abin shail
03-11-2004, 08:12
خطبة مفرغة((رمضان توبة وإنابة)) للشيخ سلطان العيد حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خطبة مفرغة (( رمضان توبة وإنابة )) للشيخ سلطان العيد حفظه الله
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)آل عمران 102. ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) النساء :1. ( يا أيها الذي آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) الأحزاب : 70-71. أما بعدُ([1]) : فإنَّ أحسنَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
فإ ن الله حكيم عليم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه وهو القوي العزيز, فضل الأيام والليالي والشهور على بعض, فجعل ليلة القدر خير من ألف شهر, وأقسم بذي العشر"عشر ذي الحجة", وجعل صوم عرفة مكفرة للذنوب والخطيئات ومامن هذه المواسم الفاضلة وموسم إلا ولله فيه نفحات يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته, والسعيد من إغتنم الشهور والأيام والساعات وتعرض لنفحات الله جل وعلا, خرج الطبراني وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه(( ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أطلبوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات ربكم فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من عباده )) قال مالك بن دينار: كان عيسى عليه السلام يقول: إن الليل والنهار خزانتان فأنظروا ما تضعوا فيها, وكان عمر بن ذر يقول: اعملوا رحمكم الله في هذا الليل وسواده فإن المغبون من غبن خير الليل والنهار والمحروم من حرم خيرهما فأحيوا أنفسكم بذكر الله, وإنما تحيا القلوب بذكر الله عزوجل
عباد الله من عرف الجنة ونعيمها رغب فيها وزهد في الدنيا ومتاعها الزائل
عباد الله هلموا إلى دار لا يموت سكانها ولا يخرب بنيانها ولا يهرم شبابها ولا يتغير حسنها, هوائها النسيم وماؤها التسنيم, يتقلب أهلها في رحمة أرحم الراحمين, ويتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم دعواهم سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمدلله رب العالمين
ياأمة محمد صلى الله عليه وسلم, ياعباد الله أبشروا برحمة الله وفضله وجوده وإحسانه ها هو شهر رمضان قد أقبل, شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران, ذكر أبوبكر ابن أبا مريم عن أشياخه أنهم كانوا يقولون: إذا حضر رمضان فابسطوا فيه بالنفقة إن النفقة فيه مضاعفة, قال الحافظ ابن رجب غفر الله له: الصائم في ليله ونهاره في عباده ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره, فهو في صيامه صائم صابر, وفي ليله طاعم شاكر,( قل بفضل الله ورحمته فليفرحوا فهو خير مما يجمعون ), في رمضان تقبل القلوب إلى بارئها جل وعلا, وفي الصيام تذل النفوس إلى ربها وتسهل عليها الطاعات والقربات, كان بعض السلف صائم فوضع فطوره بين يديه فسمع سائل يقول من يقرض المري الوفي الغني جل جلاله فقال ذاك الصائم: أنا أنا العبد المعدم من الحسنات فقام فأخذ الإناء, فخرج به إلى السائل وبات وهو جائعا, سلام من الله ورحمات على تلك النفوس المؤمنة المخبته.
الصيام يشفع عند ربه فيقول: يارب منعته عن شهواته فشفعني فيه, وهذا لمن حفظ صومه وخاف ربه, وأما من ضيع صومه وام يمنعه مما حرمه الله عليه, فجدير أن يضرب به وجه صاحبه ويقول له: ضيعك الله كما ضيعتني.
أبشروا معاشر المؤمنين المخبتين فهذه أبواب الجنة الثمانية في هذا الشهر لأجلكم قد فتحت ونسماتها على قلوب المؤمنين قد نفحت, وأبواب الجحيم كلها لأجلكم مغلقة, وأقدام أبليس وذريته من أجلكم موثقة, في هذا الشهر يفك الله من أسره أبليس, قال الحسن البصري غفر الله له: قال أبليس: أهلكت أمة محمد بالمعاصي فقطعوا ظهري بالإستغفار فأنيبوا إلى ربكم واستغفروا.
عباد الله استقبلوا هذا الشهر بالتوبة والندم والإنكسار والأستغفار حاسبوا أنفسكم وتفكروا في حالكم ومآلكم, اكثروا من ذكر هاذم الذات الموت, كان السلف يجتهدون في إتمام العمل وإتقانه, ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله يخافون أن يرد هؤلاء هم الذين يأتون ما آتوا وقلوبهم وجله, قال علي رضي الله عنه: كونوا لقبول العمل أشد اهتمامآ من منكم بالعمل, ألم تسمعوا قول الله عزوجل(( إنما يتقبل الله من المتقين )), قال عبدالعزيز بن أبي داود: أدركتهم يجتهدون بالعمل الصالح, إذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا.
ياأرباب الذنوب العظيمة التوبة التوبة في هذه الأيام الكريمة, فما من واعظ ولا لها من قيمة من يعتق فيها من النار فقد فاز فوزآ عظيما,. ينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من نار جهنم بأن ياتي بأسباب توجب العتق من النيران, وهي ميسرة في هذا الشهر ولله الحمد والمنه, وفيها التوبة والإستغفار, قال الحسن البصري: اكثروا من الإستغفار فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة, وقال لقمان لإبنه: يابني عود لسانك بالإستغفار فإن لله ساعات لا يرد فيه سائل, قال عمر بن عبدالعزيز: قولوا كما قال أبوكم آدم:(( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )), وقولوا كما قال نوح عليه السلام:(( وإن لاتغفرلي وترحمني أكن من الخاسرين )), وقولوا كما قال موسى: (( ربي إني ظلمت نفسي فاغفرلي )), وقولوا كما قال ذو نون: (( سبحانك إني كنت من الظالمين )).
كان بعض السلف إذا صلى صلاة كان يستغفر من تقصير فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه.
عباد الله انفع الإستغفار ما قارنته التوبة, فمن استغفر بلسانه وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد هذا الشهر المبارك, فصومه عليه مردود وباب التوبة عنه مسدود إلا أن يشاء ربي شيئا, قال كعب: من صام رمضان وهو يحدث نفسه أن فرغ من رمضان أنه لا يعود إلى العصيان دخل الجنة بغير مسألة.
عباد الله لا تتعلق قلوبكم بشئ من المعاصي واعلموا أن من ترك شيئآ لله عوضه خير منه (( أن يعلم الله في قلوبكم خيرآ يؤتكم خيرآ مما أخذ منكم ويغفر لكم )). فواأسفاه في زمان ضاع في غير طاعة الله واحسرتاه على تفريط في جنب الله عزوجل, الله أكبر يقال لأهل الصيام والقيام يوم القيامة(( كلوا واشربوا هنيئآ بما اسلفتم في الأيام الخالية )) طالما تعبت أبدانهم من الجوع والقيام بين يدي الله جل جلاله كفوا جوارحهم عن معصيته, ورتلوا كتابه ترتيلا, واستعدوا لما أمامهم(( كانوا قليلآ من الليل ما يهجعون وبالإسحار هم يستغفرون )), صيام بالنهار وقيام بالليل وتصبر على طاعة الله في أيام قلائل, فإذا هم أمنوا مما كانوا يخافون, وبحور الحسان في خيام اللؤلؤ يتنعمون, كانوا يفرحون بالليل إذا أقبل ليفوزوا بمناجاة الملك العلام, وبالنهار إذا جاء لأن الصيام لله وهو الذي يجزي به وللصائم فرحتان, فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه, ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
فاايها الغافل المفرط ربح القوم وخسرت, وساروا إلى الله مسرعين وماسرت, وقاموا بالأوامر وضيعت ما به أمرت, تذكر قول ربنا عزوجل:(( ياعبادي لا خوف عليكم ولا انتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون يطاف عليهم بصاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وانتم فيه خالدون )), إذا اشتد خوف جميع الخلائق يوم القيامة نودوا بهذه الآية فيرفعوا الناس رؤوسهم فيقوموا الذين آمنوا وكانوا مسلمين, وينكس الكفار رؤوسهم ثم يقال للمؤمنين ادخلوا الجنة انتم وأزواجكم تحبرون. اللهم أجعلنا منهم ياأرحم الراحمين, وعظ كعب عمر بن الخطاب فقال: والذي نفسي بيده أن لجهنم يوم القيامة زفرة ولزفرتها لايبقى ملك مقرب ولانبي مرسل إلا خر جاثيآ على ركبتيه يقول نفسي نفسي لا أملك إلا نفسي.
عباد الله ابشروا وأملوا خيرا, جدوا واجتهدوا في طاعة الله في هذا الشهر الكريم, واعلموا أن ربنا رؤوف رحيم يقبل توبة المذنبين ويعظم الأجر للمحسنين, يفرح بتوبة عبده إذا أناب إليه, سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة, البشائر في هذا الموسم العظيم كثيرة.
فابشروا عباد الله بمغفرة الذنوب إن من صام رمضان إيمانآ واحتسابآ غفر له ماتقدم من ذنبه, أبشروا العتق من النيران فإن لله عتقاء من النار في رمضان, فنسأله أن يعتق رقابنا من النيران, أبشروا بالأجر العظيم من الرب الكريم, فإن القيام من الصبر والله عزوجل يقول:(( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )), أبشروا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (( من ختم له بصيام يوم دخل الجنة )) ابشروا بففضل وأجر القيام في رمضان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( من قام رمضان إيمانآ واحتسابآ غفر له ما تقدم من ذنبه )) وابشروا بليلة خير من ألف شهر, يقول الخليل المصطفى صلى الله عليه وسلم:(( من قام ليلة القدر إيمانآ واحتسابآ غفر له ماتقدم من ذنبه )) ابشروا من فطر صائمآ فله مثل أجره وعمرة في رمضان تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأملوا خيرآ واجتهدوا في طاعة الله عزوجل (( وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له )) واغتنموا الليل والنهار قبل حلول الأجل ومفارقة دار العمل (( وانفقوا مما رزقناقكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فاصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسآ إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون )) ومع هذا الفضل العظيم من الكريم المنان فليحذر العبد من أن يكون المبعدين المطرودين عن رحمة الله في ذلك الشهر الكريم, أناس جل بهم سخط ربنا جل وعلا, ألم تسمعوا قول رسول الله صلى عليه وسلم:(( رغم أنف رجلآ أدرك رمضان ولم يغفر له )) آها أنت في شهر رمضان ماتبت ولا أنبت, ولا ندمت ولا استغفرت ولا تعرضت لنفحات الله جل وعلا, ذنوبك هي هي بل قد زادت في شهر العتق من النيران , فإين الحياء والخوف من الله عند ذاك الذي يسمع ماحرمه ربه عليه في شهر رمضان إو يطلق بصره في اللذات المستقذرة أو يلبس ويبيع الحرام في شهر رمضان, أقوام لا خافت ولا وجلة قلوبهم يمني أحدهم نفسه بالعصيان بعد انقضاء رمضان, يصوم أحدهم عما أحل الله من المآكل والمشارب ثم يقدم على حرمات الله فأي تناقض هذا!! والله ماشرع الصيام إلا لحكم عظيمة منها ما ذكره الله عزوجل:(( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ))
اعلموا أخيه أنك ميت وتنتقل من هذه الدنيا الفانية إلى حفرة موحشة لا ينجيك من أهوائها إلا(رحمة الله) والعمل الصالح والإقبال على طاعة الله جل وعلا, أترضى أن تكون من جثاة جهنم من قال الله فيهم(( تلفحوا وجوههم النار وهم فيها كالحون )) أترضى أن تكون جبارآ عنيدآ مبازرآ لله بالعصيان (( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يصيغه وياتيه الموت من كل مكان وماهو بميت ومن ورائه عذاب غليظ )) أن كنت لا ترضى وهذا الظن بك لا تمكن الهوى ولا تمكن عدو الله أبليس من نفسك وحاسب نفسك وتخيل موقف بين يدي الله جل وعلا وحيدآ فريدآ عريانآ حافيآ فتنظر عن يمينك فلا ترى إلا ماقدمت وتنظر أشئم فلا ترى إلا ما قدمت وتنظر بين يديك فإذا جهنم تحطم بعضها بعضا وفي هذه اللحظات المفزعة, طرق سمعك صوت الجبار جل جلاله, وسألك عما قدمت يداك (( يومئذ يتذكر الإنسانوانى له الذكرى يقول ياليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد )) فإلى متى الغفلة إلى متى إلى أن يحضر الأجل وعندها تقول (( ربي ارجعون لعلي اعمل صالحآ فيما تركت )) في هذه اللحظة لا تقبل التوبة وأنى لك الأوبه (( أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير ))
فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن باب التوبة مفتوح من تاب, تاب الله عليه وقربه, ومن تبع هواه فلا يلومن إلا نفسه يقول الله جل وعلا: (( ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى وكنمت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ))
فحيا على جنات عدن فإيها منازلنا وفيها المخيم وحيا على السوق الذي فيه يلتقوا المحبون ذاك السوق لقوم يعلموا فالله مافي حشوها من مسرة وأصناف لذات فيها يتنعموا ولله أفراح المحبين عندما يخاطبهم من فوقهم ويسلموا ولله أبصار ترى الله جهرتآ ترى الضيم يخشاها ولا هي تساموا فصم ليومك الأدنى لعلك في غدآ تفوز بعيد الفطر والناس صوم وإن ضاقت عليك الدنيا باسرها ولم يكن فيها منزل لك يعلموا فحيا على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم
وكان أبوذر رضي الله عنه يقول: أيها الناس أني لكم ناصح وأني عليكم شفيق صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور وصوموا في الدنيا لحشر يوم النشور, تصدقوا مخافة يوم العسير ),,,,,, وكان الأسود بن يزيد يكثر الصوم حتى ذهبت أحدى عينيه من ذلك, فإذا قيل له لما تعذب جسدك كان يقول إنما أريد راحته, ,,,,, لما حضر الموت عامر بن عبدقيس جعل يبكي فقيل مايبكيك قال ماأبكي جزع من الموت ولا حرصآ على الدنيا ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وعلى قيام الليل في الشتاء,,,,,, وحضرت الوفاة أحد الصالحين فجزع جزعآ شديدآ وبكى بكاء شديدآ, فقيل له في ذلك فقال: ماابكي إلا على أن يصوم الصائمين لله ولست فيهم, ويصلي المصلون لله ولست فيهم , ويذكره الذاكرون ولست فيهم فذالك الذي أبكاني, ,,,,,,, ودعا قوم رجل إلى طعام فقال إني صائم فقالوا: أفطر اليوم وصم غدا فقال: من يضمن لي أن أدرك غدا,,,,,,,, كان علي رضي الله عنه يقول ألا أن الصيام ليس من الطعام والشراب ولكن من الكذب واللغو الباطل, ,,,,, وقال جابر بن عبدالله: ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك من الكذب والمحارم, ودعا ذى الخادم وليكن عليك وقار سكينة يوم صيامك ,,,,,, ولقد روي الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر)),,,,,, خرجه البخاري من حديث أبوهريرة رضي الله عنه مرفوعآ(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )),,,,
معاشر المؤمنين يستحب للصائم الإكثار من العبادات في هذا الشهر الكريم, فإنه موسم فاضل, ,,, قال ابن القيم غفر الله له: ( وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات, فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان, وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخيل المرسلة, وكان أجود الناس وأجود مايكون في رمضان يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والإعتكاف, صلوات الله عليه وسلامه عليه ماتعاقب الليل والنهار,,,,, اللهم نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل, ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمدلله رب العالمين ولا عدوان إلا على الضالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين أما بعد:
لقد جاءت النصون في فضل الصيام وعظم أجر أهله فمن ذلك,,,, أن الله خص الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم, ولقد خرج الشيخان في صحيحهما من حديث سهل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أن في الجنة باب يقال له الريان يدخل فيه الصائمون يوم القيامة, لايدخل منه أحد غيرهم, يقال أين الصائمون فيقومون فلا يدخله أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)),,,,, وزاد النسلئي في آخره (( ومن دخل فيه شرب ومن شرب لم يضمأ أبدا )),,,, ومن فضائل أن الصوم جنة من الشهوات لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(( من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )) متفق عليه,,,, ومنها أن الصوم جنة من النار لقوله صلى الله عليه وسلم: (( قال ربنا عزوجل الصيام جنة يستجن بها العبد من النار وهو لي وانا أجزي به ))قال المنذري رواه أحمد بإسناد حسن ,,,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( من صام يومآ في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفآ )) خرجاه في الصحيحين,,,,, ومنها أن الصوم سبيل إلى الجنة لحديث جابر رضي الله عنه:(( أن رجلآ سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك أأدخل الجنة, قال: نعم, فقال فوالله لا أزد على ذلك شيئآ )) خرجه مسلم,,,, ومنها أن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( الصيام والقرآن يشفعان عن العبد يوم القيامة , يقول الصيام أي ربي منعته الطعام والشهوات في النهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان )) خرجه الإمام أحمد,,,,,,, ومنها أن أجر الصائم بغير حساب وخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك لقوله صلى الله عليه وسلم: (( قال الله عزوجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخط فإن سابه أحد أو قاتله فليقل أني أمرئ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما, إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه )) متفق عليه,,,, ومنها أن الصوم كفارة للذنوب لقوله صلى الله عليه وسلم: (( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره يكفرها الصلاة والصيام والصدقة )) متفق عليه,,,, وفي صحيح مسلم مرفوعآ:(( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)),,,, فالله الحمد والمنة.
أما شهر رمضان فله فضائل كثيرة ولله الحمد,,,, منها أنه شهر القرآن فإنه أنزل فيه كما قال ربنا جل وعلا:(( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )),,,,, ومنه فتح أبواب الجنان وغلق أبواب النيران وتصفيد الشياطين كل ذلك في هذا الشهر المبارك, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء وفي رواية(فتحت أبواب الجنة) وفي أخرى(أبواب الرحمة) وغلقت أبواب جهنم وسلسلة الشياطين )) خرجه الإمام مسلم,,,,,, وعند الترمذي وينادي منادي ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر )) ,,,,, ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة,,,, ومنها أن فيه هي ليلة خير من ألف شهر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( أتاكم شهر رمضان مبارك, فرض الله عليكم صيامه, تفتح أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين, فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها قد حرم )) خرجه الإمام أحمد في مسندة,,,,,, ومنها غفران الذنوب لقوله صلى الله عليه وسلم:(( من صام رمضان إيمانآ واحتسابآ غفر له ما تقدم من ذنبه )) متفق عليه,,,,,, وقال صلى الله عليه وسلم:(( رغم أنف رجل ذكرت عنده ولم يصلي علي, ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم إنسلخ قبل أن يغفر له )) خرجه الإمام الترمذي,,,,,, ومن فضائله العتق من النيران أجارنا الله منها لقوله صلى الله عليه وسلم:(( إن الله عند كل فطر عتقاء, وذلك في كل ليلة )) رواه ابن ماجه,,,,,,,
ياأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن من الذنوب العظام الفطر في رمضان بدون عذر فإنه من كبائر الذنوب وصاحبه متوعد بالعذاب الأليم قال أبو أمامه رضي الله عنه:( سمعت رسول الله عليه وسلم يقول:(( بينما أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي(أي عضدي) فأتا بي جبل وعر فقالا إصعد حتى إذا كنت في سواء الجبل فإذا بي بصوت شديد فقلت: ماهذه الأصوات قالوا هذا عواء أهل النار ثم انطلقا بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مششقت اشداقهم(الشدق جانب الفم) تسيل اشداقهم دمآ قلت من هؤلاء قيل هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلت صومهم )) رواه النسائي في الكبرى والحاكم وهو في الصحيح المسند للعلامة مقبل الوادعي.
اللهم ياحي ياقيوم ياذي الجلال والإكرام, اللهم إنا نسألك بأنك أنته الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوآ أحد,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا,,, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار,,,, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمنآ وسائر بلاد المسلمين,,,, اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا واجعل ولا يتنا فيما خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين,,,, ربنا اغفر لنا ولوالدينا يوم يقوم الحساب,,, ربنا اغفر لنا ولإخوانا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا,,,, ربنا إنك رؤوف رحيم,,,, اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مع تحيات / ابن شعيل
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خطبة مفرغة (( رمضان توبة وإنابة )) للشيخ سلطان العيد حفظه الله
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)آل عمران 102. ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) النساء :1. ( يا أيها الذي آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) الأحزاب : 70-71. أما بعدُ([1]) : فإنَّ أحسنَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
فإ ن الله حكيم عليم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه وهو القوي العزيز, فضل الأيام والليالي والشهور على بعض, فجعل ليلة القدر خير من ألف شهر, وأقسم بذي العشر"عشر ذي الحجة", وجعل صوم عرفة مكفرة للذنوب والخطيئات ومامن هذه المواسم الفاضلة وموسم إلا ولله فيه نفحات يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته, والسعيد من إغتنم الشهور والأيام والساعات وتعرض لنفحات الله جل وعلا, خرج الطبراني وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه(( ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أطلبوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات ربكم فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من عباده )) قال مالك بن دينار: كان عيسى عليه السلام يقول: إن الليل والنهار خزانتان فأنظروا ما تضعوا فيها, وكان عمر بن ذر يقول: اعملوا رحمكم الله في هذا الليل وسواده فإن المغبون من غبن خير الليل والنهار والمحروم من حرم خيرهما فأحيوا أنفسكم بذكر الله, وإنما تحيا القلوب بذكر الله عزوجل
عباد الله من عرف الجنة ونعيمها رغب فيها وزهد في الدنيا ومتاعها الزائل
عباد الله هلموا إلى دار لا يموت سكانها ولا يخرب بنيانها ولا يهرم شبابها ولا يتغير حسنها, هوائها النسيم وماؤها التسنيم, يتقلب أهلها في رحمة أرحم الراحمين, ويتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم دعواهم سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمدلله رب العالمين
ياأمة محمد صلى الله عليه وسلم, ياعباد الله أبشروا برحمة الله وفضله وجوده وإحسانه ها هو شهر رمضان قد أقبل, شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران, ذكر أبوبكر ابن أبا مريم عن أشياخه أنهم كانوا يقولون: إذا حضر رمضان فابسطوا فيه بالنفقة إن النفقة فيه مضاعفة, قال الحافظ ابن رجب غفر الله له: الصائم في ليله ونهاره في عباده ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره, فهو في صيامه صائم صابر, وفي ليله طاعم شاكر,( قل بفضل الله ورحمته فليفرحوا فهو خير مما يجمعون ), في رمضان تقبل القلوب إلى بارئها جل وعلا, وفي الصيام تذل النفوس إلى ربها وتسهل عليها الطاعات والقربات, كان بعض السلف صائم فوضع فطوره بين يديه فسمع سائل يقول من يقرض المري الوفي الغني جل جلاله فقال ذاك الصائم: أنا أنا العبد المعدم من الحسنات فقام فأخذ الإناء, فخرج به إلى السائل وبات وهو جائعا, سلام من الله ورحمات على تلك النفوس المؤمنة المخبته.
الصيام يشفع عند ربه فيقول: يارب منعته عن شهواته فشفعني فيه, وهذا لمن حفظ صومه وخاف ربه, وأما من ضيع صومه وام يمنعه مما حرمه الله عليه, فجدير أن يضرب به وجه صاحبه ويقول له: ضيعك الله كما ضيعتني.
أبشروا معاشر المؤمنين المخبتين فهذه أبواب الجنة الثمانية في هذا الشهر لأجلكم قد فتحت ونسماتها على قلوب المؤمنين قد نفحت, وأبواب الجحيم كلها لأجلكم مغلقة, وأقدام أبليس وذريته من أجلكم موثقة, في هذا الشهر يفك الله من أسره أبليس, قال الحسن البصري غفر الله له: قال أبليس: أهلكت أمة محمد بالمعاصي فقطعوا ظهري بالإستغفار فأنيبوا إلى ربكم واستغفروا.
عباد الله استقبلوا هذا الشهر بالتوبة والندم والإنكسار والأستغفار حاسبوا أنفسكم وتفكروا في حالكم ومآلكم, اكثروا من ذكر هاذم الذات الموت, كان السلف يجتهدون في إتمام العمل وإتقانه, ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله يخافون أن يرد هؤلاء هم الذين يأتون ما آتوا وقلوبهم وجله, قال علي رضي الله عنه: كونوا لقبول العمل أشد اهتمامآ من منكم بالعمل, ألم تسمعوا قول الله عزوجل(( إنما يتقبل الله من المتقين )), قال عبدالعزيز بن أبي داود: أدركتهم يجتهدون بالعمل الصالح, إذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا.
ياأرباب الذنوب العظيمة التوبة التوبة في هذه الأيام الكريمة, فما من واعظ ولا لها من قيمة من يعتق فيها من النار فقد فاز فوزآ عظيما,. ينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من نار جهنم بأن ياتي بأسباب توجب العتق من النيران, وهي ميسرة في هذا الشهر ولله الحمد والمنه, وفيها التوبة والإستغفار, قال الحسن البصري: اكثروا من الإستغفار فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة, وقال لقمان لإبنه: يابني عود لسانك بالإستغفار فإن لله ساعات لا يرد فيه سائل, قال عمر بن عبدالعزيز: قولوا كما قال أبوكم آدم:(( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )), وقولوا كما قال نوح عليه السلام:(( وإن لاتغفرلي وترحمني أكن من الخاسرين )), وقولوا كما قال موسى: (( ربي إني ظلمت نفسي فاغفرلي )), وقولوا كما قال ذو نون: (( سبحانك إني كنت من الظالمين )).
كان بعض السلف إذا صلى صلاة كان يستغفر من تقصير فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه.
عباد الله انفع الإستغفار ما قارنته التوبة, فمن استغفر بلسانه وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد هذا الشهر المبارك, فصومه عليه مردود وباب التوبة عنه مسدود إلا أن يشاء ربي شيئا, قال كعب: من صام رمضان وهو يحدث نفسه أن فرغ من رمضان أنه لا يعود إلى العصيان دخل الجنة بغير مسألة.
عباد الله لا تتعلق قلوبكم بشئ من المعاصي واعلموا أن من ترك شيئآ لله عوضه خير منه (( أن يعلم الله في قلوبكم خيرآ يؤتكم خيرآ مما أخذ منكم ويغفر لكم )). فواأسفاه في زمان ضاع في غير طاعة الله واحسرتاه على تفريط في جنب الله عزوجل, الله أكبر يقال لأهل الصيام والقيام يوم القيامة(( كلوا واشربوا هنيئآ بما اسلفتم في الأيام الخالية )) طالما تعبت أبدانهم من الجوع والقيام بين يدي الله جل جلاله كفوا جوارحهم عن معصيته, ورتلوا كتابه ترتيلا, واستعدوا لما أمامهم(( كانوا قليلآ من الليل ما يهجعون وبالإسحار هم يستغفرون )), صيام بالنهار وقيام بالليل وتصبر على طاعة الله في أيام قلائل, فإذا هم أمنوا مما كانوا يخافون, وبحور الحسان في خيام اللؤلؤ يتنعمون, كانوا يفرحون بالليل إذا أقبل ليفوزوا بمناجاة الملك العلام, وبالنهار إذا جاء لأن الصيام لله وهو الذي يجزي به وللصائم فرحتان, فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه, ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
فاايها الغافل المفرط ربح القوم وخسرت, وساروا إلى الله مسرعين وماسرت, وقاموا بالأوامر وضيعت ما به أمرت, تذكر قول ربنا عزوجل:(( ياعبادي لا خوف عليكم ولا انتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون يطاف عليهم بصاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وانتم فيه خالدون )), إذا اشتد خوف جميع الخلائق يوم القيامة نودوا بهذه الآية فيرفعوا الناس رؤوسهم فيقوموا الذين آمنوا وكانوا مسلمين, وينكس الكفار رؤوسهم ثم يقال للمؤمنين ادخلوا الجنة انتم وأزواجكم تحبرون. اللهم أجعلنا منهم ياأرحم الراحمين, وعظ كعب عمر بن الخطاب فقال: والذي نفسي بيده أن لجهنم يوم القيامة زفرة ولزفرتها لايبقى ملك مقرب ولانبي مرسل إلا خر جاثيآ على ركبتيه يقول نفسي نفسي لا أملك إلا نفسي.
عباد الله ابشروا وأملوا خيرا, جدوا واجتهدوا في طاعة الله في هذا الشهر الكريم, واعلموا أن ربنا رؤوف رحيم يقبل توبة المذنبين ويعظم الأجر للمحسنين, يفرح بتوبة عبده إذا أناب إليه, سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة, البشائر في هذا الموسم العظيم كثيرة.
فابشروا عباد الله بمغفرة الذنوب إن من صام رمضان إيمانآ واحتسابآ غفر له ماتقدم من ذنبه, أبشروا العتق من النيران فإن لله عتقاء من النار في رمضان, فنسأله أن يعتق رقابنا من النيران, أبشروا بالأجر العظيم من الرب الكريم, فإن القيام من الصبر والله عزوجل يقول:(( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )), أبشروا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (( من ختم له بصيام يوم دخل الجنة )) ابشروا بففضل وأجر القيام في رمضان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( من قام رمضان إيمانآ واحتسابآ غفر له ما تقدم من ذنبه )) وابشروا بليلة خير من ألف شهر, يقول الخليل المصطفى صلى الله عليه وسلم:(( من قام ليلة القدر إيمانآ واحتسابآ غفر له ماتقدم من ذنبه )) ابشروا من فطر صائمآ فله مثل أجره وعمرة في رمضان تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأملوا خيرآ واجتهدوا في طاعة الله عزوجل (( وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له )) واغتنموا الليل والنهار قبل حلول الأجل ومفارقة دار العمل (( وانفقوا مما رزقناقكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فاصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسآ إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون )) ومع هذا الفضل العظيم من الكريم المنان فليحذر العبد من أن يكون المبعدين المطرودين عن رحمة الله في ذلك الشهر الكريم, أناس جل بهم سخط ربنا جل وعلا, ألم تسمعوا قول رسول الله صلى عليه وسلم:(( رغم أنف رجلآ أدرك رمضان ولم يغفر له )) آها أنت في شهر رمضان ماتبت ولا أنبت, ولا ندمت ولا استغفرت ولا تعرضت لنفحات الله جل وعلا, ذنوبك هي هي بل قد زادت في شهر العتق من النيران , فإين الحياء والخوف من الله عند ذاك الذي يسمع ماحرمه ربه عليه في شهر رمضان إو يطلق بصره في اللذات المستقذرة أو يلبس ويبيع الحرام في شهر رمضان, أقوام لا خافت ولا وجلة قلوبهم يمني أحدهم نفسه بالعصيان بعد انقضاء رمضان, يصوم أحدهم عما أحل الله من المآكل والمشارب ثم يقدم على حرمات الله فأي تناقض هذا!! والله ماشرع الصيام إلا لحكم عظيمة منها ما ذكره الله عزوجل:(( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ))
اعلموا أخيه أنك ميت وتنتقل من هذه الدنيا الفانية إلى حفرة موحشة لا ينجيك من أهوائها إلا(رحمة الله) والعمل الصالح والإقبال على طاعة الله جل وعلا, أترضى أن تكون من جثاة جهنم من قال الله فيهم(( تلفحوا وجوههم النار وهم فيها كالحون )) أترضى أن تكون جبارآ عنيدآ مبازرآ لله بالعصيان (( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يصيغه وياتيه الموت من كل مكان وماهو بميت ومن ورائه عذاب غليظ )) أن كنت لا ترضى وهذا الظن بك لا تمكن الهوى ولا تمكن عدو الله أبليس من نفسك وحاسب نفسك وتخيل موقف بين يدي الله جل وعلا وحيدآ فريدآ عريانآ حافيآ فتنظر عن يمينك فلا ترى إلا ماقدمت وتنظر أشئم فلا ترى إلا ما قدمت وتنظر بين يديك فإذا جهنم تحطم بعضها بعضا وفي هذه اللحظات المفزعة, طرق سمعك صوت الجبار جل جلاله, وسألك عما قدمت يداك (( يومئذ يتذكر الإنسانوانى له الذكرى يقول ياليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد )) فإلى متى الغفلة إلى متى إلى أن يحضر الأجل وعندها تقول (( ربي ارجعون لعلي اعمل صالحآ فيما تركت )) في هذه اللحظة لا تقبل التوبة وأنى لك الأوبه (( أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير ))
فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن باب التوبة مفتوح من تاب, تاب الله عليه وقربه, ومن تبع هواه فلا يلومن إلا نفسه يقول الله جل وعلا: (( ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى وكنمت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ))
فحيا على جنات عدن فإيها منازلنا وفيها المخيم وحيا على السوق الذي فيه يلتقوا المحبون ذاك السوق لقوم يعلموا فالله مافي حشوها من مسرة وأصناف لذات فيها يتنعموا ولله أفراح المحبين عندما يخاطبهم من فوقهم ويسلموا ولله أبصار ترى الله جهرتآ ترى الضيم يخشاها ولا هي تساموا فصم ليومك الأدنى لعلك في غدآ تفوز بعيد الفطر والناس صوم وإن ضاقت عليك الدنيا باسرها ولم يكن فيها منزل لك يعلموا فحيا على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم
وكان أبوذر رضي الله عنه يقول: أيها الناس أني لكم ناصح وأني عليكم شفيق صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور وصوموا في الدنيا لحشر يوم النشور, تصدقوا مخافة يوم العسير ),,,,,, وكان الأسود بن يزيد يكثر الصوم حتى ذهبت أحدى عينيه من ذلك, فإذا قيل له لما تعذب جسدك كان يقول إنما أريد راحته, ,,,,, لما حضر الموت عامر بن عبدقيس جعل يبكي فقيل مايبكيك قال ماأبكي جزع من الموت ولا حرصآ على الدنيا ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وعلى قيام الليل في الشتاء,,,,,, وحضرت الوفاة أحد الصالحين فجزع جزعآ شديدآ وبكى بكاء شديدآ, فقيل له في ذلك فقال: ماابكي إلا على أن يصوم الصائمين لله ولست فيهم, ويصلي المصلون لله ولست فيهم , ويذكره الذاكرون ولست فيهم فذالك الذي أبكاني, ,,,,,,, ودعا قوم رجل إلى طعام فقال إني صائم فقالوا: أفطر اليوم وصم غدا فقال: من يضمن لي أن أدرك غدا,,,,,,,, كان علي رضي الله عنه يقول ألا أن الصيام ليس من الطعام والشراب ولكن من الكذب واللغو الباطل, ,,,,, وقال جابر بن عبدالله: ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك من الكذب والمحارم, ودعا ذى الخادم وليكن عليك وقار سكينة يوم صيامك ,,,,,, ولقد روي الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر)),,,,,, خرجه البخاري من حديث أبوهريرة رضي الله عنه مرفوعآ(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )),,,,
معاشر المؤمنين يستحب للصائم الإكثار من العبادات في هذا الشهر الكريم, فإنه موسم فاضل, ,,, قال ابن القيم غفر الله له: ( وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات, فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان, وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخيل المرسلة, وكان أجود الناس وأجود مايكون في رمضان يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والإعتكاف, صلوات الله عليه وسلامه عليه ماتعاقب الليل والنهار,,,,, اللهم نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل, ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمدلله رب العالمين ولا عدوان إلا على الضالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين أما بعد:
لقد جاءت النصون في فضل الصيام وعظم أجر أهله فمن ذلك,,,, أن الله خص الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم, ولقد خرج الشيخان في صحيحهما من حديث سهل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أن في الجنة باب يقال له الريان يدخل فيه الصائمون يوم القيامة, لايدخل منه أحد غيرهم, يقال أين الصائمون فيقومون فلا يدخله أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)),,,,, وزاد النسلئي في آخره (( ومن دخل فيه شرب ومن شرب لم يضمأ أبدا )),,,, ومن فضائل أن الصوم جنة من الشهوات لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(( من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )) متفق عليه,,,, ومنها أن الصوم جنة من النار لقوله صلى الله عليه وسلم: (( قال ربنا عزوجل الصيام جنة يستجن بها العبد من النار وهو لي وانا أجزي به ))قال المنذري رواه أحمد بإسناد حسن ,,,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( من صام يومآ في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفآ )) خرجاه في الصحيحين,,,,, ومنها أن الصوم سبيل إلى الجنة لحديث جابر رضي الله عنه:(( أن رجلآ سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك أأدخل الجنة, قال: نعم, فقال فوالله لا أزد على ذلك شيئآ )) خرجه مسلم,,,, ومنها أن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( الصيام والقرآن يشفعان عن العبد يوم القيامة , يقول الصيام أي ربي منعته الطعام والشهوات في النهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان )) خرجه الإمام أحمد,,,,,,, ومنها أن أجر الصائم بغير حساب وخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك لقوله صلى الله عليه وسلم: (( قال الله عزوجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخط فإن سابه أحد أو قاتله فليقل أني أمرئ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما, إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه )) متفق عليه,,,, ومنها أن الصوم كفارة للذنوب لقوله صلى الله عليه وسلم: (( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره يكفرها الصلاة والصيام والصدقة )) متفق عليه,,,, وفي صحيح مسلم مرفوعآ:(( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)),,,, فالله الحمد والمنة.
أما شهر رمضان فله فضائل كثيرة ولله الحمد,,,, منها أنه شهر القرآن فإنه أنزل فيه كما قال ربنا جل وعلا:(( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )),,,,, ومنه فتح أبواب الجنان وغلق أبواب النيران وتصفيد الشياطين كل ذلك في هذا الشهر المبارك, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء وفي رواية(فتحت أبواب الجنة) وفي أخرى(أبواب الرحمة) وغلقت أبواب جهنم وسلسلة الشياطين )) خرجه الإمام مسلم,,,,,, وعند الترمذي وينادي منادي ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر )) ,,,,, ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة,,,, ومنها أن فيه هي ليلة خير من ألف شهر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( أتاكم شهر رمضان مبارك, فرض الله عليكم صيامه, تفتح أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين, فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها قد حرم )) خرجه الإمام أحمد في مسندة,,,,,, ومنها غفران الذنوب لقوله صلى الله عليه وسلم:(( من صام رمضان إيمانآ واحتسابآ غفر له ما تقدم من ذنبه )) متفق عليه,,,,,, وقال صلى الله عليه وسلم:(( رغم أنف رجل ذكرت عنده ولم يصلي علي, ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم إنسلخ قبل أن يغفر له )) خرجه الإمام الترمذي,,,,,, ومن فضائله العتق من النيران أجارنا الله منها لقوله صلى الله عليه وسلم:(( إن الله عند كل فطر عتقاء, وذلك في كل ليلة )) رواه ابن ماجه,,,,,,,
ياأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن من الذنوب العظام الفطر في رمضان بدون عذر فإنه من كبائر الذنوب وصاحبه متوعد بالعذاب الأليم قال أبو أمامه رضي الله عنه:( سمعت رسول الله عليه وسلم يقول:(( بينما أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي(أي عضدي) فأتا بي جبل وعر فقالا إصعد حتى إذا كنت في سواء الجبل فإذا بي بصوت شديد فقلت: ماهذه الأصوات قالوا هذا عواء أهل النار ثم انطلقا بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مششقت اشداقهم(الشدق جانب الفم) تسيل اشداقهم دمآ قلت من هؤلاء قيل هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلت صومهم )) رواه النسائي في الكبرى والحاكم وهو في الصحيح المسند للعلامة مقبل الوادعي.
اللهم ياحي ياقيوم ياذي الجلال والإكرام, اللهم إنا نسألك بأنك أنته الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوآ أحد,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا,,, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار,,,, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمنآ وسائر بلاد المسلمين,,,, اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا واجعل ولا يتنا فيما خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين,,,, ربنا اغفر لنا ولوالدينا يوم يقوم الحساب,,, ربنا اغفر لنا ولإخوانا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا,,,, ربنا إنك رؤوف رحيم,,,, اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مع تحيات / ابن شعيل