الشيخ/عبدالله السالم
14-10-2003, 11:30
أيها الفضلاء ها هيا : لاحتْ بشائرُ الرضى ، وأزلفتْ أيامُ الهدى ، وأقبلتْ ليالي التقى ، القلوبُ فرحةٌ ، والأنفسُ مشتاقةٌ ، والعزائمُ متوقِّدةٌ ، والأذهانُ متوثِّبةٌ ، والأفئدةُ متطلِّعَةٌ ، شوقاً لرؤيتِهِ ، وحبّاً لطلعتِهِ ، وتيمناً بمقدمِهِ ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيْنَاتٍ مِّن الْهُدَى وَالْفُرْقَان ) إنه موسمُ الطاعةِ ، وميدانُ العبادةِ ، ومجالُ الصدقةِ ، وشهرُ التوبةِ ، أقبلَ في مدةٍ يسيرةٍ ، وفترةٍ وجيزةٍ ، وسرعةٍ غريبةٍ ، وسوف تنصرمُ أيامُهُ وتنقضي ساعاتُهُ ، وتسارعُ أوقاتُه ُ، فنفاجئ به وقد بقي قليلُهُ ، وأزفَ رحيلُهُ ، روى الإمامُ أحمدُُ والنسائيُ ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، قال : كانَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ، يبشرُ أصحابَهُ بقدومِ شهرِ رمضانَ ، فيقول : { جاءَكم شهرُ رمضانَ ، شهرٌ مباركٌ ، كتبَ اللهُ عليكم صيامَهُ ، فيه تُفتحُ أبوابُ الجنةِ ، وتغلقُ فيه أبوابُ الجحيمِ ، وتُغلُّ فيه الشياطينُ ، وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ } فانظروا رحمَكَم اللهُ إلى هذه البُشارةِ النبويةِ ، التي بشرَ فيها النبيُ أصحابَهُ بشهرِ رمضانَ ، وأخبرَهُـم بفضلِهِ ومضاعفةِ الأعمالِ الصالحةِ فيه ، وأنه شهرٌ عظيمٌ مباركٌ ، قال بعضُ العلماءِ هذا الحديثُ أصلٌ في تهنئةِ الناسِ بعضِهم بعضاً ، بشهرِ رمضانَ ، وكيف لا يُبَشَّرُ المؤمنُ بشهرٍ ، يفتحُ اللهُ فيه أبوابَ الجنةِ ، وكيف لا يُبَشَّرُ المذنبُ ، بشهرٍ ، يغلقُ اللهُ فيه أبوابَ النارِ ؟ وكيف لا يُبَشَّر العاقلُ ، بوقتٍ يُغَلُّ فيه الشيطانُ ؟ وفي الحديث ، { لو يعلمُ الناسُ ما في رمضانَ ، لتمنَّتْ أمتي أن يكونَ رمضانُ السنةَ كلَّها } وقالَ : { ما مرَّ بالمسلمين شهرٌ قط خيرٌ لهم منه، ولا مرَّ بالمنافقين شهرٌ قط أشرُّ لهم منه } وعن أبي هريـرةَ رضي اللهُ عنه عن النبي قال: { كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له ، الحسنةُ بعشر أمثالِها إلى سبعمائةِ ضعفٍ قالَ اللهُ عز وجل : إلا الصيامَ فإنه لي وأنا أجزي به، إنه يدعُ شهوتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ من أجلي } وللصائمِ فرحتانِ : فرحـةٌ عنـدَ فطرِهِ وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّه ِ، ولخلوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عندَ اللهِ من ريحِ المسكِ ، شهرُ رمضانَ ، شهرٌ كريمٌ ، أعزَّ اللهُ من بين شهورِ العامِ شأنَهُ ، وجعلَهُ شهرَ الصومِ ، الَّذي نسبَهُ لنفسِهِ ، كما سمتم في الحديثِ القدسي : {كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلاَّ الصومَ فإنه لي وأنا أُجزي به } شهرٌ أفردَهُ اللهُ بالشرفِ العظيمِ ، حين ذكرَهُ باسمِهِ ، دونَ سائرِ الشهورِ ، فقالَ تعالى : ( شَهْرُ رَمضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآَن هدىً للنَّاسِ وَبِيِّنَتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْشَّهرَ فَلْيَصمُه ) شهرٌ هو نفحةٌ من نفحاتِ اللهِ ، هانحن الآن على أبوابِ رمضانَ ، لا تفصلُنا عنه إلا أيامٌ معدودةٌ تمرُّ مرَّ البرقِ ، وتنقضي انقضاءَ الحلمِ ، فمن منا فكرَ في الاستعدادِ له ، والتهئِِ لاستقبالِهِ ؟ الأستعداد الذي يُجنى من ورائه الحسنات ،