محمد العربي
12-11-2003, 03:21
صـــــــــــــــــــــــــرخة طلي
صدى قد عانقه حُسنُ نغمِ=تزهوا بهِ طرباً قطعانٌ من الغنمِ
تهيم بالفياضِ أمناً وهي لاهيةً= فمن خيرها تأكل الأعشابَ بلا نهمِ
ومن ما قيل عن الرياحِ للسُفنِ=جرت بضدٍ فهامت على بحرٍ مُلتطمِ
أتت عليها الضواريَ من كُل حدبٍ=ما بين سرحانٍ وأعرجٍ وضيغمِ
والكبشُ ولى لا يألوا على أحدٍ=في يومٍ لا يُغني القرن عن .. أجمِ
قد قرع ( المرياعُ ) بطبلته منذراً=بدويٍ قد أسمع من كان به صممِ
أن الفِرار إن الموت قد أزِف=فالسبعُ لا يرحمُ صغيراً كان أو هرمِ
صبراً .. أفلا تُنادي باللقاءِ والجلدِ ؟=ألا ترى أن تشحذ العزم أو الهِممِ ؟
كيف ؟! وكلٌ قد فر في لحظةٍ=عادل بها ودُ الغريبِ .. اخو الرحمِ
فلا عجفاءَ ولا تولاءَ قد نَجيا=ولا مترديةٍ عرجاءُ أُضنت من السَقمِ
قد عاثت بهم أحقادُ قومٍ متربصةً=كأنها ألمت من أمرٍ كان فيه مُنتَقمِ
تلك أُكلت والأخرى قد نُُهشت=وتلك قد قُطعت منها اليدُ والقدمِ
ونائحةٌ من النعاج ثُكلى بوليدها=أيا ( طُليي ) ما يُسلي عنك خيار البهمِ
أين دوللي منك بمقامها وإن علت=إن أنت أتيت .. آلت هي للعدمِ
فرت وأذنابُها في علوٍ مرفرفةً=كأيادي محيين , إكتضوا بملعب القدمِ
من لكم من الملمات الآن يغيثكمُ=وأي دربٍ ينجيكم من هذا .. اللممِ
هذا مِن ما أكل السبعُ , ويُمنــــــــع التأويل من البعضُ .
ولتأكيد المنع لنسترسل ..
فالشاة هي الواحده من الغنم , وتصغيرها شويهة , والجمع هو شياه أو شاء إن كان عددها كثيراً , ويقول العرب , كل شاةٍ برجلها معلقه , وهي لوكيع ابن سلمه , وتعني أن كل رجلٌ يجزى بعمله . ويقال جُز صوفها وللماعز حلق شعرها , والقصاص يكون في شهر نيسان ( أظن ذلك ) .
تكتض جواخير أو أحواش بيع الأغنام بالمشترين في شهر رمضان , ولهذا العالم يوجد المتمرسين والعارفين ومن يفرقون بين الطيب منها وبين من هي غير ذلك , وللباعه علوم ومخابر , يُقَيمون أسعار البهم وحسب من يأتيهم , إعتماداً على الزي أحياناً , وعلى الطريقة التي يتعامل بها الشاري مع البائع .
مرةً ذهبت إلى هناك , وناداني أحدهم بــ يالطيب ياللي ما تشتري إلا طيب , فلما وقفت , أتاني وهو ماسكٌ بأحد الخراف وهو رافعه إلى الأعلى وممسكاً بيديه , جاعلاً الخروف واقفٌ على رجليه .. ليقول .. حط يدك .. ونت تذكر الله !!
ولا أدري أيريدني أن أصافحه , وهو على هذا الوضع ؟! أم ماذا ؟!
فطبطبت حينها على رأس الخروف وهو واقف , مُخاطباً صاحبه وقلت .. يتربى بعزك إن شاء الله , ثم ذهبت الى غيره .
لا أدري في الحقيقه , لم هذه الأساليب المعوجه هي شائعةٌ بين باعة الغنم ؟!
فبعضهم يضع فخذه تحت بطن الخروف , والبعض يشُد إذنه بيده !!
دُعيت يوماً إلى وليمه , عند من ألفوا حياة التمدن والتحضر والتحرر من كل مرتكزٍ أو مرجعٍ قد تآلف معه آبائهم , ثم ولجنا إلى غرفه ( مقلط ) وقد صُفت القدور على الميسره , وقد كان النظام المُتبع هو ( إخدم نفسك بنفسك ) أي تأخذ صحناً وتصطف في الطابور , لتغرف من كلِ قدرٍ بما يسرك أو يروق لك !!
في الحقيقه , شعرت ونحن على هذه الحاله , وكأننا ( وبلا تهكم ) جياع قد جمعتهم إحدى الخيام الخيريه !!
في عكس هذا الموقف , كُنا في وليمة , وقد جعلوا حولها من الملحقات ومنها المهلبيه أو المحلبيه ( أرجو أن لا تظنون بي ظن السوء .. فلست بمن يهرول خلف الولائم ) , عموماً نعود لصاحب الدعوه , جلسنا وكان بجانبي أحد كبار السن , الذي إهتم بي كثيراً ( نظراً للحياء الكامل الذي أتصف به ) فكان يضع أمامي ما يضع بمثيله أمامه .. بمعنى آخر كان يضع من المهلبيه على الطرف الذي أمامي من الصحن , ظناً منه أنها ( روووب ) !!
إثنين , قد غَرِموا بالبادية وأهلها , حيث طافوا أماكن البدو وتعايشوا معهم , حتى ألفوهم وأحبوهم , وإن كان طوافهم .. لمصلحه , لكن ولأنهم من أهل الحاضره , فلم يتركوا التهكم من طريقة أكل بعض من صادفوا من بعض البدو !
الأصمعي وأمين الريحاني ..
يقول الأصمعي .. دعاني بعض كرام العرب إلى قرى الطعام , فخرجت معه إلى البريه , وكان مِن ما أُحضر لنا , إناء ممتليء سمناً , فجلسنا للأكل , وإذا بإعرابي ينسف الأرض نسفاً حتى جلس من غير نداء , فجعل يأكل والسمن يسيل على كراعه , فأردت أن أُضحك الحاضرين عليه ( هذا سأذكره لاحقاً ) .
أما أمين الريحاني فيقول , أنهم كانوا على وليمه , وكان بجانبه أحدهم وقد شحذ سلاحه يسف الارز سفاً عجيباً , وقد كُنت أُراقبه وأعجب منه , بل وأتمنى أن يكون لي جزء مما له من المهارة والإقتدار . يقول الريحاني : فسألته , إذا كان يستحق الشهادة في السف البسيط , وهو أن تأخذ شيئاً من الارز فتعجنه بين أصابعك وتدفعه بالإبهام إلى فمك . فاستعرض سفي ثم قال , لا يزال ينقصك شيء من العلم والإتقان . فمد يده حينها الى الصحن , وأدارها فيه , كأنه يحدد دائره هي ملكه , وقبض على كتلة منه كبيره قد ملكها , ثم رفعها وجعلها ( وهو يعصر منها السمن ) متماسكه , فقذف بها إذ ذاك إلى فمه دون أن يسقط منها أو يتبقى بين أنامله منها حبةٌ واحده . فقال الريحاني إني مسافر إلى نجد فأتمرن هناك , وسأعود إليك لتعطيني الشهاده !!
نعود للأصمعي وهذه الطرفه ..
يقول ولكي أُضحك الجمع عليه .. سألته , أتقول الشعر ؟ أم ترويه ؟ فقال : كيف لا أقول الشعر وأنا أمه وأبيه , فقلت إن عندي قافيه تحتاج إلى غطاء , فقال لي : هات ماعندك , فغصت في بحور الشعر , فما وجدت أصعب من قافية الواو المجزومه , فقلت :
قوم بنجد قد عهدناهم=سقاهم الله من النو
ثم قلت : أتدري النو ماذا ؟ فقال :
نو تلألأ في دُجا ليلة=حالكة مظلمة لو
فقلت : لو ماذا ؟ فقال :
لو سار فيها فارسٌ لإنثنى=على بساط الأرض منطو
فقلت له : منطو ماذا ؟ فقال :
منطوي الكشح هضيم الحشا=كالباز ينقَضُ من الجو
فقلت له : الجو ماذا ؟ فقال :
جو السماء والريح تعلو به=اشتَم ريح الأرضِ فاعلو
فقلت له : فاعلوا ماذا ؟ فقال :
فاعلوا لما عِيل من صبره=فصار نحو القوم ينعو
فقلت له : ينعو ماذا ؟ فقال :
ينعو رجالاً للفنا شرعت=كفيت ما لاقوا وما يلقوا
علمت ( يقول الأصمعي ) أنه لا شيء بعد الفناء , فأردت أن أثقل عليه , فقلت له : يلقوا ماذا ؟ فقال :
إن كنت ما تفهم ما قلته=فأنت عندي رجل بـــــو
فقلت له : البو ماذا ؟ فقال :
البو سلخ قد حشي جلده=يا ألف قرنان تقوم عني أو ؟
فقلت له : أو ماذا ؟ فقال :
أو أضرب الرأس بصوانة=تقول في ضربتها قو
فخاف أصمعينا من أن يقول له قوا ماذا , فيضربه ويكمل البيت !!
صدى قد عانقه حُسنُ نغمِ=تزهوا بهِ طرباً قطعانٌ من الغنمِ
تهيم بالفياضِ أمناً وهي لاهيةً= فمن خيرها تأكل الأعشابَ بلا نهمِ
ومن ما قيل عن الرياحِ للسُفنِ=جرت بضدٍ فهامت على بحرٍ مُلتطمِ
أتت عليها الضواريَ من كُل حدبٍ=ما بين سرحانٍ وأعرجٍ وضيغمِ
والكبشُ ولى لا يألوا على أحدٍ=في يومٍ لا يُغني القرن عن .. أجمِ
قد قرع ( المرياعُ ) بطبلته منذراً=بدويٍ قد أسمع من كان به صممِ
أن الفِرار إن الموت قد أزِف=فالسبعُ لا يرحمُ صغيراً كان أو هرمِ
صبراً .. أفلا تُنادي باللقاءِ والجلدِ ؟=ألا ترى أن تشحذ العزم أو الهِممِ ؟
كيف ؟! وكلٌ قد فر في لحظةٍ=عادل بها ودُ الغريبِ .. اخو الرحمِ
فلا عجفاءَ ولا تولاءَ قد نَجيا=ولا مترديةٍ عرجاءُ أُضنت من السَقمِ
قد عاثت بهم أحقادُ قومٍ متربصةً=كأنها ألمت من أمرٍ كان فيه مُنتَقمِ
تلك أُكلت والأخرى قد نُُهشت=وتلك قد قُطعت منها اليدُ والقدمِ
ونائحةٌ من النعاج ثُكلى بوليدها=أيا ( طُليي ) ما يُسلي عنك خيار البهمِ
أين دوللي منك بمقامها وإن علت=إن أنت أتيت .. آلت هي للعدمِ
فرت وأذنابُها في علوٍ مرفرفةً=كأيادي محيين , إكتضوا بملعب القدمِ
من لكم من الملمات الآن يغيثكمُ=وأي دربٍ ينجيكم من هذا .. اللممِ
هذا مِن ما أكل السبعُ , ويُمنــــــــع التأويل من البعضُ .
ولتأكيد المنع لنسترسل ..
فالشاة هي الواحده من الغنم , وتصغيرها شويهة , والجمع هو شياه أو شاء إن كان عددها كثيراً , ويقول العرب , كل شاةٍ برجلها معلقه , وهي لوكيع ابن سلمه , وتعني أن كل رجلٌ يجزى بعمله . ويقال جُز صوفها وللماعز حلق شعرها , والقصاص يكون في شهر نيسان ( أظن ذلك ) .
تكتض جواخير أو أحواش بيع الأغنام بالمشترين في شهر رمضان , ولهذا العالم يوجد المتمرسين والعارفين ومن يفرقون بين الطيب منها وبين من هي غير ذلك , وللباعه علوم ومخابر , يُقَيمون أسعار البهم وحسب من يأتيهم , إعتماداً على الزي أحياناً , وعلى الطريقة التي يتعامل بها الشاري مع البائع .
مرةً ذهبت إلى هناك , وناداني أحدهم بــ يالطيب ياللي ما تشتري إلا طيب , فلما وقفت , أتاني وهو ماسكٌ بأحد الخراف وهو رافعه إلى الأعلى وممسكاً بيديه , جاعلاً الخروف واقفٌ على رجليه .. ليقول .. حط يدك .. ونت تذكر الله !!
ولا أدري أيريدني أن أصافحه , وهو على هذا الوضع ؟! أم ماذا ؟!
فطبطبت حينها على رأس الخروف وهو واقف , مُخاطباً صاحبه وقلت .. يتربى بعزك إن شاء الله , ثم ذهبت الى غيره .
لا أدري في الحقيقه , لم هذه الأساليب المعوجه هي شائعةٌ بين باعة الغنم ؟!
فبعضهم يضع فخذه تحت بطن الخروف , والبعض يشُد إذنه بيده !!
دُعيت يوماً إلى وليمه , عند من ألفوا حياة التمدن والتحضر والتحرر من كل مرتكزٍ أو مرجعٍ قد تآلف معه آبائهم , ثم ولجنا إلى غرفه ( مقلط ) وقد صُفت القدور على الميسره , وقد كان النظام المُتبع هو ( إخدم نفسك بنفسك ) أي تأخذ صحناً وتصطف في الطابور , لتغرف من كلِ قدرٍ بما يسرك أو يروق لك !!
في الحقيقه , شعرت ونحن على هذه الحاله , وكأننا ( وبلا تهكم ) جياع قد جمعتهم إحدى الخيام الخيريه !!
في عكس هذا الموقف , كُنا في وليمة , وقد جعلوا حولها من الملحقات ومنها المهلبيه أو المحلبيه ( أرجو أن لا تظنون بي ظن السوء .. فلست بمن يهرول خلف الولائم ) , عموماً نعود لصاحب الدعوه , جلسنا وكان بجانبي أحد كبار السن , الذي إهتم بي كثيراً ( نظراً للحياء الكامل الذي أتصف به ) فكان يضع أمامي ما يضع بمثيله أمامه .. بمعنى آخر كان يضع من المهلبيه على الطرف الذي أمامي من الصحن , ظناً منه أنها ( روووب ) !!
إثنين , قد غَرِموا بالبادية وأهلها , حيث طافوا أماكن البدو وتعايشوا معهم , حتى ألفوهم وأحبوهم , وإن كان طوافهم .. لمصلحه , لكن ولأنهم من أهل الحاضره , فلم يتركوا التهكم من طريقة أكل بعض من صادفوا من بعض البدو !
الأصمعي وأمين الريحاني ..
يقول الأصمعي .. دعاني بعض كرام العرب إلى قرى الطعام , فخرجت معه إلى البريه , وكان مِن ما أُحضر لنا , إناء ممتليء سمناً , فجلسنا للأكل , وإذا بإعرابي ينسف الأرض نسفاً حتى جلس من غير نداء , فجعل يأكل والسمن يسيل على كراعه , فأردت أن أُضحك الحاضرين عليه ( هذا سأذكره لاحقاً ) .
أما أمين الريحاني فيقول , أنهم كانوا على وليمه , وكان بجانبه أحدهم وقد شحذ سلاحه يسف الارز سفاً عجيباً , وقد كُنت أُراقبه وأعجب منه , بل وأتمنى أن يكون لي جزء مما له من المهارة والإقتدار . يقول الريحاني : فسألته , إذا كان يستحق الشهادة في السف البسيط , وهو أن تأخذ شيئاً من الارز فتعجنه بين أصابعك وتدفعه بالإبهام إلى فمك . فاستعرض سفي ثم قال , لا يزال ينقصك شيء من العلم والإتقان . فمد يده حينها الى الصحن , وأدارها فيه , كأنه يحدد دائره هي ملكه , وقبض على كتلة منه كبيره قد ملكها , ثم رفعها وجعلها ( وهو يعصر منها السمن ) متماسكه , فقذف بها إذ ذاك إلى فمه دون أن يسقط منها أو يتبقى بين أنامله منها حبةٌ واحده . فقال الريحاني إني مسافر إلى نجد فأتمرن هناك , وسأعود إليك لتعطيني الشهاده !!
نعود للأصمعي وهذه الطرفه ..
يقول ولكي أُضحك الجمع عليه .. سألته , أتقول الشعر ؟ أم ترويه ؟ فقال : كيف لا أقول الشعر وأنا أمه وأبيه , فقلت إن عندي قافيه تحتاج إلى غطاء , فقال لي : هات ماعندك , فغصت في بحور الشعر , فما وجدت أصعب من قافية الواو المجزومه , فقلت :
قوم بنجد قد عهدناهم=سقاهم الله من النو
ثم قلت : أتدري النو ماذا ؟ فقال :
نو تلألأ في دُجا ليلة=حالكة مظلمة لو
فقلت : لو ماذا ؟ فقال :
لو سار فيها فارسٌ لإنثنى=على بساط الأرض منطو
فقلت له : منطو ماذا ؟ فقال :
منطوي الكشح هضيم الحشا=كالباز ينقَضُ من الجو
فقلت له : الجو ماذا ؟ فقال :
جو السماء والريح تعلو به=اشتَم ريح الأرضِ فاعلو
فقلت له : فاعلوا ماذا ؟ فقال :
فاعلوا لما عِيل من صبره=فصار نحو القوم ينعو
فقلت له : ينعو ماذا ؟ فقال :
ينعو رجالاً للفنا شرعت=كفيت ما لاقوا وما يلقوا
علمت ( يقول الأصمعي ) أنه لا شيء بعد الفناء , فأردت أن أثقل عليه , فقلت له : يلقوا ماذا ؟ فقال :
إن كنت ما تفهم ما قلته=فأنت عندي رجل بـــــو
فقلت له : البو ماذا ؟ فقال :
البو سلخ قد حشي جلده=يا ألف قرنان تقوم عني أو ؟
فقلت له : أو ماذا ؟ فقال :
أو أضرب الرأس بصوانة=تقول في ضربتها قو
فخاف أصمعينا من أن يقول له قوا ماذا , فيضربه ويكمل البيت !!