تذكار
01-10-2004, 09:41
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن تيمية في الفتاوى مجلد 28 صفحة 438
الإعراض عـن الجهاد، فإنه من خصال المنافقين. قـال النبى صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من نفاق). رواه مسلم.
وقـد أنزل الله [سـورة براءة] التى تسمى الفاضـحة؛ لأنها فضحت المنافقين. أخرجاه فى الصحيحين عن ابن عباس، قال: هى الفاضحة، ما زالت تنزل: (ومنهم)، (ومنهم) حتى ظنوا ألا يبقى أحد إلا ذكر فيها. وعن المقداد بن الأسود قال: هى [سورة البحوث]؛ لأنها بحثت عن سرائر المنافقين. وعن قتادة قال: هى المثيرة؛ لأنها أثارت مخازى المنافقين.
وعن ابن عباس قال: هى المبعثرة. والبعثرة والإثارة متقاربان.
وعن ابن عمر: أنها المقشقشة؛ لأنها تبرئ من مرض النفاق. يقال: تقشقش المريض إذا برأ. وقال الأصمعى:وكان يقال لسورتى الإخلاص: المقشقشتان؛ لأنهما يبرئان من النفاق.
وهذه السورة نزلت فى آخر مغازى النبى صلى الله عليه وسلم ـ غزوة تبوك ـ عام تسع من الهجرة، وقد عز الإسلام، وظهر.
فكشف اللّه فيها أحوال المنافقين، ووصفهم فيها بالجبن، وترك الجهاد. ووصفهم بالبخل عن النفقـة فى سبيل اللّه، والشح على المال. وهذان داءان عظيمان: الجبن والبخل. قال النبى صلى الله عليه وسلم: (شر ما فى المرء شح هالع، وجبن خالع). حديث صحيح؛ ولهذا قد يكونان من الكبائر الموجبة للنار، كما دل عليه قوله: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: 180]. وقال تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 16].
وأما وصفهم بالجبن والفزع، فقال تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 56، 57]. فأخبر ـ سبحانه ـ أنهم وإن حلفوا أنهم من المؤمنين فما هم منهم؛ ولكن يفزعون من العدو. فـ {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً} يلجؤون إليه من المعاقل والحصون التى يفر إليها من يترك الجهاد، أو {مَغَارَاتٍ} وهى جمع مغارة. ومغارات سميت بذلك؛ لأن الداخل يغور فيها، أى: يستتر كما يغور الماء. {أّوً مٍدَّخّلاْ} /وهو الذى يتكلف الدخول إليه، إما لضيق بابه، أو لغير ذلك، أى: مكانا يدخلون إليه. ولو كان الدخول بكلفة ومشقة. {لَّوَلَّوْاْ} عن الجهاد {إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} أى: يسرعون إسراعا لا يردهم شىء، كالفرس الجموح الذى إذا حمل لا يرده اللجام. وهذا وصف منطبق على أقوام كثيرين فى حادثتنا، وفيما قبلها من الحوادث، وبعدها.
وكذلك قال فى [سورة محمد] صلى الله عليه وسلم: {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ} أى: فبعدا لهم {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ} [محمد: 20، 21]، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15]،فحصر المؤمنين فيمن آمن وجاهد.
وقال تعالى: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة:44، 45]. فهذا إخبار من اللّه بأن المؤمن لا يستأذن الرسول فى ترك الجهاد، وإنما يستأذنه الذى لا يؤمن، فكيف بالتارك من غير استئذان ؟!
قال ابن تيمية في الفتاوى مجلد 28 صفحة 438
الإعراض عـن الجهاد، فإنه من خصال المنافقين. قـال النبى صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من نفاق). رواه مسلم.
وقـد أنزل الله [سـورة براءة] التى تسمى الفاضـحة؛ لأنها فضحت المنافقين. أخرجاه فى الصحيحين عن ابن عباس، قال: هى الفاضحة، ما زالت تنزل: (ومنهم)، (ومنهم) حتى ظنوا ألا يبقى أحد إلا ذكر فيها. وعن المقداد بن الأسود قال: هى [سورة البحوث]؛ لأنها بحثت عن سرائر المنافقين. وعن قتادة قال: هى المثيرة؛ لأنها أثارت مخازى المنافقين.
وعن ابن عباس قال: هى المبعثرة. والبعثرة والإثارة متقاربان.
وعن ابن عمر: أنها المقشقشة؛ لأنها تبرئ من مرض النفاق. يقال: تقشقش المريض إذا برأ. وقال الأصمعى:وكان يقال لسورتى الإخلاص: المقشقشتان؛ لأنهما يبرئان من النفاق.
وهذه السورة نزلت فى آخر مغازى النبى صلى الله عليه وسلم ـ غزوة تبوك ـ عام تسع من الهجرة، وقد عز الإسلام، وظهر.
فكشف اللّه فيها أحوال المنافقين، ووصفهم فيها بالجبن، وترك الجهاد. ووصفهم بالبخل عن النفقـة فى سبيل اللّه، والشح على المال. وهذان داءان عظيمان: الجبن والبخل. قال النبى صلى الله عليه وسلم: (شر ما فى المرء شح هالع، وجبن خالع). حديث صحيح؛ ولهذا قد يكونان من الكبائر الموجبة للنار، كما دل عليه قوله: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: 180]. وقال تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 16].
وأما وصفهم بالجبن والفزع، فقال تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 56، 57]. فأخبر ـ سبحانه ـ أنهم وإن حلفوا أنهم من المؤمنين فما هم منهم؛ ولكن يفزعون من العدو. فـ {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً} يلجؤون إليه من المعاقل والحصون التى يفر إليها من يترك الجهاد، أو {مَغَارَاتٍ} وهى جمع مغارة. ومغارات سميت بذلك؛ لأن الداخل يغور فيها، أى: يستتر كما يغور الماء. {أّوً مٍدَّخّلاْ} /وهو الذى يتكلف الدخول إليه، إما لضيق بابه، أو لغير ذلك، أى: مكانا يدخلون إليه. ولو كان الدخول بكلفة ومشقة. {لَّوَلَّوْاْ} عن الجهاد {إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} أى: يسرعون إسراعا لا يردهم شىء، كالفرس الجموح الذى إذا حمل لا يرده اللجام. وهذا وصف منطبق على أقوام كثيرين فى حادثتنا، وفيما قبلها من الحوادث، وبعدها.
وكذلك قال فى [سورة محمد] صلى الله عليه وسلم: {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ} أى: فبعدا لهم {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ} [محمد: 20، 21]، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15]،فحصر المؤمنين فيمن آمن وجاهد.
وقال تعالى: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة:44، 45]. فهذا إخبار من اللّه بأن المؤمن لا يستأذن الرسول فى ترك الجهاد، وإنما يستأذنه الذى لا يؤمن، فكيف بالتارك من غير استئذان ؟!