القلم الهارب
22-02-2004, 15:19
هذا الخبر يغني عن كلام كثير ... والذي يقول:
مثل عادته الدائمة في جذب أنظار العالم نحو إمارته الصغيرة نجح وزير
الدفاع الإماراتي وولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تحويل حفل
روتيني لتكريم عدد من ضباط الشرطة المتقاعدين في دبي إلى حدث
استثنائي اصبح حديث الناس في العالم بعدما قدم هدية تقاعد لكل ضابط تصل
قيمتها الإجمالية إلى حوالي 40 مليون درهم إماراتي (حوالي أحد عشر مليون
دولار أميركي تقريبا) في سابقة تكريمية لم يحظ بها ضابط شرطة في العالم
اجمع أيا كانت إنجازاته.
وكان ولي عهد دبي فاجأ حضور الحفل الذي أقامته إدارة الشرطة فيها بتسليم
كل ضابط من الأحد عشر ضابطا (عشرة لواءات وعميد) الذين اصدر قرارا مفاجئا
بإحالتهم للتقاعد قبل الحفل بيومين فقط مظروفا مغلقا يحتوي على شيك بمبلغ
7 ملايين درهم ( مليون وتسعمائة ألف دولار أميركي تقريبا) بالإضافة إلى
عقد تمليك قطعة ارض تصل مساحتها إلى 35 ألف متر مربع في منطقة النهدة التي
تفصل بين إمارتي دبي والشارقة تصل قيمتها إلى 33 مليون دولار ومع العقد
تصميم هندسي جاهز لبناية سكنية من أربعة عشر طابقا.
وبعد تبادل الكلمات وتسليم الضباط أوسمة الشرطة المعتادة في مثل هذه
المناسبات انتقل الجميع إلى قاعة أخرى لتناول طعام الغداء وفي يد كل ضابط
من
الضباط المتقاعدين المظروف المغلق وعلى وجه كل منهم تعبير عن شعور عميق
بالحسرة على سنوات الخدمة الطويلة التي انتهت بقرار لم يكن اغلبهم يتوقعه
إلا انه بعد لحظات من استقرار الجميع على موائدهم سرى خبر المفاجأة
المختفية
داخل المظاريف وبدأ كل واحد من الضباط في فتح مظروفه للتأكد من محتواه وفي
لحظات تحول العبوس إلى ابتسامات ثم إلى ضحكات من القلب فرحا بهذا التكريم
غير المسبوق.
وفي اليوم التالي للحفل (اليوم الأربعاء) تحول الخبر إلى مادة رئيسية
للسولفة (كلمة محلية إماراتية تعني أتحكي) في كل الدوائر الحكومية في
الأمارة وتحول الإشفاق على الضباط المحالين للتقاعد من زملائهم الباقين في
الخدمة إلى حسد وغيرة وتمنى كثيرون منهم لو أحيل للتقاعد فورا حتى يحصل
على
المكرمة التي يندر أن يحظى بها آخرون في أي مكان، وقال موظف كبير بدائرة
العدل في دبي لـ "ايلاف" إن الشيخ محمد حببنا جميعا في التقاعد بعد أن كان
مجرد ذكر سيرته يسبب القشعريرة في أبداننا.
المطلعون على الامور من قريب قالوا إن مبادرة محمد بن راشد ضربة معلم
كما يقولون اذ اصطاد بها عدة عصافير في آن واحد .. فهو من ناحية ضمن
استمرار
ولاء الضباط المحالين للتقاعد وامتص غضبهم تجاه قراره المفاجئ كما لم
يتركهم فريسة لمشاعر الاحباط والنقمة المعتادة في مثل هذه المواقف خاصة أن
كلهم لا زالوا يستطيعون العطاء لسنوات قادمة إذ يبلغ متوسط أعمارهم 53
عاما
وهي سن يبدأ فيها الضباط في بلاد أخرى كثيرة في التطلع لتولي مناصب
قيادية،
ومن ناحية أخرى قدم رسالة إلى كبار الموظفين في الأمارة الذين اعتراهم
القلق من امكانية الاستغناء المفاجئ عنهم بان من يعمل سيحصد وان اخراج
احدهم من عمله لا يعني الزامه بالجلوس في منزله وتقضية وقته في الندم على
سني
خدمته.
ثالث العصافير التي اصطادتها مبادرة ولي عهد دبي أنها ستسهم في زيادة
إقبال الشباب المواطنين على الالتحاق بالعمل في الشرطة وهي كانت واحدة من
المهن التي يتهربون منها لما تقتضيه من التزام صارم لا تحتاجه اغلب
الوظائف
الأخرى المعروضة عليهم لكن الان وبعد أن بلغت مكافأة نهاية الخدمة هذا
المدى الخيالي فسوف يعيد كثيرون منهم التفكير في الآمر أو على الأقل ينظر
له
بعيون جديدة .
وتمكن محمد بن راشد كذلك بمبادرته الفريدة من تحويل أنظار العالم إلى
إمارته من جديد وهو الذي عود العالم على مفاجأته بالجديد والمبهر دائما
الأمر الذي حول دبي من مجرد إمارة صغيرة محدودة الموارد الطبيعية في دولة
صغيرة إلى نقطة أساسية تتقاطع عندها خطوط سير حركة السياح العالمية فضلا
عن
كونها ملتقى لتجارة الترانزيت في المنطقة، فالان سيتناقل ضباط الشرطة في
أنحاء عديدة من العالم الخبر بكثير من الحسد المقرون بالشغف لمعرفة المزيد
عن
الإمارة التي تعطي مكافأة تقاعد لضباطها تفوق بكثير ما يحصل عليه رؤساء
ثلثي دول العالم على الأقل (المعيار هنا المكافآت والأموال الشرعية فقط
دون
الآخذ في الاعتبار أموال السلاح والقروض التي لا تصل إلى مستحقيها وخلافه)
وهو زخم إضافي لدبي ومحمد بن راشد وان كان نجاحه في كس به ليس جديدا
عليه.
العصفور الأخير الذي اصطاده ولي عهد دبي بمكافأته الخيالية التي بلغت
440 مليون درهم ( حوالي 120.2 مليون دولار أمريكي) للضباط مجتمعين لم
يدركه
الكثيرون ممن تلقوا الخبر وهو أن المكافأة ليست سوى فقاعة هواء لن تكلفه
أو تكلف ميزانية الأمارة شيئا إذ لم تغب عقلية التاجر الشاطر عن محمد بن
راشد وهو يخطط للمكافأة لأن المنطقة التي وزع فيها الأراضي على الضباط تقع
في المنطقة الواقعة بين دبي والشارقة وتتقاسمها الإمارتان (وهي منطقة غير
معمورة حتى الان من ناحية دبي بينما سبقت إمارة الشارقة إلى استثمار الجزء
بها من المنطقة في مشاريع بناء ناجحة) ومع النظر إلى أن توزيع عقود
التمليك ترافق مع تصاميم بناء جاهزة فان المتوقع أن يشرع الضباط
المتقاعدون في
البناء فورا مستغلين مبلغ المكافأة النقدي الأمر الذي سيكفل نهضة عمرانية
مؤكدة للمنطقة تؤدي إلى ارتفاع خيالي في أسعار الأرض فيها وتسابق العديدين
إلى البناء مستغلين حالة الانتعاش "التقاعدي" الحاصلة وهو ما سيؤمن
مليارات من الدراهم لخزانة الأمارة وحسابات ملاك الأراضي في المنطقة .
وفي النهاية لا بد من الإشارة إلى أن المكافأة الحلم لا علاقة لها
بمكافأة نهاية الخدمة العادية التي ستمنحها لكل منهم إدارة الشرطة والتي
ستتراوح حسب تقديرات بعض العاملين فيها بين ثلاثة وأربعة ملايين دولار.
القلم الهارب
مثل عادته الدائمة في جذب أنظار العالم نحو إمارته الصغيرة نجح وزير
الدفاع الإماراتي وولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تحويل حفل
روتيني لتكريم عدد من ضباط الشرطة المتقاعدين في دبي إلى حدث
استثنائي اصبح حديث الناس في العالم بعدما قدم هدية تقاعد لكل ضابط تصل
قيمتها الإجمالية إلى حوالي 40 مليون درهم إماراتي (حوالي أحد عشر مليون
دولار أميركي تقريبا) في سابقة تكريمية لم يحظ بها ضابط شرطة في العالم
اجمع أيا كانت إنجازاته.
وكان ولي عهد دبي فاجأ حضور الحفل الذي أقامته إدارة الشرطة فيها بتسليم
كل ضابط من الأحد عشر ضابطا (عشرة لواءات وعميد) الذين اصدر قرارا مفاجئا
بإحالتهم للتقاعد قبل الحفل بيومين فقط مظروفا مغلقا يحتوي على شيك بمبلغ
7 ملايين درهم ( مليون وتسعمائة ألف دولار أميركي تقريبا) بالإضافة إلى
عقد تمليك قطعة ارض تصل مساحتها إلى 35 ألف متر مربع في منطقة النهدة التي
تفصل بين إمارتي دبي والشارقة تصل قيمتها إلى 33 مليون دولار ومع العقد
تصميم هندسي جاهز لبناية سكنية من أربعة عشر طابقا.
وبعد تبادل الكلمات وتسليم الضباط أوسمة الشرطة المعتادة في مثل هذه
المناسبات انتقل الجميع إلى قاعة أخرى لتناول طعام الغداء وفي يد كل ضابط
من
الضباط المتقاعدين المظروف المغلق وعلى وجه كل منهم تعبير عن شعور عميق
بالحسرة على سنوات الخدمة الطويلة التي انتهت بقرار لم يكن اغلبهم يتوقعه
إلا انه بعد لحظات من استقرار الجميع على موائدهم سرى خبر المفاجأة
المختفية
داخل المظاريف وبدأ كل واحد من الضباط في فتح مظروفه للتأكد من محتواه وفي
لحظات تحول العبوس إلى ابتسامات ثم إلى ضحكات من القلب فرحا بهذا التكريم
غير المسبوق.
وفي اليوم التالي للحفل (اليوم الأربعاء) تحول الخبر إلى مادة رئيسية
للسولفة (كلمة محلية إماراتية تعني أتحكي) في كل الدوائر الحكومية في
الأمارة وتحول الإشفاق على الضباط المحالين للتقاعد من زملائهم الباقين في
الخدمة إلى حسد وغيرة وتمنى كثيرون منهم لو أحيل للتقاعد فورا حتى يحصل
على
المكرمة التي يندر أن يحظى بها آخرون في أي مكان، وقال موظف كبير بدائرة
العدل في دبي لـ "ايلاف" إن الشيخ محمد حببنا جميعا في التقاعد بعد أن كان
مجرد ذكر سيرته يسبب القشعريرة في أبداننا.
المطلعون على الامور من قريب قالوا إن مبادرة محمد بن راشد ضربة معلم
كما يقولون اذ اصطاد بها عدة عصافير في آن واحد .. فهو من ناحية ضمن
استمرار
ولاء الضباط المحالين للتقاعد وامتص غضبهم تجاه قراره المفاجئ كما لم
يتركهم فريسة لمشاعر الاحباط والنقمة المعتادة في مثل هذه المواقف خاصة أن
كلهم لا زالوا يستطيعون العطاء لسنوات قادمة إذ يبلغ متوسط أعمارهم 53
عاما
وهي سن يبدأ فيها الضباط في بلاد أخرى كثيرة في التطلع لتولي مناصب
قيادية،
ومن ناحية أخرى قدم رسالة إلى كبار الموظفين في الأمارة الذين اعتراهم
القلق من امكانية الاستغناء المفاجئ عنهم بان من يعمل سيحصد وان اخراج
احدهم من عمله لا يعني الزامه بالجلوس في منزله وتقضية وقته في الندم على
سني
خدمته.
ثالث العصافير التي اصطادتها مبادرة ولي عهد دبي أنها ستسهم في زيادة
إقبال الشباب المواطنين على الالتحاق بالعمل في الشرطة وهي كانت واحدة من
المهن التي يتهربون منها لما تقتضيه من التزام صارم لا تحتاجه اغلب
الوظائف
الأخرى المعروضة عليهم لكن الان وبعد أن بلغت مكافأة نهاية الخدمة هذا
المدى الخيالي فسوف يعيد كثيرون منهم التفكير في الآمر أو على الأقل ينظر
له
بعيون جديدة .
وتمكن محمد بن راشد كذلك بمبادرته الفريدة من تحويل أنظار العالم إلى
إمارته من جديد وهو الذي عود العالم على مفاجأته بالجديد والمبهر دائما
الأمر الذي حول دبي من مجرد إمارة صغيرة محدودة الموارد الطبيعية في دولة
صغيرة إلى نقطة أساسية تتقاطع عندها خطوط سير حركة السياح العالمية فضلا
عن
كونها ملتقى لتجارة الترانزيت في المنطقة، فالان سيتناقل ضباط الشرطة في
أنحاء عديدة من العالم الخبر بكثير من الحسد المقرون بالشغف لمعرفة المزيد
عن
الإمارة التي تعطي مكافأة تقاعد لضباطها تفوق بكثير ما يحصل عليه رؤساء
ثلثي دول العالم على الأقل (المعيار هنا المكافآت والأموال الشرعية فقط
دون
الآخذ في الاعتبار أموال السلاح والقروض التي لا تصل إلى مستحقيها وخلافه)
وهو زخم إضافي لدبي ومحمد بن راشد وان كان نجاحه في كس به ليس جديدا
عليه.
العصفور الأخير الذي اصطاده ولي عهد دبي بمكافأته الخيالية التي بلغت
440 مليون درهم ( حوالي 120.2 مليون دولار أمريكي) للضباط مجتمعين لم
يدركه
الكثيرون ممن تلقوا الخبر وهو أن المكافأة ليست سوى فقاعة هواء لن تكلفه
أو تكلف ميزانية الأمارة شيئا إذ لم تغب عقلية التاجر الشاطر عن محمد بن
راشد وهو يخطط للمكافأة لأن المنطقة التي وزع فيها الأراضي على الضباط تقع
في المنطقة الواقعة بين دبي والشارقة وتتقاسمها الإمارتان (وهي منطقة غير
معمورة حتى الان من ناحية دبي بينما سبقت إمارة الشارقة إلى استثمار الجزء
بها من المنطقة في مشاريع بناء ناجحة) ومع النظر إلى أن توزيع عقود
التمليك ترافق مع تصاميم بناء جاهزة فان المتوقع أن يشرع الضباط
المتقاعدون في
البناء فورا مستغلين مبلغ المكافأة النقدي الأمر الذي سيكفل نهضة عمرانية
مؤكدة للمنطقة تؤدي إلى ارتفاع خيالي في أسعار الأرض فيها وتسابق العديدين
إلى البناء مستغلين حالة الانتعاش "التقاعدي" الحاصلة وهو ما سيؤمن
مليارات من الدراهم لخزانة الأمارة وحسابات ملاك الأراضي في المنطقة .
وفي النهاية لا بد من الإشارة إلى أن المكافأة الحلم لا علاقة لها
بمكافأة نهاية الخدمة العادية التي ستمنحها لكل منهم إدارة الشرطة والتي
ستتراوح حسب تقديرات بعض العاملين فيها بين ثلاثة وأربعة ملايين دولار.
القلم الهارب