هيفا المشعل
17-01-2004, 15:31
حين يكون الوقت ليلٌ حالك ..
ويغطّ الكون في رقاده ..
ويختفي الأصدقاء في الظلمة ..
ويمارس حبيبٌ غيابه ..
تستيقظ طفلةٌ فيّ وتصرخ .. ( أبي بابا ! )
.
.
إلى : أبي ، حيث يرقد – بعيداً - في قبره .
لا أعلم - تحديداً - لمَ أكتُب الليلة ناحيتك ..
ولكنني أحتاجك وأفتقدك بشدّة ..
اشعر دوماً بحاجتي لك .. ولكنهم يسخرون منّي حين أعبّر عن هذا الاحتياج بكلمة / بدمعة
ويشيرون ناحيتي بأطراف أصابعهم وهم يتضاحكون ( طفلة ! )
لا أفهم لمَ عليّ ألاّ أحتاجك لمجرد أنني كبيرة كفاية .. هل الكبار لا يحتاجون إلى آبائهم ؟
( يبه ) لم رحلتَ وتركتني وحدي أواجه فقدك .. وهذا العالم الذي يملؤه الخواااء ؟
تراك أدركتَ مسبقاً أن الحياة هنا أقل من أن نبقى لأجلها .. فاخترت أن تجرّب حياةً أخرى ؟
لمَ لم تأخذني معك إذن ؟
هذا العالم لا يناسبني يا أبي .. أقسم لك انني أكرهه كل يومٍ أكثر ..
أحاول جاهدة أن أجعل بيني وبينه مسافة كافية لتمنع تسرّبه إليّ .. لا أريده أن يلوّث روحي بسخافاته !
أمي أخبرتني أنك تمنّيت لي أن لا أشبه أحداً .. وحرصتَ على أن أصير مختلفة عن أقراني
حسناً ها أنا مختلفة عنهن .. بهمومٍ أكبر / وبأحلامٍ أكبر / و بطموحٍ أكبر .. ولكن ماذا جنيت ؟
صديقاتي غارقاتٌ في أفكارهن السطحية .. لا يشاركنني اهتماماتي / أشيائي المحببة
وإخوتي لا تعجبهم طريقة تفكيري .. ونظرتي المختلفة تجاه الأشياء
حتى جنّتي ( أمي ) تضيق بي ذرعاً وتصرخ في وجهي أحياناً ..
أرأيت كم أنا وحيدة / بائسة ؟
وهل أدركت لمَ أحتاج أن تربت على كتفي .. وتضمني لصدرك .. كما كنتَ تفعل عندما كنتُ طفلة ؟
عندما رحلت يا أبي لم أفهم – أنا الطفلة – معنى الموت وكيف انك لن تعود إلينا ثانية ..
كنت أصغر من ان أدرك حقيقة ذلك ..
ولم أبكِ عليك حينها ..
عندما أجلستنا أمي – أنا وأخي – بجانبها وحكت لنا حكاية الرجل الصالح الذي مات ودخل الجنة
وكيف أنه كان يبتسم كلما دعا له أحد أبناءه بالمغفرة والرحمة ..
ثم اخبرتنا ان ( بابا ) مات ولن يرجع .. ولكنه ينتظرنا في الجنة لنلحق به بعد زمن !
اذكر انني عوضا عن ان أبكي .. جررت اخي من يده لنكمل لعبة كنّا قد بدأنا بها قبل قليل !
واليوم أتساءل .. هل لأنني لم أبك عليك كما يجب عند وفاتك .. عاقبني الله بشعور الاحتياج الدائم تجاهك ؟
وبالبكاء الذي يندلق في صدري .. حتى في لحظات السعادة العابرة ؟
أتدري يا أبي ..
ذات مساء .. ضبطت نفسي متكوّمة فوق سريري ومحتضنة وسادتي .. وأهمس بصوت خافت : ( يبه ، يبه، يبه .... ) !
كنت أجرب هذه الكلمة بصوتي .. !
لأعرف هل أنا قادرة على أن أنطقها بطريقة جميلة رغم السنوات الطوال التي تفصل بيني وبين آخر مره قلتها فيها !
ولكنها-للأسف - بدت غريبة .. أو ربما ان أذنيّ لم تعتد سماعها بصوتي .. فأجهشتُ بالبكاء بسبب هذا الاكتشاف !
منذ رحيلك يا أبي وأنا مصابةٌ بالحرمان ..
أخاف أن أفقد الأشياء / الأشخاص الذين أحبهم ..
ودوما ً أرفع يدي إلى الله بتضرّع .. ( يا ربي لا تحرمني أكثر )
( يبه ) ... هل تذكرني - وأنت هناك في عزلتك – مثلما أذكرك ؟
وهل تسمعني حين أهمس لك - قُبيل نومي- ( أحبك ) ؟
ويغطّ الكون في رقاده ..
ويختفي الأصدقاء في الظلمة ..
ويمارس حبيبٌ غيابه ..
تستيقظ طفلةٌ فيّ وتصرخ .. ( أبي بابا ! )
.
.
إلى : أبي ، حيث يرقد – بعيداً - في قبره .
لا أعلم - تحديداً - لمَ أكتُب الليلة ناحيتك ..
ولكنني أحتاجك وأفتقدك بشدّة ..
اشعر دوماً بحاجتي لك .. ولكنهم يسخرون منّي حين أعبّر عن هذا الاحتياج بكلمة / بدمعة
ويشيرون ناحيتي بأطراف أصابعهم وهم يتضاحكون ( طفلة ! )
لا أفهم لمَ عليّ ألاّ أحتاجك لمجرد أنني كبيرة كفاية .. هل الكبار لا يحتاجون إلى آبائهم ؟
( يبه ) لم رحلتَ وتركتني وحدي أواجه فقدك .. وهذا العالم الذي يملؤه الخواااء ؟
تراك أدركتَ مسبقاً أن الحياة هنا أقل من أن نبقى لأجلها .. فاخترت أن تجرّب حياةً أخرى ؟
لمَ لم تأخذني معك إذن ؟
هذا العالم لا يناسبني يا أبي .. أقسم لك انني أكرهه كل يومٍ أكثر ..
أحاول جاهدة أن أجعل بيني وبينه مسافة كافية لتمنع تسرّبه إليّ .. لا أريده أن يلوّث روحي بسخافاته !
أمي أخبرتني أنك تمنّيت لي أن لا أشبه أحداً .. وحرصتَ على أن أصير مختلفة عن أقراني
حسناً ها أنا مختلفة عنهن .. بهمومٍ أكبر / وبأحلامٍ أكبر / و بطموحٍ أكبر .. ولكن ماذا جنيت ؟
صديقاتي غارقاتٌ في أفكارهن السطحية .. لا يشاركنني اهتماماتي / أشيائي المحببة
وإخوتي لا تعجبهم طريقة تفكيري .. ونظرتي المختلفة تجاه الأشياء
حتى جنّتي ( أمي ) تضيق بي ذرعاً وتصرخ في وجهي أحياناً ..
أرأيت كم أنا وحيدة / بائسة ؟
وهل أدركت لمَ أحتاج أن تربت على كتفي .. وتضمني لصدرك .. كما كنتَ تفعل عندما كنتُ طفلة ؟
عندما رحلت يا أبي لم أفهم – أنا الطفلة – معنى الموت وكيف انك لن تعود إلينا ثانية ..
كنت أصغر من ان أدرك حقيقة ذلك ..
ولم أبكِ عليك حينها ..
عندما أجلستنا أمي – أنا وأخي – بجانبها وحكت لنا حكاية الرجل الصالح الذي مات ودخل الجنة
وكيف أنه كان يبتسم كلما دعا له أحد أبناءه بالمغفرة والرحمة ..
ثم اخبرتنا ان ( بابا ) مات ولن يرجع .. ولكنه ينتظرنا في الجنة لنلحق به بعد زمن !
اذكر انني عوضا عن ان أبكي .. جررت اخي من يده لنكمل لعبة كنّا قد بدأنا بها قبل قليل !
واليوم أتساءل .. هل لأنني لم أبك عليك كما يجب عند وفاتك .. عاقبني الله بشعور الاحتياج الدائم تجاهك ؟
وبالبكاء الذي يندلق في صدري .. حتى في لحظات السعادة العابرة ؟
أتدري يا أبي ..
ذات مساء .. ضبطت نفسي متكوّمة فوق سريري ومحتضنة وسادتي .. وأهمس بصوت خافت : ( يبه ، يبه، يبه .... ) !
كنت أجرب هذه الكلمة بصوتي .. !
لأعرف هل أنا قادرة على أن أنطقها بطريقة جميلة رغم السنوات الطوال التي تفصل بيني وبين آخر مره قلتها فيها !
ولكنها-للأسف - بدت غريبة .. أو ربما ان أذنيّ لم تعتد سماعها بصوتي .. فأجهشتُ بالبكاء بسبب هذا الاكتشاف !
منذ رحيلك يا أبي وأنا مصابةٌ بالحرمان ..
أخاف أن أفقد الأشياء / الأشخاص الذين أحبهم ..
ودوما ً أرفع يدي إلى الله بتضرّع .. ( يا ربي لا تحرمني أكثر )
( يبه ) ... هل تذكرني - وأنت هناك في عزلتك – مثلما أذكرك ؟
وهل تسمعني حين أهمس لك - قُبيل نومي- ( أحبك ) ؟