ابو خالد الجربا
28-11-2003, 01:19
عندما يحيد الأدب عن الأدب
في ليلةٍ ساكنةٍ مظلمةٍ
ذهبت من وحدتي إلى روتيني الليلي الممل
إلى ما كنت اعتاده كل ليلة
إلى التسكع في شارع الترجل
أترجل فيه لأقطع تلك المسافة التي أقـلـقـتـني
وقتلني التفكير الذي يصاحبني فيها
كنت أمارس رياضة المشي
فتوقفت قليلا ً
فأنا من الذين كانوا يشترون ما يشتهون
ويأكلون ما ينظرون
حتى تراكمت الأوزان على عاتقي
رغم أنى كنت أداعب أصحاب السمنة
ولم اشعر أنى كنت ألتهم كتاب ( كليلة ودِمّـنة )
كنت على الأطباق أداعب السَمَر
حتى أصبحت أعاني من العُجَر والبُجَر
فتأملت في تلك المطاعم التي كانت تملأ المدن
وزوايا الشوارع
حتى اختـلطت رائحة الأحياء بتلك المطاعم
فلو أن بدلا ً من المطاعم مكتبات فيها كتب قيّمة
والناس يرتادونها كما يرتادون المطاعم
لكان لنا عقولاً كبيرة
بدلاً من البطون الكبيرة
ولكنها البطنة تذهب الفطنة
حتى اصبح أحدنا وكأنه في مشروع تسمين عائلي
ثم عاودت السير
اردد المثل الصيني
الذي يقول
الألفين خطوة تبدأ في خطوة واحدة
فهذا ديّدني كل ليلة
وكان الضباب يحجب عني الأفق
وإذا بي برجل جالس وكأنه يشاهد لعبة لكرة القدم
ومن حوله أوراق وبقايا من جريدة ممزقة مرميّة
وكان يرتدي معطفاً اسود
و يتصاعد من رأسه البخار
فأحسست انه منهار
أو على الأقل محتار
فتقدمت إليه وحيـيته بتحيّة الأبرار
بصوتٍ يميل إلى الانكسار دون انكسار
فرد عليّ .. دون أن ينظر إليّ
فقال ماذا تريد
فشدني معطفه الأسود الذي بدأ باللمعان
وسرحت مع قطرات الماء التي تجمعت على معطفه
فراقبت إحداها وهي تجتمع فتـشكل قطرة ندى كبيرة
تـنزل فتـلـتهم كل قطرة صغيرة تقف أمامها
فتذكرت السوق والتجار
فنظر إلي باستغراب
فقال ما بالك
فلاحظ أنني انظر إلى المعطف
فقال لي وهو يبتسم ابتسامة المجاملة .. هل أعجبك ..؟
قلت .. لآ..لا ؛؛ ليس كثيراً
فقال بصوتٍ مائل .. عجباً لكم ..
تطيلون النظر في ما لا يعجبكم
أنت مثلهم ..
فقلت .. مثلهم ..!! من هؤلاء الذين تعني
فقال لا لا لاشيء
فقلت قـلـّي
فقال انصرف إلى حيث مرادك
فقلت أنا لم امضي لحاجة
بل أنى هكذا امشي كل ليلة
فقال ما لذي دعاك لهذا المشي كل ليلة
قلت هو الذي أجلسك الليلة
فقال ويحك إن كنت تفكر مثلي
فقلت ويحي
على ماذا
فقال ويحك من التفكير
فقلت التفكير .. هــه!!
قال نعم
قلت لا عليك فأنا والتفكير توأم
فالتفكير في رأسي مقيم
وأنا له زعيم و نديم
ابنيه في خيالي ثم ارجع عليه فأهدمه
ثم ابنيه مرةً أخرى واهدمه ثانية
تارة ً اسبح فيه وتارة ً تكسرني أمواجه
فنظر إليّ صاحب المعطف الأسود بنظرة اندهاش ثم قال
اجلس اجلس واخذ يكررها بصوتٍ يتدرج بالانخفاض..
فجلست
ثم قال هل أنت من الذين يقرءون
فقلت يقرءون ماذا
قال الأدب
قلت الأدب
قال نعم
قلت حدد
فقال أضنني لن أستطيع معك صبراً
فقلت لا تؤاخذني
فأنا لم افهم ما تريده بالتحديد
ما هو المحور الذي تريد التحدث عنه
فقال الأدب المعاصر
فقلت الأدب المعاصر
قال نعم الأدب القاصر إن صحت التسمية
فقلت آآآآآآآه
فقال ما بالك تـتـأوه..
قلت لقد وقعتَ على جرحي ....؟؟؟
المرء يحيا بلا ساقٍ ولا عضد ِ ...ولا يعيش بلا قلبٍ ولا أدب
آآآه .. ثم ..آآآه يا صاحب المعطف الأسود
أي دنيا هذه التي نعايش
كيف نتعامل معها ..
فقال لي صاحب المعطف الأسود
الدنيا صحراء شاسعة قاحلة ليس فيها ماء فإن جعلت سيارتك تقوى الله
وعُـزبتك التوكل على الله وطعامك فيها العمل الصالح الخالص لوجه الله
فسوف تـنجو بإذن الله فإن نجوت فبرحمة الله وإن لم تـنجو فاعلم انك قد
هلكت بسبب ذنوبك فلا تـلومنّ إلا نفسك..
وهذا الوقت يا صاحبي وقتٌ يحتظر الأدب في وعثائه
هل نظرت إلى ما يكتب اليوم
هل انهارت أهدابك على بعـضها عندما قرأت في بعض الكتابات التي
أخذت حيّـز الإعجاب بين صفوف الأدباء
هل تحركت شفتاك وأخذت تهمهم عندما قرأت بعض الخـُـزعبلات
الشهوانيّة .. التي لا تكتب إلا عن العـشق و أسراب الطيور الغراميّة الليلية
لا تعرف إلا الـقـُـبـلة
ولا تسعى إلا للنظرة
و لا يعجبها إلا الهمس
ولا يشغلها إلا الفراق
ما بال هؤلاء ..
نعم إن من الناس من ينتصر بالرذيلة ..
كما إن منهم من تخذله الفضيلة ..
لأن لو فيهم خيراً لأسمعهم الله ..
فليس معنى الأدب أن لا أتأدب ..؛؛!!
لِما لا نحترم أذن المستمع
لماذا لا نصل إليه بالذي هو يحتاج ..
لا الذي نحن نريد ..
فلتستحق أولاً ثم ترغب بعد ذلك .......
يا صاحبي دعني وشأني
قالها صاحب المعطف الأسود بعنفوان ..
فقلت ؛؛ كيف ادعك
كيف وقد رميتـني في بحرك اللجيِّ
أخرجني منه أولا ً كي اذهب عنك
فقال لي وهو يبتسم ويزفر زفرة ً هادئة
وهل رأيت غريقاً ينقذ غريقاً من الغرق ..
يا صاحبي إن للأدب بهاء
ولذئاب عواء
وللقطة مواء
فلا تكن كالحيوان لا يفتح فمه إلا إذا اشتهى.. !!؟؟
ولا تسألني ماذا وكيف يشتهي الحيوان ..
فقلت .. لا .. لا
فإني اعرف هذه العبارة واعرف مدلولاتها ..
فقال إذاً أنصرف أنا ؛؛ ولعلك تفكر في كيفية الارتقاء عن مستوى النشاز في الأدب المعاصر
فقلت.. حسناً سأفكر ..
فقام وذهب حتى تلاشى في الضباب
فقلت في نفسي
وداعاً يا صاحب المعطف الأسود
قد تنتهي انتظروا
هو الحزن ...........ليس اكثر
اخوكم
في ليلةٍ ساكنةٍ مظلمةٍ
ذهبت من وحدتي إلى روتيني الليلي الممل
إلى ما كنت اعتاده كل ليلة
إلى التسكع في شارع الترجل
أترجل فيه لأقطع تلك المسافة التي أقـلـقـتـني
وقتلني التفكير الذي يصاحبني فيها
كنت أمارس رياضة المشي
فتوقفت قليلا ً
فأنا من الذين كانوا يشترون ما يشتهون
ويأكلون ما ينظرون
حتى تراكمت الأوزان على عاتقي
رغم أنى كنت أداعب أصحاب السمنة
ولم اشعر أنى كنت ألتهم كتاب ( كليلة ودِمّـنة )
كنت على الأطباق أداعب السَمَر
حتى أصبحت أعاني من العُجَر والبُجَر
فتأملت في تلك المطاعم التي كانت تملأ المدن
وزوايا الشوارع
حتى اختـلطت رائحة الأحياء بتلك المطاعم
فلو أن بدلا ً من المطاعم مكتبات فيها كتب قيّمة
والناس يرتادونها كما يرتادون المطاعم
لكان لنا عقولاً كبيرة
بدلاً من البطون الكبيرة
ولكنها البطنة تذهب الفطنة
حتى اصبح أحدنا وكأنه في مشروع تسمين عائلي
ثم عاودت السير
اردد المثل الصيني
الذي يقول
الألفين خطوة تبدأ في خطوة واحدة
فهذا ديّدني كل ليلة
وكان الضباب يحجب عني الأفق
وإذا بي برجل جالس وكأنه يشاهد لعبة لكرة القدم
ومن حوله أوراق وبقايا من جريدة ممزقة مرميّة
وكان يرتدي معطفاً اسود
و يتصاعد من رأسه البخار
فأحسست انه منهار
أو على الأقل محتار
فتقدمت إليه وحيـيته بتحيّة الأبرار
بصوتٍ يميل إلى الانكسار دون انكسار
فرد عليّ .. دون أن ينظر إليّ
فقال ماذا تريد
فشدني معطفه الأسود الذي بدأ باللمعان
وسرحت مع قطرات الماء التي تجمعت على معطفه
فراقبت إحداها وهي تجتمع فتـشكل قطرة ندى كبيرة
تـنزل فتـلـتهم كل قطرة صغيرة تقف أمامها
فتذكرت السوق والتجار
فنظر إلي باستغراب
فقال ما بالك
فلاحظ أنني انظر إلى المعطف
فقال لي وهو يبتسم ابتسامة المجاملة .. هل أعجبك ..؟
قلت .. لآ..لا ؛؛ ليس كثيراً
فقال بصوتٍ مائل .. عجباً لكم ..
تطيلون النظر في ما لا يعجبكم
أنت مثلهم ..
فقلت .. مثلهم ..!! من هؤلاء الذين تعني
فقال لا لا لاشيء
فقلت قـلـّي
فقال انصرف إلى حيث مرادك
فقلت أنا لم امضي لحاجة
بل أنى هكذا امشي كل ليلة
فقال ما لذي دعاك لهذا المشي كل ليلة
قلت هو الذي أجلسك الليلة
فقال ويحك إن كنت تفكر مثلي
فقلت ويحي
على ماذا
فقال ويحك من التفكير
فقلت التفكير .. هــه!!
قال نعم
قلت لا عليك فأنا والتفكير توأم
فالتفكير في رأسي مقيم
وأنا له زعيم و نديم
ابنيه في خيالي ثم ارجع عليه فأهدمه
ثم ابنيه مرةً أخرى واهدمه ثانية
تارة ً اسبح فيه وتارة ً تكسرني أمواجه
فنظر إليّ صاحب المعطف الأسود بنظرة اندهاش ثم قال
اجلس اجلس واخذ يكررها بصوتٍ يتدرج بالانخفاض..
فجلست
ثم قال هل أنت من الذين يقرءون
فقلت يقرءون ماذا
قال الأدب
قلت الأدب
قال نعم
قلت حدد
فقال أضنني لن أستطيع معك صبراً
فقلت لا تؤاخذني
فأنا لم افهم ما تريده بالتحديد
ما هو المحور الذي تريد التحدث عنه
فقال الأدب المعاصر
فقلت الأدب المعاصر
قال نعم الأدب القاصر إن صحت التسمية
فقلت آآآآآآآه
فقال ما بالك تـتـأوه..
قلت لقد وقعتَ على جرحي ....؟؟؟
المرء يحيا بلا ساقٍ ولا عضد ِ ...ولا يعيش بلا قلبٍ ولا أدب
آآآه .. ثم ..آآآه يا صاحب المعطف الأسود
أي دنيا هذه التي نعايش
كيف نتعامل معها ..
فقال لي صاحب المعطف الأسود
الدنيا صحراء شاسعة قاحلة ليس فيها ماء فإن جعلت سيارتك تقوى الله
وعُـزبتك التوكل على الله وطعامك فيها العمل الصالح الخالص لوجه الله
فسوف تـنجو بإذن الله فإن نجوت فبرحمة الله وإن لم تـنجو فاعلم انك قد
هلكت بسبب ذنوبك فلا تـلومنّ إلا نفسك..
وهذا الوقت يا صاحبي وقتٌ يحتظر الأدب في وعثائه
هل نظرت إلى ما يكتب اليوم
هل انهارت أهدابك على بعـضها عندما قرأت في بعض الكتابات التي
أخذت حيّـز الإعجاب بين صفوف الأدباء
هل تحركت شفتاك وأخذت تهمهم عندما قرأت بعض الخـُـزعبلات
الشهوانيّة .. التي لا تكتب إلا عن العـشق و أسراب الطيور الغراميّة الليلية
لا تعرف إلا الـقـُـبـلة
ولا تسعى إلا للنظرة
و لا يعجبها إلا الهمس
ولا يشغلها إلا الفراق
ما بال هؤلاء ..
نعم إن من الناس من ينتصر بالرذيلة ..
كما إن منهم من تخذله الفضيلة ..
لأن لو فيهم خيراً لأسمعهم الله ..
فليس معنى الأدب أن لا أتأدب ..؛؛!!
لِما لا نحترم أذن المستمع
لماذا لا نصل إليه بالذي هو يحتاج ..
لا الذي نحن نريد ..
فلتستحق أولاً ثم ترغب بعد ذلك .......
يا صاحبي دعني وشأني
قالها صاحب المعطف الأسود بعنفوان ..
فقلت ؛؛ كيف ادعك
كيف وقد رميتـني في بحرك اللجيِّ
أخرجني منه أولا ً كي اذهب عنك
فقال لي وهو يبتسم ويزفر زفرة ً هادئة
وهل رأيت غريقاً ينقذ غريقاً من الغرق ..
يا صاحبي إن للأدب بهاء
ولذئاب عواء
وللقطة مواء
فلا تكن كالحيوان لا يفتح فمه إلا إذا اشتهى.. !!؟؟
ولا تسألني ماذا وكيف يشتهي الحيوان ..
فقلت .. لا .. لا
فإني اعرف هذه العبارة واعرف مدلولاتها ..
فقال إذاً أنصرف أنا ؛؛ ولعلك تفكر في كيفية الارتقاء عن مستوى النشاز في الأدب المعاصر
فقلت.. حسناً سأفكر ..
فقام وذهب حتى تلاشى في الضباب
فقلت في نفسي
وداعاً يا صاحب المعطف الأسود
قد تنتهي انتظروا
هو الحزن ...........ليس اكثر
اخوكم