المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال جديد بعنوان : أسرار السيد ( لا أدري ) !!



الدكتور عبدالعزيز النخيلان
12-04-2004, 10:58
أسرار السيد (لا أدري) !!


لا تخلو حياة من أسرار.. تختلف درجاتها على حسب خصوصيتها وأهميتها وخطورتها ومن شخص لشخص ومن مجتمع لمجتمع.. فكم من الأسرار التي تحتضنها القلوب والبيوت والمجتمعات.
درجة السرية تتفاوت.. فما هو عند البعض سر شديد السرية والخصوصية.. عند الآخرين لا يعتبر كذلك بل إنه شيء طبيعي ولا فائدة من إخفائه.. وذلك يعتمد على خلفيات تربوية واجتماعية ومواقف كان لها انعكاسات سلبية وإيجابية تغير من موازين السرية لدى الشخص.
هناك شريحة من الناس تعتبر أن كل شيء هو عبارة عن سر لا يمكن البوح به إلا أن يخرج عن غير قصد لتصبح كلمة (لا أدري) هي الدارجة على لسانه بشكل دائم.. فالسيد (لا أدري) الاسم الذي دائماً ما يحلو لي أن أدعو به أولئك مطلقي السرية والذين يعيشون تحت ضغط الغموض والإنغلاق والخوف من البوح.. أقول ان السيد لا أدري لا يمكن أن يقول ما يمكن أن يفعله يوم غد أو ماذا فعل يوم أمس أو من قابل اليوم أو ما هي خططه المستقبلية.. أو يخبر أحداً عن أبسط الأشياء كنوعية معجون الحلاقة أو شامبو الشعر أو اسم العطر أو كم فاتورة الجوال أو كيف عالج مرضه والذي دائماً ما يحاول إخفاءه.. أما الشيء الذي لا يمكن لأحد مهما كان أن يعرفه هو كم راتبه أو كم عمره.. أو ما هو اسم زوجته أو أمه إلا أن يحدث بغير إرادة منه.. وإن أراد أحد أن يخبره شيئاً يتظاهر بأنه لا يعرف شيئاً عن الموضوع أو أنه لأول مرة يسمع عنه، كل ذلك كي لا يعلم أحد أنه يعلم.. والفخر كل الفخر عندما يتوه من أمامه ويصدق بذلك.. ويحرص على الأخذ من الآخرين دون أن يعطيهم أية معلومة.
السيد لا أدري لا يعلم أن عظماء العالم يعرف عنهم الناس كل تفاصيل حياتهم بل إن بعضهم تلاحقه الكاميرات أينما كان.. فنبينا- محمد صلى الله عليه وسلم- هو قدوتنا وخير من سار على وجه الأرض يعلم الناس جميعاً عمره وحياته بكل تفاصيلها الخاصة والعامة ويعرفون رزقه ودخله ومصروفاته وحتى تعاملاته مع زوجاته وأسمائهن وأعمارهن، ويعرفون أيضا اسم أمه وقريباته- رضي الله عنهن جميعاً-.. وكذلك ملوك العالم ورؤساء الدول والوزراء والأدباء والشعراء والمثقفون وكل الشخصيات الهامة يعرف الناس عنهم تقريباً كل شيء إلا ما لا يمكن أن يفصح عنه.
ومن انطباع شخصي ألاحظ دائماً أن السيد لا أدري هو شخص لا يملك شيئاً يشعره بالأهمية في مجتمعه مما يحدو به إلى أن يتخذ ذلك الأسلوب ليلفت إليه الانتباه ويصبح على أقل تقدير في نظره هو مهم لدرجة أنه لا أحد يعلم عنه شيئاً البتة.. فيضع عليه الآخرون علامة استفهام يتميز بها.
لقد وصل الأمر في بعضهم إلى التفاخر بذلك.. فالشخص الذي يستطيع إخفاء ما يمكن إخفاؤه من تفاصيل حياته هو الإنسان الناجح الواعي الذي عرف جيداً كيف يتعامل مع الآخرين وتجنب التصادم والاحتكاك معهم.
الإنسان يجب أن لا يكون ورقة مكشوفة للجميع ولكن المبالغة في السرية والخصوصي تفقده ثقة الآخرين وتجعله مسجوناً في قفص من الأسرار التي ليس لها معنى ومعزولاً عن مجتمعه تماماً وإن أظهروا له الود والاحترام والثقة.. فالحياة أبسط بكثير من ذلك.. فلماذا لا نعيشها كما هي؟!.
وقفة:
(أستاذي عدنان جمجوم)
رحل الأستاذ الدكتور عدنان جمجوم- رحمة الله عليه-.. الإنسان الذي علمنا التواضع والجدية في تحصيل العلم والبساطة في التعامل.. القدوة في أخلاقه وتعاملاته وتواضعه وعطفه على المرضى.
رحل البروفيسور عدنان جمجوم أحد الرموز العلمية في الجراحة وأحد أبرز الوجوه الرياضية في نادي الاتحاد.. ليكون فقيداً للوطن والطب والرياضة.
كنت أحد طلاب البروفيسور جمجوم الذي دائماً ما نذكره بخير.. فكم لاطفنا وداعبنا وعلّمنا وأدّبنا وشجّعنا وحرص علينا كحرصه على أبنائه.
لك يا أستادي الفاضل.. أتقدم إلى المولى عز وجل بباهل الدعاء أن يفسح لك في جناته ويرحمك رحمة واسعة.. ويلهم ذويك الصبر والسلوان.. إنه سميع مجيب الدعاء.. و(إنا لله وإنا إليه راجعون).


د. عبدالعزيز النخيلان الشمري / مستشفى حائل العام
alnokhlan@yahoo.com

11 أبريل 2004

الجازي
12-04-2004, 11:48
أخي الدكتور عبدالعزيز النخيلان ,,

لقد شخصت الداء ,, فأين الدواء ,,

نعم هي ظاهرة منتشرة في مجتمعنا للأسف ,, والكثير يعانون من سلبياتها وأنا منهم ,,

أصادف في مجتمعي الكثير من أمثالهم ,, لاتعجبني طريقتهم ,, ولست ممن يحب الهروب من واقعه ,, لكن حين أراهم أعلم يقينا أنني سأكون ضحية أسئلتهم دون أن أحظى بإجابة ولو عن استفسار بسيط لايمت للخصوصية بصلة ,,

حين نطرح الموضوع للنقاش في محيط العائلة ,, أجد الإجابة من الوالدة رعاها الله : (( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان )) ,, قد يبدو من جوابها لأول وهلة أنها من أنصار هذه الكلمة (( لا أدري )) لكن المسكينة ليست تتقن فنها ,, إنما بدافع معاملة الناس بالمثل ,, وحتى لانبدو سذج معهم سنحذو حذوهم ,,

الكثير يحتج على استخدام هذه العبارة بحجة الخوف من العين ,, ولم يعلم أن من توكل على الله كفاه ,, وأنه لن يصيبه إلا ماكتبه الله له ,,

في مجتمعنا تجد الطبقة الراقية لاتعترف بمثل هذا الأسلوب ,, بينما أكثر أهل القرى ومن عاش في بيئة منغلقة عليه ينهج مثل هذا النهج ،،

طرح مميز أخي الدكتور عبدالعزيز ,, لكن ليتك أكملته بأسلوب العلاج الأمثل والناجع ,, فهي بالنسبة لواقعي معاناة أعيشها ولا أعرف كيف أتعامل معها ,, فلا أحب أن أبدو بتلك السذاجة معهم وفي المقابل لاأحب أن أكون مثلهم ,,

شكري وامتناني لك ولكتاباتك الهادفة ,,