الجــــارح
18-09-2003, 09:55
الحقنة التي أنقذت حياته أصابته بالمرض
والد مريض إيدز: هل أرمي ابني في الشارع بعد انتهاء أمر العلاج؟
جدة: عاصم الغامدي
دموع العجز وقلة الحيلة عندما تزرف من عيني رجل، هي قمة المأساة، وعندما تكون دموعه متوسلة من أجل استكمال علاج ابنه من مرض لعين، أصابه بلا ذنب جناه، أو جريرة ارتكبها، تدرك مدى فداحة ما بداخل الرجل المنتحب من هموم لا يقدر ثقلها سوى مكلوم مثله.
شاهدته "الوطن" ينتحب أمام إحدى المؤسسات الطبية يحاول الحصول على أمر جديد لحقن ابنه بالدواء، حوله مسؤولو تلك الجهة إلى مستشفيين في نفس المنطقة التي يسكن فيها بتقرير يفيد بأن ابنه مريض ويحتاج إلى هذا العلاج، ومن حقه أن يحصل عليه كمواطن مصاب بمرض مستعصٍ، ولا ذنب له فيه.
انتهاء أمر العلاج
يتساءل الرجل الذي هده الألم، وغلبته الدموع "ماذا أفعل؟ هل أرمي فلذة كبدي في الشارع؟ أين ذهبت القلوب الرحيمة حتى يوقفوا علاج ابني بحجة أن أمر العلاج انتهى. حقا أمر العلاج انتهى، ولكن ابني مازال على قيد الحياة يصارع الموت بعزيمة استمدها من رحمة الله، التي وسعت كل شيء، ولا يريد من هذه الدنيا سوى أن يحصل على حقه في العلاج كأي مواطن مريض، لا يقوى على دفع تكاليف علاجه خاصة وأنه ليس له ذنب في الإصابة بهذا المرض".
الحكاية من البداية
ولد "ع.ع" بمرض الـ"هيموفيليا"، وهو عبارة عن سيولة مفرطة في الدم، ويتسم بالخطورة إذا ما تعرض المريض لأي نزيف من أي نوع، وقد وصف له الأطباء دواء يسمى "فاكتور 8"، يؤخذ عن طريق الحقن.
الحقن بدم مستورد ملوث
وعندما بلغ السابعة من العمر وبدأ في تبديل أسنانه، تعرض لنزيف حاد أدخل على إثره المستشفى وتم تنويمه في غرفة العناية المركزة، وبعد أن لاحظ الأطباء استمرار النزيف بطريقة قد تؤثر على حياته قاموا بحقنه بدم مستورد من الخارج، وتم إنقاذه وغادر المستشفى ليفاجأ ذووه بإصابته بمرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، وعندما غضب والده وطلب التحقيق في الأمر، متهما الأطباء بنقل دم ملوث لابنه رفض الأطباء ذلك وقالوا له إن مضاعفات المرض هي السبب، في ذلك على الرغم من عدم قناعته بالأمر، اضطر إلى الموافقة والرضوخ للأمر الواقع ووكل أمره إلى الله، ولأنه من ذوي الدخل المحدود حصل على أمر بعلاج ابنه في بريطانيا.
علاج في بريطانيا
مكث "ع" في بريطانيا حوالي 8 أشهر إلى أن استقرت حالته، ثم عاد إلى السعودية وبدأ رحلة العلاج بين جدة ولندن لمدة 8 سنوات، تعلم خلالها اللغة الإنجليزية وبعض مبادئ الكمبيوتر، مع استمراره في دراسته الاعتيادية، إلى أن حصل على الشهادة الإعدادية.
توقف "ع" عن الدراسة وانتهى أمر العلاج الذي حصل عليه وبدأ والده رحلة أخرى من المعاناة بحثاً عن جهة تعطي ابنه العلاج اللازم.
رحلة من المعاناة
حصل في بادئ الأمر على أمر بالعلاج في أحد مستشفيات العاصمة وتجدد الأمر تلقائيا إلى أن فتح مشفى مماثل في المنطقة الغربية، ولأن والده يعمل في المنطقة الغربية طلب تحويله للعلاج في هذا المشفى، وتم له ذلك واستمرت رحلة العلاج إلى أن صدر أمر بإيقاف علاج ابنه.
عندها اسقط في يده أين يذهب بفلذة كبده الذي يصارع الألم والموت بين يديه.
لماذا لا توجد مشافٍ خاصة بهذه الحالات؟
ويتساءل الوالد المعذب للطفل المعذب، لماذا لا يكون هناك مشافٍ خاصة بهذه الحالات؟ لماذا لا يقوم أهل الخير بالتبرع للمرضى داخل الوطن؟ ألف لماذا تدور في ذهن الأب المكلوم دون أن يعرف لها إجابة.
كيف يعيش "ع"؟
ولكن كيف يعيش "ع" وسط أهله وجيرانه ومعارفه، وهل يعلم بطبيعة مرضه؟ وهل يعرف إخوانه عن ذلك؟ وكيف يتعاملون معه في البيت؟ ألا يخشون من العدوى؟ هل يعلم أحد من الأقارب أو الجيران عن طبيعة مرضه؟ هل يخرج إلى الشارع للعب مع أقرانه؟
قالت أمه باقتضاب، كأنها لا تريد الحديث عن خصوصياته وخصوصيات العائلة: نعم هو يعلم بطبيعة مرضه، ولكنه يكره الاختلاط بالناس، ويخشى أن يطلع أحد على مرضه، كما أن أخوته يعلمون بأمر المرض ويتعاملون معه بكل ود، بالطبع له أغراضه الشخصية وخصوصيته، ولكننا لا نخشى أن ينتقل إلينا المرض، لأننا نعلم أن المرض لا ينتقل إلا من خلال نقل الدم، أما الأهل فبعضهم يعلم والغالبية العظمى منهم لا يعلم، كما أننا أخبرنا البعض بأنه قد شفي، حيث إنهم لا يعرفون نوع المرض الذي أصابه، أما الجيران فإنهم لا يعلمون شيئا عن مرضه.
الهيموفيليا.. هل هي بريئة؟
وبعرض الموضوع على الدكتور عبد الرحمن عبد الله خياط رئيس الهيئة الطبية العامة بجدة قال "ليس هناك أي دليل على أن الإصابة بمرض الهيموفيليا يمكن أن تؤدي بشكل مباشر إلى الإصابة بمرض الإيدز، إلا أنه من المعروف أن المرضى المصابين بهذا المرض قد يحتاجون إلى نقل دم عندما يتعرضون لنزف دموي، وعملية نقل الدم هذه قد تكتنفها مخاطر نقل فيروس الإيدز، إذا لم تتخذ الاحتياطات اللازمة للتأكد من خلو الدم المنقول من هذا الفيروس، وفي العادة لا يتم حاليا نقل أي دم قبل التأكد من ذلك".
السبب الحقيقي.. صعب التحديد
وعن السبب الحقيقي لإصابة "ع" بهذا المرض قال "يصعب تحديد السبب الحقيقي لإصابة المريض المذكور، حيث لابد من توافر معلومات كاملة عن حالته قبل نقل الدم إليه، وهل كان سالباً لمرض نقص المناعة، وكذلك لابد من توافر معلومات عن الدم الذي نقل إليه في كل مرة، والفحوصات التي أجريت للتأكد من خلو الدم من فيروس نقص المناعة، وكذلك معرفة نوعية وتواريخ حقن "الفاكتور 8"، التي أعطيت له وغير ذلك من المعلومات التي يمكن بواسطتها تحديد سبب الإصابة. ولا يمكننا أن نكشف عن أي حالة لدينا حرصا على خصوصية المريض وذويه". وأضاف الدكتور خياط "أن هناك حالات مشابهة يتم عرضها على الهيئة وتتم إحالتها إلى بعض الجهات لتولي علاجها، وتقوم وزارة الصحة بدفع تكاليف العلاج في حال عدم توفر إمكانية علاجهم في مستشفيات الوزارة.
اللجنة الشرعية والتعويض
وعن نوعية التعويض الذي يحصل عليه المريض في السعودية، في حال إصابته بالمرض نتيجة خطأ طبي، قال "إذا ثبت أن الإصابة نتيجة خطأ طبي فإن القضية تحال إلى اللجنة الطبية الشرعية، حيث يتم تحديد التعويض المناسب من قبل اللجنة التي يرأسها قاض شرعي، وذلك وفق مبادئ الشريعة الإسلامية والأنظمة المعمول بها في السعودية". وعن التعويضات التي تقدم في الدول المتقدمة، يقول "تختلف التعويضات من بلد لآخر ومن حالة لأخرى حسب أنظمة الدولة وحسب الظروف والملابسات التي تحيط بالقضية وحجم الخطأ الذي أدى إلى الإصابة بالمرض، علماً بأنه كما جرى التنويه آنفا، فإن هذه الحالات يتم التعامل معها في بلادنا وفق قوانين الشريعة الإسلامية التي نحكمها في جميع شؤون حياتنا، ويتم تقدير التعويضات المناسبة لهؤلاء المرضى من قبل قاض شرعي ومشاركة عدد من الأطباء المتخصصين والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.
والد مريض إيدز: هل أرمي ابني في الشارع بعد انتهاء أمر العلاج؟
جدة: عاصم الغامدي
دموع العجز وقلة الحيلة عندما تزرف من عيني رجل، هي قمة المأساة، وعندما تكون دموعه متوسلة من أجل استكمال علاج ابنه من مرض لعين، أصابه بلا ذنب جناه، أو جريرة ارتكبها، تدرك مدى فداحة ما بداخل الرجل المنتحب من هموم لا يقدر ثقلها سوى مكلوم مثله.
شاهدته "الوطن" ينتحب أمام إحدى المؤسسات الطبية يحاول الحصول على أمر جديد لحقن ابنه بالدواء، حوله مسؤولو تلك الجهة إلى مستشفيين في نفس المنطقة التي يسكن فيها بتقرير يفيد بأن ابنه مريض ويحتاج إلى هذا العلاج، ومن حقه أن يحصل عليه كمواطن مصاب بمرض مستعصٍ، ولا ذنب له فيه.
انتهاء أمر العلاج
يتساءل الرجل الذي هده الألم، وغلبته الدموع "ماذا أفعل؟ هل أرمي فلذة كبدي في الشارع؟ أين ذهبت القلوب الرحيمة حتى يوقفوا علاج ابني بحجة أن أمر العلاج انتهى. حقا أمر العلاج انتهى، ولكن ابني مازال على قيد الحياة يصارع الموت بعزيمة استمدها من رحمة الله، التي وسعت كل شيء، ولا يريد من هذه الدنيا سوى أن يحصل على حقه في العلاج كأي مواطن مريض، لا يقوى على دفع تكاليف علاجه خاصة وأنه ليس له ذنب في الإصابة بهذا المرض".
الحكاية من البداية
ولد "ع.ع" بمرض الـ"هيموفيليا"، وهو عبارة عن سيولة مفرطة في الدم، ويتسم بالخطورة إذا ما تعرض المريض لأي نزيف من أي نوع، وقد وصف له الأطباء دواء يسمى "فاكتور 8"، يؤخذ عن طريق الحقن.
الحقن بدم مستورد ملوث
وعندما بلغ السابعة من العمر وبدأ في تبديل أسنانه، تعرض لنزيف حاد أدخل على إثره المستشفى وتم تنويمه في غرفة العناية المركزة، وبعد أن لاحظ الأطباء استمرار النزيف بطريقة قد تؤثر على حياته قاموا بحقنه بدم مستورد من الخارج، وتم إنقاذه وغادر المستشفى ليفاجأ ذووه بإصابته بمرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، وعندما غضب والده وطلب التحقيق في الأمر، متهما الأطباء بنقل دم ملوث لابنه رفض الأطباء ذلك وقالوا له إن مضاعفات المرض هي السبب، في ذلك على الرغم من عدم قناعته بالأمر، اضطر إلى الموافقة والرضوخ للأمر الواقع ووكل أمره إلى الله، ولأنه من ذوي الدخل المحدود حصل على أمر بعلاج ابنه في بريطانيا.
علاج في بريطانيا
مكث "ع" في بريطانيا حوالي 8 أشهر إلى أن استقرت حالته، ثم عاد إلى السعودية وبدأ رحلة العلاج بين جدة ولندن لمدة 8 سنوات، تعلم خلالها اللغة الإنجليزية وبعض مبادئ الكمبيوتر، مع استمراره في دراسته الاعتيادية، إلى أن حصل على الشهادة الإعدادية.
توقف "ع" عن الدراسة وانتهى أمر العلاج الذي حصل عليه وبدأ والده رحلة أخرى من المعاناة بحثاً عن جهة تعطي ابنه العلاج اللازم.
رحلة من المعاناة
حصل في بادئ الأمر على أمر بالعلاج في أحد مستشفيات العاصمة وتجدد الأمر تلقائيا إلى أن فتح مشفى مماثل في المنطقة الغربية، ولأن والده يعمل في المنطقة الغربية طلب تحويله للعلاج في هذا المشفى، وتم له ذلك واستمرت رحلة العلاج إلى أن صدر أمر بإيقاف علاج ابنه.
عندها اسقط في يده أين يذهب بفلذة كبده الذي يصارع الألم والموت بين يديه.
لماذا لا توجد مشافٍ خاصة بهذه الحالات؟
ويتساءل الوالد المعذب للطفل المعذب، لماذا لا يكون هناك مشافٍ خاصة بهذه الحالات؟ لماذا لا يقوم أهل الخير بالتبرع للمرضى داخل الوطن؟ ألف لماذا تدور في ذهن الأب المكلوم دون أن يعرف لها إجابة.
كيف يعيش "ع"؟
ولكن كيف يعيش "ع" وسط أهله وجيرانه ومعارفه، وهل يعلم بطبيعة مرضه؟ وهل يعرف إخوانه عن ذلك؟ وكيف يتعاملون معه في البيت؟ ألا يخشون من العدوى؟ هل يعلم أحد من الأقارب أو الجيران عن طبيعة مرضه؟ هل يخرج إلى الشارع للعب مع أقرانه؟
قالت أمه باقتضاب، كأنها لا تريد الحديث عن خصوصياته وخصوصيات العائلة: نعم هو يعلم بطبيعة مرضه، ولكنه يكره الاختلاط بالناس، ويخشى أن يطلع أحد على مرضه، كما أن أخوته يعلمون بأمر المرض ويتعاملون معه بكل ود، بالطبع له أغراضه الشخصية وخصوصيته، ولكننا لا نخشى أن ينتقل إلينا المرض، لأننا نعلم أن المرض لا ينتقل إلا من خلال نقل الدم، أما الأهل فبعضهم يعلم والغالبية العظمى منهم لا يعلم، كما أننا أخبرنا البعض بأنه قد شفي، حيث إنهم لا يعرفون نوع المرض الذي أصابه، أما الجيران فإنهم لا يعلمون شيئا عن مرضه.
الهيموفيليا.. هل هي بريئة؟
وبعرض الموضوع على الدكتور عبد الرحمن عبد الله خياط رئيس الهيئة الطبية العامة بجدة قال "ليس هناك أي دليل على أن الإصابة بمرض الهيموفيليا يمكن أن تؤدي بشكل مباشر إلى الإصابة بمرض الإيدز، إلا أنه من المعروف أن المرضى المصابين بهذا المرض قد يحتاجون إلى نقل دم عندما يتعرضون لنزف دموي، وعملية نقل الدم هذه قد تكتنفها مخاطر نقل فيروس الإيدز، إذا لم تتخذ الاحتياطات اللازمة للتأكد من خلو الدم المنقول من هذا الفيروس، وفي العادة لا يتم حاليا نقل أي دم قبل التأكد من ذلك".
السبب الحقيقي.. صعب التحديد
وعن السبب الحقيقي لإصابة "ع" بهذا المرض قال "يصعب تحديد السبب الحقيقي لإصابة المريض المذكور، حيث لابد من توافر معلومات كاملة عن حالته قبل نقل الدم إليه، وهل كان سالباً لمرض نقص المناعة، وكذلك لابد من توافر معلومات عن الدم الذي نقل إليه في كل مرة، والفحوصات التي أجريت للتأكد من خلو الدم من فيروس نقص المناعة، وكذلك معرفة نوعية وتواريخ حقن "الفاكتور 8"، التي أعطيت له وغير ذلك من المعلومات التي يمكن بواسطتها تحديد سبب الإصابة. ولا يمكننا أن نكشف عن أي حالة لدينا حرصا على خصوصية المريض وذويه". وأضاف الدكتور خياط "أن هناك حالات مشابهة يتم عرضها على الهيئة وتتم إحالتها إلى بعض الجهات لتولي علاجها، وتقوم وزارة الصحة بدفع تكاليف العلاج في حال عدم توفر إمكانية علاجهم في مستشفيات الوزارة.
اللجنة الشرعية والتعويض
وعن نوعية التعويض الذي يحصل عليه المريض في السعودية، في حال إصابته بالمرض نتيجة خطأ طبي، قال "إذا ثبت أن الإصابة نتيجة خطأ طبي فإن القضية تحال إلى اللجنة الطبية الشرعية، حيث يتم تحديد التعويض المناسب من قبل اللجنة التي يرأسها قاض شرعي، وذلك وفق مبادئ الشريعة الإسلامية والأنظمة المعمول بها في السعودية". وعن التعويضات التي تقدم في الدول المتقدمة، يقول "تختلف التعويضات من بلد لآخر ومن حالة لأخرى حسب أنظمة الدولة وحسب الظروف والملابسات التي تحيط بالقضية وحجم الخطأ الذي أدى إلى الإصابة بالمرض، علماً بأنه كما جرى التنويه آنفا، فإن هذه الحالات يتم التعامل معها في بلادنا وفق قوانين الشريعة الإسلامية التي نحكمها في جميع شؤون حياتنا، ويتم تقدير التعويضات المناسبة لهؤلاء المرضى من قبل قاض شرعي ومشاركة عدد من الأطباء المتخصصين والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.