تذكار
03-08-2004, 08:45
السؤال : فضيلة الشيخ : ما هو حكم الشرع في إرسال قوات عربية إلى العراق ، ، وهل يجوز لأحد المشاركة فيها .
جواب الشيخ حامد بن عبد الله العلي :
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعــــد :
والله إن الإنسان ليعجب مما آل إليه حال المسلمين إلى أن احتاجوا أن يسألوا في المحكمات التي هي أوضح الواضحات ، وأجلى الجليات ، وما هذا والله إلا تصديقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره ) دوابه ) إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخــــــــــر .. الحديــــــث خرجه مسلم.
ومعنى الحديث أن الفتن يصير بعضها رقيقا , أي : خفيفا لعظم ما بعده ، وهذا بعينه هو الذي يجري هذه الأيام ، وقد ذكرنا سابقا أن هؤلاء الكفرة الذين حلّوا ديارنا ، معلنين أهدافهم الخبيثة ، سيطلبون أولا السماح لهم بتمكينهم مما يريدون ، وإصدار الفتاوى المبيحة لهذا التمكين لتخدير الشعوب .
ثم إن أُعطوا ذلك ـ وقد حصل ـ سيطلبون فتاوى تجعل من يعارض مشروعهم مخطئا ، ثم ضالا ، ثم مباح الدم ، ثـــــمّ عدو الله والإسلام ، وقد حصــــل ذلك كله فحسبنا الله ونعم الوكيــــــــــــــل !!
فإن أُعطوا ذلك سيطلبون إعانتهم على مشروعهم بغير القتال ، فإن أعطوا ما سألوا ، سيطلبون إعانتهم بالقتال ، ثم أخيرا سيطلبون أن يقاتل المسلمون نيابة عنهم لإنجاح مشروعهم ، ولا نعني هنا الطلب من الساسة والزعماء ، فإن الساسة والزعماء مفروغ من أمرهم ، وإنما ممن يزين للشعوب بالافتراء على الدين بالفتاوى الكاذبة التي يبدلون فيها دين الله ، ويمكنون كفر وباطل أعداء الله تعالى .
وستصبح كل فتوى من هذه الفتاوى الباطلة ، هيّنة في نفوس الناس ، بعدما يرون الطامّة التي بعدها ، وهكذا رأينا ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلما واقعا ، والأحداث تشهد له برهانا قاطعــــا .
و قبل أن نذكر الجواب على سؤال السائل ، نبيّن لماذا حرص الأمريكيون على إرسال قوات عربية للعراق في هذا الوقت ؟ :
لاريب أن المشروع الأمريكي في العراق يتعرض لفشل تاريخي لم يعرف له مثيل ، و أسباب ذلك هـــــي :
أولا : أن المقاومة في الأعم الأغلب عراقية من نسيج المجتمع ذاته ، على مستوى الفكر ، وعلى مستوى التخطيط والتنفيذ ، ومعلوم أنه في مثل هذه الأحوال ، يصعب السيطرة على انتشارها واتساعها وتجنيد المتطوعين إليها ، فهي تنبثق من نسيج المجتمع نفسه.
ثانيا : أنها مقاومة منطلقة من بذل النفس والمال في قضية يؤمن بها حاملها ، ويتطوع لها راضية بها نفسه ، منشرحا بها صدره ، وليست هذه المقاومة ، مثل جيوش الطوابير التي تقاتل من أجل الراتب ، فإن طمعت أن العدو يعطيها بأكثر مما في يدهـــا ، ألقت السلاح ، كما حدث في دخول الجيش الأمريكي .
فهدف هذه المقاومة واضح ، ورايتها بينة ، وهي إخراج آخر جندي محتل لبلادهم .
ومع أن هذا لم يزل مركوزا حسنُه في الجبلة الإنسانية ، محمودا فعلُه في الفطرة البشريــــــــّــة ـ فضلا عن دلائل الشرع المرعية ـ غير أن محاولات التشكيك في صحة هذا الهدف ، وسلامة هذه الراية ، لا تنقطع ليلا ونهارا ، وهي آيلــة إلى الفشل وإن كان مكرا كبارا !
ثالثا : أن الأكاذيب التي مهدت للغزو الأمريكي ــ وهو أصلا باطل حتى لو كانت مبرراته واقعة إذ يمتنع أن يكون احتلال الكفار لبلاد الإسلام مباحا تحت أي ذريعة ـ كلها قد انكشفت للعالم أجمع ، سواء كذبة أسلحة الدمار الشامل ، أو تحرير الشعب العراقي ، ونشر "الديمقراطية" الزائفة ، التي كانت أول معرض مجاني لها ، صور " بوغريب " .
وثاني معرض هو فرض حكومة احتلال يقودها رجل الاستخبارات الأمريكية .
وثالث معرض فرض أحكام الطوارئ .
ورابع معرض هو قصف بيوت الآمنين الأبرياء من قبل قوات الاحتلال بحجة مطاردة المقاومين ، تحت سمع وبصر حكومة الاحتلال التي تدعي أنها ذات سيادة !! وهلــــم جـــــرا !!
ومع هذا فلايزال بعض الجهلة أو المتجاهلين يرون أنها حكومة شرعية ، ورغم أن هيئة علماء المسلمين في العراق قد أكدت ــ وهو مما لا يحتاج إلى تأكيد ــ أن أي حكومة تأتي في ظل وجود قوات أجنبية في العراق هي امتداد للإحتلال ، وهو امر باطل شرعا ، وما تولد عن الباطل فهــو باطل .
رابعا : أن الأمريكيين ـ أو لنـــقل "المحافظون الجدد" ـ بقدر ما فوجئوا بشراسة المقاومة العراقية ، وبأسها الشديد ، وتنظيمها المحكم ، قد انكشف أيضا لهم أن الوضع السياسي في العراق أعقد من أن يمكن تركيبه لصالح الاحتلال ، لأسباب داخلية وإقليمية .
وأن المعارضة التي دعتهم إلى دخول العراق ، كانت لا يهمّها شيء سوى إسقاط النظام للاستفادة الشخصية والحزبية من أعظم عملية سرقة في التاريخ ، وقد تـــمّ لهم ذلك ، ثم ليكن بعد ذلك ما يكون ، فهم أصلا جاءوا من خارج العراق ، ثم لا يضرهم بعد ذلك ، إن عادوا من حيث جاءوا .
خامسا : أن جميع وعود المحتل قد فشلت تماما ، فلم يستطع أن يحقق أمنا ، ولا يصنع استقرارا ، ولا يعمر شيئا في العراق إلا قليـــلا ، بل قد تمت سرقة الأموال المخصصة في المشروع المزعوم لإعمار العراق ، وأصبح هـــــمّ كل شركة أمريكية ـ ومن يعمل تحت هذا الغطاء معها ـ أن تحصد أكبر قدر ممكن من الأموال المخصصة للإعمار بالحيل و التزوير والغش وكل أساليب اللصوصية .
ولهذا كله فإن الإدارة الأمريكية لبوش ، وهي تواجه أكبر تحد لها في صراعها مع الديمقراطيين ، تريد أن تنقذ ما يمكن إنقاذه من مشروعها في العراق ، ذلك أن جميع ملفات الفضائح سوف يتم فتحها في عهد الديمقراطيين إن نجحوا ، فقد جاءتهم أكبر فرصة لتحطيم الجمهوريين وضربهم ضربة قاصمة لن يفيقوا بعدها إلا بعد عقود ـ إن أفاقوا ـ لو تم ما يخطط له الديمقراطيون من استغلال لفضائح مشروع غزو العراق الذي تحمل كبره الجمهوريون.
ولهذا كان من أهم ما ينقذ مشروعهم في احتلال العراق ـ وأهدافه هي تحويل العراق إلى منطلق حرب على الأمة ، وحماية الصهاينة ، والاستغناء بنفطه وثروته ـ هو تسخير جيوش عربية لمشاركتهم في كفرهم وإفكهم وجرائمهم ، ولجعلها وقودا في مشروعهم الصهيوني الخبيث ، ولإضفاء الشرعية عليه ، ولاستكماله تحقيق أهدافه .
هذه هي الحقيقة ساطعة قاطعة ، ولا ينفع في ذلك دعوى أن القوات جاءت لحماية الأمم المتحدة ، فهذه أصلا ما هي إلا أداة يستعملها الكافر لتنفيذ مخططاته ، وليس القصد من هذا الغطاء ، سوى محاولة مكشوفة لخداع الشعوب ، بتزييف الكلمات ، وزخرفة الألفاظ .
ومعلوم شرعا بالنصوص القاطعة ثبوتا ودلالة ، وهي من أصول الدين ، وثوابت ملة المسلمين ، أن أعانة الكفار على تحقيق أهدافهم ضد الأمة الإسلامية ، ردة عن الدين صلعاء ، وجريمة على الأمة نكراء ، فلا يحل لأحد أن يقترفها آمرا كان أو مأمورا ، قائدا أو جنديا مغمورا .
قال الحق ( ومن يتولّهم منكم فإنه منهم ) وقال ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) ، وقال ( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذيــــن يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، أيبتغون عندهم العزة ، فإن العزة لله جميعا ) .
وقال ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ، الشيطان سول لهم وأملى لهم ، ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ، سنطيعكم في بعض الأمر ،والله يعلم إسرارهم ، فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ، ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم ) .
وقد تقدمت عدة فتاوى في حكم موالاة الكفار ، تضمنت نقولا عن علماء الإسلام قديما وحديثا ، فليرجع إليها السائل .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير .
جواب الشيخ حامد بن عبد الله العلي :
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعــــد :
والله إن الإنسان ليعجب مما آل إليه حال المسلمين إلى أن احتاجوا أن يسألوا في المحكمات التي هي أوضح الواضحات ، وأجلى الجليات ، وما هذا والله إلا تصديقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره ) دوابه ) إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخــــــــــر .. الحديــــــث خرجه مسلم.
ومعنى الحديث أن الفتن يصير بعضها رقيقا , أي : خفيفا لعظم ما بعده ، وهذا بعينه هو الذي يجري هذه الأيام ، وقد ذكرنا سابقا أن هؤلاء الكفرة الذين حلّوا ديارنا ، معلنين أهدافهم الخبيثة ، سيطلبون أولا السماح لهم بتمكينهم مما يريدون ، وإصدار الفتاوى المبيحة لهذا التمكين لتخدير الشعوب .
ثم إن أُعطوا ذلك ـ وقد حصل ـ سيطلبون فتاوى تجعل من يعارض مشروعهم مخطئا ، ثم ضالا ، ثم مباح الدم ، ثـــــمّ عدو الله والإسلام ، وقد حصــــل ذلك كله فحسبنا الله ونعم الوكيــــــــــــــل !!
فإن أُعطوا ذلك سيطلبون إعانتهم على مشروعهم بغير القتال ، فإن أعطوا ما سألوا ، سيطلبون إعانتهم بالقتال ، ثم أخيرا سيطلبون أن يقاتل المسلمون نيابة عنهم لإنجاح مشروعهم ، ولا نعني هنا الطلب من الساسة والزعماء ، فإن الساسة والزعماء مفروغ من أمرهم ، وإنما ممن يزين للشعوب بالافتراء على الدين بالفتاوى الكاذبة التي يبدلون فيها دين الله ، ويمكنون كفر وباطل أعداء الله تعالى .
وستصبح كل فتوى من هذه الفتاوى الباطلة ، هيّنة في نفوس الناس ، بعدما يرون الطامّة التي بعدها ، وهكذا رأينا ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلما واقعا ، والأحداث تشهد له برهانا قاطعــــا .
و قبل أن نذكر الجواب على سؤال السائل ، نبيّن لماذا حرص الأمريكيون على إرسال قوات عربية للعراق في هذا الوقت ؟ :
لاريب أن المشروع الأمريكي في العراق يتعرض لفشل تاريخي لم يعرف له مثيل ، و أسباب ذلك هـــــي :
أولا : أن المقاومة في الأعم الأغلب عراقية من نسيج المجتمع ذاته ، على مستوى الفكر ، وعلى مستوى التخطيط والتنفيذ ، ومعلوم أنه في مثل هذه الأحوال ، يصعب السيطرة على انتشارها واتساعها وتجنيد المتطوعين إليها ، فهي تنبثق من نسيج المجتمع نفسه.
ثانيا : أنها مقاومة منطلقة من بذل النفس والمال في قضية يؤمن بها حاملها ، ويتطوع لها راضية بها نفسه ، منشرحا بها صدره ، وليست هذه المقاومة ، مثل جيوش الطوابير التي تقاتل من أجل الراتب ، فإن طمعت أن العدو يعطيها بأكثر مما في يدهـــا ، ألقت السلاح ، كما حدث في دخول الجيش الأمريكي .
فهدف هذه المقاومة واضح ، ورايتها بينة ، وهي إخراج آخر جندي محتل لبلادهم .
ومع أن هذا لم يزل مركوزا حسنُه في الجبلة الإنسانية ، محمودا فعلُه في الفطرة البشريــــــــّــة ـ فضلا عن دلائل الشرع المرعية ـ غير أن محاولات التشكيك في صحة هذا الهدف ، وسلامة هذه الراية ، لا تنقطع ليلا ونهارا ، وهي آيلــة إلى الفشل وإن كان مكرا كبارا !
ثالثا : أن الأكاذيب التي مهدت للغزو الأمريكي ــ وهو أصلا باطل حتى لو كانت مبرراته واقعة إذ يمتنع أن يكون احتلال الكفار لبلاد الإسلام مباحا تحت أي ذريعة ـ كلها قد انكشفت للعالم أجمع ، سواء كذبة أسلحة الدمار الشامل ، أو تحرير الشعب العراقي ، ونشر "الديمقراطية" الزائفة ، التي كانت أول معرض مجاني لها ، صور " بوغريب " .
وثاني معرض هو فرض حكومة احتلال يقودها رجل الاستخبارات الأمريكية .
وثالث معرض فرض أحكام الطوارئ .
ورابع معرض هو قصف بيوت الآمنين الأبرياء من قبل قوات الاحتلال بحجة مطاردة المقاومين ، تحت سمع وبصر حكومة الاحتلال التي تدعي أنها ذات سيادة !! وهلــــم جـــــرا !!
ومع هذا فلايزال بعض الجهلة أو المتجاهلين يرون أنها حكومة شرعية ، ورغم أن هيئة علماء المسلمين في العراق قد أكدت ــ وهو مما لا يحتاج إلى تأكيد ــ أن أي حكومة تأتي في ظل وجود قوات أجنبية في العراق هي امتداد للإحتلال ، وهو امر باطل شرعا ، وما تولد عن الباطل فهــو باطل .
رابعا : أن الأمريكيين ـ أو لنـــقل "المحافظون الجدد" ـ بقدر ما فوجئوا بشراسة المقاومة العراقية ، وبأسها الشديد ، وتنظيمها المحكم ، قد انكشف أيضا لهم أن الوضع السياسي في العراق أعقد من أن يمكن تركيبه لصالح الاحتلال ، لأسباب داخلية وإقليمية .
وأن المعارضة التي دعتهم إلى دخول العراق ، كانت لا يهمّها شيء سوى إسقاط النظام للاستفادة الشخصية والحزبية من أعظم عملية سرقة في التاريخ ، وقد تـــمّ لهم ذلك ، ثم ليكن بعد ذلك ما يكون ، فهم أصلا جاءوا من خارج العراق ، ثم لا يضرهم بعد ذلك ، إن عادوا من حيث جاءوا .
خامسا : أن جميع وعود المحتل قد فشلت تماما ، فلم يستطع أن يحقق أمنا ، ولا يصنع استقرارا ، ولا يعمر شيئا في العراق إلا قليـــلا ، بل قد تمت سرقة الأموال المخصصة في المشروع المزعوم لإعمار العراق ، وأصبح هـــــمّ كل شركة أمريكية ـ ومن يعمل تحت هذا الغطاء معها ـ أن تحصد أكبر قدر ممكن من الأموال المخصصة للإعمار بالحيل و التزوير والغش وكل أساليب اللصوصية .
ولهذا كله فإن الإدارة الأمريكية لبوش ، وهي تواجه أكبر تحد لها في صراعها مع الديمقراطيين ، تريد أن تنقذ ما يمكن إنقاذه من مشروعها في العراق ، ذلك أن جميع ملفات الفضائح سوف يتم فتحها في عهد الديمقراطيين إن نجحوا ، فقد جاءتهم أكبر فرصة لتحطيم الجمهوريين وضربهم ضربة قاصمة لن يفيقوا بعدها إلا بعد عقود ـ إن أفاقوا ـ لو تم ما يخطط له الديمقراطيون من استغلال لفضائح مشروع غزو العراق الذي تحمل كبره الجمهوريون.
ولهذا كان من أهم ما ينقذ مشروعهم في احتلال العراق ـ وأهدافه هي تحويل العراق إلى منطلق حرب على الأمة ، وحماية الصهاينة ، والاستغناء بنفطه وثروته ـ هو تسخير جيوش عربية لمشاركتهم في كفرهم وإفكهم وجرائمهم ، ولجعلها وقودا في مشروعهم الصهيوني الخبيث ، ولإضفاء الشرعية عليه ، ولاستكماله تحقيق أهدافه .
هذه هي الحقيقة ساطعة قاطعة ، ولا ينفع في ذلك دعوى أن القوات جاءت لحماية الأمم المتحدة ، فهذه أصلا ما هي إلا أداة يستعملها الكافر لتنفيذ مخططاته ، وليس القصد من هذا الغطاء ، سوى محاولة مكشوفة لخداع الشعوب ، بتزييف الكلمات ، وزخرفة الألفاظ .
ومعلوم شرعا بالنصوص القاطعة ثبوتا ودلالة ، وهي من أصول الدين ، وثوابت ملة المسلمين ، أن أعانة الكفار على تحقيق أهدافهم ضد الأمة الإسلامية ، ردة عن الدين صلعاء ، وجريمة على الأمة نكراء ، فلا يحل لأحد أن يقترفها آمرا كان أو مأمورا ، قائدا أو جنديا مغمورا .
قال الحق ( ومن يتولّهم منكم فإنه منهم ) وقال ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) ، وقال ( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذيــــن يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، أيبتغون عندهم العزة ، فإن العزة لله جميعا ) .
وقال ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ، الشيطان سول لهم وأملى لهم ، ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ، سنطيعكم في بعض الأمر ،والله يعلم إسرارهم ، فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ، ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم ) .
وقد تقدمت عدة فتاوى في حكم موالاة الكفار ، تضمنت نقولا عن علماء الإسلام قديما وحديثا ، فليرجع إليها السائل .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير .