم إنا نسألك النصر لأهل الإسلام يا رب العالمين
اللهم ثبت أقدام المجاهدين وانصرهم على القوم المجرمين
اللهم إنا نسألك الفرج العاجل لإخواننا المحاصرين
اللهم فرج هم المهمومين وفك اسر المأسورين ونفس كربه المحصورين يا ارحم الراحمين
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .
وأوسعوا لإخوانكم يوسع الله لكم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي قدر فهدى واشهد أن لا اله إلا الله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وكل شيء عنده بحكمة ولحكمة وهو الكبير المتعالي. واشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى ذريته وأزواجه والآل ، اشهد انه رسول الله حقا والداعي إلى سبيله صدقا صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
عباد الله
لا شك أن الأمور تمور مورانا وتضطرب اضطرابا ولا شك أن ما يقع بالمسلمين اليوم من الفضائع يدمي قلوب المخلصين ويجعل اكفهم ترتفع بالدعاء لإخوانهم وهم يرون العدو المجرم الذي يتولى ويسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل من الزروع والثمار والمواشي بعد إهلاك نفوس البشر وإيقاع الجراح بهم والمآسي وتخريب البيوت إن خطى اليهود وأهل الصليب اليوم في حرب أهل الإسلام تتوالى وان لذلك آثارا ستكون عظيمة إن شاء الله في نفوس المسلمين لأجل الاستعداد لملاقاة هؤلاء العدو وان إيقاظ الأمة الذي يحدث اليوم بحماقات الكفار أشياء قدرية من قدر الله العظيم .إنها أمور من حكمة الله البالغة التي يجريها – سبحانه وتعالى – ليوقظ هذه الأمة من سباتها بعد نوم طويل وتلتفت لترى كيف تنصر هذا الدين.
إن هذه الفظائع والجرائم والقتل والجراحات والهدم والتصفيات .إن هذه لتفضح فعل هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم جاؤوا لنشر الحريات، ونشر الديموقراطية. وها هم يوسعون الآن هذه الحرية بالقنابل العنقودية على رؤوس المدنيين وهذه طائراتهم تدك وتفتك بالمؤمنين المحاصرين ولا توفر حتى دور العبادة بل إنهم يركزون على المساجد قصفا وهدما وتدميرا واحتلالا .
فهم يعلمون قيمتها ومكانتها في النفوس وما يكون من دورها في مثل أحوال الشدائد هذه . إن هؤلاء المجرمين الذين يمنعون حتى الدم والمواد الطبية والأغذية من هؤلاء والذين جمعوها لإخوانهم .
إن الذين يتشدقون بالحرية والديموقراطية وأنهم قد جاؤوا لمصلحة الناس. لقد فضحهم هذه الأفعال الشنيعة التي قاموا بها . وان جثث الأطفال والنساء والشيوخ الذين ازدحمت بهم ساحة المستشفى وهذه الجثث التي لا يستطيع حتى القائمون على دفنها الوصول إلى المقبرة لدفنها ، حتى تنادوا بالذهاب بها إلى ملعب المدينة لدفنها . لتوضح هذا الحقد الصليبي الذي طالما سعوا إلى سترى بقنواتهم وإعلامهم وضجيجهم وادعاءاتهم وكلماتهم وتصريحاتهم ليكذبهم الله – عز وجل – على رؤوس الأشهاد وليعلم من لا يعلم حتى من الكفار ما هي هذه الحقيقة وحجم هذا الإجرام الذي يمارسه هؤلاء .
إن هذه القضية الخطيرة الكبيرة العظيمة التي حلت بأهل عاصمة السلام وعاصمة الخلافة وما حولها لتدل فعلا على مدى هذا الحقد الصليبي الذي يتعاون معه هؤلاء اليهود ولا يزال إخواننا يكتوون بنارهم وتثبت المواقف أن أبناء الإسلام الصادقين هم اقرب الناس على وجه الأرض لفدية هذا الدين وأنهم أشجع الناس وأرجل الناس وأقوى الناس أفئدة . إن أقواما قد عمر الإيمان قلوبهم عندما يصمدون هذا الصمود العجيب المذهل لعام هذه القوة العاتية ويوقعون بما هذه الخسائر الكبيرة . انه فعلا يدل على إن هذا الدين هو الوحيد الذي يؤجج والذي يثبت والذي يقوي والذي يدفع إلى مثل هذا الصمود ومثل هذه البطولات . إن هذه المحكات لتظهر الحقائق وتبين فعلا اثر الإسلام على النفوس عندما تتقدم للاستشهاد في سبيل الله والطعن في أعداء الله .
لي أخوة كالنار في الفلوجة
فلو السيوف وخيلهم مسروجة
عشقوا الحياة عزيزة فإذا هوت
عافوا الحياة ذليلة ممزوجة
فرسان عز والجهاد عوارها
بنفوسهم ذهابة موهوجة
ينفون عن نار الهوان بضربة
تذهل العدو وتستثير شجيجا
يتنافسون الضرب في ساح الوغى
فرحا إذا أعلا السلاح أو ضجيجا
لا يجزعون إذا المنية قد دهت
وقضاء رب الموت حاك نسيجا
فالقتل في عرف العدو خسارة
وبعرفنا فشهادة محجوجة
عباد الله
إن هذه الأوضاع العجيبة التي تدفع المسلمين للتفكير مليا في سبيل الخروج من هذا المأزق ومن هذه الورطات والأوضاع المزرية إنها لتدفع إلى مزيد من التمسك بالدين والعودة إلى الله والتوبة إلى الرحمن الرحيم وهجر المعاصي وترك الموبقات والأعراض عن الكبائر إلى هجر الخمور والفواحش والإقبال على المساجد والقنوت لرب العالمين .
ابلغ علوج كفريكا وسادتها
إنا غدونا بلا حام ومعتصم
عشائر الكفر حطت في مضاربنا
ولم نحرك سرايانا ولم نقم
هكذا لسان حال إخواننا المسلمين الصامدين في هذه الأيام .
عباد الله
فلا اقل من أن تلهج السن المسلمين بنصرة هؤلاء وطلب ذلك من رب العالمين . وان يخزي الله أعداء المسلمين وان نسعى لنصرتهم بكل سبيل ممكن من مال أو دعم نفسي معنوي إعلامي ونحو ذلك من أنواع العون التي سبق ذكرها في هذه النصوص الشرعية الدالة على وجوب القيام بحق إخواننا .
اللهم عليك بأعداء الدين
اللهم عليك باليهود والصليبيين
اللهم عليك بجيش هؤلاء الحاقدين
اللهم عليك بدولتهم يا رب العالمين
اللهم اخسف بهم جانب البر وأرسل عليهم حاصبا من السماء وائتهم بعذاب اليم
اللهم مزقهم كل ممزق والعنهم لعنا كبيرا
اللهم دمروا بيوتك فدمر بيوتهم وقتلوا عبادك فاحصهم عددا واقتلهم بددا
اللهم خالف بين كلمتهم ، والق الرعب في قلوبهم
اللهم شتت نفوسهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم
لك الحكمة البالغة تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد اجعل تدبيرهم هذا تدميرا لهم وادر دائرة السوء عليهم وانزل بهم باسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين
اللهم مجري السحاب ومنزل الكتاب وهازم الأحزاب اهزمهم وزلزلهم وانصر المسلمين عليهم
اللهم إنا نسألك الرحمة لإخواننا اللهم ارحم قتلاهم وثبت أقدام الأتقياء منهم وانصرهم على القوم المشركين .
اللهم امدد إخواننا بمدد من عندك
اللهم سدد رميهم ووحد صفهم واربط على قلوبهم بالإيمان واليقين يا رب العالمين
اللهم فرج هم المهمومين وفك اسر المأسورين وفرج عن المحصورين انك أنت ارحم الراحمين
اللهم إنا نسألك العون لإخواننا
اللهم هؤلاء المجرمون قد طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم سوط عذاب وخلص بلاد المسلمين منهم
اللهم خلصها من نجسهم وشركهم وطغيانهم وعتوهم يا جبار انك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
(ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . الحمد الله الذي جعلنا أمة واحدة فقال (إن هذه أمتك أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) . والحمد الله الذي جعلنا أخوة فقال (إنما المؤمنون أخوة ). والحمد الله الذي شرع لنا النصرة ما تلتئم به نفوس المؤمنين فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ) .هذه أخوة الإسلام ، يشترك فيها الحر والعبد والبالغ والمميز والصغير والكبير والذكر والأنثى . انه عقد الأخوة الذي عقده الله سبحانه وتعالى في عليائه وسماواته وأنزله إلينا ليكون بيننا .
المسلم أخو المسلم لا يظلمه فالظلم حرام ، ولا يسلمه أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه . المسلم أخو المسلم لا يسلمه في مصيبة نزلت به كما جاء في رواية للطبراني ولا يحقره . المسلم أخو المسلم لا يخذله بل ينصره ، يقال أسلم فلان فلانا ، إذا ألقاه في التهلكة ولم يحمه من عدوه . فإذا أسلمه وتركه عند عدوه يسومه العذاب فانه ليس في الحقيقة بأخ حقيقي قد قام بواجب الأخوة .
ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته فأعانه ولطف به ومن كان في حاجة أخيه أي ساعيا في قضائها بأي وجه كان جلب نفع أو دفع ضر سهل الله بسلوكه هذا السبيل لقضاء حاجة أخيه ، سهل الله له سبيلا إلى الجنة، والجزاء من جنس العمل . وهكذا يسعى بقلبه وبدنه لدفع المضار وجلب المنافع إلى أخيه المسلم لأن الكل عون داخل في هذا الحديث الذي فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ، ونفع المسلم بما تيسر من علم أو مال أو معاونه أو إشارة بمصلحة أو نصيحة .
ومن فرج عن مسلم كربة وغمة وحزنا وشدة فان الله يفرج عنه يوم القيامة . فمن أزالها بماله أو بنفسه أو جاهه أو إشارته ورأيه ونحو ذلك فهو عند الله بمقام عظيم . إن تنفيس كربات المسلمين وستر المسلمين من حقوق الأخوة الإسلامية وان الستر يوم القيامة من جزاء وعاقبة هذا الذي يسعى في ستر أخيه المسلم. ومن نصر أخاه المسلم بالغيب نصره الله في الدنيا والآخرة .
وقال عليه الصلاة والسلام – ( المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ، كل المسلم على المسلم حرام ، عرضه وماله ودمه ، التقوى هاهنا ، بحسب امرؤ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم ) حديث صحيح . فليتعامل المسلمون بناءا على هذه القاعدة النبوية وأن يعاشر بعضهم بعضا بالمودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون على الخير . انه أخوه لا يخونه ولا يخذله ، أي لا يترك نصرته أعانته ، ولا يخذله وخصوصا إذا استعان به في دفع ظلم فانه تلزم إعانته . كل المسلم على المسلم حرام ، فهذه حرمة المسلم لا يجوز انتقاصها ولا النيل منها ولا الخوض فيها ، فضلا عن إذهابها .
إن هذه الاستعانة التي تكون من المسلم للمسلم في دفع سوء نزل به ملزمة لمن أمكنه ذلك ولا عذر له عند الله إذا لم يفعل . وقال عليه الصلاة والسلام – ( انصر أخاك ظالم ا أو مظلوما ) وقد علمنا كيف تكون نصرته وهو ظالم بكفه عن الظلم فكيف بالمظلوم المسكين المقهور المغلوب الذي يستنجد بإخوانه . فان نصرته حقا حقا واجبة ولا شك .
وعن سويد بن حنظلة قال : خرجنا نريد رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له ، فتحرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخي فخلي سبيله . فأتينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا وحلفت انه أخي ، قال صدقت ، المسلم أخو المسلم . حديث صحيح . صدقت ، المسلم أخو المسلم حديث صحيح رواه أبو داوود . لقد تحرج هؤلاء النفر من المسلمين أن يحلفوا ، وظنوا أن في المسألة إثما . وكان الحلف بأنه أخ ينجيه مع أنه ليس بأخ نسبي فقال هذا المسلم ، سويد بن حنظلة - رضي الله عنه - من فقهه ونصرته لأخيه بالحلف انه أخوه فظنه العدو انه أخوه من النسب فأطلقوا سراحه ولما استفتى نبي الله - صلى الله عليه وآله وسلم – استحسن فعله وقال( صدقت المسلم أخو المسلم) . وقال العلماء في هذا الحديث وان من حلف إن فلانا أخوه وأراد أخوة الإسلام لم يحنث . وهذه تورية عظيمة نافعة حسنة ، وهي ماضية ا لا أن يكون من هذا الحلف شي من إسقاط حق مسلم فان التورية لا تنفع حين إذ.
عباد الله
قال عليه الصلاة والسلام – مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم ، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . ما هو الفرق بين توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ؟
إن التراحم والتواد والتعاطف بين المسلمين كما جاء في الحديث . فأما التراحم المراد به أن يرحم لا بسبب آخر . وأما التواد فالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي وأما التعاطف فالمراد به إعانة بعضهم بعضا ، كما يعطف الثوب على جنباته ليتقوى ويعطف الثوب عليه ليقويه. وهكذا المؤمنون كرجل واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد فيتألم لحاله . وهكذا تكون الحرارة والحمى فيه جميعا ، في جميع أجزاءه ، تشتعل في القلب فتشب منه في جميع البدن فتشتعل عند ذلك اشتعالا.
وهذا التشبيه العظيم للتقريب للإفهام وإظهار المعاني في الصورة المرئية كي يعلم المسلمون ما لإخوانهم عليهم من الحقوق . ولما قال تعالى – ( إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) مع تقصيرهم ، مع معصيتهم . قال تعالى ( وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) وهكذا قال الإمام ابن العربي – رحمه الله – في تعليقه على الآية قبل ألف سنة : إلا أن يكونوا أسرى مستضعفين فان الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة حتى لا تبقى منا عين تطرف ، حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى أحد ، حتى لا يبقى لأحد درهم ولا يبقى أحد من الأسرى في أيدي العدو. قال مالك وجميع العلماء ثم قال : فان الله وإنا إليه راجعون على ما حل بالخلق ، يعني المسلمين ، من تركهم إخوانهم في أسر العدو وفي أيديهم - أي أيدي هؤلاء المسلمين- خزائن أموال وفضول الأموال والقدرة والعدد والقوة والجلد ولعمر الله كما يقول القرطبي لقد أعرضنا نحن الجميع بالفتن فتظاهر بعضنا على بعض . ليس بالمسلمين بل بالكافرين ، حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قالها ذلك العالم القرطبي الأندلسي صاحب كتاب الجامع لأحكام القرآن مما رأى أمام عينيه مما يحدث في بلاد الأندلس في ذلك الوقت من شن هجمة العدو وضعف المسلمين وتخاذلهم وتفككهم وانقسامهم .
وقال ابن خويزمه الزاد – رحمه الله – : تضمنت الآية وجوب فك الأسري ، وبذلك وردت الآثار عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – انه فك الأسرى وأمر بفكهم . وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع .
قال هذا الفقيه المالكي : ويجب فك الأسارى من بيت المال فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين ومن قام به منهم اسقط الفرض عن الباقيين .
وقال العالم الجصاص الحنفي : تدل هذه الآية على أن افتداء أسراهم ، أي قيام المسلمين بفك أسراهم كان واجبا عليهم.
وكذلك فان هذا الحكم واجب علينا ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ) قال ابن العربي في أحكام القران : قال علماؤنا أوجب الله – سبحانه – في هذه الآية القتال لاستنقاذ الأسرى من أيدي العدو .
هؤلاء المحفورين المسجونين أو المقهورين باستنقاذ الأسرى من أيدي العدو مع ما في القتال من بذل النفس ، فكان بذل المال في فدائهم أوجب لكونه دون النفس وأهون منها .
وقد روى الأئمة أن النبي – صلى الله عليه واله وسلم – قال ( أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني ) . قال مالك – رحمه الله - : على الناس أن يفدوا الأسارى بجميع أموالهم، ولذلك قالوا : عليهم أن يواسوهم فان المواساة دون المفادة .
عباد الله
لا يجوز إبقاء المستضعفين من المسلمين هكذا . قال الشوكاني – رحمه الله – : والمستضعفين يعني الآية أي مالكم لا تقاتلون في سبيل الله وسبيل المستضعفين حتى تخلصوهم من الأسر وتريحوهم مما هم فيه من الجهد وكيف تقعدون عن القتال في سبيل الله واستنقاذ هؤلاء المستضعفين .
إن واجب المسلم على المسلم كبير ، إن هذه الأخوة العظيمة التي تمتد جذورها ضاربة في التاريخ حتى ليدافع المسلم عن عرض أخيه المسلم ولو مات قبله بمآت السنين . فإذا قام أهل البدع في القنوات الفضائية وغيرها بالطعن في علماء المسلمين وجدت أهل الأخوة الإيمانية الصادقة يقومون ساعين بالرد عن إعراض إخوانهم ولو ماتوا قبل زمن طويل .
وإن هذه النصرة العظيمة من مقتضيات الإيمان وتدل على صدق صاحبها ، وهذه النصرة قد تكون بالنفس وقد تكون بالمال كما فعل الصحابة كعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما – رضي الله عنهم - .
عباد الله
وان الجهاد الإعلامي في عصرنا من أقوى الوسائل في نصرة المسلمين فيجب التداعي له لبيان أخبار إخواننا المسلمين الحقيقية وإظهارها وبيان كيد العدو وفضائعة وفضح ممارساته التي لا يقبل بها حتى عقلاء الكفار .
أحل الكفر بالإسلام ضيما *** يطول عليه للدين النحيب
فحق ضائع ورحم مباح *** وسيف قاطع ودم صبيب
وكم من مسلم أمسى سليبا *** ومسلمة لها حرم سليب
أمور لو تأملهن طفل *** لطفل في عوارضه المشيب
أتسبى المسلمات بكل ثغر *** وعيش المسلمين إذا يطيب
فقل لذوي البصائر حيث كانوا *** أجيبوا الله ويحكم أجيبوا
ومن أنواع النصرة العظيمة ، النصرة بالدعاء وقد يكون أحيانا عند بعض المسلمين وهو السلاح الوحيد في ظل ضعف الأمة وتخاذل الكثيرين عن القيام بحقوق المسلمين .
فليسوا بمعذورين حين إذا أبدا ولقد كان الدعاء سلاح الموحدين الدائم في حال الشدة ، كما قال جنود طالوت من المسلمين(ولما برزوا لجالوت -أي الكافر وجنوده- قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ) .
وهكذا لما لم يستطع موسى ومن معه من المسلمين مقاومة فرعون وجنوده بالسلاح التجأ إلى الله بالدعاء . ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ، قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون )
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو مستضعف بمكة مع المسلمين ( اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ). وهكذا لما هاجر ولا زوال أصحابه من المستضعفين بمكة يؤذون . وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( اللهم انجي عياش بن أبي ربيعة ، اللهم انجي سلمة بن هشام ، اللهم انجي الوليد بن الوليد ، اللهم انجي المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر - وكانوا كفارا- ، اللهم اجعلها سنين كسنيي يوسف ).
وأن النبي – صلى الله عليه واله وسلم – قنت بهذا يدعو للمسلمين ويدعو على الكافرين وقنت شهرا يدعو على أحياء من أحياء العرب ، لأنهم قتلوا أصحابه. وكان إذا دعي لقوم أو دعا على قوم .
النبي – صلى الله عليه واله وسلم – يريد نصرة الله ودينه وكان المسلمون حتى في صلاة التراويح في عهد الصحابة وفي عهد عمر لما جمعهم ويقومون جماعة ، كانوا يلعنون الكفرة في النصف يعني من رمضان، ويقولون في ادعيتهم : اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألقى في قلوبهم الرعب وألقى عليهم رجزك وعذابك إله الحق .
هكذا كانت أدعية المؤمنين من الصحابة في صلاة التراويح إذا انتصف رمضان لعنوا الكفرة ، كما جاء عن معاذ بن الحارث الأنصاري وعن ابن شهاب كانوا يلعنون الكفرة في النصف وكان الإمام إذا قنت بعد قوله سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد .
والضعفاء من المسلمين في كل مكان عليهم معول خاص في هذه القضية لان دعاءهم عند الله مستجاب ولذلك قال ( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) وقال – عليه الصلاة والسلام – (أبغوني ضعفاءكم فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم) . قال شراح الحديث : ضعفاءكم وقوله تنصرون أي على الأعداء بضعفائكم أي بسببهم وببركة دعاءكم .
وكان النبي – صلى الله عليه واله وسلم – كان يمر على آل ياسر ولا يستطيع أن ينصرهم بنفسه ويده ولا أن يزيح عنهم العذاب فلا اقل من كلام المواساة والتثبيت والتصبير ، هذا الذي يسمونه دعما معنويا . يمر على آل ياسر وهم يعذبون فلا يملك إلا أن يقول لهم ( صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) .
وهكذا نرى أن الدعم المعنوي لم ينقطع حتى في فترة الاستضعاف حتى عندما لم يكن النبي – صلى الله واله وسلم – يستطيع أن يفعل بيده شيئا لهؤلاء لكنه كان يدعو لهم وكان يقول من العبارات والحمل التثبيتية لهؤلاء ما يثبت به نفوسهم على الحق ويصبرهم وهم تحت وطأة هذا التعذيب الشديد والمسلمون في حال العجز غير معفون أبدا من أعداد العدة لأن الله أمر بإعدادها إرهابا لأعداء الله ، فقال ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم) .
اللهم إنا نسألك النصر لأهل الإسلام يا رب العالمين
اللهم ثبت أقدام المجاهدين وانصرهم على القوم المجرمين
اللهم إنا نسألك الفرج العاجل لإخواننا المحاصرين
اللهم فرج هم المهمومين وفك اسر المأسورين ونفس كربه المحصورين يا ارحم الراحمين
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .
وأوسعوا لإخوانكم يوسع الله لكم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي قدر فهدى واشهد أن لا اله إلا الله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وكل شيء عنده بحكمة ولحكمة وهو الكبير المتعالي. واشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى ذريته وأزواجه والآل ، اشهد انه رسول الله حقا والداعي إلى سبيله صدقا صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
عباد الله
لا شك أن الأمور تمور مورانا وتضطرب اضطرابا ولا شك أن ما يقع بالمسلمين اليوم من الفضائع يدمي قلوب المخلصين ويجعل اكفهم ترتفع بالدعاء لإخوانهم وهم يرون العدو المجرم الذي يتولى ويسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل من الزروع والثمار والمواشي بعد إهلاك نفوس البشر وإيقاع الجراح بهم والمآسي وتخريب البيوت إن خطى اليهود وأهل الصليب اليوم في حرب أهل الإسلام تتوالى وان لذلك آثارا ستكون عظيمة إن شاء الله في نفوس المسلمين لأجل الاستعداد لملاقاة هؤلاء العدو وان إيقاظ الأمة الذي يحدث اليوم بحماقات الكفار أشياء قدرية من قدر الله العظيم .إنها أمور من حكمة الله البالغة التي يجريها – سبحانه وتعالى – ليوقظ هذه الأمة من سباتها بعد نوم طويل وتلتفت لترى كيف تنصر هذا الدين.
إن هذه الفظائع والجرائم والقتل والجراحات والهدم والتصفيات .إن هذه لتفضح فعل هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم جاؤوا لنشر الحريات، ونشر الديموقراطية. وها هم يوسعون الآن هذه الحرية بالقنابل العنقودية على رؤوس المدنيين وهذه طائراتهم تدك وتفتك بالمؤمنين المحاصرين ولا توفر حتى دور العبادة بل إنهم يركزون على المساجد قصفا وهدما وتدميرا واحتلالا .
فهم يعلمون قيمتها ومكانتها في النفوس وما يكون من دورها في مثل أحوال الشدائد هذه . إن هؤلاء المجرمين الذين يمنعون حتى الدم والمواد الطبية والأغذية من هؤلاء والذين جمعوها لإخوانهم .
إن الذين يتشدقون بالحرية والديموقراطية وأنهم قد جاؤوا لمصلحة الناس. لقد فضحهم هذه الأفعال الشنيعة التي قاموا بها . وان جثث الأطفال والنساء والشيوخ الذين ازدحمت بهم ساحة المستشفى وهذه الجثث التي لا يستطيع حتى القائمون على دفنها الوصول إلى المقبرة لدفنها ، حتى تنادوا بالذهاب بها إلى ملعب المدينة لدفنها . لتوضح هذا الحقد الصليبي الذي طالما سعوا إلى سترى بقنواتهم وإعلامهم وضجيجهم وادعاءاتهم وكلماتهم وتصريحاتهم ليكذبهم الله – عز وجل – على رؤوس الأشهاد وليعلم من لا يعلم حتى من الكفار ما هي هذه الحقيقة وحجم هذا الإجرام الذي يمارسه هؤلاء .
إن هذه القضية الخطيرة الكبيرة العظيمة التي حلت بأهل عاصمة السلام وعاصمة الخلافة وما حولها لتدل فعلا على مدى هذا الحقد الصليبي الذي يتعاون معه هؤلاء اليهود ولا يزال إخواننا يكتوون بنارهم وتثبت المواقف أن أبناء الإسلام الصادقين هم اقرب الناس على وجه الأرض لفدية هذا الدين وأنهم أشجع الناس وأرجل الناس وأقوى الناس أفئدة . إن أقواما قد عمر الإيمان قلوبهم عندما يصمدون هذا الصمود العجيب المذهل لعام هذه القوة العاتية ويوقعون بما هذه الخسائر الكبيرة . انه فعلا يدل على إن هذا الدين هو الوحيد الذي يؤجج والذي يثبت والذي يقوي والذي يدفع إلى مثل هذا الصمود ومثل هذه البطولات . إن هذه المحكات لتظهر الحقائق وتبين فعلا اثر الإسلام على النفوس عندما تتقدم للاستشهاد في سبيل الله والطعن في أعداء الله .
لي أخوة كالنار في الفلوجة
فلو السيوف وخيلهم مسروجة
عشقوا الحياة عزيزة فإذا هوت
عافوا الحياة ذليلة ممزوجة
فرسان عز والجهاد عوارها
بنفوسهم ذهابة موهوجة
ينفون عن نار الهوان بضربة
تذهل العدو وتستثير شجيجا
يتنافسون الضرب في ساح الوغى
فرحا إذا أعلا السلاح أو ضجيجا
لا يجزعون إذا المنية قد دهت
وقضاء رب الموت حاك نسيجا
فالقتل في عرف العدو خسارة
وبعرفنا فشهادة محجوجة
عباد الله
إن هذه الأوضاع العجيبة التي تدفع المسلمين للتفكير مليا في سبيل الخروج من هذا المأزق ومن هذه الورطات والأوضاع المزرية إنها لتدفع إلى مزيد من التمسك بالدين والعودة إلى الله والتوبة إلى الرحمن الرحيم وهجر المعاصي وترك الموبقات والأعراض عن الكبائر إلى هجر الخمور والفواحش والإقبال على المساجد والقنوت لرب العالمين .
ابلغ علوج كفريكا وسادتها
إنا غدونا بلا حام ومعتصم
عشائر الكفر حطت في مضاربنا
ولم نحرك سرايانا ولم نقم
هكذا لسان حال إخواننا المسلمين الصامدين في هذه الأيام .
عباد الله
فلا اقل من أن تلهج السن المسلمين بنصرة هؤلاء وطلب ذلك من رب العالمين . وان يخزي الله أعداء المسلمين وان نسعى لنصرتهم بكل سبيل ممكن من مال أو دعم نفسي معنوي إعلامي ونحو ذلك من أنواع العون التي سبق ذكرها في هذه النصوص الشرعية الدالة على وجوب القيام بحق إخواننا .
اللهم عليك بأعداء الدين
اللهم عليك باليهود والصليبيين
اللهم عليك بجيش هؤلاء الحاقدين
اللهم عليك بدولتهم يا رب العالمين
اللهم اخسف بهم جانب البر وأرسل عليهم حاصبا من السماء وائتهم بعذاب اليم
اللهم مزقهم كل ممزق والعنهم لعنا كبيرا
اللهم دمروا بيوتك فدمر بيوتهم وقتلوا عبادك فاحصهم عددا واقتلهم بددا
اللهم خالف بين كلمتهم ، والق الرعب في قلوبهم
اللهم شتت نفوسهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم
لك الحكمة البالغة تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد اجعل تدبيرهم هذا تدميرا لهم وادر دائرة السوء عليهم وانزل بهم باسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين
اللهم مجري السحاب ومنزل الكتاب وهازم الأحزاب اهزمهم وزلزلهم وانصر المسلمين عليهم
اللهم إنا نسألك الرحمة لإخواننا اللهم ارحم قتلاهم وثبت أقدام الأتقياء منهم وانصرهم على القوم المشركين .
اللهم امدد إخواننا بمدد من عندك
اللهم سدد رميهم ووحد صفهم واربط على قلوبهم بالإيمان واليقين يا رب العالمين
اللهم فرج هم المهمومين وفك اسر المأسورين وفرج عن المحصورين انك أنت ارحم الراحمين
اللهم إنا نسألك العون لإخواننا
اللهم هؤلاء المجرمون قد طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم سوط عذاب وخلص بلاد المسلمين منهم
اللهم خلصها من نجسهم وشركهم وطغيانهم وعتوهم يا جبار انك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .